عزام
11-06-2008, 08:17 AM
عبد الله العجمي (http://www.alarabiya.net/writers/writer.php?content_id=59591)
ثم ماذا لو فاز أوباما؟
سيبقى الحال على ما هو عليه, لأن الحال دائماً ما يبقى على حاله رغم تعاقب الرؤوساء الأمريكيين, ولا يتغير سوى في أذهان الحالمين والمتفائلين أكثر مما ينبغي من أولئك الذين ظلوا لعقود طويلة ينتظرون ظهور المستبد العادل "الوطني" الذي يقلب الطاولة ويعيد الأمور إلى نصابها ويقصقص باستبداده العادل أجنحة الاستبداد غير العادل.
في كل دورة انتخابية للرئاسة الأمريكية ينقسم العرب إلى فسطاطين. فسطاط مع هذا، وآخر مع ذاك. وكأنها لعبة لذيذة مثلها مثل كأس العالم لكرة القدم الذي يأتي كل أربع سنوات. نترقب, نقضم أظافرنا, ندعو ربنا: يارب انصر أوباما، كما قلنا يوما: يارب انصر جورج بوش الأب! ينفض السامر ويحتفل الأمريكان برئيسهم العتيد, ويبدأ المواطن الأمريكي من تلك اللحظة بلعب دور المراقب لما سيفعله هذا الرئيس, وتبدأ جردة الحساب: ما الذي وعد هذا الرئيس بفعله أثناء حملته الانتخابية فلم يفعله؟ ما الذي لم يلتزم به؟ كيف سيواجه القضايا "الوطنية" الملحة كالأزمة المالية والضرائب والصحة وقضية تسريح العمالة والتعليم والجريمة؟ ما الجديد الذي سيفعله بشأن هذا كله؟ كيف سيتمكن من سحب القوات الأمريكية من العراق دون أن يدفع بالبلاد إلى الانزلاق في حرب أهلية طاحنة؟ كيف سيتعاطى مع الروس والصينيين؟ ماذا سيفعل بشأن الملف النووي الإيراني؟
هل مرت بكم لفظة "فلسطين"؟ هل يعرف الناخب الأمريكي أين تقع هذه الـ" فلسطين"؟
حالمون حالمون إننا لحالمون، على وزن عائدون عائدون إننا لعائدون, حين نظن أن أوباما يختلف كثيراً عن ماكين، فأمريكا بلد مؤسسات لا تسمح بهامش كبير من الفروق الفردية بين الحزبين الكبيرين, وخصوصاً – وهنا تكمن المشكلة – في الشأن الخارجي، فهناك شبه اتفاق إن لم نقل تطابق بين الحزبين حول القضايا الخارجية.
فأمريكا ملتزمة جدا بأمن إسرائيل، ولم يخيب رئيس أمريكي واحد ديمقراطيا كان أم جمهوريا الأمل الإسرائيلي ولو لمرة واحدة في مجلس الأمن، وحق الفيتو يشهد بذلك.
فيما يخص سحب القوات الأمريكية من العراق، الجميع يدركون أن هذا لن يتم قريبا. حتى لو أراد أوباما ذلك, فهو لا يستطيع أن يمرر مثل هذا القرار حتى وسط الديمقراطيين أنفسهم لأن قرارا مثل هذا يحتاج إلى تفكيك شبكات مصالح لجماعات ضغط كبيرة جداً لا قِبل له بمناطحتها, ولذا سيعمد إلى أن يأتي الرفض للانسحاب المباشر الذي كان أحد شعاراته الانتخابية من مجلس الشيوخ والكونغرس.
فأمريكا ليست بلد الانعطافات الحادة أو التحولات الدراماتيكية في السياسة. في الشأن الفلسطيني سيبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء لمجلس الأمن الذي يهيمن عليه الأمريكان. لا شك أن أوباما سيخرج على العلن ليؤكد حرصه على وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنباً إلى جنب (دون أن يتكلم بطبيعة الحال عن حدود الدويلة الفلسطينية التي جامَلَنا بتسميتها دولة هل هي منقوصة السيادة أم لا، وهل تتحقق لها شروط الحياة أم لا, وهل سيتم قبول الحكومة الفلسطينية التي ستفرزها الانتخابات الديمقراطية الشفَّافة).
نعم بالضبط كما استنتجتم . رأيا مشابها لرأي الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الذي أطلقه ذات مرة, دون أن يفعل شيئا ذا بال. ومن عساه يفعل شيئاً في وجود الإيباك والمنظمات الصهيونية واليمينية المسيحية الفاعلة الأخرى التي ترى تلازم وتطابق المصلحتين الأمريكية والإسرائيلية دينيا وسياسيا... إنَّ أقصى ما سيُقدِّمه أي رئيس أمريكي هو المساعدة في دفع الطرفين إلى مفاوضات ثنائية وفق خيارات ترهيبية وترغيبية جديدة وبرَّاقة تروق للمفاوض الإسرائيلي الذي يُمسك بجميع خطوط اللعبة في مواجهة مفاوض فلسطيني ضعيف ومُنقسم على نفسه. خمر قديمة في قوارير جديدة.
في الملف النووي الإيراني ستبقى سياسة الجزرة والعصا قائمة, أم ظن العرب الذي يتمنون زوال إيران أن ماكين - فيما لو فاز كما أملَّوا - سيدخل حرباً مع إيران هو الوالغ جيشه حتى المشاشة في المستنقعين الأفغاني والعراقي؟
سيصل الطرفان إلى نقطة التقاء في المنتصف تحفظ للحكومتين مصالحهما التي تتنافر مرة وتتقاطع مرة, ويكون الخاسر هم الآخرون, الحالمون إياهم.
في أمريكا يبني الرئيس اللاحق على السابق مهما اختلف عنه سياسياً ويلتزم بالاستراتيجيا "الوطنية" - وخصوصاً في الشق الأمني منها - والتي سار عليها سلفه وهي الاستراتيجيا التي لم تكن في يوم عرضة للاختلاف بين فرقاء الحزبين الكبيرين.
الناس الذين ينتظرون أن تُمطر عليهم السماء رئيسا أمريكيا فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين وعراقيا أكثر من العراقيين هم مثل الذين استجاروا يوماً من رمضاء الديمقراطيين بنار الجمهوريين, فجيء لهم بجورج بوش الابن!!
يبقى أن عليهم أن يدركوا جيداً أن ماكين ليس مسيلمة الكذاب وأن أوباما قد يكون أقرب إلى الأسود العنسي منه إلى بلال الحبشي. وما علينا نحن العرب سوى أن ننتظر.
وهل كنا نفعل شيئا طوال هذه السنوات سوى الانتظار؟...
*خاص بـ"العربية.نت"
ثم ماذا لو فاز أوباما؟
سيبقى الحال على ما هو عليه, لأن الحال دائماً ما يبقى على حاله رغم تعاقب الرؤوساء الأمريكيين, ولا يتغير سوى في أذهان الحالمين والمتفائلين أكثر مما ينبغي من أولئك الذين ظلوا لعقود طويلة ينتظرون ظهور المستبد العادل "الوطني" الذي يقلب الطاولة ويعيد الأمور إلى نصابها ويقصقص باستبداده العادل أجنحة الاستبداد غير العادل.
في كل دورة انتخابية للرئاسة الأمريكية ينقسم العرب إلى فسطاطين. فسطاط مع هذا، وآخر مع ذاك. وكأنها لعبة لذيذة مثلها مثل كأس العالم لكرة القدم الذي يأتي كل أربع سنوات. نترقب, نقضم أظافرنا, ندعو ربنا: يارب انصر أوباما، كما قلنا يوما: يارب انصر جورج بوش الأب! ينفض السامر ويحتفل الأمريكان برئيسهم العتيد, ويبدأ المواطن الأمريكي من تلك اللحظة بلعب دور المراقب لما سيفعله هذا الرئيس, وتبدأ جردة الحساب: ما الذي وعد هذا الرئيس بفعله أثناء حملته الانتخابية فلم يفعله؟ ما الذي لم يلتزم به؟ كيف سيواجه القضايا "الوطنية" الملحة كالأزمة المالية والضرائب والصحة وقضية تسريح العمالة والتعليم والجريمة؟ ما الجديد الذي سيفعله بشأن هذا كله؟ كيف سيتمكن من سحب القوات الأمريكية من العراق دون أن يدفع بالبلاد إلى الانزلاق في حرب أهلية طاحنة؟ كيف سيتعاطى مع الروس والصينيين؟ ماذا سيفعل بشأن الملف النووي الإيراني؟
هل مرت بكم لفظة "فلسطين"؟ هل يعرف الناخب الأمريكي أين تقع هذه الـ" فلسطين"؟
حالمون حالمون إننا لحالمون، على وزن عائدون عائدون إننا لعائدون, حين نظن أن أوباما يختلف كثيراً عن ماكين، فأمريكا بلد مؤسسات لا تسمح بهامش كبير من الفروق الفردية بين الحزبين الكبيرين, وخصوصاً – وهنا تكمن المشكلة – في الشأن الخارجي، فهناك شبه اتفاق إن لم نقل تطابق بين الحزبين حول القضايا الخارجية.
فأمريكا ملتزمة جدا بأمن إسرائيل، ولم يخيب رئيس أمريكي واحد ديمقراطيا كان أم جمهوريا الأمل الإسرائيلي ولو لمرة واحدة في مجلس الأمن، وحق الفيتو يشهد بذلك.
فيما يخص سحب القوات الأمريكية من العراق، الجميع يدركون أن هذا لن يتم قريبا. حتى لو أراد أوباما ذلك, فهو لا يستطيع أن يمرر مثل هذا القرار حتى وسط الديمقراطيين أنفسهم لأن قرارا مثل هذا يحتاج إلى تفكيك شبكات مصالح لجماعات ضغط كبيرة جداً لا قِبل له بمناطحتها, ولذا سيعمد إلى أن يأتي الرفض للانسحاب المباشر الذي كان أحد شعاراته الانتخابية من مجلس الشيوخ والكونغرس.
فأمريكا ليست بلد الانعطافات الحادة أو التحولات الدراماتيكية في السياسة. في الشأن الفلسطيني سيبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء لمجلس الأمن الذي يهيمن عليه الأمريكان. لا شك أن أوباما سيخرج على العلن ليؤكد حرصه على وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية جنباً إلى جنب (دون أن يتكلم بطبيعة الحال عن حدود الدويلة الفلسطينية التي جامَلَنا بتسميتها دولة هل هي منقوصة السيادة أم لا، وهل تتحقق لها شروط الحياة أم لا, وهل سيتم قبول الحكومة الفلسطينية التي ستفرزها الانتخابات الديمقراطية الشفَّافة).
نعم بالضبط كما استنتجتم . رأيا مشابها لرأي الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الذي أطلقه ذات مرة, دون أن يفعل شيئا ذا بال. ومن عساه يفعل شيئاً في وجود الإيباك والمنظمات الصهيونية واليمينية المسيحية الفاعلة الأخرى التي ترى تلازم وتطابق المصلحتين الأمريكية والإسرائيلية دينيا وسياسيا... إنَّ أقصى ما سيُقدِّمه أي رئيس أمريكي هو المساعدة في دفع الطرفين إلى مفاوضات ثنائية وفق خيارات ترهيبية وترغيبية جديدة وبرَّاقة تروق للمفاوض الإسرائيلي الذي يُمسك بجميع خطوط اللعبة في مواجهة مفاوض فلسطيني ضعيف ومُنقسم على نفسه. خمر قديمة في قوارير جديدة.
في الملف النووي الإيراني ستبقى سياسة الجزرة والعصا قائمة, أم ظن العرب الذي يتمنون زوال إيران أن ماكين - فيما لو فاز كما أملَّوا - سيدخل حرباً مع إيران هو الوالغ جيشه حتى المشاشة في المستنقعين الأفغاني والعراقي؟
سيصل الطرفان إلى نقطة التقاء في المنتصف تحفظ للحكومتين مصالحهما التي تتنافر مرة وتتقاطع مرة, ويكون الخاسر هم الآخرون, الحالمون إياهم.
في أمريكا يبني الرئيس اللاحق على السابق مهما اختلف عنه سياسياً ويلتزم بالاستراتيجيا "الوطنية" - وخصوصاً في الشق الأمني منها - والتي سار عليها سلفه وهي الاستراتيجيا التي لم تكن في يوم عرضة للاختلاف بين فرقاء الحزبين الكبيرين.
الناس الذين ينتظرون أن تُمطر عليهم السماء رئيسا أمريكيا فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين وعراقيا أكثر من العراقيين هم مثل الذين استجاروا يوماً من رمضاء الديمقراطيين بنار الجمهوريين, فجيء لهم بجورج بوش الابن!!
يبقى أن عليهم أن يدركوا جيداً أن ماكين ليس مسيلمة الكذاب وأن أوباما قد يكون أقرب إلى الأسود العنسي منه إلى بلال الحبشي. وما علينا نحن العرب سوى أن ننتظر.
وهل كنا نفعل شيئا طوال هذه السنوات سوى الانتظار؟...
*خاص بـ"العربية.نت"