سـمـاح
11-20-2008, 08:47 AM
حمد صلاح زكي *
مرض العصر، يجتاح العالم العربي. هذه الجملة ليست من قبيل المبالغة اللفظية ولكنها حقيقة علمية أثبتتها دراسات طبية.
فست دول عربية احتلت ستة مراكز متقدمة ضمن قائمة تضم أكثر عشر دول في العالم فيها نسب عالية للإصابة بمرض السكري، وفق الطبعة الثالثة من أطلس مرض السكري الذي تعده المنظمة الدولية لمرض السكري.
وقد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية على مستوى العالم فيما كانت السعودية هي صاحبة المركز الثالث، وتلتها كل دول الخليج فيما عدا قطر.
ويقول الدكتور بدر المطير، استشاري مرض السكري في مستشفى الحرس الوطني في السعودية، إن قطر قد تكون هي صاحبة المركز الثاني على مستوى العالم متقدمة بذلك على الإمارات والسعودية ولكن السبب في عدم ذكرها هو عدم توافر الإحصاءات الدقيقة حول أعداد المرضى بها خلال إعداد هذه القائمة.
أسباب وجود المرض
لكن الدكتور بدر المطير ذكر أهم الأسباب التي قد تكون وراء وجود هذه النسب العالية لمرض السكري في الدول العربية وتحديدا دول الخليج.
قال الدكتور بدر إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية للإصابة بالسكري بشكل عام وهي الوراثة وقلة النشاط البدني وزيادة الأكل وبالتالي زيادة الوزن، وتزيد هذه الأسباب في منطقة الخليج نتيجة نمط الحياة السهل والتأثر بعادات الأكل الغربية مثل الوجبات السريعة.
وضرب الدكتور بدر مثالا لذلك. "فهناك دراسة أشارت إلى أن السعوديين كانوا يأخذون 70 في المئة فقط من الاحتياج اليومي للبروتين، أما اليوم فإنهم يأخذون 250 في المئة من احتياجهم اليومي من البروتين، وما ينطبق على السعودية ينطبق على بقية دول الخليج."
هذه الأسباب أكدتها الدكتورة مارلين نينو، أخصائية مرض السكري لدى الأطفال في الأردن، حيث قالت إن مرض السكري من النوع الثاني (وهو المكتسب وليس الوراثي الذي يعرف بالنوع الأول) منتشر لدى البالغين في الدول العربية أكثر من الأطفال نتيجة العادات الغذائية الخاطئة وأن زيادة نسبة الأطفال لدى السكري بدأت بسبب الترف وقلة الحركة ونوعية التغذية في المدارس والتي لا تخرج عن العصائر والمشروبات الغازية.
"المدرسة تلعب دورا"
وأبدت الدكتورة مارلين استغرابها من قلة عدد حصص النشاط الرياضي والبدني في المدارس العربية واقتصارها في أغلب الأحيان على حصة واحدة أسبوعيا وأحيانا داخل الصف الدراسي، إضافة إلى نمط الحياة المترهل والذي يجعل الأطفال يعودون إلى البيت لمشاهدة البرامج التلفزيونية وممارسة ألعاب الفيديو يؤدي إلى زيادة السمنة وبالتالي زيادة نسب الإصابة بالسكري لدى الأطفال.
ولكن الأسباب لا تتوقف عند ما ذكرته الدكتور مارلين. فالدكتور بدر المطير يذكر أيضا سببا هاما آخر لارتفاع نسب الإصابة بالسكري في الدول العربية وهي غياب التوعية السليمة.
يقول الدكتور بدر إن هناك غيابا للطب الوقائي في مجال مكافحة السكري، خصوصا وأن هناك دراسات طبية أثبتت أنه يمكن مكافحة مرض السكري من النوع الثاني بنسبة ستين في المئة إذا ما زادت التوعية وبالتالي الوعي الذي سيجعل الناس تتوجه إلى ممارسة الرياضة واختيار التغذية الصحية السليمة.
ويضرب الدكتور بدر مثالا من إحدى الدراسات التي أشارت إلى أن نسبة السعوديين الذين أصيبوا بمرض السكري كانوا قبل ثلاثين عاما ستة في المئة بينما الآن وصلت النسبة إلى أربعة وعشرين في المئة أي تضاعفت النسبة أربع مرات.
ماذا عن المستقبل؟
لكن ماذا عن المستقبل؟ الدكتور بدر متفائل ومتشائم في ذات الوقت. فهو متفائل لأن هناك توجها بين بعض السعوديين لمراقبة الوزن وضرورة تخفيفه، كما أن هناك توجها بينهم، خاصة المثقفين، للاهتمام بنوعية الغذاء وجودته من حيث الحفاظ على الوزن.
"لكن للأسف بوادر التشاؤم أكثر. فزيادة السمنة بين الأطفال يعتبر مؤشرا خطيرا، خاصة وأن الإحصائيات في السابق أشارت إلى قلة نسبة الإصابة بالسكري لدى الأطفال، أما النسبة فوصلت الآن إلى ثلاثين في المئة."
السبب في ذلك يعود، وفق الدكتور بدر، إلى "قلة النشاط البدني والاعتماد على الألعاب الالكترونية وزيادة الوجبات السريعة" مما يعطي مؤشرا خطيرا بالنسبة لزيادة هذه النسبة في المستقبل.
ويختتم الدكتور بدر بجملة تبدو مفزعة، حيث يقول إن "هناك دراسات أشارت إلى نسبة مرضى السكري من سكان السعودية في العام 2020 ستصل إلى أربعين في المئة. وأن هذه النسبة يمكن تطبيقها على باقي دول الخليج". إذن لم يكن من قبيل المبالغة اللفظية القول بأن "القاتل الصامت" يجتاح المنطقة العربية ويهدد سكانها.
*بي بي سي - لندن
مرض العصر، يجتاح العالم العربي. هذه الجملة ليست من قبيل المبالغة اللفظية ولكنها حقيقة علمية أثبتتها دراسات طبية.
فست دول عربية احتلت ستة مراكز متقدمة ضمن قائمة تضم أكثر عشر دول في العالم فيها نسب عالية للإصابة بمرض السكري، وفق الطبعة الثالثة من أطلس مرض السكري الذي تعده المنظمة الدولية لمرض السكري.
وقد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية على مستوى العالم فيما كانت السعودية هي صاحبة المركز الثالث، وتلتها كل دول الخليج فيما عدا قطر.
ويقول الدكتور بدر المطير، استشاري مرض السكري في مستشفى الحرس الوطني في السعودية، إن قطر قد تكون هي صاحبة المركز الثاني على مستوى العالم متقدمة بذلك على الإمارات والسعودية ولكن السبب في عدم ذكرها هو عدم توافر الإحصاءات الدقيقة حول أعداد المرضى بها خلال إعداد هذه القائمة.
أسباب وجود المرض
لكن الدكتور بدر المطير ذكر أهم الأسباب التي قد تكون وراء وجود هذه النسب العالية لمرض السكري في الدول العربية وتحديدا دول الخليج.
قال الدكتور بدر إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية للإصابة بالسكري بشكل عام وهي الوراثة وقلة النشاط البدني وزيادة الأكل وبالتالي زيادة الوزن، وتزيد هذه الأسباب في منطقة الخليج نتيجة نمط الحياة السهل والتأثر بعادات الأكل الغربية مثل الوجبات السريعة.
وضرب الدكتور بدر مثالا لذلك. "فهناك دراسة أشارت إلى أن السعوديين كانوا يأخذون 70 في المئة فقط من الاحتياج اليومي للبروتين، أما اليوم فإنهم يأخذون 250 في المئة من احتياجهم اليومي من البروتين، وما ينطبق على السعودية ينطبق على بقية دول الخليج."
هذه الأسباب أكدتها الدكتورة مارلين نينو، أخصائية مرض السكري لدى الأطفال في الأردن، حيث قالت إن مرض السكري من النوع الثاني (وهو المكتسب وليس الوراثي الذي يعرف بالنوع الأول) منتشر لدى البالغين في الدول العربية أكثر من الأطفال نتيجة العادات الغذائية الخاطئة وأن زيادة نسبة الأطفال لدى السكري بدأت بسبب الترف وقلة الحركة ونوعية التغذية في المدارس والتي لا تخرج عن العصائر والمشروبات الغازية.
"المدرسة تلعب دورا"
وأبدت الدكتورة مارلين استغرابها من قلة عدد حصص النشاط الرياضي والبدني في المدارس العربية واقتصارها في أغلب الأحيان على حصة واحدة أسبوعيا وأحيانا داخل الصف الدراسي، إضافة إلى نمط الحياة المترهل والذي يجعل الأطفال يعودون إلى البيت لمشاهدة البرامج التلفزيونية وممارسة ألعاب الفيديو يؤدي إلى زيادة السمنة وبالتالي زيادة نسب الإصابة بالسكري لدى الأطفال.
ولكن الأسباب لا تتوقف عند ما ذكرته الدكتور مارلين. فالدكتور بدر المطير يذكر أيضا سببا هاما آخر لارتفاع نسب الإصابة بالسكري في الدول العربية وهي غياب التوعية السليمة.
يقول الدكتور بدر إن هناك غيابا للطب الوقائي في مجال مكافحة السكري، خصوصا وأن هناك دراسات طبية أثبتت أنه يمكن مكافحة مرض السكري من النوع الثاني بنسبة ستين في المئة إذا ما زادت التوعية وبالتالي الوعي الذي سيجعل الناس تتوجه إلى ممارسة الرياضة واختيار التغذية الصحية السليمة.
ويضرب الدكتور بدر مثالا من إحدى الدراسات التي أشارت إلى أن نسبة السعوديين الذين أصيبوا بمرض السكري كانوا قبل ثلاثين عاما ستة في المئة بينما الآن وصلت النسبة إلى أربعة وعشرين في المئة أي تضاعفت النسبة أربع مرات.
ماذا عن المستقبل؟
لكن ماذا عن المستقبل؟ الدكتور بدر متفائل ومتشائم في ذات الوقت. فهو متفائل لأن هناك توجها بين بعض السعوديين لمراقبة الوزن وضرورة تخفيفه، كما أن هناك توجها بينهم، خاصة المثقفين، للاهتمام بنوعية الغذاء وجودته من حيث الحفاظ على الوزن.
"لكن للأسف بوادر التشاؤم أكثر. فزيادة السمنة بين الأطفال يعتبر مؤشرا خطيرا، خاصة وأن الإحصائيات في السابق أشارت إلى قلة نسبة الإصابة بالسكري لدى الأطفال، أما النسبة فوصلت الآن إلى ثلاثين في المئة."
السبب في ذلك يعود، وفق الدكتور بدر، إلى "قلة النشاط البدني والاعتماد على الألعاب الالكترونية وزيادة الوجبات السريعة" مما يعطي مؤشرا خطيرا بالنسبة لزيادة هذه النسبة في المستقبل.
ويختتم الدكتور بدر بجملة تبدو مفزعة، حيث يقول إن "هناك دراسات أشارت إلى نسبة مرضى السكري من سكان السعودية في العام 2020 ستصل إلى أربعين في المئة. وأن هذه النسبة يمكن تطبيقها على باقي دول الخليج". إذن لم يكن من قبيل المبالغة اللفظية القول بأن "القاتل الصامت" يجتاح المنطقة العربية ويهدد سكانها.
*بي بي سي - لندن