الواثق بالله
01-18-2008, 05:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
دخول مَلِكُ الأمـة الصالحة مدينة القدس
النص ( زكريا 9: 9-10):
"ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم.هوذا ملكك يأتي إليك هو عادلٌ، و منصورٌ وديعٌ، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان. وأقطع المركبةَ من افريم والفرَسَ من أورشليم و تُقطع قوسالحرب. ويتكلم بالسلام للأمم و سلطانه من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض ".
اورشليم : بيت المقدس
بصراحة قرأت هذا من قبل ... لكن حين قرأت سفر زكريا أحببت أن أضع هذا السفر هنا ..
من الخليفة العادل الذي قال عنه الوزير الفارسي حكمت فعدلت فنمت أليس الخليفة الفاروق الذي هزمت جيوشه الروم فأتى منصورا إلى القدس ... راكبا حماره من تواضعه وعدله رضوان الله عليه
التعليق باللون الاحمر : منقول بقلم محمد حسن
لتفرح المدينة المقدسة بقدوم الأمة الوارثة الصالحة.. انظر هنالك لحظة استلام الميراث.. ترى هنالك ملك هذه الأمة وحاكمها قد قدمها منتصراً يحكم من البحار إلى البحار.. هو منتصر ولكنه متواضع..! يأتي راكباً على حمار بسيط..هو عادل ومشهور بالعدل.. سيضع السلام بالأرض المباركة وبالأمم حولها..
.. متى وقع هذا خلال تأريخ القدس ؟.. مرة واحدة فقط دخلها ملك قوي، يحكم من البحار إلى البحار... منتصر ولكنه متواضع، يدخل المدينة المقدسة مسالماً وعلى حمار بسيط.. هي تلك المرة التي دخل فيها عمر بن الخطاب القدس..
.. كل الملوك اللذين دخلوا القدس خلال تأريخها كله دخلوها باستكبارٍ وتجبر وأبهة.. فاستباحوا الحرمات، وهتكوا الأعراض، وأراقوا الدماء.. وحقاً لم يدخل المدينة متواضعاً على حمار -من الملوك- غير عمر بن الخطاب.. ومن المعلوم تأريخياً أنّ عمر لم يأتِ المدينة من ذات نفسه لتتحقق فيه هذه البشارة، فهو لا يعرف عنها شيئاً.. وإنما كان قدومه بطلب من بطريرك القدس الذي رفض أن يفتح المدينة سلماً حتى يأتيها هذا الملك العادل.. ويُذكر أن المسلمين المحاصرين للقدس طلبوا من عمر الخروج إليهم من المدينة لهذا الغرض.. وعمر في الواقع ما غادر الجزيرة العربية في حياته.. لا في أيام حكمه ولا قبلها إلاّ في هذه المرة التي قدم فيها لدخول القدس.. وقدِمَ عمر من المدينة يتعاقب حماراً مع خادمه، يمشي مرة ويركب مرة.. ليس معه حرس ولا جيش، رغم امتداد حكمه من وراء الخليج إلى البحر المتوسط وجزيرة العرب حين قدومه إلى القدس.. وحول القدس عرض عليه جيشه من المؤمنين حصانا فجربه فما استقرّ عليه، وعاد إلى حماره الذي جاء به من المدينة فركبه، وبه دخل القدس.. وسجلّ التاريخ تواضعه.. وبساطة ملبسه الذي زادت رُقعه على العشر.. وسجلّ التاريخ عدله، حتى أصبح مضرب المثل في العدل.. وسجل التاريخ انتصاراته حتى لا يكاد ينافسه على مثلها أحد في التاريخ.. فقد هزم بجيش بسيط أعظم دولتين في الأرض في ذلك الزمان في وقت واحد.. وسجلّ التاريخ دخوله القدس على حماره مسالماً، مؤمّناً لأهلها.. فكان دخوله القدس بحق آية من آيات الله للذين يعلمون من أهل الكتاب.. وبدخوله تحقق الوعد الإلهي بتوريث الأرض المباركة للأمة الصالحة.. وحقّ للقدس أن تبتهج وللأرض المباركة أن تفرح ..
ولعل من العجيب ملاحظة الباحثين المسلمين أن الحروف الأولى من الصفات الثلاث المفصولة بحرف العطف الواو والتي وردت أعلاه في وصف هذا الملك العادل (هو عـادلٌ، و منصورٌ وديعٌ، وراكب على حمار، مع عدم الاعتداد بكلمة وديع التي لم تفصل عما قبلها بأداة العطف) أن هذه الحروف تشكل اسم عمر، فكأن بها رسالة أخرى خفية لعلماء أهل الكتاب لتكتمل عليهم الحجة وليتضح لصالحيهم البرهان، وقد أثبت المؤرخون تعرّف أهل الكتاب زمن عمر على هذه النبوة وأنها تعني عمراً.. يروي عزمي أبو عليان نقلا عن الواقدي أن بطريرك القدس صفرنيوس لمّا رأى عمر بن الخطاب " مسح عينيه ونظر إليه وزعق بأعلى صوته هذا والله الذي نجد صفته ونعته في كتبنا ومن يكون فتح بلادنا على يديه بلا محالة ثم انه قال لأهل بيت المقدس ياويحكم إنزلوا اليه واعقدوا معه الأمان والذمة, هذا والله صاحب محمد بن عبدالله ( صلى الله عليه وسلم ) ثم خرج إليه على رأس أعيانه فاستقبله عمر بن الخطاب بالترحاب والإكرام, وبناء على طلبهم كتب لهم سنة 15 هجرية 636م وثيقة الأمان التالية وهي التي عرفت ب " العهدة العمرية": "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين، لأهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعدوا، عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة خمس عشرة"... ومن عدل عمر في هذا الموقف رفضه للصلاة في كنيسة النصارى، وذلك عندما حضر وقت الصلاة وهو مازال مع البطريرك، فعرض عليه الصلاة بها، ووضح للبطريرك أن ذلك خشية أن يأتي المسلمون في المستقبل فيحولوا موضع صلاة عمر بها إلى مسجد، فهل عرف تأريخ القدس فاتحا كمثله؟
وفي اليوم التالي من عقد الأمان دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس، ودخل معه أربعة آلاف من المجاهدين، وراياتهم تخفق فوق رؤوسهم، وكان دخوله يوم الاثنين، وأقام بها حتى يوم الجمعة، وخط بها محراباً من جهة الشرق، وهو موضع مسجده، فتقدم وصلى هو وأصحابه صلاة الجمعة.
ويسعى النصارى لتحويل هذه البشارة إلى عيسى عليه السلام، فيزعم بعض كتبة الأناجيل أنّ المسيح قد دخل القدس راكباً على حمار، وأنه بالتالي هو الملك المقصود ببشارة زكريا أعلاه.. وهذا خلط معتاد لدى النصارى وكتبة الأناجيل، وقد لاحظ الباحثون من الغربيين أنفسهم استعداد كتبة الأناجيل لتعديل سرد الأحداث حتى ولو وقعوا في التناقضات كي يثبتوا وقوع بشائر الأنبياء الأولين على المسيح عليه السلام.. وأمثلة هذا كثيرة ، ومن المعلوم أن الطعن التاريخي ثابت، ويكفي في ذلك جهل – أو مجهولية- من كتب هذه الأناجيل ومن تناقلها عبر ثلاثمائة عام حتى تبنتها الدولة الرومانيه ضمن تبنيها لمدرسة بولس واتباعه من بعد مجمع نيقية..
ولا مانع من أن يكون المسيح عليه السلام قد دخل القدس على حمار، فالذين يدخلونها على حمير في العهود الماضية يتجاوزون بالتأكيد المئات كل يوم.. ولاشك أن معظم أنبياء بني إسرائيل كانوا يركبون الحمير- لا الخيول- في غير أوقات الحروب، ويدخلون بها القدس وغيرها من المدن ويخرجون، وما زُعم لأحد منهم بأن النبوة والبشارة تعنيه.. فما كان أحد منهم ولا المسيح عليهم السلام لحظة دخوله إلى القدس ملكاً ولا كان منتصراً على أعدائه يحكم من البحار إلى البحار.. ولا تحقق من وراء دخول المسيح عليه السلام ولا غيره الأمن والرخاء للقدس.. وكيف تُبشر أورشليم بقدومه وهو الذي صرح بأنّه جاء بالسيف والعذاب والدمار لهذه المدينة قاتلة الأنبياء ( على ما نسبت إليه الأناجيل المعاصرة).. إي جاءها منذر بنقمة الله من أهلها.. فكيف تُبشر بقدومه أورشليمُ؟.. إنّ الدخول المقصود بالبشارة دخول حاكم فاتح ووارث للقدس والأرض المباركة، إضافة إلى ما يحكم من البلاد الممتدة من البحار إلى البحار، وقد ميّزت البشارة الشخص المعني بها من بين كل من دخل القدس على عمر بالصفات الأخرى التي لم تتحقق إلا في عمر رضي الله عنه.. وفي تحقق البشارة في عمر تحقيق لما سبق من التبشير بمملكة الله من بعد الروم ووراثتها للأرض المباركة..
يستحيل أن تكون هذه البشارة عبث أو تحريف فقد وقعت كما قيل بالضبط
والله أعلم
دخول مَلِكُ الأمـة الصالحة مدينة القدس
النص ( زكريا 9: 9-10):
"ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم.هوذا ملكك يأتي إليك هو عادلٌ، و منصورٌ وديعٌ، وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان. وأقطع المركبةَ من افريم والفرَسَ من أورشليم و تُقطع قوسالحرب. ويتكلم بالسلام للأمم و سلطانه من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض ".
اورشليم : بيت المقدس
بصراحة قرأت هذا من قبل ... لكن حين قرأت سفر زكريا أحببت أن أضع هذا السفر هنا ..
من الخليفة العادل الذي قال عنه الوزير الفارسي حكمت فعدلت فنمت أليس الخليفة الفاروق الذي هزمت جيوشه الروم فأتى منصورا إلى القدس ... راكبا حماره من تواضعه وعدله رضوان الله عليه
التعليق باللون الاحمر : منقول بقلم محمد حسن
لتفرح المدينة المقدسة بقدوم الأمة الوارثة الصالحة.. انظر هنالك لحظة استلام الميراث.. ترى هنالك ملك هذه الأمة وحاكمها قد قدمها منتصراً يحكم من البحار إلى البحار.. هو منتصر ولكنه متواضع..! يأتي راكباً على حمار بسيط..هو عادل ومشهور بالعدل.. سيضع السلام بالأرض المباركة وبالأمم حولها..
.. متى وقع هذا خلال تأريخ القدس ؟.. مرة واحدة فقط دخلها ملك قوي، يحكم من البحار إلى البحار... منتصر ولكنه متواضع، يدخل المدينة المقدسة مسالماً وعلى حمار بسيط.. هي تلك المرة التي دخل فيها عمر بن الخطاب القدس..
.. كل الملوك اللذين دخلوا القدس خلال تأريخها كله دخلوها باستكبارٍ وتجبر وأبهة.. فاستباحوا الحرمات، وهتكوا الأعراض، وأراقوا الدماء.. وحقاً لم يدخل المدينة متواضعاً على حمار -من الملوك- غير عمر بن الخطاب.. ومن المعلوم تأريخياً أنّ عمر لم يأتِ المدينة من ذات نفسه لتتحقق فيه هذه البشارة، فهو لا يعرف عنها شيئاً.. وإنما كان قدومه بطلب من بطريرك القدس الذي رفض أن يفتح المدينة سلماً حتى يأتيها هذا الملك العادل.. ويُذكر أن المسلمين المحاصرين للقدس طلبوا من عمر الخروج إليهم من المدينة لهذا الغرض.. وعمر في الواقع ما غادر الجزيرة العربية في حياته.. لا في أيام حكمه ولا قبلها إلاّ في هذه المرة التي قدم فيها لدخول القدس.. وقدِمَ عمر من المدينة يتعاقب حماراً مع خادمه، يمشي مرة ويركب مرة.. ليس معه حرس ولا جيش، رغم امتداد حكمه من وراء الخليج إلى البحر المتوسط وجزيرة العرب حين قدومه إلى القدس.. وحول القدس عرض عليه جيشه من المؤمنين حصانا فجربه فما استقرّ عليه، وعاد إلى حماره الذي جاء به من المدينة فركبه، وبه دخل القدس.. وسجلّ التاريخ تواضعه.. وبساطة ملبسه الذي زادت رُقعه على العشر.. وسجلّ التاريخ عدله، حتى أصبح مضرب المثل في العدل.. وسجل التاريخ انتصاراته حتى لا يكاد ينافسه على مثلها أحد في التاريخ.. فقد هزم بجيش بسيط أعظم دولتين في الأرض في ذلك الزمان في وقت واحد.. وسجلّ التاريخ دخوله القدس على حماره مسالماً، مؤمّناً لأهلها.. فكان دخوله القدس بحق آية من آيات الله للذين يعلمون من أهل الكتاب.. وبدخوله تحقق الوعد الإلهي بتوريث الأرض المباركة للأمة الصالحة.. وحقّ للقدس أن تبتهج وللأرض المباركة أن تفرح ..
ولعل من العجيب ملاحظة الباحثين المسلمين أن الحروف الأولى من الصفات الثلاث المفصولة بحرف العطف الواو والتي وردت أعلاه في وصف هذا الملك العادل (هو عـادلٌ، و منصورٌ وديعٌ، وراكب على حمار، مع عدم الاعتداد بكلمة وديع التي لم تفصل عما قبلها بأداة العطف) أن هذه الحروف تشكل اسم عمر، فكأن بها رسالة أخرى خفية لعلماء أهل الكتاب لتكتمل عليهم الحجة وليتضح لصالحيهم البرهان، وقد أثبت المؤرخون تعرّف أهل الكتاب زمن عمر على هذه النبوة وأنها تعني عمراً.. يروي عزمي أبو عليان نقلا عن الواقدي أن بطريرك القدس صفرنيوس لمّا رأى عمر بن الخطاب " مسح عينيه ونظر إليه وزعق بأعلى صوته هذا والله الذي نجد صفته ونعته في كتبنا ومن يكون فتح بلادنا على يديه بلا محالة ثم انه قال لأهل بيت المقدس ياويحكم إنزلوا اليه واعقدوا معه الأمان والذمة, هذا والله صاحب محمد بن عبدالله ( صلى الله عليه وسلم ) ثم خرج إليه على رأس أعيانه فاستقبله عمر بن الخطاب بالترحاب والإكرام, وبناء على طلبهم كتب لهم سنة 15 هجرية 636م وثيقة الأمان التالية وهي التي عرفت ب " العهدة العمرية": "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين، لأهل إيلياء من الأمان، أعطاهم أماناً لأنفسهم، وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعدوا، عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان، وكتب وحضر سنة خمس عشرة"... ومن عدل عمر في هذا الموقف رفضه للصلاة في كنيسة النصارى، وذلك عندما حضر وقت الصلاة وهو مازال مع البطريرك، فعرض عليه الصلاة بها، ووضح للبطريرك أن ذلك خشية أن يأتي المسلمون في المستقبل فيحولوا موضع صلاة عمر بها إلى مسجد، فهل عرف تأريخ القدس فاتحا كمثله؟
وفي اليوم التالي من عقد الأمان دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس، ودخل معه أربعة آلاف من المجاهدين، وراياتهم تخفق فوق رؤوسهم، وكان دخوله يوم الاثنين، وأقام بها حتى يوم الجمعة، وخط بها محراباً من جهة الشرق، وهو موضع مسجده، فتقدم وصلى هو وأصحابه صلاة الجمعة.
ويسعى النصارى لتحويل هذه البشارة إلى عيسى عليه السلام، فيزعم بعض كتبة الأناجيل أنّ المسيح قد دخل القدس راكباً على حمار، وأنه بالتالي هو الملك المقصود ببشارة زكريا أعلاه.. وهذا خلط معتاد لدى النصارى وكتبة الأناجيل، وقد لاحظ الباحثون من الغربيين أنفسهم استعداد كتبة الأناجيل لتعديل سرد الأحداث حتى ولو وقعوا في التناقضات كي يثبتوا وقوع بشائر الأنبياء الأولين على المسيح عليه السلام.. وأمثلة هذا كثيرة ، ومن المعلوم أن الطعن التاريخي ثابت، ويكفي في ذلك جهل – أو مجهولية- من كتب هذه الأناجيل ومن تناقلها عبر ثلاثمائة عام حتى تبنتها الدولة الرومانيه ضمن تبنيها لمدرسة بولس واتباعه من بعد مجمع نيقية..
ولا مانع من أن يكون المسيح عليه السلام قد دخل القدس على حمار، فالذين يدخلونها على حمير في العهود الماضية يتجاوزون بالتأكيد المئات كل يوم.. ولاشك أن معظم أنبياء بني إسرائيل كانوا يركبون الحمير- لا الخيول- في غير أوقات الحروب، ويدخلون بها القدس وغيرها من المدن ويخرجون، وما زُعم لأحد منهم بأن النبوة والبشارة تعنيه.. فما كان أحد منهم ولا المسيح عليهم السلام لحظة دخوله إلى القدس ملكاً ولا كان منتصراً على أعدائه يحكم من البحار إلى البحار.. ولا تحقق من وراء دخول المسيح عليه السلام ولا غيره الأمن والرخاء للقدس.. وكيف تُبشر أورشليم بقدومه وهو الذي صرح بأنّه جاء بالسيف والعذاب والدمار لهذه المدينة قاتلة الأنبياء ( على ما نسبت إليه الأناجيل المعاصرة).. إي جاءها منذر بنقمة الله من أهلها.. فكيف تُبشر بقدومه أورشليمُ؟.. إنّ الدخول المقصود بالبشارة دخول حاكم فاتح ووارث للقدس والأرض المباركة، إضافة إلى ما يحكم من البلاد الممتدة من البحار إلى البحار، وقد ميّزت البشارة الشخص المعني بها من بين كل من دخل القدس على عمر بالصفات الأخرى التي لم تتحقق إلا في عمر رضي الله عنه.. وفي تحقق البشارة في عمر تحقيق لما سبق من التبشير بمملكة الله من بعد الروم ووراثتها للأرض المباركة..
يستحيل أن تكون هذه البشارة عبث أو تحريف فقد وقعت كما قيل بالضبط
والله أعلم