من هناك
08-11-2008, 12:23 AM
حين يلتقي تنظيم القاعدة و14 آذار على حزب اللّه
http://www.al-akhbar.com/files/images/p06_20080811_pic1.full.jpg
غلاف كتاب عطية اللّه «حزب اللّه» (مروان طحطح)
لو لم يكن اسم عطية الله نفسه على الكتاب، ولم تصدره مؤسسة السحاب التابعة لـ «القاعدة»، لأمكن القول إن الكتاب هو أحد المنشورات التي تسرّبها قوى 14 آذار، وخاصة تيار المستقبل، التي تحرّض على الشيعة في السر، وتنتشر بين السنة. فالسياق والمنطق والاستنتاجات مذهلة في تقاربها
فداء عيتاني
يأتي كتاب للقيادي في تنظيم القاعدة وأحد أبرز كتّابها ومفكّريها، أبو عبد الرحمن عطية الله، في لحظة لبنانية متأزمة وخطرة، بعد أعوام من الشحن المذهبي، والعنف الذي انفجر في أيار من العام الحالي وحسم الصراع الداخلي، وأخذ الأطراف اللبنانية إلى الدوحة، وعاد بهم في طائرة حملت، إليهم، الاتفاق الذي تمّ والحلول التي تكرس في النهاية غلبة فريق المعارضة على الأكثرية النيابية. ويأتي الكتاب في ظل شعور أبناء السنّة بالمرارة نتيجة ما جرى، وارتفاع أصوات تحاول ما تمكنت، التحريض على حزب الله كعماد للمعارضة، وتسعى إلى الاستقطاب، ولو من باب الميليشيات في البقاع والشمال. وأكثر من ذلك، يتبنّى فجأة مفتي الجمهورية قضية الأسرى والمعتقلين والموقوفين والمحكومين الجهاديّين في سجن رومية، ويؤلّف لجنة متابعة مركزية لقضيتهم، بينما يلهث نواب تيار المستقبل لطلب ودّ هذه القضية التي سبق أن تجاهلوها أكثر من عامين. وحين أضرب المساجين أنفسهم عن الطعام في خريف العام الماضي في سجن رومية، لم يجدوا من ينصرهم، أو ينقل صراخهم، لا مفتي الجمهورية ولا نواب من تيار المستقبل أو غيره، بل أرسلت إليهم القوى الأمنية، التي يتهم تيار المستقبل بأنه هو من يسيّرها، من يتعرض للسجناء بالضرب ويجبرهم على فك الإضراب عن الطعام.
أما اليوم، فالصورة تختلف تماماً. وفي هذه الصورة المختلفة، يصدر كتاب عطية الله الذي يحمل عنوان «حزب الله اللبناني والقضية الفلسطينية: رؤية كاشفة» ليضع موقفاً شرعياً وفقهياً واضحاً معادياً لحزب الله وللشيعة بشكل عام، وهو يناقض ما سبق أن أدلى به الدكتور أيمن الظواهري من تأييد لجهاد حزب الله، وخاصة في المرحلة التالية على حرب تموز عام 2006.
يبدأ الكتاب بتعريف حزب الله بأنه «حزب رافضيّ فيه حظ وافر من «الباطنية»، فهناك إذن ظاهرٌ وباطن، وهناك قدر كبير من الغموض والخداع والتمويه والكذب والدجل»، وهو تعريف لا يترك مجالاً لأي بحث. ويبرّر الكاتب عدم بدئه البحث بأسلوب منهجي بالقول «لست بصدد البحث عن حقيقة هذا الحزب وملّته، فهي عندنا معلومة مستيقنة لا تخفى، بل المقصود من الكتابة هو تجلية حقيقة هذا الحزب للناس بالطرق المنطقية والدلائل العقلية، التي تقنع المسلمين بخطره وفساده العظيم».
ويسرد الكاتب على مدى صفحات طويلة «ظاهر وباطن الشيعة» متجوّلاً في صفحات متناثرة من التاريخ الحديث والقديم، وشارحاً أن الشيعة ليسوا جزءاً من الإسلام أو مذهباً من مذاهبه، وأن ما يمارسونه هو التقية، محذّراً من علماء الإسلام (السنّة) الذين يدعون إلى التقارب السني الشيعي، «إن ما يمارسه بعض المنتسبين إلى الإسلام والسنة من علماء ومفكرين من دعوة إلى التقريب، والقول بأن السنة والشيعة مذهبان في الإسلام ونحو ذلك، لهو تلبيس عظيم وإفساد في دين الله.
http://www.al-akhbar.com/files/images/p06_20080811_pic2.jpg
خلال استعراض حزب اللّه في يوم القدس (رمزي حيدر ــ أ ف ب)
ويسهب الكاتب في شرح خلفيات التشيع وأهداف إيران والموقف منها، بصفتها ليست هي دولة الإسلام، بل دولة التشيّع وإمبراطورية الفرس التي تحاول مد مشروعها الإمبراطوري الشيعي نحو كل بلاد الإسلام، دون أن ينفي الصراع القائم بينها وبين الولايات المتحدة، حيث لا مراء بأن «الكفرة يقاتلون الكفرة»، مضيفاً إسهاباً آخر في شرح التعاون ما بين إيران وسوريا، وانطلاقاً من استراتيجية إيران التي تسعى للسيطرة على بلاد الإسلام (السنة)، فهي تقوم بالتالي: «الادّعاء بأننا جميعاً مسلمون (سنة وشيعة) ولا فرق بيننا إلا كما توجد الفروق بين مذاهب المسلمين، احتضان وتبنّي قضايا المسلمين الكبرى التي لها التأثير البالغ في أمة الإسلام جمعاء، التظاهر عموماً بحمل راية الإسلام، ومحاولة ملء الفراغ الحاصل في أمة الإسلام»، وهذا بحسب الكاتب ما يمثّل ظاهر الشيعة، وأما باطنهم فهو: انتسابهم إلى الإسلام عند أنفسهم هو انتساب صادق إلا أنهم يريدون الإسلام كما يريدونه هم، أي على وفق ما تهواه أنفسهم، لا كما أنزله الله، فهم إذن على، دينٍ وضعيّ، ينطلقون ـــــ في الجملة ـــــ من هذا الدين المذكور ومبادئه، مضافةً إليها أساسات ومبادئ ومنطلقات أخرى مثل الدوافع القومية المليّة الفارسيّة والحضارية والتاريخية، والسياسية التوسّعية، وغيرها». غير شاذ في قوله عن كل ما تستند إليه الدعاية الأكثرية في لبنان.
وعلى مدى أكثر من نصف الكتاب المعنون باسم حزب الله يجول الكاتب في إيران والشيعة قبل أن يصل إلى حزب الله ولبنان، ليبني على مجموعة من المغالطات ما يسميه «سمة التناقض والغموض»، حيث يتحدث عن أعمال تهجير للسنّة في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت في وسط الثمانينات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي يعرف أي لبناني أنه لم يقع أساساً، ولا يحرم حزب الله المشاركة إلى جانب حركة أمل في قتال الفلسطينيين في لبنان، وهو أيضاً أمر لم يقع تاريخاً، ويشير إلى أن حركة أمل لم تناسب المشروع الإيراني الشيعي، ويخلص إلى القول إن «الحزب ما هو إلا منظمة شيعية هي وسيلة وأداة لخدمة أجندة واستراتيجية الرافضة، وهي إيرانية خمينية قبل أن تكون لبنانية»، وهو ما لا ننفك نسمعه من الليبراليين العرب والديموقراطيين اللبنانيين، كما نقرأه مؤخراً من أدبيات تنظيم القاعدة.
كما يصيب الخلط الكاتب لناحية تاريخ العلاقات الإيرانية السورية وتعثراتها وتقدمها، ويظهر عن جهل، أو عن قصر المعلومات لتصب في مصلحة فكرته الأساس التي صاغ كل مبحثه لتأكيدها لا للتوصل إليها.
ويقول الكاتب إن هدف إيران «خدمة الاستراتيجية الشيعية الكبرى، بحيث يكون «حزب الله» أداة للحركة الشيعية الكبرى في لبنان وعلى مقربة من القدس، وللتغلغل الشيعي في جسد الأمة»، ومن أجل ذلك «فلا يمكن للحزب إلا أن يجعل القضية الفلسطينية وقضية (الـ)مقاومة من أوائل اهتماماته، لأنها هي المدخل لخدمة استراتيجية الرافضة، فهو يبني مجداً، وينشر دينه، ويتوسّع على مستوى الأمة الإسلامية، ويؤسس للقيادة الرافضية المأمولة عندهم وزعامة الأمة الإسلامية التي هي حُلُمهم الأبديّ». ولذلك «لا بد من دعم المقاومة في فلسطين! لكن من شرط ذلك أن تكون هذه المقاومة قابلة لذلك، وهو الذي كان».
ويضيف إن لحزب الله أجندتين محلية وعالمية تندرجان تحت الاستراتيجية الشيعية، وكلتاهما بحاجة إلى تبني خيار مقاومة العدو الإسرائيلي ودعم المقاومة الفلسطينية، وقناعة بأن تحرير فلسطين هو مقدمة لخروج المهدي (السردابي بحسب النص) المنتظر.
واللافت هو تسمية الشيخ ماهر حمود كمثال وحيد عمن «اشترى حزب الله ذممهم واصطنعهم أولياء له»، وتسمية حركة الإخوان المسلمين ومهاجمتها، وخاصة في فلسطين، وهي أساس حركة حماس، كما مهاجمة الشيخ يوسف القرضاوي. ويغرق الكاتب في مجموعة من الأغاليط الفادحة، منها زج اسم نبيه بري وحركة أمل في مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982، والنقل عن لسان حسن نصر الله اعتباره المقاومين في العراق «وهابيين تكفيريّين».
وفي خاتمة الكتاب يخلص عطية الله إلى القول: «ولا بد أن يعلم المسلم أن هذا الحزب ومقاومته وأعماله التي ظاهرها البطولة ومقاومة المحتل الغاصب والدفاع عن الأرض والدين والعرض... أنها كلها فتنة وابتلاء عظيم يختبر الله به العباد».
عطية الله
هو عطية عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن عطية الله، قيادي في تنظيم القاعدة، تلقى العلم الشرعي في موريتانيا قبل أن ينتقل إلى أفغانستان ويمكث فيها، وهو يغيب ويعود إلى الظهور في فترات متباعدة منذ عام 2000، ولا يعرف مكان وجوده الحالي.
سجن عطية الله في الجزائر، من جانب إحدى المجموعات الجهادية، التي أصدرت فتوى بقتله، واعتقل لمدة أشهر في إحدى الإمارات، لكنه استطاع الفرار من السجن مع جهاديين ليبيين، وهرب إلى منطقة أخرى قبل أن يغادر الجزائر، وعاد إلى أفغانستان عام 2000 قبل الاجتياح حيث التقى كبار قادة التنظيم هناك.
ويرى العديد من مقاتلي القاعدة أن عطية الله هو ضابط اتصال في التنظيم، وهو مطلوب على اللائحة الأميركية، وعرض مقابل القبض عليه 5 ملايين دولار، حيث أعلن اسمه مع الحكايمة القيادي في الجماعة الإسلامية المصرية، وعبد الهادي العراقي أحد قادة القاعدة العسكريين، الذي يقاتل الآن في أفغانستان، وله مشاركات كثيرة في الإنترنت، وكان يكتب بنفسه، حتى بدأ يشتد الطلب عليه فأصبح يرسلها إلى منتديات الحسبة.
ويعدّ عطية الله أستاذ الأمير أبو مصعب الزرقاوي، الذي حين انتقد عطيّة الله القاعدة أخرج الزرقاوي بياناً بعنوان «دعوا عطية الله فهو أعلم بما يقول».
http://www.al-akhbar.com/files/images/p06_20080811_pic1.full.jpg
غلاف كتاب عطية اللّه «حزب اللّه» (مروان طحطح)
لو لم يكن اسم عطية الله نفسه على الكتاب، ولم تصدره مؤسسة السحاب التابعة لـ «القاعدة»، لأمكن القول إن الكتاب هو أحد المنشورات التي تسرّبها قوى 14 آذار، وخاصة تيار المستقبل، التي تحرّض على الشيعة في السر، وتنتشر بين السنة. فالسياق والمنطق والاستنتاجات مذهلة في تقاربها
فداء عيتاني
يأتي كتاب للقيادي في تنظيم القاعدة وأحد أبرز كتّابها ومفكّريها، أبو عبد الرحمن عطية الله، في لحظة لبنانية متأزمة وخطرة، بعد أعوام من الشحن المذهبي، والعنف الذي انفجر في أيار من العام الحالي وحسم الصراع الداخلي، وأخذ الأطراف اللبنانية إلى الدوحة، وعاد بهم في طائرة حملت، إليهم، الاتفاق الذي تمّ والحلول التي تكرس في النهاية غلبة فريق المعارضة على الأكثرية النيابية. ويأتي الكتاب في ظل شعور أبناء السنّة بالمرارة نتيجة ما جرى، وارتفاع أصوات تحاول ما تمكنت، التحريض على حزب الله كعماد للمعارضة، وتسعى إلى الاستقطاب، ولو من باب الميليشيات في البقاع والشمال. وأكثر من ذلك، يتبنّى فجأة مفتي الجمهورية قضية الأسرى والمعتقلين والموقوفين والمحكومين الجهاديّين في سجن رومية، ويؤلّف لجنة متابعة مركزية لقضيتهم، بينما يلهث نواب تيار المستقبل لطلب ودّ هذه القضية التي سبق أن تجاهلوها أكثر من عامين. وحين أضرب المساجين أنفسهم عن الطعام في خريف العام الماضي في سجن رومية، لم يجدوا من ينصرهم، أو ينقل صراخهم، لا مفتي الجمهورية ولا نواب من تيار المستقبل أو غيره، بل أرسلت إليهم القوى الأمنية، التي يتهم تيار المستقبل بأنه هو من يسيّرها، من يتعرض للسجناء بالضرب ويجبرهم على فك الإضراب عن الطعام.
أما اليوم، فالصورة تختلف تماماً. وفي هذه الصورة المختلفة، يصدر كتاب عطية الله الذي يحمل عنوان «حزب الله اللبناني والقضية الفلسطينية: رؤية كاشفة» ليضع موقفاً شرعياً وفقهياً واضحاً معادياً لحزب الله وللشيعة بشكل عام، وهو يناقض ما سبق أن أدلى به الدكتور أيمن الظواهري من تأييد لجهاد حزب الله، وخاصة في المرحلة التالية على حرب تموز عام 2006.
يبدأ الكتاب بتعريف حزب الله بأنه «حزب رافضيّ فيه حظ وافر من «الباطنية»، فهناك إذن ظاهرٌ وباطن، وهناك قدر كبير من الغموض والخداع والتمويه والكذب والدجل»، وهو تعريف لا يترك مجالاً لأي بحث. ويبرّر الكاتب عدم بدئه البحث بأسلوب منهجي بالقول «لست بصدد البحث عن حقيقة هذا الحزب وملّته، فهي عندنا معلومة مستيقنة لا تخفى، بل المقصود من الكتابة هو تجلية حقيقة هذا الحزب للناس بالطرق المنطقية والدلائل العقلية، التي تقنع المسلمين بخطره وفساده العظيم».
ويسرد الكاتب على مدى صفحات طويلة «ظاهر وباطن الشيعة» متجوّلاً في صفحات متناثرة من التاريخ الحديث والقديم، وشارحاً أن الشيعة ليسوا جزءاً من الإسلام أو مذهباً من مذاهبه، وأن ما يمارسونه هو التقية، محذّراً من علماء الإسلام (السنّة) الذين يدعون إلى التقارب السني الشيعي، «إن ما يمارسه بعض المنتسبين إلى الإسلام والسنة من علماء ومفكرين من دعوة إلى التقريب، والقول بأن السنة والشيعة مذهبان في الإسلام ونحو ذلك، لهو تلبيس عظيم وإفساد في دين الله.
http://www.al-akhbar.com/files/images/p06_20080811_pic2.jpg
خلال استعراض حزب اللّه في يوم القدس (رمزي حيدر ــ أ ف ب)
ويسهب الكاتب في شرح خلفيات التشيع وأهداف إيران والموقف منها، بصفتها ليست هي دولة الإسلام، بل دولة التشيّع وإمبراطورية الفرس التي تحاول مد مشروعها الإمبراطوري الشيعي نحو كل بلاد الإسلام، دون أن ينفي الصراع القائم بينها وبين الولايات المتحدة، حيث لا مراء بأن «الكفرة يقاتلون الكفرة»، مضيفاً إسهاباً آخر في شرح التعاون ما بين إيران وسوريا، وانطلاقاً من استراتيجية إيران التي تسعى للسيطرة على بلاد الإسلام (السنة)، فهي تقوم بالتالي: «الادّعاء بأننا جميعاً مسلمون (سنة وشيعة) ولا فرق بيننا إلا كما توجد الفروق بين مذاهب المسلمين، احتضان وتبنّي قضايا المسلمين الكبرى التي لها التأثير البالغ في أمة الإسلام جمعاء، التظاهر عموماً بحمل راية الإسلام، ومحاولة ملء الفراغ الحاصل في أمة الإسلام»، وهذا بحسب الكاتب ما يمثّل ظاهر الشيعة، وأما باطنهم فهو: انتسابهم إلى الإسلام عند أنفسهم هو انتساب صادق إلا أنهم يريدون الإسلام كما يريدونه هم، أي على وفق ما تهواه أنفسهم، لا كما أنزله الله، فهم إذن على، دينٍ وضعيّ، ينطلقون ـــــ في الجملة ـــــ من هذا الدين المذكور ومبادئه، مضافةً إليها أساسات ومبادئ ومنطلقات أخرى مثل الدوافع القومية المليّة الفارسيّة والحضارية والتاريخية، والسياسية التوسّعية، وغيرها». غير شاذ في قوله عن كل ما تستند إليه الدعاية الأكثرية في لبنان.
وعلى مدى أكثر من نصف الكتاب المعنون باسم حزب الله يجول الكاتب في إيران والشيعة قبل أن يصل إلى حزب الله ولبنان، ليبني على مجموعة من المغالطات ما يسميه «سمة التناقض والغموض»، حيث يتحدث عن أعمال تهجير للسنّة في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت في وسط الثمانينات من القرن الماضي، وهو الأمر الذي يعرف أي لبناني أنه لم يقع أساساً، ولا يحرم حزب الله المشاركة إلى جانب حركة أمل في قتال الفلسطينيين في لبنان، وهو أيضاً أمر لم يقع تاريخاً، ويشير إلى أن حركة أمل لم تناسب المشروع الإيراني الشيعي، ويخلص إلى القول إن «الحزب ما هو إلا منظمة شيعية هي وسيلة وأداة لخدمة أجندة واستراتيجية الرافضة، وهي إيرانية خمينية قبل أن تكون لبنانية»، وهو ما لا ننفك نسمعه من الليبراليين العرب والديموقراطيين اللبنانيين، كما نقرأه مؤخراً من أدبيات تنظيم القاعدة.
كما يصيب الخلط الكاتب لناحية تاريخ العلاقات الإيرانية السورية وتعثراتها وتقدمها، ويظهر عن جهل، أو عن قصر المعلومات لتصب في مصلحة فكرته الأساس التي صاغ كل مبحثه لتأكيدها لا للتوصل إليها.
ويقول الكاتب إن هدف إيران «خدمة الاستراتيجية الشيعية الكبرى، بحيث يكون «حزب الله» أداة للحركة الشيعية الكبرى في لبنان وعلى مقربة من القدس، وللتغلغل الشيعي في جسد الأمة»، ومن أجل ذلك «فلا يمكن للحزب إلا أن يجعل القضية الفلسطينية وقضية (الـ)مقاومة من أوائل اهتماماته، لأنها هي المدخل لخدمة استراتيجية الرافضة، فهو يبني مجداً، وينشر دينه، ويتوسّع على مستوى الأمة الإسلامية، ويؤسس للقيادة الرافضية المأمولة عندهم وزعامة الأمة الإسلامية التي هي حُلُمهم الأبديّ». ولذلك «لا بد من دعم المقاومة في فلسطين! لكن من شرط ذلك أن تكون هذه المقاومة قابلة لذلك، وهو الذي كان».
ويضيف إن لحزب الله أجندتين محلية وعالمية تندرجان تحت الاستراتيجية الشيعية، وكلتاهما بحاجة إلى تبني خيار مقاومة العدو الإسرائيلي ودعم المقاومة الفلسطينية، وقناعة بأن تحرير فلسطين هو مقدمة لخروج المهدي (السردابي بحسب النص) المنتظر.
واللافت هو تسمية الشيخ ماهر حمود كمثال وحيد عمن «اشترى حزب الله ذممهم واصطنعهم أولياء له»، وتسمية حركة الإخوان المسلمين ومهاجمتها، وخاصة في فلسطين، وهي أساس حركة حماس، كما مهاجمة الشيخ يوسف القرضاوي. ويغرق الكاتب في مجموعة من الأغاليط الفادحة، منها زج اسم نبيه بري وحركة أمل في مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982، والنقل عن لسان حسن نصر الله اعتباره المقاومين في العراق «وهابيين تكفيريّين».
وفي خاتمة الكتاب يخلص عطية الله إلى القول: «ولا بد أن يعلم المسلم أن هذا الحزب ومقاومته وأعماله التي ظاهرها البطولة ومقاومة المحتل الغاصب والدفاع عن الأرض والدين والعرض... أنها كلها فتنة وابتلاء عظيم يختبر الله به العباد».
عطية الله
هو عطية عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن عطية الله، قيادي في تنظيم القاعدة، تلقى العلم الشرعي في موريتانيا قبل أن ينتقل إلى أفغانستان ويمكث فيها، وهو يغيب ويعود إلى الظهور في فترات متباعدة منذ عام 2000، ولا يعرف مكان وجوده الحالي.
سجن عطية الله في الجزائر، من جانب إحدى المجموعات الجهادية، التي أصدرت فتوى بقتله، واعتقل لمدة أشهر في إحدى الإمارات، لكنه استطاع الفرار من السجن مع جهاديين ليبيين، وهرب إلى منطقة أخرى قبل أن يغادر الجزائر، وعاد إلى أفغانستان عام 2000 قبل الاجتياح حيث التقى كبار قادة التنظيم هناك.
ويرى العديد من مقاتلي القاعدة أن عطية الله هو ضابط اتصال في التنظيم، وهو مطلوب على اللائحة الأميركية، وعرض مقابل القبض عليه 5 ملايين دولار، حيث أعلن اسمه مع الحكايمة القيادي في الجماعة الإسلامية المصرية، وعبد الهادي العراقي أحد قادة القاعدة العسكريين، الذي يقاتل الآن في أفغانستان، وله مشاركات كثيرة في الإنترنت، وكان يكتب بنفسه، حتى بدأ يشتد الطلب عليه فأصبح يرسلها إلى منتديات الحسبة.
ويعدّ عطية الله أستاذ الأمير أبو مصعب الزرقاوي، الذي حين انتقد عطيّة الله القاعدة أخرج الزرقاوي بياناً بعنوان «دعوا عطية الله فهو أعلم بما يقول».