مقاوم
06-01-2008, 12:57 PM
حروب وكوارث غير معلنة!!
ياسر سعد
العالم العربي في مجمله يعاني من أوضاع سياسية صعبة ومضطربة، ومن صراعات تدور إما في عدد من بلدانه أو في محيط بلدان عربية أخرى، فيما يتردد السؤال القديم الجديد، هل ستنشب حرب جديدة؟ وهل سينفجر صراع آخر؟
هذه الأوضاع، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها غياب الشفافية والمشاركة وحرية التعبير في أغلب البلدان العربية، تؤثر وبشكل كبير على مسارات التنمية والتطور العلمي والصناعي في العالم العربي، والذي يتأرجح ـ ومن عقود ـ في ذيل القائمة، في هذه المجالات الحيوية عالميا.
غير أن هناك عوامل اجتماعية-سلوكية تساهم هي الأخرى في إعاقة التنمية والتطور في مجتمعاتنا، لتعكس أنماطا وطرق تفكير بحاجة إلى إعادة صياغة وإلى إصلاح عاجل.
محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، قال في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لرؤساء أجهزة المرور بتونس، ونقلتها عنه وكالة رويترز: "على الصعيد العربي، يسجل وقوع نصف مليون حادث في العام على الأقل، ينجم عنها 26 ألف قتيل ونحو 250 ألف جريح". وأضاف أن الخسائر الاقتصادية للبلدان العربية جراء ذلك، تبلغ 25 مليار دولار سنوياً.
وحذر كومان من "أن مستقبل مشكل المرور ليس واعداً" إذ تشير التقديرات ـ حسب قوله ـ إلى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فإن حوادث المرور ستزيد بنسبة 60 بالمائة حتى عام 2020، وأرجع المسؤولية إلى إفراط السائقين في السرعة، وإلى الشركات المصنعة للسيارات، التي تنتج مركبات تتجاوز سرعتها أحياناً 300 كيلومتر في الساعة.
عدد قتلى وجرحى الحوادث المرورية حسب المسؤول العربي، يشير إلى وضع كارثي، وكأننا أمام حرب حقيقة وإن كانت غير معلنة. كما إن الخسائر المادية تصل إلى رقم ضخم يؤثر بلا شك على التنمية والتطور في مجتمعات عربية قد لا يجد الكثير من طلابها فرصا للدراسة الجامعية ولا تستطيع أعداد كبيرة من شبابها الحصول على فرص وظيفية.
من جهة أخرى، كشف استشاري أمراض القلب السعودي، الدكتور عبد الله الخنيزان، أن "أكثر من ربع السعوديين البالغين مصابون بمرض السكري، وهي من أعلى النسب في العالم"، وأوضح الطبيب في لقاء في الإحساء حول "عوامل الخطورة المؤدية لأمراض القلب"، نشرت بعض فعالياته صحف محلية، أن نسبة المدخنين من الذكور السعوديين بلغت 40%، وهي أعلى نسبة مسجلة عالميا، ونسبة من يعانون من ضغط الدم 25%، في حين لا يمارس الرياضة 79%.
واعتبر الخنيزان أن هذه النسب مخيفة وتدل على وجود مشكلة يجب أن تعالج، متوقعا لتك الأرقام الارتفاع في السنوات القادمة. في حين أوضح استشاري طب الأسرة الدكتور هاشم فدا خلال مشاركته في لقاء علمي في الإحساء، أن 35% من السعوديين يعانون من نسبة زيادة في الكولسترول و49% يعانون زيادة في نسبة الدهون الثلاثية.
الأرقام التي أوردها ويتداولها الأخصائيون السعوديون مرعبة ومخيفة، تستدعى إعلانا للطوارئ من الناحية الصحية وخطوات عاجلة وفعالة. ليس الأمر محصورا بالتأكيد على المجتمع السعودي، فالمجتمعات العربية، خصوصا التي تتمتع بوفرة اقتصادية، تواجه مشاكل مماثلة، بل وربما بشكل أكبر، أضف إلى ذلك مسألة البدانة المفرطة عند الصغار والبالغين، والتي تصل بأصحابها أحيانا إلى درجة تقترب من الإعاقة.
طاقات بشرية كبيرة وهامة تعوقها أمراض مزمنة، من الممكن الوقاية منها أو الإقلال من خطورتها، وإمكانيات مالية واسعة، تهدر في علاج ودواء لعلل يمكن أن تنفق في التنمية والاستثمار العلمي والمستقبلي.
حوادث المرور والنسب المرضية المرتفعة في المجتمعات العربية، لها أسباب كثيرة تحتاج إلى بحث ودراسة ومواجهة سريعة وحاسمة، ومعالجة فعالة فكريا وتربويا واجتماعيا وإعلاميا، غير أنني أشير بأصابع الاتهام إلى النمط الاستهلاكي المدمر المتزايد في مجتمعاتنا، والتغير الكبير الذي طرأ على عاداتنا وقيمنا، مع التمكين لمفاهيم سلبية مستوردة.
ياسر سعد
العالم العربي في مجمله يعاني من أوضاع سياسية صعبة ومضطربة، ومن صراعات تدور إما في عدد من بلدانه أو في محيط بلدان عربية أخرى، فيما يتردد السؤال القديم الجديد، هل ستنشب حرب جديدة؟ وهل سينفجر صراع آخر؟
هذه الأوضاع، بالإضافة إلى عوامل أخرى، منها غياب الشفافية والمشاركة وحرية التعبير في أغلب البلدان العربية، تؤثر وبشكل كبير على مسارات التنمية والتطور العلمي والصناعي في العالم العربي، والذي يتأرجح ـ ومن عقود ـ في ذيل القائمة، في هذه المجالات الحيوية عالميا.
غير أن هناك عوامل اجتماعية-سلوكية تساهم هي الأخرى في إعاقة التنمية والتطور في مجتمعاتنا، لتعكس أنماطا وطرق تفكير بحاجة إلى إعادة صياغة وإلى إصلاح عاجل.
محمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، قال في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لرؤساء أجهزة المرور بتونس، ونقلتها عنه وكالة رويترز: "على الصعيد العربي، يسجل وقوع نصف مليون حادث في العام على الأقل، ينجم عنها 26 ألف قتيل ونحو 250 ألف جريح". وأضاف أن الخسائر الاقتصادية للبلدان العربية جراء ذلك، تبلغ 25 مليار دولار سنوياً.
وحذر كومان من "أن مستقبل مشكل المرور ليس واعداً" إذ تشير التقديرات ـ حسب قوله ـ إلى أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فإن حوادث المرور ستزيد بنسبة 60 بالمائة حتى عام 2020، وأرجع المسؤولية إلى إفراط السائقين في السرعة، وإلى الشركات المصنعة للسيارات، التي تنتج مركبات تتجاوز سرعتها أحياناً 300 كيلومتر في الساعة.
عدد قتلى وجرحى الحوادث المرورية حسب المسؤول العربي، يشير إلى وضع كارثي، وكأننا أمام حرب حقيقة وإن كانت غير معلنة. كما إن الخسائر المادية تصل إلى رقم ضخم يؤثر بلا شك على التنمية والتطور في مجتمعات عربية قد لا يجد الكثير من طلابها فرصا للدراسة الجامعية ولا تستطيع أعداد كبيرة من شبابها الحصول على فرص وظيفية.
من جهة أخرى، كشف استشاري أمراض القلب السعودي، الدكتور عبد الله الخنيزان، أن "أكثر من ربع السعوديين البالغين مصابون بمرض السكري، وهي من أعلى النسب في العالم"، وأوضح الطبيب في لقاء في الإحساء حول "عوامل الخطورة المؤدية لأمراض القلب"، نشرت بعض فعالياته صحف محلية، أن نسبة المدخنين من الذكور السعوديين بلغت 40%، وهي أعلى نسبة مسجلة عالميا، ونسبة من يعانون من ضغط الدم 25%، في حين لا يمارس الرياضة 79%.
واعتبر الخنيزان أن هذه النسب مخيفة وتدل على وجود مشكلة يجب أن تعالج، متوقعا لتك الأرقام الارتفاع في السنوات القادمة. في حين أوضح استشاري طب الأسرة الدكتور هاشم فدا خلال مشاركته في لقاء علمي في الإحساء، أن 35% من السعوديين يعانون من نسبة زيادة في الكولسترول و49% يعانون زيادة في نسبة الدهون الثلاثية.
الأرقام التي أوردها ويتداولها الأخصائيون السعوديون مرعبة ومخيفة، تستدعى إعلانا للطوارئ من الناحية الصحية وخطوات عاجلة وفعالة. ليس الأمر محصورا بالتأكيد على المجتمع السعودي، فالمجتمعات العربية، خصوصا التي تتمتع بوفرة اقتصادية، تواجه مشاكل مماثلة، بل وربما بشكل أكبر، أضف إلى ذلك مسألة البدانة المفرطة عند الصغار والبالغين، والتي تصل بأصحابها أحيانا إلى درجة تقترب من الإعاقة.
طاقات بشرية كبيرة وهامة تعوقها أمراض مزمنة، من الممكن الوقاية منها أو الإقلال من خطورتها، وإمكانيات مالية واسعة، تهدر في علاج ودواء لعلل يمكن أن تنفق في التنمية والاستثمار العلمي والمستقبلي.
حوادث المرور والنسب المرضية المرتفعة في المجتمعات العربية، لها أسباب كثيرة تحتاج إلى بحث ودراسة ومواجهة سريعة وحاسمة، ومعالجة فعالة فكريا وتربويا واجتماعيا وإعلاميا، غير أنني أشير بأصابع الاتهام إلى النمط الاستهلاكي المدمر المتزايد في مجتمعاتنا، والتغير الكبير الذي طرأ على عاداتنا وقيمنا، مع التمكين لمفاهيم سلبية مستوردة.