fakher
12-24-2008, 10:28 AM
نادر صباغ
http://www.al-akhbar.com/files/images/p05_20081224_pic1.jpg
خالد الضاهر (أرشيف)
لم يسبق أن سمع اللبنانيون بالإسلام السياسي كما حصل في الأعوام الثلاثة الأخيرة. جاءت أحداث نهر البارد عليهم كأحداث 11 سبتمبر على الأميركيين. أدخلت إلى الثقافة العامة اللبنانية معطيات ومفردات وحسابات جديدة في الشكل والمضمون امتدت من الحديث عن قيام الخلافة حتى شكل اللحية والحجاب، أمور لم يكن أغلب اللبنانيين على دراية بها. بيّنت التطورات التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية أن لبنان لا يمكن أن يبقى في معزل عما يجري من حوله، والخصوصيات الكثيرة التي يمتاز بها ككيان لا تجعله مقطوعاً عن محيطه الذي يشهد الكثير من المتغيرات. دخل الإسلام بقوة للمرة الأولى في اللعبة السياسية اللبنانية من أبواب عديدة. وجاءت «غزوات» الشوارع ومعارك الجهاد الوهمية وخطابات الولاء والبراء لتكرّس واقعاً لم يكن معروفاً اسمه «الإسلاميون الجدد» على اختلاف مشاربهم العقائدية وأولوياتهم ونظرتهم إلى السياسة والمجتمع. على أبواب انتخابات مقبلة، يبرز اليوم سؤال: هل يكون لهذا المد الإسلامي السني تمثيل في المجلس النيابي الجديد، أم أن الأمر سيقتصر على ظاهرة «ظرفية» ليس لها مكان في الحياة السياسية اللبنانية، بعدما أدّت دورها سياسياً في فترة ما وانتهت؟
يجمع مقرّبون كثيرون من جو الحركات الإسلامية اللبنانية على القول إن هذه القوى قدمت الكثير في السياسة المحلية لمصلحة أطراف معيّنين، وإن من حقها أن تظفر بموقع عند توزيع «الغنائم»، أي الانتخابات المقبلة، وإن لم تعلن هذه القوى ذلك بوضوح.
ويرى متابعون للحركات الإسلامية أن استغلال بعض الأطراف للقوى الإسلامية في الفترة الماضية أسهم في تقوية تلك الأطراف وفي تجييش الجو العام السني لمصلحتها، الأمر الذي فرض حسابات معينة في إدارة اللعبة السياسية ضد الطرف الآخر غيّرت الكثير من المعطيات والنتائج. واليوم تقف قوى 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، حائرة تجاه التمثيل الإسلامي في المجلس النيابي الجديد. تتداخل الحسابات بين الحلفاء المختلفين أصلاً في الرؤية الموحدة تجاه كل ما له علاقة بالإسلام والأصولية والسلفية وتسميات لا يعرف أغلب من يطلقها حقيقة ما تعنيه.
ينحصر التنافس بين طرابلس وصيدا في من تكون له غلبة تمثيل عاصمة السّنّة في المجلس الجديد. تتردد معلومات بأن الأمر حسم إلى حد كبير داخل قوى 14 آذار لجهة عدم قدرتها على تبني مرشح يمثل القوى الإسلامية عن منطقة الشمال على حساب مرشحيها الأصيلين وذلك لأسباب عديدة.
وترى مصادر مطلعة أن المحتمل هو ترشح رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار عن أحد المقعدين في صيدا إلى جانب بهية الحريري، وهو أمر من شأنه أن يصيب عصفورين بحجر. من جهة يظهر تبني الموالاة مرشحاً إسلامياً، وهذا من شأنه إرضاء الإسلاميين، ومن جهة أخرى، يضعف النائب أسامة سعد في معركته الصيداوية إن حصلت، باعتبار أن الجماعة الإسلامية، على ضعفها، تظل أقوى القوى الإسلامية سياسياً في المدينة وأقربها إلى جو 14 آذار.
كيف يبدو المشهد الانتخابي المحتمل أمام المرشحين الإسلاميين المفترضين؟
يقول مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات عبده سعد إن هناك أربع مناطق تمثّل الثقل الحقيقي لترشح الإسلاميين وهي: عكار، الضنية، طرابلس، وصيدا، باعتبار أن الترشح في غير هذه المناطق يبدو صعباً إن لم يكن مستحيلاً، فبيروت لا تتسع لأحد، ومرشحا الجبل (إقليم الخروب) محسومان (واحد لتيار المستقبل وآخر للحزب التقدمي الاشتراكي)، أما الترشح في بعلبك والعرقوب، فهو أقرب إلى الانتحار السياسي.
في التفاصيل والسيناريوهات المفترضة، يظهر السؤال في عكار عما إذا كان من الممكن أن تتخلى 14 آذار عن مرشحها مصطفى هاشم ابن بلدة ببنين ذات الثقل الانتخابي لمصلحة ترشيح النائب السابق خالد ضاهر، مثلاً. أمر يستبعده مراقبون باعتبار أنه سيفتح المجال أمام مطالب لا يمكن تلبيتها للإسلاميين في مناطق أخرى، ولا سيما لجهة الحيثية الإسلامية التي يمثلها ضاهر.
أما في منطقة الضنية، فينحصر التنافس المفترض بين النائب السابق أسعد هرموش والوزير السابق أحمد فتفت والنائب قاسم عبد العزيز المحسوب على الوزير محمد الصفدي. بالمفاضلة يتقدم فتفت على هرموش في حسابات 14 آذار حكماً، وعدم ضم عبد العزيز إلى لوائح الموالاة معناه استعداء الصفدي، أمر لا تريد 14 آذار حصوله، وخاصة في طرابلس، تخوفاً من قيام تحالف بين الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس عمر كرامي والصفدي يقلب الطاولة عليها في عاصمة الشمال، كما يقول سعد.
ففي طرابلس، يؤكد سعد أن ميقاتي قادر شخصياً على خرق أي لائحة لقوى 14 آذار، لذلك يرى إمكان لجوء الموالاة إلى تسلييف الإسلاميين موقفاً لا يصرف فعلياً في السياسة عبر ترك مقعد شاغر على اللائحة لمرشحهم دون تبنيه مباشرة، لكن الخرق المتوقع لميقاتي سيحرم هذا المرشح أي أمل بالفوز.
حتى الآن لم تعلن القوى الإسلامية في الشمال عزمها على خوض الانتخابات المقبلة ولا أسماء مرشحيها، كما لم يعلن تيار المستقبل موقفه النهائي، لكن متابعين يرون الكثير من المؤشرات ذات الدلالات.
يتردد كلام عن أن هناك نقاشاً داخل التيار السلفي لناحية شرعية الترشح لدخول برلمان يحكم بغير ما أنزل الله في الكتاب والسنّة. ويؤكد مراقبون أن صور داعي الإسلام الشهال التي امتدت على جوانب الطريق من النهر الكبير شمالاً حتى صيدا جنوباً، بداية إعلان موقف من الموضوع. فالتيار السلفي قد يحذو حذو منبعه الأكبر في الكويت لجهة جواز دخول المجلس النيابي من باب المصلحة، الأمر الذي قد يدفع هذه القوى المتناثرة لترشيح من يمثلها على سبيل إثبات الوجود، لكن من دون أمل حقيقي بالفوز إن سارت الأمور وفقاً للسيناريوهات التي تفترضها قوى 14 آذار.
بناءً على ما تقدم، وبعملية حسابية بسيطة، يبدو المقعد الصيداوي الأقرب منطقياً لجهة احتمال وصول مرشح إلى الندوة البرلمانية عن الجماعة الإسلامية.
http://www.al-akhbar.com/files/images/p05_20081224_pic1.jpg
خالد الضاهر (أرشيف)
لم يسبق أن سمع اللبنانيون بالإسلام السياسي كما حصل في الأعوام الثلاثة الأخيرة. جاءت أحداث نهر البارد عليهم كأحداث 11 سبتمبر على الأميركيين. أدخلت إلى الثقافة العامة اللبنانية معطيات ومفردات وحسابات جديدة في الشكل والمضمون امتدت من الحديث عن قيام الخلافة حتى شكل اللحية والحجاب، أمور لم يكن أغلب اللبنانيين على دراية بها. بيّنت التطورات التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية أن لبنان لا يمكن أن يبقى في معزل عما يجري من حوله، والخصوصيات الكثيرة التي يمتاز بها ككيان لا تجعله مقطوعاً عن محيطه الذي يشهد الكثير من المتغيرات. دخل الإسلام بقوة للمرة الأولى في اللعبة السياسية اللبنانية من أبواب عديدة. وجاءت «غزوات» الشوارع ومعارك الجهاد الوهمية وخطابات الولاء والبراء لتكرّس واقعاً لم يكن معروفاً اسمه «الإسلاميون الجدد» على اختلاف مشاربهم العقائدية وأولوياتهم ونظرتهم إلى السياسة والمجتمع. على أبواب انتخابات مقبلة، يبرز اليوم سؤال: هل يكون لهذا المد الإسلامي السني تمثيل في المجلس النيابي الجديد، أم أن الأمر سيقتصر على ظاهرة «ظرفية» ليس لها مكان في الحياة السياسية اللبنانية، بعدما أدّت دورها سياسياً في فترة ما وانتهت؟
يجمع مقرّبون كثيرون من جو الحركات الإسلامية اللبنانية على القول إن هذه القوى قدمت الكثير في السياسة المحلية لمصلحة أطراف معيّنين، وإن من حقها أن تظفر بموقع عند توزيع «الغنائم»، أي الانتخابات المقبلة، وإن لم تعلن هذه القوى ذلك بوضوح.
ويرى متابعون للحركات الإسلامية أن استغلال بعض الأطراف للقوى الإسلامية في الفترة الماضية أسهم في تقوية تلك الأطراف وفي تجييش الجو العام السني لمصلحتها، الأمر الذي فرض حسابات معينة في إدارة اللعبة السياسية ضد الطرف الآخر غيّرت الكثير من المعطيات والنتائج. واليوم تقف قوى 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، حائرة تجاه التمثيل الإسلامي في المجلس النيابي الجديد. تتداخل الحسابات بين الحلفاء المختلفين أصلاً في الرؤية الموحدة تجاه كل ما له علاقة بالإسلام والأصولية والسلفية وتسميات لا يعرف أغلب من يطلقها حقيقة ما تعنيه.
ينحصر التنافس بين طرابلس وصيدا في من تكون له غلبة تمثيل عاصمة السّنّة في المجلس الجديد. تتردد معلومات بأن الأمر حسم إلى حد كبير داخل قوى 14 آذار لجهة عدم قدرتها على تبني مرشح يمثل القوى الإسلامية عن منطقة الشمال على حساب مرشحيها الأصيلين وذلك لأسباب عديدة.
وترى مصادر مطلعة أن المحتمل هو ترشح رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار عن أحد المقعدين في صيدا إلى جانب بهية الحريري، وهو أمر من شأنه أن يصيب عصفورين بحجر. من جهة يظهر تبني الموالاة مرشحاً إسلامياً، وهذا من شأنه إرضاء الإسلاميين، ومن جهة أخرى، يضعف النائب أسامة سعد في معركته الصيداوية إن حصلت، باعتبار أن الجماعة الإسلامية، على ضعفها، تظل أقوى القوى الإسلامية سياسياً في المدينة وأقربها إلى جو 14 آذار.
كيف يبدو المشهد الانتخابي المحتمل أمام المرشحين الإسلاميين المفترضين؟
يقول مدير مركز بيروت للأبحاث والدراسات عبده سعد إن هناك أربع مناطق تمثّل الثقل الحقيقي لترشح الإسلاميين وهي: عكار، الضنية، طرابلس، وصيدا، باعتبار أن الترشح في غير هذه المناطق يبدو صعباً إن لم يكن مستحيلاً، فبيروت لا تتسع لأحد، ومرشحا الجبل (إقليم الخروب) محسومان (واحد لتيار المستقبل وآخر للحزب التقدمي الاشتراكي)، أما الترشح في بعلبك والعرقوب، فهو أقرب إلى الانتحار السياسي.
في التفاصيل والسيناريوهات المفترضة، يظهر السؤال في عكار عما إذا كان من الممكن أن تتخلى 14 آذار عن مرشحها مصطفى هاشم ابن بلدة ببنين ذات الثقل الانتخابي لمصلحة ترشيح النائب السابق خالد ضاهر، مثلاً. أمر يستبعده مراقبون باعتبار أنه سيفتح المجال أمام مطالب لا يمكن تلبيتها للإسلاميين في مناطق أخرى، ولا سيما لجهة الحيثية الإسلامية التي يمثلها ضاهر.
أما في منطقة الضنية، فينحصر التنافس المفترض بين النائب السابق أسعد هرموش والوزير السابق أحمد فتفت والنائب قاسم عبد العزيز المحسوب على الوزير محمد الصفدي. بالمفاضلة يتقدم فتفت على هرموش في حسابات 14 آذار حكماً، وعدم ضم عبد العزيز إلى لوائح الموالاة معناه استعداء الصفدي، أمر لا تريد 14 آذار حصوله، وخاصة في طرابلس، تخوفاً من قيام تحالف بين الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس عمر كرامي والصفدي يقلب الطاولة عليها في عاصمة الشمال، كما يقول سعد.
ففي طرابلس، يؤكد سعد أن ميقاتي قادر شخصياً على خرق أي لائحة لقوى 14 آذار، لذلك يرى إمكان لجوء الموالاة إلى تسلييف الإسلاميين موقفاً لا يصرف فعلياً في السياسة عبر ترك مقعد شاغر على اللائحة لمرشحهم دون تبنيه مباشرة، لكن الخرق المتوقع لميقاتي سيحرم هذا المرشح أي أمل بالفوز.
حتى الآن لم تعلن القوى الإسلامية في الشمال عزمها على خوض الانتخابات المقبلة ولا أسماء مرشحيها، كما لم يعلن تيار المستقبل موقفه النهائي، لكن متابعين يرون الكثير من المؤشرات ذات الدلالات.
يتردد كلام عن أن هناك نقاشاً داخل التيار السلفي لناحية شرعية الترشح لدخول برلمان يحكم بغير ما أنزل الله في الكتاب والسنّة. ويؤكد مراقبون أن صور داعي الإسلام الشهال التي امتدت على جوانب الطريق من النهر الكبير شمالاً حتى صيدا جنوباً، بداية إعلان موقف من الموضوع. فالتيار السلفي قد يحذو حذو منبعه الأكبر في الكويت لجهة جواز دخول المجلس النيابي من باب المصلحة، الأمر الذي قد يدفع هذه القوى المتناثرة لترشيح من يمثلها على سبيل إثبات الوجود، لكن من دون أمل حقيقي بالفوز إن سارت الأمور وفقاً للسيناريوهات التي تفترضها قوى 14 آذار.
بناءً على ما تقدم، وبعملية حسابية بسيطة، يبدو المقعد الصيداوي الأقرب منطقياً لجهة احتمال وصول مرشح إلى الندوة البرلمانية عن الجماعة الإسلامية.