تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التصوير الفني في القرآن (سيد قطب)



عزام
03-04-2008, 07:50 AM
مقتطفات من كتاب التصوير الفني في القرآن
سيد قطب



سحــــر القـــــرآن

سحر القرآن العرب منذ اللحظة الأولى , سواء منهم في ذلك من شرح الله صدره للإسلام , ومن جعل على بصره منهم غشاوة .
وإذا تجاوزنا عن النفر القليل الذين كانت شخصية محمد – صلى الله عليه وسلم – وحدها هي داعيتهم إلى الإيمان في أول الأمر , كزوجه خديجة , وصديقه أبي بكر , وابن عمه علي , ومولاه زيد , وأمثالهم , فإننا نجد القرآن كان العامل الحاسم , أو أحد العوامل الحاسمة في إيمان من آمنوا أوائل أيام الدعوة , يوم لم يكن لمحمد حول ولا طول , ويوم لم يكن للإسلام قوة ولا منعة .
وقصة إيمان عمر بن الخطاب , وقصة تولي الوليد بن المغيرة , نموذجان من قصص كثيرة للإيمان والتولي ؛ وكلتاهما تكشفان عن هذا السحر القرآني الذي أخذ العرب منذ اللحظة الأولى ؛ وتبينان – في اتجاهين مختلفين – عن مدى هذا السحر القاهر , الذي يستوي في الإقرار به المؤمنون والكافرون .
فأما قصة إيمان عمر ففيها روايات كثيرة : منها رواية لعطاء ومجاهد نقلها ابن إسحاق عن عبدالله بن أبي نجيح تذكر أن عمر – رضي الله عنه – قال : " كنت للإسلام مباعدا , وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها , وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش ... فخرجت أريد جلسائي أولئك فلم أجد منهم أحدا , فقلت : لو أنني جئت فلانا الخمار , وخرجت فجئته , فلم أجده , قلت : لو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين ! فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة , فإذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قائم يصلي , وكان إذا صلى استقبل الشام , وجعل الكعبة بينه وبين الشام , واتخذ مكانه بين الركنين : الركن الأسود , والركن اليماني . فقلت حين رأيته : والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول ! وقام بنفسي أنني لو دنوت منه أسمع لأروّعنّه , فجئت من قِبَل الحجر , فدخلت تحت ثيابها , ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة . فلما سمعت القرآن رق قلبي فبكيت , ودخلني الإسلام " .
ومنها رواية لابن إسحاق تقول ما ملخصه : إن عمر خرج متوشحا بسيفه يريد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ورهطا من أصحابه قد اجتمعوا في بيت عند الصفا , وهم قريب من أربعين بين رجال ونساء .
وفي الطريق لقيه نعيم بن عبدالله فسأله عن وجهته , فأخبره بغرضه , فحذره بني عبد مناف , ودعاه أن يرجع إلى بعض أهله : ختنه سعيد بن زيد بن عمرو , وأخته فاطمة بنت الخطاب زوج سعيد , فقد صبآ عن دينهما .
فذهب إليهما عمر , وهناك سمع خبابا يتلو عليهما القرآن , فاقتحم الباب , وبطش بختنه سعيد . وشج أخته فاطمة ... ثم أخذ الصحيفة بعد حوار , وفيها سورة طه , فلما قرأ صدرا منها قال : " ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! " . ثم ذهب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فأعلن إسلامه , فكبر النبي تكبيرة عرف أهل البيت من أصحابه أن عمر قد أسلم .(1)
وكل الروايات تجمع على أنه سمع أو قرأ شيئا من القرآن . فكان هذا داعيه إلى الإسلام . ومن التعمل الذي لا داعي له أن نغض النظر عن العوامل النفسية الأخرى في تاريخ عمر , ولكن هذه العوامل لا تنفي أنه كان لسحر القرآن ؛ ذلك الأثر الحاسم في الإسراع به إلى الإسلام .
تلك قصة إيمان عمر بن الخطاب . فأما قصة تولي الوليد بن المغيرة , ففيها روايات كثيرة ملخصها : إن الوليد بن المغيرة سمع شيئا من القرآن الكريم فكأنما رق له فقالت قريش : صبأ والله الوليد , ولتصبون قريش كلهم . فأوفدوا إليه أبا جهل يثبر كبرياءه واعتزازه بنسبه وماله ويطلب إليه أن يقول في القرآن قولا يعلم به قومه أنه له كاره , قال : " فماذا أقول فيه ؟ فوالله ما منكم رجل أعلم مني بالشعر ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن . والله ما يشبه الذي يقوله شيئا من هذا . والله : إن لقوله لحلاوة , وإن عليه لطلاوة , وإنه ليحطم ما تحته , وإنه ليعلو وما يُعلى " . قال أبو جهل : والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه . قال : فدعني أفكر فيه , فلما فكر قال : إن هذا إلا سحر يؤثر . أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله ومواليه ؟ (2)
وفي ذلك يقول القرآن الكريم : " إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ(18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(20) ثُمَّ نَظَرَ(21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ(22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ(23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ(24) "
(1) عن السيرة لابن هشام
(2) عن السيرة لابن هشام , وتفسير ابن كثير من روايات متعددة .

سحر يؤثر , يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه .. تلك قولة رجل يتقاعس عن الإسلام , ويتكبر أن يسلم لمحمد , ويعتز بنسبه وماله وولده . وليست قولة رجل آمن , فهو يعلل إيمانه بهذا السحر الذي لا يغالب! وإنها لأدل على " سحر القرآن " للعرب , من كل كلام يقوله المؤمنون , لأنها لا تقال ولدى قائلها حيلة للسكوت عنها , أو مفر من الاعتراف بها !
ومن هنا تلتقي قصة الكفر بقصة الايمان , في الإقرار بسحر هذا القرآن ؛ وتلتقي على الاقرار به شخصيتان قويتان , بينهما من المدى في الاختلاف ما بين عمر بن الخطاب والوليد بن المغيرة . فتشرح التقوى صدر عمر للإسلام , وتصد الكبرياء الوليد عن الإذعان ؛ ويذهبان في طريقيهما متدابرين , بعد أن يلتقيا في نقطة واحدة ؛ نقطة الإقرار بسحر القرآن .



* * *

ولا يقل عن هاتين القصتين في الدلالة على هذا السحر ما حكاه القرآن عن قول بعض الكفار : (...... لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ). فإن هذا ليدل على الذعر الذي كان يضطرب في نفوسهم , من تأثير هذا القرآن فيهم وفي أتباعهم , وهم يرون هؤلاء الأتباع يُسحرون بين عشية وضحاها من تأثير الآية والآيتين , والسورة والسورتين , يتلوهما محمد أو أحد أتباعه السابقين , فتنقاد إليهم الأفئدة , ويهرع إليهم المتقون .

ولم يقل رؤساء قريش لأتباعهم وأشياعهم هذه المقالة , وهم في نجوة من سحر القرآن . فلولا أنهم أحسوا في أعماقهم هزة روّعتهم , ما أمروا أتباعهم هذا الأمر , وما أشاعوا في قومهم بهذا التحذير , الذي هو أدل من كل قول على عمق التأثير !
وقد قالوا في لجاجة الإنكار كما حكى عنهم القرآن : (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)(الفرقان:5)
وقالوا :(...... قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
وقالوا : (...... أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) فتحداهم مرة ومرة : " قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات " .. " قل فأتوا بسورة مثله " ... ولكنهم لم يأتوا بعشر سور ولا بسورة مفردة ! ولم يحاولوا هذه المحاولة أصلا , إلا ما قيل من محاولة بعض المتنبئين بعد محمد , وليس هذا من الجد في شيئ , ولا يجوز أن يحسب له في هذا المجال حساب . أما الرأي القائل بصرفهم عن المحاولة فليس له وزن يقام !


* * *

ولعل من تمام القول في هذا الفصل , أن نثبت بعض السور التي وردت في القرآن لتأثيره في نفوس بعض الذين أوتوا العلم من قبله , وبعض الذين صغت قلوبهم إليه .
جاء في صدد الحديث عن اليهود والنصارى :
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ . وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) .
فتلك صورة من صور التِأثر الوجداني لسماع القرآن . وإن أعينهم لتفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ؛ وإن للطريقة التي يعرض بها هذا الحق لأثرا لا شك فيه , يفصح عنه ما ورد في موضع آخر :
(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)
وكذلك هذه الصورة عن " الذين يخشون ربهم " :
(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23)
هكذا : " تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم " . " يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " . " ترى أعينهم تفيض من الدمع " ... فهو التأثير الذي يلمس الوجدان , ويحرك المشاعر . ويفيض الدموع . يسمعه الذين تهيأوا للإيمان , فيسارعون إليه خاشعين , ويسمعه الذين يستكبرون عن الإذعان , فيقولون " إن هذا إلا سحر مبين " , أو يقولون : " لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " . فيقرون بالإعجاز الغلاب من حيث لا يشعرون , أو يشعرون !

عزام
03-04-2008, 05:22 PM
الخصائص الفنية للقصة
ثم نعرض بعد ذلك للخصائص الفنية العامة , التي تحقق الغرض الديني للقصة عن طريق الجمال الفني . إذ إن هذا الجمال يجعل ورودها إلى النفس أيسر , ووقعها في الوجدان أعمق . والبحث على هذا النحو يتناول أربع ظواهر فنية لها حساب معلوم في الدراسة الفنية للقصة الحرة في عالم الفنون .


* * *
(أ) أولى هذه الخصائص الفنية تنوع طريقة العرض .
وقد لاحظنا في قصص القرآن أربع طرائق مختلفة للإبتداء في عرض القصة , على النحو التالي :
1- مرة يذكر ملخصا للقصة يسبقها , ثم يعرض التفصيلات بعد ذلك من بدئها إلى نهايتها . وذلك كطريقة قصة " أهل الكهف " فهي تبدأ هكذا : " أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً .إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً . فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً . ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدا ً"
ذلك ملخص للقصة ؛ ثم تتبعه تفصيلات تشاورهم قبل دخولهم الكهف , وحالتهم بعد دخوله , ونومهم , ويقظتهم . وإرسالهم واحدا منهم ليشتري لهم طعاما , وكشفه في المدينة , وعودته , وموتهم , وبناء المعبد عليهم , واختلاف القوم في أمرهم ... إلخ , فكأن هذا التلخيص كان مقدمة مشوقة للتفصيلات .
2- ومرة تذكر عاقبة القصة ومغزاها ؛ ثم تبدأ القصة بعد ذلك من أولها وتسير بتفصيل خطواتها . وذلك كقصة موسى في سورة القصص . وهي تبدأ هكذا :
" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ . نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ . إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ" .
ثم يمضي في تفصيلات قصة موسى : مولده ونشأته ورضاعه وكبره وقتله المصري وخروجه .... كما فصلنا من قبل . فكأن هذه المقدمة , التي تكشف الغاية من القصة كانت تمهيدا مشوقا لمعرفة الطريقة التي تتحقق بها هذه الغاية المرسومة المعلومة . وقريب من هذا النحو قصة يوسف , فهي تبدأ بالرؤيا يقصها يوسف على أبيه فينبئه أبوه بأن سيكون له شأن عظيم . هكذا : " إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ . قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " .
ثم تسير القصة بعد ذلك , وكأنما هي تأويل للرؤيا , ولما توقعه يعقوب من ورائها ؛ حتى إذا تحققت أنهى القصة , ولم يسر فيها كما سارت التوراة بعد هذا الختام الفني الدقيق .
3- ومرة تذكر القصة مباشرة بلا مقدمة ولا تلخيص , ويكون في مفاجآتها الخاصة ما يغني , مثل ذلك قصة مريم عند مولد عيسى , ومفاجآتها معروفة , وسنعرضها بالتفصيل في مناسبة آتية , وكذلك قصة سليمان مع النمل والهدهد وبلقيس . وسنعرضها أيضا .
4- ومرة يحيل القصة تمثيلية . فيذكر فقط من الألفاظ ما ينبه إلى ابتداء العرض ؛ ثم يدع القصة تتحدث عن نفسها بوساطة أبطالها . وذلك كالمشهد الذي عرضناه من قصة إبراهيم وإسماعيل في فصل التصوير : " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ..." هذه إشارة البدء . أما ما يلي ذلك فمتروك لإبراهيم وإسماعيل : " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ..... " . إلى نهاية المشهد الطويل . ولهذا نظائره في كثير من قصص القرآن .


* * *
(ب) وثانية هذه الخصائص تنوع طريقة المفاجأة .
1- فمرة يكتم سر المفاجأة عن البطل وعن النظارة , حتى يُكشف لهم معا في آن واحد . مثال ذلك قصة موسى مع العبد الصالح العالم في سورة الكهف فهي تجري هكذا : " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً . فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً . فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً . قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً . قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً . فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً . قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً . قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً . قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِراً وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْراً . قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً . فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً . قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً . فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً . قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً . قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً . فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً . قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً " .
فإلى هنا نحن أمام مفاجآت متوالية , لا نعلم لها سرا , وموقفنا منها كموقف بطلها موسى . بل نحن لا نعرف من هو هذا الذي يتصرف تلك التصرفات العجيبة ولا ينبئنا القرآن باسمه , تكملة للجو الغامض الذي يحيط ينا . وما قيمة اسمه ؟ إنما يراد به أن يمثل الحكمة الكونية العليا , التي لا ترتب النتائج القريبة على المقدمات المنظورة , بل تهدف إلى أغراض بعيدة لا تراها العين المحدودة ؛ فعدم ذكر اسمه يتفق مع هذه الشخصية المعنوية التي يمثلها . وان القوى المجهولة لتتحكم في القصة منذ نشأتها ؛ فها هو ذا موسى يريد أن يلقي هذا الرجل الموعود , فيمضي في طريقه ولكن فتاه ينسى غداءهما عند الصخرة , وكأنما نسيه ليعودا , فيجد هذا الرجل هناك ؛ وكان لقاؤه يفوتهما لو سارا في وجهتهما , ولو لم تردهما الأقدار إلى الصخرة كرة أخرى ... كل الجو غامض مجهول , وكذلك اسم الرجل الغامض مجهول . ثم يأخذ السر في التجلي , فيعلمه النظارة حين يعلمه موسى : " أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً . وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً . فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً . وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً" .
وفي دهشة السر المكشوف يختفي الرجل كما بدا . لقد يخطر للأذهان الدهشة بعد أن تصحو أن تسأل : من هذا ؟ ولكنها لن تتلقى جوابا . لقد مضى في المجهول , كما خرج من المجهول , فالقصة تمثل الحكمة الكبرى , وهذه الحكمة لا تكشف عن نفسها إلا بمقدار , ثم تبقى مجهولة أبدا .
ذلك أفق من آفاق التناسق كذلك , كان موضعه في فصل التناسق هنالك . فليرده القارئ بنفسه إلى تلك الآفاق !
2- ومرة يُكشف السر للنظارة , ويترك أبطال القصة عنه في عماية ؛ وهؤلاء يتصرفون وهم جاهلون بالسر , وأولئك يشاهدون تصرفاتهم عالمين . وأغلب ما يكون ذلك في معرض السخرية , ليشترك النظارة فيها , منذ أول لحظة , حيث تتاح لهم السخرية من تصرفات الممثلين !
وقد شاهدنا مثلا من ذلك في قصة أصحاب الجنة : " .... إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ . وَلَا يَسْتَثْنُونَ . فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ . فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ " .
وبينما نحن نعلم هذا , كان أصحاب الجنة يجهلونه : " فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ . أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ . فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ .أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ . وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ " .
وقد ظللنا نحن النظارة نسخر منهم , وهم يتنادون ويتخافتون , والجنة خاوية كالصريم ؛ حتى انكشف لهم السر أخيرا بعد أن شبعنا تهكما وسخرا : " فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ . بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" ! وذلك جزاء من يحرم المساكين ! . فهذا لون من ألوان التناسق كذلك , يضاف إلى نظائره هنالك .
3- ومرة يكشف بعض السر للنظارة , وهو خاف على البطل في موضع , وخاف على النظارة وعن البطل في موضع آخر , في القصة الواحدة . مثال ذلك قصة عرش بلقيس الذي جيء به في غمضة , وعرفنا نحن أنه بين يدي سليمان , في حين أن بلقيس ظلت تجهل ما نعلم : " فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ..." . فهذه مفاجأة عرفنا نحن سرها سلفا . ولكن مفاجأة الصرح الممرد من قوارير , ظلت خافية علينا وعليها حتى فوجئنا بسرها معها حينما " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ..." . ! وسنذكر القصة بالتفصيل بعد قليل .
4- ومرة لا يكون هناك سر , بل تواجه المفاجأة البطل والنظارة في آن واحد , ويعلمان سرها في الوقت ذاته : وذلك كمفاجآت قصة مريم , حين تتخذ من دون أهلها حجابا , فتفاجأ هناك بالروح الأمين في هيئة رجل , فتقول :
" قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً " . نعم إننا عرفنا قرفنا قبلها بلحظة أنه " الروح " ولكن الموقف لم يطل فقد أخبرها : " قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً" . ! وقد فوجئنا كذلك معها إذ أجاءها المخاض إلى جذع النخلة " .... قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً . فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً " . .... إلخ


* * *
(ج) وثالثة الخصائص الفنية في عرض القصة : تلك الفجوات بين المشهد والمشهد , التي يتركها تقسيم المشاهد و " قص " المناظر , مما يؤديه في المسرح الحديث إنزال الستار , وفي السينما الحديثة إنتقال الحلقة ؛ بحيث تترك بين كل مشهدين أو حلقتين فجوة يملؤها الخيال , ويستمتع بإقامة القنطرة بين المشهد السابق والمشهد اللاحق .
وهذه طريقة متبعة في جميع القصص القرآني على وجه التقريب ؛ ويمكن أن تلحظ فيما عرضناه من القصص قبلا . أما في هذه المناسبة فنضرب عليها مثلا من قصة يوسف : فالقصة قد قسمت ثمانية وعشرين مشهدا , فلنعرض بعض مشاهدها :
لقد قدم إخوة يوسف وهو على خزائن الأرض . في سنوات الجدب , يطلبون القمح , فطلب إليهم أن يحضروا أخاهم الآخر – شقيقه – فأحضروه – على كره من أبيه – ثم وضع صواع الملك في رحله وأخذ به رهينة , باسم أنه سارق , ليبقيه يوسف عنده ! ثم ها هم أولاء إخوته ينتحون جانبا ليتشاوروا في أمرهم , وقد أبى عليهم يوسف أن يأخذ أحدهم مكانه : " فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ .ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ .وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ " . وهنا يسدل الستار لنلتقي بهم في مشهد آخر لا في مصر ولا في الطريق , ولكن أمام أبيهم , وقد قالوا له ما وصاهم به أخوهم دون أن نسمعهم يقولونه . إنما يرفع الستار مرة أخرى لنجد أباهم يخاطبهم : " قَالَ
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " . ويسدل الستار . وهنا نرى مشهدا آخر بين يعقوب وبنيه , نراه قد ابيضت عيناه من الحزن , وهو دائم الحسرة وعلى يوسف , وأبناؤه يستنكرون عليه هذا كله : " وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ . قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً(1) أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ . قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ . يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ " .
وهنا يسدل الستار , ويطوون الطريق لا نعلم عنهم فيه شيئا , إنما يرفع الستار فنجدهم في مصر أمام يوسف : " فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ " . ... وهكذا . وتسير قصص أهل الكهف ومريم وسليمان على النسق نفسه , وسنعرضها بالتفصيل في الفقرة التالية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) ذائبا من الهم والحزن .

منال
03-06-2008, 11:28 AM
السلام عليكم

بارك الله بحضرتك قرأت المشاركة الاولى ولى عودة للثانية باذن الله

لكن حول معنى كلمة سحر هنا من باب لغوى أو من أى باب هى؟

عزام
03-06-2008, 11:40 AM
السلام عليكم
بارك الله بحضرتك قرأت المشاركة الاولى ولى عودة للثانية باذن الله
لكن حول معنى كلمة سحر هنا من باب لغوى أو من أى باب هى؟
هو كان لنا حوار قبل هذا حول الموضوع.. القرآن الكريم من جهة هو كلام الله ومن جهة اخرى هو نص ادبي استعمل الكلمات التي كان يعرفها العرب.. ولولا ذلك لما كان للتحدي معنى اليس كذلك؟ فكيف يتحدى رب العالمين الناس ان يأتوا بمثله ان لم يكن قد صيغ بلغتهم وعلى مقتضى قواعدهم؟ لذلك سيد قطب يستعمل لوصف النص تعابير شبيهة بما نستعمله في وصف النصوص الادبية من سحر وبلاغة وجمال..

هنا الحقيقه
03-06-2008, 11:56 AM
مع هذا اخي عزام اظن كلمة سحر لا تصح او على الاقل فيها شبهة

عزام
03-06-2008, 11:59 AM
مع هذا اخي عزام اظن كلمة سحر لا تصح او على الاقل فيها شبهة
نعم اخي الكريم
انا راجعت النت هناك انتقادات على نعابير سيد قطب وسيمر منها الكثير على فكرة
لكن هل نرمي هذا الكتاب القيم ام نكمل ونتحفظ على التعابير؟
ما رأي الادارة؟
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 12:06 PM
اظن والله اعلم
كتب هنا في هذا المنتدى اقل من هذه الكلمة وحذف الموضوع او حررت الكلمة

اخي عزام ان كان في الموضوع يعارض القرءان سواء بقصد او غير قصد فكيف يبقى وانت خير من يعلم بهذا

عزام
03-06-2008, 12:15 PM
الامر متروك للادارة
فالموضوع خلافي.. انا لو رأيته يخالف القرآن ما وضعته.. اوضحت نظرتي للامور فيما سبق..
من اعترض عليه من العلماء اعترض على ظلال القرآن ايضا.. وعلى كل كتابات سيد قطب.
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 12:19 PM
سوف نترك للادارة قرارها

لكن اخبرني

موضوع كلمة سخرية وقلنا ربما لا مصطلح نستعيض بها

لكن كلمة سحر هل هي حقيقة وصلت معنى للقارئ
ام هناك كلمة افصح وانجع واكثر صحه واليق من كلمة سحر
طبعا لا اقصد شيء من سؤالي ولكن هي دردشه بيننا نستفيد منها كما هي باقي الدردشات الاخرى

عزام
03-06-2008, 12:29 PM
سوف نترك للادارة قرارها
لكن اخبرني
موضوع كلمة سخرية وقلنا ربما لا مصطلح نستعيض بها
لكن كلمة سحر هل هي حقيقة وصلت معنى للقارئ
ام هناك كلمة افصح وانجع واكثر صحه واليق من كلمة سحر
طبعا لا اقصد شيء من سؤالي ولكن هي دردشه بيننا نستفيد منها كما هي باقي الدردشات الاخرى
نعم لم لا؟ ندردش...
ما الفرق بين سحر وبلاغة وجمال وروعة واعجاز القرآن ؟
لم افهم وجه الاعتراض على كلمة سحر...
لم تظنون ان قلنا سحر القرآن اننا نصف الله بصفة اسمها سحر والعياذ بالله؟ اسماء الله وصفاته توقيفية ولا نضيف شيئا عليها.. نحن نقول بلاغة القرآن ولا نقول الله بليغ او معجز تعالى الله ان نصفه بما لم يصف نفسه به.. نحن نتحدث عن اسلوب القرآن و الفاظه...
انا اسأل ولا اعترض.. لاني ان منعت استعمال كلمة سحر فعلي ان امنع استعمال كل كلمة تصف القرآن باوصاف البلاغة الادبية...
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 12:47 PM
اخي الحبيب نحن لا نتكلم حول الصفات ابدا رغم انه في موضوع الصفات كلام قوي يرد على كلمة السحرفانت تعلم ان السحر مشتق من الساحر
فمن سحر الناس فهو ساحر ولك ان تتابع معي تقريب التدمرية ففيها امور ربما تفيدنا انا وانت في المستقبل بل انا متاكد والله اعلم
واظنك قد قرأتها من قبل ان اكتبها على العموم

انك اجبت على نفسك
ففسرت السحر على انه البلاغة
فلو بدلنا هذه بتلك لكان اليق
خصوصا ان السحر مذموم بالقرءان
وخصوصا ان السحر والسحره في النار
وان الله نزه القرءان عن السحر بايات محكمات

فلا يصح ان نقول سحر القرءان
او ان في القرءان سحر
او في القرءان شعر
وانا كما علمتك انك تتخوف في الخوض بالصفات ورعا وخشية
فهل عندما نقول سحر القرءان
وعمر سحره القرءان

لا يعتبر خوض او وضع في القرءان ما ليس فيه
وقد
نفاه الله تعالى
ولم يذكره رسول الله
ولم يقل به السلف الصالح والمفسرون من قبل

عزام
03-06-2008, 01:09 PM
السلام عليكم
نعم انا اتحرج طبعا من اثبات اي اعتقاد خاطىء.. لكن هنا انا اسأل اناقش واحاول الوصول الى الحق الذي اشكل علي.. الا تعتبر ان هذا النقاش مفيد؟ الكتاب موجود في السوق وهو مقتنى بكثرة.. فان خرجنا بان استعمال هذا اللفظ وغيره محرم وجب التنبيه.. لذا احببت ان يشارك معنا الاخوة.. انا اعتبر ان لي ثوابا ان شاء الله في هذا الطرح لاني اساعد الاخوة على التمييز بين ما يجب ان يقال وما بين ما لا يصح ان يقال...
لذلك ارجو لا نتسرع في اقفال الموضوع قبل ان نرى رأي الاخوة.. وعلينا ايضا ان نحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في هذا الخصوص.. مثلا بلاغة وروعة وجمال واعجاز مسموحة؟
نعود الى كلمة سحر فهي تطلق على معنيين: سحر بمعنى السحر المذموم وسحر بمعنى جمال يأخذ الالباب.. ومن الواضح ان سيد قطب يقصد المعنى الثاني..
هل ممكن اضع مقطعا آخرا يوضح ما يقصده سيد بكلمة سحر؟
سؤال آخر: لنفترض اننا توصلنا الى ان كلمة سحر ممنوعة؟ هل علينا ان نحذف هذه المشاركة ؟ وكيف يستفيد الناس اذن من هذه المناقشة؟
عزام

منال
03-06-2008, 01:43 PM
وعليكم السلام ورحمةالله


نعود الى كلمة سحر فهي تطلق على معنيين: سحر بمعنى السحر المذموم وسحر بمعنى جمال يأخذ الالباب.. ومن الواضح ان سيد قطب يقصد المعنى الثاني..

هل هذه اطلاقات لغوية ام ماذا؟

لو عدنا للقرآن لوجدنا ان السحر مذمة واتُهم به الانبياء -- يعنى هو شىء غير سوىّ
كما أن الاسلام وضع حدا على الساحر فكيف نقتبس الكلمة نفسها لنصف بها كلام الله؟ اظن الامر غير لائق أبدا

وكنت قد قرأت سابقا أن العلماء وصفوه بأنه شرك وفسق فكيف نقتبس الكلمة نفسها ونطلقها على القرآن؟

حتى لو وجدنا لها أصلا لغويا لا أظن أبدا انها تصل لاذهان العامة كما ينبغى اذ معروف ان السحر سحر وهو شىء مذموم بين الجميع

مصطلح بلاغة يختلف تماما عن السحر ولا مقارنة بينهما
فى وصف القدامى يقولون فلان بليغ وليس فلان ساحر
ولما قيل عن النبى-صلى الله عليه وسلم- ساحر هل كان ذلك مدحا؟

عزام
03-06-2008, 02:09 PM
وعليكم السلام ورحمةالله
هل هذه اطلاقات لغوية ام ماذا؟
لو عدنا للقرآن لوجدنا ان السحر مذمة واتُهم به الانبياء -- يعنى هو شىء غير سوىّ
كما أن الاسلام وضع حدا على الساحر فكيف نقتبس الكلمة نفسها لنصف بها كلام الله؟ اظن الامر غير لائق أبدا
وكنت قد قرأت سابقا أن العلماء وصفوه بأنه شرك وفسق فكيف نقتبس الكلمة نفسها ونطلقها على القرآن؟
حتى لو وجدنا لها أصلا لغويا لا أظن أبدا انها تصل لاذهان العامة كما ينبغى اذ معروف ان السحر سحر وهو شىء مذموم بين الجميع
مصطلح بلاغة يختلف تماما عن السحر ولا مقارنة بينهما
فى وصف القدامى يقولون فلان بليغ وليس فلان ساحر
ولما قيل عن النبى-صلى الله عليه وسلم- ساحر هل كان ذلك مدحا؟

اختي منال
ولهذا طرحت الموضوع انا.. للنقاش.. ولكي نتعلم ماذا يحق لنا ان نقول وما لا يحق لا ان نقول
.. ما الذي يجوز اطلاقه وما لا يجوز اطلاقه على القرآن..
هذا الكتاب موجود في السوق وهو لواحد من اشهر رجالات الاسلام المعاصرين فمن المهم ان نناقش موضوعه هنا ولا نخاف منه..
اولا اريد ان اصل الى نقطة.. هل ورود هكذا كلمة تدفعنا الى حذف الموضوع ام تثبيته للفائدة؟؟ ان كان سيحذف فلم اتعب نفسي في توضيح الامور؟
ما رايك انت؟
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 02:15 PM
اخي الحبيب

نحن لا نبحث عن المقصد اذا ما تغلف بقبيح
يعني
ليس الغاية تبرر الوسيلة
خصوصا ان هناك نصوص صريحه ذمت السحر
فهل يجوز ان نقول

هذا القران مسكر لما يجعلنا نهيم على وجهونا

ويفقدنا صوابنا

وهل يجوز ان نقول ان هذا القرءان يذهب العقل لما فيه من روعة وجمال

وان القرءان اسكر عمر او اذهب عقل علي واخمر ابا بكر

ف لله الاسماء احسنى والصفات العليا
والقرءان الكريم كلام الله ومن احسن من الله قيلا
فلا يجوز ان نصف كلام الله الا بما يليق به والا كان اعتداءا على كلام الله

اما المقطع فلك ان تضعه وانا لا اشكك بمقصد سيد قطب لكن هذا لا يمنع انه اخطأ انت تعلم ان للعلماء اخطء لا تتوقع ان تصدر منهم لكن الكمال لله


سؤال آخر: لنفترض اننا توصلنا الى ان كلمة سحر ممنوعة؟ هل علينا ان نحذف هذه المشاركة ؟ وكيف يستفيد الناس اذن من هذه المناقشة؟

اكيد الراي للادارة ولكن اظن والله اعلم

الموضوع لا يتناول كلمة السحر وشبهتها الا بعدما اثير الموضوع اعتقد من الاخت منال
واظن والله اعلم لو يحذف الموضوع ويكون عنوان الموضوع مناقشة كلمة سحر في كتاب سيد قطب

منال
03-06-2008, 02:17 PM
سأطلب من العم مقاوم يحذف ويعدل بالموضوع بعدما تتفقون

انا ضد استخدام الكلمة فى وصف القرآن حتى لو استخدمها عالم

وبارك الله فيكم

هنا الحقيقه
03-06-2008, 02:18 PM
الذي سمعته ان سويدان عنده برنامج اسمه سحر القرءان

منال
03-06-2008, 02:19 PM
نعم رأيت العنوان فى صوت الكمبيوتر الاخ بلال وضعه

بس انا لا اعرف لا البرنامج ولا يحزنون

عزام
03-06-2008, 02:30 PM
هذا المقطع يوضح ان سيد قطب يقصد بهذه الكلمة الجمال الفني. وليس السحر المذموم.. انا ارى والله اعلم انكم تبالغون.. فلو كان احد من العلماء القدامى استعمل هذه الكلمة لما اعترض احد.. على كل ممكن للاخ مقاوم ان يعدل ويحذف ما يريد.. ولكن ارجو ان يبقى نص الحوار هنا للافادة.. رجل يتكلم عن بلاغة القرآن وروعته وجماله وانتم تكادون تصلون بتفسيرها الى حدود وصفها بالكلام الكفري لأنكم تنظرون الى الكلمة من مفهومكم لها لا من خلال السياق الذي وردت فيه..

انا عن نفسي خرجت بخلاصة بأني ممكن استعمل كلمة اخرى في ادبياتي ولكن لا استطيع ان اقول اني ارى الامور بهذه الفظاعة التي ترونها فيها..

عزام



كيف فُهِمَ القرآن

لا نستطيع أن نجد في حديث العرب المعاصرين لنزول القرآن صورة معينة لهذا الجمال الفني الذي سموه تارة سحرا . وإن استطعنا أن نلمح فيه صورة لما مسهم منه من تأثير .
لقد تلقوه مسحورين . يستوي في ذلك المؤمنون والكافرون : هؤلاء يُسحرون فيؤمنون , وهؤلاء يُسحرون فيهربون . ثم يتحدث هؤلاء وهؤلاء عما مسهم منه , فإذا هو حديث غامض , لا يعطيك أكثر من صورة المسحور المبهور , الذي لايعلم موضع السحر فيما يسمع من هذا النظم العجيب , وإن كان ليحس منه في أعماقه هذا التأثير الغريب .
فهذا عمر بن الخطاب يقول في رواية : " فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام " ويقال عنه في رواية إنه قال : " ما أحسن هذا الكلام وأكرمه ! "
وهذا الوليد بن المغيرة يقول وهو كافر بمحمد وبالقرآن ؛ لا يتهم بحبه أو موالاته : "والله إن له لحلاوة , وإن عليه لطلاوة , وإنه ليحطم ما تحته , وإنه يعلو وما يُعلى " . ثم يقول : " ما هو إلا سحر يؤثر . اما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه ؟ " .
وهذا القرآن يصف أثره في نفوس المؤمنين به , ونفوس الذين أوتوا العلم من قبله , بأنه : " ........ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ..... " .. و " ..... إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً{107} وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً{108} وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً{109}
وهؤلاء كفار قريش يقولون في لجاجة الإنكار : " أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا " ؛ ثم يعمد واحد منهم هو " النضر بن الحارث " إلى أساطير من قصص الأولين : قصص " اسفنديار ورستم " الفارسية الأصل , فيتلوها على الناس في المسجد حينما يتلو محمد هذا القرآن , ليصرفهم عن محمد وعن القرآن , وإنهم لا ينصرفون . ثم ها هم أولاء كفار قريش لا يجدون في هذا كله جدوى , فيقولون : " لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون " !
هذا كله يقال , وهذا كله يقع , فلا تجد فيه صورة واضحة عن الجمال الفني في القرآن . فالقوم في شغل عن بيان هذه الصورة بما يتملونه منها في نفوسهم , وما يحسونه منها في شعورهم . وهم حيارى مضطربون , أو ملبون مهطعون .
وتلك مرحلة التذوق الفطري للفنون .
* * *
فإذا تجاوزنا عصر نزول القرآن , رأينا بعض الصحابة يتعاطون تفسير القليل منه اعتمادا على القليل المنقول عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وبعضهم يحاول في حذر وخشية أن يؤول بعض الآيات , وبعضهم يمتنع من هذا خيفة أن يكون فيه مأثم ديني , " كالذي روي عن سعيد ين المسيب أنه كان إذا سئل عن شيء من القرآن قال : أنا لا أقول في القرآن شيئا , وقال ابن سيرين : سألت عبيدة عن شيء من القرآن فقال : اتق الله , وعليك بالسداد , فقد ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن " وعن هشام بن عروة بن الزبير قال : " ما سمعت أبي تأوّل آية من كتاب الله " (1) .
وهذا كله إن دل على شيء , فإنما يدل , إلى جانب التحرج الديني على مسّ وهذا كله إن دل على شيء , فإنما يدل , إلى جانب التحرج الديني على مسّ السحر , وروعة البهر , وأمارات المفاجأة بهذا النسق المعجز , إلى حد الدهش والاستسلام .
فلما كان عصر التابعين نما التفسير نموا مطردا , ولكنهم كانوا " يقتصرون في تفسير الآية على توضيح المعنى اللغوي الذي فهموه من الآية بأخصر لفظ , مثل قولهم : " غير متجانف لإثم " أي غير متعرض لمعصية , ومثل قولهم في قوله تعالى : " وأن تستقسموا بالأزلام " كان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم خروجا أخذ قدحا فقال : هذا يأمر بالخروج , فإن خرج فهو مصيب في سفره خيرا , ويأخذ قدحا آخر فيقول : هذا يأمر بالمكوث , فليس يصيب في سفره خيرا , والمنيح بينهما . فنهى الله عن ذلك . فإن زادوا شيئا فما روي من سبب نزول الآية . ثم زاد من بعدهم التوسع في أخبار اليهود والنصارى " (2) .
ثم أخذ التفسير ينمو ويتضخم ابتداءً من أواخر القرن الثاني , ولكن بدلا من أن يبحث عن الجمال الفني في القرآن أخذ يغرق في مباحث فقهية وجدلية , ونحوية وصرفية , وخلقية وفلسفية , وتاريخية وأسطورية . وبذلك ضاعت الفرصة التي كانت مهيأة للمفسرين لرسم صورة واضحة للجمال الفني في القرآن .

هنا الحقيقه
03-06-2008, 02:37 PM
اخي عزام قلت لك لا سك بالنية ولكن كما اخبرتك ايجوز
ان نقول هذا القرءان مسكر
او ان في كلامه خمرا يسكر العقول ؟

صدقني لو كتبها هذه الكلمة احد العلماء القدامى
لقاموا عليه وربما اسقطو عدالته وما اخذوا منه عدلا

وحدث هذا الامر من قبل وليس اليوم

منال
03-06-2008, 02:39 PM
وانتم تكادون تصلون بتفسيرها الى حدود وصفها بالكلام الكفري لأنكم تنظرون الى الكلمة من مفهومكم لها لا من خلال السياق الذي وردت فيه..
.
اعترض على هذه الجملة وبشدة

واترك الوضوع للعم مقاوم يفصل فيه

عزام
03-06-2008, 02:47 PM
اخي عزام قلت لك لا سك بالنية ولكن كما اخبرتك ايجوز
ان نقول هذا القرءان مسكر
او ان في كلامه خمرا يسكر العقول ؟
صدقني لو كتبها هذه الكلمة احد العلماء القدامى
لقاموا عليه وربما اسقطو عدالته وما اخذوا منه عدلا
وحدث هذا الامر من قبل وليس اليوم
لا هذه واضحة.. الخمر والاسكار كلمة معروفة ولا معنى حقيقي آخر لها
الا على سبيل الاستعارة...
اما كلمة سحر فتستعمل بمعنى البهاء والروعة.. ولو؟
بل اغلب استعمالنا لها هو على هذا النحو..
الا نقول طبيعة خلابة.. طبيعة ساحرة.... فمن يفهمها على انها طبيعة مشعوذة؟؟؟
عزام

عزام
03-06-2008, 02:51 PM
اعترض على هذه الجملة وبشدة
واترك الوضوع للعم مقاوم يفصل فيه
روقي اخت منال...
انا لا استطيع الحوار في جو كهذا...
على كل كلمة نقولها نستدعي الاخ مقاوم؟؟؟؟
ان كنت مخطئا فصححي لي انت.. وقولي انا لم اقل هذا الكلام... فلم تتهمني بهذا؟
ولو؟؟؟
هل هذا الموضوع مزعج لكم الى هذا الحد؟؟
هذا يؤكد ظنوني انكم تظنون ان هذه العبارات شبه كفرية.. والا لم الانفعال.. ولم نية الحذف؟
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 02:51 PM
والا نقول هذا
هذه الطبيعة اخذت العقل ؟
اسكرني صوتها :)

عزام
03-06-2008, 02:57 PM
والا نقول هذا
هذه الطبيعة اخذت العقل ؟
اسكرني صوتها :)
نعم ولكن هذه تكون استعارة.. صورة ادبية.. فالطبيعة لا صوت لها تسكر به
يعني نحن نقول فتاة ساحرة في لغتنا العادية ولا نقول فتاة مسكرة الا كنوع من الشعر والادب
كلمة سحر اصبح لها معنى الروعة في العرف وعند الاستعمال..
عندك كلمة دابة اصلها للانسان اولحيوان ولكن العرف اليوم يطقها على البهيمة فقط.
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 03:05 PM
اخي الحبيب
انا قصدت الفتاة ولكني تحرجت من التصريح فاكتفيت بالتلميح
فكم شاعر واديب
قال ما قال

اما اذا ما اصبحت كلمة سحر اليوم معناها الذي تفضلت به فهذا لا يعفيها من اصلها
وخصوصا اننا نتكلم عن امر هو حجة لنا في جميع العصور
فيخشى ان تؤخذ الكلمة ويقال انظروا الى احد علماء المسلمين وهو يصرح بان القرءان فيه سحر
كما حدث مع كلمات اخرى

وايضا الا تتفق معي ان هناك كلمات نابية متعارف عليها تفيد المدح والثناء في المجتمع
فهل يجوز ان نثني على صحابي ما بتلك الكلمات النابية بحجة انها من العرف المتعارف عليه

عزام
03-06-2008, 03:18 PM
اخي الحبيب هنا الحقيقة
وصلت الفكرة للاخوة القراء ان شاء الله
ونحن ضيقنا الخلاف الى ان هذه الكلمة قد يكون فيها شبهة وهذا امر اتفق بك معه..
ولكن بالمقابل هذا الكتاب نفيس جدا.. وبعض المواضيع فيه لم يسبقه احد فيها تماما كما كان له قصب السبق في الظلال..
قد تقول لي لكن سيد قطب يستعمل فيه تعابير جديدة عن كلام العلماء فاقول لك نعم ذلك لانه يظن انه اكتشف فنا جديدا لم يسبقه اليه احد من قبل. وهو يصرح بهذا في عدة اماكن..
وقد قرأت مرة قولا اعجبني .. ان وجد بناء جميل ونوافذه متسخة؟ هل نهد البناء ام ننظف الزجاج؟ فالكتاب جدير بالقراءة ولو اعترضنا على بعض الفاظه.. ما المانع ان نتحفظ عليها؟
على فكرة قرأت مرة لاحد العلماء نسيت اسمه يقول ان القرآن يتجدد شبابه في كل عصر.. (مع تحفظنا الشديد على هذا التعبير اي شباب القرآن ) بمعنى اننا نكتشف دائما فيه معان متجددة...
ان الحوار معك ممتع حقا لانك لا تنفعل..
انا من جهتي استفدت فارجو ان يكون كل الباقين استفادوا كذلك..
انا اظن ان الحوار يجب ان يبقى ولا يلغى.. وان شئتم غيروا العنوان...
كان بودي ان اتابع ايضا في هذا الكتاب ولكن لا استطيع ذلك ان كان هذا يزعج البعض او يستفزه بحيث ينسى الموضوع الاصلي..
عزام

هنا الحقيقه
03-06-2008, 03:22 PM
بارك الله بك وانا ما خالفتك الا بخصوص هذه الكلمه واظن ان منال ايضا تمحور كلامها حولها

الان لنذهب الى الجهاد

عزام
03-06-2008, 03:38 PM
نذهب الى هناك ان شاء الله
عزام

عبد الله بوراي
03-06-2008, 03:54 PM
ونحن معك إن شاء الله


أخي عزام

عبد الله

عزام
03-06-2008, 04:05 PM
اهلا بك اخي عبدالله صاحب القلم المبدع
على فكرة انتبهت للتو لهذه الجملة في وصف
المكتبة النثرية (http://www.saowt.com/forum/forumdisplay.php?f=22)
وإن من البيان لسحراً.
:) :)
عزام

أم ورقة
03-06-2008, 04:56 PM
على فكرة انتبهت للتو لهذه الجملة في وصف
المكتبة النثرية (http://www.saowt.com/forum/forumdisplay.php?f=22)
وإن من البيان لسحراً.
:) :)
عزام

لم اتابع الموضوع بتفاصيله بعد
و لكن استوقفني هذا التعليق

انا على علمي هذه العبارة واردة في حديث شريف أليس كذلك

مقاوم
03-06-2008, 05:27 PM
لم اتابع الموضوع بتفاصيله بعد
و لكن استوقفني هذا التعليق

انا على علمي هذه العبارة واردة في حديث شريف أليس كذلك
نعم أختي أم ورقة
هذا حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم إن من الشعر حكمة ومعروف ما ورد في القرآن عن الشعر والشعراء فكيف نوفق بين الإثنين. وهل نظن أننا أفهم من سلفنا الصالح لآيات القرآن وحديث النبي.

إن الشعر كسائر الكلام ، حسنه حسن وقبيحه قبيح وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت: "أهجهم وروح القدس معك"

وأنا أسأل: هل هناك بيان أبلغ وأعمق وأقوى من بيان القرآن؟؟ وإذا كان النبي يقول: إن من البيان لسحرا في موضع مدح وليس في موضع ذم أفلا ينبغي أن نتوقف قليلا عند هذا المعنى.

أنا أقدر وأتفهم موقف من ينفر من إقران كلمة السحر ومشتقاتها بالقرآن وأظنني منهم، لكني في المقابل أرى لمن قال بذلك في بلاغة القرآن شاهدا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.

لا داعي لحذف الموضوع أو تحرير المشاركات فالأمر فيه سعة وقد تم تبيان وجهات النظر المختلفة فلندع سيد يأخذنا في رحلة ممتعة بين الصور الخلابة الواردة في قرآننا الحكيم.

ولا يفوتني أن أشكر منال على حلمها وصبرها فهي مشرفة على هذا القسم وكان بإمكانها أن تتصرف بحسب ما تراه صوابا لكنها أحالت الأمر إلي كرما وتفضلا وحسن ظن منها.

هذا والله أعلى وأعلم

من هناك
03-06-2008, 05:27 PM
نقلاً عن موقع الألوكة

إن من الشعر لحكمة
عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث


إن من البيان لسحرا أو إن بعض البيان لسحر
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ الألباني : صحيح سند الحديث :

مقاوم
03-06-2008, 05:29 PM
بلال
طلاع من نافوخي :)

منال
03-06-2008, 06:26 PM
بارك الله فيكم

لا أحب سياسة الحذف هذه ولا أدرى لماذا اعتقد الاستاذ عزام انى سافعلها؟ كما لا أدرى لماذا يظن ان الموضوع مزعج او مستفز؟ كما أغاظتنى كلمة "كفرية" و "شبه كفرية" وكأنى من جماعة التكفير
كما ازعجنى الخطاب ب "أنتم" "وأزعجكم" وووو وكأننا جماعة وهم اخرى

ببساطة لو لم يعجبنى الموضوع لما رددت فانا لا اداهن احدا ولا اكتب رغما عنى

باذن الله ساتابع الموضوع بس يكفينى القراءة ولن استفسر عن شىء بعد

وبارك الله فيكم

أبو مُحمد
03-06-2008, 06:30 PM
الحق أن نفسي كرهت استخدام لفظ "السحر" لوصف بلاغة القران وبيانه وغاب عني هذا الحديث بالمطلق ولكن الان والحمد لله ذهب كثير مما كنت أجد.

بارك الله فكيم جميعا.

من هناك
03-06-2008, 06:44 PM
السلام عليكم،
اختي منال. بارك الله بك وانت من اهل القرآن إن شاء الله وجعل الله كل هذه الغيرة على القرآن في ميزانك.

بالنسبة للموضوع وهذا الكلام هو إضافة مني وليس رداً على منال
احياناً نحاول ان تقولب الكلمات في صيغة معينة نعرفها واللغة العربية حمالة اوجه كثيرة. انا انتقدت عزاماً في مرة سابقة بسبب عبارة السخرية ليس لأن القرآن لا يوجد فيه سياق يفهم منه إستهزاءً بالكافرين ولكن للإيضاح فقط كي لا تؤخذ العبارة من باب الصفات.

بالنسبة للسحر فهذه العبارة تحمل الكثير من الأوجه ومنها ما ذكرتم من صفات قبيحة كان كفار قريش يتحدون بها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها ما هو إيجابي. مثلاً، الشيخ الدويش ذكر عبارة السحر الحلال عن المرأة التي تعرف كيف تتبعل لزوجها وذكر السويدان عبارة سحر القرآن وذكر سيد قطب عبارات اخرى عن البلاغة القرآنية وهناك ايضاً في القرآن مواضع ذكرت فيها عبارة السحر بشكل سلبي.

لكن السياق يبين كيفية إستخدامها بشكل اوضح. فلو قال احدهم ان آية الكرسي عجيبة (وهي عبارة يستخدمها بعض الشيوخ كثيراً) فهذه العجيبة ليست مثل قول احدهم ان هذه الكرة البلورية عجيبة.

عابر سبيل
03-06-2008, 06:56 PM
الكلمة بحد ذاتها لا تصح في إطلاقها على القرءان
اما قائلها ولمعرفتنا أنه اديبا اكثر من كونه مفسرا بدليل قوله في ظلال القرءان لا ,, تفسير القرءان ..
فهذه من الشطحات التي استخدمها في التعبير وإن كنت أفهمها على ما أرادها رحمه الله إلا أني لا أحبذ قولها لما تحمله من تلبيس على الناس
أما مسألة الحديث إن من البيان لسحرا فقد جاء بصفة مذمة من ناحية وصفة تعقل وحكمة من ناحية أخرى


ــ إن من البيان لسحرا . *

تخريج السيوطي
(مالك حم خ د ت) ابن عمر.

تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 2216 في صحيح الجامع.*

الشـــــرح :
‏ ( إن من البيان لسحراً ) أي إن منه لنوعاً يحل من العقول والقلوب في التمويه محل السحر فإن الساحر بسحره يزين الباطل في عين المسحور حتى يراه حقاً فكذا المتكلم بمهارته في البيان وتفننه في البلاغة وترصيف النظم يسلب عقل السامع ويشغله عن التفكر فيه والتدبر له حتى يخيل إليه الباطل حقاً والحق باطلاً وهذا معنى قول ابن قتيبة : إن منه ما يقرب البعيد ويبعد القريب ويزين الباطل القبيح ويعظم الصغير فكأنه سحر وما ضارعه فهو مكروه كما أن السحر محرم وهذا قاله حين قدم وفد تميم وفيه الزبرقان وعمرو بن الأهيم فخطبا ببلاغة وفصاحة ثم فخر الزبرقان فقال يا رسول اللّه أنا سيد بني تميم والمطاع فيهم والمجاب لديهم أمنعهم من الظلم وآخذ لهم بحقوقهم وهذا يعلم ذلك فقال عمرو : إنه لشديد العارضة مانع لجانبه مطاع في أذنيه فقال الزبرقان : واللّه لقد علم مني أكثر ما قال ما منعه أن يتكلم إلا الحسد فقال عمرو : أنا أحسدك واللّه إنك للئيم الخال حديث المال ضيق العطن أحمق الولد واللّه يا رسول اللّه لقد صدقت فيما قلت أولاً وما كذبت فيما قلت لكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعاً فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إن إلخ قال الميداني : هذا المثال في استحسان النطق وإيراد الحجة البالغة قال التوربشتي : وحقه أن يقال إن بعض البيان كالسحر لكنه جعل الخبر مبتدأ مبالغة في جعل الأصل فرعاً والفرع أصلاً .
*** ( مالك حم خ ) في النكاح والطب ( د ) في الأدب ( ت ) في البر كلهم ( عن ابن عمر ) بن الخطاب رضي اللّه عنه ووهم في المشارق حيث عزاه إلى علي كرم اللّه وجهه فإن البخاري لم يخرجه عنه . *

هنا الحقيقه
03-06-2008, 07:53 PM
بارك الله بك عابر سبيل وكنت اردت ان اجيب بنفس جوابك لكن الله يسامح من اطفأ الكهرباء عندنا

وهذا القول الفصل فيما يخص قول رسول الله ان من البيان لسحرا

فإن الساحر بسحره يزين الباطل في عين المسحور حتى يراه حقاً فكذا المتكلم بمهارته في البيان وتفننه في البلاغة وترصيف النظم يسلب عقل السامع ويشغله عن التفكر فيه والتدبر له حتى يخيل إليه الباطل حقاً والحق باطلاً
فهل في القرءان باطل ليراه عمر وغيره حقا؟!!!!!

مقاوم
03-06-2008, 07:54 PM
محمل الحديث بين المدح والذم مختلف فيه بين العلماء. فالإمام الترمذي والخطابي والغزالي ممن يحملونه على المدح مثلا.

لكن الصحيح المحقق في المسألة هو فحوى الكلام فإن كان البيان فيما لا يرضي الله فهو مذموم وإن كان غير ذلك فلا شيء فيه والله أعلم.

مقاوم
03-06-2008, 08:13 PM
قال الخطابي: البيان اثنان: أحدهما: ما تقع به الابانة عن المراد بأي وجه كان، والاخر: ما دخلته الصنعة بحيث يروق للسامعين ويستميل قلوبهم، وهو الذي يشبه بالسحر إذا خلب القلب وغلب على النفس حتى يحول الشيء عن حقيقته ويصرفه عن جهته، فيلوح للناظر في معرض غيره.

وهذا إذا صرف إلى الحق يمدح، وإذا صرف إلى الباطل يذم.

قال: فعلى هذا فالذي يشبه بالسحر منه هو المذموم.

وتعقب بأنه لا مانع من تسمية الاخر سحرا، لان السحر يطلق على الاستمالة كما تقدم تقريره في أول باب السحر، وقد حمل بعضهم الحديث على المدح والحث على تحسين الكلام وتحبير الالفاظ، وهذا واضح إن صح أن الحديث ورد في قصة عمرو بن الاهتم، وحمله بعضهم على الذم لمن تصنع في الكلام وتكلف لتحسينه وصرف الشيء عن ظاهره، فشبه بالسحر الذي هو تخييل لغير حقيقة، وإلى هذا أشار مالك حيث أدخل الحديث في " الموطأ " في " باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله " وتقدم في " باب الخطبة " من كتاب النكاح في الكلام على حديث الباب من قول صعصعة بن صوحان في تفسير هذا الحديث ما يؤيد ذلك، وهو أن المراد به الرجل يكون عليه الحق، وهو ألحن بالحجة من صاحب الحق فيسحر الناس ببيانه فيذهب بالحق، وحمل الحديث على هذا صحيح، لكن لا يمنع حمله على المعني الاخر إذا كان في تزيين الحق، وبهذا جزم ابن العربي وغيره من فضلاء المالكية.

وقال ابن بطال: أحسن ما يقال في هذا أن هذا الحديث ليس ذما للبيان كله ولا مدحا لقوله من البيان، فأتى بلفظة " من " التي للتبعيض قال: وكيف يذم البيان وقد امتن الله به على عباده حيث قال: (خلق الانسان علمه البيان) انتهى.

وقد اتفق العلماء على مدح الايجاز، والاتيان بالمعاني الكثيرة بالالفاظ اليسيرة، وعلى مدح الاطناب في مقام الخطابة بحسب المقام، وهذا كله من البيان بالمعنى الثاني.

عزام
03-11-2008, 09:14 PM
تسمع الأذن كلمة " اثاقلتم " في قوله : " يا أيها الذين امنوا ما لكم إذا قيل لكم : انفروا في سبيل الله، اثاقلتم إلى الأرض؟ " يتصور الخيال ذلك الجسم المثاقل، يرفعه الرافعون في جهد، فيسقط من أيديهم في ثقل. إن في هذه الكلمة "طنا" على الأقل من الأثقال! ولو أنك قلت : تثاقلتم، لخف الجرس ، ولضاع الأثر المنشود، ولتوارت الصورة المطلوبة التي رسمها هذا اللفظ، واستقل برسمها. وتقرأ : "وإن منكم لمن ليبطئن" فترتسم صورة التبطئة في جرس العبارة كلها -وفي جرس ليبطئن خاصة. وإن اللسان ليكاد يتعثر، وهو يتخبط فيها، حتى يصل ببطء إلى نهايتها ! وتتلو حكاية قول هود : "أرأيتم إن كنت على بينة من ربي واتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ؟ ! فتحس أن كلمة " أنلزمكموها " تصور جو الإكراه بإدماج كل هذه الضمائر في النطق، وشد بعضها إلى بعض. كما يدمج الكارهون مع ما يكرهون، ويشدون إليه وهم منه نافرون! وهكذا يبدو لون من التناسق أعلى من البلاغة الظاهرية، وأرفع من الفصاحة اللفظية، اللتين يحسبهما بعض الباحثين في القران - قديما وحديثا - أعظم مزايا القران!. وتسمع كلمة : "يصطرخون" في الاية : "والذين كفروا لهم نار جهنم، لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها. كذلك نجزي كل كفور. وهم يصطرخون فيها: ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل" فيخيل إليك جرسها الغليظ، غلظ الصراخ المختلط المتجاوب من كل مكان، المنبعث من حناجر مكتظة بالأصوات الخشنة ؟. كما تلقي إليك ظل الإهمال لهذا الاصطراخ الذي لا يجد من يهتم به أو يلبيه. وتلمح من وراء ذلك كله صورة ذلك العذاب الغليظ الذي هم فيه يصطرخون. وحين يستغل لفظ واحد بهذه الصور كلها يكون ذلك فنا من التناسق الرفيع. ومثلها كلمة "عتل " في تمثيل الغليظ الجافي المتنطع : "عتل بعد ذلك زنيم " . فإذا سمعت : "وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر" صورت لك كلمة " بمزحزحه" - المقدمة في التعبير على الفاعل لإبرازها - صورة الزحزحة المعروفة كاملة متحركة، من وراء هذه اللفظة المفردة. وكذلك قوله : " فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون". فكلمة " كبكبوا " يحدث جرسها صوت الحركة التى تتم بها.

عبد الله بوراي
03-11-2008, 09:27 PM
زدنا زادك الله من فضله

بارك الله فيك أيها الكريم الفاضل

أخوكم

عبدالله

هنا الحقيقه
03-11-2008, 10:53 PM
بارك الله بك اخي عزام
رغم ان علماءنا رحمهم الله تعالى تطرقوا لما قاله سيد قطب قبل مئات السنين ولم يات سيد قطب بشيء جديد
يمكن فقط في طرقة تناوله للموضوع وتبسيطه وتناوله بلغة ادبية
وهناكنقطة يجب ان ننوه عليها ان سر اعجاب الناس وانتشار كتب سيد قطب بانها جاءت في فترة نستطيع ان نسميها الصحوة الاسلامية فتلقوها الناس ولانه تناولها باسلوب ادبي

عزام
03-12-2008, 06:23 AM
بارك الله فيكم اخوتي عبدالله وهنا الحقيقة على مروركم
صحيح ما تفضلت بي اخي هنا الحقيقية.. التجديد في هذا المقطع هو في الاسلوب نوعا ما..
لكن في مقاطع اخرى هناك تجديد حينما يتناول القصة القرآنية ويحللها حسب عناصر الفن القصصي..

عزام

منال
05-24-2008, 10:45 AM
وجدت كتابا عند اخى يحوى فصلا عن هذا الموضوع فتذكرته فرفعته

بارك الله فيكم

aouni_tahech
05-24-2008, 02:14 PM
السلام عليكم. قرأت كتاب التصوير قبل سنتين و أعجبني جدا كما أعجبتني شخصية سيد قطب الذي يصفه الناس ظلما بأنه تكفيري. لا أدري لماذا يحمّله الناس دائما أكثر من طاقته.

و قد تعرفت على كتابه هذا بعدما كنت أشاهد مقابلة تلفزيونية لكاتب مسرحي لبناني يحكي فيها عن محطات أساسية في حياته لعبت دورا هاما في نضج فهمه الأدبي خاصة فيما يتعلق بالمسرح. يقول من تلك المحطات قرائتي لكتاب التصوير ... لسيد قطب. في اليوم التالي ذهبت إلى المكتبة و بدأت بقراءته!