أحمد الظرافي
11-15-2007, 05:31 PM
بداية التغلغل الإيراني الحقيقي في لبنان
أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 تظاهر الخميني وزمرة نظامه من آيات طهران ، بالغضب والاستياء ، وأبدوا اهتماما كبيرا بالأمر ، وأقاموا الدنيا تنديدا بهذه الهجمة الإسرائيلية الوقحة والمفاجئة – وعلى عكس التخاذل العربي الرسمي أعلن نظام الآيات في طهران أنه سوف لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا العدوان الهمجي الغادر على لبنان وأنه سيقوم بإرسال متطوعين عسكريين لمساعدة الفلسطينيين واللبنانيين وشد أزرهم في هذه المحنة، وتحت هذه الذريعة أرسل النظام الإيراني إلى المنطقة أكثر من ألف متطوع – أدعوا في الظاهر وأمام وسائل الإعلام أنهم مقاتلون من الحرس الثوري – ولكنهم في الحقيقة لم يكونوا كذلك – وهؤلاء لم يتوجهوا كلهم إلى لبنان مباشرة وإنما تمركزوا أولا في دمشق .
ففي الزبداني غربي سوريا وبمباركة وتشجيع النظام السوري النصيري ، أسس الإيرانيون أكبر قاعدة للعمليات المشبوهة خارج إيران ، وكانت القاعدة عبارة عن أبنية متفرقة تماما عبر الحدود المحاذية لسهل البقاع ، ومن تلك القاعدة انطلقوا للعمل في لبنان ، فقد كانت هي المركز العملي والتمويني الرئيسي لعملياتهم في لبنان ، كما ضمت معتقلات سرية وغرف تحقيق، كان يهرب إليها الدبلوماسيون أو الصحفيون الأجانب الذين كان يتم اختطافهم من لبنان على أيدي المخابرات الإيرانية أو أعوانها من الشيعة في لبنان، وكانت الطريق الوعرة بين سوريا ولبنان هي الرابط بين مركز الإيرانيين الرئيسي في سوريا ( قاعدة الزبداني ) وبين فرقهم المقيمة حول مدينة بعلبك القديمة ، المنطقة اللبنانية ذات الأغلبية الشيعية ، والتي أحكم الحرس الثوري قبضته الأمنية عليها بسرعة . وحصنوا أنفسهم في العديد من المراكز الرئيسية ، منها مركز للجيش اللبناني استولوا عليه ومستشفى حديث أطلق عليه ( مستشفى الخميني ) وأوتيل ( الخيام ) – حدث ذلك بينما كان الفلسطينيون واللبنانيون – الذين زعم الإيرانيون أنهم جاءوا لنصرتهم والقتال إلى جانبهم - يطحنون تحت رحى الآلة العسكرية الإسرائيلية ، وبينما كانت بيروت الغربية المحاصرة تحترق من جراء القصف الإسرائيلي الجوي والبري المتواصل – علما بأنه لا الشيعة ولا المسيحيين كانوا هدفا لهذه الحرب ، إنما المستهدفون أساسا كانوا السنة – سواء الفلسطينيين أو لبنانيين - بل أن الإيرانيين استفادوا من ذلك الحصار حيث أنه صرف الأنظار عن مخططهم الجهنمي اللعين الذي كان تنفيذه يجري على قدم وساق ، لقد كانوا في واد والعالم في واد آخر وكأن الحرب المحتدمة والدماء المسفوكة لم تكن تعنيهم في شيء ، بل ما يعنيهم فقط هو تثبيت وجودهم في لبنان والسيطرة عليه من الباب الخلفي ، وأظهرت معظم نشاطات الإيرانيين أنهم دعاة ومبشرون وغاسلو أمخاخ أكثر من كونهم مقاتلين ، والهدف من مجيئهم كان هو تغيير هوية لبنان ، وإلى جانب الاختطافات والتفجيرات المشبوهة كانت كل أعمال أولئك الإيرانيين – في الواقع اللبناني - ترجمة عملية وترسيخ نموذجي لمبدأ " تصدير الثورة " ، ونشطوا في أماكن كثيرة من ضمنها المدارس حيث قاموا بجهود مكثفة لنشر العقيدة الأثنى عشرية ولقيت دعوتهم استجابة سريعة في مناطق شرقي لبنان التي صارت خاضعة للحكم السوري نظريا فقط ، وما لبثت بعلبك بعد أشهر قليلة أن تحولت إلى صورة مصغرة من طهران حيث تزايد باطراد أعداد النساء اللائي أخذن في ارتداء الأغطية السوداء ( الشادور ) ، وملصقات ودهانات جدران رسمت الخميني وهو يقود أتباعه لتحرير القدس – يا سلام سلم –
( ملحوظة : في ذلك الوقت كان الخميني وشلته المجرمين يحشدون مئات الآلاف من جنودهم وترسانتهم العسكرية الضخمة التي ورثوها عن الشاه – على الحدود مع العراق تمهيدا لأكبر غزوة سيشنونها عليه منذ الحرب – وهي الغزوة التي استمروا سنوات يعدون لها واسموها ( كربلاء ) – وكان هدفها استرداد مدينة كربلاء – عاصمتهم المقدسة - وتحرير مراقد الشيعة ( الوثنية ) من سيطرة أتباع يزيد ( والمقصود به هنا صدام وجيشه ، ولكن تلك الغزوة باءت بالفشل والحمد لله– وضاعت جهودهم هباء ، ثم في نهاية المطاف خسروا المعركة مع العراق واضطروا لإيقاف الحرب ، حتى جاءت أمريكا أخيرا – فحققت لهم أهدافهم وأمانيهم الخبيثة في العراق بعد أن دمرته وأعادته إلى العصر الحجري – ومنذ خمس سنوات وهم والأمريكان يعيثون فسادا في العراق – ولا زالوا حتى الآن لم يرتووا من دماء العراقيين ، ولم يخلصوا من تصفية حسابهم معهم ) .
ومن قاعدة الزبداني تلك تم صياغة حزب الله – وإحلاله تدريجيا محل حركة أمل والتي لم تعد مناسبة لمبدأ تصدير الثورة لعلمانيتها ، ولكون نبيه بري زعيم الحركة كان من حملة الكرت الأخضر الأمريكي .. ولأن الإيرانيين كان لديهم إستراتيجية ، وكانوا صادقين في نواياهم – خيرا كانت أو شرا – فقد نجحوا في لبنان – ولأن العرب لم يكونوا كذلك فقد أخفقوا ، وهاهم اليوم – أقصد الإيرانيين - قد أحكموا قبضتهم على لبنان من خلال حزب الله الذي لم يعد يتعامل في الواقع اللبناني على أساس أنه حزب عادي بل يتعامل على أنه دولة ذات سياده لديها جيشها وأرضها وعاصمتها وأعلامها ونظامها الأمني الصارم ، بل وحتى مواصلاها السلكية واللاسلكية ، - ولم يتبق له سوى إصدار عملته الخاصة – وإصدار البيان رقم ( 1 )
هذا والله من وراء القصد
المرجع الأساسي
- روبن رايت : الغضب المقدس ، تعريب بسام مرتضى ، دار التيار الجديد ، بيروت
- معلومات من مخزون الذاكرة
أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982 تظاهر الخميني وزمرة نظامه من آيات طهران ، بالغضب والاستياء ، وأبدوا اهتماما كبيرا بالأمر ، وأقاموا الدنيا تنديدا بهذه الهجمة الإسرائيلية الوقحة والمفاجئة – وعلى عكس التخاذل العربي الرسمي أعلن نظام الآيات في طهران أنه سوف لن يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا العدوان الهمجي الغادر على لبنان وأنه سيقوم بإرسال متطوعين عسكريين لمساعدة الفلسطينيين واللبنانيين وشد أزرهم في هذه المحنة، وتحت هذه الذريعة أرسل النظام الإيراني إلى المنطقة أكثر من ألف متطوع – أدعوا في الظاهر وأمام وسائل الإعلام أنهم مقاتلون من الحرس الثوري – ولكنهم في الحقيقة لم يكونوا كذلك – وهؤلاء لم يتوجهوا كلهم إلى لبنان مباشرة وإنما تمركزوا أولا في دمشق .
ففي الزبداني غربي سوريا وبمباركة وتشجيع النظام السوري النصيري ، أسس الإيرانيون أكبر قاعدة للعمليات المشبوهة خارج إيران ، وكانت القاعدة عبارة عن أبنية متفرقة تماما عبر الحدود المحاذية لسهل البقاع ، ومن تلك القاعدة انطلقوا للعمل في لبنان ، فقد كانت هي المركز العملي والتمويني الرئيسي لعملياتهم في لبنان ، كما ضمت معتقلات سرية وغرف تحقيق، كان يهرب إليها الدبلوماسيون أو الصحفيون الأجانب الذين كان يتم اختطافهم من لبنان على أيدي المخابرات الإيرانية أو أعوانها من الشيعة في لبنان، وكانت الطريق الوعرة بين سوريا ولبنان هي الرابط بين مركز الإيرانيين الرئيسي في سوريا ( قاعدة الزبداني ) وبين فرقهم المقيمة حول مدينة بعلبك القديمة ، المنطقة اللبنانية ذات الأغلبية الشيعية ، والتي أحكم الحرس الثوري قبضته الأمنية عليها بسرعة . وحصنوا أنفسهم في العديد من المراكز الرئيسية ، منها مركز للجيش اللبناني استولوا عليه ومستشفى حديث أطلق عليه ( مستشفى الخميني ) وأوتيل ( الخيام ) – حدث ذلك بينما كان الفلسطينيون واللبنانيون – الذين زعم الإيرانيون أنهم جاءوا لنصرتهم والقتال إلى جانبهم - يطحنون تحت رحى الآلة العسكرية الإسرائيلية ، وبينما كانت بيروت الغربية المحاصرة تحترق من جراء القصف الإسرائيلي الجوي والبري المتواصل – علما بأنه لا الشيعة ولا المسيحيين كانوا هدفا لهذه الحرب ، إنما المستهدفون أساسا كانوا السنة – سواء الفلسطينيين أو لبنانيين - بل أن الإيرانيين استفادوا من ذلك الحصار حيث أنه صرف الأنظار عن مخططهم الجهنمي اللعين الذي كان تنفيذه يجري على قدم وساق ، لقد كانوا في واد والعالم في واد آخر وكأن الحرب المحتدمة والدماء المسفوكة لم تكن تعنيهم في شيء ، بل ما يعنيهم فقط هو تثبيت وجودهم في لبنان والسيطرة عليه من الباب الخلفي ، وأظهرت معظم نشاطات الإيرانيين أنهم دعاة ومبشرون وغاسلو أمخاخ أكثر من كونهم مقاتلين ، والهدف من مجيئهم كان هو تغيير هوية لبنان ، وإلى جانب الاختطافات والتفجيرات المشبوهة كانت كل أعمال أولئك الإيرانيين – في الواقع اللبناني - ترجمة عملية وترسيخ نموذجي لمبدأ " تصدير الثورة " ، ونشطوا في أماكن كثيرة من ضمنها المدارس حيث قاموا بجهود مكثفة لنشر العقيدة الأثنى عشرية ولقيت دعوتهم استجابة سريعة في مناطق شرقي لبنان التي صارت خاضعة للحكم السوري نظريا فقط ، وما لبثت بعلبك بعد أشهر قليلة أن تحولت إلى صورة مصغرة من طهران حيث تزايد باطراد أعداد النساء اللائي أخذن في ارتداء الأغطية السوداء ( الشادور ) ، وملصقات ودهانات جدران رسمت الخميني وهو يقود أتباعه لتحرير القدس – يا سلام سلم –
( ملحوظة : في ذلك الوقت كان الخميني وشلته المجرمين يحشدون مئات الآلاف من جنودهم وترسانتهم العسكرية الضخمة التي ورثوها عن الشاه – على الحدود مع العراق تمهيدا لأكبر غزوة سيشنونها عليه منذ الحرب – وهي الغزوة التي استمروا سنوات يعدون لها واسموها ( كربلاء ) – وكان هدفها استرداد مدينة كربلاء – عاصمتهم المقدسة - وتحرير مراقد الشيعة ( الوثنية ) من سيطرة أتباع يزيد ( والمقصود به هنا صدام وجيشه ، ولكن تلك الغزوة باءت بالفشل والحمد لله– وضاعت جهودهم هباء ، ثم في نهاية المطاف خسروا المعركة مع العراق واضطروا لإيقاف الحرب ، حتى جاءت أمريكا أخيرا – فحققت لهم أهدافهم وأمانيهم الخبيثة في العراق بعد أن دمرته وأعادته إلى العصر الحجري – ومنذ خمس سنوات وهم والأمريكان يعيثون فسادا في العراق – ولا زالوا حتى الآن لم يرتووا من دماء العراقيين ، ولم يخلصوا من تصفية حسابهم معهم ) .
ومن قاعدة الزبداني تلك تم صياغة حزب الله – وإحلاله تدريجيا محل حركة أمل والتي لم تعد مناسبة لمبدأ تصدير الثورة لعلمانيتها ، ولكون نبيه بري زعيم الحركة كان من حملة الكرت الأخضر الأمريكي .. ولأن الإيرانيين كان لديهم إستراتيجية ، وكانوا صادقين في نواياهم – خيرا كانت أو شرا – فقد نجحوا في لبنان – ولأن العرب لم يكونوا كذلك فقد أخفقوا ، وهاهم اليوم – أقصد الإيرانيين - قد أحكموا قبضتهم على لبنان من خلال حزب الله الذي لم يعد يتعامل في الواقع اللبناني على أساس أنه حزب عادي بل يتعامل على أنه دولة ذات سياده لديها جيشها وأرضها وعاصمتها وأعلامها ونظامها الأمني الصارم ، بل وحتى مواصلاها السلكية واللاسلكية ، - ولم يتبق له سوى إصدار عملته الخاصة – وإصدار البيان رقم ( 1 )
هذا والله من وراء القصد
المرجع الأساسي
- روبن رايت : الغضب المقدس ، تعريب بسام مرتضى ، دار التيار الجديد ، بيروت
- معلومات من مخزون الذاكرة