أم ورقة
08-06-2008, 09:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
... اليوم كنّا في زيارة عند سيّدة، و وجدناها تحمل حفيدها ذو الخمسة أشهر...
فقالت لنا ان أبويه تركوه عندها لأنهما سيذهبان الى مشوار ما... ثم يعودان ليأخذاه...
ثم عندما جَلسَت... وضعته على حضنها، و أخذت تطعمه طعاماً مهروساً...
وهو كان بصعوبة يتقبّل هذا الطعام... و فمه امتلأ به، و صار كل وجهه متسخاً..
و "البافيت" صار منظرها لا يطاق...
و الجدّة تبتسم بوجهه، و تلحقه بالملعقة تلو الملعقة.. و نصف الطعام يكون من نصيب البافيت..
فقلت لها: " ربما لم يعجبه هذا الطعام او ربما لا يريد ان يأكل الآن ؟ "
قالت : هو ما زال غير معتاد على ان نطعمه من هذا الطعام...
ثم بدأ الطفل يصرخ... و يخبّط بيديه و رجليه...
و الجدّة تبتسم و تضحك...
ثم مسّحت له وجهه و نزعت عنه البافيت المتسخة... ووضعته في حضن أمّي...
و راحت تحضّر له الحليب ... ثم عادت و معها "الببرونة"
سرعان ما رأى الببرونة حتى انقطع بكاءه... و أخذ يعقّها دون توقّف... حتى شربها كلّها...
فقلنا: هكذا اذاً هو يريد الحليب و ليس ذاك الطعام...
و لكن بعد ذلك عاد للبكاء... فعرفت الجدّة ان هناك مهمّة أخرى ينبغي أن تقوم بها... فأخذته للداخل و قامت بتلك المهمّة...
ثم وضعته على "الصوفا" لكي ينام...
خمد قليلاً و لكن بقي يئن قليلاً.. و يخبّط بجدّته برجليه و يديه..
و الجدة تنظر اليه و تضحك.... مستأنسة بتخبيطاته...
----------
ذاك كان المشهد الأول...
أما المشهد الثاني... فهو مشهد رجل عجوز...
بات لعدّة أشهر على فراشه لا يتحرّك...
صار ينحف أكثر و أكثر...
حتى انه في الآخر حقاً صار " جلد و عظم "
فعظامه حقاً صارت ناتئة...
مرضه هو الذي أضعفه، و لكن كذلك في الآونة الأخيرة رفضه للطعام جعله يضعف أكثر و أكثر...
الشيء المحزن في الأمر ان بعض الذين حوله يتذمّرون من وضعه الحالي
و يضعون اللوم عليه بأنه يتعبهم و انه لا يعاونهم....
و في المقابل نرى ذلك الطفل المدلل، الجميع يضحك له، حتى لو كان يوسّخ و يخبّط جميع من حوله....
نرى أعماله هذه أعمال مهضومة...
بينما اذا تذمّر العجوز او تطلّب تجد الناس لا يتحمّلون
أليس هذا عجيباً غريباً محزناً مقهراً
نسأل الله العافية و ان يشفيه و يعافيه
و نسأل الله حسن الخاتمة
... اليوم كنّا في زيارة عند سيّدة، و وجدناها تحمل حفيدها ذو الخمسة أشهر...
فقالت لنا ان أبويه تركوه عندها لأنهما سيذهبان الى مشوار ما... ثم يعودان ليأخذاه...
ثم عندما جَلسَت... وضعته على حضنها، و أخذت تطعمه طعاماً مهروساً...
وهو كان بصعوبة يتقبّل هذا الطعام... و فمه امتلأ به، و صار كل وجهه متسخاً..
و "البافيت" صار منظرها لا يطاق...
و الجدّة تبتسم بوجهه، و تلحقه بالملعقة تلو الملعقة.. و نصف الطعام يكون من نصيب البافيت..
فقلت لها: " ربما لم يعجبه هذا الطعام او ربما لا يريد ان يأكل الآن ؟ "
قالت : هو ما زال غير معتاد على ان نطعمه من هذا الطعام...
ثم بدأ الطفل يصرخ... و يخبّط بيديه و رجليه...
و الجدّة تبتسم و تضحك...
ثم مسّحت له وجهه و نزعت عنه البافيت المتسخة... ووضعته في حضن أمّي...
و راحت تحضّر له الحليب ... ثم عادت و معها "الببرونة"
سرعان ما رأى الببرونة حتى انقطع بكاءه... و أخذ يعقّها دون توقّف... حتى شربها كلّها...
فقلنا: هكذا اذاً هو يريد الحليب و ليس ذاك الطعام...
و لكن بعد ذلك عاد للبكاء... فعرفت الجدّة ان هناك مهمّة أخرى ينبغي أن تقوم بها... فأخذته للداخل و قامت بتلك المهمّة...
ثم وضعته على "الصوفا" لكي ينام...
خمد قليلاً و لكن بقي يئن قليلاً.. و يخبّط بجدّته برجليه و يديه..
و الجدة تنظر اليه و تضحك.... مستأنسة بتخبيطاته...
----------
ذاك كان المشهد الأول...
أما المشهد الثاني... فهو مشهد رجل عجوز...
بات لعدّة أشهر على فراشه لا يتحرّك...
صار ينحف أكثر و أكثر...
حتى انه في الآخر حقاً صار " جلد و عظم "
فعظامه حقاً صارت ناتئة...
مرضه هو الذي أضعفه، و لكن كذلك في الآونة الأخيرة رفضه للطعام جعله يضعف أكثر و أكثر...
الشيء المحزن في الأمر ان بعض الذين حوله يتذمّرون من وضعه الحالي
و يضعون اللوم عليه بأنه يتعبهم و انه لا يعاونهم....
و في المقابل نرى ذلك الطفل المدلل، الجميع يضحك له، حتى لو كان يوسّخ و يخبّط جميع من حوله....
نرى أعماله هذه أعمال مهضومة...
بينما اذا تذمّر العجوز او تطلّب تجد الناس لا يتحمّلون
أليس هذا عجيباً غريباً محزناً مقهراً
نسأل الله العافية و ان يشفيه و يعافيه
و نسأل الله حسن الخاتمة