بشرى
05-16-2003, 06:20 PM
زبيدة بنت جعفر
زوجة هارون الرشيد
اسمها ونسبها:
هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، أم جعفر زوجة هارون الرشيد، وبنت عمه، أم الأمين العباسي. اسمها أمة العزيز، وغلب عليها لقبها زبيدة. وينسب إليها عين زبيدة في مكة التي جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان شرقي مكة، وأقامت له الأقنية حتى أبلغته مكة.
حياتها:
تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد. وكانت تحب ابنها محمد الأمين حباً جما. وهذا جعلها تهيئ له الخلافة من بعد أبيه. لكن الرشيد كان يهيئ ويريد أن يكون خليفة للمسلمين من بعده ابنه المأمون. ولكن زبيدة لم توافق على ما كان يريد الرشيد فغضبت منه وذهبت إليه تعاتبه على هذا الأمر الذي كان يريد. وعندما أخذت تعاتبه قال لها الرشيد: "ويحك إنما هي أمة محمد ورعاية من استرعاني الله تعالى مطوقاً بعنقي وقد عرفت ما بين ابني وابنك. ليس ابنك يا زبيدة أهلاً للخلافة ولا يصلح للرعية". فقالت: ابني والله خير من ابنك، وأصلح لما تريد ليس بكبير سفيه ولا صغير، أسخى من ابنك نفساً، وأشجع قلباً.
فقال الرشيد: ويحك إن ابنك لأحب إلي، ولأنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلاً وبها مستحقاً. ونحن مسؤولون عن هذا الخلق، ومأخوذون بهذا الأنام، فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم وننقلب إليه بإثمهم فاقعدي حتى أعرض عليك ما بين ابني وابنك.
أجرى هارون الرشيد الاختبار بين الأمين والمأمون فاستدعى المأمون أولاً. ولما وصل إلى باب المجلس سلم على أبيه ثم وقف طويلاً مطأطأ الرأس، حتى أذن له الرشيد بالجلوس والكلام. جلس وحمد الله تعالى ثم استأذن الرشيد بأن يقترب فأذن له بذلك. اقترب وقبل أطرافه، ثم رجع إلى مكانه وحمد الله على رضى أبيه حسن رأيه فيه. فقال الرشيد: يا بني إني أريد أن أعهد إليك عهد الإمامة وأقعدك مقعد الخلافة فإني قد رأيتك لها أهلاً وبها حقيقاً. فبكى وصاح المأمون يسأل الله العافية لوالده. ثم قال: يا أبتاه أخي أحق مني وابن سيدتي و لا أخال إلا أنه أقوى على هذا الأمر مني وأشد استطلاعا عرض الله لك ما فيه الرشاد والخلاص، وللعباد الخير والصلاح. ثم أستأذن للخروج فأذن له الرشيد.
وبعد ذلك استدعى الرشيد ابنه الأمين فأول ما فعله الأمين أن دخل على أبيه دون أن يستأذن وهو يتبختر في مشيته حتى وصل إلى كرسي العرش إلى أبيه. فبدأ الرشيد بسؤاله: ما تقول يا بني أن أعهد إليك. فرد على الفور: ومن أحق بذلك مني يا أمير المؤمنين؟ فصرفه أمير المؤمنين هارون الرشيد وقال لزبيدة: كيف رأيت؟ فقالت: يا أمير المؤمنين: ابنك أحق بما تريد. فرد الرشيد: فإذا أقررت بالحق وأنصفت فأنا أعهد إلى ابني ثم إلى ابنك.
صفاتها وأعمالها:
قال ابن بردي في وصفها: أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وصيانة ومعروفاً، لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء. ومن صفاتها أيضا أنها كانت ذات عقل وفصاحة ورأي وبلاغة. ومثال فضلها في العمران عندما حجت بيت الله تعالى سنة 186 هجرية، أدركت ما يعانيه أهل مكة من تعب في سبيل الحصول على ماء للشرب فدعت خازن أموالها وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد. وقالت له: اعمل ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً . فأحضر خازن المال أكفأ المهندسين ووصلوا إلى منابع الماء في الجبال. ثم أوصلوه بعين حنين بمكة. فأسالت الماء عشرة أميال من الجبال ومن تحت الصخر، ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل وعرفت العين باسم عين الشماش. وأقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على طريق بغداد إلى مكة أيضاً، كما بنت المساجد والأبنية في بغداد كذلك.
وهناك وصف اليافعي لعين الشماش في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة ذات بنيان محكم في الجبال تقصر العبارة عن وصف حسنه وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
ومن الأطباء الذين كانت تعطف عليهم جبريل الذي منحته راتباً شهرياً، وقدره خمسون ألف درهم. وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين. وقدر لها مئة جارية يحفظن القرآن. ويقال إنه من شدة قراءتهم للقرآن كان يسمع لهم في قصرها دوي كدوي النحل. وقد كان لها الدور الكبير في تطور الزي النسائي في العصر العباسي.
وفاتها:
توفيت في بغداد في جمادى الأول سنة 216 هجرية الموافق 831م .
الخاتمة :
إننا هنا أمام شخصية قوية تمثل المرأة المسلمة في تحملها للمصاعب والكوارث. وزبيدة التي أحبت ابنها حباً جما لم ترد على من قتله بالمثل معتبرة ذلك القاتل بمحل ابنها. وإن لها صفات ميزتها عن غيرها من النساء في ذلك العصر فصاحة اللسان والبلاغة. وأيضاً إسهاماتها التي ما تزال باقية إلى وقتنا الحاضر وسوف تبقى. شخصية مثلها يجب أن يكتب عنها المزيد من المؤلفين ويسلطوا عليها الضوء.
زوجة هارون الرشيد
اسمها ونسبها:
هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، أم جعفر زوجة هارون الرشيد، وبنت عمه، أم الأمين العباسي. اسمها أمة العزيز، وغلب عليها لقبها زبيدة. وينسب إليها عين زبيدة في مكة التي جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان شرقي مكة، وأقامت له الأقنية حتى أبلغته مكة.
حياتها:
تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد. وكانت تحب ابنها محمد الأمين حباً جما. وهذا جعلها تهيئ له الخلافة من بعد أبيه. لكن الرشيد كان يهيئ ويريد أن يكون خليفة للمسلمين من بعده ابنه المأمون. ولكن زبيدة لم توافق على ما كان يريد الرشيد فغضبت منه وذهبت إليه تعاتبه على هذا الأمر الذي كان يريد. وعندما أخذت تعاتبه قال لها الرشيد: "ويحك إنما هي أمة محمد ورعاية من استرعاني الله تعالى مطوقاً بعنقي وقد عرفت ما بين ابني وابنك. ليس ابنك يا زبيدة أهلاً للخلافة ولا يصلح للرعية". فقالت: ابني والله خير من ابنك، وأصلح لما تريد ليس بكبير سفيه ولا صغير، أسخى من ابنك نفساً، وأشجع قلباً.
فقال الرشيد: ويحك إن ابنك لأحب إلي، ولأنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلاً وبها مستحقاً. ونحن مسؤولون عن هذا الخلق، ومأخوذون بهذا الأنام، فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم وننقلب إليه بإثمهم فاقعدي حتى أعرض عليك ما بين ابني وابنك.
أجرى هارون الرشيد الاختبار بين الأمين والمأمون فاستدعى المأمون أولاً. ولما وصل إلى باب المجلس سلم على أبيه ثم وقف طويلاً مطأطأ الرأس، حتى أذن له الرشيد بالجلوس والكلام. جلس وحمد الله تعالى ثم استأذن الرشيد بأن يقترب فأذن له بذلك. اقترب وقبل أطرافه، ثم رجع إلى مكانه وحمد الله على رضى أبيه حسن رأيه فيه. فقال الرشيد: يا بني إني أريد أن أعهد إليك عهد الإمامة وأقعدك مقعد الخلافة فإني قد رأيتك لها أهلاً وبها حقيقاً. فبكى وصاح المأمون يسأل الله العافية لوالده. ثم قال: يا أبتاه أخي أحق مني وابن سيدتي و لا أخال إلا أنه أقوى على هذا الأمر مني وأشد استطلاعا عرض الله لك ما فيه الرشاد والخلاص، وللعباد الخير والصلاح. ثم أستأذن للخروج فأذن له الرشيد.
وبعد ذلك استدعى الرشيد ابنه الأمين فأول ما فعله الأمين أن دخل على أبيه دون أن يستأذن وهو يتبختر في مشيته حتى وصل إلى كرسي العرش إلى أبيه. فبدأ الرشيد بسؤاله: ما تقول يا بني أن أعهد إليك. فرد على الفور: ومن أحق بذلك مني يا أمير المؤمنين؟ فصرفه أمير المؤمنين هارون الرشيد وقال لزبيدة: كيف رأيت؟ فقالت: يا أمير المؤمنين: ابنك أحق بما تريد. فرد الرشيد: فإذا أقررت بالحق وأنصفت فأنا أعهد إلى ابني ثم إلى ابنك.
صفاتها وأعمالها:
قال ابن بردي في وصفها: أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وصيانة ومعروفاً، لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء. ومن صفاتها أيضا أنها كانت ذات عقل وفصاحة ورأي وبلاغة. ومثال فضلها في العمران عندما حجت بيت الله تعالى سنة 186 هجرية، أدركت ما يعانيه أهل مكة من تعب في سبيل الحصول على ماء للشرب فدعت خازن أموالها وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد. وقالت له: اعمل ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً . فأحضر خازن المال أكفأ المهندسين ووصلوا إلى منابع الماء في الجبال. ثم أوصلوه بعين حنين بمكة. فأسالت الماء عشرة أميال من الجبال ومن تحت الصخر، ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل وعرفت العين باسم عين الشماش. وأقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على طريق بغداد إلى مكة أيضاً، كما بنت المساجد والأبنية في بغداد كذلك.
وهناك وصف اليافعي لعين الشماش في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة ذات بنيان محكم في الجبال تقصر العبارة عن وصف حسنه وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
ومن الأطباء الذين كانت تعطف عليهم جبريل الذي منحته راتباً شهرياً، وقدره خمسون ألف درهم. وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين. وقدر لها مئة جارية يحفظن القرآن. ويقال إنه من شدة قراءتهم للقرآن كان يسمع لهم في قصرها دوي كدوي النحل. وقد كان لها الدور الكبير في تطور الزي النسائي في العصر العباسي.
وفاتها:
توفيت في بغداد في جمادى الأول سنة 216 هجرية الموافق 831م .
الخاتمة :
إننا هنا أمام شخصية قوية تمثل المرأة المسلمة في تحملها للمصاعب والكوارث. وزبيدة التي أحبت ابنها حباً جما لم ترد على من قتله بالمثل معتبرة ذلك القاتل بمحل ابنها. وإن لها صفات ميزتها عن غيرها من النساء في ذلك العصر فصاحة اللسان والبلاغة. وأيضاً إسهاماتها التي ما تزال باقية إلى وقتنا الحاضر وسوف تبقى. شخصية مثلها يجب أن يكتب عنها المزيد من المؤلفين ويسلطوا عليها الضوء.