من طرابلس
05-19-2008, 11:13 AM
هذا المقال من مجلة الأمان الاسبوعية التابعة للجماعة الإسلامية
أسقط «السيّد» الخطوط الحمراء، وبات المرء في حلّ من أي قيد كان يحرص عليه لمراعاة الآخرين.
سقطت الخطوط الحمراء وسقطت معها الأقنعة المستعارة، وبانت الوجوه على حقيقتها التي نجحت طوال أكثر من عقدين بإخفاء ما تضمره.
أعلن السيد أن القرارين «المظلمين» الصادرين عن مجلس الوزراء شكّلا إيذاناً بمرحلة جديدة، لكنه كذلك أعلن عملياً أن الجرائم التي ارتُكبت بحق بيروت في ليلة ظلماء شكلت إيذاناً ببدء مرحلة متقدمة من الكراهية والشحناء، التي سيحرص أبناء بيروت على توريثها لأبنائهم، كي لا يصدقوا مرة أخرى الوعود التي تُقطع لهم، والأمان الذي يُمنح لهم.. فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين.
بأي حجّة سأجيب أهالي بيروت الذين استوقفهم مسلحوكم في أحيائهم فقطعوا عليهم الطريق، ومنعوهم من كسب أرزاقهم، وسألوهم عن مذهبهم، واستفزّوهم حتى يظهروا بادرة استياء أو انزعاج كي يشكّل ذلك مبرراً للاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم. كيف سأبرّر قيام مجموعة من «أشرف ناسكم» بنصب حواجز أين منها الحواجز المليشياوية، فدقّقوا بهويات المارة، وتفحّصوا وجوههم، وفتّشوا سياراتهم بحثاً عن شيء يبيح لهم الاستيلاء عليها. كل ذلك على مرأى عناصر الجيش اللبناني الحصن الحصين للوطن والمواطنين؟!
كيث سأقنع والد الدكتور المحامي هيثم طبارة، الذي قضى ووالدته وهو يحاول تجنّب «سلاح المقاومة» هرباً من منطقة الاشتباكات، فإذا بالقذائف الصاروخية تخطئ دبابة ميركافا إسرائيلية في وادي الحجير لتصيب سيارته في منطقة رأس النبع ببيروت! كيف سأقنع ذوي الشهداء الذين سقطوا وهم يشيّعون جنازة صديق لهم قرب مقبرة الشهداء، فكانت يد الحقد والغدر أقوى على الزناد لترغمهم على الانضمام إلى ضحايا معركة أشرف الناس.
أعذرني يا سيد، فالمرارة شديدة، وما يخطّه قلمي يخرج بصعوبة شديدة، وما اقترفته يد مجاهديك لم تترك لي مجالاً كي أضيف عليه صفة حميدة، في حين أن ما حصل ترك المجال واسعاً أمام عشرات الصفات الأخرى التي أحجم عن إضافتها حرصاً على تاريخكم الذي أظنّه ناصعاً.
وصف «أحدهم» النائب وليد جنبلاط بأنه «لص وكذاب وقاتل». وأنا هنا أسأل: أليس لصاً من يسمح لحلفائه «الزعران» بنهب وسرقة ما تطاله أيديهم من ممتلكات خاصة تعود لمقرّبين من هذا التيار أو ذاك؟! أليس كذاباً من يعد اللبنانيين بأن سلاحه لن يخطئ بوصلته وسيظلّ موجّهاً نحو الجنوب مهما كانت الظروف؟! أليس قاتلاً من يتسبّب بسقوط قرابة مئة قتيل من أبناء الوطن الواحد، في معارك ليس فيها منتصر، اللهم سوى إشباع شهوة السيطرة والتجبّر على من كان يفترض بهم أن يكونوا إخوانه في الوطن؟! لن أجيب.. خوفاً ورهبة من المحاكم الشرعية التي ربما يعتزم السيد تشكيلها ليُنزل العقاب المناسب بكل من لا يغمض عينيه عن الجرائم التي ارتكبت، ويصمّ أذنيه عن الإهانات والشتائم التي تلقّاها أبناء بيروت، ويمسك أنفه كي لا يشمّ الرائحة النتنة التي فاحت خلال استباحة العاصمة. أما من تسوّل له نفسه بفتح فمه، فلا حاجة لمحاكمة، فالعقاب فوري جزاء العمالة والخيانة!
بعد عدوان تموز صرّح السيّد بأنه لو كان حزب الله يعلم أن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين ستؤدي لما أدت إليه لما أقدم عليها الحزب. لكن ماذا عن عملية أسر كرامة أهالي بيروت والاعتداء عليهم، والإمعان في إذلالهم واعتقال أبنائهم. هل يطلّ السيد بعد حين ليخبرنا أنه لو كان يدرك أن ما اقترفه حزبه سيؤدي إلى فتنة بين أبناء الوطن الواحد لما فعل؟ الأوان حينها يكون قد فات، والسكين التي غُرزت في ظهر بيروت أفرزت قيحاً لن تطهّره السنون.
أمران اثنان سبّبا لي غصّة وحزناً: الأول هو مصير أولئك «المقاومين» من عناصر حزب الله الذين سقطوا في معركة احتلال الجبل. فالقتلى الذين سقطوا من أبناء بيروت خلال معركة استباحتها هم شهداء –بإذن الله- سنداً للحديث النبوي «من قُتل دون مظلمته فهو شهيد»، لكن ماذا عن قتلى حزب الله؟!
الأمر الثاني هو وضع «بعض» حلفاء حزب الله من أبناء الساحة الإسلامية الذين أعتقد فيهم بقية خير. فما هو موقفهم من الجرائم التي ارتُكبت في ساحتهم؟ بماذا شعروا حين شاهدوا عبر وسائل الإعلام مشاهد الذلّ والمهانة التي أصابت إخوانهم وأبناءهم وهم يُساقون من منازلهم كالمجرمين إلى زنازين التحقيقات الحزبية؟! بماذا سيُجيبون ربّ العباد يوم القيامة حين سيُسألون عن الجهد الذي بذلوه لوقف مسلسل الإجرام؟ أم يكون الشيطان الأخرس زميلاً لهم!
يا أشرف الناس، لا أقول إلى اللقاء.. بل وداعاً إلى غير رجعة.
أوّاب إبراهيم
أسقط «السيّد» الخطوط الحمراء، وبات المرء في حلّ من أي قيد كان يحرص عليه لمراعاة الآخرين.
سقطت الخطوط الحمراء وسقطت معها الأقنعة المستعارة، وبانت الوجوه على حقيقتها التي نجحت طوال أكثر من عقدين بإخفاء ما تضمره.
أعلن السيد أن القرارين «المظلمين» الصادرين عن مجلس الوزراء شكّلا إيذاناً بمرحلة جديدة، لكنه كذلك أعلن عملياً أن الجرائم التي ارتُكبت بحق بيروت في ليلة ظلماء شكلت إيذاناً ببدء مرحلة متقدمة من الكراهية والشحناء، التي سيحرص أبناء بيروت على توريثها لأبنائهم، كي لا يصدقوا مرة أخرى الوعود التي تُقطع لهم، والأمان الذي يُمنح لهم.. فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين.
بأي حجّة سأجيب أهالي بيروت الذين استوقفهم مسلحوكم في أحيائهم فقطعوا عليهم الطريق، ومنعوهم من كسب أرزاقهم، وسألوهم عن مذهبهم، واستفزّوهم حتى يظهروا بادرة استياء أو انزعاج كي يشكّل ذلك مبرراً للاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم. كيف سأبرّر قيام مجموعة من «أشرف ناسكم» بنصب حواجز أين منها الحواجز المليشياوية، فدقّقوا بهويات المارة، وتفحّصوا وجوههم، وفتّشوا سياراتهم بحثاً عن شيء يبيح لهم الاستيلاء عليها. كل ذلك على مرأى عناصر الجيش اللبناني الحصن الحصين للوطن والمواطنين؟!
كيث سأقنع والد الدكتور المحامي هيثم طبارة، الذي قضى ووالدته وهو يحاول تجنّب «سلاح المقاومة» هرباً من منطقة الاشتباكات، فإذا بالقذائف الصاروخية تخطئ دبابة ميركافا إسرائيلية في وادي الحجير لتصيب سيارته في منطقة رأس النبع ببيروت! كيف سأقنع ذوي الشهداء الذين سقطوا وهم يشيّعون جنازة صديق لهم قرب مقبرة الشهداء، فكانت يد الحقد والغدر أقوى على الزناد لترغمهم على الانضمام إلى ضحايا معركة أشرف الناس.
أعذرني يا سيد، فالمرارة شديدة، وما يخطّه قلمي يخرج بصعوبة شديدة، وما اقترفته يد مجاهديك لم تترك لي مجالاً كي أضيف عليه صفة حميدة، في حين أن ما حصل ترك المجال واسعاً أمام عشرات الصفات الأخرى التي أحجم عن إضافتها حرصاً على تاريخكم الذي أظنّه ناصعاً.
وصف «أحدهم» النائب وليد جنبلاط بأنه «لص وكذاب وقاتل». وأنا هنا أسأل: أليس لصاً من يسمح لحلفائه «الزعران» بنهب وسرقة ما تطاله أيديهم من ممتلكات خاصة تعود لمقرّبين من هذا التيار أو ذاك؟! أليس كذاباً من يعد اللبنانيين بأن سلاحه لن يخطئ بوصلته وسيظلّ موجّهاً نحو الجنوب مهما كانت الظروف؟! أليس قاتلاً من يتسبّب بسقوط قرابة مئة قتيل من أبناء الوطن الواحد، في معارك ليس فيها منتصر، اللهم سوى إشباع شهوة السيطرة والتجبّر على من كان يفترض بهم أن يكونوا إخوانه في الوطن؟! لن أجيب.. خوفاً ورهبة من المحاكم الشرعية التي ربما يعتزم السيد تشكيلها ليُنزل العقاب المناسب بكل من لا يغمض عينيه عن الجرائم التي ارتكبت، ويصمّ أذنيه عن الإهانات والشتائم التي تلقّاها أبناء بيروت، ويمسك أنفه كي لا يشمّ الرائحة النتنة التي فاحت خلال استباحة العاصمة. أما من تسوّل له نفسه بفتح فمه، فلا حاجة لمحاكمة، فالعقاب فوري جزاء العمالة والخيانة!
بعد عدوان تموز صرّح السيّد بأنه لو كان حزب الله يعلم أن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين ستؤدي لما أدت إليه لما أقدم عليها الحزب. لكن ماذا عن عملية أسر كرامة أهالي بيروت والاعتداء عليهم، والإمعان في إذلالهم واعتقال أبنائهم. هل يطلّ السيد بعد حين ليخبرنا أنه لو كان يدرك أن ما اقترفه حزبه سيؤدي إلى فتنة بين أبناء الوطن الواحد لما فعل؟ الأوان حينها يكون قد فات، والسكين التي غُرزت في ظهر بيروت أفرزت قيحاً لن تطهّره السنون.
أمران اثنان سبّبا لي غصّة وحزناً: الأول هو مصير أولئك «المقاومين» من عناصر حزب الله الذين سقطوا في معركة احتلال الجبل. فالقتلى الذين سقطوا من أبناء بيروت خلال معركة استباحتها هم شهداء –بإذن الله- سنداً للحديث النبوي «من قُتل دون مظلمته فهو شهيد»، لكن ماذا عن قتلى حزب الله؟!
الأمر الثاني هو وضع «بعض» حلفاء حزب الله من أبناء الساحة الإسلامية الذين أعتقد فيهم بقية خير. فما هو موقفهم من الجرائم التي ارتُكبت في ساحتهم؟ بماذا شعروا حين شاهدوا عبر وسائل الإعلام مشاهد الذلّ والمهانة التي أصابت إخوانهم وأبناءهم وهم يُساقون من منازلهم كالمجرمين إلى زنازين التحقيقات الحزبية؟! بماذا سيُجيبون ربّ العباد يوم القيامة حين سيُسألون عن الجهد الذي بذلوه لوقف مسلسل الإجرام؟ أم يكون الشيطان الأخرس زميلاً لهم!
يا أشرف الناس، لا أقول إلى اللقاء.. بل وداعاً إلى غير رجعة.
أوّاب إبراهيم