بنت خير الأديان
10-25-2007, 05:14 PM
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
أيها الحبيب ..ترفق .. لا ترحل .. أما تسمع أنين المحبين لك ؟!
جمع وإعداد الفقير إلى الله أبو مسلم وليد برجاس
http://www.al-awl.com/vcard/images/thm_2006-09-19_230019.gif
يا شهر رمضان ترفق دموع المحبين تدفق.
قلوبهم من ألم الفراق تشقق.
عسى وقفة للوداع تطفي من نار الشوق ما أحرق.
عسى توبة ساعة و إقلاع ترقع من الصيام ما تخرق.
عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق.
عسى أسير الأوزار يطلق.
عسى من استوجب النار يعتق.
فيجبر مكسور ويقبل تائـب ويعتق خطاء ويسعد من شقي
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟!
كنا بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع.
رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر،
كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً،
كيف ترحل عنا وقد ألفناك وأحببناك؟!
رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
ذرِ الدموعَ نحيباً و ابكِ من أسفٍ *** على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ
على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلَتْ *** إلا لتمحيصِ آثامٍ و أوزارِ
يا لائمي في البُكا زدني به كَلفاً *** و اسمع غريبَ أحاديثٍ و أخبارِ
ما كان أحسنُنا و الشملُ مجتمعٌ *** منَّا المصلِّي و منَّا القانتُ القارِي
أياما معدودات
قال عز وجل{ يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } (النور 44) ،
فبالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه ،
واليوم نودعه بكل أسىً ، ونتلقى التعازي برحيله ،
فما أسرع مرور الليالي والأيام ، وكر الشهور والأعوام ،
والعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة ، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت ، فهيهات أن تعود مرة أخرى .
قال عمر بن عبد العزيز : " إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل أنت فيهما "
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي "
سوق قام ثم انفض؟!!
قال الحسن البصري : ( إن الله جعل رمضان مضمار لخلقه ؛ يتسابقون فيه بطاعته فسبق قوم ففازوا ، وتخلف قوم فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون و يخسر المبطلون )
رمضان سوق قام ثم انفض ، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر ، فلله كم سجد فيه من ساجد ؟ وكم ذكر فيه من ذاكر ؟
وكم شكر فيه من شاكر ؟ وكم خشع فيه من خاشع ؟ وكم فرط فيه من مفرط ؟ وكم عصى فيه من عاص ؟ .
إذا ارتحل رمضان ، فما أسعد نفوس الفائزين ، وما ألذ عيش المقبولين ، وما أذل نفوس العصاة المذنبين ، وما أقبح حال المسيئين المفرطين !!.
كان سلفنا الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، ثم يدعونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فتكون سنتهم كلها في ذكر هذا الشهر
سَلامٌ مِنَ الرَّحمنِ كُلَّ أَوَانِ *** عَلَى خَيرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ
سَلامٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيامِ فَإنَّهُ *** أَمَانٌ مِنَ الرَّحمنِ أيُّ أَمَانِ
تَرَحَّلْتَ يَا شَهْرَ الصِّيَامِ بِصَومِنَا *** وَقَد كُنتَ أَنوَارَاً بِكُلِّ مَكَانِ
لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الزُّهْرُ بَغْتَةً *** فَمَا الحُزْنُ مِن قَلْبِي عَلَيكَ بِفَانِ
عَلَيكَ سَلامُ اللهِ كُن شَاهِدَاً لَنَا *** بِخَيرٍ رَعَاكَ اللهُ مِن رَمَضَانِ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسرولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل مايلتذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة ).
العبرة بالخواتيم
كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يحملون همّ قبول العمل أكثر من همّ القيام بالعمل نفسه.
قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','23','60')) }( المؤمنون 60)
قال عبد العزيز بن أبي رواد :
أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوا وقع عليهم الهم! أيقبل منهم أم لا؟
و قال علي رضي الله تعالى عنه :
[ كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل،
ألم تسمعوا لقول الحق عز وجل : " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ " [المائدة:27] ].
و قال مالك بن دينار :
[ الخوف على العمل ألا يتقبل .. أشدّ من العمل ].
أيها المقبول هنيئاً لك ،
أيها المردود جبر الله مصيبتك
http://img166.imageshack.us/img166/8462/ramm42on8.jpg
عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال :
[ من هذا المقبول منا فنهنيه؟ ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟ ].
أيها المقبول هنيئاً لك! أيها المردود جبر الله مصيبتك!
ليت شعري من فيه يقبل منـا فيهنأ.. يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول أرغم الله أنفه بخزي شديد
فالعبرة بالخواتيم ،
قال تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } (سورة النصر) ،
وأمر بذلك الحجيج بعد قضاء مناسكهم وانتهاء أعمال حجهم فقال سبحانه : { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','2','199'))} (البقرة 199) .
فإن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها ،
ومن علامات ردها العودة إلى المعاصي بعد الطاعات ،
وقد ضرب الله عز وجل في كتابه مثلاً لمن حسن عملُه
ثم انقلب على عقبه بعد ذلك ،
وبدل الحسنات بالسيئات عياذاً بالله ،
قال سبحانه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','2','266'))} ( البقرة 266) ،
فمثله كمثل شيخ كَبُرَ سِنُّه وضعف جسمه ولم يعد قادراً على العمل والتكسب ولديه صبية ضعفاء يحتاجون إلى رعايته، ولا يملك سببا للرزق إلا بستاناً من أجمل البساتين خضرة وبهاء ،
وفيه من النخيل والأعناب والثمرات والماء الجاري وغير ذلك مما يُمتع الأنظار، وتُسرُّ له النفوس ، وفي الوقت الذي اشتدت حاجته إليه وتعلق قلبه به أتى بستانه إعصار فيه نار فأحرق ما به من زرع وثمار ،
قال ابن عباس : " ضُربت لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم بعث الله له الشيطان ، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله " رواه البخاري .
إن من خالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يهجر الطاعات ، بعد أن ذاق حلاوتها وشعر بأنسها ولذتها ،
ولما سأل هرقل أبا سفيان عن المسلمين ، هل يرجعون عن دينهم بعد أن دخلوا فيه ؟ ،
قال أبو سفيان : لا ،
قال هرقل : وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب .
فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت ..، واستمر عليه
علامة قبول رمضان
أن تصل بعد الطاعة إلى رضا المعبود ،
و علامة الصدود أن تبعد - بالمعصية - عن المقصود .
من علامات قبول العمل المواصلة فيه ، والاستمرار عليه .. فاحكم أنت على صيامك ..
أمقبولٌ أم مردود؟!!!
وقد سئلت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : " كان عمله ديمة "
أي مستمراً ، كالمطر الدائم الذي لا ينقطع ،
وتذكر أن عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله ،
وللحسنة أولاد .. وللسيئة أولاد
ما أحسن الحسنة بعد الحسنة و أقبح السيئة بعد الحسنة .
ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها .
النكسة أصعب من المرض الأول .
ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة
وما أفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة .
{ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
من تكرر منه نقض العهد أيوثق بمعاهدته؟!
قال الحسن البصري رحمه الله : " إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله عز وجل : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ( الحجر 99) .
• القلب ينشط للقبيح ***وكم ينام عن الحسن
يا نفس ويحك ما الذي ***يرضيك في دنيا العفن ؟!
أولى بنا سفح الدموع *** و أن يــجلبنا الحـــزن
أولى بنا أن نرعــوي *** أولى بنا لبس ( الكفــــن )
أولى بنا قتل ( الهوى ) *** في الصدر أصبح كالوثن
فأمامنا سفر طويل *** بــــعده يأتــــي الســــكن
إما إلى ( نار الجحيم ) *** أو الجنان : ( جنان عدن )
أقسمت ما هذي الحياة *** بها المقام أو ( الوطـــن )
فلم التلوّن و الخداع ؟ *** لم الدخول على ( الفتن ) ؟!
يكفي مصانعة الرعاع *** مع التقلـــب في المحن
تبا لهم مــن مــــعشر*** ألفوا معاقرة ( النــــتن )
بينا يدبّر للأمــــــين *** أخو الخيانة ( مؤتمن ) !
تبا لمن يتمـــــــلقون *** و ينطوون على ( دخن )
تبا لهم فنفـــــــــاقهم *** قد لطّخ ( الوجه الحسن )
تبا لمن باع ( الجنان ) *** لأجـــــل ( خضراء الدمن )
الخاسرون فى رمضان
في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال :
(آمين.. آمين.. آمين.. قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين. آمين. آمين. قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له؛ فدخل النار فأبعده الله - فكم هم أولئك المبعدين عن رحمة الله؟- قل : آمين. فقلت: آمين ...) الحديث.
متى يزرع من فرط في وقت البذار، فلم يحصد غير الندم والخسار؟!
مساكين هؤلاء! فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان؛ فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران،
قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، لا صيام ينفع ولا قيام يشفع، قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، حالها في رمضان كحال أهل الشقوة،
لا الشاب منهم ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينـزجر فيلحق بالصفوة.
أيها الخاسر! رحل رمضان وهو يشهد عليك بالخسران؛
فأصبح لك خصماً يوم القيامة!
رحل رمضان وهو يشهد عليك بهجر القرآن؛ فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان! فيا من فرط في عمره وأضاعه!
كيف ترجو الشفاعة؟ أتعتذر برحمة الله؟
أتقول لنا: إن الله غفور رحيم؟
نعم.
لكن " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف:56]
العاملين بالأسباب .. الخائفين المشفقين.
سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد الجمعة والجمـاعات، فقال رضي الله تعالى عنه: [ هو في النار ].
فيا أيها الخاسر! نعم. رحل رمضان وربما خسرت خسارةً عظيمة، ولكن الحمد لله، فما زال الباب مفتوحاً والخير مفسوحاً، وقبل غرغرة الروح، ابكِ على نفسك وأكثر النوح، وقل لها :
ترحل الشهر وا لهفاه وانصرما *** واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار *** فما تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شهره وبحبل الله معتصما
لا تكن كنتيا
يروى أن الإمام الصنعاني عبد الرزاق سأل يوماً معلمه معمر بن راشد الأزدي عن ( الكنتي )
فقال معمر : الرجل يكون صالحا ثم يتحول رجل سوء.
قال أبو عمرو : يقال للرجل إذا شاخ ( كنتي ) كأنه نسب إلى قوله : كنت في شبابي كذا. قال :
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا *** وشر خصال المرء كنت وعاجن
عجن الرجل إذا قام معتمداً على الأرض من الكبر.
وقد صح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كان يستعيذ بالله من ( الحور بعد الكور ) في دعاء سفره
وقد فسره الإمام الترمذي بـ ( إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، إنما يعني الرجوع من شيء إلى شيء من الشر ).
قال ابن الأثير: يعني : أعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات
قال أبو عمر بن عبد البر ( يعني رجع عما كان عليه من الخير )
كن ربانيا ... ولا تكن رمضانيا
فقد قيل لأحد الصالحين أيهما أفضل : رجب أم شعبان ؟
فقال : كن ربانيا ولا تكن شعبانيا !!
اثبت و تصطبر ورب نفسك وألزمها الصواب. املك زمام المبادرة.
رب رمضان رب الشهور كلها
لا نقول : كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد والحرص على الخيرات،
فالنفس لا تطيق ذلك، ورمضان له فضائل وخصائص
و لكنا نقول :
لا للانقطاع عن الأعمال الصالحة،
(*) باع قوم من السلف جارية ، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها..
فسألتهم.. فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان .
فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان !، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان ، رودني إليهم.
كان الحسن يقول : عجبت لأقوام أمروا بالزاد ، ونودي فيهم بالرحيل ، وجلس أولهم على آخرهم و يلعبون !!
وكان يقول : يا ابن آدم، السكين تشحذ، والتنور يسجر ، والكبش يعتلف.
وكان أبو بكر بن عياش يقول : لو سقط من أحدكم درهمٌ لظل يومه يقول : إنا لله.. ذهب درهمي، وهو يذهب عمره
ولا يقول : ذهب عمري ،
كان لله أقوام يبادرون الأوقات ، ويحفظون الساعات ، ويلازمونها بالطاعات .
وقال ثابت البُناني : ما تركت في المسجد سادنة إلا وختمت القرآن عندها .
وقيل لعمرو بن هاني : لا نري لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم ؟
قال : مائة ألف، إلا ما تخُطى الأصابع .
وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة ، وقام ليلها وكان الليل كله يبكي ، فتقول له أمه : يا بني ، قتلت قتيلاً ؟ فيقول : أنا أعلمُ بما صنعتُ بنفسي .
قال الجماني : لما حضرت أبو بكر بن عياش الوفاة بكت أخته ، فقال : لا تبك ، وأشار إلى زواية في البيت ، إنه قد ختم أخوك في هذا الزواية ثمانية عشر ألف ختمة.
كان بعض السلف يقول : صم الدنيا واجعل فطرك الموت ،
الدنيا كلها شهر صيام المتقين يصومون فيه عن الشهوات المحرمات ، فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم .
وقَد صُمتُ عَن لذاتِ دَهرِي كُلَّه *** ويَومَ لِقاكُم ذَاكَ فِطرُ صِيامِي.
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته ، ومن تعجل ما حُرَّمَ عليه قبل وفاته؛ عوقب بحرمانه في لآخرة وفواته ،
قال الله تعالى : { أَذهَبتُم طَيّبَاتِكُم فِى حَيَاتِكُمُ الدُّّّنياَ وَاستَمتَعتُم بِهَا } ( الأحقاف : 20 )
يقول كعب: ( من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود ).
ترحَّلَ الشَّهرُ – وا لهفاهُ – وانصَرَمَا *** واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا
وأصبحَ الغَافِلُ المسكينُ منكسراً *** مثلي ! فيَا وَيحَهُ يا عُظمَ مَا حُرِمَا !
من فاتَهُ الزَّرعُ في وقتِ البذارِ فَمَا *** تراهُ يحصُدُ إلاَّ الهمَّ والنَّدَمَا
طُوبى لِمَن كانتِ التَّقوى بضاعتَه *** في شهرِهِ وبحبلِ اللهِ مُعتَصِمَا
***
**
*
يتبع بإذن المولى عز وجل ..
أيها الحبيب ..ترفق .. لا ترحل .. أما تسمع أنين المحبين لك ؟!
جمع وإعداد الفقير إلى الله أبو مسلم وليد برجاس
http://www.al-awl.com/vcard/images/thm_2006-09-19_230019.gif
يا شهر رمضان ترفق دموع المحبين تدفق.
قلوبهم من ألم الفراق تشقق.
عسى وقفة للوداع تطفي من نار الشوق ما أحرق.
عسى توبة ساعة و إقلاع ترقع من الصيام ما تخرق.
عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق.
عسى أسير الأوزار يطلق.
عسى من استوجب النار يعتق.
فيجبر مكسور ويقبل تائـب ويعتق خطاء ويسعد من شقي
رمضان كيف ترحل عنا وقد كنت خير جليس لنا؟!
كنا بين قارئ وصائم ومنفق وقائم، وباكٍ ودامع، وداعٍ وخاشع.
رمضان فيك المساجد تعمر، والآيات تذكر، والقلوب تجبر، والذنوب تغفر،
كنت للمتقين روضةً وأنساً، وللغافلين قيداً وحبساً،
كيف ترحل عنا وقد ألفناك وأحببناك؟!
رمضان ألا تسمع لأنين العاشقين وآهات المحبين؟!
ذرِ الدموعَ نحيباً و ابكِ من أسفٍ *** على فراقِ ليالٍ ذاتِ أنوارِ
على ليالٍ لشهرِ الصومِ ما جُعلَتْ *** إلا لتمحيصِ آثامٍ و أوزارِ
يا لائمي في البُكا زدني به كَلفاً *** و اسمع غريبَ أحاديثٍ و أخبارِ
ما كان أحسنُنا و الشملُ مجتمعٌ *** منَّا المصلِّي و منَّا القانتُ القارِي
أياما معدودات
قال عز وجل{ يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار } (النور 44) ،
فبالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدومه ونسأل الله بلوغه ،
واليوم نودعه بكل أسىً ، ونتلقى التعازي برحيله ،
فما أسرع مرور الليالي والأيام ، وكر الشهور والأعوام ،
والعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة ، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت ، فهيهات أن تعود مرة أخرى .
قال عمر بن عبد العزيز : " إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل أنت فيهما "
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي "
سوق قام ثم انفض؟!!
قال الحسن البصري : ( إن الله جعل رمضان مضمار لخلقه ؛ يتسابقون فيه بطاعته فسبق قوم ففازوا ، وتخلف قوم فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون و يخسر المبطلون )
رمضان سوق قام ثم انفض ، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر ، فلله كم سجد فيه من ساجد ؟ وكم ذكر فيه من ذاكر ؟
وكم شكر فيه من شاكر ؟ وكم خشع فيه من خاشع ؟ وكم فرط فيه من مفرط ؟ وكم عصى فيه من عاص ؟ .
إذا ارتحل رمضان ، فما أسعد نفوس الفائزين ، وما ألذ عيش المقبولين ، وما أذل نفوس العصاة المذنبين ، وما أقبح حال المسيئين المفرطين !!.
كان سلفنا الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، ثم يدعونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فتكون سنتهم كلها في ذكر هذا الشهر
سَلامٌ مِنَ الرَّحمنِ كُلَّ أَوَانِ *** عَلَى خَيرِ شَهْرٍ قَدْ مَضَى وَزَمَانِ
سَلامٌ عَلَى شَهْرِ الصِّيامِ فَإنَّهُ *** أَمَانٌ مِنَ الرَّحمنِ أيُّ أَمَانِ
تَرَحَّلْتَ يَا شَهْرَ الصِّيَامِ بِصَومِنَا *** وَقَد كُنتَ أَنوَارَاً بِكُلِّ مَكَانِ
لَئِنْ فَنِيَتْ أَيَّامُكَ الزُّهْرُ بَغْتَةً *** فَمَا الحُزْنُ مِن قَلْبِي عَلَيكَ بِفَانِ
عَلَيكَ سَلامُ اللهِ كُن شَاهِدَاً لَنَا *** بِخَيرٍ رَعَاكَ اللهُ مِن رَمَضَانِ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسرولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل مايلتذ به من المخلوقات لم يطمئن، ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة ).
العبرة بالخواتيم
كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يحملون همّ قبول العمل أكثر من همّ القيام بالعمل نفسه.
قال تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','23','60')) }( المؤمنون 60)
قال عبد العزيز بن أبي رواد :
أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوا وقع عليهم الهم! أيقبل منهم أم لا؟
و قال علي رضي الله تعالى عنه :
[ كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل،
ألم تسمعوا لقول الحق عز وجل : " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ " [المائدة:27] ].
و قال مالك بن دينار :
[ الخوف على العمل ألا يتقبل .. أشدّ من العمل ].
أيها المقبول هنيئاً لك ،
أيها المردود جبر الله مصيبتك
http://img166.imageshack.us/img166/8462/ramm42on8.jpg
عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه قال :
[ من هذا المقبول منا فنهنيه؟ ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟ ].
أيها المقبول هنيئاً لك! أيها المردود جبر الله مصيبتك!
ليت شعري من فيه يقبل منـا فيهنأ.. يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول أرغم الله أنفه بخزي شديد
فالعبرة بالخواتيم ،
قال تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً } (سورة النصر) ،
وأمر بذلك الحجيج بعد قضاء مناسكهم وانتهاء أعمال حجهم فقال سبحانه : { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','2','199'))} (البقرة 199) .
فإن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها ،
ومن علامات ردها العودة إلى المعاصي بعد الطاعات ،
وقد ضرب الله عز وجل في كتابه مثلاً لمن حسن عملُه
ثم انقلب على عقبه بعد ذلك ،
وبدل الحسنات بالسيئات عياذاً بالله ،
قال سبحانه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (http://javascript%3cb%3e%3c/b%3E:ShowAyah('arb','2','266'))} ( البقرة 266) ،
فمثله كمثل شيخ كَبُرَ سِنُّه وضعف جسمه ولم يعد قادراً على العمل والتكسب ولديه صبية ضعفاء يحتاجون إلى رعايته، ولا يملك سببا للرزق إلا بستاناً من أجمل البساتين خضرة وبهاء ،
وفيه من النخيل والأعناب والثمرات والماء الجاري وغير ذلك مما يُمتع الأنظار، وتُسرُّ له النفوس ، وفي الوقت الذي اشتدت حاجته إليه وتعلق قلبه به أتى بستانه إعصار فيه نار فأحرق ما به من زرع وثمار ،
قال ابن عباس : " ضُربت لرجل غني يعمل بطاعة الله ، ثم بعث الله له الشيطان ، فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله " رواه البخاري .
إن من خالط الإيمان بشاشة قلبه لا يمكن أن يهجر الطاعات ، بعد أن ذاق حلاوتها وشعر بأنسها ولذتها ،
ولما سأل هرقل أبا سفيان عن المسلمين ، هل يرجعون عن دينهم بعد أن دخلوا فيه ؟ ،
قال أبو سفيان : لا ،
قال هرقل : وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب .
فيا من أَلِف الحق .. تمسك به هُديت ..، واستمر عليه
علامة قبول رمضان
أن تصل بعد الطاعة إلى رضا المعبود ،
و علامة الصدود أن تبعد - بالمعصية - عن المقصود .
من علامات قبول العمل المواصلة فيه ، والاستمرار عليه .. فاحكم أنت على صيامك ..
أمقبولٌ أم مردود؟!!!
وقد سئلت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : " كان عمله ديمة "
أي مستمراً ، كالمطر الدائم الذي لا ينقطع ،
وتذكر أن عمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله ،
وللحسنة أولاد .. وللسيئة أولاد
ما أحسن الحسنة بعد الحسنة و أقبح السيئة بعد الحسنة .
ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها .
النكسة أصعب من المرض الأول .
ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة
وما أفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة .
{ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}
من تكرر منه نقض العهد أيوثق بمعاهدته؟!
قال الحسن البصري رحمه الله : " إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله عز وجل : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } ( الحجر 99) .
• القلب ينشط للقبيح ***وكم ينام عن الحسن
يا نفس ويحك ما الذي ***يرضيك في دنيا العفن ؟!
أولى بنا سفح الدموع *** و أن يــجلبنا الحـــزن
أولى بنا أن نرعــوي *** أولى بنا لبس ( الكفــــن )
أولى بنا قتل ( الهوى ) *** في الصدر أصبح كالوثن
فأمامنا سفر طويل *** بــــعده يأتــــي الســــكن
إما إلى ( نار الجحيم ) *** أو الجنان : ( جنان عدن )
أقسمت ما هذي الحياة *** بها المقام أو ( الوطـــن )
فلم التلوّن و الخداع ؟ *** لم الدخول على ( الفتن ) ؟!
يكفي مصانعة الرعاع *** مع التقلـــب في المحن
تبا لهم مــن مــــعشر*** ألفوا معاقرة ( النــــتن )
بينا يدبّر للأمــــــين *** أخو الخيانة ( مؤتمن ) !
تبا لمن يتمـــــــلقون *** و ينطوون على ( دخن )
تبا لهم فنفـــــــــاقهم *** قد لطّخ ( الوجه الحسن )
تبا لمن باع ( الجنان ) *** لأجـــــل ( خضراء الدمن )
الخاسرون فى رمضان
في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال :
(آمين.. آمين.. آمين.. قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين. آمين. آمين. قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له؛ فدخل النار فأبعده الله - فكم هم أولئك المبعدين عن رحمة الله؟- قل : آمين. فقلت: آمين ...) الحديث.
متى يزرع من فرط في وقت البذار، فلم يحصد غير الندم والخسار؟!
مساكين هؤلاء! فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان؛ فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران،
قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، لا صيام ينفع ولا قيام يشفع، قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، حالها في رمضان كحال أهل الشقوة،
لا الشاب منهم ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينـزجر فيلحق بالصفوة.
أيها الخاسر! رحل رمضان وهو يشهد عليك بالخسران؛
فأصبح لك خصماً يوم القيامة!
رحل رمضان وهو يشهد عليك بهجر القرآن؛ فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان! فيا من فرط في عمره وأضاعه!
كيف ترجو الشفاعة؟ أتعتذر برحمة الله؟
أتقول لنا: إن الله غفور رحيم؟
نعم.
لكن " إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ " [الأعراف:56]
العاملين بالأسباب .. الخائفين المشفقين.
سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد الجمعة والجمـاعات، فقال رضي الله تعالى عنه: [ هو في النار ].
فيا أيها الخاسر! نعم. رحل رمضان وربما خسرت خسارةً عظيمة، ولكن الحمد لله، فما زال الباب مفتوحاً والخير مفسوحاً، وقبل غرغرة الروح، ابكِ على نفسك وأكثر النوح، وقل لها :
ترحل الشهر وا لهفاه وانصرما *** واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً *** مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار *** فما تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شهره وبحبل الله معتصما
لا تكن كنتيا
يروى أن الإمام الصنعاني عبد الرزاق سأل يوماً معلمه معمر بن راشد الأزدي عن ( الكنتي )
فقال معمر : الرجل يكون صالحا ثم يتحول رجل سوء.
قال أبو عمرو : يقال للرجل إذا شاخ ( كنتي ) كأنه نسب إلى قوله : كنت في شبابي كذا. قال :
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا *** وشر خصال المرء كنت وعاجن
عجن الرجل إذا قام معتمداً على الأرض من الكبر.
وقد صح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه كان يستعيذ بالله من ( الحور بعد الكور ) في دعاء سفره
وقد فسره الإمام الترمذي بـ ( إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، إنما يعني الرجوع من شيء إلى شيء من الشر ).
قال ابن الأثير: يعني : أعوذ بك من النقص بعد الوجود والثبات
قال أبو عمر بن عبد البر ( يعني رجع عما كان عليه من الخير )
كن ربانيا ... ولا تكن رمضانيا
فقد قيل لأحد الصالحين أيهما أفضل : رجب أم شعبان ؟
فقال : كن ربانيا ولا تكن شعبانيا !!
اثبت و تصطبر ورب نفسك وألزمها الصواب. املك زمام المبادرة.
رب رمضان رب الشهور كلها
لا نقول : كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد والحرص على الخيرات،
فالنفس لا تطيق ذلك، ورمضان له فضائل وخصائص
و لكنا نقول :
لا للانقطاع عن الأعمال الصالحة،
(*) باع قوم من السلف جارية ، فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها..
فسألتهم.. فقالوا: نتهيأ لصيام رمضان .
فقالت: وأنتم لا تصومون إلا رمضان !، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان ، رودني إليهم.
كان الحسن يقول : عجبت لأقوام أمروا بالزاد ، ونودي فيهم بالرحيل ، وجلس أولهم على آخرهم و يلعبون !!
وكان يقول : يا ابن آدم، السكين تشحذ، والتنور يسجر ، والكبش يعتلف.
وكان أبو بكر بن عياش يقول : لو سقط من أحدكم درهمٌ لظل يومه يقول : إنا لله.. ذهب درهمي، وهو يذهب عمره
ولا يقول : ذهب عمري ،
كان لله أقوام يبادرون الأوقات ، ويحفظون الساعات ، ويلازمونها بالطاعات .
وقال ثابت البُناني : ما تركت في المسجد سادنة إلا وختمت القرآن عندها .
وقيل لعمرو بن هاني : لا نري لسانك يفتر من الذكر فكم تسبح كل يوم ؟
قال : مائة ألف، إلا ما تخُطى الأصابع .
وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة ، وقام ليلها وكان الليل كله يبكي ، فتقول له أمه : يا بني ، قتلت قتيلاً ؟ فيقول : أنا أعلمُ بما صنعتُ بنفسي .
قال الجماني : لما حضرت أبو بكر بن عياش الوفاة بكت أخته ، فقال : لا تبك ، وأشار إلى زواية في البيت ، إنه قد ختم أخوك في هذا الزواية ثمانية عشر ألف ختمة.
كان بعض السلف يقول : صم الدنيا واجعل فطرك الموت ،
الدنيا كلها شهر صيام المتقين يصومون فيه عن الشهوات المحرمات ، فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم واستهلوا عيد فطرهم .
وقَد صُمتُ عَن لذاتِ دَهرِي كُلَّه *** ويَومَ لِقاكُم ذَاكَ فِطرُ صِيامِي.
من صام اليوم عن شهواته أفطر عليها بعد مماته ، ومن تعجل ما حُرَّمَ عليه قبل وفاته؛ عوقب بحرمانه في لآخرة وفواته ،
قال الله تعالى : { أَذهَبتُم طَيّبَاتِكُم فِى حَيَاتِكُمُ الدُّّّنياَ وَاستَمتَعتُم بِهَا } ( الأحقاف : 20 )
يقول كعب: ( من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود ).
ترحَّلَ الشَّهرُ – وا لهفاهُ – وانصَرَمَا *** واختُصَّ بالفوزِ في الجنَّاتِ من خَدَمَا
وأصبحَ الغَافِلُ المسكينُ منكسراً *** مثلي ! فيَا وَيحَهُ يا عُظمَ مَا حُرِمَا !
من فاتَهُ الزَّرعُ في وقتِ البذارِ فَمَا *** تراهُ يحصُدُ إلاَّ الهمَّ والنَّدَمَا
طُوبى لِمَن كانتِ التَّقوى بضاعتَه *** في شهرِهِ وبحبلِ اللهِ مُعتَصِمَا
***
**
*
يتبع بإذن المولى عز وجل ..