أم ورقة
07-29-2003, 04:06 PM
من أعظمُ منه جوداً ؟
الله .. سبحانه يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره وأناته وسعة رحمته وجوده . فاقتضى ذلك خَلْق من يشرك به، ويضاده في حكمه، ويجتهد في مخالفته، ويسعى في مساخطه . بل يُشَبِّهه سبحانه، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات ، ويرزقه ويعافيه ، ويمكِّن له من الأسباب ما يتلذذ به من أصناف النعيم ، ويجيب دعاءه ، ويكشف عنه السوء ، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءته ، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد . ويتحبب إلى أوليائه، ويتعرف بأنواع كمالاته . كما في الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله يجعلون له الولد وهو يرزقهم ويعافيهم ) ، وفي الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يرويه عن ربه : ( كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يُعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته . وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً . وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) .
وليس أول الخلق بأهون عليه من إعادته . وهو سبحانه مع هذا الشتم له والتكذيب يرزق الشاتم المكذب ، ويعافيه ، ويدفع عنه ، ويدعوه إلى جنته، ويقبل توبته إذا تاب إليه ، ويبدله بسيئاته حسنات ، ويلطف به في جميع أحواله ، ويؤهله لإرسال رسله ، ويأمرهم بأن يلينوا له القول ويرفقوا به .
قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله : " ما من ليلة يختلط ظلامها إلا نادى الجليل جل جلاله : من أعظم مني جوداً ، الخلائق لي عاصون وأنا أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني ، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا . أجود بالفضل على العاصي ، وأتفضل على المسيء . من ذا الذي دعاني فلم ألبه . ومن ذا الذي سألني فلم أعطه . أنا الجواد ومني الجود . أنا الكريم ومني الكرم . ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني وأعطيه ما لم يسألني . ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني . فأين عني يهرب الخلق ، وأين عن بابي يتنحى العاصون " .
وفي أثر إلهي : ( إني والأنس والجن في نبأ عظيم . اخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي ) . وفي أثر حسن : ( ابن آدم ما أنصفتني ، خيري إليك نازل وشرك إلى صاعد . كم أتحبب إليك بالنعم وأنا غنيٌّ عنك ، وكم تتبغض إلى بالمعاصي وأنت فقير إلى . ولا يزال الملك الكريم يعرج إليّ منك بعمل قبيح ) وفي الحديث الصحيح : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ) .
فهو سبحانه لكمال محبته وكمال أسمائه وصفاته اقتضى حمده وحكمته أن يخلق خلقاً يظهر فيهم أحكامها وآثارها . فلمحبته للعفو خلق من يحسن العفو عنه . ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ويحلم عنه ويصبر عليه ولا يعاجله . ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته . ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءة والعصيان وهو سبحانه يعامله بالمغفرة والإحسان . فلولا خلق من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها .. فتبارك الله رب العالمين وأحكم الحاكمين ، ذو الحكمة البالغة والنعم السابقة . الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته ، وله في كل شيء حكمة باهرة .
الكاتب:
ناصر بن مسفر الزهراني
الله .. سبحانه يحب أن يظهر لعباده حلمه وصبره وأناته وسعة رحمته وجوده . فاقتضى ذلك خَلْق من يشرك به، ويضاده في حكمه، ويجتهد في مخالفته، ويسعى في مساخطه . بل يُشَبِّهه سبحانه، وهو مع ذلك يسوق إليه أنواع الطيبات ، ويرزقه ويعافيه ، ويمكِّن له من الأسباب ما يتلذذ به من أصناف النعيم ، ويجيب دعاءه ، ويكشف عنه السوء ، ويعامله من بره وإحسانه بضد ما يعامله هو به من كفره وشركه وإساءته ، فلله كم في ذلك من حكمة وحمد . ويتحبب إلى أوليائه، ويتعرف بأنواع كمالاته . كما في الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال : ( لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله يجعلون له الولد وهو يرزقهم ويعافيهم ) ، وفي الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما يرويه عن ربه : ( كذّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : لن يُعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته . وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولداً . وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ) .
وليس أول الخلق بأهون عليه من إعادته . وهو سبحانه مع هذا الشتم له والتكذيب يرزق الشاتم المكذب ، ويعافيه ، ويدفع عنه ، ويدعوه إلى جنته، ويقبل توبته إذا تاب إليه ، ويبدله بسيئاته حسنات ، ويلطف به في جميع أحواله ، ويؤهله لإرسال رسله ، ويأمرهم بأن يلينوا له القول ويرفقوا به .
قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله : " ما من ليلة يختلط ظلامها إلا نادى الجليل جل جلاله : من أعظم مني جوداً ، الخلائق لي عاصون وأنا أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني ، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا . أجود بالفضل على العاصي ، وأتفضل على المسيء . من ذا الذي دعاني فلم ألبه . ومن ذا الذي سألني فلم أعطه . أنا الجواد ومني الجود . أنا الكريم ومني الكرم . ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني وأعطيه ما لم يسألني . ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني . فأين عني يهرب الخلق ، وأين عن بابي يتنحى العاصون " .
وفي أثر إلهي : ( إني والأنس والجن في نبأ عظيم . اخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر سواي ) . وفي أثر حسن : ( ابن آدم ما أنصفتني ، خيري إليك نازل وشرك إلى صاعد . كم أتحبب إليك بالنعم وأنا غنيٌّ عنك ، وكم تتبغض إلى بالمعاصي وأنت فقير إلى . ولا يزال الملك الكريم يعرج إليّ منك بعمل قبيح ) وفي الحديث الصحيح : ( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم ) .
فهو سبحانه لكمال محبته وكمال أسمائه وصفاته اقتضى حمده وحكمته أن يخلق خلقاً يظهر فيهم أحكامها وآثارها . فلمحبته للعفو خلق من يحسن العفو عنه . ولمحبته للمغفرة خلق من يغفر له ويحلم عنه ويصبر عليه ولا يعاجله . ولمحبته لعدله وحكمته خلق من يظهر فيهم عدله وحكمته . ولمحبته للجود والإحسان والبر خلق من يعامله بالإساءة والعصيان وهو سبحانه يعامله بالمغفرة والإحسان . فلولا خلق من يجري على أيديهم أنواع المعاصي والمخالفات لفاتت هذه الحكم والمصالح وأضعافها وأضعاف أضعافها .. فتبارك الله رب العالمين وأحكم الحاكمين ، ذو الحكمة البالغة والنعم السابقة . الذي وصلت حكمته إلى حيث وصلت قدرته ، وله في كل شيء حكمة باهرة .
الكاتب:
ناصر بن مسفر الزهراني