تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ولنا كلمة..... في ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية



أبو يونس العباسي
07-25-2008, 09:02 PM
ولنا كلمة..... في ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية(2)
أبو يونس العباسي
- كيف نصل إلى الخلافة وكيف نحافظ عليها ؟ أحبتي في الله : أما عن كيفية الوصول للخلافة فنقول وبالله التوفيق : بأنها تحتاج إلى نوعين من أنواع الإعداد : الأول وهو الأهم : الإعداد الإيماني , والذي يتمثل في اعتقاد العقيدة الصحيحة والجهر بها ومن ثم تحويلها إلى سلوك عملي , إذا فعلنا ذلك فسوف يمكن لنا الملك - سبحانه وتعالى - , قال الله تعالى :" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"(النور:55) , ويذكر أن هرقلا واجه مرة من المرات جيشا كان فيه الكثير من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - , فسأل عنهم ؟ فقيل له : إنهم يقومون الليل , ويصومون النهار , ويوفون بالعهد , ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر , ويتناصفون فيما بينهم " , فقال هرقل : والله إن كان الأمر كما تقول , ليملكون موضع قدمي هاتين , أما الإعداد الثاني : فهو يتعلق بالعدة المادية , وليس مطلوبا منا في العدة المادية أن نساوي الكافرين ونسامتهم في عدتهم , بل لا بد من إعداد المستطاع منها , فإذا أعددنا العدة الإيمانية وأعددنا ما استطعنا من العدة المادية , حصل النصر المؤكد - إن شاء الله - تحقيق لا تعليقا , قال الله تعالى :" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ "(الأنفال60) , والعزيز الحكيم يقول :" لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ"(آل عمران111) , قال الله تعالى :" فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ"(البقرة:249) , قال عبد الله بن رواحة : " وإننا لا نقاتل أعداءنا بعدد ولا عدة , إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به , فإنما هي إحدى الحسنيين , نصر أو شهادة " , ولقد قال أحد الدعاة يوما لأتباعه وصدق : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم , تقم لكم على ارضكم " , وأما عن سبيل المحافظة عليها , فالسبيل موجود في قوله تعالى :" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور"(الحجِ 41) , ويا ليتنا نتدبر خاتمة الآية عندما يقول مولانا "ولله عاقبة الأمور" , لقد تعلمنا في الزمان السابق : بأنه ليس من الصعب صعود الجبل , ولكن الصعوبة تكمن في الثبات على رأس هذا الجبل , أسأل الله الثبات لي ولكم على العروة الوثقى إلى أن نلقاه .
- هل هناك في هذا العالم من يحارب قيام الخلافة الإسلامية ؟ أحبتي في الله : إن مما لا يخفى عليكم , ان الكافرين وكما ورد في اتفاقية (سايكس بيكوا) يحاربون مشروع الخلافة , ويحاربه كذلك من لف لفيفهم من طواغيت العرب وحكوماتهم ومؤسساتهم العلمانية المنتنة , ولا بد ان نعلم بل يجب علينا أن نعتقد أن عداوة الطواغيت عربا وعجما لنا , هي عداوة عقدية دينية بالدرجة الأولى , وهذا هو السر المركزي في الحيلولة دوننا ودون إقامة الخلافة , ويدل على هذا الفهم قول الله تعالى :"وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون"(البقرة:217) , ويقول المولى - سبحانه وتعالى -:" وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة:109) , ويقول ذو الجبروت والعظمة : " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"(التوبة32) , ويقول ربنا الرحمن الرحيم :" وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" , وفي مقابل هذه الجهود الضخمة للحيلولة بيننا وبين الخلافة فإننا نصرخ في أرجاء المعمورة قائلين ومرددين قول الرحمن الرحيم :" وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ " , وحسبنا الله ونعم الوكيل .
- ما هي صفات الخليفة الذي يرضى الله عنه ؟ أحبتي في الله : وهنا نقف عند صفات الخليفة الذي يرتضيه الله تعالى , وأول صفة من صفات الخليفة , ان يكون مسلما حقا وصدقا , قولا وعملا , أن يكون رجلا قد تربى على موائد الكتاب والسنة , ويحكم الكتاب والسنة على نفسه وعلى من تحته ممن استرعاهم الله عنده , قال الله تعالى :"وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا"(النساء:141) , ثم تعالو أيها الإخوة الكرام لنعرف من هو الخليفة ؟ الخليفة هو الإمام الموضوع لخلافة النبوة , وحراسة الدين وسياسة الدنيا , إذن فمن مقاصد الأمامة الحفاظ على الضروريات الخمسة للشريعة , وعلى رأسها الدين , ولا بد على الخليفة أن يسوس الدولة بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , كما هو حال كل الأنبياء الذين حكموا الدنيا بالدين , أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة :أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :"كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء , كلما هلك نبي خلفه نبي " , ولا بد على الخليفة ان يبتعد في أحكامه عن الهوى , وأحكام الهوى : هي تلكم الأحكام التي تخالف الكتاب والسنة , والمقاصد التي يدعوا إليها كتاب الله وسنة رسوله , أو تلكم الأحكام التي تكون فيها جهة الإلزام من جهة بشرية لا من جهة ربانية , كما هو الحال في القوانين الوضعية الموافقة للشريعة , قال الله تعالى :" يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ"(ص:26) , ومن وظائف الخليفة إصلاح أحوال الناس بالمنهج الرباني , ومحاربة الفساد والمفسدين , قال الله تعالى :"وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِين"(الأعراف:142) , والخليفة يبني علاقته مع شعبه على أساس من التواضع وعدم التكبر , ويسعى لترسيخ منظومة الأخلاق الإسلامية في شعبه , ويقيم نظام الحكم على أساس من العدل والعدالة , ويرسخ في قلوب الناس أن طاعته تابعة لطاعة الله ورسوله , ويبين لشعبه حقهم في تعديل اعوجاجاته إن صدرمنه مثل هذه الأشياء , ويبين لهم كذلك حق التعاون معه طالما أنه ملتزم بطريقة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - , وكل هذه الأمور تفهم من خطبة أبي بكر الصديق يوم تولى الخلافة , ففي ذلكم اليوم قال - رضي الله عنه وأرضاه - : "أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم" , ولا ننسى أن نذكر بأن الإمارة عندنا توضع في دائرة التكليف لا التشريف , قال الله تعالى :" إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا *** لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " , أخرج مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول الله ألا تستعملني ؟ قال فضرب بيده على منكبي ثم قال :" يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها . وفي رواية قال له يا أبا ذر إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم " .
- هل ستقوم خلافة على منهاج النبوة مجددا بعد هذا الواقع المرير ؟ أحبتي في الله : أنا لن أجيب على هذا السؤال , بل سيجيبكم عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث عند أحمد وصححه الألباني من حديث حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"تكون النبوة فيكم ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله ان يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله ان تكون ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت" , وإن أمر الإسلام سيصل إلى كل شبر من هذه الأرض , أخرج أحمد في مسنده من حديث تميم الداري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بغز عزيز أو بذل ذليل عزا يعر الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفرفكان تميم الدارمي يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان كافرا منهم الذل والصغار والجزية"
إخوة التوحيد : سننتصر بإذن الله , ستكون العاقبة لنا , سنرفع راية العقاب على الأقصى , وفوق الجامع الأزهر , وفوق الجامع الأموي , وسنرفعها بحق وحقيقة في جزيرة العرب , سنعليها في سماء إيران , وفوق قباب الأندلس و سنرفعها فوق البيت الأبيض بإذن الله , ويومها سنحوله لمسجد يركع ويسجد فيه لرب العالمين , إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا وإننا لصادقون .‌
-إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن بثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم :ابو يونس العباسي
مدينة العزة غزة

أبو يونس العباسي
07-25-2008, 09:04 PM
لمن أراد المزيد : الجزء الثاني من المقال
*
*
*
*
*
*

أبو يونس العباسي
07-25-2008, 09:13 PM
ولنا كلمة..... في ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .
- أحبتي في الله : سأتحدث لكم هذه المرة حول الخلافة الراشدة وسقوطها وبعض الأمور المتعلقة بها , وسأعتمد في هذه المرة طريقة السؤال والجواب , سائلا المولى - سبحانه وتعالى - المعونة والتوفيق .
- لماذا نتحدث عن سقوط الخلافة الإسلامية ؟ والجواب إننا نتحدث حول الخلافة الإسلامية , لأن سقوطها أحدث جرحا عميقا في جسد الأمة الإسلامية , لم يندمل حتى الآن , ولن يندمل حتى تقوم الخلامة الراشدة من جديد , حقا : إن يوما سقطت فيه الخلافة لهو يوم من أيام الله , الذي لابد علينا أن نتذكره ونذكر الناس به ونستخلص ما فيه من عظات وعبر , قال الله تعالى آمرا نبيه موسى - عليه السلام - :" وذكرهم بأيام الله " , إن قصة سقوط الخلافة , قصة لا بد أن يرويها الجيل للجيل , مع ضرورة التذكير , بمواطن الخلل التي أتينا بسببها , وأساليب العلاج للنهوض مجددا لاستكمال مشروعنا العالمي والحضاري والإلهي على حد سواء , قال الله تعالى :"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (يوسف111) , ولقد سقطت الخلافة الإسلامية في 27 من رجب لعام 1342هجري الموافق ل3من مارس لعام 1924ميلادي , قال أحمد شوقي يوم سقطت الخلافة : ضجت عليك مآذن ومنابر *** وبكت عليك ممالك ونواح *** الهند والهة ومصر حزينة *** تبكي عليك بمدمع سحاح *** والشام تسأل والعراق وفارس *** أمحا من الأرض الخلافة ماح , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
- بماذا تختلف دولة الخلافة عن بقية الدول في عالمنا المعاصر ؟ دولة الخلافة قائمة على المنهج الإلهي الذي أوحاه الرب الكريم إلى سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى : "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما " (النساء 105) , بينما دول العالم المعاصر تحكم بالقوانين الوضعية , الضالة والمضلة , الفاسدة والمفسدة , دولة الخلافة تحكم بين الناس (كل الناس) بالعدل , قال الله تعالى :"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا" (النساء:58), بينما دول العالم المعاصر تقوم على الظلم والازواجية في الحكم , تقوم على سياسة الكيل بمكيالين والوزن بميزانين , دولة الخلافة تدعوا إلى كرامة الإنسان , أي إنسان ولأنه إنسان , قال الله تعالى :"ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " (الإسراء70) , بينما دول العالم المعاصر : تقوم على تكريم إنسان دون إنسان , وتكريمهم قائم على مصالح خاصة , وليس قائما من أجل الإنسان كإنسان , دولة الخلافة دولة ترى في إيصال الخير للناس مقصدا من مقاصدها وترى في إيصالها الخيرللناس , سببا من أسباب التقرب إلى الله , ونيل الدرجات العلى في الجنة , قال الله تعالى :" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (107الأنبياء) , وفي نفس المضمار , يقول ربعي بن عامر :"نحن قوم ابتعثنا الله تعالى , لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد , ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام , ومن ضيق الدنيا , إلى سعة الدنيا والآخرة " , فهل دول العالم المعاصر تحمل هذا المنهج ؟ أم إنها تتعامل مع الناس على أساس المثل القائل :"أنا ومن بعدي الطوفان" ؟!!! , حقا : شتان بين دولة قامت أسسها على منهج الله - جل جلاله - وبين دولة قامت أسسها على منهج وضعي منتن , قال الله تعالى :"أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين " (التوبة:109).
- ما هو حكم العمل لبناء دولة الخلافة من جديد ؟ إخوتي في الله : لقد أجمعت الأمة , على وجوب العمل لبناء دولة الخلافة من جديد , إذ إن الخلافة هي القوة التي نحمي بها ديننا ومقدساتنا وأنفسنا وعقولنا وأعراضنا وأموالنا ونسلنا , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , قال الله تعالى : { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض }(البقرة:251) , وقال جل شأنه :"الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" (الحج:40) , وإن تجارب التاريخ علمتنا , ولا زالت تعلمنا أن حقا بدون قوة , هو حق ضائع ولا محالة , قال الله تعالى على لسان لوط عليه السلام :" قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ "(هود:8) , قال عثمان بن عفان - رضي الله عنه :" إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " قوام هذا الدين بكتاب يهدي وبسيف ينصر " , والله تعالى يوم أنزل الكتاب , أنزل معه الحديد , ليذود الحديد دون حرمة الكتاب وحرمة حملته ومتبعيه , قال الله تعالى :" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز"(الحديدٌ:25) , قال أبو تمام : السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب , ومنذ طفولتي وأنا أسمع قومي يقولون : "بالإسلام والبندقية ستحل القضية " , أسأل الله تعالى أن يعجل بحلها , وحل قضايا المسلمين على وجه العموم .
- ما هي العلاقة بين الاستخلاف وبين الأرض التي نحيا عليها ؟ أحبتي في الله : إن مما لا شك فيه أن الله استخلف جنس البشر وبشكل عام , على هذه الأرض , بمعنى :أنه سخر لهم ما خلق على وجه الأرض , وهذا الاستخلاف من لوازمه أن يستخدم الآدمي ما استخلفه الله فيه , وسخره له في طاعة الله ونصرة الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم - , وإلا فسوف تحل العقوبات الدنيوية والأخروية على من يخالف ذلك , وأدلتي على هذا الفهم الآيات التالية : قال الله تعالى :" وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ"(الأنعام: 165) , وقال سبحانه وتعالى :" ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَكَيْفَ تَعْمَلُونَ"(يونس:14) , وقال ذو اللكوت والعظمة :" هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا"(فاطر:29) , وقال الكريم الرحيم :" آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ"(الحديد:7) , وقال الرحيم الرحمن :" ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"( التكاثر:8) .
كيف سقطت الخلافة ؟ أحبتي في الله : كلكم يعلم أن دول الكفر اجتمعت وفكرت وعملت ولسنين متتالية لإسقاط الخلافة الإسلامية , وعدم السماح لقيام أي دولة تقوم على أساس ديني في المستقبل , وقاموا بتجزئة العالم الإسلامي , وزرع كتل من العداوة والبغضاء بين الدول الإسلامية المتجاورة , وبلغ من مكرهم ودهائهم : أنهم يذكون هذه العداوات , ويفعلونها كلما اقتضت مصالحهم ذلك , مستغلين في ذلك كله بلهنا وخفة عقولنا وسعينا وراء التافه من الأمور , وإهمال عظيم الأمور وشريفها , ومما لا بد أن نعرفه أن دول الاستخراب ( ولا أقول الاستعمار ) , ما خرجت من بلادنا إلا يوم ربت أفراخا من أبنائنا على منهجها , لخدمة مصالحها , والذود عن أهدافها وغاياتها في المنطقة , وقطع كل الأيدي الرامية إلى تدمير هذا المشروع الغربي الذي يحظى بحراسة طواغيت العرب , وإن هذا النوع من الخيانات ليس جديدا علينا , فهو جديد قديم , وإلا فقد حدثنا آباؤنا أن الوضيع حسين تعاون مع الدول الكافرة , ووالاها على حساب موالاته للدولة العثمانية المسلمة , فساهم في القضاء على الخلافة مع أسياده من الكافرين , ومقابل فتات من الملك حصل عليه بعد خيانته لهذه الأمة , ألا فلعنة الله على الظالمين , نعم : ولا زلنا نرى الولاء للكافرين على حساب الموحدين عند طواغيت العرب , الذين سماهم الله "منافقين" , وتوعدهم بالعذاب الأليم فقال :" بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *** الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا "(النساء: 138,139) , وجعل الله تعالى من يوالي اليهود والنصارى منهم وتجري عليه احكامهم , قال ذو الجبروت والملكوت: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"(المائدة:51) , وإذا سألت عن سبب البلاءات والمآسي والمصائب والكربات التي أصابت الأمة ؟ قلت لك : هي بسبب ولائنا لليهود والنصارى والروافض ومن والاهم , قال سبحانه وتعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا "(النساء:144) , ولا بد أن نعلم : أنه لا يتصور من رجل يؤمن بالله واليوم الآخر , أن يوالي الكافرين بتاتا , قال الله تعالى :" وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ" , فهذه هي قصتنا الحزينة مع طواغيت باعوا أبناء أمتهم إلى اليهود والنصارى بمتاع زائل , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
- ما هي العلاقة بين الخلافة والوحدة ؟ أحبتي في الله : إن الخلافة هي المؤسسة التي توحد بين كل من تلفظ يكلمة التوحيد حقا وصدقا , مهما كان لونه او جنسه او مكانه , لأننا معاشر المسلمين أمة واحدة , ربنا واحد , ديننا واحد , رسولنا واحد , إذن فلنتوحد على التوحيد , وعبر المؤسسة التي ستعود واقعا من جديد عما قريب - بإذن الله - , قال الله تعالى :" إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ "( الأنبياء:92) , وإن مصيبتنا اليوم في التفرق والاختلاف , مع أننا نملك كل مقومات الوحدة وعلى رأسها "الدين" , حقا إن ذنبنا اعظم من ذنب من تفرق وهو لا يملك مقومات الاجتماع , فالأخير معذور لو ادعى العذر , ولكن هل نحن معذورون ؟!!! لاأظن ذلك , قال الله تعالى:" وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(آل عمران:105) , وبالمناسبة , ومن باب النصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين , أذكركم بذلكم الحيث الذي أخرجه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني من حديث جابر بن عبد الله : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم قال :": كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا وخط خطين عن يمينه وخط خطين عن يساره ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم } , قال الشاعر : تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا , ومثل ما كان يقول أهل الفضل :" التوحد قوة والتفرق ضعف ".

النصر قادم
10-09-2008, 08:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} ) النور .

ويقول : ( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} ) القصص .

ويقول : ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {33} )

قوله تعالى : يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب {أن يطفئوا نور اللّه}: أي ما بعث به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخة، وهذا لا سبيل إليه فكذلك ما أرسل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا بد أن يتم ويظهر، ولهذا قال تعالى مقابلاً لهم فيما راموه وأرادوه : {ويأبى اللّه إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} والكافر هو الذي يستر الشيء ويغطيه،

ثم قال تعالى : {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق} فالهدى هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع (ودين الحق) هو الأعمال الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة {ليظهره على الدين كله}: أي على سائر الأديان،

كما ثبت في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "إن اللّه زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها".

وعن تميم الدارمي رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللّه بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزاً ويذل ذليلاً، عزاً يعز اللّه به الإسلام، وذلاً يذل اللّه به الكفر"،

ويقول رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم مبشراً : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء [الله] أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها [ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها] ثم تكون خلافة على منهاج نبوة". ثم سكت.

ويقول : (بشر هذه الأمة) أمة الإجابة (بالسناء) بالمد ارتفاع المنزلة والقدر (والدين) أي التمكن فيه (والرفعة) أي العلو في الدنيا والآخرة (والنصر) على الأعداء (والتمكين في الأرض) {ونمكن لهم في الأرض ( كل الأرض ) ونجعلهم أئمة} (فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا) أي قصد بعمله الأخروي استجلاب الدنيا وجعله وسيلة إلى تحصيلها (لم يكن له في الآخرة من نصيب) لأنه لم يعمل لها.

اللهم عجِّل بقيام دولة الخلافة, ليُعز بها سلطانك, ويُقام بها حكمك, ويُصان بها شرعك, وتـُحمل بها دعوتك إلى العالم أجمع .

اللهم آمين .