تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أسس التنمية المستدامة من المنظور الإسلامي ومقوماتها



سـمـاح
01-02-2008, 07:45 AM
منقول من دراسة :العالم الإسلامي وتحديات التنمية المستدامة (http://www.isesco.org.ma/pub/ARABIC/Tanmoust/P5.htm)

مقدمة

ازداد الاهتمام بقضايا البيئة، ومشكلاتها في الوقت الحاضر، بعد أن نمت مهارة الإنسان، أكثر مما نمت لديه الحكمة والعقلانية، وبعد أن أصبحت المشكلات البيئية واقعاً يتهدد حياة الإنسان حالياً ومستقبلاً، ما لم يتدارك ويعدل من سلوكه الخاطىء بفطنة وذكاء.

ومن المسلم به أن الإنسان لو التزم بتوجيهات الإسلام، ونفذ أوامره واجتنب نواهيه، لتخلص من كل أسباب المشكلات البيئية، ولانتفت من الوجود، ذلك، أن اللَّه سبحانه وتعالى خالق النفس البشرية، يعلم ما يصلح أمرها، وكذلك مايضرُ بها، ويوردها المهالك، وصدق اللَّه العظيم، إذ يقول في كتابة الكريم { ألاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوََ اللَّطِيفُ الْخَبِير }. (سورة الملك، آية :14 ).


أسس التنمية المستدامة ومقوماتها :


1. ورد مضمون التنمية تحت مصطلح العمارة والتعمير، يقول الله سبحانه وتعالى : {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } (سورة هود، الآية: 61).


ويقول علماء التفسير إن الآية الكريمة تحث على طلب العمارة، والطلب المطلق من الله يكون على سبيل الوجوب، وفي هذه الآية دلالة على وجوب عمارة الأرض، قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لنائبه على مصر "ليكن نظرك في عمارة الأرض، أبلغ من نظرك في استخراج الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد.


وهناك مصطلح آخر هو التمكين : قال الله تعالى : ژولَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ في الأرض وجَعَلْنَا لكم فيها مَعَايِشَ (سورة الأعراف، الآية: 10).

يرى علماء الفقه أن للتمكين معنيين : الأول : اتخاذ قرار ومكان وموطن، الثاني : السيطرة والقدرة على التحكم، وهو يعني أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ للإنسان وضع السيطرة على الطبيعة، وطلب منا تحقيق تلك السيطرة، أو بتعبير آخر طلب منا تحقيق التكنولوجيا على اعتبار أن التكنولوجيا هي أداة تسخير الوسائل العلمية للسيطرة على الظروف الطبيعية وتوجيهها لصالح الإنسان.


2. اهتم التصور الإسلامي للتنمية المستدامة بالإنسان فهو صانع التنمية والمستفيد الأول من عوائدها، وهو جزء من الكون، مخلوق من طين الأرض، وفيه نفحة علوية من روح الله، عنصران ممتزجان في كيان كلي، ويمكن تأصيل هذه العلاقة من عدة جوانب :


1-2 كرم الله الإنسان وجعله مفضلا ًعلى كثير من مخلوقاته، ويقول الله سبحانه وتعالى : {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } (سورة الإسراء، الآية: 70).

2-2 الإنسان ليس مستهلكاً فقط، بل هو منتج لنفسه ولغيره، بل طالبنا الإسلام بالإتقان والإحسان في العمل.


2-3 إن الله قد أودع في الانسان طاقات كثيرة، منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن خفي، ليستخدمها في عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها.



3. اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يسخر للإنسان كل ما في الكون من مخلوقاته ونعمه (الماء ـ الهواء ـ الحيوان ـ النبات ـ الجماد ـ السماء ـ الأرض ـ الشمس ـ القمر ـ الليل ـ النهار .. الخ)، وصدق الله العظيم إذ يقول في قرآنه الكريـم { ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } (سورة لقمان، الآية : 20) وهو يعني أن للإنسان حقاً على تلك الموارد، والبحث عنها والانتفاع بها في بناء الحياة وعمارة الكون وفق منهج الله.


وتحمل الإنسان المسؤولية عن هذا الكون، تلك المسؤولية التي هي جزء من فطرته، هي في جملتها صون للتوازن البيئي على كوكب الأرض، فعندما عصا قوم نوح نبيهم، وحقت عليهم كلمة الله أن يبتلعهم الطوفان، تلقى نوح من ربه، أن يأخذ في السفينة من كل زوجين اثنين قال تعالى : { فاسلك فيها من كل زوجين اثنين} (سورة المؤمنون، الآية: 27).


ففلك نوح هو الوسيلة الوحيدة للنجاة، أي البقاء، والبقاء هو حفظ النوع. فقد أمر الله سيدنا نوحاً أن يحمل معه من الكائنات الحية الأخرى من كل نوع زوجين اثنين، وهي الوحدة القادرة على حفظ النوع وتحقيق بقائه. يعني هذا أن القاعدة هي أن للكائنات جميعاً ـ ومنها الإنسان ـ حق البقاء لأن الجميع شركاء في الأرض، التي شاءت إرادة الله أن تكون مهداً للحياة، لأن الله لم يخلق الكائنات عبثاً بلا غاية، ذلك لأن كل كائن من الميكروب الدقيق إلى الحيوان الكبير له دور في حفظ توازن الحياة.


ويعني هذا أن نوحاً ـ قائد الفلك ـ هو المسؤول عن سلامة الكائنات جميعاً، لا فرق بين نوع ونوع، وأنه المسؤول عن إتاحة فرصة البقاء. هذه هي الأمانة التي حملها، والخلافة التي كرمه الله بها، ويقتضي ذلك منه حسن إدارتها بأن :
ـ يحفظ توازنها ونواميس النظم البيئية.
ـ يحقق للأنواع جميعاً البقاء.
ـ يأخذ من مواردها ما يكفي لحاجته المشروعة، ولا يستنزف مواردها بالإسراف الذي نهى عنه الإسلام ونهت عنه الأديان كافة.



4 . رغم سلطان الإنسان على موارد البيئة التي استخلفه الله فيها لتحقيق مصلحته، إلا أن ملكيته لها ليست مطلقة ويجب ألاَّ تؤدي إلى الإضرار بالغير فموارد البيئة نعمة من نعم الله على الإنسان، وأثر من آثار رحمته بعباده، ينبغي أن تقابل بالشكر والحمد، وشكرها هو الإيمان بمصدرها واستعمالها فيما ينفع الأرض وعمارة الكون، وليس الإساءة لغيره.فمن يستخدم المبيدات الكيميائية لحماية محصولاته الزراعية أو يدير مصنعاً تصدر عنه أصوات مزعجة، أو ينفث أبخرة وغازات سامة، يجب منعه من ذلك، أو إلزامه باتخاذ التدابير التي تكفل عدم الإضرار بالغير، فجلبه مصلحة لنفسه لا ينبغي أن تكون على حساب المضار التي تلحق بغيره، ومن القواعد الفقهية الضرر الأكبر يدفع الضرر الأخف، وفي الأمثلة السابقة إذا كان يترتب على خطر استخدام المبيدات نقص في المحصول، أو الالتزام بالحد من نشاط المصنع، مما يسبب ضرراً أخف ينبغي تحمله في سبيل منع الأضرار الصحية وغيرها التي تلحق بمجموع الناس، أي أن حق الملكية في الإسلام مقيد بحدود الله وحقوق المجتمع، حتى أن انتزاع هذا الملك من صاحبه يجوز للمصلحة العامة على أن يعوض ثمنه بالمثل، ذلك لأن المال مال الله، وهومستخلف فيه، وبعبارة أخرى هو وكيل الجماعة في رعايته وتثميره وإنفاقه فإذا أساء التصرف في المال كان من حق الجماعة أن تغل يده، وبعض علماء المذهب المالكي يقولون إن سلطان الانسان لايكون المادة، وإنما محله منافعها فقط.ومما يؤكد ذلك أن الله سبحانه وتعالى جعل الناس مستخلفين في إدارة المال حيث قال سبحانه :

{ آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } (سورة الحديد، الآية: 7).
{ وأتوهم من مال الله الذي آتاكم } (سورة النور ، الآية :33).

وحق الانتفاع بموارد البيئة دون حق الملكية، له محدودية زمنية، فقد قال سبحانه: {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}(سورة البقرة، الآية: 36).


وتفيد تلك المحدودية الزمنية في ضبط سلوك الإنسان في تعامله مع موارد البيئة وثرواتها، ذلك أن تلك الثروات والموارد ليست ملكاً للجيل الحالي بل هي ملك للأجيال التالية، وهذا يقتضي الحفاظ عليها وصيانتها من الملوثات التي تضر بها، وعدم الإسراف والجور في استغلالها، حتى نورثها سليمة قادرة على الإنتاج للأجيال القادمة.


5. نص الإسلام على فكرة شتراك الإنسانية في الموارد الطبيعية، منذ أربعة عشر قرناً، فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى :
{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شِرْبٍ محتَضَر } (سورة القمر، الآية: 28).
{ قال هذه ناقة لها شِرْبٌ ولكم شِرْبُ يومٍ معلوم } (سورة الشعراء، الآية: 155).


وجاء في السنة المطهرة أن الناس شركاء في ثلاث : "الماء والكلأ و النار" رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح، فلفظ الكلأ ذو معنى واسع، تشمل كل المزروعات التي تعيش عليها الكائنات الحية، وهي من الموارد الرئيسة للبيئة البرية، ولا يجوز لأحد أن يمنع غيره من الانتفاع بتلك الموارد، قال تعالى :
{ كلاًّ نُمِدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً } ( سورة الإسراء، الآية :20 ).

سـمـاح
01-02-2008, 08:03 AM
6. بما أن موادر الطبيعة تراث مشترك للانسانية فيجب الالتزام بالآداب الإسلامية في تنميتها ودفع الضرر والفساد عنها، لأن تلك الموارد المشتركة بين بني البشر لها وظائف ثلاث :


الوظيفة الأولى : تعبدية فهي تدفع لتأمل الإنسان وإعمال فكره حول مبدعها وخالقها، قال سبحانه وتعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأُولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقِناَ عذابً الناري (سورة آل عمران، الآيتان : 191-190) والتعدي على البيئة أو استنزافها يعوق تلك الوظيفة التعبدية.


الوظيفة الثانية : جمالية ترفيهية، ذلك أن الله خلق موارد الطبيعة مختلفة الألوان والأشكال، لإدخال البهجة والسرور على نفس من استخلفه الله في عمارة الأرض، وصدق الله العظيم إذ يقول : { ألمْ تَرَ أن الله أنَزلَ من السماءِ ماءً فأخرجنا به ثمراتٍ مُّختلفاً ألوانُها ومن الجبال جُدَدٌ بيضٌ وحُمرُ مُختلفٌ ألوانها وغَراَبِيبُ سودٌ ومن الناس والدواب والأنعام مُخْتَلِفٌ ألَوَانُه كذلك إنما يخشى اللَّهَ مِنَ عباده العُلماءُ إن الله عزيزٌ غفورٌ } (سورة فاطر ، الآيتان : 28-27).


الوظيفة الثالثة: حياتية معيشية، فكل فرد يستعمل موارد الطبيعية في تدبير طعامه وطعام أنعامه، ويتخذ منها ملبسه ومسكنه، ووسيلة انتقاله دون أن يتعدى على حق الغير، ومادام ذلك في حدود شرع الله.

7. دعا الإسلام إلى الوسطية أو الاعتدال في استغلال موادر البيئة، قال الله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً } (سورة البقرة ، الآية : 143). والأمة الوسط هي الأمة الأعلى والأشرف بين الأمم، لأنها تقوم على طريق الحق والعدل. وللوسطية مظاهر عدة منها :
ـ الوسطية في التصور والاعتقاد، لا غلو في التجرد الروحي، ولا في الارتكاس المادي.
ـ الوسطية في التنظيم لا تدع الحياة كلها للمشاعر والضمائر، ولا تدعها كلها للتشريع والتأديب، وإنما ترفع ضمائر البشر بالتوجيه والتهذيب.
ـ الوسطية في الارتباطات والعلاقات، لا تلغي شخصية الفرد ومقوماته، ولا تتلاشى شخصيته في شخصية الجماعة أو الدولة، ولا تطلقه فرداً جشعاً لا هم له إلا ذاته.



8. تنهى مبادئ الإسلام عن الإسراف والتبذير في استعمال ما أنعم الله به على الإنسان من موارد البيئة، قال تعالى : { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} (سورة الأعراف، الآية : 31 ).إن الإسراف والتبدير ضرب من ضروب الفساد في الأرض المنهي عنه شرعاً، قال تعالى : { فاتقوا الله وأطيعونِ ولا تطيعوا أَمْرَ المسرفين الذين يُفْسِدُونَ في الأرضِ ولا ُيْصِلحونَ } ( سورة الشعراء، الآيات : 152-151-150).

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الإسراف في استهلاك الماء عند الوضوء، فقد مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال : ما هذا السرف يا سعد؟ فقال : أفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم وإن كنت على نهر جار (رواه مسلم).
كما حث الإسلام في الوقت نفسه على تهيئة الموارد الطبيعية للاستغلال، ويدل على ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم :(من أحيا أرضاً ميتة فهي له) رواه البخاري.


9. دعا الإسلام إلى الاحتكام إلى شريعة الله حكومة وشعباً والأخذ بمبادئ العدل والشورى، ففي كثير من الدول النامية لا يشارك الشعب في اتخاذ القرارات التنموية، وتفرض عليه مشاريع التنمية، ويترتب على عدم مناقشته لمثل هذه المشاريع مشاكل بيئية لا حصر لها.كذلك بالمعارضة تظهر عيوب خطط التنمية والآثار السلبية لتفاعل الإنسان مع البيئة.
قال تعالى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون } (سورة الشورى،الآية : 150)



.10 الحريم



عينت الشريعة الإسلامية حرماً متنوعة يحرم فيها التعمير، أو يقيد لحماية المرافق العامة والموارد المهمة من الإفساد والإضرار، فلكل قرية أو مدينة حرم حولها حيث لا تملك الأراضي للأحياء، ولأهل القرية جميعاً إدارة هذه الأراضي المشتركة بينهم لتأمين ما يحتاجون إليه من المرعى والحطب وغير ذلك، وكذلك موارد المياه كالأنهار والعيون والآبار ومسايل المياه، والمرافق العامة كالطرق والأفنية، لها حرمة مشروعة، وذلك لمنع إفسادها، وتيسير استعمالها وصيانتها، ومن واجب السلطة أن تمنع الاعتداء على مثل تلك الحرم.

سـمـاح
01-02-2008, 08:12 AM
.11 الحمى

لولاة الأمور الحق بل عليهم أن يحموا الأراضي ذات المنفعة العامة كإدارة المراعي والغابات، ومستجمعات المياه والحيوانات البرية والمحافظة عليها فقد حمى رسول الله صلى الله عليه و سلم أراضي في سبيل الله للمصالح العامة. ولولاة الأمور، داخل هذه الأحمية، أن يمنعوا التعمير وقطع الشجر والرعي والصيد، أو تقييده، حسب الأهداف المعنية لكل حمى.


.12 الوقف الخيري


إن الإسلام يحث المسلمين كأفراد على المشاركة في المحافظة على البيئة وعمارتها الرشيدة عن طريق الهبة والوصية، وأهم النظم الشرعية في هذا المجال هو نظام الوقف الخيري. وقد يكون الوقف على شكل أرض مخصصة لأغراض خيرية كالأبحاث الزراعية أو الرعوية أو محتطب لقرية أو حوض أو بئر أو حديقة عامة، أو يكون الوقف على شكل عقار أو مال مخصص للإنفاق على مشاريع مماثلة. وفي هذا محافظة على الموارد الطبيعية في البيئة.


.13 الحرمان الشريفان


خصص رسول صلى الله عليه و سلم مناطق معينة من مكة والمدينة كمحميات طبيعية، وحدد رسول الله للحرم المكي حدودا من جميع الجهات لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده. وعن أبي هريرة أن رسول صلى الله عليه و سلم قال :(إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة، ما بين لابتيها، لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها).
يتضح مما سبق أن الإسلام أول من قرر مبدأ المحميات الطبيعية وأقام محميتين طبيعيتين وحدد حدودهما، كما سن التشريعات المناسبة لحماية الحياة البرية فيهما، فبالنسبة للمُحْرِِم بمكة إذا قتل صيداً أو قطع شجرة طبيعية لم يستنبتها الإنسان، فإنه يكون آثماً ويجب عليه الاستغفار كما تجب عليه الغرامة، وهي دفع قيمة ما قطع أو الهدي (وهو ما يهدى إلى الحرم من النعم مثل الإبل، وغيرها).


15 ـ تضمن الفقه الإسلامي العديد من القواعد الفقهية التي تعتبر الأساس للعديد من الأنظمة والقوانين الخاصة بالتنمية المستدامة، ومنها :


1-15 . لا ضرر ولا ضرار :
أي لا يضر الإنسان غيره بأعماله، ولا هو يضار بأعمال الغير، فمن حق الإنسان استخدام المياه في الشرب وأغراضه الخاصة، لكن ليس من حقه تلويث المياه أو إهدارها، فكل حق بيئي يقابله واجب بيئي.


2-15 درء المفاسد مقدم على جلب المصالح :
فما أدى إلى حرام فهو حرام، كما أن منع الضرر قبل حدوثه أولى في معالجته بعد حدوثه. فمن المؤكد أن منع التلوث الغذائي قبل وقوعه، أولى من معالجته بعد حدوثه.


3-15 تَحَمُّلُ الضرر الخاص لدفع الضرر العام :
فعدم استخدام المبيدات بكثرة، واستخدام المقاومة البيولوجية بدلاً من المقاومة الكيميائية، أفضل من الضرر الذي قد يصيب عدداً كبيراً من جراء تلوث التربة، والتي لها آثار جانبية على الإنسان والحيوان بالإضافة إلى أنها تقتل الكائنات الدقيقة الموجودة في التربة (المحللات) والتي تعمل على تكوين مادة "الدوبال" التي تؤدي إلى خصوبتها، ومن هنا كان تحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.



4-15 الضرر يُزال :
من يتسبب في إحداث الضرر، ينبغي عليه إزالته، فإلقاء السفن الضخمة فضلاتها في البيئة البحرية، يلوثها ويدمر النباتات البحرية، مما يؤدي إلى اختلال التوازن البيئي، ومن هنا يجب على المتسبب أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لإزالة الآثار السيئة لأفعاله، حيث يعدُّ هذا إفساداً في الأرض، وقد توعد الله المفسدين بالعذاب الشديد.



وهناك الكثير من المبادئ الفقهية التي تقوم عليها فكرة التنمية المستدامة، وضرورة المحافظة على الموار. الطبيعية للأجيال الحالية والمستقبلية، وعدم تبديدها أو إهدارها.

سـمـاح
01-02-2008, 08:18 AM
تعريف التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية :


بناء على الأسس والمبادئ والمقومات التي تمت مناقشتها سابقاً والتي تقوم عليها التنمية المستدامة من منظور إسلامي، يمكن تعريف التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية التعريف التالي :


التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية عملية متعددة الأبعاد، تعمل على التوازن بين أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية من جهة، والبعد البيئي من جهة أخرى، وتهدف إلى الاستغلال الأمثل للموارد والأنشطة البشرية القائمة عليها من منظور إسلامي يؤكد أن الإنسان مستخلف في الأرض له حق الانتفاع بمواردها دون حق ملكيتها، ويلتزم في تنميتها بأحكام القرآن والسنة النبوية الشريفة، على أن يراعي في عملية التنمية الاستجابة لحاجات الحاضر، دون إهدار حق الأجيال اللاحقة، ووصولاً إلى الارتفاع بالجوانب الكمية والنوعية للمادة البشر.


وهذا التعريف يتضمن ثلاثة عناصر أساسية :


1. عملية متعددة الأبعاد تقوم على التخطيط والتنسيق بين خطط التنمية الشاملة من جهة وبعدها البيئي من جهة أخرى.


2. الاستغلال الأمثل للموارد من منظور إسلامي.


3. توفير حق الأجيال الحاضرة واللاحقة من الموارد والارتقاء بالجوانب الكمية والنوعية للمادة والبشر.


من العرض السابق لأسس ومقومات التنمية المستدامة، وتعريفها، يتضح أن الإسلام قد أمر بها منذ أكثر من ألف وربعمائة عام، وقبل أن تظهر الفكرة في مؤتمر ريودي جانيرو عام 1992، وبيان التنمية المستدامة من وجهة نظر إسلامية يربطها بالوحي الإلهي، فتظل مصونة من الخطأ والزلل، محوطة بضمانات من الوحي الرباني والهدي النبوي، كما قال صلى الله عليه و سلم : (تركت فيكم ما إن تمسكتم به، لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي).


ومما لاشك فيه أن العالم الإسلامي يتمتع بخصوصية ثقافية واحدة جامعة، أسسها وأرسى دعائمها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وقواعد الفقه الإسلامي، والأثر الثقافي والأخلاقي الذي تتميز به حضارتنا الإسلامية، والذي يشجع على الحوار، لإيجاد وئام وتوافق دولي بين الحضارات والأديان، يكون أحد مخرجاته تحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

منال
01-02-2008, 11:15 AM
بارك الله فيك

الموضوع طويل بس جميل لى عودة باذن الله

أم ورقة
01-02-2008, 11:33 AM
جزاكِ الله خيراً أختي سماح
كلنا بحاجة لتعريف التنمية المستدامة من وجهة نظر الاسلام
فلذلك الموضوع يستحق التثبيت...

من هناك
01-02-2008, 01:40 PM
بارك الله بك يا سماح وجزيت خيراً على هذه المشاركة القيمة جداً لأننا بحاجة دوماً للعودة دوماً إلى ديننا العظيم لإستلهام الأفكار الجديدة في اي موضوع.

سوف احاول ان اضيف شيئاً للموضوع لاحقاً إن شاء الله كي نضيف النواحي الإقتصادية وتحديث القسم الخاص بالموارد البشرية

سـمـاح
01-02-2008, 06:10 PM
وبكم بارك الله وثبتنا واياكم على الحق.

أبو مُحمد
01-02-2008, 06:14 PM
جزاكِ الله خيرا ..

هنا الحقيقه
01-03-2008, 07:47 AM
جزاكِ الرحمن خيرا اخت سماح جميل بحثك لما ينفع