من هناك
10-31-2008, 01:28 PM
بعد ثلاثة أيام من الاعتداء الأمريكي على سورية والتهديد والوعيد بالرد المؤلم عليه. قضت محكمة سورية بالسجن على 12 معارضا سياسيا في المجلس الوطني لإعلان دمشق كانوا قد طالبوا بإصلاحات ديمقراطية، واتهموا بإضعاف الروح الوطنية و"النيل من هيبة الدولة"، ومن بين المدانين عضو مجلس الشعب السابق رياض سيف المريض بالسرطان. توقيت الحدثين وإن جاء مصادفة غير أنه يكشف واقعا يحتاج إلى معالجة وإصلاح جذري.
فسورية والتي قد تواجه تداعيات وتحديات من الخارج هي في أشد الحاجة للمصالحة الداخلية ولمعاملة معارضيها السياسيين باحترام وتقدير، عوضا على الرد على نشاطهم السلمي باتهامات عجيبة كالنيل من هيبة الدولة. هيبة الدولة والتي تعرضت لاختبارات قاسية مثل الانسحاب السوري الاضطراري من لبنان، والقصف الإسرائيلي لموقع الكبر، وزيارة المفتشين الدوليين، وأخيرا الغارة الأمريكية على البوكمال, هذه الهيبة ستكون أكثر صلابة من خلال التعامل اللائق مع المواطن والمعارض السوري.
كما إن أسلوب سجن وملاحقة المعارضين والتضييق على الحريات سيجعل البلد عرضة لانتقادات المنظمات الحقوقية الدولية، ومن السهل استخدام الأمر حين الحاجة في الابتزاز السياسي. المتابع للمواقف السورية بعد الغارة الأمريكية يلحظ ارتباكا واضحا، فوزير خارجيتها وليد المعلم قال إن سورية تنتظر توضيحا لما جرى"، مضيفا أنه "إذا لم يكن الرد مقنعا فإن سورية تدرس خيارات تعرف الولايات المتحدة أنها مؤلمة", غير أن المعلم استبعد أن "تشمل الخيارات الرد العسكري." كما قال الوزير السوري أن الغارة الأمريكية كانت تهدف إلى طمأنة أعداء دمشق من أن واشنطن لا تحذو حذو فرنسا وبريطانيا في التقارب مع بلاده، وأن الأمريكيين يريدون أن يبعثوا برسالة سياسية إلى حلفائهم في المنطقة مفادها أنه لا شيء تغير في العلاقات السورية-الأمريكية، وان الأمور ليست جيدة مثلما تبدو.
فمن هم أعداء سوريا، إذا كانت سورية تتفاوض مع إسرائيل وتربطها بتركيا علاقة طيبة وبإيران تحالف وثيق, فيما ترأس القمة العربية؟ وما هي الخيارات السورية المؤلمة؟ وعلى ماذا تستند؟ المواقف العربية وإن نددت بالاعتداء الأمريكي غير أن كثير منها جاء على استحياء ولجأ لاستخدام ألفاظ فضفاضة. وهل تعتبر دمشق طلب سفيرها في الأمم المتحدة بشار الجعفري من مجلس الأمن اتخاذ إجراء لمنع تكرار الهجوم الولايات المتحدة على بلاده من الردود الفعالة؟ اللجوء إلى مجلس الأمن والذي تمتلك الولايات المتحدة فيه حق الفيتو، كما التجارب الماضية، يظهران أن خيارات سورية محدودة وأن اللغة الإعلامية القوية هي محاولة لتغطية على عدم القدرة على الرد العملي.
ويبقى لسورية الخيار الروسي واستثمار الخلافات الأمريكية-الروسية المتصاعدة على الساحة الدولية، وبالتالي اللجوء للغطاء الروسي والذي لم يشتد عوده بعد. وبكل الأحوال فإن أية تفاهمات أو توازنات بين واشنطن وموسكو ستنعكس سلبا على هذا الطريق. ويبقى الخيار الأسلم والأنسب في اللجوء للداخل وإطلاق الحريات وإغلاق ملف الاعتقال السياسي والشروع في إصلاحات حقيقية ترفع قيمة الوطن والمواطن بعيدا عن الشعارات والتصريحات النارية المتكررة ومنذ عقود.
ياسر سعد
فسورية والتي قد تواجه تداعيات وتحديات من الخارج هي في أشد الحاجة للمصالحة الداخلية ولمعاملة معارضيها السياسيين باحترام وتقدير، عوضا على الرد على نشاطهم السلمي باتهامات عجيبة كالنيل من هيبة الدولة. هيبة الدولة والتي تعرضت لاختبارات قاسية مثل الانسحاب السوري الاضطراري من لبنان، والقصف الإسرائيلي لموقع الكبر، وزيارة المفتشين الدوليين، وأخيرا الغارة الأمريكية على البوكمال, هذه الهيبة ستكون أكثر صلابة من خلال التعامل اللائق مع المواطن والمعارض السوري.
كما إن أسلوب سجن وملاحقة المعارضين والتضييق على الحريات سيجعل البلد عرضة لانتقادات المنظمات الحقوقية الدولية، ومن السهل استخدام الأمر حين الحاجة في الابتزاز السياسي. المتابع للمواقف السورية بعد الغارة الأمريكية يلحظ ارتباكا واضحا، فوزير خارجيتها وليد المعلم قال إن سورية تنتظر توضيحا لما جرى"، مضيفا أنه "إذا لم يكن الرد مقنعا فإن سورية تدرس خيارات تعرف الولايات المتحدة أنها مؤلمة", غير أن المعلم استبعد أن "تشمل الخيارات الرد العسكري." كما قال الوزير السوري أن الغارة الأمريكية كانت تهدف إلى طمأنة أعداء دمشق من أن واشنطن لا تحذو حذو فرنسا وبريطانيا في التقارب مع بلاده، وأن الأمريكيين يريدون أن يبعثوا برسالة سياسية إلى حلفائهم في المنطقة مفادها أنه لا شيء تغير في العلاقات السورية-الأمريكية، وان الأمور ليست جيدة مثلما تبدو.
فمن هم أعداء سوريا، إذا كانت سورية تتفاوض مع إسرائيل وتربطها بتركيا علاقة طيبة وبإيران تحالف وثيق, فيما ترأس القمة العربية؟ وما هي الخيارات السورية المؤلمة؟ وعلى ماذا تستند؟ المواقف العربية وإن نددت بالاعتداء الأمريكي غير أن كثير منها جاء على استحياء ولجأ لاستخدام ألفاظ فضفاضة. وهل تعتبر دمشق طلب سفيرها في الأمم المتحدة بشار الجعفري من مجلس الأمن اتخاذ إجراء لمنع تكرار الهجوم الولايات المتحدة على بلاده من الردود الفعالة؟ اللجوء إلى مجلس الأمن والذي تمتلك الولايات المتحدة فيه حق الفيتو، كما التجارب الماضية، يظهران أن خيارات سورية محدودة وأن اللغة الإعلامية القوية هي محاولة لتغطية على عدم القدرة على الرد العملي.
ويبقى لسورية الخيار الروسي واستثمار الخلافات الأمريكية-الروسية المتصاعدة على الساحة الدولية، وبالتالي اللجوء للغطاء الروسي والذي لم يشتد عوده بعد. وبكل الأحوال فإن أية تفاهمات أو توازنات بين واشنطن وموسكو ستنعكس سلبا على هذا الطريق. ويبقى الخيار الأسلم والأنسب في اللجوء للداخل وإطلاق الحريات وإغلاق ملف الاعتقال السياسي والشروع في إصلاحات حقيقية ترفع قيمة الوطن والمواطن بعيدا عن الشعارات والتصريحات النارية المتكررة ومنذ عقود.
ياسر سعد