تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد القصص: المشروع الإنقاذي للأمة هو تقويض الكيانات البالية / موقع الاسلام اليوم



ابو شجاع
11-01-2007, 04:13 PM
أحمد القصص: المشروع الإنقاذي للأمة هو تقويض الكيانات البالية

بيروت/ محمد علوش 9/10/1428
20/10/2007

أحمد القصص متخصص في الحضارة الإسلامية وعلاقتها بالغرب، وقد كتب أبحاثاً وكتباً في ذلك، وهو يدعو لعودة الخلافة الإسلامية؛ إذ يراها مركب النجاة الوحيد للأمة الإسلامية في عودتها الى أصالتها وطريقها نحو التطور وتحقيق الأمانة في الشهادة على باقي الأمم. أفكاره تثير لغطاً شديداً بين الإسلاميين قبل غيرهم، وهو لا يخفي كرهه الشديد للعلمانيين وأذنابهم في عالمنا العربي والإسلامي، وقد تعرض بسبب أفكاره هذه للسجن والاضطهاد. وهو من الشخصيات البارزة في لبنان المطلة على الفضائيات.
دار حوارنا معه حول قضايا التطور والتخلف، ومقومات الحضارة، والفرق بينها وبين المدنية، وغير ذلك مما هو مبثوث في هذا الملف. وهذه هي الأسئلة التي وجهناها لضيفنا على مائدة الحوار.

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFما المعايير التي تعتمدونها في أبحاثكم للحكم على أمة ما بأنها ناهضة أو منحطة؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFالنهضة والانحطاط مصطلحان متقابلان معاصران، بحيث يوصف المجتمع بأحدهما، ولا يمكن أن يوصف بكليهما معاً؛ إذ هما نقيضان. يُقصد بالنهوض عادة مجموعة من الظواهر التي يتسم بها مجتمع ما. أهمها تَكوّنه بثقافة واضحة يعتنقها السواد الأعظم أو الأفعل في المجتمع، وقيام سلطة سياسية ترعى شؤون الناس بأنظمة ترتبط مع ثقافة المجتمع ارتباطاً عضوياً، وذلك من انبثاقهما معاً من وجهة نظر واحدة عن الحياة، تكون في الغالب ناجمة عن فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة. وهذا المجتمع يُصنّف بالمجتمع المبدئي. ومن شأن هكذا مجتمع أن يتّسم بالاستقرار السياسي الذي يمكن أن يُنتج قوة اقتصادية وعسكرية.
إلا أن قيام مجتمع ودولة بهذه المواصفات لا يعني بالضرورة الوصول بالإنسان إلى الهناءة والسعادة والسلام النفسي والاجتماعي والروحي؛ إذ المعوّل ليس فقط على تكوّن المجتمع بمبدأ، بل لابد من أن يكون هذا المبدأ قائماً على فكرة صحيحة عن الكون والإنسان والحياة، وهذا لا يتوفر إلاّ في الإسلام الذي يقوم على أساس العقيدة الإسلامية التي تعطي فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، هي الصحيحة دون سواها من المبادئ الوضعية. وخير مثال على ذلك المجتمع الغربي المعاصر الذي يوصف بحق أنه مجتمع ناهض، حيث تتوفر فيه الصفات التي ذكرناها للمجتمع الناهض. ولكنه لم يجلب لأناسه الذين يعيشون فيه سوى التعاسة والشقاء والأزمات النفسية والاجتماعية المتعددة، فضلاً عما جرّه على سائر العالم من ويلات وكوارث.

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFلمست في بعض كتبكم أنكم تفرّقون بين الحضارة والمدنية، فهلاّ بينت لنا الفرق بين المصطلحَين؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFحين نتكلم عن حضارة مجتمع من المجتمعات، فإننا نتكلم عن طريقة العيش التي تميّز ذلك المجتمع عن سائر المجتمعات. وواضح للعيان تاريخاً وحاضراً أن لكل مجتمع طريقة في العيش تميزه عن سائر المجتمعات، تجعل منه جماعة بشرية ذات شخصية معينة ولون متميز وهوية خاصة، هذه الطريقة في العيش التي تميز مجتمعاً عن آخر هي ما يُعبَّر عنه باصطلاح الحضارة.
لذلك يجب أن يُلحظ حين استخدام ذلك الاصطلاح وتعريف مدلوله، ألاّ يدخل ضمنه إلاّ ما هو من مقوّمات شخصية المجتمع التي تجعل منه مجتمعاً معيناً يختلف عن غيره من المجتمعات في طريقة عيشه، فلا تدخل الأشكال والوسائل المادية التي يستخدمها المجتمع في شؤون الحياة والتي لا يتميّز بها عن غيره من المجتمعات. فالمصانع والسيارات والطائرات وسائر الإنجازات المادية التي تنتجها أمة من الأمم ليست هي التي تميزها عن غيرها من المجتمعات وليست هي التي تعطيها هويتها. فهذه أشكال ووسائل "حيادية"، وعامة لكل البشر والمجتمعات. فإننا نجد أن المجتمعات التي تتمسك بحضارتها وطريقة عيشها تقف بالمرصاد أمام كل وافد من الأفكار والأنظمة ووجهات النظر في الحياة، إلا أنها تستفيد في الوقت نفسه مما ينتجه أي شعب أو مجتمع من الأشكال والوسائل المادية، ما لم تكن تلك الأشكال والوسائل متعارضة مع حضارتها التي تصوغ مجتمعَها وتميز حياتَها. بل إنك تجد الدولة الراقية التي تتمسك بحضارتها وتفتخر بها حريصة على مواكبة كل ما يتم إنجازه في البلاد الأخرى من الاختراعات والمبتكرات الفنية والتقنية والعلمية؛ إذ هي من أسباب القوة التي تحرص الأمة الراقية على امتلاكها.
كل ذلك يحتم علينا أن نضبط المصطلح الدال على نمط العيش وهوية المجتمع، فنميز بينه وبين ما يدل على مجموعة الأشكال والوسائل المادية المحسوسة المستعملة في شؤون الحياة، والتي هي عامة لجميع الشعوب والمجتمعات. وبالتالي فإننا نخصص كلمة الحضارة للدلالة على ما يميز المجتمع فيجعل له طريقة خاصة في العيش، ونجعل كلمة المدنية دالة على الوسائل والأشكال المادية المستعملة في شؤون الحياة. وبالرجوع إلى واقع المجتمعات وما يجعلها مجتمعات ذات لون معين ونمط خاص في العيش، نجد أن مجموعة المفاهيم التي يعتنقها مجتمع ما عن الحياة هي التي تعطيه هويته وشخصيته وتجعل له طرازاً خاصاً في العيش. إذ إن تلك المفاهيم هي التي تكيّف علاقات الناس فيما بينهم في المجتمع، وما المجتمع إلاّ أناس قامت بينهم علاقات دائمية، وطبيعة هذه العلاقات في المجتمع هي التي تعطيه هويته وشخصيته. وبناء عليه يمكن تعريف الحضارة بأنها "مجموعة المفاهيم عن الحياة".
ونحن المسلمين أحوج ما نكون إلى ذلك التفريق بين الحضارة والمدنية. ذلك أن الإسلام جعل من الأمة الإسلامية أمة متميّزة، تحيا حياة ذات نمط خاص يتفرد كل التفرد عن سائر أنماط الحياة في المجتمعات البشرية. وما ذلك إلاّ لأن المجتمع الإسلامي قام على أساس عقيدة مصدرها الوحي الإلهي، انبثق عن هذه العقيدة نظام متماسك، وانبنت عليها أفكار شاملة ونجمت عنها مشاعر، فصاغت علاقات الناس في المجتمع الإسلامي. فكانت الحضارة الإسلامية التي تجلّت في ذلك المجتمع الإسلامي حضارة متفردة متميّزة، تتعالى كل التعالي على سائر الحضارات البشرية.

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFهل ترى أن مقولة الصراع الحضاري هي حقيقة، وكيف؟ وهل صحيح ما يروج له الكثير من المنظرين الإسلاميين بأن الغرب عالم واحد؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFإن صراع الحضارات، هو صراع أنماط مختلفة من العيش تجلت في مجتمعات بشرية. فحين يتكوّن مجتمع ما على طريقة في العيش، فإنه يتمسك بهذه الطريقة ويدافع عنها، ويحارب كل من يحاول أن يمسها بسوء أو أن يحدث فيها أي تغيير. بل إن كثيراً من الأمم تحاول نشر طريقتها في العيش وإخضاع الشعوب لها. والتاريخ مليء بهذه الأمثلة.
فما موقف الإسلام من مسألة الصراع الحضاري هذه؟
قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 251].
إن الصراع بين الجماعات البشرية سنّةٌ ماضية في واقع الحياة، تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، طالما أن هناك ولاءات وانتماءات واستقطابات متعددة. وواهمٌ كل الوهم من يظن أن البشرية يمكن أن تصل إلى اليوم الذي تعيش فيه المجتمعات المتباينة في هويتها وأنماط عيشها في سلام دائم. وإذا كانت البشرية قد عرفت –ومازالت- تلك الأشكال المتباينة من الصراع والاقتتال، وإذا كان التسابق بين الأعراق والقوميات والطبقات على القهر والغلبة والسيادة والاستـئـثار بالثروات والمغانم هو الطاغي على تلك الصراعات، فإن الإسلام قد ارتقى من جانبه بالصراع، وجعله صراعاً حضارياً صرفاً. فجعل محور الصراع هو سيادة المبدأ وبسط طريقة العيش التي ارتضاها الله تعالى لعباده، فاستهدف كل طرائق العيش الأخرى، للقضاء عليها وإخراج الناس من الحضارات التي أشقتهم إلى حضارة الإسلام التي فيها الرقي والهناء الذي ينشده الإنسان بفطرته.
وعليه قسّم الإسلام البشر فريقين: فريق انصاع لأمر الله تعالى وارتضى الإسلام منهاجاً للعيش، وعمل على الرقي بالبشر إلى مرتقاه، وآخر رفض سيادة شريعة الله وأصر على إخضاع الناس لمناهج ما أنزل الله بها من سلطان، فأضلَّهم وأشقاهم. قال تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً﴾. [النساء: 75-76].
وأما عن الغرب، هل هو عالم واحد؟ فأقول:
لا بد من التفريق بين الجانب الحضاري والجانب السياسي. فأما من الناحية الحضارية، فما يُعرف اليوم بالغرب (أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأستراليا) هو حضارة واحدة؛ إذ على الرغم من التمايز الثقافي بين قوميات أوروبا من الناحية اللغوية والتاريخية والأدبية... فإن طريقة واحدة في العيش تجمع هذه المجتمعات؛ إذ تقوم هذه المجتمعات على عقيدة عقلية سياسية واحدة، هي عقيدة فصل الدين عن الحياة، انبنت عليها مجموعة من المفاهيم تشترك فيها هذه المجتمعات كمفاهيم الديمقراطية والحريات العامة، وتصويرها للحياة بأنها المنفعة والسعادة، بأنها نيل المتع الجسدية المادية، وكالنزعة الفردية...كما أنها تخضع لأنظمة متشابهة، أبرز ما توسم به أنها رأسمالية. وأما من الناحية السياسية فإنه لا يمكن لدول متعددة مهما تقاربت وتحالفت أن تكون شيئاً واحداً، إلاّ في حال اندماجها لتكون دولة واحدة. وهذا ما ينطبق على دول الغرب. لذلك فإن لكل دولة مصالحها وإستراتيجياتها، ولا يخفى على أحد التنافس الذي يصل إلى حد النزاع العلني أحياناً بين هذه الدول.

ابو شجاع
11-01-2007, 04:15 PM
http://www.islamtoday.net/dial2.GIFهل تعتقد أنه لا يوجد حضارة إسلامية اليوم، وما تعيشه الشعوب الإسلامية –ومنها العربية- إنما هو تبنٍّ للقيم الغربيّة البعيدة عن الإسلام؟ وهلاّ وصّفت لنا.
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFإن الإسلام كأي فكر آخر لا يمكن أن يتجلى حضارة في واقع الحياة إن لم تتكون به أمة تحيا حياة إسلامية في ظل نظام الإسلام. فالإسلام حين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان "مشروع حضارة"، وبقي الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعمل من أجل إقامة كيان سياسي للإسلام، يتجلى في مجتمع يعتنق الإسلام ويطبقه عقيدة وشريعة، حتى وصل إلى هدفه المنشود، فأقام أول نقطة ارتكاز للحضارة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية في المدينة "يثرب". فإذا الإسلام ينتقل من كونه "مشروع حضارة" إلى حضارة منتصبة على أرض الواقع، مجتمعاً صاغ الإسلامُ أفكاره ومشاعره ونظّم علاقته بالشريعة التي أنزلها الله، لمعالجة جميع نواحي الحياة البشرية، وتوسعت هذه الحضارة مع توسع كيانها السياسي، حتى شملت جزيرة العرب. فتمكنت حينئذ من مقارعة الحضارات الأخرى، بما تملك من فكر قوي ونظام صالح تمثَّلا حياةً إسلامية على أرض الواقع، وإذا هي تجندل كل حضارة وقفت في طريقها، وتبقى سيّدة العالم قروناً متطاولة، إلى أن قضت الحضارة الغربية على كيانها السياسي في غفلة من الأمة الإسلامية.
ومنذ أن سقطت الدولة الإسلامية أوائل القرن العشرين وإلى يومنا هذا، لم يعد للحضارة الإسلامية وجود في واقع الحياة. وباتت الأمة الإسلامية تعيش حالة التواري الحضاري. وعادت الثقافة الإسلامية –بما تحمل من مفاهيم ومشاعر وأنظمة- كما كانت في العهد المكّي "مشروع حضارة"، فعاد الإسلام، كما أخبر عليه الصلاة والسلام، غريباً كما بدأ. إلا أنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا تزال طائفة من المسلمين تحمل هذا الدين وتنافح عنه حتّى ينصرها الله تعالى؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك". (رواه البخاري ومسلم).
فواجب الأمة الإسلامية اليوم، هو أن تعيد للحضارة الإسلامية صرحها، وذلك عن طريق إعادة الدولة الإسلامية التي جعلها الشرع الطريقة العملية الوحيدة لتطبيق الإسلام. بل إن سنة الله تعالى في المجتمعات البشرية، أنه ما من نظام يمكن أن يطبَّق إلاّ عن طريق السلطان. لذلك قرن الله تعالى في كتابه العزيز بين الحق والقوة قائلاً: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾. [الحديد: 25].
والآن بعد أن أفلست أمم الأرض ولم يعد لديها أي رد تشهره في وجه الحضارة الغربية، لم يتبقَّ في الميدان إلاّ الأمة الإسلامية لتخوض الصراع الحضاري من جديد، وترمي بسهامها الحضارية والثقافية على ثقافة الحضارة الغربية لتدمرها وتذرها قاعاً صفصفاً، ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾. [الرعد: 17].
إن المشروع الإنقاذي الذي يجب على المخلصين من أبناء هذه الأمة الاضطلاع به لإنقاذ أمتهم وسائر الأمم، بما فيها شعوب الغرب، من جحيم الحضارة الغربية، هو عمل جاد ونضال مستمر وكفاح عنيد، لتقويض الكيانات الهزيلة البالية التي بناها الغرب في بلادنا، وإقامة صرح للحضارة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، ليستأنفوا حياتهم الإسلامية، وليثبتوا للبشرية جمعاء ما قاله رب العزة سبحانه: ﴿ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. [الأعراف: 128].

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFهل نستطيع أن نحصر اللوم بالمستعمر الغربي في ما تعاني منه الأمة من تخلّف؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFإن العدوّ لا يُلام، بل الأخ والصديق هو الذي يُلام؟ أما العدو فإنه يُحارَب كما يحارِب. اللوم الأساسي يقع على الأمة التي تنكَّبت عن حمل الأمانة وحسن فهم الإسلام وتطبيقه منذ مئات السنين، وبالتالي فتحت الطريق أمام الغرب ليغزونا حضارياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإعلامياً...

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFهل تتخوف من صراع سني شيعي قادم على امتداد العالم الإسلامي؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFمن الواجب اليوم أن نخاف من تفاقم الصراع بين السنة والشيعة، بعد أن وصل إلى ما وصل إليه من مآسٍ وكوارث، وواهم من يظن أن هذا الصراع يمكن أن يعالج المشكلة التي دامت مئات السنين.

http://www.islamtoday.net/dial2.GIFكيف تقوِّم تجربة الإسلاميين السياسية خلال العقدين الأخيرين؟ وأي مستقبل تتوقع للحركات الإسلامية المعاصرة؟ وهل يمكن أن تنجح في قيادة الأمة يوماً ما؟
http://www.islamtoday.net/dial1.GIFبعد أن هُدمت الخلافة الإسلامية عقب الحرب العالمية الأولى عاشت الأمة الإسلامية حالة من الضياع والانحطاط رهيبة، أحس بها جميع الناس بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم.
وكردّ فعل على تلك الأوضاع، نشط دعاة مسلمون، وقاموا بأعمال مرتجلة عفوية بقصد مواجهة الواقع الفاسد، فلم يكن لهؤلاء الدعاة مفهوم واضح عن النهضة، ولم تكن لديهم دراسة وافية عن الفكرة التي يعملون للنهضة على أساسها، ولا عن الطريقة التي ستسلكها، لذلك وضعوا أهدافاً صغيرة تافهة، وسلكوا طرقاً ملتوية ومرتجلة تتبدل كل يوم بتبدل الظروف. فهم في طريقة عملهم كانوا متأثرين بالواقع الفاسد إلى حد بعيد، بحيث إن هذا الواقع هو الذي حدد لهم أهدافهم وأطروحاتهم وطريقة عملهم، إنهم الواقعيون.
فطريقة الإسلام في الدرس والتطبيق ومعالجة المشاكل هي كالتالي: أن يُفهم الواقع على حقيقته فهماً عميقاً يؤدي إلى معرفة المشكلة التي يُراد معالجتها والتي هي مناط الحكم، ثم بعد ذلك تُفهم النصوص الشرعية والأدلة المتعلقة بهذا الواقع لأخذ الحكم الشرعي وتطبيقه على الواقع، وبذلك تكون المشكلة قد عولجت بالشرع.
ولكن الواقعيين، لا يتبعون هذه الطريقة، وإنما يستمدون معالجتهم للواقع من الواقع نفسه، ومن ثم يعودون بعد ذلك إلى النصوص الشرعية ليبحثوا عن دليل ليلصقوه بالمعالجة الواقعية، ولو أدى ذلك إلى أن تُلوى أعناق الأدلة والأحكام الشرعية لتوافق معالجاتهم.
وهكذا كان الدعاة الواقعيون مسايرين لأهواء الناس موافقين لأفكارهم ممثلين لأهدافهم وتطلعاتهم، في الوقت الذي قام فيه دعاة مبدئيون يدركون قضية الأمة ويعملون على الانتقال بالناس من حالة الانحطاط والانخفاض المتمثلة في التخلف الفكري، إلى حالة النهضة والرقي عن طريق بث الثقافة الإسلامية الصحيحة النقية الصافية.
بدأت المعركة بين الدعاة المبدئيين وأفكارهم من جهة والأفكار السقيمة والأنظمة البالية من جهة أخرى، حتى لاح في الأفق انتصار الفكر الصحيح والعمل المبدئي.
مع بداية هذه المعركة بدأت الجماهير تنفضّ من حول أصحاب الواقعية، وتحمل أفكار الدعاة المبدئيين، التي أخذ صدقها يظهر للعيان كل يوم أكثر فأكثر، وأصبح المبدئيون موضع آمال المسلمين، في الوقت الذي يصبح فيه أصحاب الأطروحات الواقعية محل اتهام بالرجعية ومسايرة الواقع الفاسد بما فيه من أفكار وقناعات وثقافة وأنظمة.
إن ثبات المبدئيين على ذلك النهج وتلك المواقف، أدى إلى اضطهادهم وظلمهم ومواجهتهم بالقتل والتشريد والسجن وقطع الأرزاق وترويج الدعاوات الإعلامية لتشويه صورتهم أمام أعين الناس، مما جعل المجتمع يتجمد في وجههم في بعض الأحيان، وذلك إزاء الإرهاب المادي والإعلامي الذي يُمارس ضد الدعاة ومن يلتف حولهم ويؤيدهم.
إلاّ أن كل ذلك لم يثن الذين يعتنقون أعظم عقيدة ويحلمون بجنات عرضها السماوات والأرض عن دعوتهم التي نذروا حياتهم لها، وتحملوا الأهوال لأجلها، ورأوا أن القضية قضية حياة أو موت واتخذوا إزاءها إجراء الحياة والموت. فهم يتذكرون دائماً قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾. [البقرة: 214].
وها هم الدعاة المبدئيون في أيامنا هذه، لما صبروا على دعوتهم رأينا أبواب التوفيق تفتّح لهم من جديد، وسرعان ما عادت الأمة لتحتضن أبناءها المخلصين الواعين الذين ثبتوا على مبدئهم ودعوتهم.
إن مزيداً من الجهود في طريق الدعوة، وعلى الخط الذي رسمه المبدأ من أجل استئناف الحياة الإسلامية، من شأنها أن تبشر بولادة نهضة راشدة جديدة تعيد للحضارة الإسلامية حياتها، وللأمة كرامتها وعزّها، وللمجتمع هويته، وللأرض منارتها.

http://www.islamtoday.net/articles/show_articles_content.cfm?id=205&catid=212&artid=10555