تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قبسات فقهية ... محاباة بعض الناس على حساب بعضهم



منال
02-13-2008, 12:23 PM
قبسات فقهية ... محاباة بعض الناس على حساب بعضهم
أ.د. عبدالفتاح إدريس

لقد كان منهج الإسلام من البداية واضحا في التعامل مع المال العام، وما ينفق في مصالح المسلمين عامة، فما كان مخصصا منه لشأن عام فقد حرم صرفه إلى بعض الخواص لقرابة أو صداقة أو ود أو نحو ذلك، محاباة من صارفه لهم على حساب المصلحة العامة.

علمت فاطمة رضي الله عنها بأن أباها صلى الله عليه وسلم جاءه رقيق من السبي، فذهبت تطلب منه أن يمنحها واحدا منهم تستعين به على خدمة زوجها وأولادها، بعد أن فعلت الرحى بيديها ما فعلت، وثقل عليها العمل في البيت، وأرهقها ما كانت تعانيه كل يوم من ذلك، وبعد أن أصيب زوجها رضي الله عنه بالمرض، وكان مقتضى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمته بابنته وإشفاقه عليها وعلى زوجها، أن يعطيهما بعض هؤلاء السبي ليخدمهما وأولادهما، إلا أنه نظر إلى مصلحة المسلمين العامة، ولذا لم يخص ابنته وزوجها ببعض ما هو حق للمسلمين عامة من مال الغنيمة، إذ روى السائب عن علي رضي الله عنه أنه قال لفاطمة ذات يوم: “والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه، فقالت: وأنا والله لقد طحنت حتى مجلت يداي، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما جاء بك أي بنية؟، قالت: جئت لأسلم عليك، واستحت أن تسأله ورجعت، فقال: ما فعلت؟، قالت: استحييت أن أسأله، فأتيا جميعا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال علي: يا رسول الله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا، فقال: لا والله لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم من الجوع لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم، فرجعا فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطت أقدامهما تكشفت رؤوسهما؟ فلما ذهبا يقومان قال: مكانكما ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني، قالا: بلى، قال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام، فقال: تسبحان دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا فإذا آويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين، قال علي: فوالله ما تركتهن منذ سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم”، فقدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلحة عامة على مصلحة تخص ابنته وزوجها ولو كانا من عامة المسلمين، ولم يحابهما على حساب جوع أهل الصفة وتعرضهم للهلاك بسبب الطوي،

ولذا قال ابن تيمية: “ولا يجوز للإمام أن يعطي أحداً ما لا يستحقه لهوى نفسه، من قرابة بينهما أو مودة ونحو ذلك”،

وقد كان هذا الأمر عند سلف الأمة واضحاً وضوح الشمس، لا يسمح أحدهم لبشر كائنا من كان أن يتوسل بنسبه أو قرابته ليحصل على ما لا يستحق من مال المسلمين،

فقد “كتب عنبسة بن سعيد إلى عمر بن عبد العزيز يسأله حاجة لنفسه، فكتب إليه عمر: يا عنبسة إن يكن مالك الذي عندك حلالاً فهو كافيك، وإن يكن حراماً فلا تضيفن إليه حراماً جديداً، أخبرني عنبسة: أمحتاج أنت؟، فقال: لا، قال: أفعليك دين؟، فقال: لا، قال: إذن فكيف تطمع في أن أعمد إلى مال الله فأعطيه في غير حاجة وأدع فقراء المسلمين، فليكن لك في مالك غناء، واتق الله وانظر من أين جمعته، وحاسب نفسك قبل أن يحاسبك أسرع الحاسبين”، ونقرأ في ترجمة صلاح الدين الأيوبي أنه ما خلّف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهماً وديناراً صورياً، ولم يخلف ملكاً ولا عقاراً، ولم يختلف عليه أحد من أصحابه، وكان الناس يأمنون ظلمه، ويرجون رفده، وأكثر ما كان يصل عطاؤه إلى الشجعان، وإلى العلماء وأرباب البيوتات، ولم يكن لمبطل ولا لمزاح عنده نصيب، ففي دولة الإسلام لا يحابى أحد في المال العام، بل ينفق من ذلك المال على أهل السابقة والجهاد، وذوي الكفاءات، وأهل الحاجات، ونقدم من قدمه الله ورسوله، من أهل التقوى والورع والبلاء في الإسلام، فلا تنفق الأموال الطائلة من خزينة الدولة على سفر المحظوظين لأداء مناسك الحج وهم قادرون على أدائه بما يملكون من مال كثير، أو لسفر هؤلاء المحظوظين للعلاج على نفقة الدولة خارجها، في الوقت الذي يحرم من العلاج في مشافي الدولة من يفتقرون إليه من ذوي الحاجة الذين لا يجدون تكلفة العلاج، أو لتخصيص درجات وظيفية لا تفتقر إليها حاجة المؤسسة أو المصلحة ليشغلها أبناء المحظوظين وذووهم وأصدقاؤهم، ووجوه محاباة البعض من المال العام لا يكاد يحصيها عد، تبدأ بالتهاني بالترقيات والمناسبات المختلفة والمواساة على صفحات الصحف، لتنتهي ببيع أصول الشركات والمؤسسات المنتجة المملوكة للدولة بثمن بخس لبعض الأقارب والأصدقاء، والنتيجة المحتومة لهذه المحاباة لا تحتاج إلى كثير تأمل لأولي النهى.

أبو مُحمد
02-13-2008, 04:51 PM
اختلط الحابل بالنابل في عصرنا هذا!
نسأل الله السلامة.

وليس بعيدا عن الموضوع فدائما ما أقرأ في كتب التاريخ والسير : فنظم الشاعر بيتان من الشعر فأمر له "الخليفة" بالف درهم ! وطبعا يتكرر هذا مع عدد من "الامراء والخلفاء" ولا أدري أين هذا مما سبق ذكره.

هل يحق لولي الامر أن يعطي عطايا من هذا النوع من أموال العامة من أجل بيت شعر قيل في مدحه أو ما شابه!؟

أم ورقة
02-13-2008, 04:58 PM
نسأل الله العافية

منال
02-13-2008, 07:02 PM
بارك الله بكما

هناك أبعاد أخرى من الموضوع والله أسأل أن تصل

هنا الحقيقه
02-13-2008, 07:05 PM
يبارك بك اختي منال

فعلا كلام في محله وفي وقته
اللهم لا تجعلنا منهم
لكن للكلام ما وراءه فما هو
ان كنت فطن فقد علمته :)

أبو مُحمد
02-13-2008, 07:06 PM
وصلت وضيفناها أيضا.
مجرد مزحة!

بارك الله فيك أختي والموضوع حقا مهم وكنتُ قد كتبت شيئا يشبهه ولكن بلغة مباشرة وأيضا بدون تفصيل شرعي أو الاستدلال كثيرا بنصوص شرعية.

جزاكِ الله خيرا

منال
02-13-2008, 07:14 PM
بارك الله بكما

كويس انها وصلت :)

ولو ان فى نقطة لا اظنها وصلت

ربنا ييسر

أم ورقة
02-13-2008, 07:14 PM
عم يوصلوا بالتقسيط :)

هنا الحقيقه
02-13-2008, 07:16 PM
:)
انتظر التوضيح المباشر على الخاص :)

أم ورقة
06-11-2008, 10:57 AM
حقاً هذا الموضوع لازم نبقيه في البال

جزاكِ الله خيراً مجدداً