تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حوار في ساحة المطاف-د.عبدالرخمن العشماوي-



أبو عاصم
12-15-2007, 06:41 AM
حوار في ساحة المطاف

للدكتور : عبدالرحمن العشماوي مرَّ عامٌ، كأنَّما مرَّ شهرٌ **** عجباً، هل تلاشـت الأعوامُ؟!

كيف صار المولود فينا رَضيعاً **** ومتى حُقَّ للرضيع الفِطامُ؟ ومتى أصبح الفَطيم غُلاماً **** ومتى جاوز البلوغَ ال
مــــرَّ عامٌ، أهكذا مرَّ عامُ **** هكـــذا طوَّفتْ بنا الأيّــــامُ؟!
غُلامُ؟ ومتى أصبح الغُلام لدينا **** رجلاً، تَحتفي به الأقلامُ؟ ثم أضحى شيخاً حنَتْه الليالي **** فهو كالجذع مالَ منه القَوامُ ليت شعري، أهكذا العمرُ يَمضي **** حين يمضي، وما يُحسُّ الأَنامُ؟؟ كنتُ في ساحةِ المطاف وقلبي **** مُطمئنٌّ، والطَّائفون الْتِحَامُ كنت في ساعةٍ، تحلِّق روحي **** في مَداها، وتُشرق الأحلامُ ها هنا تلتقي نفوسُ البَرايا **** يافثٌ هاهُنا و حَامٌ و سَامُ صورةُ الحجِّ لوحةٌ من جلالٍ **** تتجلى فـيها أمورٌ عظامُ كنت أستوقف الخيالَ فيأبى **** كيف باللهِ، يُوقَفُ الإلهامُ؟!

طافَ بي حينَها شعورٌ عجيبٌ **** بسؤالٍ يُماطُ عنه اللِّثامُ مَوْسِمَ الحجِّ، كيف عُدْتَ إِلينا **** بعد شهرٍ، وَوَعـْدُ لُقْياكَ عامُ؟ كنتَ بالأمس عندنا، دون شكٍ **** نظري فيكَ دائماً لا يُضامُ كنتَ بالأمس في المشاعر تمشي **** في خشوعٍ، لباسُكَ الإِحرامُ حولَك الناسُ بالأُلوفِ تلبِّي **** فـتجيب البِطَاحُ والآكامُ كنتَ بالأمس في المقام تُصلِّي **** لو سألنا، أجاب عنك المقامُ كنتَ ترمـي الجِمَارَ بعد زَوالٍ **** للحصى، حينما رَمَيْتَ، ضِرامُ كنتَ بالأمس في طوافِ وداعٍ **** تسأل اللهَ أنْ يطيب الختامُ أوَ ما بِتَّ في مِنَىً قبلَ شهرٍ **** ودليلي على المبيتِ الخيامُ أوَ ما كُنتَ في رُبَى عَرَفاتٍ **** واقفاً، والجموعُ فيها قيامُ أيّها الحَجُّ، كيف عُدْتَ، أَجبْني **** قبل أنْ يُعجزَ اللِّسانَ الكلامُ؟ أنتَ رُكْنٌ مُخصّصٌ بزمانٍ **** مثلما خُصَّ بالزمانِ الصِّيامُ فلماذا أتيتنا بعد شهرٍ **** قبل أنْ يتركَ العيونَ المَنام؟ مدَّ كفَّا إليَّ، يمسح رأسي **** وعلى ثغره يلوح ابتسامُ قال لي ضاحكاً : لقد مرَّ عامٌ **** منذ ودَّعـتكم، وأنتم نيامُ ودليلي، هذي المشاعر تنمو **** وعليها صَرْحُ العَطاءِ يُقام كلَّ عام تمتدُّ فيها جسورٌ **** ودروبٌ، بها تخفُّ الزِّحام خدْمةٌ للحجيج تُسعد قلبي **** واحتفاءٌ بشأنهم واهتمامُ خَيْرُ هذي البقاع يَمْتَدُّ فوقي **** كلَّ عامٍ، كما يُمَدُّ الغَمام مَرَّ عامٌ على طوافِ وَدَاعي **** حَدَثتْ فيه حادثاتٌ جِسَامُ ودليلي تَجدُّدُ الجرحِ فيكم **** والنفوسُ التي طَواها الحِمَامُ والبيوتُ التي تُهدَّم ظُلْمَاً **** والضحايا، والقتلُ، والإِجرامُ ودليلي انتفاضةٌ فجَّرَتْها **** في فلسطينَ طفلةٌ وغُلامُ والثَّكالى، قلوبهنَّ انكسارٌ **** يتلظَّى ببؤسها الأَيتامُ ودليلي الشيشانُ تُخْبِرُ عنها **** كلَّ يومٍ أشلاؤها والحُطَامُ ودليلي كشميرُ في القلب منها **** حَسراتٌ، لهنَّ فيه احتدامُ ودليلي العراقُ ما زال يبكي **** ويُغنِّي بجرحه (صَدَّامُ)

لو سألنا بغدادَ عنه لقالتْ **** صِحّةُ الاسم عندنا (هَدَّام)

ودليلي نهايةٌ لنظامٍ **** عالميٍّ يَفرُّ منه النّظامُ وانكشافُ الغطاءِ عَمَّا يُسمَّى **** بسلامٍ، وليس فيه سَلاَمُ مَرَّ عامٌ، لديَّ أَلْفُ دليلٍ **** فلماذا تَسْتَغلِقُ الأَفهامُ؟ مرَّ عام شهوره ناطقاتٌ **** ما بها لـَكْنَةٌ ولا إِعجامُ تُشرق الشمسُ فيه كلَّ صَباحٍ **** ويُغطّيه في المساءِ الظلامُ وَيَهُلُّ الهلالُ فيه، ويبقى **** في نُموٍّ، حتى يكونَ التَّمَامُ مرَّ عامٌ، هذي الحقيقةُ، لكنْ **** أنتم الغافلون عمَّا يُرامُ صار يُلهيكم التكاثُرُ حتى **** فَرِحَ (القَسُّ) وانتشى (الحَاخامُ)

وبدا للبعيد منكم خضوعٌ **** فرماكم، وطاوعتْه السِّهامُ لم يُصِبْكم إلاَّ لأنَّ خُـطاكم **** وقفتْ حَيْثُ ساخت الأَقدامَ وإذا نالت المذلَّةُ قوماً **** طافَ أعداؤهم عليهم وحاموا واستباحوا دَمَ الكرامةِ فـيهم **** ليت شعري متى يُفيق الكرامُ؟!

فلماذا تُخبِّئونَ رؤوساً **** مثلما تدفن الرؤوسَ النَّـعَامُ؟ موسمَ الحجِّ، يا حبيبَ قلوبٍ **** صاغها من ضيائه الإِسلامُ مرَّ عامٌ، نعم، ولكنَّ مثلي **** في مَرامي سؤالهِ، لا يُلام قَصُرتْ خُطْوَةُ الزَّمانِ وفينا **** أيُّها الموسم الحبيب انهزامُ أثقلتْنا بالهمِّ دُنيا، هَواها **** طُحْلبيٌّ، والوَجْهُ منها جَهَامُ بعضُنا لم يزلْ يُخادع بعضاً **** ولكَم يَتْبَعُ الخداعَ انتقامُ كلُّنا نعرف انتقاصَ اللَّيالي **** وقليلٌ منَّا الذين استقاموا


كلُّنا، أيُّها الحبيبُ نُغنِّي **** غيرَ ألحانِ مجدِنا، والسّلاَمُ

أبو عاصم
12-15-2007, 06:43 AM
آسف على الخربطة