مشاهدة النسخة كاملة : فقه التمكين عند ذي القرنين ( 1/6 ) : الآيات القرآنية وأسباب النزول ومن هو ذو القرنين ؟
شيركوه
11-03-2007, 10:19 PM
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
تمهيد: تكلم القـرآن الكريم عن (ذي القرنين) وجعله قدوة ومثلا رائعا للفائح المؤمن ، والحاكم الصالح ، والقائد العادل، والملك المحسن.
وسلط القرآن الكريم الأضواء على جوانب هامة من أعماله وجهاده العظيم الذي استهدف به التمكين لمثل عليا ومبادئ رفيعة ، وقيم سامية ، وأخلاق فاضلة منبثقة من الإيمان بالله واليوم الآخر، بعيدة كل البعد عن كبرياء الوطنية ، والأمجاد القومية ، والنزعات العرقية ، وتقديس التراب والزعماء ، ولم تكن فتوحاته وأعماله المجيدة تستهدف سيادة عسكرية او مغانم اقتصادية ، أو تطلعات توسيعية او نزوات عنصرية التي يبعث عليها حب التسلط والرغبة في العلو.
إنما خاض حروبا وقاد جيوشا استهدفت كرامة الإنسان وتخليصه من الشرك والأوهام والانحرافات العقدية ، وإزالة الظلم عن البشر وإقامة العدل ، ودعوة الناس إلي العقيدة الصحيحة ، والمنهج السليم ، والتصور الرباني. إن منهجية القرآن الكريم اهتمت بإبراز القيم الصحيحة في سيرة ذي القرنين وأعماله وأقواله مثل :
الحكم والسلطان والتمكين في الأرض ينبغي أن يسخّر لتنفيذ شرع الله في الأرض واقامة العدل بين العباد ، وتيسير الأمر على المؤمنين المحسنين ، وتضييق الخناق على الظالمين المعتدين ومنع الفساد والظلم وحماية الضعفاء من بطش المفسدين.
1- الرجال الأشداء ذوو الخبرات الفنية العالية في النواحي العسكرية والعمرانية والاقتصادية الذين كانوا طوع بنان ذي القرنين ، وكذلك خضوع الأقاليم له وفتح الخزائن أمامه وتقديم خراج الشعوب له طواعية ، كل ذلك لم يدخل في نفسه الغرور والبطر والطيش والغواية بل بقى مثلاً للرجل المؤمن العفيف المترفع عن زينة الحياة الدنيا.
2- الاهتمام بإتخاذ الأسباب لبلوغ الأهداف والغايات التي سعى إليها حيث آتاه الله من كل شي سببا فاتبع سببا.
3- كما اهتم القرآن الكريم بإبراز القيم الزائفة من قصة ذي القرنين مثل :
1-الكفر والظلم والاعتداء الذي قضى عليه في مغرب الشمس.
2-التخلف المتمثل من القوم عند مطلع الشمس.
3-الإفساد والدمار المتمثل في تصرفات يأجوج ومأجوج.
إن القرآن الكريم في كل قصصه يركّز على الدروس والعبر والحكم والقوانين ولا يهتم بكثير من القضايا التي لا تنفع الإنسان، ولذلك نجد في قصة ذي القرنين كثير من المبهمات التي لا تفيد القارئ ، مثل : من هو ذوى القرنين ، وما هي شخصيته، وما هي حياته ، وما هو الزمن الذي عاش فيه ، والدولة التي حكمها ، والحروب التي خاضها ، والبلاد التي فتحها ، ورحلته الأولى باتجاه الغرب ، وتحديد المنطقة التي وصل إليها ، وتحديد المكان ذي العين الحمئة ، وكيف وجد الشمس تغرب فيها ، وأصل يأجوج ومأجوج، وتاريخهم ، ومناطق سكنهم وإقامتهم بالضبط ، إلى غير ذلك من التساؤلات.
لقد وقف المؤرخون والمفسرون جميعا أمام قصة ذي القرنين ، وكثير منهم حاولوا بيان ما فيها من مبهمات ، وتحديد تفصيلاتهما التاريخية والواقعية . وأوردوا في ذلك أقوالا كثيرة ، غالبها مأخوذ من الإسرائليات وأخبار أهل الكتاب ، وفيها من الخرافات والأساطير والأقاويل والأباطيل الشئ الكثير.
وقد نتج عن ذلك تشعب البحث في تفصيلات القصة ، والاختلاف الشديد بين المؤرخين والمفسرين فيها ، وجدالهم ونقاشهم حولها.
إنني في بحثي هذا سأعرض صفحا عن الاسرائيليات واتقيد بالمنهج القرآني ، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما يتعلق بموضوع البحث (1).
المبحث الأول : الآيات القرآنية وأسباب النزول ومن هو ذوالقرنين والمعنى الاجمالي للآيات .
قال تعالى : (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وءاتينه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا وأما من ءامن وعمل صالحا فله جزاءا الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ءاتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا فما اسطعوا أن يظهروه وما استطعوا له نقبا) – سورة الكهف : الآيات 83-98
شيركوه
11-03-2007, 10:20 PM
أ - أسبـاب النزول
ورد في سبب نزول هذه الآيات : أن النضر بن الحارث - أحد دهاة قريش وأشرارها – كان يناصب النبي صلى الله عليه وسلم العداء ، وكان يتلقى في أسفاره إلى الحيرة أحاديث الفرس وأقاصيصهم ، فكان يحارب بها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى الاسلام ، فكان كلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا يذكّر الناس فيه بالله ، ويذكر فيه قصص المعرضين عن دين الله ودعوته وكيف أصابهم العذاب والنكال والعقاب ، يأتي خلفه النضر بعد ذهابه ويقول : أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه ، فتعالوا أحدثكم بأحسن من حديثه عن ملوك فارس.
ثم إن قريشا بعثته مع عقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهم : سلوهم عن محمد وصفته ، وأخبروهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم من العلم ماليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن أحوال محمد صلى الله عليه وسلم فقال أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث : عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم ؟ فإن حديثهم عجب ، وعن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، ما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هو ؟ فإن أخبركم فهو نبي وإلا فهو متقوّل، فلما قدم النضر وصاحبه مكة قالا : قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد ، وأخبروا بما قاله اليهود، فجاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه : فقال أخبركم ما سألتم غدا ، ولم يستثني ، فانصرفوا عنه ، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة . فشق ذلك عليه ، ثم جاءه جبريل عليه السلام من عند ربه بسورة الكهف وفيها معاتبة الله إياه على حزنه عليهم ، وفيها خبر أولئك الفتية ، وخبر الرجل الطواف (2) .
شيركوه
11-03-2007, 10:21 PM
ب - من هو ذو القـرنين؟
اختلف المفسرون في اسم ذي القرنين ونسبه وزمان وجوده ، وسبب تلقيبه بذي القرنين ، لقد تضاربت أقوالهم وآراؤهم ، وتعارضت أدلتهم ، واعتمد الكثير منهم على الإسرائيليات والخرافات والأساطير ، والروايات الواهية ، والأخبار الكاذبة .
وعندما طالعت الكتب التي تكلمت عن ذي القرنين (3) خرجت بنتيجة وهي: لا يمكننا الحزم بتحديد شخصية ذي القرنين ، ولا تحديد رحلاته الثلاث التي أشار إليها القرآن ، ولا تحديد السد الذي بناه على الكره الأرضية.
إن القرآن الكريم والسـنة النبوية المطهرة لم يتعرضا إلى تلك التفصيلات ، وبما أنهما سكتا عن المعلومات التفصيلية ، فلا دلالة يقينية عليها.
ولذلك يكون كلام المفسرين وأهل التاريخ والعلماء عنها من باب الظن وليس من باب الجزم(4).
لقد قالوا : إن ذا القرنين هوالإسكندر المقدوني اليوناني وذلك لأن البلاد التي استولي عليها الإسكندر امتدت إلى مشارق الأرض ومغاربها . وقيل هو قورش الإخميني ، لإجماع المؤرخين على عدالة سيرته وحسن سيرته في الشعوب والممالك التي استولي عليها . وقيل أنه أبو كرب شمر بن عمرو الحميري.
ولقد ناقش الأستـاذ محمد خير رمضان يوسف الأقوال السابقة وخرج بنتيجة أن ذا القرنين لم يكن واحدا من هؤلاء الثلاثة ، واستطاع أن ينقد نقدا علميا متينا فنّد فيه آراء كل من ذهب إلى أنه الحميرى ، أو الاسكندر ، أو قورش.
وقال : إن النتيجة التي وصلت إليها هي : أن ذو القرنين القرآني الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز ، وأثنى عليه بالإيمان والإصلاح والعدل ، في سورة قرآنية عظيمة ، وآيات إعجازية جليلة ، وقصة تاريخية نادرة ، مليئة بالدروس والعبر ، طافحة بالعظمات والمبادئ والحكم..إنه عَلََمٌ قرآني بارز … خلد الله تعالى ذكره في كتابه الخالدة فاستحق أن ينال اللقب القرآني .. وكفى. ولم أشأ أن أقول غير هذا .. لأنني لم أر من أعطى شخصية ذي القرنين حقها في التاريخ مثلما أعطى لها الله عز وجل ، في كتابه العظيم ، إنه الرجل الطواف في الأرض ، الصالح العادل ، الخاشع لربه ، والمنفذ لأمره ، والقائم بين الناس بالإصلاح ، والذي ملك أقاصي الدنيا وأطرافها ، فلم يغره مال ولا منصب ولا جاه ولا قوة ولا سلطان ، بل إنه بقي ذاكرا لفضل ربه ورحمته ، متأهبا لليوم الآخر ، ليلقى جزاءه العادل عند ربه.
ويكفى أن يبقى ذو القرنين تلك الشخصية العظيمة في التاريخ ، وذلك العلم البارز في العدل والإصلاح .. والقيادة . و.. مثال الحاكم الصالح ، على مر التاريخ ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. بشهادة الكتاب الخالد(5).
شيركوه
11-03-2007, 10:23 PM
جـ : تفسير الآيات الكريمة(( ويسألونك عن ذي القرنين))
وأكثر الآثار تدل على أن الآية نزلت بعد سؤالهم ((أي اليهود)) فالتعبير بصفة الاستقبال لاستحضار الصورة الماضية ، وقيل للدلالة على استمرارهم فى السؤال الى ورود الجواب (6).
إن السؤال لم يكن عن ذات ذي القرنين ، بل عن شأنه ، فكأنه قيل : ويسألونك عن شأن ذي القرنين (7).
(قل) : لهم في الجواب
(سأتلو عليكم منه ذكرا) : الخطاب للسائلين ، والهاء لذي القرنين ، ومن تبعيضية ، والمراد من أنبائه وقصصه. والمراد بالتلاوة الذكر ، وعبر عنه بذلك لكونه حكاية عن جهة الله عز وجل. أي : سأذكر لكم نبأ مذكورا من أنبائه(8).
ذكرا : قرآنا . والسين للتأكيد والدلالة على التحقق المناسب لتقدم تأييده صلى الله عليه وسلم وتصديقه بإنجاز وعده (9).
((إنا مكنّا له في الأرض)): أي جعلنا له مكنة وقدرة على التصرّف في الأرض من حيث التدبير والرأي وكثرة الجنود والهيبة والوقار (10) . وقيل تمكينه بكثرة أعوانه وجنوده… وقذف الرعب في أعدائه ، وتسهيل السير عليه وتعريفه فجاج الأرض واستيلائه على برها وبحرها(11) . ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ، ودانت له البلاد ، وخضعت له ملوك العباد ، وخدمته الأمم ، من العرب والعجم ، ولهذا ذكر بعضهم أنه سمّي ذا القرنين لأنه بلغ قرني الشمس أي مشرقها ومغربها(12).
((وآتيناه من كل شئ سببا)) أي ، وآتاه من كل شئ سببا ، وينصرف ذهن السامع أو القارئ إلى وجوه التمكين له في الأرض ، وأسبابه من العلوم والمعرفة واستقراء سنن الأمم والشعوب صعودا وهبوطا ، وفي سياسة النفوس أفرادا وجماعات تهذيبا وتربية وانتظاما ، وأعطاه من أسباب القوة من الأسلحة والجيوش وأسباب القوة والمنعة والظفر ، وأسباب العمران وتخطيط المدن، وشقّ القنوات وإنماء الزراعة، وكل ما يمكن أن يتصور من أسباب التمكين الحسنة التي تليق برجل رباني قد مكن له في هذه الأرض يمكن أن يدخل تحت قوله : إنا مكنا له في هذه الأرض وآتيناه من كل شئ سببا - سورة الكهف : 84
ويبقى للتصور مجال وللخيال سعة لاستشفاف صور هذا التمكين وأشكاله ، وذلك من خلال المؤكدات العدة التي وردت في الآية الكريمة(13).
((حتى إذا بلغ مغرب الشمس)) يقول الأستاذ سيد قطب : "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق وهو يختلف بالنسبة للمواضع. فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار ، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر"(14).
"وجدها" : أي الشمس.
(تغرب في عين حمئة) : أي ذات حمأة. وهي الطين الأسود من حمئت البئر تحمأ حمأً إذا كثرت حمأتها(15) . أي رأي الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه _16)
ويقول سيد قطب : والظاهر من النص أن ذا القرنين غرب حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي – وقد كان يسمى بحر الظلمات ويظن أن اليابسة تنتهى عنده – فرأى الشمس تغرب فيه. والارجح أنه كان عند مصب أحد الأنهار ، حيث تكثر الأعشاب ويتجمع حولها طين لزج هو الحمأ. وتوجد البرك وكأنها عيون الماء. فرأى الشمس تغرب هناك و (وجدها تغرب في عين حمئة). ولكن تعذر علينا تحديد المكان، لأن النص لا يحدده ، وليس لنا مصدر آخر موثوق به نعتمد عليه في تحديده وكل قول غير هذا ليس مأمونا لأنه لا يستند إلى مصدر صحيح" (17).
(ووجد عندها) : أي عند تلك العين على الساحل المتصل بها (قوما) أي أمة من الأمم.
(قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا) أي ليكن شأنك معهم إما التعذيب وإما الإحسان ، فالأول لمن بقي على حاله ، والثاني لمن تاب (18) .
(قال أما من ظلم) : نفسه ولم يقبل دعوة التوحيد والمنهج الرباني واستمر على شركة وكفره وعناده.
(فسوف نعذبه) : بالقتل.
(ثم يرد إلى ربه) : في الآخرة.
(فيعذبه) : فيها.
(عذابا نكرا) : أي منكرا فظيعا ، وهو العذاب في نار جهنم .
(وأما من آمن) : أي تابعنا على ما ندعوه إليه من عبادة الله وحده.
(وعمل صالحا فله جزاء الحسنى) : أي المثوبة الحسنة أو الفعلة الحسنى أو الجنة (19).
(وسنقول له من أمرنا يسرا) : أي قولا ذا يسر وسهولة واقتصر على القول أدبا مع الله تعالى ، وإن كان يعلم أنه يحسن إليه فعلا وقولا (20) .
(ثم أتبع سببا) : أي راجعا من مغرب الشمس إلى مشرقها وكان في طريقه يدعو الأمم إلى الله ويقمع الكافرين ، ويحسن للمؤمنين.
(حتى إذا بلغ مطلع الشمس) : أي مطلعها من الأفق الشرقي في عين الرائي.
(وجدها) : أي الشمس.
(تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا) : إشارة تدلنا على أن ذا القرنين قد وصل إلى القطب الذي تكون فيه الشمس ستة شهور لا تغيب ، وطوال هذه الشهور لا يوجد ظلام يستر الشمس في هذه الأماكن .وهذا إعجاز من القرآن الكريم (21).
(كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ) : أي أن الله سبحانه كان عالما بأحوال ذي القرنين ، مطلعا على حركاته ، محيطا بأخباره وأخبار جيشه ، فما يسيرون خطوة إلا بإذن الله ، ولا يتحركون حركة إلا بمشيئة الله ، ولا يكسبون معركة أو يحتلون بلدا إلا والله عالم بهم، مطلع عليهم ، خبير بهم (22) . قال سيد قطب : (ونقف هنا وقفه قصيرة ، أمام ظاهرة التناسق الفني في العرض . فإن المشهد الذي يعرضه السياق هنا ، هو مكشوف في الطبيعة ، الشمس ساطعة ، لا يسترها عن القوم ساتر. وكذلك ضمير ذي القرنين ونواياه، كلها مكشوفة لعلم الله . وبذلك يتناسق المشهد في الطبيعة وفي ضمير ذي القرنين ، على طريقة التنسيق القرآنية الدقيقة) (23).
وتظهر الحكمة من ذكر حقيقة إحاطة الله بأخبار ذي القرنين وجيشه ، وعلمه بها ،أثناء حديثه عن فتوحاته في حرص القرآن على ربط ما يحدث في الكون بإرادة الله ومشيئته وعمله سبحانه ، حتى لا ينسى الناس هذه الحقيقة وهم يتابعون الأحداث ، وحتى لا يظنوا أن الناس يتحركون بها بقدراتهم الذاتية ، بمعزل عن علم الله وإذنه سبحانه.
فها هو ذو القرنين قام بفتوحات عظيمة ، في الجبهة الغربية ، ثم في الجبهة الشرقية ، وقام بإنجازات عظيمة في الجبهة الشمالية. لكن الله مطلع على أعماله ، محيط بأخباره ، عالم بإنجازاته ، وهو مقدر لها ومريد لها سبحانه (24).
(ثم أتبع سببا) : أي طريقا ثالثا معترضا بين المشرق والمغرب ، آخذا من مطلع الشمس الى الشمال (25).
(حتى إذا بلغ بين السدين) : أي الجبلين.
(وجد من دونهما) : أي السدين : قال ابن كثير : (هما جبلان متناوحان (متقابلان) بينهما ثغرة يخرج منهما يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فيهم فسادا ويهلكون الحرث والنسل) (26).
(قوما لا يكادون يفقهون قولا) : أي أمة من الناس لا يفقهون أقوال أتباع ذي القرنين لقلة فطنتهم وبعدهم عن لغات غيرهم .
(قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض) : أي اشتكوا إلى ذي القرنين من ظلم هذين الشعبين الظالمين (يأجوج ومأجوج) الذين أفسدوا أرضنا بالقتل والتخريب وسائر وجوه الإفساد المعلوم من البشر.
(فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) أي : أجرا عظيما ومالا جزيلا تأخذها منا بطيب نفس بغرض أن تبني لنا سدا بيننا وبين أعدائنا المفسدين.. لقد تأدبوا في عرضهم المال على ذي القرنين ولذلك استخدموا أسلوب الاستفهام.
والسد : أي حاجزا يمنعهم من الوصول إلينا.
قال الإمام القرطبي : ( في هذه الآية دليل على اتخاذ السجون ، وحبس أهل الفساد فيها ، ومنعهم من التصرف لما يريدونه ، ولا يتركون وما هم عليه ، بل يوجعون ضربا ، ويحبسون ويطلقون كما فعل عمر رضى الله عنه) (27).
فقال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير:
(قال ما مكني فيه ربي خير) : أي إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه . كما قال سليمان عليه السلام (أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم. بل أنتم بهديتكم تفرحون) – سورة النمل : آية 36 ، وهكذا قال ذو القرنين : الذي أنا فيه خير من الذي تبذلونه (28).
(فأعينوني بقوة) : أي ساعدوني بالأيدي العاملة.
(أجعل بينكم وبينهم ردما) : أي حاجزا حصينا منيعا.
(آتوني زبر الحديد) : أي قطع الحديد الكبيرة.
(حتى اذا ساوى بين الصدفين) : أي وصل الحديد بين قمتي الجبلين العاليين.
(قال انفخوا) : أي اشعلوا النار تحت الحديد.
(حتى إذا جعله نارا قال أتوني أفرغ عليه قطرا) : أي من الذين يشرفون على أمر النحاس ، لاضع فوق الحديد المصهور نحاسا مذابا ليختلط به.
(فما اسطاعوا أن يظهروه) : أي عجزوا عن الصعود على ظهر السد.
(وما استطاعوا له نقبا) : أي عجزوا عن نقضه وخرقه (29).
(قال) : أي ذو القرنين لمن عنده من أهل تلك الديار وغيرهم(30).
(هذا) : إشارة إلى السد ، وقيل إلى تمكنه من بنائه (31).
(رحمة من ربي) : أي اثر من آثار رحمته لهؤلاء المتجاورين للسد ولمن خلفهم ممن يخشى عليه معرتهم لو لم يكن ذلك السد (32) حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلا يمنعهم من الفسـاد (33).
(فإذا جاء وعد ربي) : اختلف المفسرون في ذلك الوعد متى هو ؟ فهل المقصود هو يوم القيامة ، أم أنه الوقت الذي قدر فيه خروج يأجوج ومأجوج قبل يوم القيامة ؟ والذي أفهمه من الآية أن السد سوف يسوى بالأرض يوم القيامة أو قبلها ، وعدا حقا واقعا لا محالة (34).
(جعله دكاء) أي : أي السد المشار إليه رغم متانته ورصانته سوف يصير مستويا بالأرض.
(وكان وعد ربي حقا) : أي وعده سبحانه المعهود ، أو كل ما وعد عز وجل به فيدخل فيه ذلك دخولا أوليا(35).
شيركوه
11-03-2007, 10:24 PM
الهوامش :
1- انظر: مع قصص السابقين في القرآن – للخالدي (6/242،244)
2- انظر: لباب النقول في أسباب النزول ، على حاشية الجلالين ص 434
3- أهم الكتب: ذوالقرنين القائد الفاتح والحكم الصالح _لمحمد خير رمضان يوسف _ من أفضل من كتب في هذا الباب.
4- انظر : من قصص السابقين في القرآن الكريم _للخالدي 6/254،255
5 - انظر: ذو القرنين القائد الفاتح والحاكم العادل _محمد خير رمضان ص 247،248،249
6- انظر: روح المعاني للآلوسي (16/24)
7- انظر: روح المعاني للآلوسي (16/30)
8- نفس المصدر
9- نفس المصدر
10- نفس المصدر
11- انظر البحر المحيط لأبي حيان التوحيدي (6/159)
12- انظر تفسير إبن كثير
13- انظر مباحث في التفسير الموضوعي _لمصطفى مسلم ص 304
14- ظلال القرآن 4/2291
15- انظر روح المعاني (16/31)
16- انظر تفسير إبن كثير (3/107)
17- ظلال القرآن (4/2291)
18- انظر روح المعاني (16/35)
19- روح المعاني (16/34،35)
20- تفسير النسفي (3/145)
21- القصص القرآني في صورة الكهف_ محمد متولي شعراوي ، ص 87
22- مع قصص السابقين في القرآن (2/334)
23- الظلال (4/2292)
24- مع قصص السابقين في القرآن (2/335)
25- انظر: روح المعاني (16/37)
26- تفسير ابن كثير (3/109)
27- تفسير القرطبي (11/59)
28- تفسير ابن كثير (3/110)
29- مع قصص السابقين (2/241)
30- روح المعاني (16/42)
31- روح المعاني 16/42)
32- فتح القدير (3/313)
33- روح المعاني (16/43)
34- فتح القدير (3/313) ، وروح المعاني (16/43)
35- روح المعاني (16/43)
تاريخ النشر: 2007-03-31
شيركوه
11-03-2007, 10:32 PM
رابط الحلقة السابقة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 1/6 ) : الآيات القرآنية وأسباب النزول ومن هو ذو القرنين ؟
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24853 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24853)
=================================== =====================
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
أبرز صفات ذو القرنين وأهم البواعث الفعلية لأعماله.
أ – أبرز صفاته:لقد ظهرت صفات حميدة عدة في شخصية ذي القرنين ونحاول أننلقي الأضواء على أبرزها :
1) التجرد لله في دعوته وجهاده : فلم يكن تطوافهموقوفاً على أماكن معينة لمصالح اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك ، بل كان يتوخى بيئةالإنسان أياً كانت ليرفعها من وهدة الجاهلية إلى علياء الإيمان ، فبعد أن ظهر علىمغرب الشمس ، انطلق إلى مطلعها حيث وجد قوماً ليس لهم ستر دون الشمس من البناء أوالملبس أو الظل ، ومع ما يبعث عليه هذا الفقر والفاقة من الزهادة في أهله ، فإن ذلكلم يمنعه من أن يكون أمره معهم كأمره في أهل المغرب من الدعوة ثم التخيير والاختيار
2) الصبر: كان جلداً صابراً على مشاق الرحلات ، فمثل تلك الحملات التي كان يقومبها تحتاج إلى جهود جبارة في التنظيم والنقل والتحرك والتأمين ، فالأعمال التي كانيعملها تحتاج إلى جيوش ضخمة ، وإلى عقلية يقظة ، وذكاء وقّاد ، وصبر عظيم والآتضخمة وأسباب مُعينة على الفتح والنصر والتملك
3) كانت له مهابة ونجابة: يستشعرها من يراه لأول مرة فلا يخطئ ظنه عندما يوقن أنه ليس بملك جبار ولا ظالم ،فعندما بلغ بين السدين ووجد القوم المستضعفين ، استأنسوا به، ووجدوا فيه مخلصاً منالظلم والقهر الواقع عليهم فبادروه سؤال المعونة ، فمن الذي أدراهم بأنه لن يكونمفسداً مثلهم ، ومعه من القوة والعدة ما ليس عندهم
4) الشجـاعة: كان قوى القلبجسوراً غير هيّاب من التبعات الضخمة والمسئوليات العظيمة إذا كان في ذلك مرضات اللهسبحانه ، فإن ما طلب منه إقامة السد ، كان عملاً عظيما في ذاته ، حيث أن القومالمفسدين كانوا من الممكن أن يوجهوا إفسادهم إليه وإلى جنوده ، ولكنه أقدم وأقبلغير متأخر ولامدبر
5) التوازن في شخصيته: فلم تؤثر شجاعته على حكمته ، ولم ينقصحزمه من رحمته ، ولا حسمه من رفقه وعدالته ، ولم تكن الدنيا كلها – وقد سخرت له – كافيه لإثنائه عن تواضعه وطهارته وعفته.
6) كثير الشكر : لأنه كان صاحب قلب حيموصول بالله تعالى ، فلم تسكره نشوة النصر، وحلاوة الغلبة بعد ما أذل كبرياءالمفسدين ، بل نسب الفضل إلى ربه سبحانه وقال : (هذا رحمة من ربي ) ( سورة الكهف : آية 98 ).
7) كان عفيفا مترفعا عن مال لا يحتاجه ، ومتاع لا ينفعه ، فإن القومالمستضعفين لما شكوا إليه فساد المعتدين ، عرضوا عليه الخراج أجابهم بعفة وديانةوصلاح : إن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين خير لي من الذي تجمعونه ، وما أنافيه خير من الذي تبدلونه .
وغير ذلك من الصفات الحميده والأخلاق الكريمة ،والفضائل النبيلة.
شيركوه
11-03-2007, 10:34 PM
ب – أهم البواعث الفعلية لأعماله:إن مفتاح شخصية ذيالقرنين تتمثل في إيمانه بالله تعالى والاستعداد لليوم الآخر ، وحبه لأهل الايمانوبغضه لأهل الكفر والعصيان ، وحبه العميق للدعوة إلى الله:
1) الإيمان بالله واليوم الآخر: يظهر ذلك جلياً من شخصية ذي القرنين عند قوله تعالى : ما مكني فيه ربي خير (سورة الكهف : آية 95) وقوله : أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً (سورة الكهف : آية 87). وقوله: فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً (سورة الكهف : آية 98). وهذه المواضع التي تصرح بأنه كانمؤمنا بالله واليوم الآخر يستفاد منها أمور:
أ – إن الثناء على الحاكم لا يكونبمجرد شجاعة أو فتوح أو عمارة ، ما لم ينضم إليها الإيمان بالله واليوم الآخر، لأنهناك حكاماً كثيرين كانت لهم من الإصلاحات الدنيوية المجردة ما يعتبرهم الناس منأجله عظماء ، ومع ذلك لم يورد القرآن لهم ذكراً حسناً ، بل جاء في القرآن ذم حكام عمروا في الدنيا كثيراً ولكنهم خربوا أديان الناس وأفسدوا عليهم آخرتهم ، مثل فرعونوهامان والنمرود ونحوهم.
ب – إن التوازن المدهش والخلاب في شخصية ذي القرنين ،سببه إيمانه بالله تعالى واليوم الآخر ، ولذلك لم تطغ قوته على عدالته ، ولا سلطانهعلى رحمته ، ولاغناه على تواضعه وأصبح مستحقاً لتأيد الله وعونه ، ولذلك أكرمه اللهتعالى بالأخذ بأسباب التمكين والغلبة ، وهو تفضل من الله تعالى على عبده الصالح ،فجعل له مكنة وقدرة على التصرف في الأرض من حيث التدبير والرأي وكثرة الجنودوالهيبة والوقاروكذلك أكرمه: بكثرة الأعوان والجنود وقذف الرعب في قلوبالأعداء وتسهيل السير عليه ، وتعريفه فجاج الأرض ، واستيلائه على برها وبحرها ،وتمكنه بذلك من تملك المشارق والمغارب من الأرض ، فكل هذه الأمور لا تعطى لشخص عادي، ولا يمكن أن يحققها حاكم بحوله وذكائه مهما بلغا ، إلا أن يكون مؤيداً من الله ،ذلك التأييد الذي ينصر الله به عباده المؤمنين . ويدل على هذه العناية أيضاً ضميرالعظمة في قوله تعالى: (وآتيناه من كل شئ سبباً) أي أمده بكل ما أراده من مهماتملكه ومقاصده المتعلقه بسلطانه ، فزوده بعلم منازل الأرض وأعلامها وعرّفه ألسنةالأقوام الذين كان يغزوهم ، فكان لا يغزو قوماً إلا كلمهم بلسانهم . لقد كانترعاية الله لذي القرنيين عظيمة بسبب إيمانه بالله ، واستعداده لليوم الآخر ؛ ولذلكفتح له باب التوفيق وحقق ما صبى إليه من أهداف وغاية سامية.
2) ومن بواعث أعماله الخالده حبه للدعوة الى الله : فقد جمع بين الفتوحات العظيمة بحد السيف،وفتوحات القلوب بالإيمان والإحسان ، فكان إذا ظفر بأمة أو شعب دعاهم إلى الحقوالإيمان بالله تعالى قبل العقاب أو الثواب ، وكان حريصاً على الأعمال الإصلاحية فيكافة الأقاليم والبلاد التي فتحها ، فسعى في بسط سلطان الحق ، والعدالة في الأرض ،شرقاً وغرباً ، وكان صاحب ولاء ومحبة لأهل الإيمان، مثلما كان معادياً لأهل الكفران
تاريخ النشر: 2007-03-31
شيركوه
11-03-2007, 10:44 PM
رابط الحلقة السابقة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 2/6) : أبرز صفاته و البواعث الفعلية لأعماله
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24855 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24855)
=================================== ====================
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
دستوره العادل ، وتربيتة المثالية :
إن ذا القرنيناستخدم العدل مع رعيته ولم ينس أسلوب العقاب والثواب ، وبذلك ضبط الرعية وأمورالبلدان التي فتحها بالعدل مع العباد سوء أحسنوا أم قصروا.
أ – دستور ذيالقرنين العادل:
لقد استطاع ذو القرنين بفضل الله وتفويقه أن يقوم بالعدل بينالناس في البلاد التي فتحها، فلم يتعامل مع القوم المغلوبين بالظلم أو الجور أوالتعسف أو التجبر أو الطغيان أو البطش وإنما عاملهم بهذا الدستور الرباني : (أما منظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكراً ، وأما من آمن وعمل صالحا فلهجزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا) سـورة الكهف ،آية 87-88وهذا الدستورالرباني يدل على إيمانه وتقواه ، وعلى فطنته وذكائه ، وعلى عدله ويره ورحمته ، فإنالناس الذين قهرهم وفتح بلادهم ، ليسوا على مستوى واحد ، ولا على صفات واحدة ،ولذلك لا يجوز أن يعاملوا جميعا معاملة واحدة ، فمنهم المؤمن ومنهم الكافر ، ومنهمالصالح ومنهم الطالح فهل يتساوون في المعاملة ؟قال ذو القرنين : أما الظالمالكافر فسوف نعذبه ، نعذبه لظلمه وكفره ، وهذا التعذيب عقوبه له ، فنحن عادلون فيتعذيبه في الدنيا ثم مرده إلى خالقه لينال عذابه الأخروي.
إن الظالم والباغيالكافر في دستور ذي القرنين معذب مرتين : مرة في الدنيا على يديه ، والأخرى يومالقيامة ، حيث يعذبه الله عذابا نكرا.
أما المؤمن الصالح فإنه مقرب من ذيالقرنين ، يجزيه الجزاء الحسن ، ويكافئه المكافأة الطيبة ، ويخاطبه بيسر وسهولهوإشراق وبر ومودة(46).
لقد كان ميزان العدالة في حكمه بين الناس ، هو التقوىوالإيمان والعمل الصالح ، ودائما يتطلع إلى مقامات الإحسان.
ب – تربيتهالمثالية :
لقد أوجب الله العقوبة الدنيوية على من ارتكب الفساد في المجتمع ،وكلف أهل الإيمان ممن مكن لهم في الأرض أن يحرصوا على تنفيذ العقوبات للمفسدوالظالم لكي تستقيم الحياة في الدنيا.
إن ذا القرنين يقدم لكل مسئول أو حاكم أوقائد منهجا أساسياً ، وطريقة عملية لتحسين الأداء وتطوير العمل والسعى نحو الأفضل ،فلابد من الأخذ على يد المفسد والظالم ، وتشجيع المحسن الخير.
قال سيد قطب رحمهالله : (وهذا دستور الحاكم الصالح ... فالمؤمن الصالح ينبغي أن يجد الكرامةوالتيسير والجزاء الحسن عند الحاكم . والمعتدي الظالم يجب أن يلقى العذابوالإيذاء.. وحين يجد المحسن في الجماعة جزاء إحسانه جزاء حسناً أو مكاناً كريماًوعوناً وتيسيراً ، ويجد المعتدي جزاء إفساده عقوبة وإهانة وجفوة. عندئذ يجد الناسما يحفزهم إلى الصلاح والإنتاج . أما حين يضطرب ميزان الحكم ، فإذا المعتدونالمفسدون مقربون إلى الحاكم ، مقدمون في الدولة ، وإذا العاملون الصالحون منبوذونأو محاربون، فعندئذٍ تتحول السلطة في يد الحاكم سوط عذاب وأداة إفساد . ويصير نظامالجماعة إلى الفوضى والفساد)(47) .
إن التربية العملية للقياده الراشدة هي التيتجعل الحوافز المشجعات هدية للمحسن ليزداد في إحسانه وتفجر طاقة الخير العاملة علىزيادة الإحسان وتشعره بالاحترام والتقدير وتأخذ على يد المسيء لتضرب على يده... حتىيترك الإساءة.. ويعمل على توسيع دوائر الخير والإحسان في أوساط المجتمع.. وتضييقحلقات الشر إلى أبعد حدود وفق قانون الثواب أو العقاب المستمد من الواحد الوهاب.
الهوامش :
(46) مع قصص السابقين في القرآن (2/330،331).
(47) في ظلالالقرآن (4/2291)
تاريخ النشر: 2007-03-31
شيركوه
11-03-2007, 10:55 PM
رابط الحلقة السابقة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 3/6) : دستوره العادل وتربيته المثالية
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24856
=================================== =====
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
أهم العلوم المادية التي استخدمها وفقهه في إحياء الشعوب :
إن القارئ المتأمل في سيرة ذي القرنين يلاحظ : أنه وظّف علوماً عدة لدعوتهوجهاده ، وكانت له خبرة متميزة في التعامل مع الأمم والشعوب ، وفي إخراجها منالظلمات إلى النور ، ومن الضلال الى الهدى ، ومن الضعف إلى القوة .
أ – أهمالعلوم التي استخدمها :1-علم الجغرافيا حيث نجد أن ذا القرنين كان على علمبتقسيمات الأرض ، وفجاجها وسبلها ، ووديانها وجبالها وسهولها ؛ ولذلك استطاع أنيوظف هذا العلم في حركته مع جيوشه شرقاً وغرباً ، وشمالاً وجنوباً ، ولا يخلو أنيكون في جيشة من هو متخصص في هذا المجال (48) .
2-كان صاحب خبرة ودراية بمختلفالعلوم المتاحة في عصره ، يدل على ذلك حسن اختياره للخامات ، ومعرفته بخواصها ،وإجادته لاستعمالها والاستفادة منها ، فقد استعمل المعادن على أحسن ما خلقت له ،ووظف الإمكانات على خير ما أتيح له : (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفينقال انفخوا ، حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً) [ سورة الكهف : 96]،أمرهم بأن يأتوه بقطع الحديد الضخمة ، فآتوه إياها ، فأخذ يبني شيئاً فشيئاً حتىجعل ما بين جانبي الجبلين من البنيان مساوياً لهما في العلو ثم قال للعمال : انفخوابالكير في القطع الحديدية الموضوعة بين الصدفين (49). فلما تم ذلك وصارت النارعظيمة ، قال للذين يتولون أمر النحاس من الإذابه وغيرها: آتوني نحاساً مذابا أفرغهعليه فيصير مضاعف القوة والصلابة ، وهي طريقة استخدمت حديثاً في تقوية الحديد ،فوجد أن إضافة نسبة من النحاس إليه تضاعف مقاومته وصلابته (50) .
3-كان واقعياًفي قياسه للأمور وتدبيره لها ، فقد قدر حجم الخطر ، وقدر ما يحتاجه إليه من علاج ،فلم يجعل السور من الحجارة ، فضلاً عن الطين واللبن ، حتى لا يعود منهاراً لأقلعارض ، أو في أول هجوم ، ولهذا باءت محاولات القوم المفسدين بالفشل عندما حاولواالتغلب على ما قهرهم به ذو القرنين : ( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا لهنقبا) [سورة الكهف : 97 ]، أي لم يتمكنوا من اعتلائه لارتفاعه وملاسته ، ومااستطاعوا أن يثقبوه لصلابته وثخانته (51). لقد كان ذو القرنين على علم بأخبار الغيبالتي جاءت بها الشرائع ومع ذلك ، ولم يتخذ من الأقدار تكأة لتبرير القعود والهوان ،فقد بنى السد وبذل فيه الجهد ، مع علمه بأن له أجلاً سوف ينهدم فيه لا يعلمه إلاالله.
شيركوه
11-03-2007, 10:57 PM
ب – فقهه في إحياء الشعوب :إن حركة ذي القرنين الدعوية والجهاديةجعلته يحتك بالشعوب والأمم . وتكلم القرآن الكريم عن رحلاته:
1- الرحلة الأولى: لم يحدد القرآن الكريم نقطة الانطلاق فيها وحدد النهاية إلى مغرب الشمس ، ووجدعندها قوماً فدعاهم إلى الله تعالى ، وسار فيهم بسيرة العدل والإصلاح ، قال تعالى : (أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً ، وأما من آمن وعملصالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً) [سورة الكهف : 87].
إنهاسياسة العدل التي تورث التمكين في الحكم والسلطة ، وفي قلوب الناس الحب والتكريمللسمتقيمين ، وإدخال الرعب في قلوب أهل الفساد والظلم.
فالمؤمن المستقيم يجدالكرامة والود والقرب من الحاكم ، ويكون بطانته وموضع عطفه وثقته ورعاية مصالحهوتيسير أموره.
أما المعتدي المتجاوز للحد ، المنحرف الذي يريد الفساد في الأرضفسيجد العذاب الرادع من الحاكم في الحياة الدنيا ، ثم يرد إلى ربه يوم القيامةليلقى العقوبة الأنكى بما اقترفت يداه في حياته الأولى.
ولم يعين السياق القومالذين اتخذ فيهم ذو القرنين هذه السياسة الحكيمة ، كما أهمل ذكر المدة التي مكثهابينهم والنتائج التي توصل إليها ، وكأن الأمر المفروغ منه أن تثمر هذه السيرةالعادلة ، والمبادئ السامية حضارة ربانية وتقدماً وسعادة وطمأنينة لذا لا داعيلذكرها والوقوف عندها(52) .
2- الرحلة الثانية : وهي رحلة المشرق حيث يصل إلىمكان يبرز لعين الرائي أن الشمس تطلع من خلف الأفق ، ولم يحدد السياق أهو بحر أميابسة ، إلا أن القوم الذين كانوا عند مطلع الشمس كانوا في أرض مكشوفة بحيث لايحجبهم عند شرقها مرتفعات جبلية أو أشجار سامقة ، وذهب الشيخ محمد متولى شعراوي إلىأن المقصود ( لم نجعل لهم من دونها ستراً) هي بلاد القطب الذي تكون فيه الشمس ستةشهور لا تغيب ، وطوال هذه الشهور لا يوجد ظلام يستر الشمس في هذه الأماكن (53). ونظراً لوضوح سياسة ذي القرنين في الشعوب التي تمكّن منها ، وهو الدستور المعلن فيرحلة الغرب لم يكرر هنا إعلان مبادئه ، لأنها منهج حياة ودستور دولة متراميةالأطراف وسياسة أمم فهو ملتزم بها أينما حل أو ارتحل(54) .
3- الرحلةالثالثة : تختلف عن الرحلتين السابقتين من حيث طبيعة الأرض والتعامل مع البشر سكّانالمنطقة ، ومن حيث الأعمال التي قام بها فلم يقتصر فيها على الأعمال الجهادية لكبحجماح الأشرار والمفسدين ، بل قام بعمل عمراني هائل. أما الأرض فوعرة المسالك ، وأماالسكّان – وكأن وعورة الأرض قد أثرت على طباعهم وطريقة تخاطبهم مع غيرهم – فهناكصعوبة في التفاهم والمخاطبة بحيث لا يكاد الإنسان منهم يقدر على التعبير عما فينفسه ، ولا أن يفقه ما يحدثه به غيره من غير بني قومه (وجد من دونهما قوماً لايكادون يفقهون قولاً) إما في أسلوب التخاطب والتعامل – كما أسلفنا – أو من التخلفالحضاري والبدائية في العادات والمفاهيم والمصطلحات.
فلما وجدوا القوة في دولةذي القرنين والعدل والصلاح في سيرته – وعدل السلطان يفتح أمامه القلوب قبل فتحالجيوش والأمصار – لجأوا إليه لحمايتهم من هجمات تلك القبائل الهمجية المفسدة ،قبائل يأجوج ومأجوج التي كانت تشن عليهم هجماتهم من خلف الجبلين المتقابلين منالممر الضيقالذي بينهما وذلك بإقامة السد بين الصدفين ، مقابل خراج يدفعونه إليهمن أموالهم . ونظراً لأن القضية التي وضعها ذو القرنين نصب عينيه هي الإصلاحومقاومة الفساد والشر ، والحكم بالعدل بين الناس ، ولم يكن همه جمع المال أو قصدالعلو في الأرض بإذلال الشعوب ، فقد رفض عرضهم ، وتطوّع بإقامة السد على أن يتطوعواهم من جانبهم بتقديم الجهد البشري ، فمنه الخبرة والتصميم والإشراف ، وعليهم الطاقةالعمّالية والمواد الأولية المتوفرة في بلادهم(55) .
شيركوه
11-03-2007, 10:59 PM
نلاحظ من سياق القرآن أنهؤلاء القوم اتصفوا بصفات منها :1-هم قوم متخلفون : لا يكادون يفقهون قولاً،وهذا إما معناه أنهم لا يفقهون لغة غيرهم من الأقوام الأخرى ، لأنهم لم يطلعواعليها ولم يتعلموها ، فهم منغلقون على لغتهم فقط. وإما معناه أن الكلام لا ينفعمعهم ، لأنهم لا يفقهون ولا يتفاعلون معه ، ولا يتفاهمون مع قائله ، لا يفعلون هذالجفاء وغلظة عندهم ، أو لغفلة وسذاجة في طبيعتهم.
2-هم قوم ضعاف ، ولذلك عجزواعن صد هجمات يأجوج ومأجوج ، والوقوف في وجههم ، ومنع إفسادهم.
3-هم قوم عاجزونعن الدفاع عن أرضهم ، ومقاومة المعتدين ، ولذلك لجأوا إلى قوة أخرى خارجية ، قوة ذيالقرنين ، حيث طلبوا منه حل مشكلاتهم والدفاع عن أراضيهم .
4-هم قوم اتكاليونكسالى ، لا يريدون أن يبذلوا جهداً ولا أن يقوموا بعمل ، ولذلك أحالوا المشكلة علىذي القرنين ، وأوكلوا إليه حلها ، أماهم فمستعدون لدفع المال له(56) .
لقد كانفقه ذي القرنين في التعامل مع الشعوب المستضعفة هو السعي الجاد لنقلها من الجهلوالتخلف والكسل والضعف إلى العلم والتقدم والنشاط والقوة ، فكان يدير العمل بروحالجماعة ، ويشترك بنفسه مع إشراك غيره ، ويدل على ذلك ضمير المتكلم الذي يتقابل فيتسلسل متتابع رفيع مع ضمير المخاطب في النظم القرآني الكريم مما يشير إلى روحالحماس والحيوية والتعاون المشترك (57) :( قال ما مكني فيه ربي خير ، فأعينوني بقوةأجعل بينكم وبينهم ردماً. آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا،حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً) [ سورة الكهف : آية 95-96] . لقدكان ذو القرنين حريصاً على مصلحة الناس ، ناصحاً لهم فيما يعود عليهم بالنفع ،ولهذا طلب منهم المعونة الجسدية ، لما في ذلك تنشيط لهم ورفع لمعنوياتهم(58). ومننصحه وإخلاصه لهم ، أنه بذل ما في الوسع والخدمة أكثر مما كانوا يطلبون فهم طلبوامنه أن يجعل بينهم وبين القوم المفسدين سداً ، أما هو فقد وعد بأن يجعل بينهم ردماً (والردم هو الحاجز الحصين ، والحجاب المتين ، وهو أكبر من السد وأوثق ، فوعدهم بفوقما يرجون)(59) .
لقد عفّ ذو القرنين عن أموال المستضعفين وشرع في تعليمهمالنشاط والعمل والكسب والسعي ، فقال لهم : (فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً) [ سورة الكهف : 95] ، إن هذه العبارة القرآنية معلم بارز في تضافر الجهود وتوحيدالطاقات والقدرات والقوى.. إن القيادة الحكيمة هي التي تستطيع أن تفجر طاقاتالمجتمع وتوجهه نحو التكامل لتحقيق الخير والغايات المنشودة.
إن المجتمعاتالبشرية غنية بالطاقات المتعددة في المجالات المتنوعة في ساحات الفكر والمالوالتخطيط والتنظيم والقوى المادية ، ويأتي دور القيادة الربانية في الأمة لتربط بينكل الخيوط والخطوط والتنسيق بين المواهب والطاقات وتتجه بها نحو خير الأمة ورفعتها. إن ذا القرنين لم يكن موقفه مع المستضعفين حمايتهم وإنما توريثهم أسباب القوة حتىيستطيعوا أن يقفوا أمام المفسدين ، لقد كان ذو القرنين يستطيع أن يبقى حتى يبدأيأجوج ومأجوج في الهجوم ثم يهاجمهم ويهزمهم ، ولكن الله سبحانه وتعالى يريد أنيلفتنا إلى أنه ليس من وظيفة الحاكم أو الملك أن يظل في انتظار هجوم الظالم.. ولكنوظيفته منع وقوع الظلم.
شيركوه
11-03-2007, 11:00 PM
كيف منع ذو القرنين وقوع الظلم ؟لم يأت بجيوشلحماية المستضعفين مع قدرته على ذلك ، وإنما طلب منهم أن يعينوه ليساعدهم على حمايةأنفسهم ويتعلموا فنون الحماية ويكتسبوا خبرات ويتدربوا على العمل الجاد المثمر الذييجعلهم يبنون السد بأيديهم ، وهذا أدعى للحفاظ عليه وإصلاحه إن أصابه شيئ.. إن ذاالقرنين رفض أن يكون هؤلاء المستضعفين عاطلين ، قال الشيخ محمد متولى شعراوي : "وهذه تلفتنا إلى أن لله سبحانه وتعالى عطاء إمكانيات ، وعطاء ذاتي في النفس .. عطاء الإمكانيات هو ما تستطيع أن توفره من وسائل تعينك على أداء العمل ، والعطاءالذاتي في النفس ... هو القوة الذاتية في داخلك التي تعطيك طاقة العمل".
وكثيرمنا لا يلتفت إلى عطاء النفس... لا يلتفت إلى أنه فيه قوة يستطيع أن يعمل بهاأعمالاً كثيرة وأنه لا يستخدمها ، وأن لديه قوة تحمل ...وبإمكانه أن ينتقل من مكانإلى آخر، وأن يعمل أعمالاً كثيرة..
هذه القوة معطلة عند عدد كبير من الناس.. فهي غير مستخدمة ... ويستطيع الرجل أن يفعل بها أشياء كثيرة وأمامه المجالات التييستخدم فيها طاقته .. ولكنه لا يستخدمها.. عنده قوة تفكير لو دربها على العمل لفتحتله أبواباً كثيرة يرتزق منها ... ولكنه يبقيها كسولة.. فلا يفكر في شيئ ولايستخدمها لينميها.
ماذا فعل ذو القرنين ؟.. لم يستعن بجيشه ، ولا بأناس آخرين ... إنما استعان بهؤلاء الضعفاء ، لقد طلب منهم أن يأتوا بالحديد ثم بنى السـد بحيثوصل به إلى قمة الجبلين ..ثم قام بصهر الحديد ... وأفرغ عليه النحاس ليكون السد فيغاية المتانة والقوة.
إذن فهو قوى هؤلاء الضعفاء الذين كان يهاجمهم يأجوجومأجوج ... بأن علمهم كيف يعينون أنفسهم. وكيف يبنون السد.. وجعلهم هم الذينيشتركون في البناء... وهم الذين يقيمونه.. وأعانهم هو بخبرته وعلمه فقط؛ ليأخذواالثقة في أنفسهم بأنهم يستطيعون حماية أنفسهم...ويتعلموا ما يعينهم ويحميهم.
والإسلام ينهانا عن أن نعود الناس على الكسل أو نعطيهم أجراً بلا عمل ...لأنذلك هو الذي يفسد المجتمع ؛ فالإنسان متى تقاضى أجراً بلا عمل لا يمكن أن يعمل بعدذلك أبدا (60) .
إن ذا القرنين قام بمهمة الحاكم الممكّن في الأرض ، فقوّىالمستضعف وجعله قادراً على حماية نفسه من العدوان ولا يعتمد على حماية أحد ، ولميترك الناس في مقاعد المتفرجين بل نقلهم إلى ساحة الجد عاملين (61).
وهنا وقفةمهمة ودرس هام وضروري للأمة ، وبخاصة في زماننا هذا ، لأنها تواجه خطراً ماحقاًمدمراً ، أشد وأقسى من يأجوج ومأجوج ، إنه خطر الملاحدة واليهود والنصارى الذينيسعون لتدمير كيان الأمة وسلخها من هويتها وعقيدتها وإسلامها وجعلها عاجزة مكتوفةالأيدي أمام هذا الخطر ، تستنجد وتستنكر وتشتكي إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ،والدعوة إلى مؤتمر دولي .
إن القرآن الكريم يعلمنا ويرشدنا الى طريق النجاة ألاوهي الالتزام بمنهج الله واتخاذ طريق العمل الصائب الصحيح بالجهاد والقتال والقوةوالعلوم المتطورة لكي تستحق الأمة رحمة الله ، فعلى الأمة أن تودع الأماني والأحلامالخادعة، وعليها أن تدخل ميادين العمل والعطاء والجهاد والشهادة ، وعندما تحركالقوم المستضعفون نحو العمل بقيادة ذي القرنين وصلوا إلى هدفهم المنشود ، وغايتهمالمطلوبة ..
شيركوه
11-03-2007, 11:02 PM
ونقف مع ذي القرنين بعد أن أتم بناء السد :
نظر ذو القرنين إلىسده العظيم الذي حفظ الناس من غارات المفسدين و( قال : هذا رحمة من ربي ) [ سورةالكهف : 97 ]، إنها عبارة جميلة مباركة تشير إلى عدة معان :
1- قال سيد قطبعنها : ( ونظر ذو القرنين إلى العمل الضخم الذي قام به فلم يأخذه البطر والغرور ،ولم تسكره نشوة القوة والعلم ، ولكنه ذكر الله فشكره ، ورد إليه العمل الصالح الذيوفقه إليه) (62) .
2- ذكر ذي القرنين لربه عند إنجاز عمله ، يعلمنا كيف يكونذكر الله سبحانه .. إن من أعظم صور الذكر ، هي أن يذكر ربه عند توفيقه في عمله ،فيستشعر أن هذا بأمر ربه ، فيتواضع ويعدل ويذكر ويشكر.
3- كان بناء السد رحمةمن الله ، وقد استخدم ذو القرنين علمه الذي علمه الله إياه ، وتمكينه الذي مكّنهالله له ، استخدمه في مساعدة الناس وتقديم الخير لهم ، ومنع العدوان عنهم ، فكانعلمه رحمة من ربه ، وكان استخدامه له رحمة من ربه.
4- كان القوم مهددين بيأجوجومأجوج ، معرّضين لإفسادهم ، ولم يحمهم منهم إلا الله ببناء السد ، ولم يخلصهم منخطرهم إلا الله ببناء السد . فكان السد رحمة من الله لهم ، وكان خلاصاً لهموإنقاذاً – بإذن الله. فلو لم يتم بناء السد ، ولو بقي أولئك القوم يشكون ويندبون ،بدون عمل ولا جهد ولا حركة ، لما أتقذوا أنفسهم من الخطر .. لا يتم الإنقاذ والخلاصإلا بالعمل والجهد المتواصل وتكاثف الجهود والانقياد الطبيعي لشرع الله خلف القيادةالربانية (63) .
5- ( فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً) [ سورةالكهف : 98 ] ، لقد أعلن ذو القرنين ما يؤمن به من أن الجبال والحواجز والسدود ستدكعندما يحين وعد الله الذي لا يتخلف.
شيركوه
11-03-2007, 11:03 PM
الهوامش:
(48) الحكم والتحاكم في خطابالوحي (2/624).
(49) روح المعاني (16/40).
(50) في ظلال القرآن (4/2293).
(51) فتح القدير (3/313).
(52) مباحث في التفسير الموضوعي (305).
(53) القصص القرآني في سورة الكهف، محمد متولي شعراوي (87).
(54) مباحث في التفسيرالموضوعي (306).
(55) مباحث في التفسير الموضوعي (307).
(56) مع قصصالسابقين (2/338).
(57) الحكم والتحاكم في خطاب الوحي (2/627).
(58) أحكامالقرآن لأبي بكر ابن العربي (3/243).
(59) روح المعاني (17/40).
(60)القصصالقرآني في سورة الكهف (93،94).
(61) القصص القرآني في سورة الكهف (95).
( 62) في ظلال القرآن (4/2293).
(63) مع قصص السابقين (2/350).
تاريخ النشر: 2007-03-31
شيركوه
11-03-2007, 11:09 PM
رابط الحلقة السابقة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 4/ 6 ) : أهم العلوم التي استخدمها وفقهه في إحياء الشعوب
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24857 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24857)
=================================== =======
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
لقد ظهرت المفاهيم الحضارية في أحسن قصص الملوك (ذو القرنين) الذي خلد الله ذكراه ، وجعله درساً لكل من أراد أن يحكم بحق ، ويعلم الناس ويهديهم إلى الطريق الصحيح ، ويساعدهم إلى ما فيه خيرهم وفلاحهم.
ركائز الحضارة الربانية :
من أهم ركائز الحضارة الربانية ، لكل حاكم يريد الحق والإصلاح : الإيمان ، والعدل ، والعمل.
وإنها لصفات لا بد منها ، حتى يستقيم أمر الشعوب ، ويأمنوا بحق على أنفسهم ، وأموالهم ، وأعراضهم ، وأديانهم ، وعقولهم.
فالإيمان بالله رباً يجعل الحاكم يحرص أن يستقي أوامره وتشريعاته من منهج الله، الذي لا شطط فيه ولا خلاف ، ولا إفراط ولا تفريط ، ولا غلو ولا جفاء ، ويكون بعيداً كل البعد عن هواه ، فلا يظلم ولا يبطر ولا يتحكم في رقاب الناس وأمنهم بدون وجه حق. والعدل لا بد منه لأنه مركب النجاة ، وأمان أهل الأرض ، والثقة بين الراعي والرعية ، والقائد والمقود ، والحاكم والمحكوم.
وبالعمل والتعاون ينتشر العمران ، وتعم الحضارة وفق منهج الله تعالى .
لقد بنى ذو القرنين حضارة ربانية معتمدة على ركائز الإيمان والعمل والعدل ، والإصلاح مستهدفة بني الإنسان أينما حل وأقام ، أو ارتحل إلى أي مكان فقاد الدنيا بالإيمان والخير والفلاح ، وعمل على تخليصها من أسر المادة الطاغية ، وكذلك الكفر والشرك والإجرام، وحرص على تربيه جنوده واتباعه على الخير والحق ، ومحاربة الشر في النفوس ، وأهم هذه الشرور الظلم والعدوان والتسلط على الناس ، ومحاوله استعبادهم واستغلالهم لتحقيق مصالح شخصية ، فالانحطاط الأخلاقي أضر شيء بالحياة الإنسانية.
إن الحضارة الربانية متكاملة ، وقابلة للبناء في أي وقت كان فيه التزام بالمنهج الرباني وأحكامه ، لأن المنهج الرباني وأحكامه فيه كل الخير من عناصر معنوية اعتقادية وروحية وأخلاقية وعلمية وإبداعية ، وعناصر مادية ، تشمل التقدم العمراني والصناعي والزراعي والتجاري . وكذلك عناصر تنظيمية وتشريعية تنظم حياة الفرد والمجتمع والدولة ، مرتبطة بجميع جوانب الحضارة .. ولذلك تخرج للوجود حضارة ربانية مؤمنة تتقدم لصالح البشرية ولنشر الهداية لتعميمها على العباد وتسعى لبناء الرجال على أسس من العقيدة والأخلاق ، والأفكار الصحيحة ، والتصورات السليمة قبل بناء المباني وتجميل المدن ، وصناعة الأسلحة . وتتميز الحضارة الربانية بتكاملها وتوازنها وتناسقها ، من الحاجات الجسمية والعقلية والروحية. وتتطلع إلى التنافس الشريف ، وإسعاد البشرية ، وتكوين الشخصية الربانية التي تتحمل مسؤولياتها الحضارية .
إن سيرة ذي القرنين في قيادته الحضارية للبشرية في زمانه تعطينا صورة مشرقة للإنسان القوي المؤمن العام ، الذي يسخر كل إمكانات دولته وجنوده وأتباعه وعلومه ووسائله وأسبابه لتعزير شرع الله وتمكين دين الله وخدمة الإنسانية وإعلاء كلمة الله ، واخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الناس والمادة إلى عبادة الله . سيرة مثّلها داود وابنه من بعده عليهما السلام في عصرهم، ومثلها ذو القرنين في عصره ، ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وخلفائه الراشدون من بعده ، والأئمة المهديون في عصورهم .
إن القادة الربانيين يوظفون قوتهم ، وملكهم وحكمتهم من أجل إقامة مقاصد الشريعة الربانية على وجه المعمورة ، قال تعالى : (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) [ سورة الحج : 41].
إن الإيمان الراسخ ، والعمل الصالح ، والسيرة الفاضلة ، والمقاصد الخيرة ، والدعوة إلى الله وإلى الحق واستخدام كل ما أوتينا من علم وحكمة يصنع الحضارة الربانية التي قاعدتها العقيدة الصحيحة ، لتنبثق منها مبادئ وقيم وأخلاق ربانية تسعد من دخل في منهجها في الدنيا والآخرة. إن الحضارة الإنسانية الرفيعة تتحقق في ظل دين الإسلام ، وبذلك نستطيع أن نعرف الحضارة الربانية بأنها: ( تفاعل الأنشطة الإنسانية للجماعة الموحدة لخلافة الله في الأرض ، عبر الزمن ، وضمن المفاهيم الإسلامية عن الحياة والكون والإنسان(.
وهذا التعريف يتسع ليضم بين جوانبه حلقات الحضارة الربانية المتعددة والتي بدأت مع فجر التاريخ ، عبر الأنبياء والرسل والمؤمنين بهم ، حتى الحلقة الأوسع وهي الحلقة المبتدئة بعصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما تبعه من تفاعلات وأحداث.
وكذا تغدو الحضارة الربانية الحضارة العالمية ، تضم بين أرجائها تفاعلات الأمم والشعوب المندرجة تحت شرع الله تعالى وتقبل في عضويتها العالم بأسرة ، أسوده وأصفره وأبيضه وفق المنهج الرباني وأحكامه. وتسعى لخدمه الإنسان وإسعاده ، ليكون مع سائر الأكوان المحيطة به في وحده حضارية كونية تتسامى في تمجيد واحد وتسبيح أصيل للخلاق العليم خالق الوجود كله.
قال تعالى : ( تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً) [ سورة الإسراء : 44 ]. إننا إذا تأملنا في قول الله تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) [ سورة العصر : 1-3 ]. لوجدناها بحق تمثل معنى الحضارة الربانية في مفاهيمها وعناصرها ، فالسورة حوت عناصر الحضارة كلها بوضوح كامل : الإنسان ، التجمع (صفة الجمع في السورة : الذين آمنوا وعملوا الصالحات) – الزمن - الصبغة ، كما تضمنت التفاعل الحضاري المستمر بالعمل والتطبيق والتنفيذ للمبادئ والمفاهيم.
إن تعطيل العمل والتنفيذ للمبادئ يعطل الربانية ويجعلها في حالة توقف وانتظار بل في حالة تأخر وانحسار.
إن ذا القرنين ساهم في صياغة الحياة البشرية على أسس عقدية وأخلاق ربانية ، وأكون قد أصبت الحقيقة إن قلت : وإثراء الحضارة الإنسانية ، وترك لنا معالم واضحة في التعامل مع نفسية الشعوب وتحريكها بالإيمان والعلم والعمل والعدل والإصلاح والتعمير.
شيركوه
11-03-2007, 11:11 PM
الهوامش :
1-انظر: مجموع الفتاوى (17/22).
2-انظر: ذو القرنين القائد الفاتح (390).
3-الإسلام والحضارة _الندوة العالمية للشباب (1/490).
4-الإسلام والحضارة .....(1/490).
5- الإسلام والحضارة ...
تاريخ النشر: 2007-03-31
شيركوه
11-03-2007, 11:20 PM
رابط الحلقة السابقة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 5/ 6 ) : المفاهيم الحضارية في قصة ذي القرنين
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24858 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24858)
=================================== ======
السبت31 مارس 2007م , 12 ربيع الأول 1428 هـ
إن قصة ذي القرنين مليئة بالآيات والعبر والأحكام والآداب والثمرات والفوائد نذكر منها:
1- الاعتبار برفع الله بعض الناس درجات على بعض ورزقه من يشاء بغير حساب ملكاَ ومالاً ؛ لما له من خفي الحكم وباهر القدرة ، فلا إله سواه.
2- الإشارة إلى القيام بالأسباب ، والجري وراء سنة الله في الكون من الجد والعمل ، وأن على قدر الجد يكون الفوز والظفر ، فإن ما قصه الله علينا عن ذي القرنين من ضربه في الأرض إلى مغرب الشمس ، ومطلعها وشمالها وعدم فتوره ، ووجدانه اللذة في مواصلة الأسفار وتجشم الأخطار ، وركوب الأوعار والبحار ثم إحرازه ذلك الفخار ، الذي لا يشق له غبار ، أكبر عبرة للأولى الأبصار.
3- ومنها تنشيط الهمم لرفع العوائق ، وأنه إذا ما تيسرت الأسباب ، فلا ينبغي أن يعد لا ركوب البحر ولا اجتياز القفر، عذراً في الخمول والرضاء بالدون ، بل ينبغي أن ينشط ويتمثل في مرارته حلاوة عقباه من الراحة والهناء.
4- وجوب المبادرة إلى معالي الأمور.
5- إن من قدر على أعدائه وتمكن منهم ، فلا ينبغي له أن تسكره لذة السلطة بسوقهم بعصا الإذلال ، وتجريعهم عصص الاستعباد والنكال، بل يعامل المحسن بإحسانه والمسيء بقدر إساءته.
6- إن على الملك إذا اشتُكي إليه جور مجاورين ، أن يبذل وسعه في الراحة والأمن، دفاعاً عن الوطن العزيز ، و قياماً بفريضة دفع المعتدين وإمضاء العدل بين العالمين.
7- إن على الملك التعفف عن أموال رعيته ، والزهد في أخذ أجرة ، في مقابلة عمل يأتيه ، ففي ذلك حفظ كرامته وزيادة الشغف بمحبته.
8- التحدث بنعمة الله تعالى إذا اقتضاه المقام.
9- تدعيم الأسوار والحصون في الثغور وتقويتها على أسس علمية وفق دراسة ميدانية صحيحة لتنتفع به على الأجيال على مرا العصور وكر الدهور.
10- مشاركة الحاكم العمال في الأعمال ، والإشراف بنفسه إذا تطلب الأمر ، لكي تنشط الهمم.
11- تذكير الغير وتعريفهم ثمار الأعمال المهمة لكي يستشعروا رحمة الله تعالى.
12- استحضار القدوم على الله ، واستشعار زوال هذه الدنيا والتطلع إلى ما عند الله .
13- الاعتبار بتخليد جميل الثناء ، وجليل الآثار ، حيث نجد أن الآيات الكريمة أوضحت أخلاق ذي القرنين الكريمة من شجاعة وعفة وعدل وحرص على توطيد الأمن والإحسان للمحسنين ومعاقبة الظالمين.
14- الاهتمام بتوحيد الكلمة لمن يملك أمماً متباينة ، كما كان يرمي إليه سعى ذي القرنين فإنه دأب على توحيد الكلمة بين الشعوب ومزج تلك الأمم المختلفة ليربطها بالمنهج الرباني والشرع السماوي.
وبهذا نقف عند هذا الحد من الدروس والعبر والحكم ، وإني لعلى يقين راسخ أني لم أعطِ هذه الشخصية حقها من البحث واستنباط العبر، واستخراج الدروس ، وإظهار الحكم.
إن قول الله تعالى : (فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) [ سورة الكهف:95 ]، فيه معلم بارز في تضافر الجهود وتوحيد الطاقات والقدرات والقوى.. لقد استطاع ذو القرنين أن يفجر طاقات المستضعفين نحو التكامل، لتحقيق الخير والغايات المنشودة.
إن أمتنا الإسلامية مليئة بالمواهب الضائعة والطاقات المعطلة ، والأموال المهدرة ، والأوقات المبددة ، والشباب الحيارى ، وهي تنتظر من قيادتها في كافة الأقطار والدول والبلدان لكي تأخذ بقاعدة ذي القرنين في الجمع والتنسيق والتعاون ومحاربة الجهل والكسل والتخلف .
– ( فأعينوني بقوة) .. لقد كان ذو القرنين يستخدم جيوشه وقوته كوسيلة من وسائل الدعوة ، ونشر العدل بين الناس ، ورفع الظلم عنهم ، ومحاربه أهل الفساد.. هذه أهم ثمرات إقامة الجهاد في سبيل الله تعالى.
إن الجهاد في هذه الأمة ماضٍ إلى يوم القيامة ، ولا مكانة لهذه الأمة بدون الجهاد فهو روحها ، وفي وجوده حياتها ، وتاريخ الأمة الإسلامية خير شاهد على ذلك ، وإن الأهداف الكبرى التي تسعى لها الأمة لا يمكن تحقيقها إلا بجيل مجاهد يحب الموت كما يحب الأعداء الحياة ، ولا يمكن رفع الذلة التي فرضت عليها إلا بالجهاد ، ولا تستطيع أن تبلغ دعوة الله إلى الناس أجمعين بدون قيود أو حواجز إلا بالجهاد.
قال تعالى : (يا أيها الذين ءامنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم . تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) [ سورة الصف : آية : 10-11].
تاريخ النشر: 2007-03-31
=================================== ===============
روابط الحلقات الخمس السابقة
الحلقة الاولى
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 1/6 ) : الآيات القرآنية وأسباب النزول ومن هو ذو القرنين ؟
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24853 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24853)
الحلقة الثانية
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 2/6) : أبرز صفاته و البواعث الفعلية لأعماله
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24855 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24855)
الحلقة الثالثة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 3/6) : دستوره العادل وتربيته المثالية
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24856 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24856)
الحلقة الرابعة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 4/ 6 ) : أهم العلوم التي استخدمها وفقهه في إحياء الشعوب
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24857 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24857)
الحلقة الخامسة
فقه التمكين عند ذي القرنين ( 5/ 6 ) : المفاهيم الحضارية في قصة ذي القرنين
http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24858 (http://saowt.com/forum/showthread.php?t=24858)
=========================
وفي الاخير اقول للاخت صوت منيح هيك؟؟؟
:D
بس المشكلة انو اللي عندو عمى الوان ما رح يميز كل هالتعب فما حرام كل هالوقت اللي راح؟ :cool:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هناك
11-04-2007, 03:24 AM
السلام عليكم،
الموضوع مميز ولكنها يكون افضل لو كان في صفحة واحدة
شيركوه
11-05-2007, 08:21 PM
بيطلع كبير وبيصير الناس ما الهم خلاق يقرو لانهم بيخافو
فهيك بيحسوه اخف
وانا قسمتو
و .... "تلونتو" مشان الست صوت يرتاح ضميرها
بس التوبة الله وكيلك مابقا عيدها
خلص
بست التوبة
تلات مرات
عجبك!!! خلص اللي بدو يقرا يقرا ... وبعدين شو فيها اذا تضامن مع اللي معهم عمى الوان :)
يالله :) عمول معروف وكب بهالبحر خخخخخخخخخخخخخ
السلام عليكم :)
هنا الحقيقه
11-09-2007, 08:38 PM
اقترح ان يتم نقل الموضوع وان مؤقت الى صوت الاسلامي لما فيه فائدة
شيركوه
11-11-2007, 04:24 PM
الامر يرجع للادارة
ممكن يعملو نسخة هناك
مثل ما بدهم
السلام عليكم :)