abouousama_123
10-31-2008, 10:29 AM
ليس دفاعاً عن اسامة. . ولكن. .
التهم التي يتعرض لها العاملون للإسلام من إخوانهم كثيرة، واحيانا تكون مريرة ، والمآخذ التي تؤخذ عليهم متعددة ، وبعضها في محله- لا شك- فالعاملون للإسلام بشر ، وكل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون، والدين النصيحة.
ولكن بعض هذه التهم ليس كذلك ، لا لأنه ليس صحيحا فقط ، بل لأنه لو صح لما كان (تهماً) يحتاج المتهم بها للتبرئ منها أوالا عتذار عنها.
إذا مناقبي اللاتي ادل بها كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر؟!
ومن هذا القبيل فيما نحسب، ما ذكره ويذكره بعض العاملين للإسلام في الجزيرة العربية وغيرها من " تهم " للشيخ أسامة بن لادن بأنه يكفر الحكومات ، ويشجع القتال داخل البلاد الإسلامية ، ويقتل الابرياء، كما ذكر ذلك بعض الإخوة الأفاضل في بعض الفضائيات العربية مؤخرا .
ومع أننا نشجع النقد البنا ء داخل الصف الإسلامي ، ونمقت ظاهرة تقديس القيادات والزعامات والجماعات، والانتصار الأعمى لها قبل معرفة ماهي عليه من الحق أو الباطل.
ومع أننا كذلك نكره ظاهرة الردود والردود المضادة في الجزئيات والتي تتحول أحيانا كثيرة إلى تراشق بالتهم بين العاملين للإسلام تضيع فيه الجهود والأوقات ، وتهدر الامكانات والطاقات.
مع كل ذلك ، فإننا رأينا من المهم بيان ما نعتقده صوابا في هذه ( التهم) كما يسميها أصحابها، ليس دفاعا عن الشيخ أسامة بن لادن – وإن كان الدفاع عنه مشروعا- ولكن لأن هذه ( التهم) تتعلق بمسائل تمس جوهر الصراع بين الاسلام والكفر ، والحق والباطل ، وهي امور تتجاوز الأشخاص والذوات والتنظيمات والجماعات، والبيان في مثل هذه الحالات مطلوب ، وهوليس مما سبقت الإشارة إليه في شيئ إن شاء الله .
ولا نريد في هذه الكلمة العابرة الاستقصاء والاستيعاب في هذه المسائل ، بل سنكتفي بالتنبيه بذكر رؤوس المسائل على ما وراءها مما يرجع إليه في محله من المراجع.
ولنأخذ هذه المسائل واحدة واحدة
المسألة الأولى : تكفير الحكومات:
إذاكان من المعروف من عقيدة أهل السنة والجماعة انه لايحكم بكفر من لم يقم الدليل القاطع على كفره،مع توفر الشروط وانتفاء الموانع ، فإن من المعروف كذلك من عقيدتهم أن من قام الدليل القاطع على كفره ، وتوفرت فيه الشروط المعتبرة وانتفت الموانع ، انه يحكم عليه بالكفر ، ويترتب على ذلك مايترتب عليه من أحكام مبسوطة في مباحث أبواب الردة من كتب الفقه والتفسير وشروح الحديث، ولا فرق هنا بين حاكم ومحكوم ، وشريف أو وضيع .
ولاشك أن من أكثر نواقض الإسلام التي طرحت للبحث بين العلماء ، وعلق كثير منهم حكم الردة على مرتكبها هي مسائل تحكيم قوانين الكفر الوضعية ، وتعطيل أحكام الإسلام الشرعية ، وموالاة اليهود والنصارى والعلمانيين والملحدين في حربهم ضد الاسلام والمسلمين، إلى غير ذلك من نواقض الاسلام .
وادلة الكتاب والسنة وفتاوى علماء الأمة في الحكم على تلك الأعمال بأنها ردة مبسوطة في موضعها،وقد كان لعلماء الجزيرة العربية خصوصا اثر كبير في تجلية هذه الحقائق وتوضيحها ، من خلال فتاوى ومؤلفات عديدة موجودة ومنتشرة في أيدي الخاصة والعامة.
وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف يكون الحكم بما حكم به الكتاب والسنة وأفتى به علماء الامة قديما وحديثا تهمة يعتذر منها؟ .
إن المخالف في هذه القضية مطالب بمناقشة الأدلة والرد عليها ، بدلا من رمي القائل بها واتهامه بالنقائص والغلو والجهل ، فذلك هو مقتضى المنهج العلمي السليم.
وإن كان لابد من متهم في هذه القضية ، فالمتهم في الحقيقة هم كبارعلماء الأمة الذين أفتوا بذلك عبر تاريخ هذه الامة المبارك قبل غيرهم ، ونخص منهم علماء الدعوة النجدية والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله جميعاً !! .
لا شك انه يوجد بين المجاهدين – كما يوجد في غيرهم من شرائح الصحوة الإسلامية- بعض من عندهم غلو وإسراف في التكفير، وليس الشيخ أسامة من هؤلاء ، بل هو متهم من قبل بعض هؤلاء بالتساهل في هذا الباب.
نعم . الغلو خطير، والاسرف في التكفير خروج عقيدة أهل السنة والجماعة،ولكن هذا الانحراف الموجود عند البعض لا يعالج بانحراف آخر في الاتجاه المعاكس قد لايقل عنه خطورة ، فأهل السنة في هذا الباب وسط بين مذهب الخوارج الغلاة، والمرجئة الجفاة.
ومع ذلك ، ومع وضوح الادلة على كفر من حكم الشرع بكفرهم ، وصدور فتاوى من كبار علماء الامة بذلك، فلم يعرف عن الشيخ أسامة انه نال من أي شخص لأنه لم يكفر من أفتى العلماء بكفره ، فالمسألة في النهاية هي تنزيل حكم شرعي على واقعة معينة وتحقيق المناط في ذلك ، وهذا للرأي والاجتهاد فيه مجال، والخلاف فيه وارد، ناهيك عن ان بعض من لم يجاهر بتكفير هؤلاء يعتقده في نفسه ، ويسر به لمن يثق به ، وإن كان لا يجاهر به لمصلحة يراها في ذلك.
إنه قد يكون من المفهوم - في ظل ظروف معينة وإلى حين- عدم المجاهرة ببعض مفردات هذا الباب، ولكن المنكر هو أن يتحول هذا الإسرار والتورية إلى قناعات راسخة ، يحاكم إليها الآخرون ، فهذا خلل عظيم يجب تداركه.
أما تكفير العلماء ، فكل من له أدنى معرفة بالشيخ أسامة واطلاع على بياناته ، وخطبه ، فيعرف انه افتراء محض ، وانه من أشد المنكرين على من ينحو هذا النحو.
نعم ،أنكر الشيخ على بعض العلماء الرسميين فتاوى منكرة، كتلك التي شرَّعت لدخول القوات الصليبية للجزيرة العربية ، وتلك التي شرعت للتنازل عن القسم الأكبر من فلسطين ، واعتبرت السلطة العلمانية الفلسطينية شرعية وأوجبت على المجاهدين طاعتها ، وفتاوى أخرى صدرت لدعم انفصال الجنوب اليمني الشيوعي، وماهو من هذا القبيل، ولكن لم يكفر أصحا ب تلك الفتاوى التي أنكرها معه كثير من العلماء والدعاة داخل وخارج الجزيرة العربية ، وإن كانت بعض الجهات المعروفة قد نفخت في إنكار الشيخ على أولئك العلماء وفرعوا عليه إلزامات خطيرة يصورون من خلالها بأنه يكفرهم أو يستتيبهم في هذه الرسائل وهذا مما لا يخفى بطلانه حتى على الذين قالوا به وروجوا له.
المسألة الثانية: نقل المواجهة إلى البلاد الإسلامية:
لا شك ان الامة الاسلاميةعانت خلال تاريخها الغابر والحاضر من كثير من التجارب التغييرية الفاشلة التي لم يكن ينقص اهلها الصدق والإخلاص ، ولكن ربما كان ينقصهم التقدير الصحيح للقوى وموازينها في عالم الأسباب التي تعبدنا بالأخذبها.
وفي تاريخنا المعاصر تجارب مريرة كثيرة، خلفت وراءها فواتير ثقيلة، علمتنا أن نفكر مرارا قبل الاقدام على أي عمل من هذا القبيل، لكن هل يجوز ان يتحول الامرإلى( عقدة ) تجعلنا نمنع أي جهاد أوقتال داخل دار الإسلام خشية الفشل !!
لقد مر السلف رضي الله عنهم بتجارب كانت أكثر مرارة، مثل خروج الحسين رضي الله عنه وأصحابه على يزيد , وخروج القراء على الحجاج بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث، وانتهت كلها نهايات مأساوية فيما يرى الكثير من الناس، ولم يدفع ذلك أهل العلم إلى تحريم الجهاد أو القتال المشروع في دار الإسلام، بحجة أنه قد تترتب عليه بعض المفاسد، لأن هذا المنع سيؤدي إلى تعطيل انواع من الجهاد والقتال أمر الله سبحانه بها ، ولا يتصور قيام معظمها إلا في دار الإسلام، وقام بها الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم ، فقد قاتلوا اهل الردة في دار الاسلام ، وقاتلوا الخوارج في دار الاسلام ، وقاتلوا البغاة في دار الإسلام، وأجمعوا على وجوب الخروج على الحاكم إذا ارتد، ولا يكون ذلك إلا في دار الإسلام.
نعم. لا بد قبل الدخول في أي أمر من هذا القبيل إن تتوفر المقومات الشرعية والمادية التي يقدرها أهل الاختصاص والمعرفة ، وان يتخذ القرار في هذا الشأن من قيادات الأمة العاملة.
ومع ذلك فإن الموقف المعروف عن الشيخ أسامة في هذه القضية ،هو الدعوة لتركيز الجهود الاسلامية لقتال العدو الأشد خطرا والمجمع عليه وهو التحالف الصليبي الصهيوني بقيادة أمريكا وإسرائيل.
وقد نجح في سحب كثير من المجاهدين من ساحات قتال غير مجد ضد بعض الانظمة ، إلى الجهاد ضد امريكا وإسرائيل ، وبذل جهودا مضنية في إقناع الشباب- وخصوصا في الجزيرة العربية- بعدم القتال ضد الأنظمة في هذه المرحلة، وعاني من كثير ممن يرون وجوب البدء بقتال المرتد بحجة ان كفره أغلظ، دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى.
وكان لذلك أثره البالغ في توحيد الصفوف ، والنكاية في العدو، فلماذا لا تحسب له هذه الحسنة بدل اتهامه بضدها؟ .
المسألة الثالثة: قتل الأبرياء :
لا ينبغي أن نختلف في أن هنالك فئات من الكفار لا يجوز قتلهم، دون الخوض في الخلاف الفقهي المعروف في تحديدهم.
ولا ينبغي كذلك أن نختلف في أن من لا يجوز قتله من هؤلاء بل من المسلمين بالقصد ، قد يجوز- بل يجب- تعريضه للقتل تبعا إذا كان ذلك طريقا متعينا لدفع مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم ، كقتال العدو الصائل الذي لايمكن دفعه إلا بقتلهم.
ومسألة التبييت، والتترس المعروفة في فقه الجهاد هي من هذا القبيل، والكلام على ذلك مبسوط في محله.
ولكن عند التطبيق العملى لهذا القدر الذي ينبغي أن يكون محل اتفاق، سوف تنشأ -لا محالة- امور خلافية يصعب الحسم فيها ، وللرأي فيها مجال، وفيها خلاف قديم جديد، فلماذا نجعل من الأخذ برأي فقهي في قضية جزئية كهذه ، تهمة في حق بعضنا ؟ .
إن الدماء أمرها شديد ، ولكن لا يمكن أن نتصور جهادا دون أن يسقط فيه بعض الابرياء الذين لا خلاف في حرمة دمائهم ، بل ومن المسلمين الموحدين ، فضلا عن غيرهم من رعايا الكفار ممن هم محل خلا ف ، ولكن مصلحة الجهاد تربو على المفاسد التي لا تنفك عنه، ولم تنفك حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده .
لقد قتل خالد رضي الله عنه بني جذيمة بعد أن أسلموا وقالوا صبأنا، ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، ولما بلغ الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرأ من فعل خالد ودفع ديات القتلى- والقصة في صحيح البخاري- ولكنه لم يوقف الجهاد بحجة انه قد يكون ذريعة لقتل المسلمين الموحدين،فضلا عن رعايا الكفار المحاربين، ولم يعزل خالدا عن الإمارة في الجهاد ، بل ظل خالد سيف الله المسلول في حياته صلى الله عليه وسلم .
ولما تولى ابوبكر رضي الله عنه الخلافة بقي خالد اشهر قواده العسكريين ، مع انه كان في سيفه رهق معروف، ولما كُلم الصديق في عزله ، قال: خالد سيف مسلول من سيوف الله لست بالذي أشيمه (أغمده).
إن فقه الصديق هذا هو الذي ينقصنا اليوم ، مع ان الصديق رضي الله عنه ماكان ينقصه قادة عسكريون في حال عزله لخالد ، على عكس مانحن فيه من شح الحال وقلة الرجال الرجال، فهل نعرف للناس قدرهم ، وندرك حاجتنا لبعضنا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ أمتنا، ونتسلح بحسن الظن ووحدة الصف على أصول واحدة وهي لاتستلزم وحدة الرأي في كل جزئية بالضرورة ؟ .
التهم التي يتعرض لها العاملون للإسلام من إخوانهم كثيرة، واحيانا تكون مريرة ، والمآخذ التي تؤخذ عليهم متعددة ، وبعضها في محله- لا شك- فالعاملون للإسلام بشر ، وكل ابن آدم خطاء , وخير الخطائين التوابون، والدين النصيحة.
ولكن بعض هذه التهم ليس كذلك ، لا لأنه ليس صحيحا فقط ، بل لأنه لو صح لما كان (تهماً) يحتاج المتهم بها للتبرئ منها أوالا عتذار عنها.
إذا مناقبي اللاتي ادل بها كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر؟!
ومن هذا القبيل فيما نحسب، ما ذكره ويذكره بعض العاملين للإسلام في الجزيرة العربية وغيرها من " تهم " للشيخ أسامة بن لادن بأنه يكفر الحكومات ، ويشجع القتال داخل البلاد الإسلامية ، ويقتل الابرياء، كما ذكر ذلك بعض الإخوة الأفاضل في بعض الفضائيات العربية مؤخرا .
ومع أننا نشجع النقد البنا ء داخل الصف الإسلامي ، ونمقت ظاهرة تقديس القيادات والزعامات والجماعات، والانتصار الأعمى لها قبل معرفة ماهي عليه من الحق أو الباطل.
ومع أننا كذلك نكره ظاهرة الردود والردود المضادة في الجزئيات والتي تتحول أحيانا كثيرة إلى تراشق بالتهم بين العاملين للإسلام تضيع فيه الجهود والأوقات ، وتهدر الامكانات والطاقات.
مع كل ذلك ، فإننا رأينا من المهم بيان ما نعتقده صوابا في هذه ( التهم) كما يسميها أصحابها، ليس دفاعا عن الشيخ أسامة بن لادن – وإن كان الدفاع عنه مشروعا- ولكن لأن هذه ( التهم) تتعلق بمسائل تمس جوهر الصراع بين الاسلام والكفر ، والحق والباطل ، وهي امور تتجاوز الأشخاص والذوات والتنظيمات والجماعات، والبيان في مثل هذه الحالات مطلوب ، وهوليس مما سبقت الإشارة إليه في شيئ إن شاء الله .
ولا نريد في هذه الكلمة العابرة الاستقصاء والاستيعاب في هذه المسائل ، بل سنكتفي بالتنبيه بذكر رؤوس المسائل على ما وراءها مما يرجع إليه في محله من المراجع.
ولنأخذ هذه المسائل واحدة واحدة
المسألة الأولى : تكفير الحكومات:
إذاكان من المعروف من عقيدة أهل السنة والجماعة انه لايحكم بكفر من لم يقم الدليل القاطع على كفره،مع توفر الشروط وانتفاء الموانع ، فإن من المعروف كذلك من عقيدتهم أن من قام الدليل القاطع على كفره ، وتوفرت فيه الشروط المعتبرة وانتفت الموانع ، انه يحكم عليه بالكفر ، ويترتب على ذلك مايترتب عليه من أحكام مبسوطة في مباحث أبواب الردة من كتب الفقه والتفسير وشروح الحديث، ولا فرق هنا بين حاكم ومحكوم ، وشريف أو وضيع .
ولاشك أن من أكثر نواقض الإسلام التي طرحت للبحث بين العلماء ، وعلق كثير منهم حكم الردة على مرتكبها هي مسائل تحكيم قوانين الكفر الوضعية ، وتعطيل أحكام الإسلام الشرعية ، وموالاة اليهود والنصارى والعلمانيين والملحدين في حربهم ضد الاسلام والمسلمين، إلى غير ذلك من نواقض الاسلام .
وادلة الكتاب والسنة وفتاوى علماء الأمة في الحكم على تلك الأعمال بأنها ردة مبسوطة في موضعها،وقد كان لعلماء الجزيرة العربية خصوصا اثر كبير في تجلية هذه الحقائق وتوضيحها ، من خلال فتاوى ومؤلفات عديدة موجودة ومنتشرة في أيدي الخاصة والعامة.
وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف يكون الحكم بما حكم به الكتاب والسنة وأفتى به علماء الامة قديما وحديثا تهمة يعتذر منها؟ .
إن المخالف في هذه القضية مطالب بمناقشة الأدلة والرد عليها ، بدلا من رمي القائل بها واتهامه بالنقائص والغلو والجهل ، فذلك هو مقتضى المنهج العلمي السليم.
وإن كان لابد من متهم في هذه القضية ، فالمتهم في الحقيقة هم كبارعلماء الأمة الذين أفتوا بذلك عبر تاريخ هذه الامة المبارك قبل غيرهم ، ونخص منهم علماء الدعوة النجدية والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمهم الله جميعاً !! .
لا شك انه يوجد بين المجاهدين – كما يوجد في غيرهم من شرائح الصحوة الإسلامية- بعض من عندهم غلو وإسراف في التكفير، وليس الشيخ أسامة من هؤلاء ، بل هو متهم من قبل بعض هؤلاء بالتساهل في هذا الباب.
نعم . الغلو خطير، والاسرف في التكفير خروج عقيدة أهل السنة والجماعة،ولكن هذا الانحراف الموجود عند البعض لا يعالج بانحراف آخر في الاتجاه المعاكس قد لايقل عنه خطورة ، فأهل السنة في هذا الباب وسط بين مذهب الخوارج الغلاة، والمرجئة الجفاة.
ومع ذلك ، ومع وضوح الادلة على كفر من حكم الشرع بكفرهم ، وصدور فتاوى من كبار علماء الامة بذلك، فلم يعرف عن الشيخ أسامة انه نال من أي شخص لأنه لم يكفر من أفتى العلماء بكفره ، فالمسألة في النهاية هي تنزيل حكم شرعي على واقعة معينة وتحقيق المناط في ذلك ، وهذا للرأي والاجتهاد فيه مجال، والخلاف فيه وارد، ناهيك عن ان بعض من لم يجاهر بتكفير هؤلاء يعتقده في نفسه ، ويسر به لمن يثق به ، وإن كان لا يجاهر به لمصلحة يراها في ذلك.
إنه قد يكون من المفهوم - في ظل ظروف معينة وإلى حين- عدم المجاهرة ببعض مفردات هذا الباب، ولكن المنكر هو أن يتحول هذا الإسرار والتورية إلى قناعات راسخة ، يحاكم إليها الآخرون ، فهذا خلل عظيم يجب تداركه.
أما تكفير العلماء ، فكل من له أدنى معرفة بالشيخ أسامة واطلاع على بياناته ، وخطبه ، فيعرف انه افتراء محض ، وانه من أشد المنكرين على من ينحو هذا النحو.
نعم ،أنكر الشيخ على بعض العلماء الرسميين فتاوى منكرة، كتلك التي شرَّعت لدخول القوات الصليبية للجزيرة العربية ، وتلك التي شرعت للتنازل عن القسم الأكبر من فلسطين ، واعتبرت السلطة العلمانية الفلسطينية شرعية وأوجبت على المجاهدين طاعتها ، وفتاوى أخرى صدرت لدعم انفصال الجنوب اليمني الشيوعي، وماهو من هذا القبيل، ولكن لم يكفر أصحا ب تلك الفتاوى التي أنكرها معه كثير من العلماء والدعاة داخل وخارج الجزيرة العربية ، وإن كانت بعض الجهات المعروفة قد نفخت في إنكار الشيخ على أولئك العلماء وفرعوا عليه إلزامات خطيرة يصورون من خلالها بأنه يكفرهم أو يستتيبهم في هذه الرسائل وهذا مما لا يخفى بطلانه حتى على الذين قالوا به وروجوا له.
المسألة الثانية: نقل المواجهة إلى البلاد الإسلامية:
لا شك ان الامة الاسلاميةعانت خلال تاريخها الغابر والحاضر من كثير من التجارب التغييرية الفاشلة التي لم يكن ينقص اهلها الصدق والإخلاص ، ولكن ربما كان ينقصهم التقدير الصحيح للقوى وموازينها في عالم الأسباب التي تعبدنا بالأخذبها.
وفي تاريخنا المعاصر تجارب مريرة كثيرة، خلفت وراءها فواتير ثقيلة، علمتنا أن نفكر مرارا قبل الاقدام على أي عمل من هذا القبيل، لكن هل يجوز ان يتحول الامرإلى( عقدة ) تجعلنا نمنع أي جهاد أوقتال داخل دار الإسلام خشية الفشل !!
لقد مر السلف رضي الله عنهم بتجارب كانت أكثر مرارة، مثل خروج الحسين رضي الله عنه وأصحابه على يزيد , وخروج القراء على الحجاج بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث، وانتهت كلها نهايات مأساوية فيما يرى الكثير من الناس، ولم يدفع ذلك أهل العلم إلى تحريم الجهاد أو القتال المشروع في دار الإسلام، بحجة أنه قد تترتب عليه بعض المفاسد، لأن هذا المنع سيؤدي إلى تعطيل انواع من الجهاد والقتال أمر الله سبحانه بها ، ولا يتصور قيام معظمها إلا في دار الإسلام، وقام بها الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم ، فقد قاتلوا اهل الردة في دار الاسلام ، وقاتلوا الخوارج في دار الاسلام ، وقاتلوا البغاة في دار الإسلام، وأجمعوا على وجوب الخروج على الحاكم إذا ارتد، ولا يكون ذلك إلا في دار الإسلام.
نعم. لا بد قبل الدخول في أي أمر من هذا القبيل إن تتوفر المقومات الشرعية والمادية التي يقدرها أهل الاختصاص والمعرفة ، وان يتخذ القرار في هذا الشأن من قيادات الأمة العاملة.
ومع ذلك فإن الموقف المعروف عن الشيخ أسامة في هذه القضية ،هو الدعوة لتركيز الجهود الاسلامية لقتال العدو الأشد خطرا والمجمع عليه وهو التحالف الصليبي الصهيوني بقيادة أمريكا وإسرائيل.
وقد نجح في سحب كثير من المجاهدين من ساحات قتال غير مجد ضد بعض الانظمة ، إلى الجهاد ضد امريكا وإسرائيل ، وبذل جهودا مضنية في إقناع الشباب- وخصوصا في الجزيرة العربية- بعدم القتال ضد الأنظمة في هذه المرحلة، وعاني من كثير ممن يرون وجوب البدء بقتال المرتد بحجة ان كفره أغلظ، دون النظر إلى الاعتبارات الأخرى.
وكان لذلك أثره البالغ في توحيد الصفوف ، والنكاية في العدو، فلماذا لا تحسب له هذه الحسنة بدل اتهامه بضدها؟ .
المسألة الثالثة: قتل الأبرياء :
لا ينبغي أن نختلف في أن هنالك فئات من الكفار لا يجوز قتلهم، دون الخوض في الخلاف الفقهي المعروف في تحديدهم.
ولا ينبغي كذلك أن نختلف في أن من لا يجوز قتله من هؤلاء بل من المسلمين بالقصد ، قد يجوز- بل يجب- تعريضه للقتل تبعا إذا كان ذلك طريقا متعينا لدفع مفسدة أعظم من مفسدة قتلهم ، كقتال العدو الصائل الذي لايمكن دفعه إلا بقتلهم.
ومسألة التبييت، والتترس المعروفة في فقه الجهاد هي من هذا القبيل، والكلام على ذلك مبسوط في محله.
ولكن عند التطبيق العملى لهذا القدر الذي ينبغي أن يكون محل اتفاق، سوف تنشأ -لا محالة- امور خلافية يصعب الحسم فيها ، وللرأي فيها مجال، وفيها خلاف قديم جديد، فلماذا نجعل من الأخذ برأي فقهي في قضية جزئية كهذه ، تهمة في حق بعضنا ؟ .
إن الدماء أمرها شديد ، ولكن لا يمكن أن نتصور جهادا دون أن يسقط فيه بعض الابرياء الذين لا خلاف في حرمة دمائهم ، بل ومن المسلمين الموحدين ، فضلا عن غيرهم من رعايا الكفار ممن هم محل خلا ف ، ولكن مصلحة الجهاد تربو على المفاسد التي لا تنفك عنه، ولم تنفك حتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده .
لقد قتل خالد رضي الله عنه بني جذيمة بعد أن أسلموا وقالوا صبأنا، ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، ولما بلغ الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرأ من فعل خالد ودفع ديات القتلى- والقصة في صحيح البخاري- ولكنه لم يوقف الجهاد بحجة انه قد يكون ذريعة لقتل المسلمين الموحدين،فضلا عن رعايا الكفار المحاربين، ولم يعزل خالدا عن الإمارة في الجهاد ، بل ظل خالد سيف الله المسلول في حياته صلى الله عليه وسلم .
ولما تولى ابوبكر رضي الله عنه الخلافة بقي خالد اشهر قواده العسكريين ، مع انه كان في سيفه رهق معروف، ولما كُلم الصديق في عزله ، قال: خالد سيف مسلول من سيوف الله لست بالذي أشيمه (أغمده).
إن فقه الصديق هذا هو الذي ينقصنا اليوم ، مع ان الصديق رضي الله عنه ماكان ينقصه قادة عسكريون في حال عزله لخالد ، على عكس مانحن فيه من شح الحال وقلة الرجال الرجال، فهل نعرف للناس قدرهم ، وندرك حاجتنا لبعضنا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ أمتنا، ونتسلح بحسن الظن ووحدة الصف على أصول واحدة وهي لاتستلزم وحدة الرأي في كل جزئية بالضرورة ؟ .