أبو يونس العباسي
10-16-2008, 02:07 PM
الحوار الوطني في الميزان الرباني
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين وبعد .....
بينما أنا راجع من عملي , وكنت تحديدا على طريق صلاح الدين , وإذا بشرطي يأمر سائق السيارة التي كنت أستقلها أن يوقف السيارة بعد أن يصفها على يمين الطريق دون أن يبدي السبب الذي دفعه إلى فعل ذلك , وبعد دقائق معدودات مرت سيارات فارهات صاخبات , فقلت ما هذا ؟!!! فقال لي أحد الركاب : إنه وفد حماس في طريقه إلى القاهرة لحضور مجريات الحوار الوطني الذي ترعاه مصر بين الفرقاء المتخاصمين , وعندها لاح في خاطري أشياء كثيرة حول هذا الحوار وما فيه من دلالات فكان هذا المقال والذي عنونته ب " الحوار الوطني في الميزان الرباني "
عندما يكون الوطن إلها يعبد
أيها الإخوة : إننا في زمان كثيرة طواغيته كثيرة آلهته , ومن ضمن هذه الآلهة : الوطن الذي يوالى فيه ويعادى فيه ويحب الناس بعضهم بعضا فيه ويكرهون بعضهم فيه , ويجمعهم الحوار من أجله , وكان الأصل عند المسلم الحقيقي أن يجعل ذلك كله في الله ومن أجل الله , ولكن الأمر كما قال يوسف عليه السلام :" أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " (يوسف :39) ومما يزيدك عجبا أن يصدر مثل هذه الأمور من حركة تدعي الإسلام , وأنها جزء من الصحوة الإسلامية العالمية , ألا فكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
الثمرة التي يريدونها من الحوار
أيها الأحبة : إن الثمرة التي يريدها الموحدون من الحوار ويريدها غيرهم هي الوحدة , ولكن شتان بين وحدتنا ووحدتهم , وبين أسس حوارنا وأسس حوارهم , فحوارنا يقوم على الدعوة إلي توحيد الله في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته كما قال الله تعالى :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (آل عمران:64) وحوارهم قائم على غير هذا المقصد العظيم , شتان بين وحدتنا ووحدتهم , فوحدتنا قائمة على حبل الله المتين ودينه القويم كما قال الله تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (آل عمران :103) ووحدتهم قائمة على الوطن سواء أكان أهله مسلمين أم كافرين , والله تعالى يقول :"أفنجعل المسلمين كالمجرمين "
مرجعيتنا ومرجعيتهم في الحوار
أيها الأحبة : عندما يحاور الموحدون غيرهم فإن المرجعية في ذلك كتاب الله وسنة رسوله قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " (النساء :59) ومرجعية أهل الحوار في القاهرة ما تمليه أمريكا على طاغوت مصر وعلى عامله المخلص عمروا سليمان - هداه الله - , فهل يستوي من كانت مرجعيته ربانية مع من كانت مرجعيته أمريكية شيطانية عبرية , قال الله تعالى :" أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"(النساء :50) وقال :" وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ "(الأنعام 121)
وأقسم بالله يا هؤلاء أن من تحاورون ومن يتوسط بينكم في الحوار هو أشد كفرا من اليهود والنصارى , فكفر الردة أغلظ بإجماع علماء الأمة من الكفر الأصلي .
الحوار قبل الدم والحوار بعد الدم
أيها الأحبة : منذ نجحت حماس في الانتخابات وهي تدعوا إلى حوار وإلى وحدة وطنية , ولما حسمت الأمر مع العلمانية المرتدة , دعت وبسرعة إلى حوار من أجل رأب الصدع , والسؤال الذي يطرح نفسه : ما الذي تغير الآن عما كان عليه الأمر قبل الحسم ؟!!! ما هو الفرق بين الحوار قبل الحسم والحوار بعد الحسم ؟!!! إنه لا بد أن نعلم أن المشكلة ليست في فتح أصالة , بل هي مع الآلهة التي يعبدها قادة فتح وكثير من أتباعها , المشكلة مع أمريكا ومن يشابهها في الكفر والإلحاد , والتي ترفض الإسلام وبالمطلق , إلا إذا عبدها الإسلاميون كما يفعل العلمانيون من بني جلدتنا من طواغيت العرب وأذنابهم , فهل عند حماس الاستعداد لعبادة أمريكا ؟ إن عبدت حماس أمريكا سينجح الحوار مؤقتا , وإلا فما لم ينجح قبل الدم لن ينجح بعد الدم , فالكفر ملة واحدة والله تعالى يقول :" وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير" (البقرة 120) والله أعلى واعلم .
نعم لهذا التوحد ولا لهذا !!! ما لكم كيف تحكمون ؟!!!
أيها الأحبة : كلنا يرى حماس كيف تلهث للتوحد مع العلمانيين من أبناء فتح , وتكرر ذلك مرارا وتكرارا , بالإضافة إلى توددها منقطع النظير مع النصارى من أبناء غزة , في الوقت ذاته الذي لا نجدها مصرة على التوحد مع الإسلاميين ممن يخالفونها الرأي , بل نراها تشن الهجمات المتلاحقة تلو الهجمات ضدهم وعلى كافة الأصعدة , فبأي مقياس تقاس مثل هذه الأفعال , سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم , قال الله تعالى :" أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار"(ص :28) وقال الرب العلي :"ِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ"(الممتحنة :1) يا هؤلاء راجعوا ولاءكم وبراءكم واعرضوه على كتاب ربكم وسنة نبيكم قبل أن لا ينفع الندم , قال الله تعالى :" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *** أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *** أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *** بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ"(الزمر 59,58,57,56)
الحوار والدماء التي أريقت
أيها الأحبة : لم يمض كثير وقت لننسى ماذا فعل العلمانيون الذين نريد أن نحاورهم الآن , أليس هؤلاء من قتل العلماء ؟!!! أليس هؤلاء من قتلوا المسلمين في المساجد وانتهكوا حرماتها ؟!!! أليس هؤلاء من قتل المجاهدين وأصحاب اللحى في الشوارع ؟!!! أليس هؤلاء من قتل أئمة المساجد ؟!!! أليس هؤلاء من فعلوا وفعلوا وفعلوا ...........؟!!! أليس هؤلاء من كانوا بالأمس كفارا ؟ فهل أسلموا ؟ !!! وكانت المعركة معهم معركة حق وباطل وإسلام وردة ؟!!! وكانت الفتوى تنص على أن قتل ضباطهم من أجل القربات إلى الله ؟!!! فما الذي غير المعايير أم إن معاييرنا هي التي تغيرت ؟!!! هل نسينا دماء كل هؤلاء ؟ نسينا دماء من سقطوا وهم يطهرون غزة ؟!!! فلماذا تريدون تنجيسها مجددا؟!!! ولماذا تريدون أن تضيعوا جهود المجاهدين أدراج الرياح ؟!!! لقد حق فيكم شعار أهل غزة في الخونة قبلكم " يا للعار يا للعار باعوا الدم بالدولار " ألا فليشهد الثقلين وكل مخلوقات الله أنني برئ من هذا الحوار حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاصلين , قال الله تعالى :" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (الممتحنة :4)
أيها الأخوة : إن من العجيب أن أقول لكم بأن عباس كان يملك مبدأ حتى ولوكان هابطا في نظري عندما أصر على عدم الحوار مع حماس وقد فعلت ما فعلت وظل يردد كلمته المشهورة :" لاحوار مع الانقلابيينن " وإن تعجب فعجبك من القوم لما لطف عباس من لهجته نحوهم فرحوا أيما فرح ورحبوا بهذه اللهجة أيما ترحيب , ألم يكونوا هم من يدعوا وعلى الدوام إلى حوار وأن حسمهم كان خطأ لا بد منه , فأي الفريقين أشد تمسكا بمبدأه وتصرفاته ومنهجه ؟َََ!!! , اللهم ثبتنا على التوحيد إلى أن نلقاك .
الحوار والتنازلات
أيها الأحبة : إن حماس في هذا الحوار وفي غيرها من الحوارات تتنازل وتتنازل وتفرط وتفرط وتضيع وتميع الأصول والقواعد , كانوا في السابق يريدون تحرير فلسطين من البحر إلى النهر , والآن فقد اكتفوا بدولة على الأراضي المحتلة سنة 1967 , كانوا يرون وجوب تحكيم الشريعة وكفر من حكم القوانين الوضعية , فصاروا لا يرون ذلك بل شاركوا الطواغيت في تحكيم القوانين الوضعية , كانوا ينظرون إلى طاغوت مصر أنه مرتد هو ونظامه كما هو الحال مع بقية حكومات العرب , أما الآن فيخاطبونهم بأنهم سادة وقادة ومصلحين , ونحن ننظر الآن هل ستؤثر التهدئة على مشروع الجهاد أم لن تؤثر ؟ وهل سيتوقف اعتقال المجاهدين ومنفذي العليات ضد اليهود أم لا ؟ وهذا ما ظهر حتى الآن وما خفي كان أعظم , وكما يقول أهل غزة :" يا خبر اليوم بفلوس بكرة يصير ببلاش" والأيام المقبلة حبلى بكثير من المفاجئات , فيا لله ما أخطر الخندق الذي وضع فيه هؤلاء أنفسهم بل لقد وقعوا في النفق المظلم بتعبير الشيخ المفضال أبي بصير الطرطوسي - ثبته الله وسلمه - قال الله تعالى : " وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا *** إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا " (الإسراء :76,75) , وقال تعالى : " ودوا لو تدهن فيدهنون "(القلم :9) , حقا دار دولاب الحياة وفتح الأمس هي حماس اليوم وحماس على خطى فتح , نسأل الله الثبات حتى الممات وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
حوار الموحدين
أيها الأحبة : أما حوارنا مع العلمانية أيا كان جنسها فهو يندرج تحت بندين : البند الأول : حوار يقصد منه رجوعهم إلى دائرة الإسلام الصافي الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - أما البند الثاني : فهو مجابهتهم والوقوف في وجههم باليد وإلا فباللسان وإلا فبالقلب حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا , قال الله تعالى :" فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " (الزخرف :33)
هل سينجح الحوار
أيها الأحبة : إنه لن ينجح أي حوار كان إلا إذا قام على أسس ربانية وإلا فلن ينجح ولن يستمر , قال الله تعالى :" أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "(التوبة :109) , كيف ينجح حوار بين الحق والباطل - على اعتبار أن حماس على الحق جدلا - والكل يصر على منهجه ومبادئه ؟!!! كيف ينجح حوار بين حق وباطل وهو يقوم على أسس فاسدة تغضب الله تعالى ؟!!!! كيف ينجح حوار يجمع أصحابه الوطن لا رب الوطن – سبحانه وتعالى – لن ينجح ولو تنازل صاحب الحق عن حقه ولحق بأهل الباطل في باطلهم , قال الله تعالى :" وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(الأنفال:63) والمعنى : أن الحوار لن ينجح إلا بإذن الله , وحوار لا يقصد به وجهه سبحانه لن ينجحه إلا على سبيل التأقيت , هذا إن نجح ونسأله تعالى ألا ينجح , اللهم آميين
ولقد سمعت شيخا من شيوخي يقول : العرب جنس فريد قد يعز غيرهم بغير دين ولكنهم لا يعزون إلا بدين ولا يوحدهم إلا الدين " قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله "
الحوار والمصلحة
قالوا حوارنا الوطني من أجل المصلحة , من أجل إلغاء انقسام الشعب الفلسطيني , من أجل أن يعلم الناس حسن نوايانا وأننا أهل وحدة وتآلف وتصالح , من أجل ألا تغضب مصر منا فهي معنية بهذا الحوار أن ينجح , من أجل المعابر والبضائع و ... و.... و.... قلت : أي مصلحة ؟!!! مصلحتكم ملغاة فلا حوار مع عملاء أمريكا واليهود حتى يتوبوا إلى الله , وكفانا تمييعا وتلوينا للوجوه قولوها لعباس : بأنه مرتد وبأنه ليس رئيسا بل خسيسا عميلا خائنا لكل ما هو مقدس في هذا الكون , وأقول لكم كذلك : لا تلغوا هذا الانقسام , فنعم الانقسام انقسام من أجل الدين وفي الدين حتى يعود المخالف إلى دين الله مجددا ويكون جنديا من جنود هذا الدين , ولكنني أعلم أنكم لا تقيسون الأمور من هذه الزاوية مطلقا , فحسبنا الله ونعم الوكيل , أقول لكم : لا تنظروا إلى إرضاء الناس ونظرتهم إليكم , بل انظروا إلى نظر ربكم لكم , ولا تحرصوا إلا على رضاه , فرضا الناس ليس بمأمور ولا مقدور , ورضا الله هو المأمور به والمقدور عليه , أقول لكم لا تبيعوا أخراكم بدنياكم فلا البضائع ولا المعابر ولا السولار ولا البنزين مسوغ لكم لتعصوا ربكم وتتحدوا مع عدوه , وإلا كنتم كما قال الله تعالى :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" (البقرة :16) وقال :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ "(البقرة:86) وقال :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ"(البقرة :175)
-إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم الفقير إلى الله : أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين وبعد .....
بينما أنا راجع من عملي , وكنت تحديدا على طريق صلاح الدين , وإذا بشرطي يأمر سائق السيارة التي كنت أستقلها أن يوقف السيارة بعد أن يصفها على يمين الطريق دون أن يبدي السبب الذي دفعه إلى فعل ذلك , وبعد دقائق معدودات مرت سيارات فارهات صاخبات , فقلت ما هذا ؟!!! فقال لي أحد الركاب : إنه وفد حماس في طريقه إلى القاهرة لحضور مجريات الحوار الوطني الذي ترعاه مصر بين الفرقاء المتخاصمين , وعندها لاح في خاطري أشياء كثيرة حول هذا الحوار وما فيه من دلالات فكان هذا المقال والذي عنونته ب " الحوار الوطني في الميزان الرباني "
عندما يكون الوطن إلها يعبد
أيها الإخوة : إننا في زمان كثيرة طواغيته كثيرة آلهته , ومن ضمن هذه الآلهة : الوطن الذي يوالى فيه ويعادى فيه ويحب الناس بعضهم بعضا فيه ويكرهون بعضهم فيه , ويجمعهم الحوار من أجله , وكان الأصل عند المسلم الحقيقي أن يجعل ذلك كله في الله ومن أجل الله , ولكن الأمر كما قال يوسف عليه السلام :" أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " (يوسف :39) ومما يزيدك عجبا أن يصدر مثل هذه الأمور من حركة تدعي الإسلام , وأنها جزء من الصحوة الإسلامية العالمية , ألا فكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
الثمرة التي يريدونها من الحوار
أيها الأحبة : إن الثمرة التي يريدها الموحدون من الحوار ويريدها غيرهم هي الوحدة , ولكن شتان بين وحدتنا ووحدتهم , وبين أسس حوارنا وأسس حوارهم , فحوارنا يقوم على الدعوة إلي توحيد الله في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته كما قال الله تعالى :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (آل عمران:64) وحوارهم قائم على غير هذا المقصد العظيم , شتان بين وحدتنا ووحدتهم , فوحدتنا قائمة على حبل الله المتين ودينه القويم كما قال الله تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (آل عمران :103) ووحدتهم قائمة على الوطن سواء أكان أهله مسلمين أم كافرين , والله تعالى يقول :"أفنجعل المسلمين كالمجرمين "
مرجعيتنا ومرجعيتهم في الحوار
أيها الأحبة : عندما يحاور الموحدون غيرهم فإن المرجعية في ذلك كتاب الله وسنة رسوله قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " (النساء :59) ومرجعية أهل الحوار في القاهرة ما تمليه أمريكا على طاغوت مصر وعلى عامله المخلص عمروا سليمان - هداه الله - , فهل يستوي من كانت مرجعيته ربانية مع من كانت مرجعيته أمريكية شيطانية عبرية , قال الله تعالى :" أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ"(النساء :50) وقال :" وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ "(الأنعام 121)
وأقسم بالله يا هؤلاء أن من تحاورون ومن يتوسط بينكم في الحوار هو أشد كفرا من اليهود والنصارى , فكفر الردة أغلظ بإجماع علماء الأمة من الكفر الأصلي .
الحوار قبل الدم والحوار بعد الدم
أيها الأحبة : منذ نجحت حماس في الانتخابات وهي تدعوا إلى حوار وإلى وحدة وطنية , ولما حسمت الأمر مع العلمانية المرتدة , دعت وبسرعة إلى حوار من أجل رأب الصدع , والسؤال الذي يطرح نفسه : ما الذي تغير الآن عما كان عليه الأمر قبل الحسم ؟!!! ما هو الفرق بين الحوار قبل الحسم والحوار بعد الحسم ؟!!! إنه لا بد أن نعلم أن المشكلة ليست في فتح أصالة , بل هي مع الآلهة التي يعبدها قادة فتح وكثير من أتباعها , المشكلة مع أمريكا ومن يشابهها في الكفر والإلحاد , والتي ترفض الإسلام وبالمطلق , إلا إذا عبدها الإسلاميون كما يفعل العلمانيون من بني جلدتنا من طواغيت العرب وأذنابهم , فهل عند حماس الاستعداد لعبادة أمريكا ؟ إن عبدت حماس أمريكا سينجح الحوار مؤقتا , وإلا فما لم ينجح قبل الدم لن ينجح بعد الدم , فالكفر ملة واحدة والله تعالى يقول :" وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِير" (البقرة 120) والله أعلى واعلم .
نعم لهذا التوحد ولا لهذا !!! ما لكم كيف تحكمون ؟!!!
أيها الأحبة : كلنا يرى حماس كيف تلهث للتوحد مع العلمانيين من أبناء فتح , وتكرر ذلك مرارا وتكرارا , بالإضافة إلى توددها منقطع النظير مع النصارى من أبناء غزة , في الوقت ذاته الذي لا نجدها مصرة على التوحد مع الإسلاميين ممن يخالفونها الرأي , بل نراها تشن الهجمات المتلاحقة تلو الهجمات ضدهم وعلى كافة الأصعدة , فبأي مقياس تقاس مثل هذه الأفعال , سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم , قال الله تعالى :" أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار"(ص :28) وقال الرب العلي :"ِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ"(الممتحنة :1) يا هؤلاء راجعوا ولاءكم وبراءكم واعرضوه على كتاب ربكم وسنة نبيكم قبل أن لا ينفع الندم , قال الله تعالى :" أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ *** أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *** أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *** بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ"(الزمر 59,58,57,56)
الحوار والدماء التي أريقت
أيها الأحبة : لم يمض كثير وقت لننسى ماذا فعل العلمانيون الذين نريد أن نحاورهم الآن , أليس هؤلاء من قتل العلماء ؟!!! أليس هؤلاء من قتلوا المسلمين في المساجد وانتهكوا حرماتها ؟!!! أليس هؤلاء من قتل المجاهدين وأصحاب اللحى في الشوارع ؟!!! أليس هؤلاء من قتل أئمة المساجد ؟!!! أليس هؤلاء من فعلوا وفعلوا وفعلوا ...........؟!!! أليس هؤلاء من كانوا بالأمس كفارا ؟ فهل أسلموا ؟ !!! وكانت المعركة معهم معركة حق وباطل وإسلام وردة ؟!!! وكانت الفتوى تنص على أن قتل ضباطهم من أجل القربات إلى الله ؟!!! فما الذي غير المعايير أم إن معاييرنا هي التي تغيرت ؟!!! هل نسينا دماء كل هؤلاء ؟ نسينا دماء من سقطوا وهم يطهرون غزة ؟!!! فلماذا تريدون تنجيسها مجددا؟!!! ولماذا تريدون أن تضيعوا جهود المجاهدين أدراج الرياح ؟!!! لقد حق فيكم شعار أهل غزة في الخونة قبلكم " يا للعار يا للعار باعوا الدم بالدولار " ألا فليشهد الثقلين وكل مخلوقات الله أنني برئ من هذا الحوار حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاصلين , قال الله تعالى :" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" (الممتحنة :4)
أيها الأخوة : إن من العجيب أن أقول لكم بأن عباس كان يملك مبدأ حتى ولوكان هابطا في نظري عندما أصر على عدم الحوار مع حماس وقد فعلت ما فعلت وظل يردد كلمته المشهورة :" لاحوار مع الانقلابيينن " وإن تعجب فعجبك من القوم لما لطف عباس من لهجته نحوهم فرحوا أيما فرح ورحبوا بهذه اللهجة أيما ترحيب , ألم يكونوا هم من يدعوا وعلى الدوام إلى حوار وأن حسمهم كان خطأ لا بد منه , فأي الفريقين أشد تمسكا بمبدأه وتصرفاته ومنهجه ؟َََ!!! , اللهم ثبتنا على التوحيد إلى أن نلقاك .
الحوار والتنازلات
أيها الأحبة : إن حماس في هذا الحوار وفي غيرها من الحوارات تتنازل وتتنازل وتفرط وتفرط وتضيع وتميع الأصول والقواعد , كانوا في السابق يريدون تحرير فلسطين من البحر إلى النهر , والآن فقد اكتفوا بدولة على الأراضي المحتلة سنة 1967 , كانوا يرون وجوب تحكيم الشريعة وكفر من حكم القوانين الوضعية , فصاروا لا يرون ذلك بل شاركوا الطواغيت في تحكيم القوانين الوضعية , كانوا ينظرون إلى طاغوت مصر أنه مرتد هو ونظامه كما هو الحال مع بقية حكومات العرب , أما الآن فيخاطبونهم بأنهم سادة وقادة ومصلحين , ونحن ننظر الآن هل ستؤثر التهدئة على مشروع الجهاد أم لن تؤثر ؟ وهل سيتوقف اعتقال المجاهدين ومنفذي العليات ضد اليهود أم لا ؟ وهذا ما ظهر حتى الآن وما خفي كان أعظم , وكما يقول أهل غزة :" يا خبر اليوم بفلوس بكرة يصير ببلاش" والأيام المقبلة حبلى بكثير من المفاجئات , فيا لله ما أخطر الخندق الذي وضع فيه هؤلاء أنفسهم بل لقد وقعوا في النفق المظلم بتعبير الشيخ المفضال أبي بصير الطرطوسي - ثبته الله وسلمه - قال الله تعالى : " وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا *** إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا " (الإسراء :76,75) , وقال تعالى : " ودوا لو تدهن فيدهنون "(القلم :9) , حقا دار دولاب الحياة وفتح الأمس هي حماس اليوم وحماس على خطى فتح , نسأل الله الثبات حتى الممات وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إنه ولي ذلك والقادر عليه .
حوار الموحدين
أيها الأحبة : أما حوارنا مع العلمانية أيا كان جنسها فهو يندرج تحت بندين : البند الأول : حوار يقصد منه رجوعهم إلى دائرة الإسلام الصافي الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - أما البند الثاني : فهو مجابهتهم والوقوف في وجههم باليد وإلا فباللسان وإلا فبالقلب حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا , قال الله تعالى :" فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " (الزخرف :33)
هل سينجح الحوار
أيها الأحبة : إنه لن ينجح أي حوار كان إلا إذا قام على أسس ربانية وإلا فلن ينجح ولن يستمر , قال الله تعالى :" أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "(التوبة :109) , كيف ينجح حوار بين الحق والباطل - على اعتبار أن حماس على الحق جدلا - والكل يصر على منهجه ومبادئه ؟!!! كيف ينجح حوار بين حق وباطل وهو يقوم على أسس فاسدة تغضب الله تعالى ؟!!!! كيف ينجح حوار يجمع أصحابه الوطن لا رب الوطن – سبحانه وتعالى – لن ينجح ولو تنازل صاحب الحق عن حقه ولحق بأهل الباطل في باطلهم , قال الله تعالى :" وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(الأنفال:63) والمعنى : أن الحوار لن ينجح إلا بإذن الله , وحوار لا يقصد به وجهه سبحانه لن ينجحه إلا على سبيل التأقيت , هذا إن نجح ونسأله تعالى ألا ينجح , اللهم آميين
ولقد سمعت شيخا من شيوخي يقول : العرب جنس فريد قد يعز غيرهم بغير دين ولكنهم لا يعزون إلا بدين ولا يوحدهم إلا الدين " قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله "
الحوار والمصلحة
قالوا حوارنا الوطني من أجل المصلحة , من أجل إلغاء انقسام الشعب الفلسطيني , من أجل أن يعلم الناس حسن نوايانا وأننا أهل وحدة وتآلف وتصالح , من أجل ألا تغضب مصر منا فهي معنية بهذا الحوار أن ينجح , من أجل المعابر والبضائع و ... و.... و.... قلت : أي مصلحة ؟!!! مصلحتكم ملغاة فلا حوار مع عملاء أمريكا واليهود حتى يتوبوا إلى الله , وكفانا تمييعا وتلوينا للوجوه قولوها لعباس : بأنه مرتد وبأنه ليس رئيسا بل خسيسا عميلا خائنا لكل ما هو مقدس في هذا الكون , وأقول لكم كذلك : لا تلغوا هذا الانقسام , فنعم الانقسام انقسام من أجل الدين وفي الدين حتى يعود المخالف إلى دين الله مجددا ويكون جنديا من جنود هذا الدين , ولكنني أعلم أنكم لا تقيسون الأمور من هذه الزاوية مطلقا , فحسبنا الله ونعم الوكيل , أقول لكم : لا تنظروا إلى إرضاء الناس ونظرتهم إليكم , بل انظروا إلى نظر ربكم لكم , ولا تحرصوا إلا على رضاه , فرضا الناس ليس بمأمور ولا مقدور , ورضا الله هو المأمور به والمقدور عليه , أقول لكم لا تبيعوا أخراكم بدنياكم فلا البضائع ولا المعابر ولا السولار ولا البنزين مسوغ لكم لتعصوا ربكم وتتحدوا مع عدوه , وإلا كنتم كما قال الله تعالى :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" (البقرة :16) وقال :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ "(البقرة:86) وقال :" أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ"(البقرة :175)
-إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم الفقير إلى الله : أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته