مقاوم
05-19-2008, 08:51 AM
الإساءات لمقدساتنا ..وتبلد أحاسيسنا!!
ياسر سعد
منذ ثلاثة أعوام، وبعد تسرب أخبار تدنيس جنود أمريكيين للقرآن الكريم في جوانتنامو، اندلعت في أفغانستان مظاهرات صاخبة تحتج وتندد بتلك التجاوزات.
العالم العربي والإسلامي بحكوماته بل وحتى بحركاته الإسلامية وقف ساكنا حينها في حالة من الجمود القاتل لأكثر من يومين مع استثناءات محدودة. بعدها تكلمت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمام الكونغرس لتندد بالمسألة "إذا ثبتت"، وتعلن أنها مثيرة للاشمئزاز، وأن سياسة الإدارة الأمريكية قائمة على احترام الكتب السماوية. عندها بدأت الحكومات العربية بالتنديد وعلى استحياء بالمسألة، ولتهيب بالحكومة الأمريكية للتحقيق في الحادث ومعاقبة المذنبين. ومن ثم انهالت مواقف التنديد والاستنكار واستيقظت الضمائر العربية والإسلامية، وارتفعت الأصوات لتندد بالمسألة المهينة داعية السلطات الأمريكية للتحقيق بالحادثة والاعتذار عنها ومعاقبة مرتكبيها.
العجيب في الأمر واللافت للانتباه أن التقارير التي تحدثت عن تجاوزات الجنود والمحققين الأمريكيين بحق القرآن في جوانتنامو، قد ترددت قبلها بأكثر من عام ومن مصادر متعددة. فقد أصدر ثلاثة سجناء أطلق سراحهم من المعتقل بيانا مشتركا في مارس 2004م، جاء فيه أن حراس السجن كانوا يدوسون على نسخ من القران الكريم، بل وقاموا برمي بعض منها في أوعية كانت تستخدم كمراحيض من قبل السجناء. في حين أكد محامو محتجزين كويتيين في جوانتنامو في يناير 2005م، أن موكليهم كشفوا لهم عن حالة واحدة على الأقل رُمي فيها مصحف في المراحيض. وقالت المحامية كريستين هاسكي إن العديد من موكليهم أبلغوهم أن الحرس كانوا يدنسون القرآن الكريم.
سامي الحاج مصور قناة الجزيرة، تحدث بعد إطلاق سراحه من جوانتنامو، لوسائل الإعلام، عن أن إساءة الحراس الأمريكان للقرآن الكريم، لتعمد إذلال المعتقلين والضغط عليهم نفسيا، ما زالت مستمرة ومتواصلة. تصريحات الرجل الخارج للتو من المعتقل الأمريكي لم تتوقف عندها لا جهات حكومية ولا شعبية ولا حتى إسلامية. فهل ماتت فينا الحمية ومشاعر الغيرة؟ وهل نجح توالي الاهانات والإساءات للمقدسات الإسلامية في تخدير مشاعرنا وقتل أحاسيسنا؟
من جهة أخرى، أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا، جاء فيه أن عسكريين أمريكيين وضعوا قرآنا على شاخص في ميدان للرمي قرب مركز للشرطة بمنطقة الرضوانية يوم الأحد 11/5، وأطلق أفرادها النار عليه. وحسب الهيئة، التي أرفقت صورا للمصحف في موقعها الإلكتروني، فقد أشار شهود عيان من أبناء المنطقة، أن الأمريكيين قاموا بفعلتهم أمام حراس مركز الشرطة، وتركوا المصحف في مكانه وعليه آثار الطلقات النارية، وقد كتبوا على إحدى صفحاته عبارات نابية.
الأمر اللافت في موقف الهيئة، الذي ندد بالصمت الذي يلتزم به كل المنخرطين في مشروع المحتل، محملة الاحتلال والحكومة الحالية المسؤولية الكاملة عن هذا الانتهاك، عدم التطلع أو توقع أي تحرك أو احتجاج عربي أو إسلامي أو دولي على التصرف الأمريكي المشين.
ماذا سيكون ردة فعل المجتمع الدولي وحتى الدول العربية لو أن مقدسات يهودية تعرضت للتدنيس أو للإهانة؟ عندما دمرت حكومة طالبان تمثالي بوذا في مقاطعة باميان الأفغانية، تحرك العالم ومعه دول عربية، بغضب وحدة منددا ومستنكرا. فما بال الصمت المريب يخيم على المشهد, والمقدسات الإسلامية تتعرض وبشكل مستمر للعبث والتدنيس؟!!
ليست ردود الفعل الباردة في مسألة تدنيس القرآن، المؤشر الوحيد على العجز الذي أصابنا، فها هي النداءات والصرخات تخرج من فلسطين، تحذر من انهيار وشيك في المسجد الأقصى، فلا تجد إلا صمما، ولا تلاقي إلا تجاهلا. وها هو الشعب الفلسطيني يحاصر في غزة ويتضور أطفاله جوعا، فيما مجتمعات عربية وإسلامية تستنفر الإمكانات والطاقات لمعالجة ظاهرة السمنة والبدانة عند صغارها وكبارها.
إن التطرف يولد التطرف والخلل ينتج خللا، وإن أحوالنا تطرفت في الانحدار ومكانتنا في التراجع، فاختلت موازيننا وتاهت بوصلاتنا فما عدنا لننصر حقا أو ننكر باطلا.
ياسر سعد
منذ ثلاثة أعوام، وبعد تسرب أخبار تدنيس جنود أمريكيين للقرآن الكريم في جوانتنامو، اندلعت في أفغانستان مظاهرات صاخبة تحتج وتندد بتلك التجاوزات.
العالم العربي والإسلامي بحكوماته بل وحتى بحركاته الإسلامية وقف ساكنا حينها في حالة من الجمود القاتل لأكثر من يومين مع استثناءات محدودة. بعدها تكلمت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أمام الكونغرس لتندد بالمسألة "إذا ثبتت"، وتعلن أنها مثيرة للاشمئزاز، وأن سياسة الإدارة الأمريكية قائمة على احترام الكتب السماوية. عندها بدأت الحكومات العربية بالتنديد وعلى استحياء بالمسألة، ولتهيب بالحكومة الأمريكية للتحقيق في الحادث ومعاقبة المذنبين. ومن ثم انهالت مواقف التنديد والاستنكار واستيقظت الضمائر العربية والإسلامية، وارتفعت الأصوات لتندد بالمسألة المهينة داعية السلطات الأمريكية للتحقيق بالحادثة والاعتذار عنها ومعاقبة مرتكبيها.
العجيب في الأمر واللافت للانتباه أن التقارير التي تحدثت عن تجاوزات الجنود والمحققين الأمريكيين بحق القرآن في جوانتنامو، قد ترددت قبلها بأكثر من عام ومن مصادر متعددة. فقد أصدر ثلاثة سجناء أطلق سراحهم من المعتقل بيانا مشتركا في مارس 2004م، جاء فيه أن حراس السجن كانوا يدوسون على نسخ من القران الكريم، بل وقاموا برمي بعض منها في أوعية كانت تستخدم كمراحيض من قبل السجناء. في حين أكد محامو محتجزين كويتيين في جوانتنامو في يناير 2005م، أن موكليهم كشفوا لهم عن حالة واحدة على الأقل رُمي فيها مصحف في المراحيض. وقالت المحامية كريستين هاسكي إن العديد من موكليهم أبلغوهم أن الحرس كانوا يدنسون القرآن الكريم.
سامي الحاج مصور قناة الجزيرة، تحدث بعد إطلاق سراحه من جوانتنامو، لوسائل الإعلام، عن أن إساءة الحراس الأمريكان للقرآن الكريم، لتعمد إذلال المعتقلين والضغط عليهم نفسيا، ما زالت مستمرة ومتواصلة. تصريحات الرجل الخارج للتو من المعتقل الأمريكي لم تتوقف عندها لا جهات حكومية ولا شعبية ولا حتى إسلامية. فهل ماتت فينا الحمية ومشاعر الغيرة؟ وهل نجح توالي الاهانات والإساءات للمقدسات الإسلامية في تخدير مشاعرنا وقتل أحاسيسنا؟
من جهة أخرى، أصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا، جاء فيه أن عسكريين أمريكيين وضعوا قرآنا على شاخص في ميدان للرمي قرب مركز للشرطة بمنطقة الرضوانية يوم الأحد 11/5، وأطلق أفرادها النار عليه. وحسب الهيئة، التي أرفقت صورا للمصحف في موقعها الإلكتروني، فقد أشار شهود عيان من أبناء المنطقة، أن الأمريكيين قاموا بفعلتهم أمام حراس مركز الشرطة، وتركوا المصحف في مكانه وعليه آثار الطلقات النارية، وقد كتبوا على إحدى صفحاته عبارات نابية.
الأمر اللافت في موقف الهيئة، الذي ندد بالصمت الذي يلتزم به كل المنخرطين في مشروع المحتل، محملة الاحتلال والحكومة الحالية المسؤولية الكاملة عن هذا الانتهاك، عدم التطلع أو توقع أي تحرك أو احتجاج عربي أو إسلامي أو دولي على التصرف الأمريكي المشين.
ماذا سيكون ردة فعل المجتمع الدولي وحتى الدول العربية لو أن مقدسات يهودية تعرضت للتدنيس أو للإهانة؟ عندما دمرت حكومة طالبان تمثالي بوذا في مقاطعة باميان الأفغانية، تحرك العالم ومعه دول عربية، بغضب وحدة منددا ومستنكرا. فما بال الصمت المريب يخيم على المشهد, والمقدسات الإسلامية تتعرض وبشكل مستمر للعبث والتدنيس؟!!
ليست ردود الفعل الباردة في مسألة تدنيس القرآن، المؤشر الوحيد على العجز الذي أصابنا، فها هي النداءات والصرخات تخرج من فلسطين، تحذر من انهيار وشيك في المسجد الأقصى، فلا تجد إلا صمما، ولا تلاقي إلا تجاهلا. وها هو الشعب الفلسطيني يحاصر في غزة ويتضور أطفاله جوعا، فيما مجتمعات عربية وإسلامية تستنفر الإمكانات والطاقات لمعالجة ظاهرة السمنة والبدانة عند صغارها وكبارها.
إن التطرف يولد التطرف والخلل ينتج خللا، وإن أحوالنا تطرفت في الانحدار ومكانتنا في التراجع، فاختلت موازيننا وتاهت بوصلاتنا فما عدنا لننصر حقا أو ننكر باطلا.