سـمـاح
04-06-2008, 10:09 AM
لبناء السدود مخاطر بيئية... واقتصادية وسكانية واجتماعية أيضاً
لماذا تبنى السدود
بدأ انتاج الكهرباء من تدفق مياه الانهار والشلالات (الطاقة الكهرمائية) في أواخر القرن التاسع عشر عبر التوربينات او العنفات التي تولد الكهرباء من دينامو يحولها الى كهرباء.
كان هذا الاكتشاف بالغ الفائدة للبلدان التي ليس لديها مصادر احفورية للطاقة. ولكن مشكلة الطاقة الكهرمائية هي في عدم توصل التكنولوجيا الى تخزين هذه الكهرباء المولدة من الماء.
وعلى الرغم من ان الطلب على الكهرباء ثابت من حيث الكمية الاّ انه يتفاوت بين ساعات الليل والنهار حيث يرتفع الطلب الى اوجه او ينخفض تماماً حسب الفصول وحسب الحاجة.
فإذا كان من غير الممكن تخزين الكهرباء فإنه بالامكان تخزين المياه، وهكذا برزت فكرة السدود التي تخزن المياه وتضبط تدفقها مما يشغل التوربينات حسب الطلب على الطاقة الكهربائية.
مساوئ السدود
ان مشكلة السدود تكمن في تحويل احواض الانهار الخصبة الى خزانات مياه للسدود، هذه الخزانات تتحكم بكمية الكهرباء المنتجة والتي تتغير من فصل الى آخر وحسب الطلب على التدفئة والتبريد.
لم تعط مشكلة تخزين الكهرباء الجهود والدراسات التكنولوجية الكافية والتي تتناسب مع فداحتها. وإلى ان تحل هذه المشكلة يجب ان تبنى السدود بشكل يتناسب مع الحاجة بحيث يترك امكانية لاستخدام قسم من المياه في مجراها وبذلك تكون قد تأمنت الحاجة الى الكهرباء وتكون الطبيعة بمنأى عن التدمير الذي حصل لمعظم انهار العالم التي اقيمت عليها السدود الضخمة، حيث غمرت آلاف الهكتارات من الاراضي الزراعية الخصبة من ناحية، وأدت الى تجفيف حوض النهر الذي يلي خزان السد. إن هذا التجفيف لا ينال فقط حوض النهر في اوقات الصيف بل يختلف بحسب حاجة السكان الى الطاقة الكهربائية.
أما ما يحصل في مصبات الانهار، فإن ملايين الاطنان من الطمي تتراكم عند المصب، مما يؤدي الى توسيع ارض مصب النهر عند حدود البحر، ويساعد على اجتياح البحر لحوض النهر عند نقصان تدفق مياه النهر، فيؤدي ذلك الى تخريب بيولوجي للمزارع والغابات التي تعيش على المياه العذبة. وبالتالي فإن الطمي الغني بالمخصبات للنبات يصبح مالحاً غير صالح للزراعة.
وفي دراسة على الانهار السويسرية بينت ان اي تناقص في مستوى النهر الناتج عن السدود يؤدي الى اضرار مهمة في الحياة الايكولوجية. فمثلاً تجد الاسماك نفسها بدون مأوى بسبب جفاف الاجزاء العليا من النهر وبسبب تغير حرارة الماء. كما ان تناقص مستوى التدفق يؤدي الى تناقص في غسل مجرى النهر وبالتالي يؤدي الى تراكم الطمي وانتشار البكتيريا والطحالب التي تتكاثر على حساب نمو يرقات الحشرات التي تتغذى عليها الاسماك. كما ان بعض انواع الحشرات اختفت من حياة النهر بسبب عدم استقرار مستوى مياه النهر بعد خزان السد، اذ ان المحافظة على مستوى المياه لتوليد الكهرباء يستدعي انقاص مياه الخزان من وقت لآخر مما يؤثر على حياة الحيوان والنبات في مجرى النهر.
التأثير على حياة البشر
ان الضرر الذي تخلفه خزانات السدود أو بحيرات السد لا يقتصر على البيئة الايكولوجية وعلى الاراضي الزراعية الخصبة التي تتناقص لأغراض توليد الكهرباء بل ان هذه الاضرار تطال ايضاً السكان الذين كانوا يعيشون على ضفاف النهر وفي محيطه والذين يقتاتون من زراعة هذه الاراضي الخصبة المتاخمة للنهر مما يؤدي الى تهجير السكان وإبعادهم عن بيئاتهم الاصلية ويتسبب بإفقارهم اكثر لان التعويض الذي يتلقونه لا يعادل انتاجيتهم في اماكنهم الاصلية. فمثلاً ادى بناء السدود على نهر كاينجي Kainji الى تهجير 40 الف شخص من مناطقهم وقراهم وكذلك الامر بالنسبة لنهر اكوسومبو Akosombo في غانا حيث تم ترحيل 80 الفاً من السكان مما جعلهم يواجهون ازمات اجتماعية واقتصادية حادة بسبب انتزاعهم من جذورهم في الارض وكذلك اثناء محاولاتهم الاستيطان بشكل جماعي في بيئات اخرى غريبة عنهم وبشكل قسري.
هذه العواقب الاجتماعية والاقتصادية والانسانية هي التي دفعت الحكومة الكندية الى الانسحاب من مشروع ثري غورج Three Gorges على نهر يانغ تسي Yang tze في الصين معللة الاسباب الى عدم قدرتها على تحمل مسؤولية تشريد واعادة توطين مليون شخص يرفضون الانتقال من اراضيهم الى اماكن اخرى.
كما ان هناك عواقب ايكولوجية اخرى لبناء السدود واجتياح مياه خزان السد للغابات المدارية، اذ ان اغلب السدود الكبيرة تبنى في الاراضي المدارية الماطرة حيث تكثر الغابات، وعملية بناء السد تؤدي الى غمر الغابات بمياه الخزان وبالتالي الى تعفن الاشجار وموتها بدلاً من قطعها لصعوبة الوصول اليها من ناحية ولعدم صلاحيتها لصناعة الاخشاب من ناحية اخرى. وهذا يتسبب في تلويث مياه الخزان والنهر معاً وانتشار الروائح الكريهة وانبعاث غازات الميثان التي تساهم في ظاهرة البيوت الزجاجية وفي الانحباس الحراري.
من الرابح في المشاريع الكهرمائية الكبرى؟
ان بناء السدود هي بمثابة استثمار مكلف للدرجة القصوى في الدول النامية، فالسدود التي بنيت في البرازيل وغانا والموزمبيق تمت الاستدانة لها بقروض من الدول الغنية ومن المؤسسات المالية الدولية. وهذه الدول بالكاد تستفيد من الكهرباء الرخيصة، اذ انها يجب عليها تسديد ديونها وفوائدها كما ان عملية البناء تمت باستخدام تقنيات انشائية خارجية من الدول المتقدمة وكذلك الامر بالنسبة للتوربينات المستوردة لتستفيد منها في ما بعد الشركات الكبرى التي تستثمر في البلدان النامية والتي تتمتع بأسعار تفاضلية للكهرباء. وبالتالي فإن النزر اليسير من المنفعة يعود على الدول المضيفة للمشروع الكهرمائي.
وباختصار فإن الدول النامية هي الخاسر على المدى القصير والطويل لانها مضطرة الى تسديد الديون من الناتج المحلي وبفوائد كبيرة ولسنوات طويلة وتكون الشركات الاجنبية هي الرابح الفعلي والذي يتحكم في مقدرات البلدان النامية وهذا ما حصل بالنسبة للكثير من البلدان الافريقية مثل غانا وزيمبابوي وزامبيا ونيجيريا وكذلك بالنسبة للبرازيل.
فهل درس لبــنان جيــدا ما الــذي يمكــن ان يربحــه، وما هو حجم الخـسائر، اذا اعتمد مشاريع بناء السدود منهجا وخيارا؟
لماذا تبنى السدود
بدأ انتاج الكهرباء من تدفق مياه الانهار والشلالات (الطاقة الكهرمائية) في أواخر القرن التاسع عشر عبر التوربينات او العنفات التي تولد الكهرباء من دينامو يحولها الى كهرباء.
كان هذا الاكتشاف بالغ الفائدة للبلدان التي ليس لديها مصادر احفورية للطاقة. ولكن مشكلة الطاقة الكهرمائية هي في عدم توصل التكنولوجيا الى تخزين هذه الكهرباء المولدة من الماء.
وعلى الرغم من ان الطلب على الكهرباء ثابت من حيث الكمية الاّ انه يتفاوت بين ساعات الليل والنهار حيث يرتفع الطلب الى اوجه او ينخفض تماماً حسب الفصول وحسب الحاجة.
فإذا كان من غير الممكن تخزين الكهرباء فإنه بالامكان تخزين المياه، وهكذا برزت فكرة السدود التي تخزن المياه وتضبط تدفقها مما يشغل التوربينات حسب الطلب على الطاقة الكهربائية.
مساوئ السدود
ان مشكلة السدود تكمن في تحويل احواض الانهار الخصبة الى خزانات مياه للسدود، هذه الخزانات تتحكم بكمية الكهرباء المنتجة والتي تتغير من فصل الى آخر وحسب الطلب على التدفئة والتبريد.
لم تعط مشكلة تخزين الكهرباء الجهود والدراسات التكنولوجية الكافية والتي تتناسب مع فداحتها. وإلى ان تحل هذه المشكلة يجب ان تبنى السدود بشكل يتناسب مع الحاجة بحيث يترك امكانية لاستخدام قسم من المياه في مجراها وبذلك تكون قد تأمنت الحاجة الى الكهرباء وتكون الطبيعة بمنأى عن التدمير الذي حصل لمعظم انهار العالم التي اقيمت عليها السدود الضخمة، حيث غمرت آلاف الهكتارات من الاراضي الزراعية الخصبة من ناحية، وأدت الى تجفيف حوض النهر الذي يلي خزان السد. إن هذا التجفيف لا ينال فقط حوض النهر في اوقات الصيف بل يختلف بحسب حاجة السكان الى الطاقة الكهربائية.
أما ما يحصل في مصبات الانهار، فإن ملايين الاطنان من الطمي تتراكم عند المصب، مما يؤدي الى توسيع ارض مصب النهر عند حدود البحر، ويساعد على اجتياح البحر لحوض النهر عند نقصان تدفق مياه النهر، فيؤدي ذلك الى تخريب بيولوجي للمزارع والغابات التي تعيش على المياه العذبة. وبالتالي فإن الطمي الغني بالمخصبات للنبات يصبح مالحاً غير صالح للزراعة.
وفي دراسة على الانهار السويسرية بينت ان اي تناقص في مستوى النهر الناتج عن السدود يؤدي الى اضرار مهمة في الحياة الايكولوجية. فمثلاً تجد الاسماك نفسها بدون مأوى بسبب جفاف الاجزاء العليا من النهر وبسبب تغير حرارة الماء. كما ان تناقص مستوى التدفق يؤدي الى تناقص في غسل مجرى النهر وبالتالي يؤدي الى تراكم الطمي وانتشار البكتيريا والطحالب التي تتكاثر على حساب نمو يرقات الحشرات التي تتغذى عليها الاسماك. كما ان بعض انواع الحشرات اختفت من حياة النهر بسبب عدم استقرار مستوى مياه النهر بعد خزان السد، اذ ان المحافظة على مستوى المياه لتوليد الكهرباء يستدعي انقاص مياه الخزان من وقت لآخر مما يؤثر على حياة الحيوان والنبات في مجرى النهر.
التأثير على حياة البشر
ان الضرر الذي تخلفه خزانات السدود أو بحيرات السد لا يقتصر على البيئة الايكولوجية وعلى الاراضي الزراعية الخصبة التي تتناقص لأغراض توليد الكهرباء بل ان هذه الاضرار تطال ايضاً السكان الذين كانوا يعيشون على ضفاف النهر وفي محيطه والذين يقتاتون من زراعة هذه الاراضي الخصبة المتاخمة للنهر مما يؤدي الى تهجير السكان وإبعادهم عن بيئاتهم الاصلية ويتسبب بإفقارهم اكثر لان التعويض الذي يتلقونه لا يعادل انتاجيتهم في اماكنهم الاصلية. فمثلاً ادى بناء السدود على نهر كاينجي Kainji الى تهجير 40 الف شخص من مناطقهم وقراهم وكذلك الامر بالنسبة لنهر اكوسومبو Akosombo في غانا حيث تم ترحيل 80 الفاً من السكان مما جعلهم يواجهون ازمات اجتماعية واقتصادية حادة بسبب انتزاعهم من جذورهم في الارض وكذلك اثناء محاولاتهم الاستيطان بشكل جماعي في بيئات اخرى غريبة عنهم وبشكل قسري.
هذه العواقب الاجتماعية والاقتصادية والانسانية هي التي دفعت الحكومة الكندية الى الانسحاب من مشروع ثري غورج Three Gorges على نهر يانغ تسي Yang tze في الصين معللة الاسباب الى عدم قدرتها على تحمل مسؤولية تشريد واعادة توطين مليون شخص يرفضون الانتقال من اراضيهم الى اماكن اخرى.
كما ان هناك عواقب ايكولوجية اخرى لبناء السدود واجتياح مياه خزان السد للغابات المدارية، اذ ان اغلب السدود الكبيرة تبنى في الاراضي المدارية الماطرة حيث تكثر الغابات، وعملية بناء السد تؤدي الى غمر الغابات بمياه الخزان وبالتالي الى تعفن الاشجار وموتها بدلاً من قطعها لصعوبة الوصول اليها من ناحية ولعدم صلاحيتها لصناعة الاخشاب من ناحية اخرى. وهذا يتسبب في تلويث مياه الخزان والنهر معاً وانتشار الروائح الكريهة وانبعاث غازات الميثان التي تساهم في ظاهرة البيوت الزجاجية وفي الانحباس الحراري.
من الرابح في المشاريع الكهرمائية الكبرى؟
ان بناء السدود هي بمثابة استثمار مكلف للدرجة القصوى في الدول النامية، فالسدود التي بنيت في البرازيل وغانا والموزمبيق تمت الاستدانة لها بقروض من الدول الغنية ومن المؤسسات المالية الدولية. وهذه الدول بالكاد تستفيد من الكهرباء الرخيصة، اذ انها يجب عليها تسديد ديونها وفوائدها كما ان عملية البناء تمت باستخدام تقنيات انشائية خارجية من الدول المتقدمة وكذلك الامر بالنسبة للتوربينات المستوردة لتستفيد منها في ما بعد الشركات الكبرى التي تستثمر في البلدان النامية والتي تتمتع بأسعار تفاضلية للكهرباء. وبالتالي فإن النزر اليسير من المنفعة يعود على الدول المضيفة للمشروع الكهرمائي.
وباختصار فإن الدول النامية هي الخاسر على المدى القصير والطويل لانها مضطرة الى تسديد الديون من الناتج المحلي وبفوائد كبيرة ولسنوات طويلة وتكون الشركات الاجنبية هي الرابح الفعلي والذي يتحكم في مقدرات البلدان النامية وهذا ما حصل بالنسبة للكثير من البلدان الافريقية مثل غانا وزيمبابوي وزامبيا ونيجيريا وكذلك بالنسبة للبرازيل.
فهل درس لبــنان جيــدا ما الــذي يمكــن ان يربحــه، وما هو حجم الخـسائر، اذا اعتمد مشاريع بناء السدود منهجا وخيارا؟