يعد الأب والأم المعلمان الأولان والأكثر أهمية في حياة الطفل، وربما لا يرى الكثير من الأمهات والآباء أنفسهم معلمين ومثقفين لأبنائهم. ولكن في الحقيقة هم يقدمون بشكل مباشر أو غير مباشر منهاجا دراسيا أساسيا وبعيد المدى على صعيد البيت والأسرة، فالوالدان يعلمان الصغير كيف يثق بنفسه وبالناس، وكيف يعتمد على نفسه ومحيطه وبيئته البشرية والمادية، وكيف يتعايش مع الظروف ومستجداتها، ومجموع ذلك هو التأثير في مستقبل الطفل ككل وعلاقاته الشخصية.
إن الوالدان اللذين يقرآن لأطفالهما، يحثانهم على القراءة والمطالعة أكثر بكثير من أولئك الذين يتوجهون بالأمر أو النصيحة للطفل على شكل: "اذهب واقرأ"، بينما الأب أوالأم أو كلاهما في صخب وهرج، كما أن الوالدين اللذين يشرحان للطفل ويعلمانه ويقومان بدور تعزيز تطور اللغة، ويقدمان مقومات موضوعية لطرق حل المشكلات، أما اللذين يبديان انفجارات عدوانية استجابة لحدث ما أو لإحباط بسيط أو فشل طفيف فإنهما يمثلان نموذجا سلوكيا خاطئا تماما، وفي علم النفس يصنف ذلك ضمن السلوكيات الزائفة.
والوالدان خلال عملية انتقال الثقافة بين الأجيال، لا يقدمان فقط المعلومات والنصائح والأفكار ولكن أيضا ينقلان قيم أسرهما وثقافاتهما، والأطفال كطلاب في المنزل يمكن أن يكونوا راغبين في تلقي ذلك، أو غير قاصدين لهذا، أو مقاومين له..
لقد أدخلت بعض الأمم دروسا حول الأبوة والأمومة لمناهج المدارس حتى العالية منها، ومهما كان التخصص فيها، وسيصبح مفيدا أكثر لو أعطينا أطفالنا خلال سنوات المدرسة تجارب وخبرات تستند على العلم والمعرفة والعادات الاجتماعية الفاضلة ومبادئ ديننا الحنيف، وذلك بخصوص العناية بالأطفال والدور المستقبلي الذي ينتظرهم، والعلم في الصغر كالنقش في الحجر.