أبو شمس
04-05-2008, 06:48 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أكـمل الآيـة
ردّاً على الشيخ عائض القرني
جائني أحد الإخوة بشريط للشيخ عائض القرني (هداه الله) وألحّ على سماعه ! وعنوان الشريط "يخرّبون بيوتهم بأيديهم" ، فوجدت في هذا الشريط ما لا يسر إلّا أعداء الله ، ولا يُحزن إلّا المؤمنين ، فكانت هذه الكلمات إبراء للذمة وبياناً للمسلمين ، حتى لا يغتر مغترّ بقول الشيخ ويقول متقوّل ..
تحدث الشيخ عن المجاهدين ووسمهم : بالغلاة والمتطرفين والخوارج والمفتئتين على الأمة والضّلّال ، وأن مشروع القاعدة "مشروع ظلامي ضلالي تخريبي تفجيري تكفيري" وغيرها من الصفات والمسميات التي اعتدنا سماعها من ولاة أمره أصدقاء أمريكا المخلصين ..
هناك الكثير من المقالات والأبحاث ترد على هذه الإدعاءات والمسميات والألقاب التي تقلب الحقائق وتزيّف الوقائع تماشياً مع رغبات الصليبيين واليهود في حربهم المُعلنة على الإسلام ، ولكن الجديد أن يأتي كلام الشيخ عائض (هداه الله) بهذه الصورة الواضحة الصريحة في تجريح قادة الجهاد وإلغاء الجهاد جملة في العراق ، وهذه جديدة لم نسمعها من الشيخ من قبل ، فنسأل الله أن يهديه إلى الحق ويرزقه اتّباعه ..
الشيخ يدعي بأنه قرأ في الشبكة كتابة كتبها أحدهم يدعوا إلى تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب "لإستدراج الأمريكان إلى المنطقة ومن ثم قتلهم" ، ثم بيّن مدى حمق وغباء هذه الدعوى وأنها من الإفساد في الأرض وأنها قتل للمسلمين وإتلاف لأموالهم وغيرها من الدعوات ، ولكنه غفل عن دعوى مماثلة لم يطلقها مجاهد أو متعاطف مع مجاهد ومع ذلك لُقّب هذا الداعي بألقاب وأُعطي أوسمة فخرية قل نظيرها في تاريخنا المعاصر ، وهذا الرجل هو "الملك فيصل بن عبد العزيز" ، فقد قال للغرب بأنه "مستعد لإحراق جميع بترول جزيرة العرب والعودة إلى الجمال والخيام" ، فصفّق له العرب وهللوا وكبّروا !! فلماذا لا تكون دعوة الملك فيصل دعوة ظلامية حمقاء خرقاء ضلالية تفجيرية تخريبية !!
لست من الذين يدعون بهذه الدعوى ، ولا أؤيد – شخصياً – تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب الآن ، ولكن أن يدعي الشيخ بأن هناك إجماع للعلماء من قديم وحديث على حرمة هذا العمل ، فنقول له : لعلك لم تتطلع على أبواب الجهاد في كتب الفقه ، فالمسألة فيها خلاف ، ولا إجماع في المسألة ، وهي تقع تحت باب : إتلاف الأموال كي لا ينتفع بها العدو ، والخلاف في الأمر مشهور بين علماء السلف ..
ولنأخذ المسألة من الناحية المصلحية ، فنقول : لو أن المجاهدين قرروا حرق هذه المنشآت ونجحوا في ذلك فإن أمريكا لا تستطيع بعدها البقاء في العراق ولا أفغانستان لأكثر من أسبوع واحد فقط ، وذلك أن الطائرات الأمريكية والدبابات والراجمات والعربات والمدرعات إنما تحصل على وقودها من المنشآت النفطية في جزيرة العرب بالمجان : صدقة من ولاة أمر الشيخ ، فلو انتهت هذه الصدقات لم تقم للصليبيين قائمة ، وهذا ما لمّح له بعض قادة الجهاد ، ولا شك أن هذا له حظ من النظر ، وهذا من أبواب السياسة الشرعية ، وهو من مكائد الحرب ، وليس للشيخ ناقة ولا جمل في السياسة أو الحرب ، فهلّا ترك الأمر لأهله وتفرّغ هو للدعوة وهو الذي يُنكر على المجاهدين الخوض في غير تخصصهم !!
ثم يا شيخ : متى أصبح هذا البترول من أموال المسلمين وقد استأثر به ولاة أمرك وأبنائهم واغتصبوه طيلة هذه السنين !! لو كانت هذه الأموال توزع التوزيع الشرعي الصحيح لما احتجت أنت ولا أبناءك ولا أبناء أبناءك للعمل يوما واحداً من أجل لقمة العيش ، ولكن القوم أهدروا هذه الأموال وبذلوها للكفار ومومسات أوروبا وأمريكا ولحرب المسلمين في السودان واليمن والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد الإسلام ، فإتلاف هذه الأموال التي ينفقها النصارى في حربهم على الإسلام يعد مصلحة شرعية في اجتهاد بعض المجاهدين ..
وهناك أمر آخر دعى له الشيخ ، وهو : أن يترك المجاهدون الجهاد ويشتغلوا بالدعوة والأعمال الخيرية والمؤسساتية !! وهذه دعوة غريبة عجيبة في هذا الزمان وفي مثل هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة ، ولعلنا نضرب للشيخ مثالاً أو نصوّر له حالة يدرك بها ما يختلج في صدور الشباب المجاهد في سبيل الله :
تخيّل يا شيخ لو دخل بضعة أمريكان بيتك وجلسوا في مجلسك وقدّمت لهم الشاي الأحمر والأخضر والنعناع ، ثم لما انتهوا من الشاي والإبتسامات والحديث الطيّب عمدوا إلى زوجتك وأخواتك فهتكوا أعراضهن أمام عينك ثم أتبعوهن بأبنائك الذكور وبناتك ففعلوا بهم الأفاعيل ، ثم لما أرادوا الخروج من بيتك تبتسم في وجوههم وتقدّم لهم الحلوى مع كتيّب دعوي جميل في عقيدة الإسلام وأركانه !!
هذا بالضبط ما يحصل الآن في بلاد الإسلام ، وهذا هو ما تدعونا إليه ، ونعتذر للشيخ عن ضرب المثال بأهله ، ولكن لا بد منه لأن المجاهدين يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن النساء المسلِمات - في العراق وأفغانستان والشيشان وكشمير والفلبين وغيرها من البلاد - أخواتهم ، وأن تلك البلاد بلادهم وهي بمثابة بيوتهم ، فلا يُعقل أن تطلب من رجل اعتدى الكفار على عرض أُخته وأخيه أن يوزّع على المغتصب كتيّبات وأن يبشّ في وجهه ويهشّ !! هذا لا يقوله إلّا ديّوث ، ولا نحسبك يا شيخ كذلك .. إن كنت يا شيخ "لا تحزن" لمصاب المسلمين فغيرك يحزن ، وإن كان فؤادك يُحلّق في "حدائق ذات بهجة" في مثل هذه الأوقات فإن قلوب غيرك تضطرم ناراً وحرقة على ما يحصل لحرائر المسلمين ، وإن كنت توزّع "ابتسامات" فغيرك لا تُطاوعه شفتاه وهو يرى ما يحصل لأمته ..
الوقت ليس وقت كتيبات ولا نشرات ولا أشرطة أدبية ولا مؤتمرات تولد ميّتة ، الوقت وقت جهاد ، وهو فرض عين باتفاق المسلمين جميعا ، وهذا إجماع حقيقي - لا ما ذكرتم من إجماع - فابحث عنه في كتب الفقه ..
بالله عليك يا شيخ : ماذا تريد الرجال أن يُجيبوا "فاطمة" وأخواتها اللاتي أرسلن رسائل من سجون العراق يشكين امتلاء بطونهن من أبناء الزنا !! أتريد الرجال أن يقولوا : انتظرن فنحن مشغولون بطباعة الكتيبات الدعوية وبإدارة المؤسسات الخيرية !! أهذه هي الوسطية التي بُعث بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي تدعو إليها !!
نقَل الشيخ عن بعض الغربيين النصارى في محضر كلامه عن كون الإسلام دين رحمة وليس دين عنف وتفجريات ، وكلمة العنف في عُرف "الحكام" هذه الأيام يرادف مصطلح الجهاد الشرعي ، وهذه فكرة قديمة بدأها المستشرقون لصرف المسلمين عن الجهاد ، فهي حيلة خبيثة وقع في شراكها الكثير من المسلمين ..
الإسلام دين رحمة فعلاً ، ولكن مفهوم الرحمة هو الذي غاب عن بعض من اغتر بكلام المستشرقين : فقطع يد السارق رحمة ، وقتل القاتل رحمة ، ورجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت رحمة ، وكذلك قتال الكفار وقتلهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ أموالهم رحمة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة : 179) ..
إن الذي قال في كتابه عن نبيه عليه الصلاة والسلام {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107) ، هو الذي قال لأتباعه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة : 123) ، وقال سبحانه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال : 12) وقال جل في علاه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد : 4) ، فكل هذا لا ينافي الرحمة ، بل ضرب الأعناق وقطع الرقاب والقتل والقتال من صميم الرحمة ، ولكن تحتاج القلوب إلى يقين ونور لتفهم هذه المعاني السامية للرحمة ..
لقد ذكر الشيخ في كلامه أنه ناظر شاباً عنده شهادة الثالث المتوسط ، ونحن ربما نحاكم الشيخ بمنطق الغرب الذين زعم الشيخ بأن المجاهدين شوهوا صورة الإسلام عندهم ، وكأن الغرب يرضى عن الإسلام والمسلمين إن لم يجاهدوا ، وكأن الشيخ لم يقرأ في حياته قول الله تعالى {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (البقرة : 120) !! نقول للشيخ : لو سمعك بعض من تخاف على سمعتك عندهم من الغربيين لقالوا لك : أما تستحي !! عندك شهادة دكتوراة وتناقس شاباً عنده ثالث متوسط ثم تبني استنتاجات على هذا النقاش !!
إن الشيخ ظلم المجاهدين باستخدام منطق التعميم عليهم على أوسع نطاق ، فجمع ما شذ وما سقط وألصقه بالمجاهدين وترك ما هو معروف مشهور عنهم في خطبهم وبياناتهم ، ثم أتى إلى حكامه وأظهر ما هو شاذ وحاول تعميمه ، ولا يخفى أن هذا ليس من الإنصاف الذي هو سبيل المؤمنين ، ونسأل الله أن لا يكون الشيخ ممن قال الله فيهم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين : 1-6) ، فنذكّر الشيخ بيوم يقوم الناس لرب العالمين ونقول له : اتقي الله في نفسك فإن الله أعلن الحرب على من عادى أولياءه ، وليس عبيد بوش من أولياء الله ..
وزعم الشيخ بأن الأمة كلها على الوسطية (بمفهومه هو) وأنها تخالف المجاهدين (أهل الضلال) وأن المجاهدين يفتئتون على الأمة بهذا الجهاد وأنه ليس لهم الحق في التكلم بإسم الأمة !! أليس هذا تناقضاً!! الشيخ نفسه يدّعي بأن الأمة الآن مجتمعة على الوسطية وأنها مجتمعة على مخالفة المجاهدين !! فلماذا يتكلم الشيخ نيابة عن الأمة ويُنكر على المجاهدين !!
ثم نقول للشيخ : نحن من الأمة ونحن نخالف ما تقول ، ونحن مع المجاهدين ومعنا الملايين من المسلمين ، فإن أصررت على تعميمك فأنت كاذب ، وليس لك طريق إلا أن تخرجنا من مجموع الأمة فتصبح تكفيرياً ، وهذا ما عمّمته على المجاهدين !!
ثم أي أمة هذه التي جميعها على الوسطية ، وأكثر الأمة صوفية وأشعرية !! فإن كنت تقول بأن القبورية من الوسطية فقد خالفت إجماع علماء الدعوة النجدية ، أما إن كنت تقصد بالوسطية : التخلف عن الجهاد والتثاقل عنه فربما نسلّم لك الأمر كون أكثر الأمة اليوم تخلفوا عن أداء هذا الفرض ، وهذا ما يقصده كثير ممن تكلم باسم الحكام : فهم يدّعون أنهم على مذهب الوسطية ونبذ العنف والتطرف ، ويقصدون بذلك التخلّف عن فريضة الجهاد والتثاقل إلى الأرض ومحاولة إلغاء مفهوم الجهاد الشرعي ..
ولكي يطمئن الشيخ على صدق دعواه وأن الأمة تريد الوسطية (بمفهوم حكامه ومؤسسة راند الصهيونية) فإننا ندعوا الشيخ لعقد استفتاء شعبي في أي دولة إسلامية يختارها ، وليكن الإستفتاء على الشبكة العالمية حتى لا تكون هناك منغصات حكومية ، وليسأل الشيخ أفراد الأمة هذا السؤال : هل أنت مع المشروع الظلامي الضلالي التفجيري التخريبي التكفيري للقاعدة ، أم أنت مع المشروع الوسطي الذي يدعوا له الحكام وعلمائهم ، ونقول للشيخ : إن حزت على 30% في هذا الإستفتاء فإننا نتراجع عن كل ما نقول ونسلّم لك بكل ما تقول .. وما قلنا هذا إلا لثقتنا بقاعدة "قاعدة الجهاد" الشعبية التي اعترف بها العدو ولم تعترف بها أنت ولا أولياء أمرك ..
الشيخ عائض له تجربة بسيطة جداً مع المجاهدين ، فقد لبس بشته يوما ويمم شطر بيشاور أيام الجهاد الأفغاني الأول ، وظن أن الناس هناك يستقبلونه بالورود والرياحين - كما يفعل به الناس في بلاده - كونه أتى من جزيرة العرب ويلبس الشماغ ويتكلم باسم الدين ، فإذا به يفاجأ بجماعة من ليبيا أو الجزائر (لا أذكر بالتحديد) يشهرون في وجهه الرشاشات ويهددونه بالقتل ، فما كان منه إلا أن استقل الطائرة وعاد إلى بيته ، وهذا شيء لا نقره ولا يسرنا أن يفعل المجاهدون هذا بعلماء المسلمين وطلبة العلم (وإن كانوا يُخالفونهم) ، ولكن هذه التجربة لا زال لها أثرها السيء في قلب الشيخ ، وربما عقلية الشيخ التعميمية – كما هو ظاهر في شريطه – جعلته يحكم على جميع المجاهدين من موقف واحد حصل له ، ولو أن الشيخ قابل جميع المجاهدين أو أكثرهم لعلم أن الذي رآه أمر شاذ وليس أصلاً ، ودليل ذلك أنه لم يكن في من استقبله بما يكره أحد من جزيرة العرب ، وقد كانوا كُثر في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت !! ربما ظل الشيخ كاتماً ما في نفسه ، ولا زال مظهر الرشاشات في خلده حتى انفجر في هذا الشريط وأخرج المكنون ، فنسأل الله أن تكون نفسه سكنت بعد أن خرج منه هذا الكلام ليزن ما يقول في المستقبل ..
لعل الشيخ درس في الجامعة بأن المواقف الفردية لا يُحكم بكونها أصل اعتقاد طائفة حتى تكون هذه الإعتقادات مكتوبة أو مثبتة متفق عليها بين أفراد الطائفة أو يقرها أكثرهم ، وإذا لم نحكم بهذا المعيار لم يبقى لنا من ديننا شيء لأن الأقوال والأفعال الشاذة كثيرة لا تُحصى ، ويستطيع كل طاعن في الدين أن يجمعها ويجعلها أصلاً في ديننا فلا يبقى لنا ثابت ، ومثل هذا لا يغيب عن أمثال الشيخ ، فحكم الشيخ من موقف أو مقالة أو مناظرة مع شاب - عنده شهادة ثالث متوسط - ليس عدلاً ، وإن أراد الشيخ العدل فهذه بيانات المجاهدين وأبحاثهم وكتبهم تملأ العالم ، فليناقشها نقاشاً علمياً بعيداً عن البهرجة الكلامية والعواطف والضغوط النفسية ، وإن أراد المناقشة فهناك طلبة علم وعلماء في المجاهدين فليطلب منهم النقاش ، ولا يناقش شاب صغير عنده ثالثة متوسط ثم يصول صولة الأسد في أرض فلاة !!
نحن نعيذ بالشيخ عائض أن يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (آل عمران : 71) ، ونحن أتينا بهذه الآية بالذات ، لأنها في "أهل الكتاب" لنرد بها على عنوان شريط الشيخ الذي بتر آية في كتاب الله ليلصقها بالمجاهدين ، فعنوان شريطه " يخرّبون بيوتهم بأيديهم" لا يمت لكلامه بصلة لأن الآية الكريمة جاءت في القرآن هكذا {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} (الحشر : 2) ، فهذا العنوان يخالف ما رام إليه الشيخ من قدح في المجاهدين ، فاليهود خرّبوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، وها هم أولياء اليهود من حكام العرب يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، فلماذا لم تُكمل الآية يا شيخ عائض !!
كم رأينا من مكر الله بالذين يقدحون في المجاهدين : فما أتوا بكلام أو رأي أو مكيدة إلا وتكون حسرة عليهم وتنقلب ضدهم وتكون في صالح المجاهدين ، وذلك أن الله قال في كتابه {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (الحج : 38) ، وهذا مما يثبّت فؤادنا ويزيدنا يقينا بصدق المجاهدين وطريقهم ..
لقد ذكر الشيخ عائض حديث النبي صلى الله عليه وسلم "بعثت بالحنيفية السمحة" (وهو حديث صحيح) ، وحديث "إنما بُعثت رحمة" (رواه مسلم) وحديث "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (رواه البخاري) ، ولكنه في المقابل لم يذكر أحاديث يحتج بها المجاهدون ، كحديث "أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ..." (البخاري) ، وحديث "بُعثت بين يدي الساعة بالسّيف ، حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم" (الحديث صحيح رواه أحمد: صحيح الجامع 2831) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (متفق عليه) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " (مسلم) !! فالنبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة للعالمين بهذه الشريعة الكاملة التي منها الكتاب ومنها الحديد ، فمن عدل عن الكتاب ذاق حر الحديد ورأى الرعب والإرهاب حتى يُذعن ويُسلم أو يُعطي الجزية عن يد وهو صاغر ..
هذا هو دأب هذه الدعوات الناقصة : يذكرون آيات ويدَعون أخرى ، ويعتمدون على جهل الناس بالكتاب والسنة !! لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين في حديث واحد فقال " أنا محمد ، وأحمد ، والمقفى ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة . [ونبي الملحمة]" (صحيح الجامع) !! فلماذا لم تذكر هذه الأحاديث يا شيخ عائض !!
لا تناقض بين كون النبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة ، وأنه بُعث بالسيف : فالسيف رحمة للبشرية يخلّصهم من العناصر الفاسدة الظالمة في المجتمعات : كفرعون وهامان وأمية بن خلف وأبو جهل وبوش وشارون وأتباعهم ، فلا يكون هناك من يصد الناس عن سماع كلام الله ، والسيف رحمة في كونه يحمي الناس من ظلم الظالمين وجور الجائرين ويكفل للناس الحرية والحياة الكريمة في ظل الشريعة الربانية كما في قوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ...} وقوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ ...} وقوله تعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء : 75) ..
إن مشروع "القاعدة" الذي اشار إليه الشيخ عائض وسماه "مشروع ظلامي ضلالي تفجيري تخريبي" هو مشروع رباني إلهي شرعي نبوي كما في قوله تعالى في قصة أسرى بدر {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 67) ، فالإثخان في الأرض "المبالغة في قتل الأعداء" (انظر زاد المسير) ، قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره " أما عمر فكان لا يعثر على أسير إلا قتله وأما سعد [ابن معاذ] فقد قال (الاثخان في القتال أولى من استبقاء الرجال) ، ولما تم الفداء نزلت هذه الآية الكريمة تعاتبهم أشد العتاب فيقول تعالى {ما كان لنبّي} أي ما صح منه ولا كان ينبغي له أن يكون له أسرى حرب يبقيهم ليفاديهم أو يمن عليهم مجاناً {حتى يثخن في الأرض} أرض العدو قتلاً وتشريداً ، فإذا عُرف بالبأس والشدة وهابه الأعداء جاز له الأسر : أي الإِبقاء على الأسرى أحياء ليمن عليهم بلا مقابل أو ليفاديهم بالمال ، وقوله تعالى {تريدون عرض الدنيا} هذا من عتابه تعالى لهم ، إذ ما فادوا الأسرى إلا لأنهم يريدون حطام الدنيا وهو المال ، وقوله {والله يريد الآخرة} فشتان ما بين مرادكم ومراد ربكم لكم : تريدون العرض الفاني والله يريد لكم النعيم الباقي ..."
ولعل الأديب الشيخ عائض (وفقه الله) يذكر للناس معنى أن تأتي كلمة "نبي" هنا بصيغة "النكرة" ، ولعل الشيخ عائض يخبرنا لماذا توقف في سياق ذكره قصة أسرى بدر عند ما هوى النبي صلى الله عليه وسلم من رأي أبي بكر رضي الله عنه ولم يذكر ما أراد الله من نبيه ، ولماذا لم يذكر الشيخ الآية الكريمة التي جاءت في هذه القصة العظيمة !! لماذا لم تُكمل القصة يا شيخ عائض !!
يتبع ....
أكـمل الآيـة
ردّاً على الشيخ عائض القرني
جائني أحد الإخوة بشريط للشيخ عائض القرني (هداه الله) وألحّ على سماعه ! وعنوان الشريط "يخرّبون بيوتهم بأيديهم" ، فوجدت في هذا الشريط ما لا يسر إلّا أعداء الله ، ولا يُحزن إلّا المؤمنين ، فكانت هذه الكلمات إبراء للذمة وبياناً للمسلمين ، حتى لا يغتر مغترّ بقول الشيخ ويقول متقوّل ..
تحدث الشيخ عن المجاهدين ووسمهم : بالغلاة والمتطرفين والخوارج والمفتئتين على الأمة والضّلّال ، وأن مشروع القاعدة "مشروع ظلامي ضلالي تخريبي تفجيري تكفيري" وغيرها من الصفات والمسميات التي اعتدنا سماعها من ولاة أمره أصدقاء أمريكا المخلصين ..
هناك الكثير من المقالات والأبحاث ترد على هذه الإدعاءات والمسميات والألقاب التي تقلب الحقائق وتزيّف الوقائع تماشياً مع رغبات الصليبيين واليهود في حربهم المُعلنة على الإسلام ، ولكن الجديد أن يأتي كلام الشيخ عائض (هداه الله) بهذه الصورة الواضحة الصريحة في تجريح قادة الجهاد وإلغاء الجهاد جملة في العراق ، وهذه جديدة لم نسمعها من الشيخ من قبل ، فنسأل الله أن يهديه إلى الحق ويرزقه اتّباعه ..
الشيخ يدعي بأنه قرأ في الشبكة كتابة كتبها أحدهم يدعوا إلى تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب "لإستدراج الأمريكان إلى المنطقة ومن ثم قتلهم" ، ثم بيّن مدى حمق وغباء هذه الدعوى وأنها من الإفساد في الأرض وأنها قتل للمسلمين وإتلاف لأموالهم وغيرها من الدعوات ، ولكنه غفل عن دعوى مماثلة لم يطلقها مجاهد أو متعاطف مع مجاهد ومع ذلك لُقّب هذا الداعي بألقاب وأُعطي أوسمة فخرية قل نظيرها في تاريخنا المعاصر ، وهذا الرجل هو "الملك فيصل بن عبد العزيز" ، فقد قال للغرب بأنه "مستعد لإحراق جميع بترول جزيرة العرب والعودة إلى الجمال والخيام" ، فصفّق له العرب وهللوا وكبّروا !! فلماذا لا تكون دعوة الملك فيصل دعوة ظلامية حمقاء خرقاء ضلالية تفجيرية تخريبية !!
لست من الذين يدعون بهذه الدعوى ، ولا أؤيد – شخصياً – تفجير المنشآت النفطية في جزيرة العرب الآن ، ولكن أن يدعي الشيخ بأن هناك إجماع للعلماء من قديم وحديث على حرمة هذا العمل ، فنقول له : لعلك لم تتطلع على أبواب الجهاد في كتب الفقه ، فالمسألة فيها خلاف ، ولا إجماع في المسألة ، وهي تقع تحت باب : إتلاف الأموال كي لا ينتفع بها العدو ، والخلاف في الأمر مشهور بين علماء السلف ..
ولنأخذ المسألة من الناحية المصلحية ، فنقول : لو أن المجاهدين قرروا حرق هذه المنشآت ونجحوا في ذلك فإن أمريكا لا تستطيع بعدها البقاء في العراق ولا أفغانستان لأكثر من أسبوع واحد فقط ، وذلك أن الطائرات الأمريكية والدبابات والراجمات والعربات والمدرعات إنما تحصل على وقودها من المنشآت النفطية في جزيرة العرب بالمجان : صدقة من ولاة أمر الشيخ ، فلو انتهت هذه الصدقات لم تقم للصليبيين قائمة ، وهذا ما لمّح له بعض قادة الجهاد ، ولا شك أن هذا له حظ من النظر ، وهذا من أبواب السياسة الشرعية ، وهو من مكائد الحرب ، وليس للشيخ ناقة ولا جمل في السياسة أو الحرب ، فهلّا ترك الأمر لأهله وتفرّغ هو للدعوة وهو الذي يُنكر على المجاهدين الخوض في غير تخصصهم !!
ثم يا شيخ : متى أصبح هذا البترول من أموال المسلمين وقد استأثر به ولاة أمرك وأبنائهم واغتصبوه طيلة هذه السنين !! لو كانت هذه الأموال توزع التوزيع الشرعي الصحيح لما احتجت أنت ولا أبناءك ولا أبناء أبناءك للعمل يوما واحداً من أجل لقمة العيش ، ولكن القوم أهدروا هذه الأموال وبذلوها للكفار ومومسات أوروبا وأمريكا ولحرب المسلمين في السودان واليمن والعراق وأفغانستان وغيرها من بلاد الإسلام ، فإتلاف هذه الأموال التي ينفقها النصارى في حربهم على الإسلام يعد مصلحة شرعية في اجتهاد بعض المجاهدين ..
وهناك أمر آخر دعى له الشيخ ، وهو : أن يترك المجاهدون الجهاد ويشتغلوا بالدعوة والأعمال الخيرية والمؤسساتية !! وهذه دعوة غريبة عجيبة في هذا الزمان وفي مثل هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة ، ولعلنا نضرب للشيخ مثالاً أو نصوّر له حالة يدرك بها ما يختلج في صدور الشباب المجاهد في سبيل الله :
تخيّل يا شيخ لو دخل بضعة أمريكان بيتك وجلسوا في مجلسك وقدّمت لهم الشاي الأحمر والأخضر والنعناع ، ثم لما انتهوا من الشاي والإبتسامات والحديث الطيّب عمدوا إلى زوجتك وأخواتك فهتكوا أعراضهن أمام عينك ثم أتبعوهن بأبنائك الذكور وبناتك ففعلوا بهم الأفاعيل ، ثم لما أرادوا الخروج من بيتك تبتسم في وجوههم وتقدّم لهم الحلوى مع كتيّب دعوي جميل في عقيدة الإسلام وأركانه !!
هذا بالضبط ما يحصل الآن في بلاد الإسلام ، وهذا هو ما تدعونا إليه ، ونعتذر للشيخ عن ضرب المثال بأهله ، ولكن لا بد منه لأن المجاهدين يعتقدون اعتقاداً جازماً بأن النساء المسلِمات - في العراق وأفغانستان والشيشان وكشمير والفلبين وغيرها من البلاد - أخواتهم ، وأن تلك البلاد بلادهم وهي بمثابة بيوتهم ، فلا يُعقل أن تطلب من رجل اعتدى الكفار على عرض أُخته وأخيه أن يوزّع على المغتصب كتيّبات وأن يبشّ في وجهه ويهشّ !! هذا لا يقوله إلّا ديّوث ، ولا نحسبك يا شيخ كذلك .. إن كنت يا شيخ "لا تحزن" لمصاب المسلمين فغيرك يحزن ، وإن كان فؤادك يُحلّق في "حدائق ذات بهجة" في مثل هذه الأوقات فإن قلوب غيرك تضطرم ناراً وحرقة على ما يحصل لحرائر المسلمين ، وإن كنت توزّع "ابتسامات" فغيرك لا تُطاوعه شفتاه وهو يرى ما يحصل لأمته ..
الوقت ليس وقت كتيبات ولا نشرات ولا أشرطة أدبية ولا مؤتمرات تولد ميّتة ، الوقت وقت جهاد ، وهو فرض عين باتفاق المسلمين جميعا ، وهذا إجماع حقيقي - لا ما ذكرتم من إجماع - فابحث عنه في كتب الفقه ..
بالله عليك يا شيخ : ماذا تريد الرجال أن يُجيبوا "فاطمة" وأخواتها اللاتي أرسلن رسائل من سجون العراق يشكين امتلاء بطونهن من أبناء الزنا !! أتريد الرجال أن يقولوا : انتظرن فنحن مشغولون بطباعة الكتيبات الدعوية وبإدارة المؤسسات الخيرية !! أهذه هي الوسطية التي بُعث بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي تدعو إليها !!
نقَل الشيخ عن بعض الغربيين النصارى في محضر كلامه عن كون الإسلام دين رحمة وليس دين عنف وتفجريات ، وكلمة العنف في عُرف "الحكام" هذه الأيام يرادف مصطلح الجهاد الشرعي ، وهذه فكرة قديمة بدأها المستشرقون لصرف المسلمين عن الجهاد ، فهي حيلة خبيثة وقع في شراكها الكثير من المسلمين ..
الإسلام دين رحمة فعلاً ، ولكن مفهوم الرحمة هو الذي غاب عن بعض من اغتر بكلام المستشرقين : فقطع يد السارق رحمة ، وقتل القاتل رحمة ، ورجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت رحمة ، وكذلك قتال الكفار وقتلهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ أموالهم رحمة {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة : 179) ..
إن الذي قال في كتابه عن نبيه عليه الصلاة والسلام {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء : 107) ، هو الذي قال لأتباعه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (التوبة : 123) ، وقال سبحانه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (الأنفال : 12) وقال جل في علاه {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} (محمد : 4) ، فكل هذا لا ينافي الرحمة ، بل ضرب الأعناق وقطع الرقاب والقتل والقتال من صميم الرحمة ، ولكن تحتاج القلوب إلى يقين ونور لتفهم هذه المعاني السامية للرحمة ..
لقد ذكر الشيخ في كلامه أنه ناظر شاباً عنده شهادة الثالث المتوسط ، ونحن ربما نحاكم الشيخ بمنطق الغرب الذين زعم الشيخ بأن المجاهدين شوهوا صورة الإسلام عندهم ، وكأن الغرب يرضى عن الإسلام والمسلمين إن لم يجاهدوا ، وكأن الشيخ لم يقرأ في حياته قول الله تعالى {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} (البقرة : 120) !! نقول للشيخ : لو سمعك بعض من تخاف على سمعتك عندهم من الغربيين لقالوا لك : أما تستحي !! عندك شهادة دكتوراة وتناقس شاباً عنده ثالث متوسط ثم تبني استنتاجات على هذا النقاش !!
إن الشيخ ظلم المجاهدين باستخدام منطق التعميم عليهم على أوسع نطاق ، فجمع ما شذ وما سقط وألصقه بالمجاهدين وترك ما هو معروف مشهور عنهم في خطبهم وبياناتهم ، ثم أتى إلى حكامه وأظهر ما هو شاذ وحاول تعميمه ، ولا يخفى أن هذا ليس من الإنصاف الذي هو سبيل المؤمنين ، ونسأل الله أن لا يكون الشيخ ممن قال الله فيهم {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين : 1-6) ، فنذكّر الشيخ بيوم يقوم الناس لرب العالمين ونقول له : اتقي الله في نفسك فإن الله أعلن الحرب على من عادى أولياءه ، وليس عبيد بوش من أولياء الله ..
وزعم الشيخ بأن الأمة كلها على الوسطية (بمفهومه هو) وأنها تخالف المجاهدين (أهل الضلال) وأن المجاهدين يفتئتون على الأمة بهذا الجهاد وأنه ليس لهم الحق في التكلم بإسم الأمة !! أليس هذا تناقضاً!! الشيخ نفسه يدّعي بأن الأمة الآن مجتمعة على الوسطية وأنها مجتمعة على مخالفة المجاهدين !! فلماذا يتكلم الشيخ نيابة عن الأمة ويُنكر على المجاهدين !!
ثم نقول للشيخ : نحن من الأمة ونحن نخالف ما تقول ، ونحن مع المجاهدين ومعنا الملايين من المسلمين ، فإن أصررت على تعميمك فأنت كاذب ، وليس لك طريق إلا أن تخرجنا من مجموع الأمة فتصبح تكفيرياً ، وهذا ما عمّمته على المجاهدين !!
ثم أي أمة هذه التي جميعها على الوسطية ، وأكثر الأمة صوفية وأشعرية !! فإن كنت تقول بأن القبورية من الوسطية فقد خالفت إجماع علماء الدعوة النجدية ، أما إن كنت تقصد بالوسطية : التخلف عن الجهاد والتثاقل عنه فربما نسلّم لك الأمر كون أكثر الأمة اليوم تخلفوا عن أداء هذا الفرض ، وهذا ما يقصده كثير ممن تكلم باسم الحكام : فهم يدّعون أنهم على مذهب الوسطية ونبذ العنف والتطرف ، ويقصدون بذلك التخلّف عن فريضة الجهاد والتثاقل إلى الأرض ومحاولة إلغاء مفهوم الجهاد الشرعي ..
ولكي يطمئن الشيخ على صدق دعواه وأن الأمة تريد الوسطية (بمفهوم حكامه ومؤسسة راند الصهيونية) فإننا ندعوا الشيخ لعقد استفتاء شعبي في أي دولة إسلامية يختارها ، وليكن الإستفتاء على الشبكة العالمية حتى لا تكون هناك منغصات حكومية ، وليسأل الشيخ أفراد الأمة هذا السؤال : هل أنت مع المشروع الظلامي الضلالي التفجيري التخريبي التكفيري للقاعدة ، أم أنت مع المشروع الوسطي الذي يدعوا له الحكام وعلمائهم ، ونقول للشيخ : إن حزت على 30% في هذا الإستفتاء فإننا نتراجع عن كل ما نقول ونسلّم لك بكل ما تقول .. وما قلنا هذا إلا لثقتنا بقاعدة "قاعدة الجهاد" الشعبية التي اعترف بها العدو ولم تعترف بها أنت ولا أولياء أمرك ..
الشيخ عائض له تجربة بسيطة جداً مع المجاهدين ، فقد لبس بشته يوما ويمم شطر بيشاور أيام الجهاد الأفغاني الأول ، وظن أن الناس هناك يستقبلونه بالورود والرياحين - كما يفعل به الناس في بلاده - كونه أتى من جزيرة العرب ويلبس الشماغ ويتكلم باسم الدين ، فإذا به يفاجأ بجماعة من ليبيا أو الجزائر (لا أذكر بالتحديد) يشهرون في وجهه الرشاشات ويهددونه بالقتل ، فما كان منه إلا أن استقل الطائرة وعاد إلى بيته ، وهذا شيء لا نقره ولا يسرنا أن يفعل المجاهدون هذا بعلماء المسلمين وطلبة العلم (وإن كانوا يُخالفونهم) ، ولكن هذه التجربة لا زال لها أثرها السيء في قلب الشيخ ، وربما عقلية الشيخ التعميمية – كما هو ظاهر في شريطه – جعلته يحكم على جميع المجاهدين من موقف واحد حصل له ، ولو أن الشيخ قابل جميع المجاهدين أو أكثرهم لعلم أن الذي رآه أمر شاذ وليس أصلاً ، ودليل ذلك أنه لم يكن في من استقبله بما يكره أحد من جزيرة العرب ، وقد كانوا كُثر في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت !! ربما ظل الشيخ كاتماً ما في نفسه ، ولا زال مظهر الرشاشات في خلده حتى انفجر في هذا الشريط وأخرج المكنون ، فنسأل الله أن تكون نفسه سكنت بعد أن خرج منه هذا الكلام ليزن ما يقول في المستقبل ..
لعل الشيخ درس في الجامعة بأن المواقف الفردية لا يُحكم بكونها أصل اعتقاد طائفة حتى تكون هذه الإعتقادات مكتوبة أو مثبتة متفق عليها بين أفراد الطائفة أو يقرها أكثرهم ، وإذا لم نحكم بهذا المعيار لم يبقى لنا من ديننا شيء لأن الأقوال والأفعال الشاذة كثيرة لا تُحصى ، ويستطيع كل طاعن في الدين أن يجمعها ويجعلها أصلاً في ديننا فلا يبقى لنا ثابت ، ومثل هذا لا يغيب عن أمثال الشيخ ، فحكم الشيخ من موقف أو مقالة أو مناظرة مع شاب - عنده شهادة ثالث متوسط - ليس عدلاً ، وإن أراد الشيخ العدل فهذه بيانات المجاهدين وأبحاثهم وكتبهم تملأ العالم ، فليناقشها نقاشاً علمياً بعيداً عن البهرجة الكلامية والعواطف والضغوط النفسية ، وإن أراد المناقشة فهناك طلبة علم وعلماء في المجاهدين فليطلب منهم النقاش ، ولا يناقش شاب صغير عنده ثالثة متوسط ثم يصول صولة الأسد في أرض فلاة !!
نحن نعيذ بالشيخ عائض أن يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (آل عمران : 71) ، ونحن أتينا بهذه الآية بالذات ، لأنها في "أهل الكتاب" لنرد بها على عنوان شريط الشيخ الذي بتر آية في كتاب الله ليلصقها بالمجاهدين ، فعنوان شريطه " يخرّبون بيوتهم بأيديهم" لا يمت لكلامه بصلة لأن الآية الكريمة جاءت في القرآن هكذا {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} (الحشر : 2) ، فهذا العنوان يخالف ما رام إليه الشيخ من قدح في المجاهدين ، فاليهود خرّبوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، وها هم أولياء اليهود من حكام العرب يخرّبون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ، فلماذا لم تُكمل الآية يا شيخ عائض !!
كم رأينا من مكر الله بالذين يقدحون في المجاهدين : فما أتوا بكلام أو رأي أو مكيدة إلا وتكون حسرة عليهم وتنقلب ضدهم وتكون في صالح المجاهدين ، وذلك أن الله قال في كتابه {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} (الحج : 38) ، وهذا مما يثبّت فؤادنا ويزيدنا يقينا بصدق المجاهدين وطريقهم ..
لقد ذكر الشيخ عائض حديث النبي صلى الله عليه وسلم "بعثت بالحنيفية السمحة" (وهو حديث صحيح) ، وحديث "إنما بُعثت رحمة" (رواه مسلم) وحديث "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (رواه البخاري) ، ولكنه في المقابل لم يذكر أحاديث يحتج بها المجاهدون ، كحديث "أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ..." (البخاري) ، وحديث "بُعثت بين يدي الساعة بالسّيف ، حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم" (الحديث صحيح رواه أحمد: صحيح الجامع 2831) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" (متفق عليه) ، وحديث "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به " (مسلم) !! فالنبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة للعالمين بهذه الشريعة الكاملة التي منها الكتاب ومنها الحديد ، فمن عدل عن الكتاب ذاق حر الحديد ورأى الرعب والإرهاب حتى يُذعن ويُسلم أو يُعطي الجزية عن يد وهو صاغر ..
هذا هو دأب هذه الدعوات الناقصة : يذكرون آيات ويدَعون أخرى ، ويعتمدون على جهل الناس بالكتاب والسنة !! لقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين في حديث واحد فقال " أنا محمد ، وأحمد ، والمقفى ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة . [ونبي الملحمة]" (صحيح الجامع) !! فلماذا لم تذكر هذه الأحاديث يا شيخ عائض !!
لا تناقض بين كون النبي صلى الله عليه وسلم بُعث رحمة ، وأنه بُعث بالسيف : فالسيف رحمة للبشرية يخلّصهم من العناصر الفاسدة الظالمة في المجتمعات : كفرعون وهامان وأمية بن خلف وأبو جهل وبوش وشارون وأتباعهم ، فلا يكون هناك من يصد الناس عن سماع كلام الله ، والسيف رحمة في كونه يحمي الناس من ظلم الظالمين وجور الجائرين ويكفل للناس الحرية والحياة الكريمة في ظل الشريعة الربانية كما في قوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ...} وقوله تعالى {... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ ...} وقوله تعالى {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} (النساء : 75) ..
إن مشروع "القاعدة" الذي اشار إليه الشيخ عائض وسماه "مشروع ظلامي ضلالي تفجيري تخريبي" هو مشروع رباني إلهي شرعي نبوي كما في قوله تعالى في قصة أسرى بدر {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال : 67) ، فالإثخان في الأرض "المبالغة في قتل الأعداء" (انظر زاد المسير) ، قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره " أما عمر فكان لا يعثر على أسير إلا قتله وأما سعد [ابن معاذ] فقد قال (الاثخان في القتال أولى من استبقاء الرجال) ، ولما تم الفداء نزلت هذه الآية الكريمة تعاتبهم أشد العتاب فيقول تعالى {ما كان لنبّي} أي ما صح منه ولا كان ينبغي له أن يكون له أسرى حرب يبقيهم ليفاديهم أو يمن عليهم مجاناً {حتى يثخن في الأرض} أرض العدو قتلاً وتشريداً ، فإذا عُرف بالبأس والشدة وهابه الأعداء جاز له الأسر : أي الإِبقاء على الأسرى أحياء ليمن عليهم بلا مقابل أو ليفاديهم بالمال ، وقوله تعالى {تريدون عرض الدنيا} هذا من عتابه تعالى لهم ، إذ ما فادوا الأسرى إلا لأنهم يريدون حطام الدنيا وهو المال ، وقوله {والله يريد الآخرة} فشتان ما بين مرادكم ومراد ربكم لكم : تريدون العرض الفاني والله يريد لكم النعيم الباقي ..."
ولعل الأديب الشيخ عائض (وفقه الله) يذكر للناس معنى أن تأتي كلمة "نبي" هنا بصيغة "النكرة" ، ولعل الشيخ عائض يخبرنا لماذا توقف في سياق ذكره قصة أسرى بدر عند ما هوى النبي صلى الله عليه وسلم من رأي أبي بكر رضي الله عنه ولم يذكر ما أراد الله من نبيه ، ولماذا لم يذكر الشيخ الآية الكريمة التي جاءت في هذه القصة العظيمة !! لماذا لم تُكمل القصة يا شيخ عائض !!
يتبع ....