من هناك
09-15-2008, 01:27 PM
دماؤهم ذهبت هدراً – فهمي هويدي
[/URL][url]http://fahmyhoweidy.jeeran (http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archive/2008/9/675326.html).com/archive/2008/9/675326.html
هل تذهب هدرا دماء ضحايا فاجعة «الدويقة» التي انهارتفيها الصخور فوق رؤوس الفقراء؟ وهل نكتفي في معالجة الكارثة بمتابعاتالرئيس وتوجيهاته وتوزيع المبالغ النقدية على أهالي الضحايا، وتوزيع عقودالمساكن الجديدة على المحظوظين؟
لا اعتراض على الإجراءات التي تمت بعدماوقعت الواقعة، رغم تواتر المعلومات الخاصة بضعف كفاءة عملية إنقاذ الضحايا -الذي لا يفاجئنا بعد ما حدث في اطفاء حريق مجلس الشورى- لكن ما يهمني فياللحظة الراهنة هو مرحلة ما قبل الكارثة، وذلك الاهمال المروع للمناطقالمحيطة بجبل المقطم، الذي حين طال أمده -رغم التحذيرات وأجراس التنبيهوالانذار- وقعت الكارثة.
في الخبر الرئيسي الذي نشره الاهرام على صفحتهالاولى يوم الثلاثاء الماضي 9/9 أن محافظ القاهرة عرض على رئيس الجمهوريةتقريرا أوضح أن التحذير من خطورة إقامة منازل بتلك المنطقة بدأ منذ عام 1993 تاريخ سقوط أول صخرة كبيرة من جبل المقطم على المساكن المحيطة به. وهذه المعلومة صحيحة. أضاف إليها الخبراء الذين تحدثوا للصحف العربية خلالالايام الاخيرة ان عدة جهات في الدولة قدمت الى محافظة القاهرة ووزارةالاسكان تقارير عديدة تحدثت عن خطورة جبل المقطم على المساكن المحيطة به. وهذه الجهات هي: هيئة المساحة الجيولوجية- المعهد القومي للدراساتالجيوفيزيقية- معهد الاستشعار عن بعد- معهد أبحاث البناء- والمركز القوميللبحوث.
وهو ما يعني أنه خلال السنوات الخمس عشرة السابقة كان هناك شبهاجماع على خطورة العيش في هذه المنطقة. ومع ذلك ظلت المباني تقام وتزودبالمياه والكهرباء بصورة أو بأخرى. وتم ذلك كله دون ان تحرك المحافظة أووزارة الاسكان ساكنا. وهو ما وضعنا امام مفارقة من العيار الثقيل، وجدنافيه السلطة تلزم الذين يقودون السيارات بوضع حزام الأمان حرصا على حياتهم،وتوقع عليهم غرامات ثقيلة إن هم خالفوا التعليمات. في حين تترك آلاف البشرمعرضين للموت لمدة خمسة عشر عاما على الأقل، وكأن كل الكلام الذي ذكرتهتقارير الخبراء كان مجرد هراء وثرثرة لا قيمة لها. وهو ما يدعونا الىالتساؤل: من المسؤول عن ذلك الاهمال الجسيم، الذي يرقى الى مستوى العمدالذي افضى الى موت عشرات الضحايا؟
لابد أولا من التحقق من صحة المعلومات،التي لا يكفي تواتر النشر في إثباتها وفي الظروف العادية. في البلادالمحترمة تحديدا التي تحترم فيها الحقيقة وقيمة الإنسان، تشكل لجنة لتقصيحقائق الموضوع في الحالات المماثلة. وبعد أن تنهي اللجنة مهمتها وتحددأوجه الخطأ والمسؤولية، يحاسب كل مسؤول عما اقترفت يداه جنائيا او مدنيااو سياسيا. وللأسف فإن هذا التقليد نعرفه جيدا لكننا إما اننا لا نمارسهأو لا نأخذه على محمل الجد.
وقصة عبّارة الموت التي قتل فيها اكثر من الفمصري نموذجية في هذا الصدد، ذلك ان لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلسالشعب كشفت النقاب عن حقائق الإهمال الفادح في تجهيز السفينة والإهمالالمماثل في انقاذ ركابها بعد الغرق. وأشارت بأصابع الاتهام الى مسؤوليةجهات بذاتها عما جرى، لكن أحدا لم يحاسب حتى هذه اللحظة، وتمت تبرئة صاحبالسفينة.
قلت من قبل إن المواطن العادي في المحروسة لا ثمن له ولا بواكيعليه. وأضيف أن نظامنا يحاسب الصغار وحدهم في مثل هذه الكوارث، ويغض الطرفعن المسؤولية السياسية والأدبية التي يتحملها الكبار، لأنهم لا يستمدونقيمتهم من إنجاز يقدمونه او عبقرية يتمتعون بها، ولكن بقاءهم مرهونبولائهم وشمولهم بالرضى السامي. وتلك عناصر توفر لهم حصانة تجعلهم فوقالقانون. وهو وضع قد يختلف في حالة استثنائية واحدة، تتمثل في تدخل عنصرخارجي، كما حدث في جريمة الموسم الاخيرة.
واتساقا مع القاعدة والأصل فإننالا نتوقع ان يحاسب المسؤولون عن الاهمال في كارثة الدويقة، ولا يخطرببالنا ان يستيقظ ضمير احد منهم فيقدم استقالته من موقعه بسبب ما حدث. وإذا تحقق ذلك، وبقي كل واحد منهم في مكانه، فلا تقلق لأن ذلك سيطمئنك الىأنك «أكيد في مصر»!
[/URL][url]http://fahmyhoweidy.jeeran (http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archive/2008/9/675326.html).com/archive/2008/9/675326.html
هل تذهب هدرا دماء ضحايا فاجعة «الدويقة» التي انهارتفيها الصخور فوق رؤوس الفقراء؟ وهل نكتفي في معالجة الكارثة بمتابعاتالرئيس وتوجيهاته وتوزيع المبالغ النقدية على أهالي الضحايا، وتوزيع عقودالمساكن الجديدة على المحظوظين؟
لا اعتراض على الإجراءات التي تمت بعدماوقعت الواقعة، رغم تواتر المعلومات الخاصة بضعف كفاءة عملية إنقاذ الضحايا -الذي لا يفاجئنا بعد ما حدث في اطفاء حريق مجلس الشورى- لكن ما يهمني فياللحظة الراهنة هو مرحلة ما قبل الكارثة، وذلك الاهمال المروع للمناطقالمحيطة بجبل المقطم، الذي حين طال أمده -رغم التحذيرات وأجراس التنبيهوالانذار- وقعت الكارثة.
في الخبر الرئيسي الذي نشره الاهرام على صفحتهالاولى يوم الثلاثاء الماضي 9/9 أن محافظ القاهرة عرض على رئيس الجمهوريةتقريرا أوضح أن التحذير من خطورة إقامة منازل بتلك المنطقة بدأ منذ عام 1993 تاريخ سقوط أول صخرة كبيرة من جبل المقطم على المساكن المحيطة به. وهذه المعلومة صحيحة. أضاف إليها الخبراء الذين تحدثوا للصحف العربية خلالالايام الاخيرة ان عدة جهات في الدولة قدمت الى محافظة القاهرة ووزارةالاسكان تقارير عديدة تحدثت عن خطورة جبل المقطم على المساكن المحيطة به. وهذه الجهات هي: هيئة المساحة الجيولوجية- المعهد القومي للدراساتالجيوفيزيقية- معهد الاستشعار عن بعد- معهد أبحاث البناء- والمركز القوميللبحوث.
وهو ما يعني أنه خلال السنوات الخمس عشرة السابقة كان هناك شبهاجماع على خطورة العيش في هذه المنطقة. ومع ذلك ظلت المباني تقام وتزودبالمياه والكهرباء بصورة أو بأخرى. وتم ذلك كله دون ان تحرك المحافظة أووزارة الاسكان ساكنا. وهو ما وضعنا امام مفارقة من العيار الثقيل، وجدنافيه السلطة تلزم الذين يقودون السيارات بوضع حزام الأمان حرصا على حياتهم،وتوقع عليهم غرامات ثقيلة إن هم خالفوا التعليمات. في حين تترك آلاف البشرمعرضين للموت لمدة خمسة عشر عاما على الأقل، وكأن كل الكلام الذي ذكرتهتقارير الخبراء كان مجرد هراء وثرثرة لا قيمة لها. وهو ما يدعونا الىالتساؤل: من المسؤول عن ذلك الاهمال الجسيم، الذي يرقى الى مستوى العمدالذي افضى الى موت عشرات الضحايا؟
لابد أولا من التحقق من صحة المعلومات،التي لا يكفي تواتر النشر في إثباتها وفي الظروف العادية. في البلادالمحترمة تحديدا التي تحترم فيها الحقيقة وقيمة الإنسان، تشكل لجنة لتقصيحقائق الموضوع في الحالات المماثلة. وبعد أن تنهي اللجنة مهمتها وتحددأوجه الخطأ والمسؤولية، يحاسب كل مسؤول عما اقترفت يداه جنائيا او مدنيااو سياسيا. وللأسف فإن هذا التقليد نعرفه جيدا لكننا إما اننا لا نمارسهأو لا نأخذه على محمل الجد.
وقصة عبّارة الموت التي قتل فيها اكثر من الفمصري نموذجية في هذا الصدد، ذلك ان لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلسالشعب كشفت النقاب عن حقائق الإهمال الفادح في تجهيز السفينة والإهمالالمماثل في انقاذ ركابها بعد الغرق. وأشارت بأصابع الاتهام الى مسؤوليةجهات بذاتها عما جرى، لكن أحدا لم يحاسب حتى هذه اللحظة، وتمت تبرئة صاحبالسفينة.
قلت من قبل إن المواطن العادي في المحروسة لا ثمن له ولا بواكيعليه. وأضيف أن نظامنا يحاسب الصغار وحدهم في مثل هذه الكوارث، ويغض الطرفعن المسؤولية السياسية والأدبية التي يتحملها الكبار، لأنهم لا يستمدونقيمتهم من إنجاز يقدمونه او عبقرية يتمتعون بها، ولكن بقاءهم مرهونبولائهم وشمولهم بالرضى السامي. وتلك عناصر توفر لهم حصانة تجعلهم فوقالقانون. وهو وضع قد يختلف في حالة استثنائية واحدة، تتمثل في تدخل عنصرخارجي، كما حدث في جريمة الموسم الاخيرة.
واتساقا مع القاعدة والأصل فإننالا نتوقع ان يحاسب المسؤولون عن الاهمال في كارثة الدويقة، ولا يخطرببالنا ان يستيقظ ضمير احد منهم فيقدم استقالته من موقعه بسبب ما حدث. وإذا تحقق ذلك، وبقي كل واحد منهم في مكانه، فلا تقلق لأن ذلك سيطمئنك الىأنك «أكيد في مصر»!