ابو شجاع
11-22-2007, 03:09 PM
إلزام المنكرين بوجود رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية حل العقدة الكبرى في الفرد والمجتمع
الإنسان هو من أرقى المخلوقات وأفضلها على الإطلاق وذلك راجع إلى أنه عاقل ،
والعقل في الإنسان يجعله يديّر الأمور ويقلبها قبل الإقدام على أي فعل أي أنه يفكر قبل الإقدام على أي فعل ،
بينما الحيوان ليس فيه ذلك فهو ينتقل من الدافع إلى الفعل مباشرة بدون عميلة تفكير ،
فهو لا يفكر لأنه لا توجد لديه القدرة على التفكير لأن دماغه غير صالح لربط الواقع بالمعلومات السابقة ثم إنتاج فكر .
والدماغ غير العقل ، فالدماغ عضو يقع داخل الجمجمة ، أما العقل فهو ليس عضوا كما يتصور البعض ،
وإنما هو عملية الهدف منها عقل الأشياء أو الحكم عليها ما هي؟ أو إدراكها وكل ما سبق بمعنى واحد .
والإنسان يقوم بجميع أفعاله بلا استثناء بناء على دوافع داخلية فطرية متعددة وهي عبارة عن طاقة حيوية
تدفع الإنسان إلى القيام بأفعاله جميعها وكل البشر بلا استثناء لديهم نفس الدوافع ولكن هذه الدوافع تتفاوت
في قوتها من فرد لفرد ، والأهم من ذلك كله أنهم يختلفون في كيفية الاستجابة لهذه الدوافع .
والإنسان يستجيب لهذه الدوافع لأنه في قسم منها إن لم يستجب لها يموت
وذلك كالشعور بالجوع والعطش والنعاس و … ، وهذا القسم يسمى الحاجات العضوية ،
والقسم الآخر إن لم يستجب لها أبداً ، لا يموت ، ولكنه لا يعيش حياة مستقرة ولا يشعر بالطمأنينة
وذلك مثل حب التملك والخوف والكرم والشجاعة و … ، في غريزة البقاء ، والميل للجنس الآخر
وعاطفة الأمومة والأبوّة وإغاثة الملهوف و … ، في غريزة النوع ،
والتقديس والشعور بالنقص و الخضوع للقوة المسيطرة و … ، في غريزة التدين .
وقد لا يلمس الإنسان هذه الدوافع في نفسه ولا يفكر حتى في الدوافع لكل أفعاله ولكنك تجده
إن رأى ما يخيفه يهرب أو يُقدم بشجاعة على هذا الشيء فيكون مدفوعاً بغريزة البقاء وهو لا يدري
، ولكن هذه الاستجابة سواءً الهرب والخوف أو الإقدام يختلف الناس فيها وذلك حسب أفكارهم عن هذا الشيء
، أما إذا لم يستخدم فكره واستجاب لغريزة البقاء مباشرة وهرب فإن ذلك قد يكون خطأً فادحاً
فقد يكون الإقدام هو الذي ينجي والهروب يؤدي إلى الهلاك ، فعدم إعمال العقل في الاستجابة للدوافع الغريزية
لا يجعل الإنسان يعيش عيشة صحيحة ومستقرة وقد يؤدي بنفسه إلى الهلاك وهو لا يدري .
ولكن قد يقول البعض أننا لا نشعر دائماً بالتفكير قبل الاستجابة لدوافعنا ،
والجواب على ذلك أن هناك أفعالاً يقوم بها الإنسان كثيراً ويكون معتاداً عليها ،
وقد سبق له وأن أسبقها بالعملية التفكيرية ربما مرات ، فأصبح بعدها يقوم بهذه الأفعال بلا تردد
، بعد أن يكون قد حسم هذا الأمر
ولكن الإنسان حين يفكر ابتداءً في كيفية الاستجابة لدوافعه الفطرية بمجموعها أي يسبق كل استجابة
بعملية تفكير وتنظيم لهذه الاستجابات، هل يكون هذا بمعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه ؟
أي هل ينظم الفرد استجابته كفرد وكأنه لا علاقة له بالمجتمع ؟ بالطبع لا .
لأن الإنسان اجتماعي بفطرته ، أي أنه يعيش في مجتمعات مهما كان اسمها ،
فكل فرد لا يستطيع ضمان إشباع حاجته العضوية وغرائزه على اختلاف مظاهرها
إلا إذا كان يعيش بمجتمع ، والمجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس تربطهم علاقات دائمة
وهذه العلاقات الدائمة هي نتاج الاستجابة للدوافع الإنسانية المشتركة .
إذن فعملية تنظيم الإشباعات ( الاستجابة للدوافع ) تكون للمجتمع وليس للفرد كفرد
ولكي يتبين لنا أهمية تنظيم الاستجابة للدوافع الفطرية (تنظيم الإشباعات) نضرب مثالاً أو مثالين :
لو أُطْلِّقَ حُبُ التملك في المجتمع بدون تحديد لِطُرق التملك أو ما هي الأشياء التي يحق للأفراد
تملكها أصلاً وكيفية نقل الملكيات و …إلخ ، تصور ماذا سيكون الحال ؟
وكذلك لو أطلق الميل الجنسي بدون أي تنظيم في المجتمع ، فماذا سيكون الحال ؟
أقل ما سيقال أنه لن تضمن لكل فرد من أفراد المجتمع إشباع هذه الدوافع
وسيكون هذا المجتمع أشبه بغابة سكانها حيوانات ، مع العلم أن مثل هذه الدوافع
التي سبقت في المثال ليس لها حدود للإشباع ، فكل المظاهر الغريزية ليس لها حدود للإشباع
على عكس الحاجات العضوية .
فلضمان سعادة الإنسانية كان لابد من تنظيم الإشباعات بنظام صحيح يكفل لكل فرد
في المجتمع إشباع حاجاته العضوية وغرائزه بشكل صحيح أي أنه لابد من اختيار
نظام صحيح للعيش يحدد كيفية الاستجابة لكل الدوافع الفطرية وينظمها تنظيماً دقيقاً .
ولكن كيف سيتأتى اختيار نظام للعيش في هذه الحياة ، قبل أن يحدد الإنسان موقفه
أصلاً من هذه الحياة وهذا الكون وهذه المخلوقات؟
فما حقيقة هذه الحياة؟ وما قبلها؟ وما بعدها؟ وما الغاية منها؟
ولماذا أنا موجود فيها بكل هذه الصفات والإمكانيات؟ وما علاقة ما قبلها بما بعدها؟
وهذه الأسئلة هي أمر طبيعي يمر به الإنسان في فترات نضوجه العقلي فهو كمن وجد نفسه
فجأة داخل قصر كبير ، فيه أشياء كثيرة ووقف يتأمل في هذا القصر ، ووجد أناساً بعضهم يقول
أن هذا القصر لا صاحب له ، وآخرين يقولون هذا القصر له صاحب ،
وآخرين يقولون له صاحب وليس لصاحبه فيه دخل ، فمن سيتبع ؟ ومع أي جماعة سيكون ؟
أي كيف سيتصرف في هذا القصر ، على رأي أي جماعة من هذه الجماعات ؟
لابد له أن يفكر ويبحث بحثاً حقيقياً ، لأن كل أفعاله ستبنى على قراره هذا
، فما هذا القصر؟ ومن صاحبه ؟ وماذا يُسمح به ؟ وماذا لا يُسمح ؟
فإن توصل إلى أن هذا القصر قد افتتحه صاحبه مضافة فإن إقدامه
على أفعال معينة وإحجامه عنها سيختلف عنها لو أنه علم أن صاحب القصر
مجرم وقتل أشخاصاً كثيرين وهو عصبي المزاج .. وهكذا ...
فبحسب فكرته عن القصر فإن مقياس أفعاله سيتغير والحسن والقبيح سيتغير
، ولو أن هذا الشخص تجاوز كل هذه الأمور وبدأ يقوم بأفعاله بناءً
على تخمينات ونظريات وليس قطعيات فقد غامر بحياته وسعادته وسيبقى مضطربا
ً وإن تناسى ذلك في غمرة أفعاله .
وهكذا الإنسان في هذه الحياة الدنيا فإنه إن لم يجب على الأسئلة المصيرية
عن هذا الكون وأصله وعن هذه الحياة وأصلها فسيسير بغير
هدى وسيبقى متردداً متخبطاً في هذه الحياة ، كل يوم في تجربة جديدة ونظام
جديد مع أن حياته هي حياة واحدة على هذه الأرض فليس لها متسع للتجارب .
وإذا أجاب على هذه الأسئلة التي تمثل عقدة كبرى في وجه الإنسان ،
إذا حلها حلّ باقي مشاكله على أساسها ، ولكن إن حلها حلاً غير صحيحا
فقد أهلك نفسه واختار لنفسه حياة خاطئة ونهايته مخيفة .
لذلك كان لابد من حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً على صعيد الفرد والمجتمع
قال تعالى : ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك:22)
على أن بعض الناس – وهم شواذ – سطحيو التفكير ، يقولون لك أنه لا داعي للبحث في حل العقدة الكبرى !!!
مع أن الذي يكلمك قد اتبع حلاً وهو لا يدري عن نفسه وقد يكون قد تلقاه ولا يشعر بذلك
، لأن تفكيره سطحي جداً لا يتعدى النظرة العادية الأولى للأشياء وللأفعال
، ولا يدري أن كل فكرة عند الإنسان لها أساس فكري ، وأساس كل فكر هو الفكر الأول
عن الكون والإنسان والحياة وعما قبل هذه الحياة الدنيا وعما بعدها
وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها وهذا الأساس يحدد للإنسان كل فكر فرعي ينبثق منه أو يبنى عليه .
وإذا لم يكن مثل هذا الشخص قد حدد وجهة نظره في الحياة ويتصرف
على أساسات متفرقة ومتقلبة فيلنظر إلى نفسه .
والداعي لمثل هؤلاء الأشخاص أن يقولوا كذلك ، وهو رغبتهم في التهرب من هذا الموضوع فهكذا قد تعلموا ..
فلابد من حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً لدى الفرد والمجتمع والحل الصحيح
يجب أن يكون مقنعاً للعقل وموافقاً لفطرة الإنسان في نفس الوقت ومعنى أن يكون مقنعاً للعقل
، أي أن يكون مبنياً على العقل أي أن يكون العقل قادراً على إثبات صحته
في أي وقت ومعنى أن يكون موافقاً لفطرة الإنسان أي أن لا ينكر هذا الحل
أي شيء من فطرة الإنسان، فيملأ القلب طمأنينة .
ولكن قبل الخوض في حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً لابد ولا مناص من
البحث في عدة أمور لها شأن كبير في هذا الموضوع ومن هذه الأمور طريقة
التفكير الصحيحة اللازمة في هذا الحل وكذلك التفريق بين الحقيقة والنظرية والقطعي والظني .
بسم الله الرحمن الرحيم
أهمية حل العقدة الكبرى في الفرد والمجتمع
الإنسان هو من أرقى المخلوقات وأفضلها على الإطلاق وذلك راجع إلى أنه عاقل ،
والعقل في الإنسان يجعله يديّر الأمور ويقلبها قبل الإقدام على أي فعل أي أنه يفكر قبل الإقدام على أي فعل ،
بينما الحيوان ليس فيه ذلك فهو ينتقل من الدافع إلى الفعل مباشرة بدون عميلة تفكير ،
فهو لا يفكر لأنه لا توجد لديه القدرة على التفكير لأن دماغه غير صالح لربط الواقع بالمعلومات السابقة ثم إنتاج فكر .
والدماغ غير العقل ، فالدماغ عضو يقع داخل الجمجمة ، أما العقل فهو ليس عضوا كما يتصور البعض ،
وإنما هو عملية الهدف منها عقل الأشياء أو الحكم عليها ما هي؟ أو إدراكها وكل ما سبق بمعنى واحد .
والإنسان يقوم بجميع أفعاله بلا استثناء بناء على دوافع داخلية فطرية متعددة وهي عبارة عن طاقة حيوية
تدفع الإنسان إلى القيام بأفعاله جميعها وكل البشر بلا استثناء لديهم نفس الدوافع ولكن هذه الدوافع تتفاوت
في قوتها من فرد لفرد ، والأهم من ذلك كله أنهم يختلفون في كيفية الاستجابة لهذه الدوافع .
والإنسان يستجيب لهذه الدوافع لأنه في قسم منها إن لم يستجب لها يموت
وذلك كالشعور بالجوع والعطش والنعاس و … ، وهذا القسم يسمى الحاجات العضوية ،
والقسم الآخر إن لم يستجب لها أبداً ، لا يموت ، ولكنه لا يعيش حياة مستقرة ولا يشعر بالطمأنينة
وذلك مثل حب التملك والخوف والكرم والشجاعة و … ، في غريزة البقاء ، والميل للجنس الآخر
وعاطفة الأمومة والأبوّة وإغاثة الملهوف و … ، في غريزة النوع ،
والتقديس والشعور بالنقص و الخضوع للقوة المسيطرة و … ، في غريزة التدين .
وقد لا يلمس الإنسان هذه الدوافع في نفسه ولا يفكر حتى في الدوافع لكل أفعاله ولكنك تجده
إن رأى ما يخيفه يهرب أو يُقدم بشجاعة على هذا الشيء فيكون مدفوعاً بغريزة البقاء وهو لا يدري
، ولكن هذه الاستجابة سواءً الهرب والخوف أو الإقدام يختلف الناس فيها وذلك حسب أفكارهم عن هذا الشيء
، أما إذا لم يستخدم فكره واستجاب لغريزة البقاء مباشرة وهرب فإن ذلك قد يكون خطأً فادحاً
فقد يكون الإقدام هو الذي ينجي والهروب يؤدي إلى الهلاك ، فعدم إعمال العقل في الاستجابة للدوافع الغريزية
لا يجعل الإنسان يعيش عيشة صحيحة ومستقرة وقد يؤدي بنفسه إلى الهلاك وهو لا يدري .
ولكن قد يقول البعض أننا لا نشعر دائماً بالتفكير قبل الاستجابة لدوافعنا ،
والجواب على ذلك أن هناك أفعالاً يقوم بها الإنسان كثيراً ويكون معتاداً عليها ،
وقد سبق له وأن أسبقها بالعملية التفكيرية ربما مرات ، فأصبح بعدها يقوم بهذه الأفعال بلا تردد
، بعد أن يكون قد حسم هذا الأمر
ولكن الإنسان حين يفكر ابتداءً في كيفية الاستجابة لدوافعه الفطرية بمجموعها أي يسبق كل استجابة
بعملية تفكير وتنظيم لهذه الاستجابات، هل يكون هذا بمعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه ؟
أي هل ينظم الفرد استجابته كفرد وكأنه لا علاقة له بالمجتمع ؟ بالطبع لا .
لأن الإنسان اجتماعي بفطرته ، أي أنه يعيش في مجتمعات مهما كان اسمها ،
فكل فرد لا يستطيع ضمان إشباع حاجته العضوية وغرائزه على اختلاف مظاهرها
إلا إذا كان يعيش بمجتمع ، والمجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس تربطهم علاقات دائمة
وهذه العلاقات الدائمة هي نتاج الاستجابة للدوافع الإنسانية المشتركة .
إذن فعملية تنظيم الإشباعات ( الاستجابة للدوافع ) تكون للمجتمع وليس للفرد كفرد
ولكي يتبين لنا أهمية تنظيم الاستجابة للدوافع الفطرية (تنظيم الإشباعات) نضرب مثالاً أو مثالين :
لو أُطْلِّقَ حُبُ التملك في المجتمع بدون تحديد لِطُرق التملك أو ما هي الأشياء التي يحق للأفراد
تملكها أصلاً وكيفية نقل الملكيات و …إلخ ، تصور ماذا سيكون الحال ؟
وكذلك لو أطلق الميل الجنسي بدون أي تنظيم في المجتمع ، فماذا سيكون الحال ؟
أقل ما سيقال أنه لن تضمن لكل فرد من أفراد المجتمع إشباع هذه الدوافع
وسيكون هذا المجتمع أشبه بغابة سكانها حيوانات ، مع العلم أن مثل هذه الدوافع
التي سبقت في المثال ليس لها حدود للإشباع ، فكل المظاهر الغريزية ليس لها حدود للإشباع
على عكس الحاجات العضوية .
فلضمان سعادة الإنسانية كان لابد من تنظيم الإشباعات بنظام صحيح يكفل لكل فرد
في المجتمع إشباع حاجاته العضوية وغرائزه بشكل صحيح أي أنه لابد من اختيار
نظام صحيح للعيش يحدد كيفية الاستجابة لكل الدوافع الفطرية وينظمها تنظيماً دقيقاً .
ولكن كيف سيتأتى اختيار نظام للعيش في هذه الحياة ، قبل أن يحدد الإنسان موقفه
أصلاً من هذه الحياة وهذا الكون وهذه المخلوقات؟
فما حقيقة هذه الحياة؟ وما قبلها؟ وما بعدها؟ وما الغاية منها؟
ولماذا أنا موجود فيها بكل هذه الصفات والإمكانيات؟ وما علاقة ما قبلها بما بعدها؟
وهذه الأسئلة هي أمر طبيعي يمر به الإنسان في فترات نضوجه العقلي فهو كمن وجد نفسه
فجأة داخل قصر كبير ، فيه أشياء كثيرة ووقف يتأمل في هذا القصر ، ووجد أناساً بعضهم يقول
أن هذا القصر لا صاحب له ، وآخرين يقولون هذا القصر له صاحب ،
وآخرين يقولون له صاحب وليس لصاحبه فيه دخل ، فمن سيتبع ؟ ومع أي جماعة سيكون ؟
أي كيف سيتصرف في هذا القصر ، على رأي أي جماعة من هذه الجماعات ؟
لابد له أن يفكر ويبحث بحثاً حقيقياً ، لأن كل أفعاله ستبنى على قراره هذا
، فما هذا القصر؟ ومن صاحبه ؟ وماذا يُسمح به ؟ وماذا لا يُسمح ؟
فإن توصل إلى أن هذا القصر قد افتتحه صاحبه مضافة فإن إقدامه
على أفعال معينة وإحجامه عنها سيختلف عنها لو أنه علم أن صاحب القصر
مجرم وقتل أشخاصاً كثيرين وهو عصبي المزاج .. وهكذا ...
فبحسب فكرته عن القصر فإن مقياس أفعاله سيتغير والحسن والقبيح سيتغير
، ولو أن هذا الشخص تجاوز كل هذه الأمور وبدأ يقوم بأفعاله بناءً
على تخمينات ونظريات وليس قطعيات فقد غامر بحياته وسعادته وسيبقى مضطربا
ً وإن تناسى ذلك في غمرة أفعاله .
وهكذا الإنسان في هذه الحياة الدنيا فإنه إن لم يجب على الأسئلة المصيرية
عن هذا الكون وأصله وعن هذه الحياة وأصلها فسيسير بغير
هدى وسيبقى متردداً متخبطاً في هذه الحياة ، كل يوم في تجربة جديدة ونظام
جديد مع أن حياته هي حياة واحدة على هذه الأرض فليس لها متسع للتجارب .
وإذا أجاب على هذه الأسئلة التي تمثل عقدة كبرى في وجه الإنسان ،
إذا حلها حلّ باقي مشاكله على أساسها ، ولكن إن حلها حلاً غير صحيحا
فقد أهلك نفسه واختار لنفسه حياة خاطئة ونهايته مخيفة .
لذلك كان لابد من حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً على صعيد الفرد والمجتمع
قال تعالى : ( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الملك:22)
على أن بعض الناس – وهم شواذ – سطحيو التفكير ، يقولون لك أنه لا داعي للبحث في حل العقدة الكبرى !!!
مع أن الذي يكلمك قد اتبع حلاً وهو لا يدري عن نفسه وقد يكون قد تلقاه ولا يشعر بذلك
، لأن تفكيره سطحي جداً لا يتعدى النظرة العادية الأولى للأشياء وللأفعال
، ولا يدري أن كل فكرة عند الإنسان لها أساس فكري ، وأساس كل فكر هو الفكر الأول
عن الكون والإنسان والحياة وعما قبل هذه الحياة الدنيا وعما بعدها
وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها وهذا الأساس يحدد للإنسان كل فكر فرعي ينبثق منه أو يبنى عليه .
وإذا لم يكن مثل هذا الشخص قد حدد وجهة نظره في الحياة ويتصرف
على أساسات متفرقة ومتقلبة فيلنظر إلى نفسه .
والداعي لمثل هؤلاء الأشخاص أن يقولوا كذلك ، وهو رغبتهم في التهرب من هذا الموضوع فهكذا قد تعلموا ..
فلابد من حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً لدى الفرد والمجتمع والحل الصحيح
يجب أن يكون مقنعاً للعقل وموافقاً لفطرة الإنسان في نفس الوقت ومعنى أن يكون مقنعاً للعقل
، أي أن يكون مبنياً على العقل أي أن يكون العقل قادراً على إثبات صحته
في أي وقت ومعنى أن يكون موافقاً لفطرة الإنسان أي أن لا ينكر هذا الحل
أي شيء من فطرة الإنسان، فيملأ القلب طمأنينة .
ولكن قبل الخوض في حل العقدة الكبرى حلاً صحيحاً لابد ولا مناص من
البحث في عدة أمور لها شأن كبير في هذا الموضوع ومن هذه الأمور طريقة
التفكير الصحيحة اللازمة في هذا الحل وكذلك التفريق بين الحقيقة والنظرية والقطعي والظني .