النصر قادم
10-24-2008, 04:05 AM
http://www.islamonline.net/servlet/Satelli...awa%2FDWALayout (http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1216208178503&pagename=Zone-Arabic-Daawa%2FDWALayout)
حوار مع حسن الحسن.. نائب ممثل الحزب في بريطانيا
على عبدالعال
حسن الحسن
يمثل حزب "التحرير" الإسلامي -الذي يحيي أعضاؤه هذه الأيام ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية في رجب لعام 1342هـ - نموذجا فريدا في عالم الحركات الإسلامية، فهو -من جهة- حركة إسلامية وتنظيم مكتمل العناصر؛ إلا أن عناصره والمنتمين إليه لا يقبلون إلا أن يطلقوا عليه مسمى "حزب"، وإن كانت لا تشمله أحد أهم شروط الأحزاب السياسية المتعارف عليها في عالم اليوم. إذ أنه حزب متعدد الجنسيات، ومتجاوز للحدود، وغير مرتبط بقوانين دولة ما، كما أن أعضاءه من جنسيات شتى (عربية وأجنبية) تجمعهم وحدة الأمة والعمل من أجل عودة دولة الخلافة الإسلامية.
يُقسم الحزب الدول التي له وجود فيها إلى "ولايات"، ولكل ولاية منها "معتمد" يرأس الحزب فيها، ويرتبط الجميع بقيادة موحدة تتمثل بأمير الحزب (حاليا الشيخ عطا أبو الرشتة)، تلك بحق إشكالية حركية وسياسية فريدة في عالم العمل الإسلامي، ولحلحلة تعقيدات هذا الغموض النادر في عالم الجماعات الإسلامية.
التقينا المهندس حسن الحسن، نائب ممثل حزب التحرير في بريطانيا وأحد أهم الوجوه الإعلامية فيه، وهو من أصل فلسطيني، ويعمل باحثا في جامعة لندن.
* مهندس حسن الحسن.. "حزب التحرير" حزب إسلامي موجود في أنحاء عديدة من العالم، هل تعطينا فكرة مبسطة عن بداياته ونشأته، والفكرة التي قام من أجلها؟
- تشكلت الخلايا الأولى لحزب التحرير في بداية الخمسينيات من القرن العشرين على يد الشيخ القاضي تقي الدين النبهاني (1914م-1977م)، ومن ثم فقد تم الإعلان عن تأسيس الحزب رسميا في القدس عام 1953م عقب سنوات قليلة من نكبة فلسطين (1948)، تلك التي حفزت الشيخ النبهاني على إعادة النظر في كل ما هو قائم من أفكار وأوضاع، فأخذ يبحث في أسباب ضياع فلسطين، كما أخذ يبحث في أسباب تشرذم الأمة، وفي الانحطاط الذي تعاني منه على كل صعيد، وفي عوامل النهضة، وفي مفهوم بناء الأمة وبلورة هويتها، وفي تحديد مدى ترابط تلك الأمور مع بعضها.
وقد خلص إلى نتيجة مفادها ضرورة إعادة صياغة الفكر الإسلامي بما يضمن نقاءه وإزالة كل ما غشيه من ثقافات الأمم الأخرى، سواء ما تسرب إليه من فلسفات الهند واليونان والفرس سابقا، أو ما علق به من مفاهيم اشتراكية ورأسمالية لاحقا.
كما وجد أن الطريقة الوحيدة لضمان تطبيق الرؤية الإسلامية التي خلص إليها تكمن حصريا في إيجاد دولة الخلافة الإسلامية، معتبرا إياها "تاج الفروض"، وأنها وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة وتحرير فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وأنها السبيل العملي لتحقيق النهضة المادية والحضارية للأمة الإسلامية.
* لاحظنا وجودا ضعيفا لكم في عدد من كبرى دول العالم الإسلامي، في حين نجد حضورا قويا في دول أخرى أجنبية، كيف تتوزع خارطة وجودكم حول العالم؟
انطلق حزب التحرير في بداياته من القدس، ومن ثم سرعان ما قام شبابه بحمل الدعوة في الدول المحيطة بفلسطين كالأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر وتركيا، ومن ثم بدأت دائرة عمل الحزب تتسع لتصل خلال السنوات الخمس والخمسين المنصرمة إلى غالبية بلاد المسلمين، بدءا من المغرب العربي ووصولا إلى جمهوريات آسيا الوسطى وإندونيسيا وبنجلاديش وباكستان، إضافة إلى انتشار ملحوظ له في الغرب جاء بشكل تلقائي نتيجة تواجد بعض أفراده هناك، لا لأنه يستهدف إقامة الخلافة فيها.
وقد تمكن الحزب من الانتشار في العديد من الدول الغربية بشكل ملحوظ لاسيما في بريطانيا والدانمرك وأستراليا، إلا أن الحزب لا يتصور أن إقامة دولة الخلافة خارج العالم الإسلامي ممكنة من ناحية عملية، رغم إيمانه المطلق بأن تطبيق الإسلام يصلح في كل زمان ومكان حتما، بل إن الحزب ارتأى أن بعض بلاد المسلمين هي أكثر مناسبة لذلك من بعضها الآخر؛ ولذلك عمل بشكل مركز لأخذ السلطة في دول اعتبرها المجال الطبيعي لتكون نقطة الارتكاز الأولى لدولة الخلافة التي تستهدف جمع بلاد المسلمين تحت مظلة واحدة.
* مسيرة طويلة منذ نشأة الحزب عام 1953، فما الذي حققتموه من نتائج طيلة أكثر من نصف قرن؟
- اعتبر الحزب أن إقامة الخلافة هي القضية المصيرية التي ينبغي الاشتغال بها؛ ولذلك فقد وقف نفسه لإقامتها، وفي هذا السياق، عمل على ثلاثة أصعدة:
الصعيد الأول: هو الصعيد الفكري، والذي بذل الحزب فيه جهدا ملحوظا، سواء فيما يتعلق ببلورة الفكر الإسلامي بشكل عام، أو فيما يتعلق بنظام الحكم في الإسلام والبدائل التي يقدمها للنماذج الوضعية القائمة في العالم.
الصعيد الثاني: هو العناية بالحزب وتنميته، ونلحظ في هذا الصعيد انتشارا لافتا للنظر لشباب الحزب في أنحاء العالم، إضافة لتزايد مناصريه وأعضائه بشكل كبير، لاسيما في السنوات العشر الأخيرة، حتى بات هذا الأمر يشكل هاجسا لدى أنظمة سياسية عديدة، فحظرته بعضها، كما هو الحال في أغلب الدول العربية، ولحقت بذلك بعض الدول الأوروبية كألمانيا وروسيا مثلا، بينما أعلنت بريطانيا -على لسان توني بلير رئيس الوزراء السابق- عزمها على القيام بذلك.
وأما في آسيا الوسطى فقد تعرض شباب الحزب إلى ملحمة حقيقية أشبه ما تكون بقصة أصحاب الأخدود، وتحديدا في أوزبكستان، حيث قضى المئات من شباب حزب التحرير نحبهم تحت مقصلة الجلاد كاريموف، كما تجاوز عدد السجناء منه الثمانية آلاف، وهو ما أكدته وثائق منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المصادر المطلعة على أوضاع تلك البلدان.
أما الصعيد الثالث: فهو استعادة سلطان الأمة المغتصب من قبل حكام الجور لإعلان دولة الخلافة؛ بغية تطبيق الإسلام وتوحيد الأمة، واستعمال طاقاتها فيما يحقق مصالحها، فقد قام الحزب في عدة أقطار إسلامية بعدد من المحاولات الجادة؛ لاستقطاب أهل القوة في المجتمع والدولة، لاسيما في الأردن وسوريا والعراق، اقترب من خلالها كثيرا من هدفه، إلا أنه لم يوفق في ذلك تماما حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلا أن الحزب يستشعر أن سير الأمور بهذا الصدد وغيره تجري بما يخدم أهدافه ورؤيته، وهو مستمر في طلب النصرة من القادرين على منحها للدعوة؛ لاعتباره إياها حكما شرعيا ملزما، متأسيا بذلك بما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء سيره لإقامة دولة الإسلام الأولى.
* إن كان ثمة عوائق ترونها وتحديات أمام مسيرة الحزب، فما هي أبرزها من وجهة نظركم؟
- ثمة عوامل عامة تشكل عائقا أمام أي عمل حزبي يهدف إلى تغيير نهج الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي، وأبرز تلك العوامل حظر أي نشاط بهذا الصدد، إلا أن حزب التحرير كان صاحب النصيب الأكبر من ذلك الحظر على امتداد العالم الإسلامي، وعلى تعاقب مختلف الحكام فيه منذ نشأته، كما يعتبر التعتيم الإعلامي الممارس على الحزب حائلا بين معرفة الناس به وبأنشطته، وعائقا يمنع التواصل الفعال مع الجماهير.
ومن هذا التعتيم مثلا، فإننا نجد عندما تقوم بعض المنظمات بأنشطة جماهيرية كاعتصام أو تظاهرة، أو في حال اعتقال أجهزة المخابرات مجموعة تابعة لمنظمة ما، فإنها تذكر بأسمائها ويجري الاتصال بممثليها للاستعلام منهم عن الاعتقال أو النشاط، أما إذا تعلق الأمر بالحزب، فباستثناء حالات نادرة، فإن عادة وسائل الإعلام إهماله، وإذا ذكرته فإنها تقوم بذلك تحت إطار مجمل وغامض؛ كأن يقال تظاهر أو اعتقل إسلاميون في بلد كذا من غير تسميته صراحة، مع أن الحزب معلوم الهوية، ويمكن التواصل مع ممثليه في أماكن الحدث أو في خارجها، لاسيما مع بروز الثورة الإعلامية التي ربطت العالم ببعضه بشكل وثيق.
ولم يقف التعتيم الإعلامي على الحزب عند هذا الحد، بل تجاوزه ليصل إلى تجاهل مطبق لأطروحاته، سواء فيما يتعلق بالخلافة الإسلامية، أو عن وجهة نظره في القضايا والأحداث الدائرة دوليا وإقليميا، كما هو الحال بشأن القضايا الساخنة في فلسطين ولبنان والعراق والسودان وغيرها من قضايا، كأزمة الغذاء العالمية، والنفط، وملف إيران النووي وما شابه ذلك.
يحصل هذا رغم أن لديه آراء متميزة، ومختلفة عما هو رائج في هذا المجال، تلك الآراء التي يحرص الحزب عند إصداره لها على إيصالها للسياسيين ولوسائل الإعلام، فضلا عن عامة الناس، وبشكل مستمر.
أضف إلى ما سبق من عوائق محدودية مصادر تمويل الحزب، ذلك أنه يرفض الارتباط بأي من الأنظمة السياسية القائمة، ويقتصر في عملية تمويله على أعضائه ومناصريه، ما يحد من قدرة الحزب على اعتماد كثير من الأنشطة الممكنة، كإصدار جريدة يومية، فضلا عن افتتاح إذاعات وفضائيات وما إلى ذلك.
* ماذا عن البنية التنظيمية لحزب التحرير في ظل وجود عناصره بعدد من الدول، وكيف تديرون هذا الطيف الواسع حول العالم؟
- من الجدير ملاحظته في عمل الحزب إداريا، أنه يعمل في جميع أرجاء الدنيا، وكأنه يعمل في بلد واحد، فالحزب له قيادة واحدة تتمثل بأميره (الشيخ عطا أبو الرشتة حاليا)، وتشمل صلاحيات الأمير جميع الأجهزة والأعمال الحزبية دون استثناء وفي كل الأقطار.
وقد نظم الحزب تشكيلاته الإدارية في كل بلد من خلال جهاز تقوده لجنة الولاية ويرأسها المعتمد، وفي كل مدينة محلية أو أكثر ويرأسها نقيب.
وتعتبر الحلقة أصغر تشكيلات الحزب؛ حيث ينتظم فيها عادة خمسة أشخاص يتولاها مشرف حلقة، يلتقي بهم بشكل منتظم مرة على الأقل كل أسبوع؛ لتلقي ومناقشة الثقافة الإسلامية المتبناة.
ويعتبر الحزب أن عمله يجب أن يكون علنيا، فهو يعمل بين الأمة ومعها، وما السرية التي ينعت الحزب بها سوى حالة استثنائية اضطر إليها في بعض الأماكن؛ جراء حملات بطش الحكام بأعضائه وأنصاره بلا هوادة.
كما يوجد في الحزب عدد من المكاتب المرتبطة مباشرة بالأمير لتنظيم أعمال الحزب: كالمكتب الإعلامي، والمكتب السياسي، والمكتب الفكري، فضلا عن مكتب الأمير الذي يشتمل على معاونيه المباشرين.
وتجرى في الحزب انتخابات دورية للجنة الولايات مرة كل سنتين؛ لتمثيل الحزب في كل قطر وقيادته في أعمال الدعوة في ذلك البلد.
يتبع الجزء الثاني والأخير بإذنه تعالى
حوار مع حسن الحسن.. نائب ممثل الحزب في بريطانيا
على عبدالعال
حسن الحسن
يمثل حزب "التحرير" الإسلامي -الذي يحيي أعضاؤه هذه الأيام ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية في رجب لعام 1342هـ - نموذجا فريدا في عالم الحركات الإسلامية، فهو -من جهة- حركة إسلامية وتنظيم مكتمل العناصر؛ إلا أن عناصره والمنتمين إليه لا يقبلون إلا أن يطلقوا عليه مسمى "حزب"، وإن كانت لا تشمله أحد أهم شروط الأحزاب السياسية المتعارف عليها في عالم اليوم. إذ أنه حزب متعدد الجنسيات، ومتجاوز للحدود، وغير مرتبط بقوانين دولة ما، كما أن أعضاءه من جنسيات شتى (عربية وأجنبية) تجمعهم وحدة الأمة والعمل من أجل عودة دولة الخلافة الإسلامية.
يُقسم الحزب الدول التي له وجود فيها إلى "ولايات"، ولكل ولاية منها "معتمد" يرأس الحزب فيها، ويرتبط الجميع بقيادة موحدة تتمثل بأمير الحزب (حاليا الشيخ عطا أبو الرشتة)، تلك بحق إشكالية حركية وسياسية فريدة في عالم العمل الإسلامي، ولحلحلة تعقيدات هذا الغموض النادر في عالم الجماعات الإسلامية.
التقينا المهندس حسن الحسن، نائب ممثل حزب التحرير في بريطانيا وأحد أهم الوجوه الإعلامية فيه، وهو من أصل فلسطيني، ويعمل باحثا في جامعة لندن.
* مهندس حسن الحسن.. "حزب التحرير" حزب إسلامي موجود في أنحاء عديدة من العالم، هل تعطينا فكرة مبسطة عن بداياته ونشأته، والفكرة التي قام من أجلها؟
- تشكلت الخلايا الأولى لحزب التحرير في بداية الخمسينيات من القرن العشرين على يد الشيخ القاضي تقي الدين النبهاني (1914م-1977م)، ومن ثم فقد تم الإعلان عن تأسيس الحزب رسميا في القدس عام 1953م عقب سنوات قليلة من نكبة فلسطين (1948)، تلك التي حفزت الشيخ النبهاني على إعادة النظر في كل ما هو قائم من أفكار وأوضاع، فأخذ يبحث في أسباب ضياع فلسطين، كما أخذ يبحث في أسباب تشرذم الأمة، وفي الانحطاط الذي تعاني منه على كل صعيد، وفي عوامل النهضة، وفي مفهوم بناء الأمة وبلورة هويتها، وفي تحديد مدى ترابط تلك الأمور مع بعضها.
وقد خلص إلى نتيجة مفادها ضرورة إعادة صياغة الفكر الإسلامي بما يضمن نقاءه وإزالة كل ما غشيه من ثقافات الأمم الأخرى، سواء ما تسرب إليه من فلسفات الهند واليونان والفرس سابقا، أو ما علق به من مفاهيم اشتراكية ورأسمالية لاحقا.
كما وجد أن الطريقة الوحيدة لضمان تطبيق الرؤية الإسلامية التي خلص إليها تكمن حصريا في إيجاد دولة الخلافة الإسلامية، معتبرا إياها "تاج الفروض"، وأنها وحدها الكفيلة بتوحيد الأمة وتحرير فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وأنها السبيل العملي لتحقيق النهضة المادية والحضارية للأمة الإسلامية.
* لاحظنا وجودا ضعيفا لكم في عدد من كبرى دول العالم الإسلامي، في حين نجد حضورا قويا في دول أخرى أجنبية، كيف تتوزع خارطة وجودكم حول العالم؟
انطلق حزب التحرير في بداياته من القدس، ومن ثم سرعان ما قام شبابه بحمل الدعوة في الدول المحيطة بفلسطين كالأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر وتركيا، ومن ثم بدأت دائرة عمل الحزب تتسع لتصل خلال السنوات الخمس والخمسين المنصرمة إلى غالبية بلاد المسلمين، بدءا من المغرب العربي ووصولا إلى جمهوريات آسيا الوسطى وإندونيسيا وبنجلاديش وباكستان، إضافة إلى انتشار ملحوظ له في الغرب جاء بشكل تلقائي نتيجة تواجد بعض أفراده هناك، لا لأنه يستهدف إقامة الخلافة فيها.
وقد تمكن الحزب من الانتشار في العديد من الدول الغربية بشكل ملحوظ لاسيما في بريطانيا والدانمرك وأستراليا، إلا أن الحزب لا يتصور أن إقامة دولة الخلافة خارج العالم الإسلامي ممكنة من ناحية عملية، رغم إيمانه المطلق بأن تطبيق الإسلام يصلح في كل زمان ومكان حتما، بل إن الحزب ارتأى أن بعض بلاد المسلمين هي أكثر مناسبة لذلك من بعضها الآخر؛ ولذلك عمل بشكل مركز لأخذ السلطة في دول اعتبرها المجال الطبيعي لتكون نقطة الارتكاز الأولى لدولة الخلافة التي تستهدف جمع بلاد المسلمين تحت مظلة واحدة.
* مسيرة طويلة منذ نشأة الحزب عام 1953، فما الذي حققتموه من نتائج طيلة أكثر من نصف قرن؟
- اعتبر الحزب أن إقامة الخلافة هي القضية المصيرية التي ينبغي الاشتغال بها؛ ولذلك فقد وقف نفسه لإقامتها، وفي هذا السياق، عمل على ثلاثة أصعدة:
الصعيد الأول: هو الصعيد الفكري، والذي بذل الحزب فيه جهدا ملحوظا، سواء فيما يتعلق ببلورة الفكر الإسلامي بشكل عام، أو فيما يتعلق بنظام الحكم في الإسلام والبدائل التي يقدمها للنماذج الوضعية القائمة في العالم.
الصعيد الثاني: هو العناية بالحزب وتنميته، ونلحظ في هذا الصعيد انتشارا لافتا للنظر لشباب الحزب في أنحاء العالم، إضافة لتزايد مناصريه وأعضائه بشكل كبير، لاسيما في السنوات العشر الأخيرة، حتى بات هذا الأمر يشكل هاجسا لدى أنظمة سياسية عديدة، فحظرته بعضها، كما هو الحال في أغلب الدول العربية، ولحقت بذلك بعض الدول الأوروبية كألمانيا وروسيا مثلا، بينما أعلنت بريطانيا -على لسان توني بلير رئيس الوزراء السابق- عزمها على القيام بذلك.
وأما في آسيا الوسطى فقد تعرض شباب الحزب إلى ملحمة حقيقية أشبه ما تكون بقصة أصحاب الأخدود، وتحديدا في أوزبكستان، حيث قضى المئات من شباب حزب التحرير نحبهم تحت مقصلة الجلاد كاريموف، كما تجاوز عدد السجناء منه الثمانية آلاف، وهو ما أكدته وثائق منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المصادر المطلعة على أوضاع تلك البلدان.
أما الصعيد الثالث: فهو استعادة سلطان الأمة المغتصب من قبل حكام الجور لإعلان دولة الخلافة؛ بغية تطبيق الإسلام وتوحيد الأمة، واستعمال طاقاتها فيما يحقق مصالحها، فقد قام الحزب في عدة أقطار إسلامية بعدد من المحاولات الجادة؛ لاستقطاب أهل القوة في المجتمع والدولة، لاسيما في الأردن وسوريا والعراق، اقترب من خلالها كثيرا من هدفه، إلا أنه لم يوفق في ذلك تماما حتى لحظة كتابة هذه السطور، إلا أن الحزب يستشعر أن سير الأمور بهذا الصدد وغيره تجري بما يخدم أهدافه ورؤيته، وهو مستمر في طلب النصرة من القادرين على منحها للدعوة؛ لاعتباره إياها حكما شرعيا ملزما، متأسيا بذلك بما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء سيره لإقامة دولة الإسلام الأولى.
* إن كان ثمة عوائق ترونها وتحديات أمام مسيرة الحزب، فما هي أبرزها من وجهة نظركم؟
- ثمة عوامل عامة تشكل عائقا أمام أي عمل حزبي يهدف إلى تغيير نهج الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي، وأبرز تلك العوامل حظر أي نشاط بهذا الصدد، إلا أن حزب التحرير كان صاحب النصيب الأكبر من ذلك الحظر على امتداد العالم الإسلامي، وعلى تعاقب مختلف الحكام فيه منذ نشأته، كما يعتبر التعتيم الإعلامي الممارس على الحزب حائلا بين معرفة الناس به وبأنشطته، وعائقا يمنع التواصل الفعال مع الجماهير.
ومن هذا التعتيم مثلا، فإننا نجد عندما تقوم بعض المنظمات بأنشطة جماهيرية كاعتصام أو تظاهرة، أو في حال اعتقال أجهزة المخابرات مجموعة تابعة لمنظمة ما، فإنها تذكر بأسمائها ويجري الاتصال بممثليها للاستعلام منهم عن الاعتقال أو النشاط، أما إذا تعلق الأمر بالحزب، فباستثناء حالات نادرة، فإن عادة وسائل الإعلام إهماله، وإذا ذكرته فإنها تقوم بذلك تحت إطار مجمل وغامض؛ كأن يقال تظاهر أو اعتقل إسلاميون في بلد كذا من غير تسميته صراحة، مع أن الحزب معلوم الهوية، ويمكن التواصل مع ممثليه في أماكن الحدث أو في خارجها، لاسيما مع بروز الثورة الإعلامية التي ربطت العالم ببعضه بشكل وثيق.
ولم يقف التعتيم الإعلامي على الحزب عند هذا الحد، بل تجاوزه ليصل إلى تجاهل مطبق لأطروحاته، سواء فيما يتعلق بالخلافة الإسلامية، أو عن وجهة نظره في القضايا والأحداث الدائرة دوليا وإقليميا، كما هو الحال بشأن القضايا الساخنة في فلسطين ولبنان والعراق والسودان وغيرها من قضايا، كأزمة الغذاء العالمية، والنفط، وملف إيران النووي وما شابه ذلك.
يحصل هذا رغم أن لديه آراء متميزة، ومختلفة عما هو رائج في هذا المجال، تلك الآراء التي يحرص الحزب عند إصداره لها على إيصالها للسياسيين ولوسائل الإعلام، فضلا عن عامة الناس، وبشكل مستمر.
أضف إلى ما سبق من عوائق محدودية مصادر تمويل الحزب، ذلك أنه يرفض الارتباط بأي من الأنظمة السياسية القائمة، ويقتصر في عملية تمويله على أعضائه ومناصريه، ما يحد من قدرة الحزب على اعتماد كثير من الأنشطة الممكنة، كإصدار جريدة يومية، فضلا عن افتتاح إذاعات وفضائيات وما إلى ذلك.
* ماذا عن البنية التنظيمية لحزب التحرير في ظل وجود عناصره بعدد من الدول، وكيف تديرون هذا الطيف الواسع حول العالم؟
- من الجدير ملاحظته في عمل الحزب إداريا، أنه يعمل في جميع أرجاء الدنيا، وكأنه يعمل في بلد واحد، فالحزب له قيادة واحدة تتمثل بأميره (الشيخ عطا أبو الرشتة حاليا)، وتشمل صلاحيات الأمير جميع الأجهزة والأعمال الحزبية دون استثناء وفي كل الأقطار.
وقد نظم الحزب تشكيلاته الإدارية في كل بلد من خلال جهاز تقوده لجنة الولاية ويرأسها المعتمد، وفي كل مدينة محلية أو أكثر ويرأسها نقيب.
وتعتبر الحلقة أصغر تشكيلات الحزب؛ حيث ينتظم فيها عادة خمسة أشخاص يتولاها مشرف حلقة، يلتقي بهم بشكل منتظم مرة على الأقل كل أسبوع؛ لتلقي ومناقشة الثقافة الإسلامية المتبناة.
ويعتبر الحزب أن عمله يجب أن يكون علنيا، فهو يعمل بين الأمة ومعها، وما السرية التي ينعت الحزب بها سوى حالة استثنائية اضطر إليها في بعض الأماكن؛ جراء حملات بطش الحكام بأعضائه وأنصاره بلا هوادة.
كما يوجد في الحزب عدد من المكاتب المرتبطة مباشرة بالأمير لتنظيم أعمال الحزب: كالمكتب الإعلامي، والمكتب السياسي، والمكتب الفكري، فضلا عن مكتب الأمير الذي يشتمل على معاونيه المباشرين.
وتجرى في الحزب انتخابات دورية للجنة الولايات مرة كل سنتين؛ لتمثيل الحزب في كل قطر وقيادته في أعمال الدعوة في ذلك البلد.
يتبع الجزء الثاني والأخير بإذنه تعالى