ابو شجاع
09-30-2007, 01:55 PM
أجوبة أسئلة
السؤال: لوحظ مؤخراً أن الصراع الدولي في لبنان قد خفت حدته، وأن الأمور صارت تميل إلى شيء من برودة الصراع فما سبب ذلك؟ وهل يعني هذا أن الصراع الأمريكي الفرنسي على لبنان قد انتهى؟ وأن حل مشاكل لبنان أصبح يسير نحو التوافق؟
الجواب: لكي يدرَك الجوابُ لا بد من ذكر الأمور التالية:
1 - لقد كانت أمريكا تصول وتجول في لبنان لسنين خلت وبخاصة منذ اتفاق الطائف وإدخال أمريكا للجيش السوري إلى لبنان، وهكذا ضمنت سوريا لأمريكا أن تكون اللاعب الأساس في لبنان.
2 - استمر هذا الحال إلى حين اغتيال الحريري، فاستغلت أوروبا وبخاصة فرنسا شيراك الحدث استغلالاً قوياً ورأى شيراك في الحدث فرصةً كبيرةً لإثارة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي على أمريكا وسوريا وجميع الأحلاف، على اعتبار أنهم السلطة الفعلية في لبنان وقت حدوث الاغتيال. وقد نجح شيراك في تأجيج الوضع لدرجة أحرجت أمريكا، فاضطرت إلى الإيعاز لسوريا أن تسحب جيشها وأن تغيب عن الصورة إلى حد ما، غير أن فرنسا شيراك استمرت في الصراع وكانت تغذيها بريطانيا من وراء ستار على عادة بريطانيا في سياستها بان لا تصادم أمريكا علناً ولكن (تزعجها) من وراء ستار، في حين أن فرنسا شيراك كانت واقفةً أمام أمريكا بشكل عنيف.
3 - استمر الصراع الأمريكي الفرنسي في لبنان، وقد استعمل الطرفان أدواتهما المحلية في لبنان أيما استعمال، وكانت أمريكا تريد أن تستمر في الإمساك بلبنان كما كانت في السنين السابقة، وأوروبا وبخاصة فرنسا شيراك (تدغدغها) أحلام استعمارها القديم للبنان، لذلك وَجَدَتْها فرصةً في التصعيد ضد أمريكا وسوريا وأحلافها في لبنان لتحيي فرنسا استعمارَها القديم من جديد.
4 - استمر هذا الصراع حتى أوائل 2007 وبالتحديد حتى انتخاب سركوزي رئيساً لفرنسا. والمعروف عن سركوزي أنه من أصدقاء أمريكا، وخلفيته معروفة بالتقارب السياسي مع أمريكا، حتى إنه إلى المحافظين الجدد أقرب منه إلى الديمقراطيين، وبخاصة تجاه يهود، فأمه يهودية.
5 - بدأ سركوزي مسيرته بمحاولة طي صفحة العداء لأمريكا في دخولها العراق كما كان في عهد شيراك، وصار يعتبر أن غزو أمريكا للعراق قد تَمَّ، وأصبح أمراً من الماضي، وإنما الواجب الآن هو معالجة واقع الغزو وليس معارضته.
6 - وكان الأهم هو أنْ خفَّت حدة الصراع في لبنان بين أمريكا وفرنسا، وكثرت الزيارات الرسمية المتبادلة بين أمريكا وفرنسا بل هي إلى غشيان واشنطن أكثر.
7 - ومن ثم أصبح التحرك السياسي الفرنسي والأمريكي في لبنان أقرب إلى القواسم المشتركة منه إلى إزاحة الواحد للآخر كلياً.
8 - ولذلك فإنه يمكن القول إن أمريكا وفرنسا الآن في لبنان يبحثان عن حل بالتوافق يحفظ لهما مصالحهما مع بعض التمايز وفق قوة تأثير كل من الدولتين، ولا يبحثان عن حل يلغي مصلحة أي منهما كما كان في عهد شيراك.
9 - يبقى فقط الإنجليز وأتباعهم في لبنان فهم الذين يمكن أن يوجدوا (اضطراباً) في الوفاق الفرنسي الأمريكي.
10 - وهكذا فإنه في عهد شيراك كان هناك صراع ساخن أمريكي فرنسي، وكانت بريطانيا تغذي هذا الصراع ضد أمريكا إلى جانب فرنسا ولكن من وراء ستار.
وكان الصراع يدور على أن تعود فرنسا إلى لبنان وتزاح أمريكا، أو تفشل فرنسا وتستقر أمريكا في لبنان كما كانت، أي أن الصراع كان حدِّياً لا يقبل حلاًّ وسطاً، فإما استمرار أمريكا وحدها في نفوذها الفعلي في لبنان، وإما إزاحتها وحلول فرنسا مكانها. ولذلك كان الصراع ساخناً، وكان ينعكس هذا على أدوات الطرفين في لبنان بالإضافة لأدوات بريطانيا كذلك.
وفي عهد سركوزي خف الصراع بين أمريكا وفرنسا وأصبح يدور على تقاسم المصالح بينهما وفق قوة نفوذ كل منها دولياً، وليس كما كان في عهد شيراك إما أمريكا وإما فرنسا.
وإن سلمت أمريكا وفرنسا من (تدخلات) بريطانيا وعملائها، وإثارتها للقلاقل، فإن أمريكا وفرنسا قد تصلان إلى حل توافقي في لبنان.
أما القسم الثاني من السؤال حول انتهاء الصراع الأمريكي الفرنسي، فليس الأمر كذلك، وهو إن صح في المدى المنظور فإنه لا يستمر طويلاً، لأن عنجهية أمريكا وغرورها لا يجعلها ترضى بالنِّدِّية مع الدول أو بتقاسم المصالح معها، بل ستعود للهيمنة من جديد مما يثير فرنسا ويعود الصراع.
ولولا أن أمريكا في مأزق الآن في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى لما وقفت عند حدود الصداقة وتقاسم المصالح مع سركوزي، بل لقلبت له ظهر الْمِجَنّ على عادة الدول (المتفرعنة).
وأما آخر السؤال وهو إمكانية القول إن الأمور تسير نحو التوافق، فهذا يكون صحيحاً بقدر تنبه أمريكا وفرنسا إلى مخططات بريطانيا و(مقالبها)، ونحن نعلم أن بريطانيا ماهرة في هذه الأمور ولها رجالها في لبنان كما لأمريكا وفرنسا.
11 - والخلاصة
إن حدة الصراع الفرنسي الأمريكي في لبنان الذي كان في عهد شيراك قد خفَّت حدته الآن في عهد سركوزي، وإن الحل يدور بينهما نحو التوافق بما يحفظ مصالحهما مع الأخذ في الاعتبار قوة التأثير الدولي لكل منهما.
وإذا أمكنهما إفشال (مقالب) بريطانيا وعملائها في لبنان فإنهما سائران نحو التهدئة والحلول الوسط وإن هذا سينعكس على عملائهما في لبنان.
ومع أن قدرة بريطانيا على تسخين الصراع بين أمريكا وفرنسا من جديد هي قدرة ضعيفة، إلا أن هذه القدرة تبقى احتمالاً وارداً ويجب أن يؤخذ في الحسبان.
15 من رمضان 1428هـ27/09/2007م
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/isdarat/single/2482 (http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/isdarat/single/2482)
السؤال: لوحظ مؤخراً أن الصراع الدولي في لبنان قد خفت حدته، وأن الأمور صارت تميل إلى شيء من برودة الصراع فما سبب ذلك؟ وهل يعني هذا أن الصراع الأمريكي الفرنسي على لبنان قد انتهى؟ وأن حل مشاكل لبنان أصبح يسير نحو التوافق؟
الجواب: لكي يدرَك الجوابُ لا بد من ذكر الأمور التالية:
1 - لقد كانت أمريكا تصول وتجول في لبنان لسنين خلت وبخاصة منذ اتفاق الطائف وإدخال أمريكا للجيش السوري إلى لبنان، وهكذا ضمنت سوريا لأمريكا أن تكون اللاعب الأساس في لبنان.
2 - استمر هذا الحال إلى حين اغتيال الحريري، فاستغلت أوروبا وبخاصة فرنسا شيراك الحدث استغلالاً قوياً ورأى شيراك في الحدث فرصةً كبيرةً لإثارة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي على أمريكا وسوريا وجميع الأحلاف، على اعتبار أنهم السلطة الفعلية في لبنان وقت حدوث الاغتيال. وقد نجح شيراك في تأجيج الوضع لدرجة أحرجت أمريكا، فاضطرت إلى الإيعاز لسوريا أن تسحب جيشها وأن تغيب عن الصورة إلى حد ما، غير أن فرنسا شيراك استمرت في الصراع وكانت تغذيها بريطانيا من وراء ستار على عادة بريطانيا في سياستها بان لا تصادم أمريكا علناً ولكن (تزعجها) من وراء ستار، في حين أن فرنسا شيراك كانت واقفةً أمام أمريكا بشكل عنيف.
3 - استمر الصراع الأمريكي الفرنسي في لبنان، وقد استعمل الطرفان أدواتهما المحلية في لبنان أيما استعمال، وكانت أمريكا تريد أن تستمر في الإمساك بلبنان كما كانت في السنين السابقة، وأوروبا وبخاصة فرنسا شيراك (تدغدغها) أحلام استعمارها القديم للبنان، لذلك وَجَدَتْها فرصةً في التصعيد ضد أمريكا وسوريا وأحلافها في لبنان لتحيي فرنسا استعمارَها القديم من جديد.
4 - استمر هذا الصراع حتى أوائل 2007 وبالتحديد حتى انتخاب سركوزي رئيساً لفرنسا. والمعروف عن سركوزي أنه من أصدقاء أمريكا، وخلفيته معروفة بالتقارب السياسي مع أمريكا، حتى إنه إلى المحافظين الجدد أقرب منه إلى الديمقراطيين، وبخاصة تجاه يهود، فأمه يهودية.
5 - بدأ سركوزي مسيرته بمحاولة طي صفحة العداء لأمريكا في دخولها العراق كما كان في عهد شيراك، وصار يعتبر أن غزو أمريكا للعراق قد تَمَّ، وأصبح أمراً من الماضي، وإنما الواجب الآن هو معالجة واقع الغزو وليس معارضته.
6 - وكان الأهم هو أنْ خفَّت حدة الصراع في لبنان بين أمريكا وفرنسا، وكثرت الزيارات الرسمية المتبادلة بين أمريكا وفرنسا بل هي إلى غشيان واشنطن أكثر.
7 - ومن ثم أصبح التحرك السياسي الفرنسي والأمريكي في لبنان أقرب إلى القواسم المشتركة منه إلى إزاحة الواحد للآخر كلياً.
8 - ولذلك فإنه يمكن القول إن أمريكا وفرنسا الآن في لبنان يبحثان عن حل بالتوافق يحفظ لهما مصالحهما مع بعض التمايز وفق قوة تأثير كل من الدولتين، ولا يبحثان عن حل يلغي مصلحة أي منهما كما كان في عهد شيراك.
9 - يبقى فقط الإنجليز وأتباعهم في لبنان فهم الذين يمكن أن يوجدوا (اضطراباً) في الوفاق الفرنسي الأمريكي.
10 - وهكذا فإنه في عهد شيراك كان هناك صراع ساخن أمريكي فرنسي، وكانت بريطانيا تغذي هذا الصراع ضد أمريكا إلى جانب فرنسا ولكن من وراء ستار.
وكان الصراع يدور على أن تعود فرنسا إلى لبنان وتزاح أمريكا، أو تفشل فرنسا وتستقر أمريكا في لبنان كما كانت، أي أن الصراع كان حدِّياً لا يقبل حلاًّ وسطاً، فإما استمرار أمريكا وحدها في نفوذها الفعلي في لبنان، وإما إزاحتها وحلول فرنسا مكانها. ولذلك كان الصراع ساخناً، وكان ينعكس هذا على أدوات الطرفين في لبنان بالإضافة لأدوات بريطانيا كذلك.
وفي عهد سركوزي خف الصراع بين أمريكا وفرنسا وأصبح يدور على تقاسم المصالح بينهما وفق قوة نفوذ كل منها دولياً، وليس كما كان في عهد شيراك إما أمريكا وإما فرنسا.
وإن سلمت أمريكا وفرنسا من (تدخلات) بريطانيا وعملائها، وإثارتها للقلاقل، فإن أمريكا وفرنسا قد تصلان إلى حل توافقي في لبنان.
أما القسم الثاني من السؤال حول انتهاء الصراع الأمريكي الفرنسي، فليس الأمر كذلك، وهو إن صح في المدى المنظور فإنه لا يستمر طويلاً، لأن عنجهية أمريكا وغرورها لا يجعلها ترضى بالنِّدِّية مع الدول أو بتقاسم المصالح معها، بل ستعود للهيمنة من جديد مما يثير فرنسا ويعود الصراع.
ولولا أن أمريكا في مأزق الآن في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى لما وقفت عند حدود الصداقة وتقاسم المصالح مع سركوزي، بل لقلبت له ظهر الْمِجَنّ على عادة الدول (المتفرعنة).
وأما آخر السؤال وهو إمكانية القول إن الأمور تسير نحو التوافق، فهذا يكون صحيحاً بقدر تنبه أمريكا وفرنسا إلى مخططات بريطانيا و(مقالبها)، ونحن نعلم أن بريطانيا ماهرة في هذه الأمور ولها رجالها في لبنان كما لأمريكا وفرنسا.
11 - والخلاصة
إن حدة الصراع الفرنسي الأمريكي في لبنان الذي كان في عهد شيراك قد خفَّت حدته الآن في عهد سركوزي، وإن الحل يدور بينهما نحو التوافق بما يحفظ مصالحهما مع الأخذ في الاعتبار قوة التأثير الدولي لكل منهما.
وإذا أمكنهما إفشال (مقالب) بريطانيا وعملائها في لبنان فإنهما سائران نحو التهدئة والحلول الوسط وإن هذا سينعكس على عملائهما في لبنان.
ومع أن قدرة بريطانيا على تسخين الصراع بين أمريكا وفرنسا من جديد هي قدرة ضعيفة، إلا أن هذه القدرة تبقى احتمالاً وارداً ويجب أن يؤخذ في الحسبان.
15 من رمضان 1428هـ27/09/2007م
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/isdarat/single/2482 (http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabic/index.php/isdarat/single/2482)