طرابلسي
09-19-2007, 12:20 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
ماذا يفعل الإنسان عندما يجد أن القيم قد فقدت قيمتها، وكيف يتصرف وهو يرى حضارته تتحشرج في صدرها الأنفاس الأخيرة، ويهاجمها السوس ينخر أصل جذورها، والجراد يلتهم الخضرة من فروعها وأوراقها، فلا تملك الطيور المبدعة إلا أن تهجر الأعشاش التي بنتها، وتأوي ـ يائسة أو مترفعة ـ إلى حزنها وصمتها؟
ماذا يفعل هذا الإنسان، وهو يشعر بالاضطراب والخلل في كل شيء، ويفزعه خلو الساحة لعقارب الخسة والغدر، وكلاب السلب والنهب، وقرود الوصولية والانتهازية؟
أيبقى أمامه إلا أن يصرخ ويحذّر وينذر، أو يسقط في الهاوية التي تتعطل فيها إرادة الحياة، وتشلّ القدرة على الاختيار، والمبادرة والفعل الحر؟
إن القرآن يعيب على المستضعفين تذللهم للمستكبرين، وخضوعهم لهم في غير ما أمر الله:
{إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْـمَلائِكَةُ ظَالِـمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إلاَّ الْـمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْـمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 97 - 100].
وصوّر القرآن في عدة آيات النقاش الذي يدور في النار بين المستضعفين والمستكبرين.. الضعفاء يعتذرون بأن الكبراء أغروهم.. والكبراء يتنصلون، ووضّح القـرآن أن هذا الاعتذار لا يعفي المستضعفين من المسؤولية، وأنه لا يخفف عنهم العذاب.
{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْـجِنِّ وَالإنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38].
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إذِ الظَّالِـمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَـمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 31 - 33].
{وَإذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُلٌّ فِيهَا إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 47 - 48].
وغيرها من الآيات كثير، تصور مسؤولية المستضعفين، ومغبة تسليمهم، وخضوعهم المطلق للمستكبرين.
إذاً ما العمل !!!!
يجب على كل مؤمن أن يتحدى العقبات التي تعترض طريقه في السعي والتحرك، وأن يعد لكل عدو سلاحاً
فأما الجبن فيواجهه بالتوكل
وأمّا الخوف فيستعين عليه بالثقة بالله
وأمّا مغريات الدنيا فيستعد لها بقوة الإرادة
وأمّا لوم اللائمين ومدح المادحين، أو الأغلال الاجتماعية الأخرى فيتسلح ضدها باليقين؛ فلا يخاف في الله لومة لائم، كما لا يثنيه مدح المادحين عن الاعتراف بعيوبه ونقائصه.
إن الأغلال التي وضعت على الجاهليين في مكة هي التي أركستهم إلى العبودية الذليلة؛ فلما جاءت رسالة الإسلام وضعت عنهم هذه القيود.
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْـخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
واليوم تشكّل الأفكار الخاطئة، والمفاهيم المنحرفة قيوداً وأغلالاً تمنع المسلم من التحرّك لتغيير واقعه
واقع العبودية الذليلة، ولن يضع عنه الأغلال التي صارت عليه إلا تصحيح تلك الأفكار
ومنها:
ـ اعتقاد أن «لا إله إلا الله» كلمة تطلق في الهواء، وأنه ليس لها مقتضيات!!
ـ حصر العبادة في الشعائر.. بينما هي غاية الوجود الإنساني كله: {وَمَا خَلَقْتُ الْـجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
ـ الخضوع لأي سلطة مهما كانت الشريعة الذي تقوم عليها، بزعم أنها أولو الأمر.
إنه لا يؤدي بالناس إلى «كارثة الاستعباد» إلا عدم وضوح حقيقة الألوهية، وحقيقة الإنسان، وحقيقة الحياة، وحقيقة الكون.
وما حياة المستعبدين في حقيقتها إلا قصة جهل، وإهمال، وسوء استخدام، وخيانة لأفكار الإسلام الصحيحة.
وهذه الخيانة التي هي جذور إخفاق الأمة من جميع النواحي الأخلاقية والسياسية.
لقد كان ضعف تأثير الإسلام في الحياة العملية للمسلمين مصحوباً دائماً بانحطاطهم، وانحطاط مؤسساتهم السياسية والاجتماعية.
إننا إذا استمسكنا بإسلامنا استمساكاً حقيقياً لا يمكن استعبادنا، أو إيقاعنا في الجهالة، أو تجهيلنا، أو تمزيق وحدتنا.
«إن ظاهرة التخلي عن الإسلام، أو هجره تتجلى بوضوح في محاولات قمع الفكر الإسلامي، واستبعاده من الحياة النشطة المتوثبة، كما تبدو في تحجيم الإسلام إلى حالة من السلبية والتسطيح. ويمكن ملاحظة هذا بأكبر قدر من الوضوح في طريقة تناولنا اليوم للقرآن.
إن الإخلاص للقرآن لم يتوقف، ولكنه فقد خصوصيته الفاعلة. لقد استبقى الناس في أفئدتهم من القرآن ما أشيع حوله من تصوف ولا عقلانية؛ بينما فقد القرآن سلطانه كشريعة ومنهج حياة، واكتسب قداسته (كشيء).وأغلب من يدرس القرآن وتفسيره
استسلمت الحكمة للمماحكات اللفظية
واستسلم الجوهر للشكل
واستسلمت عظمة الفكر للمهارة والحفظ.
أما ما يحث عليه القرآن من: جهاد، واستقامة، وتضحية بالنفس والمال، كل ذلك قد ذاب وتلاشى في ضباب الصوت الجميل لتلاوة القرآن، وحفظه عن ظهر قلب.
هذه الحالة الشاذة قد أصبحت الآن مقبولة كنموذج سائد بين الشعوب المسلمة!!!
لأنها تتناسب مع أعداد متزايدة من المسلمين لا يستطيعون الانفصام عن القرآن، ولكنهـم من ناحية أخـرى لا يملكون القوة، أو الإرادة على تنظيم حياتهم وفق منهج القرآن. الله المستعان
فالقرآن يُتلى، ثم يفسر ويُتلى، ثم يدرس ويُتلى مرة أخرى، وهكذا تتكرر الآية ألف مرة ومرة، حتى لا نطبقها في حياتنا مرة واحدة.
تناقض أساسي أحطنا به القرآن
والذي يتمثل في الحماس المشتعل للقرآن من ناحية، والإهمال الكامل لمبادئه في الممارسة العملية من ناحية أخرى.
إن هذا التناقض في التعامل مع كتاب الله: هو السبب الأول والأكبر أهمية في الطغيان، وقبول الاستعباد
وللموضوع تتمة
أتم الله علينا رمضان وعلى جميع المسلمين بالنصر والتمكين
وعلى الوجه الذي يرضيه عنا .
وللموضوع تتمة
كتبه محمد محمد بدري
JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ
http://www.fin3go.com/vb2/showthread.php?t=9691
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين .
ماذا يفعل الإنسان عندما يجد أن القيم قد فقدت قيمتها، وكيف يتصرف وهو يرى حضارته تتحشرج في صدرها الأنفاس الأخيرة، ويهاجمها السوس ينخر أصل جذورها، والجراد يلتهم الخضرة من فروعها وأوراقها، فلا تملك الطيور المبدعة إلا أن تهجر الأعشاش التي بنتها، وتأوي ـ يائسة أو مترفعة ـ إلى حزنها وصمتها؟
ماذا يفعل هذا الإنسان، وهو يشعر بالاضطراب والخلل في كل شيء، ويفزعه خلو الساحة لعقارب الخسة والغدر، وكلاب السلب والنهب، وقرود الوصولية والانتهازية؟
أيبقى أمامه إلا أن يصرخ ويحذّر وينذر، أو يسقط في الهاوية التي تتعطل فيها إرادة الحياة، وتشلّ القدرة على الاختيار، والمبادرة والفعل الحر؟
إن القرآن يعيب على المستضعفين تذللهم للمستكبرين، وخضوعهم لهم في غير ما أمر الله:
{إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْـمَلائِكَةُ ظَالِـمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إلاَّ الْـمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا * وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْـمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 97 - 100].
وصوّر القرآن في عدة آيات النقاش الذي يدور في النار بين المستضعفين والمستكبرين.. الضعفاء يعتذرون بأن الكبراء أغروهم.. والكبراء يتنصلون، ووضّح القـرآن أن هذا الاعتذار لا يعفي المستضعفين من المسؤولية، وأنه لا يخفف عنهم العذاب.
{قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْـجِنِّ وَالإنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 38].
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إذِ الظَّالِـمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَـمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: 31 - 33].
{وَإذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إنَّا كُلٌّ فِيهَا إنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} [غافر: 47 - 48].
وغيرها من الآيات كثير، تصور مسؤولية المستضعفين، ومغبة تسليمهم، وخضوعهم المطلق للمستكبرين.
إذاً ما العمل !!!!
يجب على كل مؤمن أن يتحدى العقبات التي تعترض طريقه في السعي والتحرك، وأن يعد لكل عدو سلاحاً
فأما الجبن فيواجهه بالتوكل
وأمّا الخوف فيستعين عليه بالثقة بالله
وأمّا مغريات الدنيا فيستعد لها بقوة الإرادة
وأمّا لوم اللائمين ومدح المادحين، أو الأغلال الاجتماعية الأخرى فيتسلح ضدها باليقين؛ فلا يخاف في الله لومة لائم، كما لا يثنيه مدح المادحين عن الاعتراف بعيوبه ونقائصه.
إن الأغلال التي وضعت على الجاهليين في مكة هي التي أركستهم إلى العبودية الذليلة؛ فلما جاءت رسالة الإسلام وضعت عنهم هذه القيود.
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْـخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
واليوم تشكّل الأفكار الخاطئة، والمفاهيم المنحرفة قيوداً وأغلالاً تمنع المسلم من التحرّك لتغيير واقعه
واقع العبودية الذليلة، ولن يضع عنه الأغلال التي صارت عليه إلا تصحيح تلك الأفكار
ومنها:
ـ اعتقاد أن «لا إله إلا الله» كلمة تطلق في الهواء، وأنه ليس لها مقتضيات!!
ـ حصر العبادة في الشعائر.. بينما هي غاية الوجود الإنساني كله: {وَمَا خَلَقْتُ الْـجِنَّ وَالإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
ـ الخضوع لأي سلطة مهما كانت الشريعة الذي تقوم عليها، بزعم أنها أولو الأمر.
إنه لا يؤدي بالناس إلى «كارثة الاستعباد» إلا عدم وضوح حقيقة الألوهية، وحقيقة الإنسان، وحقيقة الحياة، وحقيقة الكون.
وما حياة المستعبدين في حقيقتها إلا قصة جهل، وإهمال، وسوء استخدام، وخيانة لأفكار الإسلام الصحيحة.
وهذه الخيانة التي هي جذور إخفاق الأمة من جميع النواحي الأخلاقية والسياسية.
لقد كان ضعف تأثير الإسلام في الحياة العملية للمسلمين مصحوباً دائماً بانحطاطهم، وانحطاط مؤسساتهم السياسية والاجتماعية.
إننا إذا استمسكنا بإسلامنا استمساكاً حقيقياً لا يمكن استعبادنا، أو إيقاعنا في الجهالة، أو تجهيلنا، أو تمزيق وحدتنا.
«إن ظاهرة التخلي عن الإسلام، أو هجره تتجلى بوضوح في محاولات قمع الفكر الإسلامي، واستبعاده من الحياة النشطة المتوثبة، كما تبدو في تحجيم الإسلام إلى حالة من السلبية والتسطيح. ويمكن ملاحظة هذا بأكبر قدر من الوضوح في طريقة تناولنا اليوم للقرآن.
إن الإخلاص للقرآن لم يتوقف، ولكنه فقد خصوصيته الفاعلة. لقد استبقى الناس في أفئدتهم من القرآن ما أشيع حوله من تصوف ولا عقلانية؛ بينما فقد القرآن سلطانه كشريعة ومنهج حياة، واكتسب قداسته (كشيء).وأغلب من يدرس القرآن وتفسيره
استسلمت الحكمة للمماحكات اللفظية
واستسلم الجوهر للشكل
واستسلمت عظمة الفكر للمهارة والحفظ.
أما ما يحث عليه القرآن من: جهاد، واستقامة، وتضحية بالنفس والمال، كل ذلك قد ذاب وتلاشى في ضباب الصوت الجميل لتلاوة القرآن، وحفظه عن ظهر قلب.
هذه الحالة الشاذة قد أصبحت الآن مقبولة كنموذج سائد بين الشعوب المسلمة!!!
لأنها تتناسب مع أعداد متزايدة من المسلمين لا يستطيعون الانفصام عن القرآن، ولكنهـم من ناحية أخـرى لا يملكون القوة، أو الإرادة على تنظيم حياتهم وفق منهج القرآن. الله المستعان
فالقرآن يُتلى، ثم يفسر ويُتلى، ثم يدرس ويُتلى مرة أخرى، وهكذا تتكرر الآية ألف مرة ومرة، حتى لا نطبقها في حياتنا مرة واحدة.
تناقض أساسي أحطنا به القرآن
والذي يتمثل في الحماس المشتعل للقرآن من ناحية، والإهمال الكامل لمبادئه في الممارسة العملية من ناحية أخرى.
إن هذا التناقض في التعامل مع كتاب الله: هو السبب الأول والأكبر أهمية في الطغيان، وقبول الاستعباد
وللموضوع تتمة
أتم الله علينا رمضان وعلى جميع المسلمين بالنصر والتمكين
وعلى الوجه الذي يرضيه عنا .
وللموضوع تتمة
كتبه محمد محمد بدري
JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ JJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJJ
http://www.fin3go.com/vb2/showthread.php?t=9691