fakher
12-18-2008, 08:10 AM
الأمين العام المساعد لهيئة علماء المسلمين
الكبيسي: الحزب الإسلامي شاهد زور في العراق
علي عبدالعال
منذ ظهورها جاهرت "هيئة علماء المسلمين" بدعم المسلحين - بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم - في العراق، وبينما تجري العملية السياسية على قدم وساق، وفي تناغم واضح بين الأمريكيين وزعامات الكتل السياسية برزت الهيئة باعتبارها قوى الرفض، التي لم تأل جهدا في إدانة هذه العملية وفضح مسالبها.
وعلى إثر ذلك دخلت الهيئة في حالة من العداء المعلن ليس فقط في مواجهة شركاء العملية السياسية والمتعاونين مع الاحتلال، بل مع قوى إسلامية وسياسية تحظى بقبول واسع داخل الشارع السني كـ(الحزب الإسلامي والوقف السني) باعتبار أن الأول مشارك باسم السنة في العملية السياسية، في حين أن الثاني داعم قوي له. على خلفية هذه العدائيات وحول رؤية أكبر تجمع لعلماء المسلمين للقضية العراقية دار حوارنا مع الشيخ الدكتور عبد السلام الكبيسي مساعد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، والذي يشغل أيضا منصب مسئول العلاقات العامة في الهيئة.
هيئة علماء المسلمين
* فضيلة الشيخ.. البعض صار يتساءل: أين هيئة علماء المسلمين الآن؟
- أخي.. الهيئة الآن أقوى مما كانت عليه من قبل.
* كيف؟
- جرت مؤامرة من أجل إخراجنا من مقر هيئة علماء المسلمين، كان باستطاعتنا وبسهولة ألا نخرج، لكن فضلنا ألا نحدث أي شيء وألا نهرق دما في العراق.. خرجنا طائعين، وقد شبهت خروجنا بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذين أخرجونا هم أهلنا وقومنا في الحزب الإسلامي والوقف السني، وقد أخرجونا لأننا كنا نكشف عورات العملية السياسية، بحيث كل خطوة تتخذها أمريكا في العراق كنا نكشفها، على سبيل المثال مال النفط، وقضية الجيش العراقي، وكذلك الاتفاقية الأمنية.. كل خطوة يتخذونها نحن نبين عورها، وقد أخرجنا على هذا الأساس.
لكن لما أخرجنا وبفضل الله صار عندنا أكثر من مقر الآن، فبعد أن كان مقرا واحدا صار لنا الآن فقط في بغداد ما لا يقل عن خمسة مقرات، ومن هذه المقرات يدار النشاط الصحي والإغاثي والدعوي، إضافة إلى الجوانب الأخرى التي تدعم المقاومة العراقية معنويا وتشريعيا.. إذن نحن الآن أقوى مما كنا عليه كحال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الهجرة عندما خرج من المدينة انتشرت دعوته.. وهكذا نحن في الهيئة.
* لكن معظم قادة الهيئة موجودون حاليا خارج العراق، حسبما يتردد.
- لا.. أبدا، لا يوجد خارج العراق إلا اثنين فقط من رجال الهيئة، هما: الدكتور حارث الضاري، حيث توجد ضده مذكرة حكومية بالقبض، والناطق الرسمي الدكتور بشار الفيضي، وقد استطعنا أن نحصل له على إجازة من الجامعة الإسلامية؛ لكي يؤطر مكتب الهيئة في الأردن، وباستثناء هذين فجميع أعضاء مجلس شورى الهيئة الـ67، ومن بينهم الأعضاء الـ13 في الأمانة العامة موجودون في الداخل.. إذن هذه كلها فقط دعاية بأن أعضاء الهيئة خارج العراق، وعلى من يملك اسما ثالثا غير الدكتور حارث والدكتور بشار أن يقول لنا من هو؟
كثير من الناس يجهل أن ثلثي أعضاء الهيئة أساتذة في الحديث والفقه والأصول بجامعات العراق، وأذكر لك: نائب الأمين العام الدكتور محمد عبيد الكبيسي عميد كلية العلوم الإسلامية في بغداد، وهو عميد كلية ما يستطيع أن يتركها، والمساعد الأول أحمد طه رئيس قسم الفقه في كلية الإمام الأعظم وخطيب جامع الإمام الأعظم، والمساعد الثاني وهو أنا رئيس قسم أصول الدين في كلية الإمام الأعظم وخطيب جامع العامرية، ورئيس مجلس الإفتاء الدكتور إسماعيل البدري.. كلهم أساتذة يتبوءون مقاعد أساتذة في جامعات العراق.
المد الشعبي للهيئة في العراق
* ماذا عن المد الشعبي الذي يناصركم ويتبنى توجهاتكم في العراق؟
- بالنسبة للمد الشعبي للهيئة أروي لك وقائع.. ففي يوم 26/7/2008 موعد مؤتمر الهيئة جاء رئيس عشائر الجنوب كاظم عليزان، وهو يرأس كل مجاميع الجنوب الشيعية، وتحته ما لا يقل عن 20 شيخ عشيرة، وقال لنا: "جئت إلى هنا أحمل رسالة الجنوب إخوانكم الشيعة العرب.. أنتم يا هيئة علماء المسلمين، وبشخصك يا دكتور حارث الضاري أنتم قيادتنا السياسية والشرعية"، ثم قام بعده جمعة الدوار رئيس عشائر العرب في الشمال في الموصل، وهو شخص معروف، وقال: "لم يبق لنا غيركم.. وعشائر الشمال كلها معكم" حيث صفق له كل الحاضرين، ثم قام بعده الزيباري الكردي قال: "الأكراد كلهم يدينون للهيئة" وكان يتكلم بهذا الكلام أمام البث المباشر لقنوات (العربية والجزيرة والرافدين).
أخرجنا مظاهرة فقط في منطقة العامرية التي يسكنها 600 ألف، خرج فيها ما لا يقل عن 100 ألف شخص، وأنا قدت المظاهرة بنفسي وألقيت فيها كلمة.
هذه بعض الوقائع على الأرض، حيث استطاعت الهيئة أن تصنع جدار صد ضد المشاريع الأمريكية، واستطاعت أن تخلق ثقافة المقاومة وثقافة الرفض، ليس في العراق فقط، وإنما في الخارج أيضا، والهيئة لا تبحث عن مجد شخصي، ولكنها فقط تنافس الناس على التضحية.
كثير من الناس لا يعلم أنه ليس لأحد من أعضاء الهيئة راتب شهري، أنا أستاذ في الجامعة وآخذ شهرية كلها للهيئة، لا أستلم شيئا من راتبي إطلاقا، عندنا محل تجاري بسيط هو الذي ينفق على بيتي في بغداد، كلنا هناك وأنا بأعلى صوتي أقول لا للأمريكان، وأدعو للمقاومة العراقية، كنت في المملكة السعودية للحج وسمعت صوتي بأحد الخطب المسجلة لي، وأنا أقول: "والله لو بقي مجاهد واحد في العراق، فسيكون كفيلا بإخراج الأمريكيين والعملاء".. الهيئة لا تعمل لنفسها لكن في نفس الوقت تكتم كثيرا من نشاطها، حفاظا على إخواننا، نحن الآن وُصمنا بأننا جهة رافضة؛ وبالتالي الكل ضدنا.. المد الشعبي كبير لا أقول للهيئة، وإنما أقول للخطاب الرباني الشرعي.. حينما تحتل البلاد فلا بد من المقاومة، والآن هناك جبهة صد في هذا الاتجاه، بفضل الله سبحانه وتعالى.
الموقف من الحزب الإسلامي
* قد نتفق معكم على ما لكم من احترام وتقدير لدى الشعب والناس.. لكن الواقع أن العملية السياسية تجري على غير مرادكم، وعلى غير مراد هذا الجمهور العريض، فكيف تتعاملون مع هذا الوضع؟
- نعم، نعم.. صحيح.. أخي نحن انفتحنا على كل المكونات، حتى على إياد علاوي وعلى آخرين، وعلى حزب "الفضيلة"، أما الحزب الإسلامي فجلسنا معه جلسات كثيرة، لكن يبدو لي أن كثيرا من هؤلاء وقعوا في "لندن" و"صلاح الدين"، وبالتالي لا يستطيعون التملص من هذا التوقيع الخياني.
* ماذا تقصد بـ"لندن" و"صلاح الدين"؟
هذا المؤتمر الأول في "لندن" الذي وافق على أن أمريكا تسقط النظام في العراق بغزوها، والآخر في "صلاح الدين".. كنت أقول إن الحزب الإسلامي لم يحضر، لكنهم اعترفوا بأنهم حضروا في لندن وفي صلاح الدين.
كنت في اتصال مع الشيخ عبد الملك السعدي، وقلت له ما رأيك فيمن وقعوا على الاتفاقية؟ فرد قائلا: "أنا أستغرب بعد كل هذه الفتاوى التي صدرت ثم لديهم الاستعداد لأن يوقعوا"، وأذكر لك محمد أحمد الراشد - القيادي الإخواني - وهو يتحمل الوزر الأكبر في دخول الحزب الإسلامي للعملية السياسية.
لكن موقف الراشد تغير في كتابه الأخير "نقض المنطق السلمي".
نعم.. اعتذر في كتابه الأخير عما قدم، وكتب أن من يوقع يعتبر خائنا ومجرما، لكن هل أطاعوه؟ لا.. لم يطيعوه.. أطاعوه في المعصية ولم يطيعوه في الطاعة، فضلا عن فتوى الشيخ عبد الكريم زيدان، ورابطة علماء العراق أيضا أصدرت تأييدا لفتوى هيئة علماء المسلمين، وقالوا عندنا استعداد لأن نقاتل مع الهيئة، الهيئة ليست مقاتلة لكن هكذا قالوا.
أخي.. العراق يحكم بالقوة، وأمريكا لم تنزل من السماء إلى الأرض، أمريكا لها خمس سنوات ونصف تقتل فينا، وتسفك دمنا، وتهتك أعراضنا، وتسرق خيراتنا، فبالتالي هل يمكن هكذا لعدو بهذه المواصفات أعقد معه اتفاقية، واتفاقية مذلة، بحيث تأسرنا أبد الدهر.. قال لي أحدهم من الحزب الإسلامي: "ألم توقع اليابان؟" قلت لهم: "اليابان إلهها وثني، وأنتم إلهكم الله.. هؤلاء وثنيون وقعوا"، ومع ذلك اجتمعت بأعضاء معارضة في البرلمان الياباني فقالوا لي: "لو لم تهاجمنا أمريكا ونوقع هذا التوقيع الذليل لكنا الآن البلد رقم واحد في العالم".
المقاومة العراقية والصحوات
* لكن كيف تقيمون قوة المقاومة العراقية وفاعليتها بعد تأسيس قوات الصحوات؟
- المقاومة وصلت في الشهر الثامن من عام 2006 إلى مرحلة أنها أدخلت الرعب في قلوب الأمريكيين، لكن في نفس الوقت دخل الرعب في أصحاب العملية السياسية؛ لأنهم ربطوا وجودهم بوجود الأمريكيين، وجودا وعدما، فماذا فعلوا.. باعتراف طارق الهاشمي - نائب رئيس الجمهورية والأمين العام للحزب الإسلامي - في قناة العربية، قال: "سيكتب التاريخ أن (أبو ريشة) لم يكن هو الذي أوجد الصحوات، وإنما الحزب الإسلامي هو الذي أوجدها.. تمويلا ودعما"، وهذا مسجل له بالصوت والصورة.
والذي حصل أنها دخلت (الصحوات) بواسطة الحزب الإسلامي، واخترقت فصائل المقاومة، واستطاعت أن تعطي أكثر أسماء المقاومين، وهو ما أدى إلى أن اعتقل الكثير منهم، كما خرج آخرون خارج العراق كلية، وهو ما أدى إلى إضعاف المقاومة حتى وصلت تقريبا إلى 15% مما كانت عليه من قوة، لكن كما قلت العبرة ليست بالكم بقدر ما في القصد والتهيؤ والإخلاص، ولا ننسى سنن الله في الكون، ونحن حربنا في سبيل الله سبحانه وتعالى.. نحن نعيش حالة "تمحيص"{وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } آل عمران 141.. الآن وبحمد الله عادت المقاومة ولها واقع ومستقبل إن شاء الله.
إخوان العراق تخلوا عن الجهاد
* وماذا عن واقع السنة وهم الخزان البشري للمقاومة؟
- كما هو معروف أن المقاومة 95% منها سنية.. نعم هناك مقاومات شيعية كما الحال بالنسبة لجماعة "الصرخي" وجماعة "البغدادي" وجماعات أخرى من الشيعة.. الشيعة في الجنوب يحدثون أنفسهم بالمقاومة لكنهم لا يستطيعون.. لماذا؟ لأن السيستاني عندما جاءت أمريكا أصدر فتوى بتأجيل مجابهتها حتى 6 أشهر، في هذه الـ6 أشهر استطاع حزب الدعوة والمجلس الأعلى (الشيعيين) أن ينشئ ميليشيات بحيث تسيطر على الشارع، وأن تضبط الأمن، وبالتالي لا يسمح لأحد أن يقاوم، وبعد الـ6 أشهر صمت السيستاني وإلى الآن.
ولما دخلت الصحوات قلت المقاومة السنية.. لكن الآن بدأت المقاومة من جديد، وخطورتها الآن أكثر من خطورتها من قبل؛ لأنها أكثر حرصا بعد أن عرفت أنها كانت قد اخترقت من الداخل، وللأسف من الذين كانوا يقولون "الجهاد سبيلنا" "والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" وإذا "الوظيفة سبيلنا"، و"الوصول للبرلمان أسمى أمانينا"، نعم هكذا صار، مع الأسف مناشير الحزب الإسلامي الآن في العراق حذفوا الجزء الأخير لا يوجد الآن فيها عبارة "والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، وهذه الحقيقة نكبة كبيرة للحركة الإسلامية في العالم.
الإخوان المسلمون في العالم باعتبارهم تنظيما كبيرا، وحتى الآن لم يصدروا حكمهم فيمن يؤسس للمشروع الأمريكي في العراق، هذا يعني أن الإخوان المسلمين عبارة عن معهد يخرج الفاشل ويخرج الناجح، وبالتالي قضية ذاتية وليست قضية تنظيمية، هذا ما يحصل في العراق، لذلك تجد الجيل الأول من الإخوان في العراق اعتزل الساحة؛ لأنه لا يريد أن يتسبب في انشقاق، ولكن في نفس الوقت أصبح خجلا مما يحدث في البلاد.
الواقع الحالي يصفو على حالة صفوية وليست حالة شيعية.. فأهل السنة 19% عند الحكومة والأمريكان، حسبما قال بول بريمر قبل الانتخابات، وأن الشيعة 60% والأكراد 20%، وهذا سجله في كتابه "السنة.. قضيتها في العراق" صفحة 13، نحن اعترضنا على ذلك وقلنا للأخضر الإبراهيمي عندما زارنا: "نحن والله نأنف أن نقول كم هي النسبة.. العراق يحكم بكفاءاته، ولكن إذا أردتم النسب يمكنكم أن تأخذوها بإحدى طريقتين: إما عبر تعداد سكاني، أو البطاقات التموينية التي كان يأكل بها كل عراقي"، فرفض بول بريمر بعد أن اقتنع الأخضر الإبراهيمي، وقلنا لهم هل هناك حالة انتخابات في التاريخ البشري تجري بلا تعداد، لقد قسمتم العراق إلى شيعة وسنة، إلى أكراد وعرب، إلى تركمان وسيخ ويزيديين.. وعندما صار الأمر هكذا قسمت المقاعد بناء على هذا التصنيف، فأعطيت الأنبار مثلا 9 مقاعد في حين أن تعداداها في البطاقة التموينية مليون و460 ألفا؛ بمعنى أن لهم 15 مقعدا، وبهذا سرق منها 6 مقاعد، وكذا الأمر بالنسبة لنينوى والموصل وتعدادهم بالبطاقة مليونان و460 ألفا؛ يعني أن لهم 30 مقعدا، وقد أعطوا 19 مقعدا فقط؛ مما يعني أنه سرق منهم 11 مقعدا، قس على ذلك في ديالى وصلاح الدين، بالمقابل تجد الحلة 500 ألف بينما أعطوها 9 مقاعد بزيادة 4 مقاعد.
قلنا لطارق الهاشمي أنتم الآن دخلتم العملية السياسية، وينبغي عليكم أن تسترجعوا النسبة الحقيقية للسنة؛ لأنكم إذا دخلتم البرلمان على هذه النسبة فستصبحون شهود زور، وستؤكدون أننا أقلية.. لم يسمعوا ودخلوا البرلمان، وسجلت علينا في التاريخ أننا أقلية 19% ونحن في الحقيقة 43% أهل السنة العرب فقط ومعنا الأكراد 13%.. حيث تؤكد البطاقة التموينية: أن نسبة أهل السنة 43%، والشيعة 38%، والأكراد 13%، والأقلية 6%.
هل السنة أقلية عراقية؟
* انتخابات المحافظات على الأبواب، فهل تفكرون كهيئة سنية في مراجعة موقفكم من العملية السياسية؟
- الانتخابات الأولية في المحافظات نحن شجعناها؛ لأنها خدمية.. فالبلديات خدمية وليست صاحبة قرار تشريعي كما الحال بالنسبة للبرلمان، بحيث يشرع القانون ولا نملك إلا 44 عضوا، وبالتالي شهود زور على السنة. نحن أردنا أن نعطى نسبة حقيقة، قلنا لهم في الحزب الإسلامي لا تدخلوا الانتخابات إلا بنسبتكم فدخلوا بـ 19% وحصلوا على 44 مقعدا، وأصبحنا أقلية، بينما نحن الأكثرية في البلاد.
* وهل يمكن أن يتخلص السنة من "وصمة" الـ19%؟
- لا سبيل لتغييرها إلا بالمقاومة.. بحيث نطرد الأمريكان ثم نقول تعالوا نسوي تعدادا.. في وجود أمريكا.. أمريكا تريد أن تجعل العراق منطلقا لشرخ العالم الإسلامي وتقسيمه إلى شيعة وسنة، ولن تستطيع ذلك إلا من خلال إيران الصفوية.
* يعني هل إذا خرج الأمريكان تستطيعون أن تجروا تعدادا؟
- بالتأكيد.
الموقف من الميليشيات الشيعية
* ألا يحول وجود الميليشيات الشيعية المسلحة بينكم وبين ذلك؟
- أبدا.. هذه الميليشيات بمجرد خروج أمريكا لن تبقى.
* كيف وقد أصبحت مسلحة ولها قوة على الأرض؟
- عندنا في العامرية بمجرد أن سمعوا في فيلق "بدر" بهزيمة بوش وفوز أوباما أصبحوا يتوددون لنا أهل السنة وأرسلوا لنا وفدا، مناطق السنة لا يمكن أن يبقى بها واحد من هؤلاء بمجرد خروج الأمريكان.. فنحن تصدينا للأمريكان، وتصدينا للحرس الصفوي، وتصدينا لفيلق بدر، وتصدينا لجيش المهدي، وكنا أقوياء لم نضعف إلا عندما اخترقنا من الداخل، من الصحوات فقط.
* ألا تنظرون بإيجابية إلى خطوة إشراك الصحوات وإدخالهم الجيش والشرطة؟
- الصحوات الآن لم يبق منهم سوى 20% من بين أبناء السنة، والباقون كلهم تسرحوا والـ20% اختيروا من بين الموالين للمالكي، اختيروا بدقة بحيث إن أي شخص يخرج من معتقلات الأمريكيين الصحوة تأخذه وتسلمه لحكومة المالكي، وهو ما حدث عندنا في العامرية بحق 42 شخصا اعتقلوا من جديد، وكانوا من بين المفرج عنهم من السجون الأمريكية.
فالصحوات عبارة عن مقو للأمريكان، وصلوا إلى مرحلة التدني، وقد اختيروا بدقة بحيث أخذوا من تنكر لدينه وأهله وقومه.. الحزب الإسلامي دعم الصحوات، ولم يبق لهم مكان في العراق، أصبحوا بمثابة خونة، والناس تطاردهم؛ ولذلك اعتمدوا على إيجاد ميليشيات تحميهم من أهل السنة الغاضبين.
موقف الهيئة من إيران
* في ظل هيمنة حلفاء إيران على الأوضاع في العراق ألم تفكروا في الجلوس مع الإيرانيين؟
- لا.. نحن جلسنا في السابق مرتين مع السفير الإيراني، وأنا حضرت ذلك، ودعانا هو إلى طهران فقال له الدكتور حارث الضاري موافق بشروط: "تغلقوا مكاتبكم، وتوقفوا الطلعات الإيرانية في العراق، خاصة في البصرة، وأن تجمدوا فيلق "بدر" الذي يقتل المواطنين العراقيين والكفاءات، وتخرجوا المعتقلين السنة من سجونكم.. إذا فعلتم هذه أنا آتيكم"، فلم يفعلوا، قال لهم: "تريدون أن آتي ثم يقال إن حارث الضاري ذهب إلى إيران".. غيرنا ذهبوا ولم يفعلوا شيئا.
* في ظل الهرولة العربية لإرسال سفراء وبعثات دبلوماسية إلى بغداد، كيف تقيمون نظرة العرب التي بدأت تتغير رسميا تجاه العراق؟
- حقيقة نحن نعتقد أن كل ذلك يتم جبرا، وليس بالاختيار.
* جبرا من قبل الأمريكان؟
- نعم.. هم يظنون أن وجود السفارات كأنه يرفع من معنويات أهل السنة، لكن العكس هو الصحيح، ونحن قلنا ذلك، وأنا ذهبت إلى المملكة السعودية، وإلى الأردن، وإلى الإمارات وقلت إن هذه الخطوة لن تخدمنا لا من قريب ولا من بعيد، بالعكس هي تعطي الشرعية للاحتلال والحكومة الصفوية.
الموقف من الحكومات العربية
* بعيدا عن السفارات والبعثات، كيف اتصالاتكم بالحكومات العربية؟
- والله بالنسبة للحكومات.. أسمع جعجعة ولا أرى طحنا.
وأحب أن أقول إن المقاومة العراقية الآن بدأت من جديد، وما حصل لأمريكا ولبوش بالذات جزء كبير منه يعود إلى المقاومة العراقية، وبالتالي هذه المقاومة لها الفضل على كل الدول العربية.. لكن حتى الآن لم يُعترف بها، حتى الآن لم يساعدها أحد من الدول العربية، لا على المستوى المادي ولا على المستوى المعنوي؛ لذلك أقول: هذه المقاومة إذا كانت الأمة تستحق نصرها فسوف تتوج بالنصر، وإذا كانت الأمة لا تستحق فسيأخذها الله إليه، وبالتالي يسلط على الأمة العربية المجيدة الثائرة أحمدي نجاد ليؤدبها.
الكبيسي: الحزب الإسلامي شاهد زور في العراق
علي عبدالعال
منذ ظهورها جاهرت "هيئة علماء المسلمين" بدعم المسلحين - بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم - في العراق، وبينما تجري العملية السياسية على قدم وساق، وفي تناغم واضح بين الأمريكيين وزعامات الكتل السياسية برزت الهيئة باعتبارها قوى الرفض، التي لم تأل جهدا في إدانة هذه العملية وفضح مسالبها.
وعلى إثر ذلك دخلت الهيئة في حالة من العداء المعلن ليس فقط في مواجهة شركاء العملية السياسية والمتعاونين مع الاحتلال، بل مع قوى إسلامية وسياسية تحظى بقبول واسع داخل الشارع السني كـ(الحزب الإسلامي والوقف السني) باعتبار أن الأول مشارك باسم السنة في العملية السياسية، في حين أن الثاني داعم قوي له. على خلفية هذه العدائيات وحول رؤية أكبر تجمع لعلماء المسلمين للقضية العراقية دار حوارنا مع الشيخ الدكتور عبد السلام الكبيسي مساعد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، والذي يشغل أيضا منصب مسئول العلاقات العامة في الهيئة.
هيئة علماء المسلمين
* فضيلة الشيخ.. البعض صار يتساءل: أين هيئة علماء المسلمين الآن؟
- أخي.. الهيئة الآن أقوى مما كانت عليه من قبل.
* كيف؟
- جرت مؤامرة من أجل إخراجنا من مقر هيئة علماء المسلمين، كان باستطاعتنا وبسهولة ألا نخرج، لكن فضلنا ألا نحدث أي شيء وألا نهرق دما في العراق.. خرجنا طائعين، وقد شبهت خروجنا بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الذين أخرجونا هم أهلنا وقومنا في الحزب الإسلامي والوقف السني، وقد أخرجونا لأننا كنا نكشف عورات العملية السياسية، بحيث كل خطوة تتخذها أمريكا في العراق كنا نكشفها، على سبيل المثال مال النفط، وقضية الجيش العراقي، وكذلك الاتفاقية الأمنية.. كل خطوة يتخذونها نحن نبين عورها، وقد أخرجنا على هذا الأساس.
لكن لما أخرجنا وبفضل الله صار عندنا أكثر من مقر الآن، فبعد أن كان مقرا واحدا صار لنا الآن فقط في بغداد ما لا يقل عن خمسة مقرات، ومن هذه المقرات يدار النشاط الصحي والإغاثي والدعوي، إضافة إلى الجوانب الأخرى التي تدعم المقاومة العراقية معنويا وتشريعيا.. إذن نحن الآن أقوى مما كنا عليه كحال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الهجرة عندما خرج من المدينة انتشرت دعوته.. وهكذا نحن في الهيئة.
* لكن معظم قادة الهيئة موجودون حاليا خارج العراق، حسبما يتردد.
- لا.. أبدا، لا يوجد خارج العراق إلا اثنين فقط من رجال الهيئة، هما: الدكتور حارث الضاري، حيث توجد ضده مذكرة حكومية بالقبض، والناطق الرسمي الدكتور بشار الفيضي، وقد استطعنا أن نحصل له على إجازة من الجامعة الإسلامية؛ لكي يؤطر مكتب الهيئة في الأردن، وباستثناء هذين فجميع أعضاء مجلس شورى الهيئة الـ67، ومن بينهم الأعضاء الـ13 في الأمانة العامة موجودون في الداخل.. إذن هذه كلها فقط دعاية بأن أعضاء الهيئة خارج العراق، وعلى من يملك اسما ثالثا غير الدكتور حارث والدكتور بشار أن يقول لنا من هو؟
كثير من الناس يجهل أن ثلثي أعضاء الهيئة أساتذة في الحديث والفقه والأصول بجامعات العراق، وأذكر لك: نائب الأمين العام الدكتور محمد عبيد الكبيسي عميد كلية العلوم الإسلامية في بغداد، وهو عميد كلية ما يستطيع أن يتركها، والمساعد الأول أحمد طه رئيس قسم الفقه في كلية الإمام الأعظم وخطيب جامع الإمام الأعظم، والمساعد الثاني وهو أنا رئيس قسم أصول الدين في كلية الإمام الأعظم وخطيب جامع العامرية، ورئيس مجلس الإفتاء الدكتور إسماعيل البدري.. كلهم أساتذة يتبوءون مقاعد أساتذة في جامعات العراق.
المد الشعبي للهيئة في العراق
* ماذا عن المد الشعبي الذي يناصركم ويتبنى توجهاتكم في العراق؟
- بالنسبة للمد الشعبي للهيئة أروي لك وقائع.. ففي يوم 26/7/2008 موعد مؤتمر الهيئة جاء رئيس عشائر الجنوب كاظم عليزان، وهو يرأس كل مجاميع الجنوب الشيعية، وتحته ما لا يقل عن 20 شيخ عشيرة، وقال لنا: "جئت إلى هنا أحمل رسالة الجنوب إخوانكم الشيعة العرب.. أنتم يا هيئة علماء المسلمين، وبشخصك يا دكتور حارث الضاري أنتم قيادتنا السياسية والشرعية"، ثم قام بعده جمعة الدوار رئيس عشائر العرب في الشمال في الموصل، وهو شخص معروف، وقال: "لم يبق لنا غيركم.. وعشائر الشمال كلها معكم" حيث صفق له كل الحاضرين، ثم قام بعده الزيباري الكردي قال: "الأكراد كلهم يدينون للهيئة" وكان يتكلم بهذا الكلام أمام البث المباشر لقنوات (العربية والجزيرة والرافدين).
أخرجنا مظاهرة فقط في منطقة العامرية التي يسكنها 600 ألف، خرج فيها ما لا يقل عن 100 ألف شخص، وأنا قدت المظاهرة بنفسي وألقيت فيها كلمة.
هذه بعض الوقائع على الأرض، حيث استطاعت الهيئة أن تصنع جدار صد ضد المشاريع الأمريكية، واستطاعت أن تخلق ثقافة المقاومة وثقافة الرفض، ليس في العراق فقط، وإنما في الخارج أيضا، والهيئة لا تبحث عن مجد شخصي، ولكنها فقط تنافس الناس على التضحية.
كثير من الناس لا يعلم أنه ليس لأحد من أعضاء الهيئة راتب شهري، أنا أستاذ في الجامعة وآخذ شهرية كلها للهيئة، لا أستلم شيئا من راتبي إطلاقا، عندنا محل تجاري بسيط هو الذي ينفق على بيتي في بغداد، كلنا هناك وأنا بأعلى صوتي أقول لا للأمريكان، وأدعو للمقاومة العراقية، كنت في المملكة السعودية للحج وسمعت صوتي بأحد الخطب المسجلة لي، وأنا أقول: "والله لو بقي مجاهد واحد في العراق، فسيكون كفيلا بإخراج الأمريكيين والعملاء".. الهيئة لا تعمل لنفسها لكن في نفس الوقت تكتم كثيرا من نشاطها، حفاظا على إخواننا، نحن الآن وُصمنا بأننا جهة رافضة؛ وبالتالي الكل ضدنا.. المد الشعبي كبير لا أقول للهيئة، وإنما أقول للخطاب الرباني الشرعي.. حينما تحتل البلاد فلا بد من المقاومة، والآن هناك جبهة صد في هذا الاتجاه، بفضل الله سبحانه وتعالى.
الموقف من الحزب الإسلامي
* قد نتفق معكم على ما لكم من احترام وتقدير لدى الشعب والناس.. لكن الواقع أن العملية السياسية تجري على غير مرادكم، وعلى غير مراد هذا الجمهور العريض، فكيف تتعاملون مع هذا الوضع؟
- نعم، نعم.. صحيح.. أخي نحن انفتحنا على كل المكونات، حتى على إياد علاوي وعلى آخرين، وعلى حزب "الفضيلة"، أما الحزب الإسلامي فجلسنا معه جلسات كثيرة، لكن يبدو لي أن كثيرا من هؤلاء وقعوا في "لندن" و"صلاح الدين"، وبالتالي لا يستطيعون التملص من هذا التوقيع الخياني.
* ماذا تقصد بـ"لندن" و"صلاح الدين"؟
هذا المؤتمر الأول في "لندن" الذي وافق على أن أمريكا تسقط النظام في العراق بغزوها، والآخر في "صلاح الدين".. كنت أقول إن الحزب الإسلامي لم يحضر، لكنهم اعترفوا بأنهم حضروا في لندن وفي صلاح الدين.
كنت في اتصال مع الشيخ عبد الملك السعدي، وقلت له ما رأيك فيمن وقعوا على الاتفاقية؟ فرد قائلا: "أنا أستغرب بعد كل هذه الفتاوى التي صدرت ثم لديهم الاستعداد لأن يوقعوا"، وأذكر لك محمد أحمد الراشد - القيادي الإخواني - وهو يتحمل الوزر الأكبر في دخول الحزب الإسلامي للعملية السياسية.
لكن موقف الراشد تغير في كتابه الأخير "نقض المنطق السلمي".
نعم.. اعتذر في كتابه الأخير عما قدم، وكتب أن من يوقع يعتبر خائنا ومجرما، لكن هل أطاعوه؟ لا.. لم يطيعوه.. أطاعوه في المعصية ولم يطيعوه في الطاعة، فضلا عن فتوى الشيخ عبد الكريم زيدان، ورابطة علماء العراق أيضا أصدرت تأييدا لفتوى هيئة علماء المسلمين، وقالوا عندنا استعداد لأن نقاتل مع الهيئة، الهيئة ليست مقاتلة لكن هكذا قالوا.
أخي.. العراق يحكم بالقوة، وأمريكا لم تنزل من السماء إلى الأرض، أمريكا لها خمس سنوات ونصف تقتل فينا، وتسفك دمنا، وتهتك أعراضنا، وتسرق خيراتنا، فبالتالي هل يمكن هكذا لعدو بهذه المواصفات أعقد معه اتفاقية، واتفاقية مذلة، بحيث تأسرنا أبد الدهر.. قال لي أحدهم من الحزب الإسلامي: "ألم توقع اليابان؟" قلت لهم: "اليابان إلهها وثني، وأنتم إلهكم الله.. هؤلاء وثنيون وقعوا"، ومع ذلك اجتمعت بأعضاء معارضة في البرلمان الياباني فقالوا لي: "لو لم تهاجمنا أمريكا ونوقع هذا التوقيع الذليل لكنا الآن البلد رقم واحد في العالم".
المقاومة العراقية والصحوات
* لكن كيف تقيمون قوة المقاومة العراقية وفاعليتها بعد تأسيس قوات الصحوات؟
- المقاومة وصلت في الشهر الثامن من عام 2006 إلى مرحلة أنها أدخلت الرعب في قلوب الأمريكيين، لكن في نفس الوقت دخل الرعب في أصحاب العملية السياسية؛ لأنهم ربطوا وجودهم بوجود الأمريكيين، وجودا وعدما، فماذا فعلوا.. باعتراف طارق الهاشمي - نائب رئيس الجمهورية والأمين العام للحزب الإسلامي - في قناة العربية، قال: "سيكتب التاريخ أن (أبو ريشة) لم يكن هو الذي أوجد الصحوات، وإنما الحزب الإسلامي هو الذي أوجدها.. تمويلا ودعما"، وهذا مسجل له بالصوت والصورة.
والذي حصل أنها دخلت (الصحوات) بواسطة الحزب الإسلامي، واخترقت فصائل المقاومة، واستطاعت أن تعطي أكثر أسماء المقاومين، وهو ما أدى إلى أن اعتقل الكثير منهم، كما خرج آخرون خارج العراق كلية، وهو ما أدى إلى إضعاف المقاومة حتى وصلت تقريبا إلى 15% مما كانت عليه من قوة، لكن كما قلت العبرة ليست بالكم بقدر ما في القصد والتهيؤ والإخلاص، ولا ننسى سنن الله في الكون، ونحن حربنا في سبيل الله سبحانه وتعالى.. نحن نعيش حالة "تمحيص"{وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ } آل عمران 141.. الآن وبحمد الله عادت المقاومة ولها واقع ومستقبل إن شاء الله.
إخوان العراق تخلوا عن الجهاد
* وماذا عن واقع السنة وهم الخزان البشري للمقاومة؟
- كما هو معروف أن المقاومة 95% منها سنية.. نعم هناك مقاومات شيعية كما الحال بالنسبة لجماعة "الصرخي" وجماعة "البغدادي" وجماعات أخرى من الشيعة.. الشيعة في الجنوب يحدثون أنفسهم بالمقاومة لكنهم لا يستطيعون.. لماذا؟ لأن السيستاني عندما جاءت أمريكا أصدر فتوى بتأجيل مجابهتها حتى 6 أشهر، في هذه الـ6 أشهر استطاع حزب الدعوة والمجلس الأعلى (الشيعيين) أن ينشئ ميليشيات بحيث تسيطر على الشارع، وأن تضبط الأمن، وبالتالي لا يسمح لأحد أن يقاوم، وبعد الـ6 أشهر صمت السيستاني وإلى الآن.
ولما دخلت الصحوات قلت المقاومة السنية.. لكن الآن بدأت المقاومة من جديد، وخطورتها الآن أكثر من خطورتها من قبل؛ لأنها أكثر حرصا بعد أن عرفت أنها كانت قد اخترقت من الداخل، وللأسف من الذين كانوا يقولون "الجهاد سبيلنا" "والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" وإذا "الوظيفة سبيلنا"، و"الوصول للبرلمان أسمى أمانينا"، نعم هكذا صار، مع الأسف مناشير الحزب الإسلامي الآن في العراق حذفوا الجزء الأخير لا يوجد الآن فيها عبارة "والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، وهذه الحقيقة نكبة كبيرة للحركة الإسلامية في العالم.
الإخوان المسلمون في العالم باعتبارهم تنظيما كبيرا، وحتى الآن لم يصدروا حكمهم فيمن يؤسس للمشروع الأمريكي في العراق، هذا يعني أن الإخوان المسلمين عبارة عن معهد يخرج الفاشل ويخرج الناجح، وبالتالي قضية ذاتية وليست قضية تنظيمية، هذا ما يحصل في العراق، لذلك تجد الجيل الأول من الإخوان في العراق اعتزل الساحة؛ لأنه لا يريد أن يتسبب في انشقاق، ولكن في نفس الوقت أصبح خجلا مما يحدث في البلاد.
الواقع الحالي يصفو على حالة صفوية وليست حالة شيعية.. فأهل السنة 19% عند الحكومة والأمريكان، حسبما قال بول بريمر قبل الانتخابات، وأن الشيعة 60% والأكراد 20%، وهذا سجله في كتابه "السنة.. قضيتها في العراق" صفحة 13، نحن اعترضنا على ذلك وقلنا للأخضر الإبراهيمي عندما زارنا: "نحن والله نأنف أن نقول كم هي النسبة.. العراق يحكم بكفاءاته، ولكن إذا أردتم النسب يمكنكم أن تأخذوها بإحدى طريقتين: إما عبر تعداد سكاني، أو البطاقات التموينية التي كان يأكل بها كل عراقي"، فرفض بول بريمر بعد أن اقتنع الأخضر الإبراهيمي، وقلنا لهم هل هناك حالة انتخابات في التاريخ البشري تجري بلا تعداد، لقد قسمتم العراق إلى شيعة وسنة، إلى أكراد وعرب، إلى تركمان وسيخ ويزيديين.. وعندما صار الأمر هكذا قسمت المقاعد بناء على هذا التصنيف، فأعطيت الأنبار مثلا 9 مقاعد في حين أن تعداداها في البطاقة التموينية مليون و460 ألفا؛ بمعنى أن لهم 15 مقعدا، وبهذا سرق منها 6 مقاعد، وكذا الأمر بالنسبة لنينوى والموصل وتعدادهم بالبطاقة مليونان و460 ألفا؛ يعني أن لهم 30 مقعدا، وقد أعطوا 19 مقعدا فقط؛ مما يعني أنه سرق منهم 11 مقعدا، قس على ذلك في ديالى وصلاح الدين، بالمقابل تجد الحلة 500 ألف بينما أعطوها 9 مقاعد بزيادة 4 مقاعد.
قلنا لطارق الهاشمي أنتم الآن دخلتم العملية السياسية، وينبغي عليكم أن تسترجعوا النسبة الحقيقية للسنة؛ لأنكم إذا دخلتم البرلمان على هذه النسبة فستصبحون شهود زور، وستؤكدون أننا أقلية.. لم يسمعوا ودخلوا البرلمان، وسجلت علينا في التاريخ أننا أقلية 19% ونحن في الحقيقة 43% أهل السنة العرب فقط ومعنا الأكراد 13%.. حيث تؤكد البطاقة التموينية: أن نسبة أهل السنة 43%، والشيعة 38%، والأكراد 13%، والأقلية 6%.
هل السنة أقلية عراقية؟
* انتخابات المحافظات على الأبواب، فهل تفكرون كهيئة سنية في مراجعة موقفكم من العملية السياسية؟
- الانتخابات الأولية في المحافظات نحن شجعناها؛ لأنها خدمية.. فالبلديات خدمية وليست صاحبة قرار تشريعي كما الحال بالنسبة للبرلمان، بحيث يشرع القانون ولا نملك إلا 44 عضوا، وبالتالي شهود زور على السنة. نحن أردنا أن نعطى نسبة حقيقة، قلنا لهم في الحزب الإسلامي لا تدخلوا الانتخابات إلا بنسبتكم فدخلوا بـ 19% وحصلوا على 44 مقعدا، وأصبحنا أقلية، بينما نحن الأكثرية في البلاد.
* وهل يمكن أن يتخلص السنة من "وصمة" الـ19%؟
- لا سبيل لتغييرها إلا بالمقاومة.. بحيث نطرد الأمريكان ثم نقول تعالوا نسوي تعدادا.. في وجود أمريكا.. أمريكا تريد أن تجعل العراق منطلقا لشرخ العالم الإسلامي وتقسيمه إلى شيعة وسنة، ولن تستطيع ذلك إلا من خلال إيران الصفوية.
* يعني هل إذا خرج الأمريكان تستطيعون أن تجروا تعدادا؟
- بالتأكيد.
الموقف من الميليشيات الشيعية
* ألا يحول وجود الميليشيات الشيعية المسلحة بينكم وبين ذلك؟
- أبدا.. هذه الميليشيات بمجرد خروج أمريكا لن تبقى.
* كيف وقد أصبحت مسلحة ولها قوة على الأرض؟
- عندنا في العامرية بمجرد أن سمعوا في فيلق "بدر" بهزيمة بوش وفوز أوباما أصبحوا يتوددون لنا أهل السنة وأرسلوا لنا وفدا، مناطق السنة لا يمكن أن يبقى بها واحد من هؤلاء بمجرد خروج الأمريكان.. فنحن تصدينا للأمريكان، وتصدينا للحرس الصفوي، وتصدينا لفيلق بدر، وتصدينا لجيش المهدي، وكنا أقوياء لم نضعف إلا عندما اخترقنا من الداخل، من الصحوات فقط.
* ألا تنظرون بإيجابية إلى خطوة إشراك الصحوات وإدخالهم الجيش والشرطة؟
- الصحوات الآن لم يبق منهم سوى 20% من بين أبناء السنة، والباقون كلهم تسرحوا والـ20% اختيروا من بين الموالين للمالكي، اختيروا بدقة بحيث إن أي شخص يخرج من معتقلات الأمريكيين الصحوة تأخذه وتسلمه لحكومة المالكي، وهو ما حدث عندنا في العامرية بحق 42 شخصا اعتقلوا من جديد، وكانوا من بين المفرج عنهم من السجون الأمريكية.
فالصحوات عبارة عن مقو للأمريكان، وصلوا إلى مرحلة التدني، وقد اختيروا بدقة بحيث أخذوا من تنكر لدينه وأهله وقومه.. الحزب الإسلامي دعم الصحوات، ولم يبق لهم مكان في العراق، أصبحوا بمثابة خونة، والناس تطاردهم؛ ولذلك اعتمدوا على إيجاد ميليشيات تحميهم من أهل السنة الغاضبين.
موقف الهيئة من إيران
* في ظل هيمنة حلفاء إيران على الأوضاع في العراق ألم تفكروا في الجلوس مع الإيرانيين؟
- لا.. نحن جلسنا في السابق مرتين مع السفير الإيراني، وأنا حضرت ذلك، ودعانا هو إلى طهران فقال له الدكتور حارث الضاري موافق بشروط: "تغلقوا مكاتبكم، وتوقفوا الطلعات الإيرانية في العراق، خاصة في البصرة، وأن تجمدوا فيلق "بدر" الذي يقتل المواطنين العراقيين والكفاءات، وتخرجوا المعتقلين السنة من سجونكم.. إذا فعلتم هذه أنا آتيكم"، فلم يفعلوا، قال لهم: "تريدون أن آتي ثم يقال إن حارث الضاري ذهب إلى إيران".. غيرنا ذهبوا ولم يفعلوا شيئا.
* في ظل الهرولة العربية لإرسال سفراء وبعثات دبلوماسية إلى بغداد، كيف تقيمون نظرة العرب التي بدأت تتغير رسميا تجاه العراق؟
- حقيقة نحن نعتقد أن كل ذلك يتم جبرا، وليس بالاختيار.
* جبرا من قبل الأمريكان؟
- نعم.. هم يظنون أن وجود السفارات كأنه يرفع من معنويات أهل السنة، لكن العكس هو الصحيح، ونحن قلنا ذلك، وأنا ذهبت إلى المملكة السعودية، وإلى الأردن، وإلى الإمارات وقلت إن هذه الخطوة لن تخدمنا لا من قريب ولا من بعيد، بالعكس هي تعطي الشرعية للاحتلال والحكومة الصفوية.
الموقف من الحكومات العربية
* بعيدا عن السفارات والبعثات، كيف اتصالاتكم بالحكومات العربية؟
- والله بالنسبة للحكومات.. أسمع جعجعة ولا أرى طحنا.
وأحب أن أقول إن المقاومة العراقية الآن بدأت من جديد، وما حصل لأمريكا ولبوش بالذات جزء كبير منه يعود إلى المقاومة العراقية، وبالتالي هذه المقاومة لها الفضل على كل الدول العربية.. لكن حتى الآن لم يُعترف بها، حتى الآن لم يساعدها أحد من الدول العربية، لا على المستوى المادي ولا على المستوى المعنوي؛ لذلك أقول: هذه المقاومة إذا كانت الأمة تستحق نصرها فسوف تتوج بالنصر، وإذا كانت الأمة لا تستحق فسيأخذها الله إليه، وبالتالي يسلط على الأمة العربية المجيدة الثائرة أحمدي نجاد ليؤدبها.