هنا الحقيقه
12-31-2007, 03:19 PM
سئل شيخ الاسلام أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله عن قوله تعالى حق اليقين وعين اليقين و علم اليقين فما معنى كل مقام منها وأي مقال أعلى فأجاب
الحمد لله رب العالمين للناس في هذه الأسماء مقالات معروفة منها أن يقال علم اليقين ما علمه بالسماع والخبر والقياس والنظر وعين اليقين ما شاهده وعاينه بالبصر وحق اليقين ما باشره ووجده وذاقه وعرفه بالاعتبار فالأولى مثل من أخبر أن هناك عسلا وصدق المخبر أو رأى آثار العسل فاستدل على وجوده والثاني مثل من رأى العسل وشاهده وعاينه وهذا أعلى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المخبر كالمعاين
والثالث مثل من ذاق العسل ووجد طعمه وحلاوته ومعلوم أن هذا أعلى مما قبله ولهذا يشير أهل المعرفة الى ما عندهم من الذوب والوجد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله أحب اليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه الا لله ومن كان يكره أن يرجع الى الكفر بعد اذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار وقال صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا فالناس فيما يجده أهل الايمان ويذوقونه من حلاوة الايمان وطعمه على ثلاث درجات درجات أهل الايمان الأولى من علم ذلك مثل من يخبره به شيخ له يصدقه أو يبلغه ما أخبر به العارفون عن أنفسهم أو يجد من آثار أحوالهم ما يدل على ذلك والثانية من يشاهد ذلك وعاينه مثل أن يعاين من أحوال أهل المعرفة والصدق واليقين ما يعرف به مواجيدهم وأذواقهم وان كان هذا في الحقيقة لم يشاهد ما ذاقوه ووجدوه ولكن شاهد ما دل عليه لكن هو أبلغ من المخبر والمستدل بآثارهم
والثالثة أن يحصل له من الذوق والوجه في نفسه ما كان سمعه كما قال بعض الشيوخ لقد كنت في حال أقول فيها ان كان أهل الجنة في الجنة في مثل هذا الحال انهم لفي عيش طيب وقال آخر انه ليمر على القلب أوقات يرقص منها طربا وقال الآخر لأهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم درجات الناس في الايمان بالآخرة والناس فيما أخبروا به من أمر الآخرة على ثلاث درجات احداها العلم بذلك لما أخبرتهم الرسل وما قام من الأدلة على وجود ذلك الثانية اذا عاينوا ما وعدوا به من الثواب والعقاب والجنة والنار والثالثة اذا باشروا ذلك فدخل أهل الجنة الجنة وذاقوا ما كانوا يوعدون ودخل أهل النار النار وذاقوا ما كانوا يوعدون فالناس فيما يوجد في القلوب وفيما يوجد خارج القلوب على هذه الدرجات الثلاث درجات الناس فيما يخبروا بن من أمور الدنيا وكذلك في أمور الدنيا فان من أخبر بالعشق أو النكاح ولم يره ولم يذقه كان له علم به فان شاهده ولم يذقه كان له معاينة له فإن ذاقه بنفسه كان له ذوق وخبرة به ومن لم يذق الشيء لم يعرف حقيقته فان العبارة انما تفيد التمثيل والتقريب وأما معرفة الحقيقة فلا تحصل بمجرد العبارة الا لمن يكون قد ذاق ذلك الشيء المعبر عنه وعرفه وخبره ولهذا يسمون أهل المعرفة لأنهم عرفوا بالخبرة والذوق ما يعلمه غيرهم بالخبر والنظر وفي الحديث الصحيح أن هرقل ملك الروم سأل أبا سفيان بن حرب فيما سأله عنه من أمور النبي صلى الله عليه وسلم قال فهل يرجع
أحد منهم دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه قال لا قال وكذلك الايمان اذا خالطت بشاشته القلب لا يسخطه أحد القلب بين زيادة الايمان وزيادة المحبة فالايمان اذا باشر القلب وخالطته بشاشته لا يسخطه القلب بل يحبه ويرضاه فإن له من الحلاوة في القلب واللذة والسرور والبهجة ما لا يمكن التعبير عنه لمن لم يذقه والناس متفاوتون في ذوقه والفرح والسرور الذي في القلب له من البشاشة ما هو بحسبه واذا خالطت القلب لم يسخطه قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وقال تعالى والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه وقال تعالى وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون فأخبر سبحانه أنهم يستبشرون بما أنزل من القرآن والاستبشار هو الفرح والسرو وذلك لما يجدونه في قلوبهم من الحلاوة واللذه والبهجة بما أنزل الله واللذة أبدا تتبع المحبة فمن أحب شيئا ونال ما أحبه وجد اللذة به فالذوق هو ادراك المحبوب اللذة الظاهرة كالأكل مثلا حال الانسان فيها أنه يشتهي الطعام ويحبه ثم يذوقه ويتناوله فيجد حينئذ لذته وحلاوته وكذلك النكاح وأمثال ذلك
وليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته من كل وجه الا الله تعالى وكل ما يحب سواه فمحبته تبع لحبه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام انما يحب لأجل الله ويطاع لأجل الله ويتبع لأجل الله كما قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وفي الحديث أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي وقال تعالى قل ان كان آباؤكم الى قوله أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين وفي حديث الترمذي وغيره من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وقال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله فالذين آمنوا أشد حبا لله من كل محب لمحبوبه وقد بسطنا الكلام على هذا في مواضع متعددة والمقصود هنا أن أهل الايمان يجدون بسبب محبتهم لله ولرسوله
من حلاوة الايمان ما يناسب هذه المحبة ولهذا علق النبي صلى الله عليه وسلم ما يجدونه بالمحبة فقال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه الا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ومن ذلك ما يجدونه من ثمرة التوحيد والاخلاص والتوكل والدعاء لله وحده فإن الناس في هذا الباب على ثلاث درجات درجات الناس فيا يجدونه من ثمرة التوحيد منهم من علم ذلك سماعا واستدلالا ومنهم من شاهد وعاين ما يحصل لهم ومنهم من وجد حقيقة الاخلاص والتوكل على الله والالتجاء اليه والاستعانة به وقطع التعلق بما سواه وجرب من نفسه أنه اذا تعلق بالمخلوقين ورجاهم وطمع فيهم أن يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضرة فإنه يخذل من جهتهم ولا يحصل مقصوده بل قد يبذل لهم من الخدمة والأموال وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته اليهم فلا ينفعونه اما لعجزهم واما لانصارف قلوبهم عنه واذا توجه الى الله بصدق الافتقار اليه واستغاث به مخلصا له الدين أجاب دعاءه وأزال ضرره وفتح له أبواب الرحمة فمثل هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء لله ما لم يدق غيره وكذلك من ذاق طعم إخلاص لله وارادة وجهه دون ما سواه يجد من الأحوال والنتائج والفوائد ما لا يجده من لم يكن كذلك بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو وتعلقه بالصور الجميلة أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان
والآلام وضيف الصدر ما لا يعبر عنه وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى ولا يحصل له ما يسره بل هو في خوف وحزن دائما ان كان طالبا لما يهواه فهو قبل ادراكه حزين متألم حيث لم يحصل فإذا أدركه كان خائفا من زواله وفراقه وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الاخلاص لله والعبادة وحلاوة ذكره ومناجاته وفهم كتابه وأسلم وجهه لله وهو محسن بحيث يكون عمله صالحا ويكون لوجه الله خالصا فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا أو اندفع عنه ما يضره فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة أو اندفع عنه من المضرة ولا أنفع للقلب من التوحيد واخلاص الدين لله ولا أضر عليه من الاشراك فإذا وجد حقيقة الاخلاص التي هي حقيقةاياك نعبدمع حقيقة التوكل التي هي حقيقة اياك نستعين كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا والله أعلم
الحمد لله رب العالمين للناس في هذه الأسماء مقالات معروفة منها أن يقال علم اليقين ما علمه بالسماع والخبر والقياس والنظر وعين اليقين ما شاهده وعاينه بالبصر وحق اليقين ما باشره ووجده وذاقه وعرفه بالاعتبار فالأولى مثل من أخبر أن هناك عسلا وصدق المخبر أو رأى آثار العسل فاستدل على وجوده والثاني مثل من رأى العسل وشاهده وعاينه وهذا أعلى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المخبر كالمعاين
والثالث مثل من ذاق العسل ووجد طعمه وحلاوته ومعلوم أن هذا أعلى مما قبله ولهذا يشير أهل المعرفة الى ما عندهم من الذوب والوجد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله أحب اليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه الا لله ومن كان يكره أن يرجع الى الكفر بعد اذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار وقال صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا فالناس فيما يجده أهل الايمان ويذوقونه من حلاوة الايمان وطعمه على ثلاث درجات درجات أهل الايمان الأولى من علم ذلك مثل من يخبره به شيخ له يصدقه أو يبلغه ما أخبر به العارفون عن أنفسهم أو يجد من آثار أحوالهم ما يدل على ذلك والثانية من يشاهد ذلك وعاينه مثل أن يعاين من أحوال أهل المعرفة والصدق واليقين ما يعرف به مواجيدهم وأذواقهم وان كان هذا في الحقيقة لم يشاهد ما ذاقوه ووجدوه ولكن شاهد ما دل عليه لكن هو أبلغ من المخبر والمستدل بآثارهم
والثالثة أن يحصل له من الذوق والوجه في نفسه ما كان سمعه كما قال بعض الشيوخ لقد كنت في حال أقول فيها ان كان أهل الجنة في الجنة في مثل هذا الحال انهم لفي عيش طيب وقال آخر انه ليمر على القلب أوقات يرقص منها طربا وقال الآخر لأهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم درجات الناس في الايمان بالآخرة والناس فيما أخبروا به من أمر الآخرة على ثلاث درجات احداها العلم بذلك لما أخبرتهم الرسل وما قام من الأدلة على وجود ذلك الثانية اذا عاينوا ما وعدوا به من الثواب والعقاب والجنة والنار والثالثة اذا باشروا ذلك فدخل أهل الجنة الجنة وذاقوا ما كانوا يوعدون ودخل أهل النار النار وذاقوا ما كانوا يوعدون فالناس فيما يوجد في القلوب وفيما يوجد خارج القلوب على هذه الدرجات الثلاث درجات الناس فيما يخبروا بن من أمور الدنيا وكذلك في أمور الدنيا فان من أخبر بالعشق أو النكاح ولم يره ولم يذقه كان له علم به فان شاهده ولم يذقه كان له معاينة له فإن ذاقه بنفسه كان له ذوق وخبرة به ومن لم يذق الشيء لم يعرف حقيقته فان العبارة انما تفيد التمثيل والتقريب وأما معرفة الحقيقة فلا تحصل بمجرد العبارة الا لمن يكون قد ذاق ذلك الشيء المعبر عنه وعرفه وخبره ولهذا يسمون أهل المعرفة لأنهم عرفوا بالخبرة والذوق ما يعلمه غيرهم بالخبر والنظر وفي الحديث الصحيح أن هرقل ملك الروم سأل أبا سفيان بن حرب فيما سأله عنه من أمور النبي صلى الله عليه وسلم قال فهل يرجع
أحد منهم دينه سخطة له بعد أن يدخل فيه قال لا قال وكذلك الايمان اذا خالطت بشاشته القلب لا يسخطه أحد القلب بين زيادة الايمان وزيادة المحبة فالايمان اذا باشر القلب وخالطته بشاشته لا يسخطه القلب بل يحبه ويرضاه فإن له من الحلاوة في القلب واللذة والسرور والبهجة ما لا يمكن التعبير عنه لمن لم يذقه والناس متفاوتون في ذوقه والفرح والسرور الذي في القلب له من البشاشة ما هو بحسبه واذا خالطت القلب لم يسخطه قال تعالى قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون وقال تعالى والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل اليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه وقال تعالى وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه ايمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون فأخبر سبحانه أنهم يستبشرون بما أنزل من القرآن والاستبشار هو الفرح والسرو وذلك لما يجدونه في قلوبهم من الحلاوة واللذه والبهجة بما أنزل الله واللذة أبدا تتبع المحبة فمن أحب شيئا ونال ما أحبه وجد اللذة به فالذوق هو ادراك المحبوب اللذة الظاهرة كالأكل مثلا حال الانسان فيها أنه يشتهي الطعام ويحبه ثم يذوقه ويتناوله فيجد حينئذ لذته وحلاوته وكذلك النكاح وأمثال ذلك
وليس للخلق محبة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم وليس في الوجود ما يستحق أن يحب لذاته من كل وجه الا الله تعالى وكل ما يحب سواه فمحبته تبع لحبه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام انما يحب لأجل الله ويطاع لأجل الله ويتبع لأجل الله كما قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وفي الحديث أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي وقال تعالى قل ان كان آباؤكم الى قوله أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين وفي حديث الترمذي وغيره من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وقال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله فالذين آمنوا أشد حبا لله من كل محب لمحبوبه وقد بسطنا الكلام على هذا في مواضع متعددة والمقصود هنا أن أهل الايمان يجدون بسبب محبتهم لله ولرسوله
من حلاوة الايمان ما يناسب هذه المحبة ولهذا علق النبي صلى الله عليه وسلم ما يجدونه بالمحبة فقال ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه الا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ومن ذلك ما يجدونه من ثمرة التوحيد والاخلاص والتوكل والدعاء لله وحده فإن الناس في هذا الباب على ثلاث درجات درجات الناس فيا يجدونه من ثمرة التوحيد منهم من علم ذلك سماعا واستدلالا ومنهم من شاهد وعاين ما يحصل لهم ومنهم من وجد حقيقة الاخلاص والتوكل على الله والالتجاء اليه والاستعانة به وقطع التعلق بما سواه وجرب من نفسه أنه اذا تعلق بالمخلوقين ورجاهم وطمع فيهم أن يجلبوا له منفعة أو يدفعوا عنه مضرة فإنه يخذل من جهتهم ولا يحصل مقصوده بل قد يبذل لهم من الخدمة والأموال وغير ذلك ما يرجو أن ينفعوه وقت حاجته اليهم فلا ينفعونه اما لعجزهم واما لانصارف قلوبهم عنه واذا توجه الى الله بصدق الافتقار اليه واستغاث به مخلصا له الدين أجاب دعاءه وأزال ضرره وفتح له أبواب الرحمة فمثل هذا قد ذاق من حقيقة التوكل والدعاء لله ما لم يدق غيره وكذلك من ذاق طعم إخلاص لله وارادة وجهه دون ما سواه يجد من الأحوال والنتائج والفوائد ما لا يجده من لم يكن كذلك بل من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة والعلو وتعلقه بالصور الجميلة أو جمعه للمال يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والأحزان
والآلام وضيف الصدر ما لا يعبر عنه وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى ولا يحصل له ما يسره بل هو في خوف وحزن دائما ان كان طالبا لما يهواه فهو قبل ادراكه حزين متألم حيث لم يحصل فإذا أدركه كان خائفا من زواله وفراقه وأولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فإذا ذاق هذا أو غيره حلاوة الاخلاص لله والعبادة وحلاوة ذكره ومناجاته وفهم كتابه وأسلم وجهه لله وهو محسن بحيث يكون عمله صالحا ويكون لوجه الله خالصا فإنه يجد من السرور واللذة والفرح ما هو أعظم مما يجده الداعي المتوكل الذي نال بدعائه وتوكله ما ينفعه من الدنيا أو اندفع عنه ما يضره فإن حلاوة ذلك هي بحسب ما حصل له من المنفعة أو اندفع عنه من المضرة ولا أنفع للقلب من التوحيد واخلاص الدين لله ولا أضر عليه من الاشراك فإذا وجد حقيقة الاخلاص التي هي حقيقةاياك نعبدمع حقيقة التوكل التي هي حقيقة اياك نستعين كان هذا فوق ما يجده كل أحد لم يجد مثل هذا والله أعلم