أحمد الظرافي
03-06-2008, 11:35 AM
الحوثيون... تمرد خمسة نجوم
عندما يسمع إخواننا في العالم الإسلامي، من خلال وسائل الإعلام عن وجود تمرد شيعي أثنى عشري مسلح في شمال اليمن يقوده الحوثيون، منذ منتصف عام 2004، وتتردد على مسامعهم أخبار المعارك الدائرة بينهم وبين الجيش اليمني، بشكل مستمر في بعض الأحيان، وبشكل متقطعٍ في أكثر الأحيان، وتصلهم أخبار القتلى والجرحى من الطرفين، واتهامات الحكومة اليمنية وإعلامها الرسمي لبعض الأطراف الخارجية– إيران وليبيا تحديدا- بدعم هذه الحركة، ثم يتابعون أخبار المفاوضات والاتفاقيات التي جرت في غضون الأشهر القليلة الماضية بين الحوثيين وبين الحكومة اليمنية بوساطة قطرية عالية المستوى.
أقول عندما يسمعون كل ذلك وغيره، قد يتصورون أوقد ينطبع في أذهانهم، أن هؤلاء الحوثيين الشيعة جماعة كبيرة ذات ثقل بشري بالنسبة للمجتمع اليمني ككل، وأنهم يسيطرون على نطاق كبير من الأرض اليمنية، وأنهم يحظون بتعاطف شريحة واسعة من عموم المجتمع اليمني.
وفي الحقيقة أن هذا كله غير صحيح على الإطلاق، ويكذبه الواقع على الأرض، وهو من بنات أفكار الدعاية الشيعية الأثنى عشرية، سواء الحوثية أو المتعاطفة معها في الداخل أو الخارج، والتي تحاول إبراز أهمية هذه الجماعة المتمردة، وتثبيت انطباعات مغلوطة وخاطئة ومبالغ فيها حولها.
فجماعة الحوثي- في الواقع - عبارة عن شرذمة قليلة من المتمردين، لا يتجاوزون بضعة آلاف – بمن فيهم المقاتلون من مرتزقة القبائل المجاورة والمتكسبون أو المستفيدون ماديا من وراء الحرب والفتنة القائمة –
وهؤلاء الحوثيون لا يسيطرون إلا على قطع ضيقة جدا من الأرض اليمنية، لا تمثل أي نسبة تذكر من إجمالي مساحة الجمهورية اليمنية البالغة حوالي570ألف كم2 ويكاد وجودهم ينحصر في قمم بعض الجبال النائية والوعرة في شمال محافظة صعدة.قريبا من الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وأما بالنسبة للتعاطف الشعبي معها، فهو يكاد ينحصر في بعض المناطق المحيطة بصعدة، وهي المناطق نفسها التي ابتدأ الحوثيون نشاطهم الدعوي التثقيفي فيها، تحت سمع وبصر السلطة الحاكمة وبدعم وتشجيع منها.
وفيما عدا تلك المناطق القليلة والمحصورة، فليس للحوثيين أي وجود في أي مدينة أو منطقة يمنية أخرى– حتى مجرد التعاطف، بل أنها على عكس ذلك تواجه بالرفض المطلق من عموم الشعب اليمني بما في ذلك غالبية أبناء الطائفة الزيدية – وهذا باستثناء بعض المتعاطفين مع الجماعة في صنعاء وذمار من غلاة مشائخ الزيدية، من فلول الحكم الكهنوتي المباد في عام1962- ولا سيما المنتمين للسلالة التي كانت حاكمة والمعروفة بـ" السادة" وذلك بطبيعة الحال لأسباب طائفية وعنصرية ضيقة، من ناحية. ومن ناحية أخرى نقمةً على الطوفان السني – إن جاز التعبير- الذي أكتسح المناطق الشمالية قبل، وبعد إعلان الوحدة اليمنية في مايو1990 بين الشمال والجنوب، وبعد عودة ملايين المغتربين اليمنيين من الخارج، ولا سيما من المملكة العربية ودول الخليج العربي بعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس من نفس ذلك العام.
وأيضا باستثناء بعض المتعاطفين من الأحزاب العلمانية المعارضة للنظام القائم– وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني – إنما ليس حبا في تلك الجماعة أو انتصارا لدعوتها، ولكن لأسباب بعضها انفصالية وأكثرها لمصالح حزبية ضيقة، ومناوءة للسلطة السياسية الحاكمة المتمثلة في الرئيس على عبد الله صالح.ولتصفية بعض الحسابات معها.
قد يتهمني البعض بالمبالغة في التقليل من شأن الحوثيين، ويدللون على ذلك باستمراريتهم في التمرد منذ أكثر من أربع سنوات، وعجز الجيش اليمني عن القضاء عليهم، ثم – وهذا هو الأهم – اضطرار الحكومة اليمنية للجلوس معهم على طاولة المفاوضات رأسا برأس، بعد أربع سنوات من الحرب والقتال والهدم والتخريب، وقبولها لوساطة طرف خارجي لتسوية المشكلة معهم. فكل هذا دليل على قوتهم وصلابة حركتهم، وهو يدحض ما قلت. فهل هناك حقا مبالغة فيما قلت؟
الجواب: كلا فليس فيما قلت أي مبالغة، رغم أني التمس العذر لمن يتهمني بالمبالغة، لكونهم يصدرون أحكامهم من بعد ومن خلال ما يصلهم من أخبار وتحليلات عبر وسائل الإعلام، ولا يدرون بما يدور على الساحة اليمنية، على الوجه الصحيح، ولا بأبعاد وخلفيات الصراع بين الحوثيين والسلطات اليمنية، ولا بمدى جدية هذه السلطات الحاكمة في محاربتهم والقضاء عليهم من عدمه.
والحقيقة التي لا شك فيها هو أن قوة الحوثيين تأتي من عدم جدية السلطات اليمنية الحاكمة – وتحديدا رئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح القائد الأعلى للقوات المسلحة- في الحرب عليهم، وعدم رغبتها في استئصالهم، ووضعها الندى محل السيف في التعامل معهم في أكثر الأحيان، حرصا على حياتهم ودمائهم، وتقديمها للعديد من التنازلات لصالحهم، وتضحيتها بالغالي والنفيس لتجنب مواجهتهم وسحقهم بالقوة المسلحة- اللهم إلا في حالات الضرورة القصوى وخاصة عندما تتعرض السلطة للعدوان من قبل الحوثيين أو للضغط عليهم للقبول بالحوار أو عندما يبالغ الحوثيون أو يتعنتون في مطالبهم وتصل المفاوضات معهم إلى طريق مسدود. دون أن تخلو المسألة أحيانا من محاولة النظام الاستفادة من هذه الفتنة، وتوظيفها لابتزاز بعض الأنظمة العربية المعنية بمكافحة المد الإيراني – أقصد هنا تحديدا النظام السعودي لما يعنيه اليمن من أهمية إستراتيجية بالنسبة للملكة– ولو كان هناك إحساس ديني بخطورتهم أونية مخلصة وإرادة صادقة للقضاء عليهم، من قبل السلطة الحاكمة، لكان حدث ذلك بالأمس قبل اليوم، مهما بلغت درجة تنظيمهم واستماتتهم في الدفاع عن عقيدتهم، ومهما كانت وعورة الجبال التي يتمركزون فيها.
وهذه السياسة المتهاونة والمتراخية والمدللة، والتي درجت عليها السلطات اليمنية الحاكمة في التعامل مع جماعة الحوثي، قد ترجع لدوافع طائفية وقبلية – في المقام الأول – وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد وحتى وإن لم يتم التصريح بتلك الدوافع الطائفية علنا، إلا أنها قد تكون مترسخة في العقل الباطن لدى أصحاب الحل والعقد.
وقد يتخلل تلك الدوافع شعور الرئيس صالح بالرأفة الشخصية تجاه هذه الجماعة المتمردة، التي كان له دورا كبيرا في ظهورها، وكان مستفيدا من خدماتها في بداية الأمر في العمل على تحجيم حزب التجمع اليمني للإصلاح ( ذي الخلفية السنية) وسحب البساط من تحت أقدامه بعد انضمامه للتكتل المعارض ( أحزاب اللقاء المشترك ) مثلما استفاد سابقا – قُبيل حرب صيف عام 1994 من قبائل هذه المناطق – وهي قبائل مسلحة محترفة في الحرب والقتال - في القضاء على المعسكرات الجنوبية التي كانت منتشرة في محيط مدينة عمران وفي منطقة حرف سفيان بموجب أعادة الانتشار الذي حدثت بعد إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية مباشرة، وهو الأمر الذي ساعد الرئيس صالح على حماية ظهره قبل أن يعطي جيشه الأوامر بالزحف نحو عدن ومناطق الجنوب.
جدير بالذكر أن قبائل المناطق الشمالية الزيدية( قبائل حاشد وبكيل )، تشكل في حد ذاتها جيشا ثانيا رديفا للجيش اليمني الرسمي.. جيشا ثانيا له مخصصاته وموازناته المالية الشهرية والسنوية، والتي يتسلمها زعماء وشيوخ القبائل المنتمين لتينك القبيلتين الكبيرتين، والمتحالفين مع رئيس الجمهورية. ولا تقل أهمية هذا الجيش القبلي عن الجيش النظامي الرسمي، بل قد يفوقه أهمية في الأوقات الطارئة، وخاصة عندما يكون هناك تهديد مباشر للنظام القبلي الطائفي الحاكم.
والواقع أن العقلية الطائفية والقبلية هي التي لا تزال تهيمن على مجريات الأمور السياسية في اليمن - وهذا واضح وموجود على أرض الواقع وفي الممارسة العملية، شئنا أم أبينا، فالرئيس صالح وأسرته وقبائله الزيدية ( حاشد وبكيل ) هم من يسيطر على مقاليد الأمور الحقيقية في اليمن، وهم من بيدهم الحل والعقد سواء من خلال سيطرتهم المباشرة على مفاصل القوة الحقيقية مثل الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية أو من خلال هيمنتهم بشكل غير مباشر على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى جميع مرافق الدولة الحيوية وأجهزتها الإعلامية، وهذه العقلية نفسها هي السبب الرئيسي وراء تطاول أمد التمرد الحوثي، الاثنى العشري واستمراره حتى اليوم، وهذا بجانب الجهل المطبق بخطورة العقيدة التي تدعو إليها هذه الجماعة، وما قد يترتب عليها من شرخ اجتماعي كبير. نرى آثاره وتداعياته الخطيرة والمدمرة واضحة للعيان بشكل بارز في العراق ولبنان.
وقد فضحت أحداث الحرب والمفاوضات بين السلطات اليمنية الحاكمة والحوثيين خلال السنوات الأربع الماضية، مدى ازدواجية المعايير التي كانت – ولا زالت- تتعامل بها تلك السلطات مع هذه المنطقة أو تلك من مناطق اليمن، تبعا لانتمائها الطائفي أو القبلي. فقد اتضح للقاصي والداني أن المعايير التي تتعامل بها هذه السلطات إزاء تمرد القبائل الزيدية في المناطق الشمالية تختلف كماً وكيفاً عن المعايير التي تتعامل بها مع أي شغب أو تمرد قد يحدث في المناطق الوسطى والجنوبية- حتى ولو كان تمردا عفويا أو محدودا- وذلك انطلاقا من تلك الدوافع الطائفية والمناطقية البغيضة، ومن هذا القبيل تعاملها مع تمرد جماعة الحوثي والمستمر منذ أكثر من أربع سنوات، فعلى الرغم مما يمثله تمرد هذه الجماعة من خروج عن الدستور والقانون ومن زعزعة للأمن والاستقرار ومن فساد وإفساد ومن مواجهة مع السلطة ومن تحدٍ لرأس الدولة، وما تنادي به من أفكار متطرفة وخطيرة وهدامة، لا تمت للإسلام بصلة.
أقول بالرغم من كل ذلك فيتم " التعامل مع هذه القضية بكل قوة "ناعمة" وسياسة رخوة حتى وصل الأمر إلى الاعتراف الرسمي بالوجود الحوثي في إطار من الندية والجلوس على طاولة واحدة وبرعاية طرف ثالث، تماماً كما طلب يحيى الحوثي في يوم من الأيام. وجاء توقيع الاتفاق وهو الأمر الذي دُبر بليل وأعطت السلطة ما تملك وما لا تملك من تنازلات لطرف لا يستحق " – وفقا لتعبير الكاتب اليمني عبد الفتاح البتول- ( صحيفة الناس )
كما أن السلطة اليمنية ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية أصدرت قرارات العفو العام على مئات المتمردين الحوثيين وقياداتهم، أكثر من مرة وتم تعويضهم تعويضاً كبيراً ، وضخ الأموال عليهم، ومنحهم للسيارات والهبات أكثر من مرة أيضا، وتم استدعاء الداعية المعروف عمرو خالد خصيصا لمحاورة وإقناع المسجونين منهم لترك التمرد ولدعوتهم إلى طاعة ولي الأمر، وهؤلاء كلهم تم بعد ذلك إطلاق سراحهم دفعة واحدة، فكان أن حملوا السلاح وعادوا إلى التمرد من جديد. ناهيك عن عدم محاسبة أي طرف في السلطة أو الجيش ثبت تورطه في تقديم الدعم المادي أو العسكري لجماعة الحوثي.
وهذا التدليل في واقع الأمر لم تحظ به أي جماعة متمردة في العالم، بل هو يختلف تمام الاختلاف عن تعامل السلطات الحاكمة مع أبسط شغب أو تمرد قد يحدث في المناطق الوسطى أو الجنوبية من اليمن حيث تتبع فيها، وضد أهلها سياسة صارمة وحازمة لا هوادة فيها ولا رحمة، وتدمر الأخضر واليابس، ولا تفرق بين مذنب وبريء، كما لا تفتح أية نافذة للتفاوض أو للحلول السلمية، فإن لم يكن هذا ازدواجا للمعاير وانعكاسا لحساسيتها الطائفية تجاه أبناء هذه المناطق والذين يشكلون عصب المجتمع اليمني. فما عساه يكون؟
ومن هذا المنطلق فأنت لم تكن تجد وحدات وفيالق الجيش والقوات المسلحة اليمنية الضاربة قبل أربع سنوات في المناطق الشمالية من البلاد ، حيث ينتشر أخواننا من أبناء الطائفة الزيدية، مثل صعدة أو عمران أو الجوف، إنما تجد تلك المعسكرات في المناطق الوسطى والجنوبية والشرقية فقط، مثل تعز وإب ومأرب والبيضاء (وحاليا عززت هذه القوات وجودها في عدن والضالع ولحج وحضرموت وباقي مناطق الجنوب والشرق) ولقواد الجيش في هذه المناطق الكلمة العليا التي تفوق كلمة محافظ المحافظة، وغيره من المسؤولين التنفيذيين. وهذا بزعم فرض القانون وهيبة الدولة في هذه المناطق، وغير ذلك من مظاهر سيادة الدولة التي لم يكن لها وجود في مناطق الشمال في الوقت نفسه.
والحقيقة أن السلطات اليمنية لازالت تمارس هذه السياسية الطائفية والمناطقية حتى اليوم، ولا أدري فيما إذا كان ذلك بوعي أم بدون وعي، ولذا فهي لا تولي قضية تمرد جماعة الحوثي الشيعية، ما تستحقه من الاهتمام والتركيز، ولا تشغل بالها بها كثيرا ، وهي غير مخلصة بتاتا في القضاء عليها، رغم خطورة هذا التمرد ومناداته بعقيدة جديدة هدامة ودخيلة على المجتمع اليمني، ورغم علاقتها الخارجية الواضحة- وهذه خيانة عظمى في حد ذاتها - إنما تعتبرها قضية هامشية، مقارنة بقضية المعارضة التي بدأت تشتعل في الجنوب، والتي يحسب لها الرئيس صالح وجماعته ألف حساب، رغم كون المعارضة في الجنوب معارضة سياسية سلمية جاءت – بدرجة أساسية- ردا على سياسة التطفيش والتهميش المناطقي، والتهرب من عملية الإصلاح السياسي، واحتجاجا على الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد.
ولعل هذا ما دفع الرئيس صالح للقبول على عجل، بالوساطة القطرية بينه وبين الحوثيين، وتقديمه لمختلف التنازلات لإرضاء المتمردين من أجل أن يقبلوا بالصلح مع الدولة، ومن ثم العودة لممارسة الحياة السياسية مثلهم مثل غيرهم من الاحزاب والمنظمات غير الحكومية، وما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بمذهبهم الأثنى عشري الدخيل على التربة اليمنية، والإقرار بحقهم في الدعوة إليه ونشره بشكل سلمي وعبر الوسائل التعليمية والثقافية المتاحة، ضاربا عرض الحائط بفتاوى هيئة علماء اليمن التي قالت بخروجهم عن الدين والملة، فضلا عن خروجهم عن الدستور والقانون، واستهانةً بدماء وأرواح المئات من الجنود والصف والضباط الذين لقوا حتفهم في هذه المنازلة العسكرية العبثية.
ذلك أن الأهم بالنسبة للرئيس صالح - كما هو شأنه دائما وكما شأن أي حاكم طائفي مناطقي ضيق الأفق وغير ناضج التفكير- هو التفرغ لإخضاع مناطق الجنوب والتي بدأت تخرج عن الطاعة وتعلن العصيان المدني مطالبة بحقوقها السياسية الدستورية والطبيعية المشروعة.
ومن يدري فقد يكون الرئيس صالح لا زال في حاجة لاستخدام جماعة الحوثي ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، وفي الوقت نفسه لازال بحاجة لوقوف قبائل صعدة الزيدية إلى جانبه لإخماد أي فتنة أو محاولة انفصال قد تحدث في مناطق الجنوب في المستقبل.
والحقيقة أن أي فتنة قد تقوم في الجنوب فإن المستفيد الأول منها سيكون هم الحوثيون، الذين أُجبر الجيش اليمني على الانسحاب من مناطق نفوذهم مؤخرا وفقا للوساطة القطرية المشئومة، ولذا فأنا لا استبعد في أن يكون للحوثيين – وربما لطهران – دور مشبوه في تحريك المعارضة في الجنوب ضد النظام القائم في صنعاء، حتى يخلو لهم الجو فيوسعون من دائرة نفوذهم في المناطق الشمالية في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار والآلة العسكرية نحو الجنوب.
عندما يسمع إخواننا في العالم الإسلامي، من خلال وسائل الإعلام عن وجود تمرد شيعي أثنى عشري مسلح في شمال اليمن يقوده الحوثيون، منذ منتصف عام 2004، وتتردد على مسامعهم أخبار المعارك الدائرة بينهم وبين الجيش اليمني، بشكل مستمر في بعض الأحيان، وبشكل متقطعٍ في أكثر الأحيان، وتصلهم أخبار القتلى والجرحى من الطرفين، واتهامات الحكومة اليمنية وإعلامها الرسمي لبعض الأطراف الخارجية– إيران وليبيا تحديدا- بدعم هذه الحركة، ثم يتابعون أخبار المفاوضات والاتفاقيات التي جرت في غضون الأشهر القليلة الماضية بين الحوثيين وبين الحكومة اليمنية بوساطة قطرية عالية المستوى.
أقول عندما يسمعون كل ذلك وغيره، قد يتصورون أوقد ينطبع في أذهانهم، أن هؤلاء الحوثيين الشيعة جماعة كبيرة ذات ثقل بشري بالنسبة للمجتمع اليمني ككل، وأنهم يسيطرون على نطاق كبير من الأرض اليمنية، وأنهم يحظون بتعاطف شريحة واسعة من عموم المجتمع اليمني.
وفي الحقيقة أن هذا كله غير صحيح على الإطلاق، ويكذبه الواقع على الأرض، وهو من بنات أفكار الدعاية الشيعية الأثنى عشرية، سواء الحوثية أو المتعاطفة معها في الداخل أو الخارج، والتي تحاول إبراز أهمية هذه الجماعة المتمردة، وتثبيت انطباعات مغلوطة وخاطئة ومبالغ فيها حولها.
فجماعة الحوثي- في الواقع - عبارة عن شرذمة قليلة من المتمردين، لا يتجاوزون بضعة آلاف – بمن فيهم المقاتلون من مرتزقة القبائل المجاورة والمتكسبون أو المستفيدون ماديا من وراء الحرب والفتنة القائمة –
وهؤلاء الحوثيون لا يسيطرون إلا على قطع ضيقة جدا من الأرض اليمنية، لا تمثل أي نسبة تذكر من إجمالي مساحة الجمهورية اليمنية البالغة حوالي570ألف كم2 ويكاد وجودهم ينحصر في قمم بعض الجبال النائية والوعرة في شمال محافظة صعدة.قريبا من الحدود مع المملكة العربية السعودية.
وأما بالنسبة للتعاطف الشعبي معها، فهو يكاد ينحصر في بعض المناطق المحيطة بصعدة، وهي المناطق نفسها التي ابتدأ الحوثيون نشاطهم الدعوي التثقيفي فيها، تحت سمع وبصر السلطة الحاكمة وبدعم وتشجيع منها.
وفيما عدا تلك المناطق القليلة والمحصورة، فليس للحوثيين أي وجود في أي مدينة أو منطقة يمنية أخرى– حتى مجرد التعاطف، بل أنها على عكس ذلك تواجه بالرفض المطلق من عموم الشعب اليمني بما في ذلك غالبية أبناء الطائفة الزيدية – وهذا باستثناء بعض المتعاطفين مع الجماعة في صنعاء وذمار من غلاة مشائخ الزيدية، من فلول الحكم الكهنوتي المباد في عام1962- ولا سيما المنتمين للسلالة التي كانت حاكمة والمعروفة بـ" السادة" وذلك بطبيعة الحال لأسباب طائفية وعنصرية ضيقة، من ناحية. ومن ناحية أخرى نقمةً على الطوفان السني – إن جاز التعبير- الذي أكتسح المناطق الشمالية قبل، وبعد إعلان الوحدة اليمنية في مايو1990 بين الشمال والجنوب، وبعد عودة ملايين المغتربين اليمنيين من الخارج، ولا سيما من المملكة العربية ودول الخليج العربي بعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس من نفس ذلك العام.
وأيضا باستثناء بعض المتعاطفين من الأحزاب العلمانية المعارضة للنظام القائم– وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني – إنما ليس حبا في تلك الجماعة أو انتصارا لدعوتها، ولكن لأسباب بعضها انفصالية وأكثرها لمصالح حزبية ضيقة، ومناوءة للسلطة السياسية الحاكمة المتمثلة في الرئيس على عبد الله صالح.ولتصفية بعض الحسابات معها.
قد يتهمني البعض بالمبالغة في التقليل من شأن الحوثيين، ويدللون على ذلك باستمراريتهم في التمرد منذ أكثر من أربع سنوات، وعجز الجيش اليمني عن القضاء عليهم، ثم – وهذا هو الأهم – اضطرار الحكومة اليمنية للجلوس معهم على طاولة المفاوضات رأسا برأس، بعد أربع سنوات من الحرب والقتال والهدم والتخريب، وقبولها لوساطة طرف خارجي لتسوية المشكلة معهم. فكل هذا دليل على قوتهم وصلابة حركتهم، وهو يدحض ما قلت. فهل هناك حقا مبالغة فيما قلت؟
الجواب: كلا فليس فيما قلت أي مبالغة، رغم أني التمس العذر لمن يتهمني بالمبالغة، لكونهم يصدرون أحكامهم من بعد ومن خلال ما يصلهم من أخبار وتحليلات عبر وسائل الإعلام، ولا يدرون بما يدور على الساحة اليمنية، على الوجه الصحيح، ولا بأبعاد وخلفيات الصراع بين الحوثيين والسلطات اليمنية، ولا بمدى جدية هذه السلطات الحاكمة في محاربتهم والقضاء عليهم من عدمه.
والحقيقة التي لا شك فيها هو أن قوة الحوثيين تأتي من عدم جدية السلطات اليمنية الحاكمة – وتحديدا رئيس الجمهورية المشير علي عبد الله صالح القائد الأعلى للقوات المسلحة- في الحرب عليهم، وعدم رغبتها في استئصالهم، ووضعها الندى محل السيف في التعامل معهم في أكثر الأحيان، حرصا على حياتهم ودمائهم، وتقديمها للعديد من التنازلات لصالحهم، وتضحيتها بالغالي والنفيس لتجنب مواجهتهم وسحقهم بالقوة المسلحة- اللهم إلا في حالات الضرورة القصوى وخاصة عندما تتعرض السلطة للعدوان من قبل الحوثيين أو للضغط عليهم للقبول بالحوار أو عندما يبالغ الحوثيون أو يتعنتون في مطالبهم وتصل المفاوضات معهم إلى طريق مسدود. دون أن تخلو المسألة أحيانا من محاولة النظام الاستفادة من هذه الفتنة، وتوظيفها لابتزاز بعض الأنظمة العربية المعنية بمكافحة المد الإيراني – أقصد هنا تحديدا النظام السعودي لما يعنيه اليمن من أهمية إستراتيجية بالنسبة للملكة– ولو كان هناك إحساس ديني بخطورتهم أونية مخلصة وإرادة صادقة للقضاء عليهم، من قبل السلطة الحاكمة، لكان حدث ذلك بالأمس قبل اليوم، مهما بلغت درجة تنظيمهم واستماتتهم في الدفاع عن عقيدتهم، ومهما كانت وعورة الجبال التي يتمركزون فيها.
وهذه السياسة المتهاونة والمتراخية والمدللة، والتي درجت عليها السلطات اليمنية الحاكمة في التعامل مع جماعة الحوثي، قد ترجع لدوافع طائفية وقبلية – في المقام الأول – وهذا هو مربط الفرس وبيت القصيد وحتى وإن لم يتم التصريح بتلك الدوافع الطائفية علنا، إلا أنها قد تكون مترسخة في العقل الباطن لدى أصحاب الحل والعقد.
وقد يتخلل تلك الدوافع شعور الرئيس صالح بالرأفة الشخصية تجاه هذه الجماعة المتمردة، التي كان له دورا كبيرا في ظهورها، وكان مستفيدا من خدماتها في بداية الأمر في العمل على تحجيم حزب التجمع اليمني للإصلاح ( ذي الخلفية السنية) وسحب البساط من تحت أقدامه بعد انضمامه للتكتل المعارض ( أحزاب اللقاء المشترك ) مثلما استفاد سابقا – قُبيل حرب صيف عام 1994 من قبائل هذه المناطق – وهي قبائل مسلحة محترفة في الحرب والقتال - في القضاء على المعسكرات الجنوبية التي كانت منتشرة في محيط مدينة عمران وفي منطقة حرف سفيان بموجب أعادة الانتشار الذي حدثت بعد إعلان الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية مباشرة، وهو الأمر الذي ساعد الرئيس صالح على حماية ظهره قبل أن يعطي جيشه الأوامر بالزحف نحو عدن ومناطق الجنوب.
جدير بالذكر أن قبائل المناطق الشمالية الزيدية( قبائل حاشد وبكيل )، تشكل في حد ذاتها جيشا ثانيا رديفا للجيش اليمني الرسمي.. جيشا ثانيا له مخصصاته وموازناته المالية الشهرية والسنوية، والتي يتسلمها زعماء وشيوخ القبائل المنتمين لتينك القبيلتين الكبيرتين، والمتحالفين مع رئيس الجمهورية. ولا تقل أهمية هذا الجيش القبلي عن الجيش النظامي الرسمي، بل قد يفوقه أهمية في الأوقات الطارئة، وخاصة عندما يكون هناك تهديد مباشر للنظام القبلي الطائفي الحاكم.
والواقع أن العقلية الطائفية والقبلية هي التي لا تزال تهيمن على مجريات الأمور السياسية في اليمن - وهذا واضح وموجود على أرض الواقع وفي الممارسة العملية، شئنا أم أبينا، فالرئيس صالح وأسرته وقبائله الزيدية ( حاشد وبكيل ) هم من يسيطر على مقاليد الأمور الحقيقية في اليمن، وهم من بيدهم الحل والعقد سواء من خلال سيطرتهم المباشرة على مفاصل القوة الحقيقية مثل الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية أو من خلال هيمنتهم بشكل غير مباشر على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وعلى جميع مرافق الدولة الحيوية وأجهزتها الإعلامية، وهذه العقلية نفسها هي السبب الرئيسي وراء تطاول أمد التمرد الحوثي، الاثنى العشري واستمراره حتى اليوم، وهذا بجانب الجهل المطبق بخطورة العقيدة التي تدعو إليها هذه الجماعة، وما قد يترتب عليها من شرخ اجتماعي كبير. نرى آثاره وتداعياته الخطيرة والمدمرة واضحة للعيان بشكل بارز في العراق ولبنان.
وقد فضحت أحداث الحرب والمفاوضات بين السلطات اليمنية الحاكمة والحوثيين خلال السنوات الأربع الماضية، مدى ازدواجية المعايير التي كانت – ولا زالت- تتعامل بها تلك السلطات مع هذه المنطقة أو تلك من مناطق اليمن، تبعا لانتمائها الطائفي أو القبلي. فقد اتضح للقاصي والداني أن المعايير التي تتعامل بها هذه السلطات إزاء تمرد القبائل الزيدية في المناطق الشمالية تختلف كماً وكيفاً عن المعايير التي تتعامل بها مع أي شغب أو تمرد قد يحدث في المناطق الوسطى والجنوبية- حتى ولو كان تمردا عفويا أو محدودا- وذلك انطلاقا من تلك الدوافع الطائفية والمناطقية البغيضة، ومن هذا القبيل تعاملها مع تمرد جماعة الحوثي والمستمر منذ أكثر من أربع سنوات، فعلى الرغم مما يمثله تمرد هذه الجماعة من خروج عن الدستور والقانون ومن زعزعة للأمن والاستقرار ومن فساد وإفساد ومن مواجهة مع السلطة ومن تحدٍ لرأس الدولة، وما تنادي به من أفكار متطرفة وخطيرة وهدامة، لا تمت للإسلام بصلة.
أقول بالرغم من كل ذلك فيتم " التعامل مع هذه القضية بكل قوة "ناعمة" وسياسة رخوة حتى وصل الأمر إلى الاعتراف الرسمي بالوجود الحوثي في إطار من الندية والجلوس على طاولة واحدة وبرعاية طرف ثالث، تماماً كما طلب يحيى الحوثي في يوم من الأيام. وجاء توقيع الاتفاق وهو الأمر الذي دُبر بليل وأعطت السلطة ما تملك وما لا تملك من تنازلات لطرف لا يستحق " – وفقا لتعبير الكاتب اليمني عبد الفتاح البتول- ( صحيفة الناس )
كما أن السلطة اليمنية ممثلة بالأخ رئيس الجمهورية أصدرت قرارات العفو العام على مئات المتمردين الحوثيين وقياداتهم، أكثر من مرة وتم تعويضهم تعويضاً كبيراً ، وضخ الأموال عليهم، ومنحهم للسيارات والهبات أكثر من مرة أيضا، وتم استدعاء الداعية المعروف عمرو خالد خصيصا لمحاورة وإقناع المسجونين منهم لترك التمرد ولدعوتهم إلى طاعة ولي الأمر، وهؤلاء كلهم تم بعد ذلك إطلاق سراحهم دفعة واحدة، فكان أن حملوا السلاح وعادوا إلى التمرد من جديد. ناهيك عن عدم محاسبة أي طرف في السلطة أو الجيش ثبت تورطه في تقديم الدعم المادي أو العسكري لجماعة الحوثي.
وهذا التدليل في واقع الأمر لم تحظ به أي جماعة متمردة في العالم، بل هو يختلف تمام الاختلاف عن تعامل السلطات الحاكمة مع أبسط شغب أو تمرد قد يحدث في المناطق الوسطى أو الجنوبية من اليمن حيث تتبع فيها، وضد أهلها سياسة صارمة وحازمة لا هوادة فيها ولا رحمة، وتدمر الأخضر واليابس، ولا تفرق بين مذنب وبريء، كما لا تفتح أية نافذة للتفاوض أو للحلول السلمية، فإن لم يكن هذا ازدواجا للمعاير وانعكاسا لحساسيتها الطائفية تجاه أبناء هذه المناطق والذين يشكلون عصب المجتمع اليمني. فما عساه يكون؟
ومن هذا المنطلق فأنت لم تكن تجد وحدات وفيالق الجيش والقوات المسلحة اليمنية الضاربة قبل أربع سنوات في المناطق الشمالية من البلاد ، حيث ينتشر أخواننا من أبناء الطائفة الزيدية، مثل صعدة أو عمران أو الجوف، إنما تجد تلك المعسكرات في المناطق الوسطى والجنوبية والشرقية فقط، مثل تعز وإب ومأرب والبيضاء (وحاليا عززت هذه القوات وجودها في عدن والضالع ولحج وحضرموت وباقي مناطق الجنوب والشرق) ولقواد الجيش في هذه المناطق الكلمة العليا التي تفوق كلمة محافظ المحافظة، وغيره من المسؤولين التنفيذيين. وهذا بزعم فرض القانون وهيبة الدولة في هذه المناطق، وغير ذلك من مظاهر سيادة الدولة التي لم يكن لها وجود في مناطق الشمال في الوقت نفسه.
والحقيقة أن السلطات اليمنية لازالت تمارس هذه السياسية الطائفية والمناطقية حتى اليوم، ولا أدري فيما إذا كان ذلك بوعي أم بدون وعي، ولذا فهي لا تولي قضية تمرد جماعة الحوثي الشيعية، ما تستحقه من الاهتمام والتركيز، ولا تشغل بالها بها كثيرا ، وهي غير مخلصة بتاتا في القضاء عليها، رغم خطورة هذا التمرد ومناداته بعقيدة جديدة هدامة ودخيلة على المجتمع اليمني، ورغم علاقتها الخارجية الواضحة- وهذه خيانة عظمى في حد ذاتها - إنما تعتبرها قضية هامشية، مقارنة بقضية المعارضة التي بدأت تشتعل في الجنوب، والتي يحسب لها الرئيس صالح وجماعته ألف حساب، رغم كون المعارضة في الجنوب معارضة سياسية سلمية جاءت – بدرجة أساسية- ردا على سياسة التطفيش والتهميش المناطقي، والتهرب من عملية الإصلاح السياسي، واحتجاجا على الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد.
ولعل هذا ما دفع الرئيس صالح للقبول على عجل، بالوساطة القطرية بينه وبين الحوثيين، وتقديمه لمختلف التنازلات لإرضاء المتمردين من أجل أن يقبلوا بالصلح مع الدولة، ومن ثم العودة لممارسة الحياة السياسية مثلهم مثل غيرهم من الاحزاب والمنظمات غير الحكومية، وما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بمذهبهم الأثنى عشري الدخيل على التربة اليمنية، والإقرار بحقهم في الدعوة إليه ونشره بشكل سلمي وعبر الوسائل التعليمية والثقافية المتاحة، ضاربا عرض الحائط بفتاوى هيئة علماء اليمن التي قالت بخروجهم عن الدين والملة، فضلا عن خروجهم عن الدستور والقانون، واستهانةً بدماء وأرواح المئات من الجنود والصف والضباط الذين لقوا حتفهم في هذه المنازلة العسكرية العبثية.
ذلك أن الأهم بالنسبة للرئيس صالح - كما هو شأنه دائما وكما شأن أي حاكم طائفي مناطقي ضيق الأفق وغير ناضج التفكير- هو التفرغ لإخضاع مناطق الجنوب والتي بدأت تخرج عن الطاعة وتعلن العصيان المدني مطالبة بحقوقها السياسية الدستورية والطبيعية المشروعة.
ومن يدري فقد يكون الرئيس صالح لا زال في حاجة لاستخدام جماعة الحوثي ضد حزب التجمع اليمني للإصلاح، وفي الوقت نفسه لازال بحاجة لوقوف قبائل صعدة الزيدية إلى جانبه لإخماد أي فتنة أو محاولة انفصال قد تحدث في مناطق الجنوب في المستقبل.
والحقيقة أن أي فتنة قد تقوم في الجنوب فإن المستفيد الأول منها سيكون هم الحوثيون، الذين أُجبر الجيش اليمني على الانسحاب من مناطق نفوذهم مؤخرا وفقا للوساطة القطرية المشئومة، ولذا فأنا لا استبعد في أن يكون للحوثيين – وربما لطهران – دور مشبوه في تحريك المعارضة في الجنوب ضد النظام القائم في صنعاء، حتى يخلو لهم الجو فيوسعون من دائرة نفوذهم في المناطق الشمالية في الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار والآلة العسكرية نحو الجنوب.