أبو يونس العباسي
07-17-2008, 10:32 PM
توني بلير منهم رسالة ترحيب ومنا رسالة ترهيب وتثريب
أبو يونس العباسي
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
- كنت جالسا في بيتي أطالع بعض الكتب , وإذا بالمحمول يرن , فأتيت به ورددت علي المتصل , فرد علي السلام , ثم قال لي : أعلمت يا شيخ ؟ فقلت له : وما الذي حصل ؟ فقال : توني بلير سيزورنا يا شيخ , فقلت له : سيزور غزة !!! فقال : نعم سيزور غزة , ولقد رحبت ( الحكومة الراشدة ) بزيارته , فاستئذنت من المتصل وأغلقت الجوال , وهمت على وجهي , ووضعت يدي على وجنتي , وجلست أفكر وأفكر وأفكر في هذا الخبر .....
-ثم قلت في نفسي : لو كان العلمانيون هم من استقبل بلير , لما كان الأمر غريبا , فالكل يعلم أن بريطانيا وفرنسا , ودول الاستخراب قاطبة , ما خرجوا من بلادنا , إلا بعد أن تركوا وراءهم , عملاء يرعون مصالحهم , ويدافعون عن أهدافهم في منطقتنا , يحاربون ويقضون على كل من يقف في وجه هذه المصالح وهذه الأهداف , بغض النظر عن هوية وقرابة ودين هذا المخالف , فمصالح دول الاستخراب عند طواغيت العرب , مقدمة على كل شيئ , وهذا الأمر- وبلا شك - واضح وضوح الشمس في رابعة النهار .
- ولكن العجيب حقا ان تقوم حركة إسلامية و (حكومة راشدة ) باستقبال أمثال هذا الكافر ( المدعوا بلير ) , وترحب به , وتعد قدومه مكسبا عظيما , ولا أخفيكم سرا بأنني حاولت أن أتفهم ذلك , فلم أستطع تفهمه على الإطلاق .
-أحبتي في الله : وبينما أنا اتكلم مع نفسي بهذا الكلام , إذ سمعت هاتفا من داخلي يقول : وهل في زيارة بلير محذور شرعي ؟ رجل يمثل الرباعية الدولية يريد أن يزور غزة , هل نزل من السماء حجر ؟!!! فقلت لنفسي : وهل نسيت يا نفس عداء هذا الرجل وشعبه ودولته للإسلام والمسلمين , وإلا فقولي لي : من الذي أسقط الخلافة الراشدة ؟!!! قولي لي : من الذي احتل أرضنا ولسنين طوال , وسام أهلنا سوء العذاب , من المغرب الإسلامي مرورا بمصر وانتهاء ببلاد الشام ؟!!! , قولي لي : من الذي سرق خيراتنا ؟!!! ودنس مقدساتنا ؟!!! وانتهك أعراضنا ؟!!! , قولي لي : من الذي مزقنا وشتتنا إلى دويلات متناحرة , تفصل بيننا الحواجز والحدود , وعبر الاتفاقية المشؤمة - سايكس بيكو - قولي لي : من الذي مكن اليهود من فلسطين وأهل فلسطين , ففعلوا بنا الأفاعيل وحتى يومنا هذا ؟!!! , قولي لي : من الذي فعل بالمسلمين في أفغانستان والشيشان وماليزيا واندونيسيا والصومال والعراق ما يندى له الجبين , وتقشعر لهوله الأفئدة , وحتى اللحظة الراهنة ؟!!!! أليس هو بلير ودولته وشعبه وأهل دينه ؟!!!! أم عندكم رأي آخر ؟!!!
- أحبتي في الله : وعجبت وحق لكم أن تعجبوا من قول أحد أقطاب (الحكومة الراشدة ) بأن غزة مفتوحة للجميع , حاشا العدو الصهيوني , فقولي لي أيها العقلاء : فمن يدعم العدو الصهيوني ؟!!! أليست هي بريطانيا ومن نهج نهجها !!! , يا هؤلا ء أذكركم إن كنتم قد نسيتم , فإنكم قد علمتمونا يوما بأن :" الكفر ملة واحدة " , قال الله تعالى :" وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" , إنني عندما سمعت كلام القوم والذي أصنفه في باب السخف من الكلام , تذكرت المثل الفلسطيني القائل : " مش قادر عالحمار أجا للبردعة " أو ذلكم المثل الذي يقول " وين ذانك يا جحا " وأشار بيده اليمنى على الأذن اليسرى , مع أن وصول يده إلى الأذن اليمنى أقرب وأسهل , حقا إن هذا هو زمن العجائب , (ولسا ياما حنشوف ).
- أحبتي في الله : هل من يرحب ببلير , أو بأي كافر محارب لله ورسوله عنده عقيدة ولاء وبراء ؟ هل هو ممن يحب في الله ؟ ويغضب في الله ؟ يعطي في الله ؟ ويمنع في الله ؟ ينصر إخوانه ابتغاء وجه الله ؟ .... أترك الإجابة لكم .
- إن نصرة المسلم لأخيه المسلم باليد وإلا فباللسان وإلا فبالقلب , واجبة ومفروضة , وإن النصر باليد واللسان أمر واضح , والإشكال الواقع في كيفية النصرة بالقلب , فكيف ننصر إخواننا بالقلب ؟ والجواب : أن النصر بالقلب يكون ببغض كل من يؤذي إخوانك و ويوصل الضرر إليهم , وأن تفارق مجالس من يؤذي إخوانك إذا جمعك بهم مجلس , وأن تعبس في وجوههم إذا رأيتهم , قال عرقوب بن عتريس الشيباني : "إذا رأيت الرجل يفعل منكرا وما كنت تستطيع تغيير منكره بيدك ولا بلسانك , فليس أقل من أن تعبس في وجهه " , هكذا تكون النصرة في سبيل المولى - سبحانه وتعالى - , قال الله تعالى :"وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ" , وكما عند أحمد وأبي داوود وحسنه الألباني من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته و ما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته "
- أحبتي في الله : ولا بد أن نعلم بان الترحيب بهذا المجرم واستقباله وحراسته , مظهر من مظاهر الرضى بما عمله بالمسلمين , وإلا فكيف لك أن تكرم عدو الله , ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه : " إنه لايعز من عاديت ولا يذل من واليت " , نعم إن الترحيب بهذا الرجل يدخل من حيث نشعر أو لا نشعر في باب الرضى بأفعاله , والقاعدة الشرعية تقول : "الراضي بالشيئ كفاعله " , ودليل هذه القاعدة , قول الله تبارك وتعالى :" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا " , وقوله جل شأنه :" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" , وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه " . رواه ابن ماجه والترمذي وصححه . وفي رواية أبي داود : " إذا رأوا الظالم فم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب " . وفي أخرى له : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب " , وإن الترحيب ببلير ليس فقط سكوتا على المعصية , بل هو إقرار للمعصية , فيكون إثم المرحبين به أعظم من إثم العلماء الذين سمعوا بدخوله , ثم لم يغيروا ساكنا .
- أحبتي في الله : ولعل بعض المتحزبين يقول لنا : بالنسبة لما تفعله بريطانيا مع المسلمين فهي من قضايا الشأن الداخلي , بين بريطانيا والدولة المسلمة المعتدى عليها !!! , ولا تظنوا أن هذا امرا مستعجبا , فقد قيل قبل ذلك عن قضية الشيشان بأنها : شأن داخلي , ومن قال هذا الكلام أحد القادة المؤسسين لحزب ( الحكومة الراشدة ) , ولكن ويا للأسف لو كانت عذابات بريطانيا للمسلمين شأن داخلي , فإن للشعب الفلسطيني ثأرا وثأرا كبيرا عند بريطانيا , أليست هي من مكن لليهود ؟!!! ويدعم اليهود حتى هذه اللحظة .
- إن استقبال بلير والترحيب به , خيانة لهذة الأمة بالعموم , وللشعب الفلسطيني ولدماء الشهداء الذين قتلهم بلير بالتسبب على وجه الخصوص , وليعلم قادة (حكومتنا الراشدة ) بأن اليهود يفرضون عقوبة مغلظة على كل قيادي عندهم يزور دولة معادية , فكيف بمن يستقبل عدوه اللدود , بل ويرحب به وهو يدين لله بالإسلام !!! لا شك أن الأمر جد خطير .
- أحبتي في الله : وبعد أن سمعت خبر ترحيب (الحكومة الراشدة ) ببلير , انكرت ذلك وأعظمته , سرا وجهرا , فقال لي أحدهم : يا أخي : نحن لا نحب بلير ولكن الأمر كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " إننا لبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" فقلت له : هذا حديث لا أصل له , ولكن لعلك تقصد الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : " ائذنوا له فبئس أخو العشيرة " فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه . فلما انطلق الرجل قالت عائشة : يا رسول الله قلت له : كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " متى عهدتني فحاشا ؟ ؟ إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " وفي رواية : " اتقاء فحشه " , وأنا أعلم أنك تريد أن تقول لي من خلاله : ان النبي بش لهذا الرجل مع انه يضمر العداء له وهذا حالنا مع بلير , فأقول : حقا نحن نعيش في زمن لي أعناق النصوص وتحريفها وتوجيهها وفق مصالحنا الشخصية ونزواتنا الخاصة , وإلا فهل ترتب على طلاقة وجه الرسول لهذا الرجل محذور شرعي ؟ أو هل يفهم من طلاقة وجه النبي له رضى عن منكر من المنكرات - كما هو الحال مع بلير - ؟ بالتاكيد الإجابة ستكون بأنه لا يوجد محذور شرعي من طلاقة وجه النبي عند مقابلته لهذا الرجل , وإلا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى محارم الله تنتهك , تغير وجهه , واحمرت أوداجه , وظهرت عليه ملامح عدم الرضى , وبرز عل محياه عدم الارتياح , وسأضرب على ذلك مثالا واحدا خشية الإطالة : أخرج ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يختصمون في القدر فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم قال فقال عبد الله بن عمرو ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه" , فيا ترى : لو رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلير , هل كان سيبش في وجهه ويرحب به ويخرج له حراسات لتحرسه ؟ ام كان سيأمر بقتله وإراقة دمه ؟ في ظني المتواضع : ستكون الإجابة هي الثانية , وهنا أستنهز الفرصة لأشكر كل من خطط لقتل هذا الطاغوت , وأقول له : أجرتم بنيتكم وصح فيكم قول ربكم :" وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا " وأقول لكم باللهجة الغزية " خيرها في غيرها إن شاء الله تعالى "
- أحبتي في الله : تحدث بعض الإخوة أمامي عن بلير وزيارته , فقال بعضهم : أليست ( الحكومة الراشدة ) قد أمنته , ألسنا معاشر المسلمين , يسعى بذمتنا أدنانا ؟!!! أليس الله يقول :" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " , فقلت رويدكم يا إخواني : إن ما قلتموه لا ينطبق على بلير بمثابته رأسا من رؤوس الكفر , فأمثاله ليس لهم عهد ولا ميثاق , قال الله تعالى :"فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ" , وإن رسول الله لما دخل مكة أمر بقتل بعض القرشيين حتى ولو كانوا معلقبن بأستار الكعبة , ولما أسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكافرين في بدر , فاداهم إلا عقبة بن أبي معيط , فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله , لأنه كان رأسا من رؤوس الكفر , فالواجب علينا تجاه مثل هذا الكافر لا أن نستتقبله (بالكرافات) لنحميه , بل كان الواجب ان نستقبله بالهاونات والآربيجيهات لنقضي عليه , ونتقرب بقتله إلى الله تعالى .
- أحبتي في الله : أمثال هؤلاء لا بد ان يقتلوا , ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه , أن يقود الناس ويجيشهم في مواجهة الدين الحق والمنهج الرباني , قال الله تعالى :" فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " , وليس كما فعل البعض قطعوا الذيل وتركوا رأس الأفعى , التي ستعاود وبلا شك لقتالهم وقتالنا من جديد .
- أحبتي في الله : جاء لي أحدهم وقال لي : أنت تنكر علينا استقبال بلير , فماذا تقول في مفاوضات النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أعدائه ؟ فقلت له : وهل بلير يأتينا للمفاوضات ؟ بالطبع لا , إذن قياسك مع الفارق , ثم هل يسمح للمفاوض بالتجوال ( وشم الهوا ) في بلد أعدائه كما سيفعل بلير ؟ ثم هل ستفاوضونه برؤى مستمدة من الكتاب والسنة ؟ أم برؤى وضعية بشرية ؟ كل هذا لا بد أن تضعه في حسبانك , وأنت تريد تشريع دخول بلير بناء على مفاوضات النبي مع الكفار , سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم , وقياس عقيم .
- فما إن أنهيت كلامي حتى صرخ محدثي قائلا : المصلحة تحتم علينا أن نرحب به , فقلت له هدإ من روعك قليلا لأحدثك , أي مصلحة هذه التي تتحدث عنها ؟ أتعد زيارته لمؤسسات وكالة الغوث مصلحة ؟!!! أتعد افتتاحه لمشروع الصرف الصحي - الجاهز أصلا - مصلحة ؟!!! أتعد مجرد قدومه مصلحة ؟!!! أعلم أنك ستقول : بأن قدومه يعني الاعتراف بنا , وأنا لا يهمني كثيرا اعترف أو لم يعترف , المهم أن يعترف بنا الله تعالى , نعم ما ذكرته من المصالح , ولكنها مصالح ملغاة , مصالح موهومة , نعم هي المصالح الدنيوية الدنية , هي المصالح على حساب جراح الأمة , ومقدساتها ودماء أبنائها والمآسي التي مرت بها , على يد بلير ودولته وشعبه ومن كان على دينه , هي مصالح ولكن على حساب الولاء والبراء , هي مصالح ولكن لم ينزل الله بها من سلطان , هي مصالح ولكنها لا تقنع إلا السذج , ولسنا منهم بمن الله وبكرمه .
- أحبتي في الله : أود ان انبه أن ما فعلته ( الحكومة الراشدة ) لا يرقى إلى درجة الردة , كما تفوه به البعض , وحكمه هذا نتج من شدة حماسته وغيرته على الدين , والأمر يعد في دائرة الكبائر , وهو منزلق خطير , لأن علماءنا علمونا أن : " الإصرار على الصغائر بريد الكبائر والإصرار على الكبائر بريد الكفر "
- (حكومتنا الراشدة ) : إليك بعض المواعظ الربانية , عساك ترجعين إلى رشدك , فتسعدين في الدنيا والآخرة وتسعدينا , أول موعظة هي قول الله تعالى :" فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " , أما الموعظة الثانية فهي في قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا" , أما الموعظة الثالثة فهي في قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " أما الموعظة الرابعة فهي في قوله تعالى :" وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " , أما الموعظة الخامسة فهي في قوله تعالى :" وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ " أما الموعظة السادسة والأخيرة فهي : " وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ"
- أحبتي في الله : وأخيرا أقول : تبا للتمييع , تبا للتنازل عن الثوابت , تبا للتقية , تبا لسياسة تلوين الوجوه , تبا للمصلحة الموهومة التي أصبحت إلها يعبد من دون الله , تبا للتعصب للباطل وبالباطل , تبا للشبه السخيفة التي ما كنا نسمعها إلا من العلمانيين والملحدين , فبتنا نسمعها من الإسلاميين البرلمانيين , وحسبنا الله ونعم الوكيل , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
-إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن بثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم :أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
أبو يونس العباسي
الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه , وسلم تسليما كثيرا , وبعد ....
- كنت جالسا في بيتي أطالع بعض الكتب , وإذا بالمحمول يرن , فأتيت به ورددت علي المتصل , فرد علي السلام , ثم قال لي : أعلمت يا شيخ ؟ فقلت له : وما الذي حصل ؟ فقال : توني بلير سيزورنا يا شيخ , فقلت له : سيزور غزة !!! فقال : نعم سيزور غزة , ولقد رحبت ( الحكومة الراشدة ) بزيارته , فاستئذنت من المتصل وأغلقت الجوال , وهمت على وجهي , ووضعت يدي على وجنتي , وجلست أفكر وأفكر وأفكر في هذا الخبر .....
-ثم قلت في نفسي : لو كان العلمانيون هم من استقبل بلير , لما كان الأمر غريبا , فالكل يعلم أن بريطانيا وفرنسا , ودول الاستخراب قاطبة , ما خرجوا من بلادنا , إلا بعد أن تركوا وراءهم , عملاء يرعون مصالحهم , ويدافعون عن أهدافهم في منطقتنا , يحاربون ويقضون على كل من يقف في وجه هذه المصالح وهذه الأهداف , بغض النظر عن هوية وقرابة ودين هذا المخالف , فمصالح دول الاستخراب عند طواغيت العرب , مقدمة على كل شيئ , وهذا الأمر- وبلا شك - واضح وضوح الشمس في رابعة النهار .
- ولكن العجيب حقا ان تقوم حركة إسلامية و (حكومة راشدة ) باستقبال أمثال هذا الكافر ( المدعوا بلير ) , وترحب به , وتعد قدومه مكسبا عظيما , ولا أخفيكم سرا بأنني حاولت أن أتفهم ذلك , فلم أستطع تفهمه على الإطلاق .
-أحبتي في الله : وبينما أنا اتكلم مع نفسي بهذا الكلام , إذ سمعت هاتفا من داخلي يقول : وهل في زيارة بلير محذور شرعي ؟ رجل يمثل الرباعية الدولية يريد أن يزور غزة , هل نزل من السماء حجر ؟!!! فقلت لنفسي : وهل نسيت يا نفس عداء هذا الرجل وشعبه ودولته للإسلام والمسلمين , وإلا فقولي لي : من الذي أسقط الخلافة الراشدة ؟!!! قولي لي : من الذي احتل أرضنا ولسنين طوال , وسام أهلنا سوء العذاب , من المغرب الإسلامي مرورا بمصر وانتهاء ببلاد الشام ؟!!! , قولي لي : من الذي سرق خيراتنا ؟!!! ودنس مقدساتنا ؟!!! وانتهك أعراضنا ؟!!! , قولي لي : من الذي مزقنا وشتتنا إلى دويلات متناحرة , تفصل بيننا الحواجز والحدود , وعبر الاتفاقية المشؤمة - سايكس بيكو - قولي لي : من الذي مكن اليهود من فلسطين وأهل فلسطين , ففعلوا بنا الأفاعيل وحتى يومنا هذا ؟!!! , قولي لي : من الذي فعل بالمسلمين في أفغانستان والشيشان وماليزيا واندونيسيا والصومال والعراق ما يندى له الجبين , وتقشعر لهوله الأفئدة , وحتى اللحظة الراهنة ؟!!!! أليس هو بلير ودولته وشعبه وأهل دينه ؟!!!! أم عندكم رأي آخر ؟!!!
- أحبتي في الله : وعجبت وحق لكم أن تعجبوا من قول أحد أقطاب (الحكومة الراشدة ) بأن غزة مفتوحة للجميع , حاشا العدو الصهيوني , فقولي لي أيها العقلاء : فمن يدعم العدو الصهيوني ؟!!! أليست هي بريطانيا ومن نهج نهجها !!! , يا هؤلا ء أذكركم إن كنتم قد نسيتم , فإنكم قد علمتمونا يوما بأن :" الكفر ملة واحدة " , قال الله تعالى :" وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ" , إنني عندما سمعت كلام القوم والذي أصنفه في باب السخف من الكلام , تذكرت المثل الفلسطيني القائل : " مش قادر عالحمار أجا للبردعة " أو ذلكم المثل الذي يقول " وين ذانك يا جحا " وأشار بيده اليمنى على الأذن اليسرى , مع أن وصول يده إلى الأذن اليمنى أقرب وأسهل , حقا إن هذا هو زمن العجائب , (ولسا ياما حنشوف ).
- أحبتي في الله : هل من يرحب ببلير , أو بأي كافر محارب لله ورسوله عنده عقيدة ولاء وبراء ؟ هل هو ممن يحب في الله ؟ ويغضب في الله ؟ يعطي في الله ؟ ويمنع في الله ؟ ينصر إخوانه ابتغاء وجه الله ؟ .... أترك الإجابة لكم .
- إن نصرة المسلم لأخيه المسلم باليد وإلا فباللسان وإلا فبالقلب , واجبة ومفروضة , وإن النصر باليد واللسان أمر واضح , والإشكال الواقع في كيفية النصرة بالقلب , فكيف ننصر إخواننا بالقلب ؟ والجواب : أن النصر بالقلب يكون ببغض كل من يؤذي إخوانك و ويوصل الضرر إليهم , وأن تفارق مجالس من يؤذي إخوانك إذا جمعك بهم مجلس , وأن تعبس في وجوههم إذا رأيتهم , قال عرقوب بن عتريس الشيباني : "إذا رأيت الرجل يفعل منكرا وما كنت تستطيع تغيير منكره بيدك ولا بلسانك , فليس أقل من أن تعبس في وجهه " , هكذا تكون النصرة في سبيل المولى - سبحانه وتعالى - , قال الله تعالى :"وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ" , وكما عند أحمد وأبي داوود وحسنه الألباني من حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته و ما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته "
- أحبتي في الله : ولا بد أن نعلم بان الترحيب بهذا المجرم واستقباله وحراسته , مظهر من مظاهر الرضى بما عمله بالمسلمين , وإلا فكيف لك أن تكرم عدو الله , ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعائه : " إنه لايعز من عاديت ولا يذل من واليت " , نعم إن الترحيب بهذا الرجل يدخل من حيث نشعر أو لا نشعر في باب الرضى بأفعاله , والقاعدة الشرعية تقول : "الراضي بالشيئ كفاعله " , ودليل هذه القاعدة , قول الله تبارك وتعالى :" وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا " , وقوله جل شأنه :" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" , وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه " . رواه ابن ماجه والترمذي وصححه . وفي رواية أبي داود : " إذا رأوا الظالم فم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب " . وفي أخرى له : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب " , وإن الترحيب ببلير ليس فقط سكوتا على المعصية , بل هو إقرار للمعصية , فيكون إثم المرحبين به أعظم من إثم العلماء الذين سمعوا بدخوله , ثم لم يغيروا ساكنا .
- أحبتي في الله : ولعل بعض المتحزبين يقول لنا : بالنسبة لما تفعله بريطانيا مع المسلمين فهي من قضايا الشأن الداخلي , بين بريطانيا والدولة المسلمة المعتدى عليها !!! , ولا تظنوا أن هذا امرا مستعجبا , فقد قيل قبل ذلك عن قضية الشيشان بأنها : شأن داخلي , ومن قال هذا الكلام أحد القادة المؤسسين لحزب ( الحكومة الراشدة ) , ولكن ويا للأسف لو كانت عذابات بريطانيا للمسلمين شأن داخلي , فإن للشعب الفلسطيني ثأرا وثأرا كبيرا عند بريطانيا , أليست هي من مكن لليهود ؟!!! ويدعم اليهود حتى هذه اللحظة .
- إن استقبال بلير والترحيب به , خيانة لهذة الأمة بالعموم , وللشعب الفلسطيني ولدماء الشهداء الذين قتلهم بلير بالتسبب على وجه الخصوص , وليعلم قادة (حكومتنا الراشدة ) بأن اليهود يفرضون عقوبة مغلظة على كل قيادي عندهم يزور دولة معادية , فكيف بمن يستقبل عدوه اللدود , بل ويرحب به وهو يدين لله بالإسلام !!! لا شك أن الأمر جد خطير .
- أحبتي في الله : وبعد أن سمعت خبر ترحيب (الحكومة الراشدة ) ببلير , انكرت ذلك وأعظمته , سرا وجهرا , فقال لي أحدهم : يا أخي : نحن لا نحب بلير ولكن الأمر كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " إننا لبش في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" فقلت له : هذا حديث لا أصل له , ولكن لعلك تقصد الحديث المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم . فقال : " ائذنوا له فبئس أخو العشيرة " فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه . فلما انطلق الرجل قالت عائشة : يا رسول الله قلت له : كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " متى عهدتني فحاشا ؟ ؟ إن شر الناس منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " وفي رواية : " اتقاء فحشه " , وأنا أعلم أنك تريد أن تقول لي من خلاله : ان النبي بش لهذا الرجل مع انه يضمر العداء له وهذا حالنا مع بلير , فأقول : حقا نحن نعيش في زمن لي أعناق النصوص وتحريفها وتوجيهها وفق مصالحنا الشخصية ونزواتنا الخاصة , وإلا فهل ترتب على طلاقة وجه الرسول لهذا الرجل محذور شرعي ؟ أو هل يفهم من طلاقة وجه النبي له رضى عن منكر من المنكرات - كما هو الحال مع بلير - ؟ بالتاكيد الإجابة ستكون بأنه لا يوجد محذور شرعي من طلاقة وجه النبي عند مقابلته لهذا الرجل , وإلا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى محارم الله تنتهك , تغير وجهه , واحمرت أوداجه , وظهرت عليه ملامح عدم الرضى , وبرز عل محياه عدم الارتياح , وسأضرب على ذلك مثالا واحدا خشية الإطالة : أخرج ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال :" خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه وهم يختصمون في القدر فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب فقال بهذا أمرتم أو لهذا خلقتم تضربون القرآن بعضه ببعض بهذا هلكت الأمم قبلكم قال فقال عبد الله بن عمرو ما غبطت نفسي بمجلس تخلفت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبطت نفسي بذلك المجلس وتخلفي عنه" , فيا ترى : لو رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلير , هل كان سيبش في وجهه ويرحب به ويخرج له حراسات لتحرسه ؟ ام كان سيأمر بقتله وإراقة دمه ؟ في ظني المتواضع : ستكون الإجابة هي الثانية , وهنا أستنهز الفرصة لأشكر كل من خطط لقتل هذا الطاغوت , وأقول له : أجرتم بنيتكم وصح فيكم قول ربكم :" وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا " وأقول لكم باللهجة الغزية " خيرها في غيرها إن شاء الله تعالى "
- أحبتي في الله : تحدث بعض الإخوة أمامي عن بلير وزيارته , فقال بعضهم : أليست ( الحكومة الراشدة ) قد أمنته , ألسنا معاشر المسلمين , يسعى بذمتنا أدنانا ؟!!! أليس الله يقول :" وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ " , فقلت رويدكم يا إخواني : إن ما قلتموه لا ينطبق على بلير بمثابته رأسا من رؤوس الكفر , فأمثاله ليس لهم عهد ولا ميثاق , قال الله تعالى :"فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ" , وإن رسول الله لما دخل مكة أمر بقتل بعض القرشيين حتى ولو كانوا معلقبن بأستار الكعبة , ولما أسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكافرين في بدر , فاداهم إلا عقبة بن أبي معيط , فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله , لأنه كان رأسا من رؤوس الكفر , فالواجب علينا تجاه مثل هذا الكافر لا أن نستتقبله (بالكرافات) لنحميه , بل كان الواجب ان نستقبله بالهاونات والآربيجيهات لنقضي عليه , ونتقرب بقتله إلى الله تعالى .
- أحبتي في الله : أمثال هؤلاء لا بد ان يقتلوا , ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه , أن يقود الناس ويجيشهم في مواجهة الدين الحق والمنهج الرباني , قال الله تعالى :" فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " , وليس كما فعل البعض قطعوا الذيل وتركوا رأس الأفعى , التي ستعاود وبلا شك لقتالهم وقتالنا من جديد .
- أحبتي في الله : جاء لي أحدهم وقال لي : أنت تنكر علينا استقبال بلير , فماذا تقول في مفاوضات النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أعدائه ؟ فقلت له : وهل بلير يأتينا للمفاوضات ؟ بالطبع لا , إذن قياسك مع الفارق , ثم هل يسمح للمفاوض بالتجوال ( وشم الهوا ) في بلد أعدائه كما سيفعل بلير ؟ ثم هل ستفاوضونه برؤى مستمدة من الكتاب والسنة ؟ أم برؤى وضعية بشرية ؟ كل هذا لا بد أن تضعه في حسبانك , وأنت تريد تشريع دخول بلير بناء على مفاوضات النبي مع الكفار , سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم , وقياس عقيم .
- فما إن أنهيت كلامي حتى صرخ محدثي قائلا : المصلحة تحتم علينا أن نرحب به , فقلت له هدإ من روعك قليلا لأحدثك , أي مصلحة هذه التي تتحدث عنها ؟ أتعد زيارته لمؤسسات وكالة الغوث مصلحة ؟!!! أتعد افتتاحه لمشروع الصرف الصحي - الجاهز أصلا - مصلحة ؟!!! أتعد مجرد قدومه مصلحة ؟!!! أعلم أنك ستقول : بأن قدومه يعني الاعتراف بنا , وأنا لا يهمني كثيرا اعترف أو لم يعترف , المهم أن يعترف بنا الله تعالى , نعم ما ذكرته من المصالح , ولكنها مصالح ملغاة , مصالح موهومة , نعم هي المصالح الدنيوية الدنية , هي المصالح على حساب جراح الأمة , ومقدساتها ودماء أبنائها والمآسي التي مرت بها , على يد بلير ودولته وشعبه ومن كان على دينه , هي مصالح ولكن على حساب الولاء والبراء , هي مصالح ولكن لم ينزل الله بها من سلطان , هي مصالح ولكنها لا تقنع إلا السذج , ولسنا منهم بمن الله وبكرمه .
- أحبتي في الله : أود ان انبه أن ما فعلته ( الحكومة الراشدة ) لا يرقى إلى درجة الردة , كما تفوه به البعض , وحكمه هذا نتج من شدة حماسته وغيرته على الدين , والأمر يعد في دائرة الكبائر , وهو منزلق خطير , لأن علماءنا علمونا أن : " الإصرار على الصغائر بريد الكبائر والإصرار على الكبائر بريد الكفر "
- (حكومتنا الراشدة ) : إليك بعض المواعظ الربانية , عساك ترجعين إلى رشدك , فتسعدين في الدنيا والآخرة وتسعدينا , أول موعظة هي قول الله تعالى :" فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " , أما الموعظة الثانية فهي في قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا" , أما الموعظة الثالثة فهي في قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " أما الموعظة الرابعة فهي في قوله تعالى :" وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " , أما الموعظة الخامسة فهي في قوله تعالى :" وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ " أما الموعظة السادسة والأخيرة فهي : " وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ"
- أحبتي في الله : وأخيرا أقول : تبا للتمييع , تبا للتنازل عن الثوابت , تبا للتقية , تبا لسياسة تلوين الوجوه , تبا للمصلحة الموهومة التي أصبحت إلها يعبد من دون الله , تبا للتعصب للباطل وبالباطل , تبا للشبه السخيفة التي ما كنا نسمعها إلا من العلمانيين والملحدين , فبتنا نسمعها من الإسلاميين البرلمانيين , وحسبنا الله ونعم الوكيل , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
-إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , ما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن بثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم :أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة