مقاوم
07-04-2008, 05:44 PM
كوسوفا عاتبة على العرب
ابراهيم غرايبة
يواجهك سؤال واحد في كل مكان تزوره في العاصمة الكوسوفية بريشتينا، لماذا لم يعترف العرب بدولة كوسوفا والتي مضى على استقلالها أكثر من ستة أشهر، الإعلاميون والباحثون والأصدقاء والعاملون في المطاعم والأسواق والفنادق والعابرون الذين يقابلونك مصادفة بمجرد أن يسلموا عليك يتساءلون بمرارة متى يعترف العرب بكوسوفا؟
والواقع أنه سؤال يؤشر تكراره على الشعور العميق لدى الكوسوفيين بامتدادهم العربي والإسلامي، برغم أنهم جزء من أوروبا، وكانت قضيتهم أساسا تقع في الصراع التاريخي في البلقان، والذي ظل على مدى القرن العشرين مثل بركان ينشط أحيانا ويخمد أحيانا أخرى، ولكن الموقف العربي والإسلامي من كوسوفا محير بالفعل، فقضية كوسوفا لا تختلف عن البوسنة التي حظيت بتأييد وتعاطف رسمي وشعبي إسلامي وعربي كبير جدا، فبماذا اختلفت قضية كوسوفا عن البوسنة حتى تعامل بهذا التجاهل ويتأخر الاعتراف الرسمي العربي بها؟
يفضل الكوسوفيون تفسير ذلك بنجاح الدبلوماسية الروسية والصربية في التأثير على الموقف العربي والإسلامي ولكن ذلك لا يكفي بالتأكيد لتفسير الموقف العربي والإسلامي، فالتأثير الروسي والصربي لا يصل إلى هذا الحد وإن كان ناشطا، وقد يكون مؤثرا في بعض الدول وليس في جميعها، وربما يكون توقيت استقلال كوسوفا قد جاء في مرحلة تأثرت كثيرا بما يجري في العراق وبتداعيات الحادي عشر من أيلول، فقد أدت هذه السلسلة من الأحداث إلى موجة كراهية للولايات المتحدة الأميركية تجعل العرب والمسلمين سلبيين تجاه القضايا التي تؤيدها الولايات المتحدة ولو كانت عادلة أو يتعاطفون مع أصحابها.
كما أن الظلال الواسعة التي ألقيت على الإسلام والمسلمين جعلتهم أكثر حذرا وخوفا وأقل قدرة في النشاط والتحرك السياسي والإعلامي، وهذا ينطبق أيضا على الكوسوفيين أنفسهم الذين كانوا يخشون أن يدرجوا في قائمة التطرف والتشدد، وقد ركزت الدعاية الصربية كثيرا على هذه الناحية، وحذرت من قيام دولة إسلامية في أوروبا، بالرغم من أن المسلمين الألبان بعامة كانوا أكثر حماسا وتأييدا للعلمانية من المسيحيين الأرثوذكس والذين تشكل الكنيسة لديهم قوة سياسية توجه الموقف الرسمي والشعبي والرأي العام أيضا في صربيا وأنحاء واسعة من أوروبا الشرقية.
وأيا كان السبب والتفسير، فإن الموقف العربي والإسلامي من كوسوفا يصعب تبريره والدفاع عنه، ومن واجب العرب والمسلمين أن يساندوا كوسوفا بالاعتراف الرسمي بها أولا وفتح سفارات وممثليات لهم هناك، وبالمشاركة الاقتصادية والشعبية والإعلامية والتي ستعود بالفائدة أيضا على العرب والمسلمين، فكوسوفا بلد واعد يمكن أن يكون مجالا واسعا للاستثمارات الكبيرة والمتوسطة في التعدين والزراعة والصناعات الغذائية وفي صناعات الأخشاب والأثاث والسياحة وأعمال البناء والطرق.
وتمثل كوسوفا مقصدا سياحيا مثاليا وجميلا للعرب والمسلمين، فهي بلد جميل جدا وملائم للسياحة المحافظة والسياحة الشتوية والصيفية، والأسعار ما تزال ملائمة أو أقل نسبيا من جميع البلاد السياحية الأخرى، وتتمتع بحالة متقدمة من الاستقرار والثقة والهدوء والنظافة، والخدمات الأساسية التي تهم الزائر تقدم بمستوى راق من الجودة والإتقان وبأسعار معقولة، واللغة الإنجليزية متداولة على نطاق معقول وبخاصة لدى الأجيال الشابة، وهناك عدد كبير من الكوسوفيين الذين درسوا وعملوا في الدول العربية.
والشعب الكوسوفي ودي وكريم يرحب كثيرا بالزوار العرب والمسلمين، وتحب التعامل معهم ويمكن أن تثق بهم ولا يعرفون الفهلوة والوسائل المتبعة مع السياح للأسف الشديد في البلاد العربية، وهم بسبب التجربة الواسعة والطويلة في السفر بين الدول الأوروبية وبسبب عادات الكوسوفيين المغتربين في العودة المنتظمة إلى كوسوفو لقضاء الإجازات يملكون شبكة واسعة وممتدة من الموتيلات والمطاعم وأساليب الخدمة والعمل بطريقة عملية وعفوية وموثوقة بعيدة عن النشاط "السياحي" المفتعل.
أعتقد أن كوسوفا تمثل تجربة حضارية وسياسية وتنموية، يجدر بالعرب والمسلمين أن يستفيدوا منها أو يطلعوا عليها على الأقل، ويرجح أنهم سيكونون هم الطرف الرابح في انفتاحهم السياسي والاقتصادي على كوسوفا.
ابراهيم غرايبة
يواجهك سؤال واحد في كل مكان تزوره في العاصمة الكوسوفية بريشتينا، لماذا لم يعترف العرب بدولة كوسوفا والتي مضى على استقلالها أكثر من ستة أشهر، الإعلاميون والباحثون والأصدقاء والعاملون في المطاعم والأسواق والفنادق والعابرون الذين يقابلونك مصادفة بمجرد أن يسلموا عليك يتساءلون بمرارة متى يعترف العرب بكوسوفا؟
والواقع أنه سؤال يؤشر تكراره على الشعور العميق لدى الكوسوفيين بامتدادهم العربي والإسلامي، برغم أنهم جزء من أوروبا، وكانت قضيتهم أساسا تقع في الصراع التاريخي في البلقان، والذي ظل على مدى القرن العشرين مثل بركان ينشط أحيانا ويخمد أحيانا أخرى، ولكن الموقف العربي والإسلامي من كوسوفا محير بالفعل، فقضية كوسوفا لا تختلف عن البوسنة التي حظيت بتأييد وتعاطف رسمي وشعبي إسلامي وعربي كبير جدا، فبماذا اختلفت قضية كوسوفا عن البوسنة حتى تعامل بهذا التجاهل ويتأخر الاعتراف الرسمي العربي بها؟
يفضل الكوسوفيون تفسير ذلك بنجاح الدبلوماسية الروسية والصربية في التأثير على الموقف العربي والإسلامي ولكن ذلك لا يكفي بالتأكيد لتفسير الموقف العربي والإسلامي، فالتأثير الروسي والصربي لا يصل إلى هذا الحد وإن كان ناشطا، وقد يكون مؤثرا في بعض الدول وليس في جميعها، وربما يكون توقيت استقلال كوسوفا قد جاء في مرحلة تأثرت كثيرا بما يجري في العراق وبتداعيات الحادي عشر من أيلول، فقد أدت هذه السلسلة من الأحداث إلى موجة كراهية للولايات المتحدة الأميركية تجعل العرب والمسلمين سلبيين تجاه القضايا التي تؤيدها الولايات المتحدة ولو كانت عادلة أو يتعاطفون مع أصحابها.
كما أن الظلال الواسعة التي ألقيت على الإسلام والمسلمين جعلتهم أكثر حذرا وخوفا وأقل قدرة في النشاط والتحرك السياسي والإعلامي، وهذا ينطبق أيضا على الكوسوفيين أنفسهم الذين كانوا يخشون أن يدرجوا في قائمة التطرف والتشدد، وقد ركزت الدعاية الصربية كثيرا على هذه الناحية، وحذرت من قيام دولة إسلامية في أوروبا، بالرغم من أن المسلمين الألبان بعامة كانوا أكثر حماسا وتأييدا للعلمانية من المسيحيين الأرثوذكس والذين تشكل الكنيسة لديهم قوة سياسية توجه الموقف الرسمي والشعبي والرأي العام أيضا في صربيا وأنحاء واسعة من أوروبا الشرقية.
وأيا كان السبب والتفسير، فإن الموقف العربي والإسلامي من كوسوفا يصعب تبريره والدفاع عنه، ومن واجب العرب والمسلمين أن يساندوا كوسوفا بالاعتراف الرسمي بها أولا وفتح سفارات وممثليات لهم هناك، وبالمشاركة الاقتصادية والشعبية والإعلامية والتي ستعود بالفائدة أيضا على العرب والمسلمين، فكوسوفا بلد واعد يمكن أن يكون مجالا واسعا للاستثمارات الكبيرة والمتوسطة في التعدين والزراعة والصناعات الغذائية وفي صناعات الأخشاب والأثاث والسياحة وأعمال البناء والطرق.
وتمثل كوسوفا مقصدا سياحيا مثاليا وجميلا للعرب والمسلمين، فهي بلد جميل جدا وملائم للسياحة المحافظة والسياحة الشتوية والصيفية، والأسعار ما تزال ملائمة أو أقل نسبيا من جميع البلاد السياحية الأخرى، وتتمتع بحالة متقدمة من الاستقرار والثقة والهدوء والنظافة، والخدمات الأساسية التي تهم الزائر تقدم بمستوى راق من الجودة والإتقان وبأسعار معقولة، واللغة الإنجليزية متداولة على نطاق معقول وبخاصة لدى الأجيال الشابة، وهناك عدد كبير من الكوسوفيين الذين درسوا وعملوا في الدول العربية.
والشعب الكوسوفي ودي وكريم يرحب كثيرا بالزوار العرب والمسلمين، وتحب التعامل معهم ويمكن أن تثق بهم ولا يعرفون الفهلوة والوسائل المتبعة مع السياح للأسف الشديد في البلاد العربية، وهم بسبب التجربة الواسعة والطويلة في السفر بين الدول الأوروبية وبسبب عادات الكوسوفيين المغتربين في العودة المنتظمة إلى كوسوفو لقضاء الإجازات يملكون شبكة واسعة وممتدة من الموتيلات والمطاعم وأساليب الخدمة والعمل بطريقة عملية وعفوية وموثوقة بعيدة عن النشاط "السياحي" المفتعل.
أعتقد أن كوسوفا تمثل تجربة حضارية وسياسية وتنموية، يجدر بالعرب والمسلمين أن يستفيدوا منها أو يطلعوا عليها على الأقل، ويرجح أنهم سيكونون هم الطرف الرابح في انفتاحهم السياسي والاقتصادي على كوسوفا.