عزام
09-17-2008, 01:07 PM
السلام عليكم
كيف كافح الاسلام يا ترى امكانية ظهور مشاكل كهذه؟
هل وضع احدكم المبادىء الاسلامية الاقتصادية في مقال معين؟
عزام
نحو نظام مصرفي عالمي جديد
لم يكن الانهيار الذي شهدته «وول ستريت»، ونظيراتها في العالم جرّاء سقوط مؤسّستين ماليّتين أخريين ضحيّة «الإقراض غير المسؤول»، سوى تمظهر جديد لأزمة العولمة الماليّة. لذا من الضروري أن يقابل القيّمون على النظام المالي هذه التطوّرات ببلورة صيغة لـ«النظام المصرفي العالمي الجديد»
حسن خليل*
هناك خلل في المنظومة الرأسماليّة الحاليّة. لم يعد أيّ مراقب بخلفيّة إيديولوجيّة أو براغماتيّة يشكّ في ذلك. وهذا الخلل يترجم في شكل انفجار فقّاعات متتاليّة في قطاعات نمت بطريقة مصطنعة: ارتفعت أسعار الأسهم أو المنتجات الماليّة بطريقة لا تتوافق مع منطق مبادئ السوق، ما أدّى في حدّه الأقصى إلى سلوك طريق عودة التوازن دراماتيكيّاً.
الأحداث التي عصفت بـ«وول ستريت» أوّل من أمس، هي نتيجة لأزمة الائتمان التي ولّدتها أزمة الرهون العقاريّة في السوق الأميركيّة، التي بدأت ملامحها تظهر منذ نهاية عام 2006. واللافت هو أنّ هذه الأزمة تحضّرت محفّزاتها في أجواء من انعدام الرقابة وانتشاء مديري المصارف والمؤسّسات الماليّة وحتى السياسيّين بالأرباح المصطنعة المحقّقة... فكيف ولدت الفوضى من رحم «البحبوحة»؟
البداية كانت في عدم تلقّف العبر من دروس عديدة كانت جليّة للأسواق الماليّة، فهناك درس انهيار دول أميركا اللاتينيّة في الثمانينيات، وقد وُضعت خطّة لإنقاذها سمّيت «BRADY PLAN». وبعدها شركة «DREXEL BURNHAM»، المتخصّصة بالسندات المعدومة، سنة 1990. وفي عام 1995 اضطرّت الولايات المتّحدة لضخّ 40 مليار دولار في خطّ ائتماني لتعويم المكسيك، في ما سمي وقتها «TEQUILA CRISIS». وكرّت السبحة في انهيار ماليّة روسيا عام 1998 والأرجنتين عام 1999، والبرازيل عام 2000، وفقاعة الأسهم التكنولوجيّة عام 2002. طبعاً لا يمكن هنا إغفال ما حصل لصندوق «LTCM» في التسعينيّات، الذي انهار على وطأة اقتراضه ما يفوق الـ52 ضعف رأسماله. عامل مشترك يجمع بين كلّ تلك الأزمات للدول والمؤسّسات والمصارف والأفراد، ألا وهو الإقراض غير المسؤول وعلى مستوى من الفساد لم يسبق له مثيل، حافزه جني الأرباح الورقيّة والترقية والمكافآت (BONUSES) آخر السنة.
واللافت أنّ العديد من تلك المكافآت بالأسهم (ESOP)، انتهت إلى دون قيمة نتيجة الانهيار في أسعار أسهم المصارف المعنيّة. إذاً هي أزمة صنعت بيد كلّ المعنيّين، ولكن من دون أن يتحمّل أحد المسؤوليّة، واللوم الأكبر يقع هنا على غياب أجهزة رقابة فعليّة.
ظهور حجم انكشاف المصارف (خطورة استثماراتها) في الإقراض العقاري، وفي انهيار قطاع العقارات في الولايات المتّحدة نتيجة ارتفاع عدد المتخلّفين عن سداد أقساط ديونهم، كان البداية لشبه انهيار الهرم المالي.
والآن نسمع شائعات عن «AIG» و «MORGAN STANLEY» و«HBOS».
ونتيجة هذا الانكشاف المذكور، بدأت أزمة الانكماش الإقراضي (CREDIT CRUNCH). وارتفعت كلفة الإقراض بين المصارف (INTERBANK RATE)، وبلغت البارحة عند كتابة هذا المقال 17 في المئة على الدولار. لأنّ كلّ مصرف أصبح يهدف إلى حماية رأسماله من خلال عدم التعرّض لمخاطر المصارف الأخرى. هذا الأمر دفع بالمصارف المركزيّة في أوروبا والولايات المتّحدة إلى التدخّل ومنح مئات المليارات من الدولارات عبارة عن خطوط ائتمانيّة مؤقّتة للمصارف الاستثماريّة لمنع الانهيار. ولكن هذا الإجراء لم يمنع تفاقم الأزمة، حيث تبيّن أنّ مخاطر الرهن العقاري هي جزء من حلقة مخاطر أكبر يشكّلها إقراض الشركات وعمل صناديق التحوّط (HEDGE FUNDS) والهوامش الفضفاضة لبطاقات الائتمان. حلقة يفوق حجمها الـ15 تريليون دولار، أي أكثر بـ1 تريليون دولار من الناتج المحلّي الأميركي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ صناديق التحوّط انتشرت مثل الفطر ليبلغ عددها 12 ألف صندوق بأصول تفوق تريليوني دولار، وهي مسؤولة إلى حدّ كبير في مفاقمة الأزمة، في ظلّ تفشّي مذهب تحقيق الأرباح من خلال القنوات الماليّة فقط: لم يعد أحد يهتمّ بإنتاج السلع لجني الأرباح، لأنّ «الأرباح الفعليّة تتأتى من المعاملات الورقيّة».
إذاً فالأزمة هي نتيجة هذا الخلل البنيوي في الأسواق الماليّة، الذي ولّده نقص الرقابة وظهور أبشع النسخ من اقتصاد السوق. ولكن ما هي تداعياته؟
تجد حكومات النظام الرأسمالي والمؤسّسات الماليّة المسؤولة فيه، نفسها أمام خيار صعب. وبحسب الملياردير العالمي، الخبير الاقتصادي، جورج سوروس، هي لم تتعرّض لاختبار كهذا منذ الكساد العظيم في القرن الماضي. فحتّى عند حصول انهيار البورصات عام 1987 والانهيارات التي ذكرناها، لم يكن النظام المصرفي مهدّداً بهذا الشكل.
وإذا كان هناك من إمكان للخروج من هذه الأزمة، فهي تكمن في تخلّي النظام الرأسمالي عن أحد أهمّ مبادئه، ألا وهو مبدأ عدم التدخّل في الأسواق الماليّة وأن تكون السوق هي من يقرّر مسار الأمور. وبالتالي تبرز ضرورة خلق جهد مشترك بين الأنظمة الغربيّة وروسيا وبعض الدول الناشئة الغنية كالصين، ومجموعة بلدان الثروات السياديّة (SOVEREIGN WEALTH COUNTRIES) مثل سنغافورة والسعوديّة وتايوان والنرويج وإمارة أبو ظبي والكويت، من أجل خلق صندوق كبير يعالج بطرق تقنيّة معيّنة أزمة القروض المتعدّدة الأوجه، من أجل إطلاق «النظام المصرفي العالمي الجديد»، ليعمل بشروط تختلف عن تلك التي أدّت إلى الأزمة الحاليّة، ويقوم على مبدأ أساسي هو شرط ارتباط خطة الإنقاذ بوضع ضوابط جديدة للعمل المصرفي العالمي وتقييد الإقراض نسبة إلى الرأسمال من طريق إيجاد هيئة رقابيّة مصرفيّة عالميّة على مستوى البنك الدولي.
أمّا بالنسبة إلى انعكاس الأزمة على الخليج العربي، فيمكن ملاحظة أنّ انضمام الأسواق الخليجيّة إلى مجموعة الأسواق العالميّة، والانفتاح تحت ضغوط العولمة، إلى عمليّات بيع دفعت نحو انخفاض تلك الأسواق بنسب تتراوح بين 40 في المئة و50 في المئة. والمفارقة أنّ تلك الأسواق تتمتّع بنسب نموّ صحيّة جداً، وهذا دليل على أنّ نظام العولمة الذي حبّذ حرية تدفّق الأموال والخدمات، أدّى إلى نتيجة سلبيّة، حسبما نشهد.
وفي المقابل، تظهر انعكاسات المخاطر مقزّمة في لبنان، لأنّ من حسن حظّ هذا البلد أنّ سوقه صغيرة وليس هناك وجود للإقراض غير المسؤول فيه، إذ إنّ نظامه المصرفي يواجه خطراً من نوع آخر هو إقراض الدولة اللبنانية بهذا القدر. ويبدو توسّعها نحو الأسواق الإقليميّة خطوة إيجابيّة. والتحدّي الكبير سيكون عام 2009 عندما ستضطرّ الدولة مجدّداً إلى الاقتراض، الذي يُرجى أن يكون متاحاً في ظلّ إعادة فلسفة الإقراض عموماً.
كيف كافح الاسلام يا ترى امكانية ظهور مشاكل كهذه؟
هل وضع احدكم المبادىء الاسلامية الاقتصادية في مقال معين؟
عزام
نحو نظام مصرفي عالمي جديد
لم يكن الانهيار الذي شهدته «وول ستريت»، ونظيراتها في العالم جرّاء سقوط مؤسّستين ماليّتين أخريين ضحيّة «الإقراض غير المسؤول»، سوى تمظهر جديد لأزمة العولمة الماليّة. لذا من الضروري أن يقابل القيّمون على النظام المالي هذه التطوّرات ببلورة صيغة لـ«النظام المصرفي العالمي الجديد»
حسن خليل*
هناك خلل في المنظومة الرأسماليّة الحاليّة. لم يعد أيّ مراقب بخلفيّة إيديولوجيّة أو براغماتيّة يشكّ في ذلك. وهذا الخلل يترجم في شكل انفجار فقّاعات متتاليّة في قطاعات نمت بطريقة مصطنعة: ارتفعت أسعار الأسهم أو المنتجات الماليّة بطريقة لا تتوافق مع منطق مبادئ السوق، ما أدّى في حدّه الأقصى إلى سلوك طريق عودة التوازن دراماتيكيّاً.
الأحداث التي عصفت بـ«وول ستريت» أوّل من أمس، هي نتيجة لأزمة الائتمان التي ولّدتها أزمة الرهون العقاريّة في السوق الأميركيّة، التي بدأت ملامحها تظهر منذ نهاية عام 2006. واللافت هو أنّ هذه الأزمة تحضّرت محفّزاتها في أجواء من انعدام الرقابة وانتشاء مديري المصارف والمؤسّسات الماليّة وحتى السياسيّين بالأرباح المصطنعة المحقّقة... فكيف ولدت الفوضى من رحم «البحبوحة»؟
البداية كانت في عدم تلقّف العبر من دروس عديدة كانت جليّة للأسواق الماليّة، فهناك درس انهيار دول أميركا اللاتينيّة في الثمانينيات، وقد وُضعت خطّة لإنقاذها سمّيت «BRADY PLAN». وبعدها شركة «DREXEL BURNHAM»، المتخصّصة بالسندات المعدومة، سنة 1990. وفي عام 1995 اضطرّت الولايات المتّحدة لضخّ 40 مليار دولار في خطّ ائتماني لتعويم المكسيك، في ما سمي وقتها «TEQUILA CRISIS». وكرّت السبحة في انهيار ماليّة روسيا عام 1998 والأرجنتين عام 1999، والبرازيل عام 2000، وفقاعة الأسهم التكنولوجيّة عام 2002. طبعاً لا يمكن هنا إغفال ما حصل لصندوق «LTCM» في التسعينيّات، الذي انهار على وطأة اقتراضه ما يفوق الـ52 ضعف رأسماله. عامل مشترك يجمع بين كلّ تلك الأزمات للدول والمؤسّسات والمصارف والأفراد، ألا وهو الإقراض غير المسؤول وعلى مستوى من الفساد لم يسبق له مثيل، حافزه جني الأرباح الورقيّة والترقية والمكافآت (BONUSES) آخر السنة.
واللافت أنّ العديد من تلك المكافآت بالأسهم (ESOP)، انتهت إلى دون قيمة نتيجة الانهيار في أسعار أسهم المصارف المعنيّة. إذاً هي أزمة صنعت بيد كلّ المعنيّين، ولكن من دون أن يتحمّل أحد المسؤوليّة، واللوم الأكبر يقع هنا على غياب أجهزة رقابة فعليّة.
ظهور حجم انكشاف المصارف (خطورة استثماراتها) في الإقراض العقاري، وفي انهيار قطاع العقارات في الولايات المتّحدة نتيجة ارتفاع عدد المتخلّفين عن سداد أقساط ديونهم، كان البداية لشبه انهيار الهرم المالي.
والآن نسمع شائعات عن «AIG» و «MORGAN STANLEY» و«HBOS».
ونتيجة هذا الانكشاف المذكور، بدأت أزمة الانكماش الإقراضي (CREDIT CRUNCH). وارتفعت كلفة الإقراض بين المصارف (INTERBANK RATE)، وبلغت البارحة عند كتابة هذا المقال 17 في المئة على الدولار. لأنّ كلّ مصرف أصبح يهدف إلى حماية رأسماله من خلال عدم التعرّض لمخاطر المصارف الأخرى. هذا الأمر دفع بالمصارف المركزيّة في أوروبا والولايات المتّحدة إلى التدخّل ومنح مئات المليارات من الدولارات عبارة عن خطوط ائتمانيّة مؤقّتة للمصارف الاستثماريّة لمنع الانهيار. ولكن هذا الإجراء لم يمنع تفاقم الأزمة، حيث تبيّن أنّ مخاطر الرهن العقاري هي جزء من حلقة مخاطر أكبر يشكّلها إقراض الشركات وعمل صناديق التحوّط (HEDGE FUNDS) والهوامش الفضفاضة لبطاقات الائتمان. حلقة يفوق حجمها الـ15 تريليون دولار، أي أكثر بـ1 تريليون دولار من الناتج المحلّي الأميركي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ صناديق التحوّط انتشرت مثل الفطر ليبلغ عددها 12 ألف صندوق بأصول تفوق تريليوني دولار، وهي مسؤولة إلى حدّ كبير في مفاقمة الأزمة، في ظلّ تفشّي مذهب تحقيق الأرباح من خلال القنوات الماليّة فقط: لم يعد أحد يهتمّ بإنتاج السلع لجني الأرباح، لأنّ «الأرباح الفعليّة تتأتى من المعاملات الورقيّة».
إذاً فالأزمة هي نتيجة هذا الخلل البنيوي في الأسواق الماليّة، الذي ولّده نقص الرقابة وظهور أبشع النسخ من اقتصاد السوق. ولكن ما هي تداعياته؟
تجد حكومات النظام الرأسمالي والمؤسّسات الماليّة المسؤولة فيه، نفسها أمام خيار صعب. وبحسب الملياردير العالمي، الخبير الاقتصادي، جورج سوروس، هي لم تتعرّض لاختبار كهذا منذ الكساد العظيم في القرن الماضي. فحتّى عند حصول انهيار البورصات عام 1987 والانهيارات التي ذكرناها، لم يكن النظام المصرفي مهدّداً بهذا الشكل.
وإذا كان هناك من إمكان للخروج من هذه الأزمة، فهي تكمن في تخلّي النظام الرأسمالي عن أحد أهمّ مبادئه، ألا وهو مبدأ عدم التدخّل في الأسواق الماليّة وأن تكون السوق هي من يقرّر مسار الأمور. وبالتالي تبرز ضرورة خلق جهد مشترك بين الأنظمة الغربيّة وروسيا وبعض الدول الناشئة الغنية كالصين، ومجموعة بلدان الثروات السياديّة (SOVEREIGN WEALTH COUNTRIES) مثل سنغافورة والسعوديّة وتايوان والنرويج وإمارة أبو ظبي والكويت، من أجل خلق صندوق كبير يعالج بطرق تقنيّة معيّنة أزمة القروض المتعدّدة الأوجه، من أجل إطلاق «النظام المصرفي العالمي الجديد»، ليعمل بشروط تختلف عن تلك التي أدّت إلى الأزمة الحاليّة، ويقوم على مبدأ أساسي هو شرط ارتباط خطة الإنقاذ بوضع ضوابط جديدة للعمل المصرفي العالمي وتقييد الإقراض نسبة إلى الرأسمال من طريق إيجاد هيئة رقابيّة مصرفيّة عالميّة على مستوى البنك الدولي.
أمّا بالنسبة إلى انعكاس الأزمة على الخليج العربي، فيمكن ملاحظة أنّ انضمام الأسواق الخليجيّة إلى مجموعة الأسواق العالميّة، والانفتاح تحت ضغوط العولمة، إلى عمليّات بيع دفعت نحو انخفاض تلك الأسواق بنسب تتراوح بين 40 في المئة و50 في المئة. والمفارقة أنّ تلك الأسواق تتمتّع بنسب نموّ صحيّة جداً، وهذا دليل على أنّ نظام العولمة الذي حبّذ حرية تدفّق الأموال والخدمات، أدّى إلى نتيجة سلبيّة، حسبما نشهد.
وفي المقابل، تظهر انعكاسات المخاطر مقزّمة في لبنان، لأنّ من حسن حظّ هذا البلد أنّ سوقه صغيرة وليس هناك وجود للإقراض غير المسؤول فيه، إذ إنّ نظامه المصرفي يواجه خطراً من نوع آخر هو إقراض الدولة اللبنانية بهذا القدر. ويبدو توسّعها نحو الأسواق الإقليميّة خطوة إيجابيّة. والتحدّي الكبير سيكون عام 2009 عندما ستضطرّ الدولة مجدّداً إلى الاقتراض، الذي يُرجى أن يكون متاحاً في ظلّ إعادة فلسفة الإقراض عموماً.