من هناك
02-14-2008, 05:15 PM
زواج المسلمة بغير المسلم... اجتهاد أم إفساد؟
وسط دهشة أهالي ثالث أكبر مدينة في شرق السودان (القضارف) عقدت مراسم زواج امرأة مسلمة من مسيحي في العلن، وهذه الواقعة هي أول رد فعل لفتوى الدكتور حسن الترابي- الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض- بجواز زواج المرأة المسلمة من رجل مسيحي، وجرت مراسم زواج الفتاة السودانية من الرجل الأثيوبي الجنسية على مدى ساعات في إحدى كنائس مدينة القضارف حيث منزل أهل الفتاة، ونقل شهود عيان عن الفتاة قولها: "إنها سعيدة بزواجها من عريسها المسيحي ومقتنعة بالفكرة وأنها تستند إلى فتوى الدكتور الترابي في هذا الخصوص " وذكر هؤلاء الشهود أن أهل الفتاة منقسمون على الخطوة التي أقدمت عليها العروس، فهناك من أيد وهناك من عارض، وتباينت ردود الفعل داخل وخارج السودان عن الآراء الفقهية المثيرة للجدل التي كان قد أطلقها لدى مشاركته في ندوة سياسية في مقر حزب الأمة: (الإصلاح والتجديد) الذي يقوده مبارك الفاضل في أم درمان وكان قد أفتى من قبل بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة إذا كانت أكثر علماً وفقهاً في الدين من الرجل وبأن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماماً وتوازيه بناءً على هذا الأمر ونفى أن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد وقال: " ليس ذلك من الدين أو الإسلام بل هي مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء، ووصف من يحرم ذلك بأن مثل هذه الأقاويل هي تخرصات وتضليل الهدف منها جر المرأة إلى الوراء وأن منع زواج المرأة المسلمة من الكتابي لا أساس لها من الدين ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف".
ويرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا أمر تعبدي، وإذا أردنا أن نلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، ولا يؤمن بنبيها مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي عليها قوام البيوت، فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالى يقول: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: من الآية221]، وقال: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، ثم استثنى فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: من الآية5]، فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال من نساء المسلمين.
وحكمة ذلك: أن المسلم يؤمن بكل الرسل بما فيهم موسى وعيسى عليهم السلام، وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل، في حين لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسولهم وكتابهم، وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد، في حين لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة- لو تزوجها أحدهم- أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام.
والأهم من ذلك: أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم ولياً وقواماً على زوجته الكتابية، في حين لا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة، فالله تعالى يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية141]، والزوجة عليها طاعة زوجها، فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله- صلى الله عليه وسلم- ولعل هناك حكماً أخرى كامنة في منع زواج المسلمة من غير المسلم، يعلمها الله تعالى، العليم بما يصلح العباد {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}؟
وما على المؤمن بالله تعالى وبحكمته وعلمه؛ إلا أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: من الآية285]، ويقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - رب البيت المسلم يستحيل أن يمر بخاطره أن يهين موسى أو عيسى، إنه يحترمهما كما يحترم نبيه محمداً، ويصفهما بالوجاهة والرسالة وقوة العزم وصدق البلاغ، وهذا معنى يلقي السكينة في نفوس أتباعهما،أما اليهود والنصارى فإن ضغائنهم على محمد- صلى الله عليه وسلم- أعيت الأولين والآخرين، وقد استباحوا قذفه بكل نقيصة.
وفي عصرنا هذا منحت إنجلترا أعظم جائزة أدبية لكاتب نكرة، كل بضاعته شتم محمد- صلى الله عليه وسلم- والولوغ في عرضه والتهجم عل حرمه، فكيف تعيش مسلمة في بيت تلك بعض معالمه؟
إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى، إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعية، في إطار محكم من الإيمان بالله، والعيش وفق هداياته، والعمل على إعلاء كلمته، وإبلاغ رسالاته وهذا الذي ذكر ما هو إلا محاولات لاستنباط الحكمة من المنع، ويبقى الكثير الذي لا يدركه إلا الله، على أن الفيصل في المسألة أنه أمر تعبدي محض.
وجاء في فتاوى الأزهر الشريف: صحيح أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة - مسيحية أو يهودية - ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم، وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى العجب، وزال وَهْمُ انعدام المساواة، فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في ذلك، وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
الزواج في الإسلام يقوم على " المودة والرحمة " والسكن النفسي، ويحرص الإسلام على أن تُبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية، والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة، ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعاً جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له - من وجهة النظر الإسلامية - أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفى ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار، أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام، ولا يعترف به، بل يعتبره نبيّاً زائفاً وَيُصَدِّق - في العادة - كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع.
وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها. وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة، فالقضية قضية مبدأ، وعنصر الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية، وقد كان الإسلام منطقيّاً مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم، فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أدياناً بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة - بعيداً عن المجاملات - يكون مفقودًا، وهذا يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية، ولا يحقق " المودة والرحمة" المطلوبة في العلاقة الزوجية.
* قصص زيجات لمسلمات تزوجن من نصارى:
رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.. إلا أن الوضع بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب مختلف، ومن العربيات المسلمات المهاجرات - سواء من الجيل الأول أو الثاني - من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعاباً اجتماعية شديدة.
تقول ز.أ - سودانية مقيمة بأسبانيا-: تزوجت من نصراني بعد أن أسلم بناءً على رغبتي وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبعد سنوات اكتشفت أنه مازال على دينه ويذهب إلى الكنيسة مصطحباً ابني الكبير معه وأنا الآن أندم ندم شديد ولا أدري ماذا أفعل؟
* عظة في زيجة:
هذه القصة ترويها أم حازم صلاح فتقول: عندما كنا في أمريكا كان لنا جيران ينحدرون من أصل عربي وتعلقت ابنتهم بشاب أمريكي نصراني وجن جنون أبيها فماذا يقول لذويه ومعارفه ؟ وحاول إقناعها بشتى الطرق ولكن دون جدوى، وفي النهاية رضخ لرغبة ابنته - بعد أن هددته بترك البيت - وطلب مقابلة هذا الشاب وأقنعه بأن يعلن إسلامه صورياً حتى لا يتعرض للانتقادات واللوم ووافق الشاب وفي أثناء هذه المقابلة أعطاه الأب كتيب عن التعريف بالإسلام باللغة الإنجليزية وتزوجت الفتاة ومر عامين على زواجها وذات مرة وزوجها النصراني جالس يحتسي كوبا من الشاي وجد على الطاولة بجانبه هذا الكتيب الذي كان قد أعطاه له والد زوجته فأخذ يتصفحه بلا مبالاة فجذبته كلمات الكتاب وأعجب بعظمة هذا الدين وذهب إلى صهره ليسأله المزيد من المعلومات عن هذا الدين وبعد مدة وجيزة ذهب إلى المركز الإسلامي وأعلن إسلامه، ثم تعلم الصلاة وبدأ يصلي ووجد زوجته لا تصلى فطلب منها أن تصلي كما يأمرها دينها فرفضت ثم طلب منها أن تتحجب كما يأمرها دينها فلم ترضخ لذلك فقال لها أنت عاصية لربك لا تقيمين فرائض دينك كما أراد الله لذا فأنا لا أستطيع العيش معك وطلقها وتزوج من مسلمة محجبة.
وقد التقت جريدة "الحياة" اللندنية بنماذج من عربيات تزوجن من غير مسلمين، ورصدت عن قرب الصعوبات والمشاكل اللاتي تعرضن لها، كما رصدت حالات أخريات يواجهن صعوبات من نوع مختلف لأنهن لا يقبلن بهذا الزواج، "ربما أكون رسمت لنفسي مستقبلاً مع شخص رفضه أهلي لدينه، وبقيت أتجرع مرارة هذا الرفض"، هكذا تبدأ نهاد خالد حديثها عن نفسها، فهي فتاة مسلمة عربية رغبت في الزواج من شخص عربي (غير مسلم).
ما زالت نهاد تحب زوجها الذي اختارته، وهو يحبها على رغم اختلاف ديانتهما، وترى أنها لا تختلف معه في شيء، فهي تحترم مشاعره ومعتقداته الدينية، وهو كذلك.
السيدة نهاد تجيب بتحفظ بعد سؤالها عن المستقبل الديني لأطفالها لمن سيؤول: "تلك مسألة سابقة لأوانها، كوننا لم ننجب بعد، ولم نناقشها حتى هذا الوقت"، وتورد الصحيفة نموذجاً آخر هو حالة مريم.ف - 26عاما - التي تعتقد أن رفض والديها سفرها وحدها لاستكمال دراستها ما كان إلا لحدسهما بما قد يحدث نتيجة الوحدة التي ستعيشها، تعلق قلب مريم بشاب أميركي الجنسية عربي الأصل مسيحي الديانة، وعلى رغم اختلاف ديانتيهما، لم يمنعه ذلك من مصارحتها برغبته في الزواج منها، ولم يمنعها من قبوله زوجاً، بدأت معاناتها في كيفية مصارحتها أهلها، وكيف تقدم لهم زوج المستقبل، لم تخش جنسيته ولا أصوله العربية، التي هي سبب في كثير من الأحيان لرفض الأهل، كل ما تخوفت منه مصارحتهم بدينه، استجمعت قواها وتحدثت مع والدتها التي طلبت منها العودة في أسرع وقت ممكن، رفضت مريم طلب والدتها، ما اضطرها لوضع والدها في الصورة، فطالبها بالاستعجال في العودة، فأخبرته بأنها وخطيبها قد تزوجا فعلاً.
تقول مريم: ((إن ما ساعدني في الاستعجال بالزواج هو أنني من حاملي الجواز الأميركي حيث إنني من مواليد أميركا)). ولم تخجل من ذكر أنها عانت كثيراً نظرات زملائها وزميلاتها من المسلمين في الجامعة التي تدرس بها، وأنها كثيراً ما خجلت من أسلوب النصح المحمل باللوم لها ولاختيارها. وباتت تشعر الآن بالخوف على مستقبلها - كما تقول - ((بعد ما تعرضت زميلتها من دولة خليجية لسوء معاملة عائلتها ورفضها لها، إثر زواجها من أميركي غير مسلم كان زميلاً لها في الجامعة، وبعد خلاف معه تركته وهي حامل لتعود لأهلها وتلاقي منهم الرفض واللوم والعتب المستمر لمخالفتها رأيهم)).
ويعلق الدكتور عطية فياض- أستاذ الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بمدينة أبها- على مثل هذه الزيجات قائلاً: يقول الله عز وجل: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، وأن مثل هذه المرأة تكون قد ارتكبت إثماً وذنباً وزواجها غير صحيح ولا يمكن أن يصح هذا الزواج إلا إذا أسلم هذا الرجل وصح إسلامه وأكرر "صح إسلامه"، فقد منع الإسلام عبر القرآن والسنة زواج المسلمة بغير المسلم ولتعلم المرأة التي تُقدم على مثل هذه الزيجة أن الحب والغرام يجب أن يحتكم إلى الشرع ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"، والأطفال الذين يأتون نتاج هذه الزيجة ينسبون إلى أبيهم بالإلحاق وليس بالزواج لأن الزواج باطل..باطل
وسط دهشة أهالي ثالث أكبر مدينة في شرق السودان (القضارف) عقدت مراسم زواج امرأة مسلمة من مسيحي في العلن، وهذه الواقعة هي أول رد فعل لفتوى الدكتور حسن الترابي- الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض- بجواز زواج المرأة المسلمة من رجل مسيحي، وجرت مراسم زواج الفتاة السودانية من الرجل الأثيوبي الجنسية على مدى ساعات في إحدى كنائس مدينة القضارف حيث منزل أهل الفتاة، ونقل شهود عيان عن الفتاة قولها: "إنها سعيدة بزواجها من عريسها المسيحي ومقتنعة بالفكرة وأنها تستند إلى فتوى الدكتور الترابي في هذا الخصوص " وذكر هؤلاء الشهود أن أهل الفتاة منقسمون على الخطوة التي أقدمت عليها العروس، فهناك من أيد وهناك من عارض، وتباينت ردود الفعل داخل وخارج السودان عن الآراء الفقهية المثيرة للجدل التي كان قد أطلقها لدى مشاركته في ندوة سياسية في مقر حزب الأمة: (الإصلاح والتجديد) الذي يقوده مبارك الفاضل في أم درمان وكان قد أفتى من قبل بجواز إمامة المرأة للرجال في الصلاة إذا كانت أكثر علماً وفقهاً في الدين من الرجل وبأن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماماً وتوازيه بناءً على هذا الأمر ونفى أن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد وقال: " ليس ذلك من الدين أو الإسلام بل هي مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء، ووصف من يحرم ذلك بأن مثل هذه الأقاويل هي تخرصات وتضليل الهدف منها جر المرأة إلى الوراء وأن منع زواج المرأة المسلمة من الكتابي لا أساس لها من الدين ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف".
ويرى جمهور الفقهاء إباحة زواج المسلم من نساء أهل الكتاب، وأجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، وهذا أمر تعبدي، وإذا أردنا أن نلتمس حكمة لذلك فيمكن أن يقال: إن الإسلام عندما أباح للرجل الزواج من الكتابية فإنه أمر الزوج أن يحترم دينها لأن المسلم يؤمن بجميع الأنبياء، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها، ولا يؤمن بنبيها مما يوقد النار في المنزل ويمنع السكينة والرحمة التي عليها قوام البيوت، فلهذا منع الإسلام مثل هذا الزواج.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً، والله تعالى يقول: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: من الآية221]، وقال: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، ثم استثنى فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: من الآية5]، فأباح زواج المحصنات من أهل الكتاب ولم يجز زواج الرجال من نساء المسلمين.
وحكمة ذلك: أن المسلم يؤمن بكل الرسل بما فيهم موسى وعيسى عليهم السلام، وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل، في حين لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسولهم وكتابهم، وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد، في حين لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة- لو تزوجها أحدهم- أن تذهب للمسجد وتظهر شعائر الإسلام.
والأهم من ذلك: أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم ولياً وقواماً على زوجته الكتابية، في حين لا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة، فالله تعالى يقول: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: من الآية141]، والزوجة عليها طاعة زوجها، فلو تزوجت المسلمة غير المسلم لتعارضت طاعتها له مع طاعتها لله تعالى ولرسوله- صلى الله عليه وسلم- ولعل هناك حكماً أخرى كامنة في منع زواج المسلمة من غير المسلم، يعلمها الله تعالى، العليم بما يصلح العباد {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}؟
وما على المؤمن بالله تعالى وبحكمته وعلمه؛ إلا أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: من الآية285]، ويقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - رب البيت المسلم يستحيل أن يمر بخاطره أن يهين موسى أو عيسى، إنه يحترمهما كما يحترم نبيه محمداً، ويصفهما بالوجاهة والرسالة وقوة العزم وصدق البلاغ، وهذا معنى يلقي السكينة في نفوس أتباعهما،أما اليهود والنصارى فإن ضغائنهم على محمد- صلى الله عليه وسلم- أعيت الأولين والآخرين، وقد استباحوا قذفه بكل نقيصة.
وفي عصرنا هذا منحت إنجلترا أعظم جائزة أدبية لكاتب نكرة، كل بضاعته شتم محمد- صلى الله عليه وسلم- والولوغ في عرضه والتهجم عل حرمه، فكيف تعيش مسلمة في بيت تلك بعض معالمه؟
إن الزواج ليس عشق ذكر لمفاتن أنثى، إنه إقامة بيت على السكينة النفسية والآداب الاجتماعية، في إطار محكم من الإيمان بالله، والعيش وفق هداياته، والعمل على إعلاء كلمته، وإبلاغ رسالاته وهذا الذي ذكر ما هو إلا محاولات لاستنباط الحكمة من المنع، ويبقى الكثير الذي لا يدركه إلا الله، على أن الفيصل في المسألة أنه أمر تعبدي محض.
وجاء في فتاوى الأزهر الشريف: صحيح أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة - مسيحية أو يهودية - ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم، وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقي لذلك انتفى العجب، وزال وَهْمُ انعدام المساواة، فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في ذلك، وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
الزواج في الإسلام يقوم على " المودة والرحمة " والسكن النفسي، ويحرص الإسلام على أن تُبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية، والإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة، ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعاً جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له - من وجهة النظر الإسلامية - أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها، والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد.
وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها، وفى ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار، أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا؛ فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبي الإسلام، ولا يعترف به، بل يعتبره نبيّاً زائفاً وَيُصَدِّق - في العادة - كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبي الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع.
وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها. وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة، فالقضية قضية مبدأ، وعنصر الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية، وقد كان الإسلام منطقيّاً مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم، فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أدياناً بشرية، فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة - بعيداً عن المجاملات - يكون مفقودًا، وهذا يؤثر سلباً على العلاقة الزوجية، ولا يحقق " المودة والرحمة" المطلوبة في العلاقة الزوجية.
* قصص زيجات لمسلمات تزوجن من نصارى:
رغم إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم.. إلا أن الوضع بالنسبة للمسلمات اللاتي يعشن في الغرب مختلف، ومن العربيات المسلمات المهاجرات - سواء من الجيل الأول أو الثاني - من تدير ظهرها لتلك الفتاوى وتقبل الزواج من غير دينها متحملة بذلك صعاباً اجتماعية شديدة.
تقول ز.أ - سودانية مقيمة بأسبانيا-: تزوجت من نصراني بعد أن أسلم بناءً على رغبتي وأنجبت منه ثلاثة أبناء وبعد سنوات اكتشفت أنه مازال على دينه ويذهب إلى الكنيسة مصطحباً ابني الكبير معه وأنا الآن أندم ندم شديد ولا أدري ماذا أفعل؟
* عظة في زيجة:
هذه القصة ترويها أم حازم صلاح فتقول: عندما كنا في أمريكا كان لنا جيران ينحدرون من أصل عربي وتعلقت ابنتهم بشاب أمريكي نصراني وجن جنون أبيها فماذا يقول لذويه ومعارفه ؟ وحاول إقناعها بشتى الطرق ولكن دون جدوى، وفي النهاية رضخ لرغبة ابنته - بعد أن هددته بترك البيت - وطلب مقابلة هذا الشاب وأقنعه بأن يعلن إسلامه صورياً حتى لا يتعرض للانتقادات واللوم ووافق الشاب وفي أثناء هذه المقابلة أعطاه الأب كتيب عن التعريف بالإسلام باللغة الإنجليزية وتزوجت الفتاة ومر عامين على زواجها وذات مرة وزوجها النصراني جالس يحتسي كوبا من الشاي وجد على الطاولة بجانبه هذا الكتيب الذي كان قد أعطاه له والد زوجته فأخذ يتصفحه بلا مبالاة فجذبته كلمات الكتاب وأعجب بعظمة هذا الدين وذهب إلى صهره ليسأله المزيد من المعلومات عن هذا الدين وبعد مدة وجيزة ذهب إلى المركز الإسلامي وأعلن إسلامه، ثم تعلم الصلاة وبدأ يصلي ووجد زوجته لا تصلى فطلب منها أن تصلي كما يأمرها دينها فرفضت ثم طلب منها أن تتحجب كما يأمرها دينها فلم ترضخ لذلك فقال لها أنت عاصية لربك لا تقيمين فرائض دينك كما أراد الله لذا فأنا لا أستطيع العيش معك وطلقها وتزوج من مسلمة محجبة.
وقد التقت جريدة "الحياة" اللندنية بنماذج من عربيات تزوجن من غير مسلمين، ورصدت عن قرب الصعوبات والمشاكل اللاتي تعرضن لها، كما رصدت حالات أخريات يواجهن صعوبات من نوع مختلف لأنهن لا يقبلن بهذا الزواج، "ربما أكون رسمت لنفسي مستقبلاً مع شخص رفضه أهلي لدينه، وبقيت أتجرع مرارة هذا الرفض"، هكذا تبدأ نهاد خالد حديثها عن نفسها، فهي فتاة مسلمة عربية رغبت في الزواج من شخص عربي (غير مسلم).
ما زالت نهاد تحب زوجها الذي اختارته، وهو يحبها على رغم اختلاف ديانتهما، وترى أنها لا تختلف معه في شيء، فهي تحترم مشاعره ومعتقداته الدينية، وهو كذلك.
السيدة نهاد تجيب بتحفظ بعد سؤالها عن المستقبل الديني لأطفالها لمن سيؤول: "تلك مسألة سابقة لأوانها، كوننا لم ننجب بعد، ولم نناقشها حتى هذا الوقت"، وتورد الصحيفة نموذجاً آخر هو حالة مريم.ف - 26عاما - التي تعتقد أن رفض والديها سفرها وحدها لاستكمال دراستها ما كان إلا لحدسهما بما قد يحدث نتيجة الوحدة التي ستعيشها، تعلق قلب مريم بشاب أميركي الجنسية عربي الأصل مسيحي الديانة، وعلى رغم اختلاف ديانتيهما، لم يمنعه ذلك من مصارحتها برغبته في الزواج منها، ولم يمنعها من قبوله زوجاً، بدأت معاناتها في كيفية مصارحتها أهلها، وكيف تقدم لهم زوج المستقبل، لم تخش جنسيته ولا أصوله العربية، التي هي سبب في كثير من الأحيان لرفض الأهل، كل ما تخوفت منه مصارحتهم بدينه، استجمعت قواها وتحدثت مع والدتها التي طلبت منها العودة في أسرع وقت ممكن، رفضت مريم طلب والدتها، ما اضطرها لوضع والدها في الصورة، فطالبها بالاستعجال في العودة، فأخبرته بأنها وخطيبها قد تزوجا فعلاً.
تقول مريم: ((إن ما ساعدني في الاستعجال بالزواج هو أنني من حاملي الجواز الأميركي حيث إنني من مواليد أميركا)). ولم تخجل من ذكر أنها عانت كثيراً نظرات زملائها وزميلاتها من المسلمين في الجامعة التي تدرس بها، وأنها كثيراً ما خجلت من أسلوب النصح المحمل باللوم لها ولاختيارها. وباتت تشعر الآن بالخوف على مستقبلها - كما تقول - ((بعد ما تعرضت زميلتها من دولة خليجية لسوء معاملة عائلتها ورفضها لها، إثر زواجها من أميركي غير مسلم كان زميلاً لها في الجامعة، وبعد خلاف معه تركته وهي حامل لتعود لأهلها وتلاقي منهم الرفض واللوم والعتب المستمر لمخالفتها رأيهم)).
ويعلق الدكتور عطية فياض- أستاذ الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بمدينة أبها- على مثل هذه الزيجات قائلاً: يقول الله عز وجل: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: من الآية221]، وأن مثل هذه المرأة تكون قد ارتكبت إثماً وذنباً وزواجها غير صحيح ولا يمكن أن يصح هذا الزواج إلا إذا أسلم هذا الرجل وصح إسلامه وأكرر "صح إسلامه"، فقد منع الإسلام عبر القرآن والسنة زواج المسلمة بغير المسلم ولتعلم المرأة التي تُقدم على مثل هذه الزيجة أن الحب والغرام يجب أن يحتكم إلى الشرع ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"، والأطفال الذين يأتون نتاج هذه الزيجة ينسبون إلى أبيهم بالإلحاق وليس بالزواج لأن الزواج باطل..باطل