عزام
11-09-2008, 07:59 AM
مقبولة نصار
شئت ام أبيت، ان لم تكن نائماً في قطار الصباح الذي يحملك الى تل ابيب، مؤكد ستسمع توصيات زوجة لزوجها على الهاتف الخلوي بأن يسخن الطعام وينزه الكلب .. او صوت أخر يريد لكل القاطرة ان تعرف انه مدير على شخص ما او شيء ما، او ستسمع بعض اللذين تتسع وقاحتهم الإسرائيلية لإتحافنا بتفاصيل حياتهم ونحن نحاول سرقة غفوة ترضية عن الصحو مبكراً…
هذه المرة تظاهرت بعدم الاهتمام، تجهمت سحنتي وهربت بوجهي باتجاه البحر المتسارع من النافذة، بل ولجمت نفسي عن الانفجار في كل لحظة ولطم المتحدثين الشابين الى جانبي بصرمايتي الكعب.. حتى وان كانت جديدة مش خسارة.
تمنيت ان يعتقدا إني لا اعرف العربية، فلو عرفا لربما خجلا من الاستفاضة في حديثهم المسنود بالتفاصيل…
لا، لم يكن الحديث عن مغامراتهما مع الفتيات او أمور تحب المرأة استراق السمع إليها لتكتشف كيف يراها الرجال … بل كان عن يومياتهما ومذكراتهما من الخدمة الطوعية جداً في الجيش الإسرائيلي… ! وقبل ان تظنوا ان الحزورة سهلة وان أبطال الحرب المتطوعين للدفاع عن الوطن هما بدويين او درزيين، اسفة لتخييب ظنكم… فان لهجتمها تتبع لإحدى قرى الجليل التي لا تحمل هوية طائفية او قبلية ..
إذن للمعلومات العامة، المجندين العربي ترقوا في الجيش وما عادوا قصاصي اثر وجنود مطابخ, وأصبحوا يخدمون في الوحدات القتالية رجلهم على رجل الاشكناز أبناء الجنرالات ومفخرة الصهيونية الأصلية..., الأول الذي أنهى الخدمة يقول للثاني الذي لا يزال في شهره الثامن.. "من الخدمة طبعاً"، ان الدخول لاختطاف المطلوبين يكون صعباً في المرة الأولى فقط..، (طبعاً ككل شيء..)، ولم يفته ان يذكر قصة قدرية تشبه الأفلام الهندية، ان جندي من القرية البدوية تلك كان قد دخل بيتا خلال توغل في غزة، وشاهد صورة لأناس معلقة على الحائط كان قد رآها في بيتهم وتبين ان "المخرب" المطلوب هو قريبه … ( شوف هالصدفه!!، بالفعل كيف من الممكن ان يحدث شيء كهذا؟ يعني لو فرضنا ان هناك فلسطينيين كانوا يعيشون في هذه البلاد وهجروا وفصلوا عن أخوتهم وتفرقوا في بلاد الله الواسعة, لقلنا ها ممكن ان يحدث, اذن هي بالفعل صدفة غريبة تصلح حبكة لفيلم !!)
لوهلة كدت أشفق على هذا المسكين! فقد روى ان وقت خدمته كان صعباً جداً وان اليوم عز نسبة الى تلك الأيام من الانتفاضة، وان التعليمات كانت في اغلب الأوقات إطلاق النار على الجزء العلوي من الجسد …وكثير ناس انقتلت ..
ولكي يرتاح ضميره ويبرر مع ما عمله في هذه السنتين لا بد إلا أن يذكر، إنهم.. اي هم الفلسطينيين منهم كثيرون " مش اوادم "، يبلغون عن بعضهم البعض، وانه بأم عينيه كان شاهداً على رجل حضر بنفسه وقبض ستة ألاف شيكل نقدا، وضعوا على رأسه قناع اسود وأصطحبهم إلى مخبأ أخيه المطلوب…
وبرتم الراوي في ديوان يستهجن ان درزيا من دار كذا وبلد كذا، مرة اجبر رجل كهلاً أراد عبور حاجز "الزعيّم" على تنزيل حمولة شاحنة سقايل بناء كاملة بيديه من اجل التفتيش، وان الكهل ركع على ركبتيه واستجداه ان يتركه لحاله، لكنه رفض. وبعد ان استغرقه نهار كامل ليفرغها على ظهره قال له " خلص، حملها من جديد بطلت أفتّش"….
وبالرغم من كل شيء "بعدو الواحد عندو ضمير".. وحتى انه حاول ثني الدرزي الي من دار كذا وبلد كذا، عن هذا العمل لان الرجل لا يبدو مخرباً..!! لكنه لم يقبل. ودلالة على وجود ضميره، فقد قدم بعض الماء للرجل الكهل، لكنه رفض ان يأخذ منه ماءه…
وختم يقول : "يعني الواحد شاف كثير وقليل …وكلو حرام، بس بالأخر بنروح نحج .. وكلو بينمحى …." !!!
بعد سماع هذه الجملة كنت بحاجة لخمس دقائق لفك تقاطيع وجهي التي تلبدت واشتبكت ببعضها …
لا اعرف من أبدع هذه الفتوى لهذا الشاب، أهي فتوى مختومة من رابي الجيش، أم أنها فتوى الجهل ام فتوى العجز، ام فتوى مخصصات ما بعد الخدمة، وربما وأقول ربما كي لا اظلم احد، ربما هي فتوى الهوية المشوهة..
هذا الشاب خرج إلى محطته بعد ان قال هذه الجملة بقمة الطمأنينة .. وهو متأكد انه سيمحو خيانة ذاته بزيارة إلى مكة …!!!
شئت ام أبيت، ان لم تكن نائماً في قطار الصباح الذي يحملك الى تل ابيب، مؤكد ستسمع توصيات زوجة لزوجها على الهاتف الخلوي بأن يسخن الطعام وينزه الكلب .. او صوت أخر يريد لكل القاطرة ان تعرف انه مدير على شخص ما او شيء ما، او ستسمع بعض اللذين تتسع وقاحتهم الإسرائيلية لإتحافنا بتفاصيل حياتهم ونحن نحاول سرقة غفوة ترضية عن الصحو مبكراً…
هذه المرة تظاهرت بعدم الاهتمام، تجهمت سحنتي وهربت بوجهي باتجاه البحر المتسارع من النافذة، بل ولجمت نفسي عن الانفجار في كل لحظة ولطم المتحدثين الشابين الى جانبي بصرمايتي الكعب.. حتى وان كانت جديدة مش خسارة.
تمنيت ان يعتقدا إني لا اعرف العربية، فلو عرفا لربما خجلا من الاستفاضة في حديثهم المسنود بالتفاصيل…
لا، لم يكن الحديث عن مغامراتهما مع الفتيات او أمور تحب المرأة استراق السمع إليها لتكتشف كيف يراها الرجال … بل كان عن يومياتهما ومذكراتهما من الخدمة الطوعية جداً في الجيش الإسرائيلي… ! وقبل ان تظنوا ان الحزورة سهلة وان أبطال الحرب المتطوعين للدفاع عن الوطن هما بدويين او درزيين، اسفة لتخييب ظنكم… فان لهجتمها تتبع لإحدى قرى الجليل التي لا تحمل هوية طائفية او قبلية ..
إذن للمعلومات العامة، المجندين العربي ترقوا في الجيش وما عادوا قصاصي اثر وجنود مطابخ, وأصبحوا يخدمون في الوحدات القتالية رجلهم على رجل الاشكناز أبناء الجنرالات ومفخرة الصهيونية الأصلية..., الأول الذي أنهى الخدمة يقول للثاني الذي لا يزال في شهره الثامن.. "من الخدمة طبعاً"، ان الدخول لاختطاف المطلوبين يكون صعباً في المرة الأولى فقط..، (طبعاً ككل شيء..)، ولم يفته ان يذكر قصة قدرية تشبه الأفلام الهندية، ان جندي من القرية البدوية تلك كان قد دخل بيتا خلال توغل في غزة، وشاهد صورة لأناس معلقة على الحائط كان قد رآها في بيتهم وتبين ان "المخرب" المطلوب هو قريبه … ( شوف هالصدفه!!، بالفعل كيف من الممكن ان يحدث شيء كهذا؟ يعني لو فرضنا ان هناك فلسطينيين كانوا يعيشون في هذه البلاد وهجروا وفصلوا عن أخوتهم وتفرقوا في بلاد الله الواسعة, لقلنا ها ممكن ان يحدث, اذن هي بالفعل صدفة غريبة تصلح حبكة لفيلم !!)
لوهلة كدت أشفق على هذا المسكين! فقد روى ان وقت خدمته كان صعباً جداً وان اليوم عز نسبة الى تلك الأيام من الانتفاضة، وان التعليمات كانت في اغلب الأوقات إطلاق النار على الجزء العلوي من الجسد …وكثير ناس انقتلت ..
ولكي يرتاح ضميره ويبرر مع ما عمله في هذه السنتين لا بد إلا أن يذكر، إنهم.. اي هم الفلسطينيين منهم كثيرون " مش اوادم "، يبلغون عن بعضهم البعض، وانه بأم عينيه كان شاهداً على رجل حضر بنفسه وقبض ستة ألاف شيكل نقدا، وضعوا على رأسه قناع اسود وأصطحبهم إلى مخبأ أخيه المطلوب…
وبرتم الراوي في ديوان يستهجن ان درزيا من دار كذا وبلد كذا، مرة اجبر رجل كهلاً أراد عبور حاجز "الزعيّم" على تنزيل حمولة شاحنة سقايل بناء كاملة بيديه من اجل التفتيش، وان الكهل ركع على ركبتيه واستجداه ان يتركه لحاله، لكنه رفض. وبعد ان استغرقه نهار كامل ليفرغها على ظهره قال له " خلص، حملها من جديد بطلت أفتّش"….
وبالرغم من كل شيء "بعدو الواحد عندو ضمير".. وحتى انه حاول ثني الدرزي الي من دار كذا وبلد كذا، عن هذا العمل لان الرجل لا يبدو مخرباً..!! لكنه لم يقبل. ودلالة على وجود ضميره، فقد قدم بعض الماء للرجل الكهل، لكنه رفض ان يأخذ منه ماءه…
وختم يقول : "يعني الواحد شاف كثير وقليل …وكلو حرام، بس بالأخر بنروح نحج .. وكلو بينمحى …." !!!
بعد سماع هذه الجملة كنت بحاجة لخمس دقائق لفك تقاطيع وجهي التي تلبدت واشتبكت ببعضها …
لا اعرف من أبدع هذه الفتوى لهذا الشاب، أهي فتوى مختومة من رابي الجيش، أم أنها فتوى الجهل ام فتوى العجز، ام فتوى مخصصات ما بعد الخدمة، وربما وأقول ربما كي لا اظلم احد، ربما هي فتوى الهوية المشوهة..
هذا الشاب خرج إلى محطته بعد ان قال هذه الجملة بقمة الطمأنينة .. وهو متأكد انه سيمحو خيانة ذاته بزيارة إلى مكة …!!!