أبو يونس العباسي
07-24-2008, 02:52 PM
هذا ما نفعله ...عندما تتحزب الأحزاب ويتقاعس الإخوان والأحباب(2)
أبو يونس العباسي
إخوة التوحيد والإيمان : إن هناك ضريبة لا بد أن يدفعها كل من اعتصم بالله رب العالمين , إنها ضريبة التكليف , إنها ضريبة الحق , وهذه الضريبة هي : الإيذاء والضغوطات والمتاعب والمعرقلات والمشاق , وهذه ضريبة جرت سنة الله في خلقه أن يدفعها كل من يعتصم بربه , قال الله تعالى : " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *** وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " , وفي البخاري من حديث عائشة : أن ورقة بن نوفل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - :" ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودي " , وإن الحكمة الإلهية من هذه الابتلاءات تنقية الصف من المسدوسين والكاذبين والمخادعين والمنافقين , قال الله تعالى :" مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وقال سبحانه :" يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَالَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ َلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور" , إن هذه الابتلاءات هي المرحلة التي تسبق التمكين , قيل للإمام الشافعي :ايهما أحب إليك : الابتلاء أم التمكين ؟ فقال :" لا يكون هناك تمكين إلا بعد ابتلاء" , قال الله تعالى :" وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " .
- إخوة التوحيد والإيمان : وإن الأمة هانت اليوم لأنها اعتصمت بغير الله وبغير حبل الله , فها هي تفخر وتجاهر بتحكيم القوانين الوضعية , وتنحية الشريعة الربانية , دون أن تجد لذلك نكيرا عند عوام المسلمين , أوليس من معاني الاعتصام , الاعتصام بالمنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟!!! , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا *** فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " وإن الله لن يغير لنا حالا إلا إذا حكمنا كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى :"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَال" , وإن من أبرز صفات المنافقين , أنهم يعتصمون بالمخلوق على حساب اعتصامهم بالخالق سبحانه وتعالى , وإن هؤلاء لن يزول عنهم إثم النفاق وعقوبة المنافقين , إلا إذا اعتصوا بالله - حقا وصدقا - , وكفروا بالاعتصام بغيره , قال الله تعالى :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا *** إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا " , ولذلك لا تعجبوا من المخذلين والمحبطين وأصحاب الإشاعات , فهؤلاء لو اعتصموا بالله طرفة عين , ما قالوا هذه المقالات التي لا ترضي ربا ولا رسولا ولا ترضي المؤمنين , قال الله تعالى :" لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا *** مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا *** سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" , وقال سبحانه :" إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " , وقال ذو الملكوت والجبروت :" وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا" , وواعجباه من طواغيت العرب الذين اعتصموا بالكافرين , والله تعالى يقول :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ *** وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " , ولقد حدثنا ربنا عن أمثال هؤلاء الطواغيت , المعتصمين بالكافرين فقال :" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" .
- إخوة الإيمان والإسلام : أحب أن أقول لكم : أننا ونحن نعتصم بالله سبحانه وتعالى نعتقد : أن النافع والنافع وحده هو الله , وأن الضار والضار وحده هو الله , وعليه : فعندما نعتصم بالله , فإننا نخاف منه , ولا نخاف من أحد سواه , نخشاه ولا نخشى أحدا سواه , مها كانت قوته وسطوته , لأن هذا من لوازم عقيدة الولاء والبراء في الله تعالى , قال الله تعالى :" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , وقال جل شأنه :" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ " , ثم إننا نقول لأولئك الخائفين من المجتمع الدولي وصولته وجولته وهيلمانه , نقول لهم : اعلموا أن أزمة الأمور في يد الله , وفي يد الله وحده , ومن كان الله معه فمن ضده , ومن كان الله ضده فمن معه , قال الله تعالى :" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , ولذلك فالموحد لا يخشى أحدا طالما هو يعلم أنه على الحق الذي يرضى عنه الله تعالى , قال الله تعالى :" وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *** الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " , أقول لكم مجددا أحبتي في الله : بأننا ونحن نعتصم بالله نملك يقينا لا شك فيه بكل ما جاء في المنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى :" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " , وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة" , وعليه فعندنا يقين أن هذا الدين باق لن يندثر , لأن الله يقول :" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " , إننا متيقنون كذلك بأن المعركة والصراع بيننا وبين الكافرين , سيحسم لصالحنا , لأن الله يقول :" فاصبر إن العاقبة للمتقين" , والرب العظيم يقول كذلك :"وإن جندنا هم الغالبون" , وذو العزة والعظمة يقول :" كتب الله لغلبن أنا ورسلي *** إن الله قوي عزيز " , ولا شك معاشر الإخوة أننا بحاجة إلى نشر ثقافة اليقين , خاصة في مثل هذه الأوقات , وإن صحابة رسول الله كانوا يسألون ربهم , أن يزيد يقينهم يقينا , أخرج أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود أنه كان يدعوا فيقول :" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " , قال سفيان الثوري : لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي , لطار اشتياقا إلى الجنة , وهروبا من النار " .
أحبتي في الله : وخلاصة الأمر : أن أحدنا لن يكون من المعتصمين بالله إلا إذا : عظم أوامر ربه سبحانه وتعالى , وصدق تصديقا جازما بوعد الله ووعيده وبأخباره كذلك , إن كان في القرآن أو في السنة , ولن يكون أحدنا من المعتصمين بالله , إلا إذا حقق الخشية من الله والخوف منه , ولقد أحسن الشاعر يوم قال : اللهم يا أملي في كل نائبة *** ومن عليه لكشف الضر أعتمد *** أشكوا إليك هوانا عم أمتنا *** وعسكر الكفر من أرجائها احتشدوا *** يبغون قلع جذور الدين من غدنا *** والمسلمون ببقاع الأرض قد رقدوا *** قد ضيعوا الدين الذي به عزوا *** قد فرطوا في قول الله وأعدوا
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو يونس العباسي
إخوة التوحيد والإيمان : إن هناك ضريبة لا بد أن يدفعها كل من اعتصم بالله رب العالمين , إنها ضريبة التكليف , إنها ضريبة الحق , وهذه الضريبة هي : الإيذاء والضغوطات والمتاعب والمعرقلات والمشاق , وهذه ضريبة جرت سنة الله في خلقه أن يدفعها كل من يعتصم بربه , قال الله تعالى : " أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ *** وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " , وفي البخاري من حديث عائشة : أن ورقة بن نوفل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - :" ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودي " , وإن الحكمة الإلهية من هذه الابتلاءات تنقية الصف من المسدوسين والكاذبين والمخادعين والمنافقين , قال الله تعالى :" مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وقال سبحانه :" يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَالَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ َلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور" , إن هذه الابتلاءات هي المرحلة التي تسبق التمكين , قيل للإمام الشافعي :ايهما أحب إليك : الابتلاء أم التمكين ؟ فقال :" لا يكون هناك تمكين إلا بعد ابتلاء" , قال الله تعالى :" وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ " .
- إخوة التوحيد والإيمان : وإن الأمة هانت اليوم لأنها اعتصمت بغير الله وبغير حبل الله , فها هي تفخر وتجاهر بتحكيم القوانين الوضعية , وتنحية الشريعة الربانية , دون أن تجد لذلك نكيرا عند عوام المسلمين , أوليس من معاني الاعتصام , الاعتصام بالمنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟!!! , قال الله تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا *** فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " وإن الله لن يغير لنا حالا إلا إذا حكمنا كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى :"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَال" , وإن من أبرز صفات المنافقين , أنهم يعتصمون بالمخلوق على حساب اعتصامهم بالخالق سبحانه وتعالى , وإن هؤلاء لن يزول عنهم إثم النفاق وعقوبة المنافقين , إلا إذا اعتصوا بالله - حقا وصدقا - , وكفروا بالاعتصام بغيره , قال الله تعالى :" إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا *** إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا " , ولذلك لا تعجبوا من المخذلين والمحبطين وأصحاب الإشاعات , فهؤلاء لو اعتصموا بالله طرفة عين , ما قالوا هذه المقالات التي لا ترضي ربا ولا رسولا ولا ترضي المؤمنين , قال الله تعالى :" لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا *** مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا *** سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" , وقال سبحانه :" إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " , وقال ذو الملكوت والجبروت :" وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا" , وواعجباه من طواغيت العرب الذين اعتصموا بالكافرين , والله تعالى يقول :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ *** وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " , ولقد حدثنا ربنا عن أمثال هؤلاء الطواغيت , المعتصمين بالكافرين فقال :" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ" .
- إخوة الإيمان والإسلام : أحب أن أقول لكم : أننا ونحن نعتصم بالله سبحانه وتعالى نعتقد : أن النافع والنافع وحده هو الله , وأن الضار والضار وحده هو الله , وعليه : فعندما نعتصم بالله , فإننا نخاف منه , ولا نخاف من أحد سواه , نخشاه ولا نخشى أحدا سواه , مها كانت قوته وسطوته , لأن هذا من لوازم عقيدة الولاء والبراء في الله تعالى , قال الله تعالى :" وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , وقال جل شأنه :" وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ " , ثم إننا نقول لأولئك الخائفين من المجتمع الدولي وصولته وجولته وهيلمانه , نقول لهم : اعلموا أن أزمة الأمور في يد الله , وفي يد الله وحده , ومن كان الله معه فمن ضده , ومن كان الله ضده فمن معه , قال الله تعالى :" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" , ولذلك فالموحد لا يخشى أحدا طالما هو يعلم أنه على الحق الذي يرضى عنه الله تعالى , قال الله تعالى :" وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ *** الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ " , أقول لكم مجددا أحبتي في الله : بأننا ونحن نعتصم بالله نملك يقينا لا شك فيه بكل ما جاء في المنهج الذي أوحي إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - , قال الله تعالى :" ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين " , وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة" , وعليه فعندنا يقين أن هذا الدين باق لن يندثر , لأن الله يقول :" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " , إننا متيقنون كذلك بأن المعركة والصراع بيننا وبين الكافرين , سيحسم لصالحنا , لأن الله يقول :" فاصبر إن العاقبة للمتقين" , والرب العظيم يقول كذلك :"وإن جندنا هم الغالبون" , وذو العزة والعظمة يقول :" كتب الله لغلبن أنا ورسلي *** إن الله قوي عزيز " , ولا شك معاشر الإخوة أننا بحاجة إلى نشر ثقافة اليقين , خاصة في مثل هذه الأوقات , وإن صحابة رسول الله كانوا يسألون ربهم , أن يزيد يقينهم يقينا , أخرج أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود أنه كان يدعوا فيقول :" اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها " , قال سفيان الثوري : لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي , لطار اشتياقا إلى الجنة , وهروبا من النار " .
أحبتي في الله : وخلاصة الأمر : أن أحدنا لن يكون من المعتصمين بالله إلا إذا : عظم أوامر ربه سبحانه وتعالى , وصدق تصديقا جازما بوعد الله ووعيده وبأخباره كذلك , إن كان في القرآن أو في السنة , ولن يكون أحدنا من المعتصمين بالله , إلا إذا حقق الخشية من الله والخوف منه , ولقد أحسن الشاعر يوم قال : اللهم يا أملي في كل نائبة *** ومن عليه لكشف الضر أعتمد *** أشكوا إليك هوانا عم أمتنا *** وعسكر الكفر من أرجائها احتشدوا *** يبغون قلع جذور الدين من غدنا *** والمسلمون ببقاع الأرض قد رقدوا *** قد ضيعوا الدين الذي به عزوا *** قد فرطوا في قول الله وأعدوا
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته