أبو يونس العباسي
07-22-2008, 11:47 PM
الرباط وفقهه.... سلاحنا عندما يحتدم الصراع (2)
أبو يونس العباسي
- أحبتي في الله : إن من يتذمر من مشاق الرباط , ووطأة الأعداء في ميادين الرباط , وتصدر منه كلمات التجزييع والتيأييس وعدم الصبر وعدم الرضا بهذا الواقع , ويرجوا لو خرج من ميادين الرباط في أقرب فرصة تسنح له , لهو إنسان يغفل شأن الرباط وفضله ومكانته وعظيم الأجر الآتي من ورائه من عند الله رب العالمين , وإن من الواضح عند كل ذي لب أن من يتذمر من الرباط هو إنسان يعيش بدون هدف , بل هدفه الوحيد هو الدنيا , وملذاتها وشهواتها , وشتان بين من كان الرحمن هدفه , وبين من كان الشيطان هدفه , لا يستتون عند الله , ولتعلموا جميعا : إن واجبنا تجاه هذه الأفكار أن نجاهدها ونبين خطرها , ونفضح عوارها , ونبين الهدف والغاية التي نريدها من وراء الرباط ألا وهي : ظهور الدين ورفعة كلمته , والقضاء على الباطل وإزهاق صولته وجولته , قال الله تعالى :"قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " .
أحبتي في الله : وإن الرباط ليس مختصا بالمداومة على العبادة والحراسة على الثغور , بل يدخل فيه كل ما يخيف العدو ويؤرقه , ويضعف من قوته , ويساهم في قوة دولة الإسلام ورفعتها , كما أفاد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى , قال الله تعالى :" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " , فالتعليم والتعلم - إن قصد به وجه الله - ثغر من ثغور الرباط , ومؤسسات الخدمة العامة والعمل فيها ثغر من ثغور الرباط , والمؤسسات الصحية والخدمة فيها , ثغر من ثغور الرباط , وميادين الأعمال المهنية ثغر من ثغور الرباط , وأن تخدم الإسلام وترفع كلمته , في عملك أيا كان , فهو من الرباط في سبيل الله , قال الله تعال :" وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" , أخرج البخاري في صحيحه زيد بن خالد رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا " , إذن : فالمرابط ومن يؤمن له حاجياته , ويؤمن لأهله حاجياتهم كذلك , له حظ ونصيب من أجر الرباط , ونحن كنا ولا زلنا أمة متعاونة (على وجود الاختلاف الوضح بين كنا ولا زلنا ) , كل يخدم المشروع على حسب طاقته ومواهبه وقدراته , قال الله تعالى :"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب"
-أحبتي في الله : ولعلكم تسألون : ما هي العلاقة بين الرباط وبين الصبر , فأقول لا يكون هناك رباط بدون صبر , فالرباط شكل من أشكال الصبر , وبالصبر أمرنا الله أن نستعين على متاعب الحياة , قال الله تعالى :" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" , وبالصبر يدخل المؤمنون الجنة , بالصبر على الطاعة , وعن المعصية , وعلى أقدار الله تعالى , قال الله تعالى :"سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " , وكمال الصبر صفة أولي العزم من الرسل , قال الله تعالى :" فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ " , والصبر على منهج الله , وعدم التفريط في شيئ منه , وخاصة في الظروف الحالكة , دليل على صدق الانتماء لله ولرسوله , قال الله تعالى :" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك هم الصادقون " , ويكفي الصابرون أن المولى - جل جلاله - يحبهم , قال الله تعالى : " والله يحب الصابرين " .
- أحبتي في الله : وإذا سألتم عن السر في زهد الناس في الرباط , قلت لكم : حب الدنيا وكراهية الموت , فهذا هو المرض العضال الذي ابتليت به الأمة , وسبب لها ما سبب من أمراض ونكبات وبلاءات , وهو مرض حذرنا منه الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - , أخرج أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وصححه الألباني من حديث ثوبان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل : يا رسول الله ! فمن قلة يومئذ ؟ قال : لا و لكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم و ينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا و كراهيتكم الموت", وإن الحياة الدنيا إنما تذم إذا ألهت عن الآخرة , وشغلت عن محاب الله سبحانه وتعالى , وإلا من سخرها للوصول للآخرة , فنعم الصنيع صنيعه ,ونعم الفعل فعله , قال الله تعالى :" وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وإذا أردتم معرفة منزلة الدنيا عند الله فها هي منزلتها : قال الله تعالى :" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا " , وقال سبحانه وتعالى :" إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " , وقال ذو العزة والجبروت :" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" .
-أحبتي في الله : كثيرون هم من أهل بلدي من يرجون الخروج من أرض الرباط , وكثيرون هم الذين يرغبون أن يشاركوننا أجر الرباط من السلمين , لو سنحت لهم الفرصة , فجلست مع نفسي , وقلت : هل لو سنحت لك فرصة الخروج هل ستخرج ؟ هل ستخرج لتتخلص من هذا الواقع الأليم والأليم جدا ؟ رغبت بذلك , ولكن منعتني الآيات والأحاديث التي ذكرنها قبلا , والتي سأذكرها الآن , منعني من الخروج ذلك الحديث الذي صححه الشيخ الألباني في فضائل الشام ودمشق من حديث زيد بن ثابت : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال :"يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام ( وفي احدى الروايات لأهل الشام ) قالوا يا رسول وبم ذلك قال تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام" , وددت الخروج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند أبي داوود وصححه الألباني عن ابن حوالة وهو عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيصير الأمر أن تكونوا أجنادا مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق "
قال ابن حوالة : خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك , فقال : " عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل وفي رواية تكفل لي بالشام وأهله " , وددت أن أخرج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند الطبراني وصححه الألباني من حديث عبد اللع بن عمروا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فنظرت فاذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا ان الايمان اذا وقعت الفتن بالشام " , وفي فضائل الشام ودمشق وصححه الألباني من حديث ابن حوالة قال :" يا رسول الله اكتب لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم اختر على قربك قال عليك بالشام ثلاثا فلما رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كراهيته للشام قال هل تدرون ما يقول الله عز وجل يقول ياشام يا شام يدي عليك يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر واليك المحشر ورأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة قلت ما تحملون قالوا نحمل عمود الاسلام أمرنا أن نضعه بالشام وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض فأتبعت بصري فاذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق من غدره فان الله قد تكفل لي بالشام وأهله حديث صحيح دون قوله يا شام يا شام يدي عليك يا شام وقوله أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر.
- إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم : أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
أبو يونس العباسي
- أحبتي في الله : إن من يتذمر من مشاق الرباط , ووطأة الأعداء في ميادين الرباط , وتصدر منه كلمات التجزييع والتيأييس وعدم الصبر وعدم الرضا بهذا الواقع , ويرجوا لو خرج من ميادين الرباط في أقرب فرصة تسنح له , لهو إنسان يغفل شأن الرباط وفضله ومكانته وعظيم الأجر الآتي من ورائه من عند الله رب العالمين , وإن من الواضح عند كل ذي لب أن من يتذمر من الرباط هو إنسان يعيش بدون هدف , بل هدفه الوحيد هو الدنيا , وملذاتها وشهواتها , وشتان بين من كان الرحمن هدفه , وبين من كان الشيطان هدفه , لا يستتون عند الله , ولتعلموا جميعا : إن واجبنا تجاه هذه الأفكار أن نجاهدها ونبين خطرها , ونفضح عوارها , ونبين الهدف والغاية التي نريدها من وراء الرباط ألا وهي : ظهور الدين ورفعة كلمته , والقضاء على الباطل وإزهاق صولته وجولته , قال الله تعالى :"قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " .
أحبتي في الله : وإن الرباط ليس مختصا بالمداومة على العبادة والحراسة على الثغور , بل يدخل فيه كل ما يخيف العدو ويؤرقه , ويضعف من قوته , ويساهم في قوة دولة الإسلام ورفعتها , كما أفاد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى , قال الله تعالى :" مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " , فالتعليم والتعلم - إن قصد به وجه الله - ثغر من ثغور الرباط , ومؤسسات الخدمة العامة والعمل فيها ثغر من ثغور الرباط , والمؤسسات الصحية والخدمة فيها , ثغر من ثغور الرباط , وميادين الأعمال المهنية ثغر من ثغور الرباط , وأن تخدم الإسلام وترفع كلمته , في عملك أيا كان , فهو من الرباط في سبيل الله , قال الله تعال :" وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" , أخرج البخاري في صحيحه زيد بن خالد رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا " , إذن : فالمرابط ومن يؤمن له حاجياته , ويؤمن لأهله حاجياتهم كذلك , له حظ ونصيب من أجر الرباط , ونحن كنا ولا زلنا أمة متعاونة (على وجود الاختلاف الوضح بين كنا ولا زلنا ) , كل يخدم المشروع على حسب طاقته ومواهبه وقدراته , قال الله تعالى :"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب"
-أحبتي في الله : ولعلكم تسألون : ما هي العلاقة بين الرباط وبين الصبر , فأقول لا يكون هناك رباط بدون صبر , فالرباط شكل من أشكال الصبر , وبالصبر أمرنا الله أن نستعين على متاعب الحياة , قال الله تعالى :" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" , وبالصبر يدخل المؤمنون الجنة , بالصبر على الطاعة , وعن المعصية , وعلى أقدار الله تعالى , قال الله تعالى :"سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " , وكمال الصبر صفة أولي العزم من الرسل , قال الله تعالى :" فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ " , والصبر على منهج الله , وعدم التفريط في شيئ منه , وخاصة في الظروف الحالكة , دليل على صدق الانتماء لله ولرسوله , قال الله تعالى :" والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك هم الصادقون " , ويكفي الصابرون أن المولى - جل جلاله - يحبهم , قال الله تعالى : " والله يحب الصابرين " .
- أحبتي في الله : وإذا سألتم عن السر في زهد الناس في الرباط , قلت لكم : حب الدنيا وكراهية الموت , فهذا هو المرض العضال الذي ابتليت به الأمة , وسبب لها ما سبب من أمراض ونكبات وبلاءات , وهو مرض حذرنا منه الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - , أخرج أحمد في مسنده وأبو داوود في سننه وصححه الألباني من حديث ثوبان : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل : يا رسول الله ! فمن قلة يومئذ ؟ قال : لا و لكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم و ينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا و كراهيتكم الموت", وإن الحياة الدنيا إنما تذم إذا ألهت عن الآخرة , وشغلت عن محاب الله سبحانه وتعالى , وإلا من سخرها للوصول للآخرة , فنعم الصنيع صنيعه ,ونعم الفعل فعله , قال الله تعالى :" وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ " , وإذا أردتم معرفة منزلة الدنيا عند الله فها هي منزلتها : قال الله تعالى :" وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا " , وقال سبحانه وتعالى :" إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " , وقال ذو العزة والجبروت :" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ" .
-أحبتي في الله : كثيرون هم من أهل بلدي من يرجون الخروج من أرض الرباط , وكثيرون هم الذين يرغبون أن يشاركوننا أجر الرباط من السلمين , لو سنحت لهم الفرصة , فجلست مع نفسي , وقلت : هل لو سنحت لك فرصة الخروج هل ستخرج ؟ هل ستخرج لتتخلص من هذا الواقع الأليم والأليم جدا ؟ رغبت بذلك , ولكن منعتني الآيات والأحاديث التي ذكرنها قبلا , والتي سأذكرها الآن , منعني من الخروج ذلك الحديث الذي صححه الشيخ الألباني في فضائل الشام ودمشق من حديث زيد بن ثابت : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال :"يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام ( وفي احدى الروايات لأهل الشام ) قالوا يا رسول وبم ذلك قال تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام" , وددت الخروج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند أبي داوود وصححه الألباني عن ابن حوالة وهو عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سيصير الأمر أن تكونوا أجنادا مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق "
قال ابن حوالة : خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك , فقال : " عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل وفي رواية تكفل لي بالشام وأهله " , وددت أن أخرج , ولكن منعني قوله - صلى الله عليه وسلم - كما عند الطبراني وصححه الألباني من حديث عبد اللع بن عمروا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فنظرت فاذا هو نور ساطع عمد به إلى الشام ألا ان الايمان اذا وقعت الفتن بالشام " , وفي فضائل الشام ودمشق وصححه الألباني من حديث ابن حوالة قال :" يا رسول الله اكتب لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم اختر على قربك قال عليك بالشام ثلاثا فلما رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كراهيته للشام قال هل تدرون ما يقول الله عز وجل يقول ياشام يا شام يدي عليك يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر واليك المحشر ورأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة قلت ما تحملون قالوا نحمل عمود الاسلام أمرنا أن نضعه بالشام وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض فأتبعت بصري فاذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق من غدره فان الله قد تكفل لي بالشام وأهله حديث صحيح دون قوله يا شام يا شام يدي عليك يا شام وقوله أنت سيف نقمتي وسوط عذابي أنت الأندر.
- إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم : أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة