سـمـاح
01-02-2008, 07:45 AM
منقول من دراسة :العالم الإسلامي وتحديات التنمية المستدامة (http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Tanmoust/P5.htm)
مقدمة
ازداد الاهتمام بقضايا البيئة، ومشكلاتها في الوقت الحاضر، بعد أن نمت مهارة الإنسان، أكثر مما نمت لديه الحكمة والعقلانية، وبعد أن أصبحت المشكلات البيئية واقعاً يتهدد حياة الإنسان حالياً ومستقبلاً، ما لم يتدارك ويعدل من سلوكه الخاطىء بفطنة وذكاء.
ومن المسلم به أن الإنسان لو التزم بتوجيهات الإسلام، ونفذ أوامره واجتنب نواهيه، لتخلص من كل أسباب المشكلات البيئية، ولانتفت من الوجود، ذلك، أن اللَّه سبحانه وتعالى خالق النفس البشرية، يعلم ما يصلح أمرها، وكذلك مايضرُ بها، ويوردها المهالك، وصدق اللَّه العظيم، إذ يقول في كتابة الكريم { ألاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوََ اللَّطِيفُ الْخَبِير }. (سورة الملك، آية :14 ).
أسس التنمية المستدامة ومقوماتها :
1. ورد مضمون التنمية تحت مصطلح العمارة والتعمير، يقول الله سبحانه وتعالى : {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } (سورة هود، الآية: 61).
ويقول علماء التفسير إن الآية الكريمة تحث على طلب العمارة، والطلب المطلق من الله يكون على سبيل الوجوب، وفي هذه الآية دلالة على وجوب عمارة الأرض، قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لنائبه على مصر "ليكن نظرك في عمارة الأرض، أبلغ من نظرك في استخراج الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد.
وهناك مصطلح آخر هو التمكين : قال الله تعالى : ژولَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ في الأرض وجَعَلْنَا لكم فيها مَعَايِشَ (سورة الأعراف، الآية: 10).
يرى علماء الفقه أن للتمكين معنيين : الأول : اتخاذ قرار ومكان وموطن، الثاني : السيطرة والقدرة على التحكم، وهو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ للإنسان وضع السيطرة على الطبيعة، وطلب منا تحقيق تلك السيطرة، أو بتعبير آخر طلب منا تحقيق التكنولوجيا على اعتبار أن التكنولوجيا هي أداة تسخير الوسائل العلمية للسيطرة على الظروف الطبيعية وتوجيهها لصالح الإنسان.
2. اهتم التصور الإسلامي للتنمية المستدامة بالإنسان فهو صانع التنمية والمستفيد الأول من عوائدها، وهو جزء من الكون، مخلوق من طين الأرض، وفيه نفحة علوية من روح الله، عنصران ممتزجان في كيان كلي، ويمكن تأصيل هذه العلاقة من عدة جوانب :
1-2 كرم الله الإنسان وجعله مفضلا ًعلى كثير من مخلوقاته، ويقول الله سبحانه وتعالى : {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } (سورة الإسراء، الآية: 70).
2-2 الإنسان ليس مستهلكاً فقط، بل هو منتج لنفسه ولغيره، بل طالبنا الإسلام بالإتقان والإحسان في العمل.
2-3 إن الله قد أودع في الانسان طاقات كثيرة، منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن خفي، ليستخدمها في عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها.
3. اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يسخر للإنسان كل ما في الكون من مخلوقاته ونعمه (الماء ـ الهواء ـ الحيوان ـ النبات ـ الجماد ـ السماء ـ الأرض ـ الشمس ـ القمر ـ الليل ـ النهار .. الخ)، وصدق الله العظيم إذ يقول في قرآنه الكريـم { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } (سورة لقمان، الآية : 20) وهو يعني أن للإنسان حقاً على تلك الموارد، والبحث عنها والانتفاع بها في بناء الحياة وعمارة الكون وفق منهج الله.
وتحمل الإنسان المسؤولية عن هذا الكون، تلك المسؤولية التي هي جزء من فطرته، هي في جملتها صون للتوازن البيئي على كوكب الأرض، فعندما عصا قوم نوح نبيهم، وحقت عليهم كلمة الله أن يبتلعهم الطوفان، تلقى نوح من ربه، أن يأخذ في السفينة من كل زوجين اثنين قال تعالى : { فاسلك فيها من كل زوجين اثنين} (سورة المؤمنون، الآية: 27).
ففلك نوح هو الوسيلة الوحيدة للنجاة، أي البقاء، والبقاء هو حفظ النوع. فقد أمر الله سيدنا نوحاً أن يحمل معه من الكائنات الحية الأخرى من كل نوع زوجين اثنين، وهي الوحدة القادرة على حفظ النوع وتحقيق بقائه. يعني هذا أن القاعدة هي أن للكائنات جميعاً ـ ومنها الإنسان ـ حق البقاء لأن الجميع شركاء في الأرض، التي شاءت إرادة الله أن تكون مهداً للحياة، لأن الله لم يخلق الكائنات عبثاً بلا غاية، ذلك لأن كل كائن من الميكروب الدقيق إلى الحيوان الكبير له دور في حفظ توازن الحياة.
ويعني هذا أن نوحاً ـ قائد الفلك ـ هو المسؤول عن سلامة الكائنات جميعاً، لا فرق بين نوع ونوع، وأنه المسؤول عن إتاحة فرصة البقاء. هذه هي الأمانة التي حملها، والخلافة التي كرمه الله بها، ويقتضي ذلك منه حسن إدارتها بأن :
ـ يحفظ توازنها ونواميس النظم البيئية.
ـ يحقق للأنواع جميعاً البقاء.
ـ يأخذ من مواردها ما يكفي لحاجته المشروعة، ولا يستنزف مواردها بالإسراف الذي نهى عنه الإسلام ونهت عنه الأديان كافة.
4 . رغم سلطان الإنسان على موارد البيئة التي استخلفه الله فيها لتحقيق مصلحته، إلا أن ملكيته لها ليست مطلقة ويجب ألاَّ تؤدي إلى الإضرار بالغير فموارد البيئة نعمة من نعم الله على الإنسان، وأثر من آثار رحمته بعباده، ينبغي أن تقابل بالشكر والحمد، وشكرها هو الإيمان بمصدرها واستعمالها فيما ينفع الأرض وعمارة الكون، وليس الإساءة لغيره.فمن يستخدم المبيدات الكيميائية لحماية محصولاته الزراعية أو يدير مصنعاً تصدر عنه أصوات مزعجة، أو ينفث أبخرة وغازات سامة، يجب منعه من ذلك، أو إلزامه باتخاذ التدابير التي تكفل عدم الإضرار بالغير، فجلبه مصلحة لنفسه لا ينبغي أن تكون على حساب المضار التي تلحق بغيره، ومن القواعد الفقهية الضرر الأكبر يدفع الضرر الأخف، وفي الأمثلة السابقة إذا كان يترتب على خطر استخدام المبيدات نقص في المحصول، أو الالتزام بالحد من نشاط المصنع، مما يسبب ضرراً أخف ينبغي تحمله في سبيل منع الأضرار الصحية وغيرها التي تلحق بمجموع الناس، أي أن حق الملكية في الإسلام مقيد بحدود الله وحقوق المجتمع، حتى أن انتزاع هذا الملك من صاحبه يجوز للمصلحة العامة على أن يعوض ثمنه بالمثل، ذلك لأن المال مال الله، وهومستخلف فيه، وبعبارة أخرى هو وكيل الجماعة في رعايته وتثميره وإنفاقه فإذا أساء التصرف في المال كان من حق الجماعة أن تغل يده، وبعض علماء المذهب المالكي يقولون إن سلطان الانسان لايكون المادة، وإنما محله منافعها فقط.ومما يؤكد ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مستخلفين في إدارة المال حيث قال سبحانه :
{ آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } (سورة الحديد، الآية: 7).
{ وأتوهم من مال الله الذي آتاكم } (سورة النور ، الآية :33).
وحق الانتفاع بموارد البيئة دون حق الملكية، له محدودية زمنية، فقد قال سبحانه: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}(سورة البقرة، الآية: 36).
وتفيد تلك المحدودية الزمنية في ضبط سلوك الإنسان في تعامله مع موارد البيئة وثرواتها، ذلك أن تلك الثروات والموارد ليست ملكاً للجيل الحالي بل هي ملك للأجيال التالية، وهذا يقتضي الحفاظ عليها وصيانتها من الملوثات التي تضر بها، وعدم الإسراف والجور في استغلالها، حتى نورثها سليمة قادرة على الإنتاج للأجيال القادمة.
5. نص الإسلام على فكرة شتراك الإنسانية في الموارد الطبيعية، منذ أربعة عشر قرناً، فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى :
{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شِرْبٍ محتَضَر } (سورة القمر، الآية: 28).
{ قال هذه ناقة لها شِرْبٌ ولكم شِرْبُ يومٍ معلوم } (سورة الشعراء، الآية: 155).
وجاء في السنة المطهرة أن الناس شركاء في ثلاث : "الماء والكلأ و النار" رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح، فلفظ الكلأ ذو معنى واسع، تشمل كل المزروعات التي تعيش عليها الكائنات الحية، وهي من الموارد الرئيسة للبيئة البرية، ولا يجوز لأحد أن يمنع غيره من الانتفاع بتلك الموارد، قال تعالى :
{ كلاًّ نُمِدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً } ( سورة الإسراء، الآية :20 ).
مقدمة
ازداد الاهتمام بقضايا البيئة، ومشكلاتها في الوقت الحاضر، بعد أن نمت مهارة الإنسان، أكثر مما نمت لديه الحكمة والعقلانية، وبعد أن أصبحت المشكلات البيئية واقعاً يتهدد حياة الإنسان حالياً ومستقبلاً، ما لم يتدارك ويعدل من سلوكه الخاطىء بفطنة وذكاء.
ومن المسلم به أن الإنسان لو التزم بتوجيهات الإسلام، ونفذ أوامره واجتنب نواهيه، لتخلص من كل أسباب المشكلات البيئية، ولانتفت من الوجود، ذلك، أن اللَّه سبحانه وتعالى خالق النفس البشرية، يعلم ما يصلح أمرها، وكذلك مايضرُ بها، ويوردها المهالك، وصدق اللَّه العظيم، إذ يقول في كتابة الكريم { ألاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوََ اللَّطِيفُ الْخَبِير }. (سورة الملك، آية :14 ).
أسس التنمية المستدامة ومقوماتها :
1. ورد مضمون التنمية تحت مصطلح العمارة والتعمير، يقول الله سبحانه وتعالى : {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } (سورة هود، الآية: 61).
ويقول علماء التفسير إن الآية الكريمة تحث على طلب العمارة، والطلب المطلق من الله يكون على سبيل الوجوب، وفي هذه الآية دلالة على وجوب عمارة الأرض، قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لنائبه على مصر "ليكن نظرك في عمارة الأرض، أبلغ من نظرك في استخراج الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد.
وهناك مصطلح آخر هو التمكين : قال الله تعالى : ژولَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ في الأرض وجَعَلْنَا لكم فيها مَعَايِشَ (سورة الأعراف، الآية: 10).
يرى علماء الفقه أن للتمكين معنيين : الأول : اتخاذ قرار ومكان وموطن، الثاني : السيطرة والقدرة على التحكم، وهو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ للإنسان وضع السيطرة على الطبيعة، وطلب منا تحقيق تلك السيطرة، أو بتعبير آخر طلب منا تحقيق التكنولوجيا على اعتبار أن التكنولوجيا هي أداة تسخير الوسائل العلمية للسيطرة على الظروف الطبيعية وتوجيهها لصالح الإنسان.
2. اهتم التصور الإسلامي للتنمية المستدامة بالإنسان فهو صانع التنمية والمستفيد الأول من عوائدها، وهو جزء من الكون، مخلوق من طين الأرض، وفيه نفحة علوية من روح الله، عنصران ممتزجان في كيان كلي، ويمكن تأصيل هذه العلاقة من عدة جوانب :
1-2 كرم الله الإنسان وجعله مفضلا ًعلى كثير من مخلوقاته، ويقول الله سبحانه وتعالى : {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } (سورة الإسراء، الآية: 70).
2-2 الإنسان ليس مستهلكاً فقط، بل هو منتج لنفسه ولغيره، بل طالبنا الإسلام بالإتقان والإحسان في العمل.
2-3 إن الله قد أودع في الانسان طاقات كثيرة، منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن خفي، ليستخدمها في عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها.
3. اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يسخر للإنسان كل ما في الكون من مخلوقاته ونعمه (الماء ـ الهواء ـ الحيوان ـ النبات ـ الجماد ـ السماء ـ الأرض ـ الشمس ـ القمر ـ الليل ـ النهار .. الخ)، وصدق الله العظيم إذ يقول في قرآنه الكريـم { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } (سورة لقمان، الآية : 20) وهو يعني أن للإنسان حقاً على تلك الموارد، والبحث عنها والانتفاع بها في بناء الحياة وعمارة الكون وفق منهج الله.
وتحمل الإنسان المسؤولية عن هذا الكون، تلك المسؤولية التي هي جزء من فطرته، هي في جملتها صون للتوازن البيئي على كوكب الأرض، فعندما عصا قوم نوح نبيهم، وحقت عليهم كلمة الله أن يبتلعهم الطوفان، تلقى نوح من ربه، أن يأخذ في السفينة من كل زوجين اثنين قال تعالى : { فاسلك فيها من كل زوجين اثنين} (سورة المؤمنون، الآية: 27).
ففلك نوح هو الوسيلة الوحيدة للنجاة، أي البقاء، والبقاء هو حفظ النوع. فقد أمر الله سيدنا نوحاً أن يحمل معه من الكائنات الحية الأخرى من كل نوع زوجين اثنين، وهي الوحدة القادرة على حفظ النوع وتحقيق بقائه. يعني هذا أن القاعدة هي أن للكائنات جميعاً ـ ومنها الإنسان ـ حق البقاء لأن الجميع شركاء في الأرض، التي شاءت إرادة الله أن تكون مهداً للحياة، لأن الله لم يخلق الكائنات عبثاً بلا غاية، ذلك لأن كل كائن من الميكروب الدقيق إلى الحيوان الكبير له دور في حفظ توازن الحياة.
ويعني هذا أن نوحاً ـ قائد الفلك ـ هو المسؤول عن سلامة الكائنات جميعاً، لا فرق بين نوع ونوع، وأنه المسؤول عن إتاحة فرصة البقاء. هذه هي الأمانة التي حملها، والخلافة التي كرمه الله بها، ويقتضي ذلك منه حسن إدارتها بأن :
ـ يحفظ توازنها ونواميس النظم البيئية.
ـ يحقق للأنواع جميعاً البقاء.
ـ يأخذ من مواردها ما يكفي لحاجته المشروعة، ولا يستنزف مواردها بالإسراف الذي نهى عنه الإسلام ونهت عنه الأديان كافة.
4 . رغم سلطان الإنسان على موارد البيئة التي استخلفه الله فيها لتحقيق مصلحته، إلا أن ملكيته لها ليست مطلقة ويجب ألاَّ تؤدي إلى الإضرار بالغير فموارد البيئة نعمة من نعم الله على الإنسان، وأثر من آثار رحمته بعباده، ينبغي أن تقابل بالشكر والحمد، وشكرها هو الإيمان بمصدرها واستعمالها فيما ينفع الأرض وعمارة الكون، وليس الإساءة لغيره.فمن يستخدم المبيدات الكيميائية لحماية محصولاته الزراعية أو يدير مصنعاً تصدر عنه أصوات مزعجة، أو ينفث أبخرة وغازات سامة، يجب منعه من ذلك، أو إلزامه باتخاذ التدابير التي تكفل عدم الإضرار بالغير، فجلبه مصلحة لنفسه لا ينبغي أن تكون على حساب المضار التي تلحق بغيره، ومن القواعد الفقهية الضرر الأكبر يدفع الضرر الأخف، وفي الأمثلة السابقة إذا كان يترتب على خطر استخدام المبيدات نقص في المحصول، أو الالتزام بالحد من نشاط المصنع، مما يسبب ضرراً أخف ينبغي تحمله في سبيل منع الأضرار الصحية وغيرها التي تلحق بمجموع الناس، أي أن حق الملكية في الإسلام مقيد بحدود الله وحقوق المجتمع، حتى أن انتزاع هذا الملك من صاحبه يجوز للمصلحة العامة على أن يعوض ثمنه بالمثل، ذلك لأن المال مال الله، وهومستخلف فيه، وبعبارة أخرى هو وكيل الجماعة في رعايته وتثميره وإنفاقه فإذا أساء التصرف في المال كان من حق الجماعة أن تغل يده، وبعض علماء المذهب المالكي يقولون إن سلطان الانسان لايكون المادة، وإنما محله منافعها فقط.ومما يؤكد ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مستخلفين في إدارة المال حيث قال سبحانه :
{ آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } (سورة الحديد، الآية: 7).
{ وأتوهم من مال الله الذي آتاكم } (سورة النور ، الآية :33).
وحق الانتفاع بموارد البيئة دون حق الملكية، له محدودية زمنية، فقد قال سبحانه: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}(سورة البقرة، الآية: 36).
وتفيد تلك المحدودية الزمنية في ضبط سلوك الإنسان في تعامله مع موارد البيئة وثرواتها، ذلك أن تلك الثروات والموارد ليست ملكاً للجيل الحالي بل هي ملك للأجيال التالية، وهذا يقتضي الحفاظ عليها وصيانتها من الملوثات التي تضر بها، وعدم الإسراف والجور في استغلالها، حتى نورثها سليمة قادرة على الإنتاج للأجيال القادمة.
5. نص الإسلام على فكرة شتراك الإنسانية في الموارد الطبيعية، منذ أربعة عشر قرناً، فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى :
{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شِرْبٍ محتَضَر } (سورة القمر، الآية: 28).
{ قال هذه ناقة لها شِرْبٌ ولكم شِرْبُ يومٍ معلوم } (سورة الشعراء، الآية: 155).
وجاء في السنة المطهرة أن الناس شركاء في ثلاث : "الماء والكلأ و النار" رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح، فلفظ الكلأ ذو معنى واسع، تشمل كل المزروعات التي تعيش عليها الكائنات الحية، وهي من الموارد الرئيسة للبيئة البرية، ولا يجوز لأحد أن يمنع غيره من الانتفاع بتلك الموارد، قال تعالى :
{ كلاًّ نُمِدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً } ( سورة الإسراء، الآية :20 ).