من هناك
09-21-2008, 10:29 PM
غزة إقليم متمرد ... ماذا يعني ؟!
* محمد السروجي
منعطف جديد وخطير يُعد لقطاع غزة شعباً وحكومة، لينتقل السجال السياسي بين الأخوة الفرقاء من التنافس إلى الصراع ثم العداء! ومن المزاحمة والتدافع في الميدان إلى الشرعنة والتوثيق في المحافل الدولية ، فقد طالب ومنذ شهور مندوب فلسطين في الأمم المتحدة اتخاذ قرار أممي باعتبار غزة إقليم متمرد وحماس عصابة مغتصبة! ثم جُدد الأمر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "المسيطر عليها صقور فتح دون سواهم من الفصائل " باعتبار غزة إقليم متمرد ، هذا فضلاً عن طلب إسرائيل باعتبار غزة كيان معادي!! والمشروع المقدم في الكونجرس باعتبار فضائية الأقصى منظمة إرهابية!
وبغض النظر عن الطلب الصهيوني مفقود القيمة والمردود، لأن العداء فطرة بين المحتل الغاصب وأصحاب الأرض، وأيضاً باستبعاد الطلب الأمريكي لإدارة أصبحت ترتجف من صورة الحقيقة وصدق الكلمة رغم ادعاءات الحرية والشفافية واعتبار الآخر ! الخطورة في طلب الأخوة في فتح ، لذا يُطرح السؤال :ماذا لو تم اعتماد غزة إقليم متمرد؟ وماهي التبعات المترتبة على المستوى السياسي والمعيشي والإنساني؟ وما هو موقف حماس في هذه الحالة؟ التبعات ستنعكس تبعات القرار على كل مجالات الحياة في غزة، على النحو التالي: المجال السياسي على المستوى المحلي ستموت كل دعوات الحوار الوطني، ولن تجد أفضل من صفحات الأرشيف التاريخي مكانا لها، فضلاً عن عودة تلك المشاهد المحزنة من تقاتل الأخوة، وما أفرزه من شقاء الأشقاء!
وعلى المستوى الإقليمي ستجد الدول العربية نفسها في مأزق وحرج من التعاطي مع رموز حماس أو التعاطف معها المجال الأمني القرار لن يقتصر على وثيقة إدارية أو رئاسية بل سيستدعي ذلك أدوات ميدانية لتأخذ طريقها لـ"وقف هذا التمرد" الذي يحياه قطاع غزة، الأمر الذي قد يزين لأصحاب هذا الخيار إمكانية الاستعانة بقوات عربية ودولية لتطبيقه وقد أعلنه فعلاً وزير الخارجية المصري ونفاه عمرو موسى، المجال الاقتصادي حصار غزة الذي يدخل عامه الثالث ألقى بظلاله السيئة والكارثية على كل مرافق القطاع: ماليا، تجاريا، معيشيا، زراعيا، صناعيا، والخطوة الموعودة ستضيف عبئا على أعباء الغزيين، لا يتوقع أحد كم سيكون حجمها، وما هي قدرتهم على تحملها، لاسيما أن بعض التسريبات المتعلقة بالخطوة تناولت مختلف مجالات الحياة الغزية.
حيث سيتم وقف كافة الخدمات المقدمة للقطاع من تنسيق للغذاء، ودفع مصاريف الكهرباء والمياه ورواتب الموظفين، ووقف الخدمات التعليمية والطبية، ووقف تصدير الوقود إليه بكافة أنواعه، ووقف إصدار أي جوازات أو أوراق رسمية صادرة عن السلطة الفلسطينية.كما سيتم الطلب رسمياً من كل البنوك وقف كافة خدماتها وإغلاق أبوابها إلى إشعار آخر في قطاع غزة، وستقوم السلطة بوقف تصدير أي شواكل (العملة الإسرائيلية المتداولة في القطاع)، بحيث تصبح أي ورقة عملة بلا قيمة.. كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
موقف حماس المجال السياسي لن تجد حماس أمامها خيار أو بديل إلا أن تكون أكثر التصاقاً بمحور دمشق طهران أياً كان اسمه الشر أو الممانعة لاسيما وأن هذه العواصم ستحاول أن تشكل البديل الجاهز لحماس في حال طبقت بحقها قرارات وعقوبات، الأمر الذي سيعني ابتعاد الحركة أكثر فأكثر عن العمق الرسمي العربي، خاصة الرياض والقاهرة، باستثناء ما يحدث من غزل بات مكشوفاً مع عمّان بصورة مفاجئة!
المجال العسكري حماس مهددة بضربة صهيونية موجعة، يأمل الكيان الصهيوني وبعض حلفائها من الفلسطينيين والعرب أن تكون قاضية، الأمر الذي يجعل الحركة في حالة استنفار عسكري دائم على مدار الساعة، حتى في ذروة التهدئة، وهي ماضية في التعامل مع أي تبعات أمنية وعسكرية لقرار إعلان غزة إقليماً متمرداً بذات تعاملها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن غير المتوقع أن أياً من الجيوش العربية والأجنبية ستكون متحمسة لإرسال جنودها ليلاقوا مقاتلي حماس الذين أبلوا بلاء حسنا في مواجهة الجيش الذي لا يقهر!و الحركة من طرفها أعلنت غير مرة أنها ستواجه أي قوات عسكرية تدخل قطاع غزة على أنها قوات معادية، وعند وصول الأمر للقوات العربية سيكون شعار حماس "مكره أخاك لا بطل"!
المجال الإعلامي الخطاب الحمساوي الإعلامي خلال الفترة الماضية يؤكد أنها تتهيأ لهذا القرار خاصة باتجاه الأطراف المشاركة فيه "فيما لو صدر فعلا" بحيث لن تعفي أحدا من تبعاته وآثاره الإنسانية الكارثية وقد تذهب في اتجاه قطع شعرة معاوية التي سيقطعها فعلاً قرار من هذا النوع، تحديداً مع الرئيس عباس وحركة فتح، وصولاً إلى محاولة إحراج الأطراف العربية المجاورة التي لا تخفي حماس اتهامها لها بالمشاركة في الحصار والتجويع والابتزاز!
أخيرا.. فإن الإقدام على هذه الخطوة وتحت أي مبررات وأياً كانت مواقف الأطراف المختلفة منً مثل هذه الخطوة، تأييداً ومعارضة، فإنه سيرسخ أكثر فأكثر حالة الانقسام والقطيعة بين الأخوة الفرقاء، فضلاً عن إضراره بمتخذيه قبل غيرهم،وسيضع هذا الإعلان عدد غير قليل من صقور فتح في موضع لم يتوقعوا في أشد كوابيسهم سوءاً أن يجدوا أنفسهم فيه، صحيح أن المسؤوليات تتوزع وأن التعميم خاطئ، لكن الضغط لن يولد إلا الانفجار!!
** مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية ـ مصر
* محمد السروجي
منعطف جديد وخطير يُعد لقطاع غزة شعباً وحكومة، لينتقل السجال السياسي بين الأخوة الفرقاء من التنافس إلى الصراع ثم العداء! ومن المزاحمة والتدافع في الميدان إلى الشرعنة والتوثيق في المحافل الدولية ، فقد طالب ومنذ شهور مندوب فلسطين في الأمم المتحدة اتخاذ قرار أممي باعتبار غزة إقليم متمرد وحماس عصابة مغتصبة! ثم جُدد الأمر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "المسيطر عليها صقور فتح دون سواهم من الفصائل " باعتبار غزة إقليم متمرد ، هذا فضلاً عن طلب إسرائيل باعتبار غزة كيان معادي!! والمشروع المقدم في الكونجرس باعتبار فضائية الأقصى منظمة إرهابية!
وبغض النظر عن الطلب الصهيوني مفقود القيمة والمردود، لأن العداء فطرة بين المحتل الغاصب وأصحاب الأرض، وأيضاً باستبعاد الطلب الأمريكي لإدارة أصبحت ترتجف من صورة الحقيقة وصدق الكلمة رغم ادعاءات الحرية والشفافية واعتبار الآخر ! الخطورة في طلب الأخوة في فتح ، لذا يُطرح السؤال :ماذا لو تم اعتماد غزة إقليم متمرد؟ وماهي التبعات المترتبة على المستوى السياسي والمعيشي والإنساني؟ وما هو موقف حماس في هذه الحالة؟ التبعات ستنعكس تبعات القرار على كل مجالات الحياة في غزة، على النحو التالي: المجال السياسي على المستوى المحلي ستموت كل دعوات الحوار الوطني، ولن تجد أفضل من صفحات الأرشيف التاريخي مكانا لها، فضلاً عن عودة تلك المشاهد المحزنة من تقاتل الأخوة، وما أفرزه من شقاء الأشقاء!
وعلى المستوى الإقليمي ستجد الدول العربية نفسها في مأزق وحرج من التعاطي مع رموز حماس أو التعاطف معها المجال الأمني القرار لن يقتصر على وثيقة إدارية أو رئاسية بل سيستدعي ذلك أدوات ميدانية لتأخذ طريقها لـ"وقف هذا التمرد" الذي يحياه قطاع غزة، الأمر الذي قد يزين لأصحاب هذا الخيار إمكانية الاستعانة بقوات عربية ودولية لتطبيقه وقد أعلنه فعلاً وزير الخارجية المصري ونفاه عمرو موسى، المجال الاقتصادي حصار غزة الذي يدخل عامه الثالث ألقى بظلاله السيئة والكارثية على كل مرافق القطاع: ماليا، تجاريا، معيشيا، زراعيا، صناعيا، والخطوة الموعودة ستضيف عبئا على أعباء الغزيين، لا يتوقع أحد كم سيكون حجمها، وما هي قدرتهم على تحملها، لاسيما أن بعض التسريبات المتعلقة بالخطوة تناولت مختلف مجالات الحياة الغزية.
حيث سيتم وقف كافة الخدمات المقدمة للقطاع من تنسيق للغذاء، ودفع مصاريف الكهرباء والمياه ورواتب الموظفين، ووقف الخدمات التعليمية والطبية، ووقف تصدير الوقود إليه بكافة أنواعه، ووقف إصدار أي جوازات أو أوراق رسمية صادرة عن السلطة الفلسطينية.كما سيتم الطلب رسمياً من كل البنوك وقف كافة خدماتها وإغلاق أبوابها إلى إشعار آخر في قطاع غزة، وستقوم السلطة بوقف تصدير أي شواكل (العملة الإسرائيلية المتداولة في القطاع)، بحيث تصبح أي ورقة عملة بلا قيمة.. كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
موقف حماس المجال السياسي لن تجد حماس أمامها خيار أو بديل إلا أن تكون أكثر التصاقاً بمحور دمشق طهران أياً كان اسمه الشر أو الممانعة لاسيما وأن هذه العواصم ستحاول أن تشكل البديل الجاهز لحماس في حال طبقت بحقها قرارات وعقوبات، الأمر الذي سيعني ابتعاد الحركة أكثر فأكثر عن العمق الرسمي العربي، خاصة الرياض والقاهرة، باستثناء ما يحدث من غزل بات مكشوفاً مع عمّان بصورة مفاجئة!
المجال العسكري حماس مهددة بضربة صهيونية موجعة، يأمل الكيان الصهيوني وبعض حلفائها من الفلسطينيين والعرب أن تكون قاضية، الأمر الذي يجعل الحركة في حالة استنفار عسكري دائم على مدار الساعة، حتى في ذروة التهدئة، وهي ماضية في التعامل مع أي تبعات أمنية وعسكرية لقرار إعلان غزة إقليماً متمرداً بذات تعاملها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ومن غير المتوقع أن أياً من الجيوش العربية والأجنبية ستكون متحمسة لإرسال جنودها ليلاقوا مقاتلي حماس الذين أبلوا بلاء حسنا في مواجهة الجيش الذي لا يقهر!و الحركة من طرفها أعلنت غير مرة أنها ستواجه أي قوات عسكرية تدخل قطاع غزة على أنها قوات معادية، وعند وصول الأمر للقوات العربية سيكون شعار حماس "مكره أخاك لا بطل"!
المجال الإعلامي الخطاب الحمساوي الإعلامي خلال الفترة الماضية يؤكد أنها تتهيأ لهذا القرار خاصة باتجاه الأطراف المشاركة فيه "فيما لو صدر فعلا" بحيث لن تعفي أحدا من تبعاته وآثاره الإنسانية الكارثية وقد تذهب في اتجاه قطع شعرة معاوية التي سيقطعها فعلاً قرار من هذا النوع، تحديداً مع الرئيس عباس وحركة فتح، وصولاً إلى محاولة إحراج الأطراف العربية المجاورة التي لا تخفي حماس اتهامها لها بالمشاركة في الحصار والتجويع والابتزاز!
أخيرا.. فإن الإقدام على هذه الخطوة وتحت أي مبررات وأياً كانت مواقف الأطراف المختلفة منً مثل هذه الخطوة، تأييداً ومعارضة، فإنه سيرسخ أكثر فأكثر حالة الانقسام والقطيعة بين الأخوة الفرقاء، فضلاً عن إضراره بمتخذيه قبل غيرهم،وسيضع هذا الإعلان عدد غير قليل من صقور فتح في موضع لم يتوقعوا في أشد كوابيسهم سوءاً أن يجدوا أنفسهم فيه، صحيح أن المسؤوليات تتوزع وأن التعميم خاطئ، لكن الضغط لن يولد إلا الانفجار!!
** مدير مركز الفجر للدراسات والتنمية ـ مصر