ابو شجاع
09-11-2007, 01:01 PM
الاختلاف في بدء يومي الصوم والعيد ... لماذا؟
بعد هدم دولة الخلافة, مزق العدو الكافر بلاد المسلمين إلى كيانات صغيرة ضعيفة وأوكل أمرها إلى حكام ينفذون أوامره, و يطبقون عليها أحكام الكفر, وذلك لمنعهم من الوحدة, ولتثبيت الحدود المصطنعة بينهم, فصار السوري أو الإيراني أجنبياً في مصر والمصري أو الأفغاني أجنبياً في تركيا....... وأصبح كثير من المسلمين يعتزون بقوميتهم أو وطنيتهم, ويقتتلون للحفاظ على الحدود المزيفة بينهم, حتى أن هذه الأوضاع السيئة طالت أحكام العبادات, كرؤية هلال رمضان أو شوال, فقد يصوم المسلمون في العراق ولا يصومون في إيران, أو يصومون في تونس ولا يصومون في الجزائر, ولقد صام أهل درعا في سوريا, ولم يصم أهل الرمثا في الأردن, وما بينتهما إلا تلك الحدود الوهمية, لان أعداء الإسلام من كفار وعملاء حريصون على التفريق بين المسلمين, وحريصون أن تكون مرجعيتهم في حياتهم, القوانين والقرارات الوضعية, وليست الأدلة والأحكام الشرعية.
إن صوم رمضان, وعيد الفطر, وعيد الأضحى, بالإضافة إلى كونها عبادة, تنظم علاقة المسلمين بربهم, فهي أيضاً مظهر من المظاهر الجماعية للأمة الإسلامية, حيث يصوم المسلمون معاً في يوم واحد, ويحتفلون بالعيد معاً في يوم واحد, امتثالاً لأحكام الله التي توحد بينهم, وليس امتثالاَ لقرارات الحكام السياسية, أو لبيانات علماء السلاطين النفاقية, التي تفرق ولا توحد, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول -(( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته, فان غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما )) (متفق عليه) وفي رواية لمسلم -((فإن غمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يوماً)) أي صوموا رمضان , وفي رواية أخري لمسلم -((الشهر تسع وعشرون فإذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فافطروا ,فإن غمَّ عليكم فاقدروا له )), وروى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال -((الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه, فان غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) .
هذه الأحاديث النبوية, صريحة الدلالة, على أن السبب الشرعي لصوم رمضان, هو رؤية هلال رمضان, وأن السبب الشرعي لعيد الفطر هو رؤية هلال شوال, لا فرق بين شامي ويمني ولا بين إيراني ومغربي, فالمسلمون أمة واحدة, وخطاب الشارع للمسلمين زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة, هو خطاب لجميع المسلمين اليوم وفي كل مكان, لان ألفاظ الأحاديث جاءت عامة, فكلمة (( رؤيته)) اسم جنس مضاف, تدل على العموم, وكذلك الضمير في كلمتي (( صوموا وأفطروا )) يدل على عموم المسلمين, فيكون خطاب الشارع عاماً يشمل جميع المسلمين أينما كانوا, وفعلهم متعلق بسبب عام وهو مطلق الرؤية من أي مسلم. فإن ثبتت رؤية هلال رمضان, أو هلال شوال, بالوجه الشرعي, التزم المسلمون جميعهم بهذه الرؤية في صومهم وفي عيدهم, لا فرق بين بلد وبلد, ولا بين مسلم ومسلم, لان من يرى الهلال منهم حجة على من لم يره, وليست شهادة مسلم في بلد أولى من شهادة مسلم في بلد آخر, ولا قيمة للتقسيمات والحدود التي أقامها الكفار في بلاد المسلمين.
والأمر بالصوم أو بالإفطار في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للوجوب, لأن الصوم لرؤية الهلال, اقترن بصوم رمضان الذي هو فرض بقوله تعالى – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ...) وبقوله تعالى –( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ...), ولأمر بالفطر لرؤية هلال شوال, اقترن بالنهي عن صوم العيد الوارد في الأحاديث الصحيحة, فقد روى مسلم عن أبي هريرة – (( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر)), وروى البخاري عن عمر ابن الخطاب قال: (( هذان يومان, نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما, يوم فطركم من صيامكم, واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) وفي رواية: (( نهى صلى الله عليه وسلم عن صوم الفطر والنحر )) وهذا نهي يدل على التحريم, لأنه نهي عن القيام بفرض أو مندوب.
أما اختلاف المطالع, التي يتذرع بها بعض العلماء وغيرهم, فهي من باب تحقيق مناط الحكم, الذي بحثه الفقهاء السابقون للواقع الذي كان موجوداً زمنهم, حيث كان المسلمون لا يتمكنون من إبلاغ رؤية الهلال, إلى جميع سكان دولة الخلافة المترامية الأطراف, لأن وسائل الإعلام التي كانت متاحة يومئذ, كانت قاصرة عن ذلك.
وأما اليوم, فوسائل الإعلام الموجودة, قادرة على نقل خبر رؤية الهلال إلى أي مكان في ثواني معدودة, فيلزم المسلمين الصوم أو الإفطار لمجرد سماعهم خبر رؤية الهلال, ولو لم يروه هم في بلدهم, ما دام الذي رآه مسلم, سواء أكان في مراكش أو في مكة أو بخارى, وسواء رآه بالعين المجردة أو بواسطة آلة مكبرة أو مقربة, مادامت الرؤية بالعين قد تحققت, غير أن الاقتصار على الحسابات الفلكية فقط لمعرفة تولد الهلال دون رؤيته بالعين البشرية, لا يعد رؤية, ولا قيمة شرعية له, لان السبب الشرعي للصوم أو للإفطار, هو رؤية الهلال بالعين, لقوله صلى الله عليه وسلم – (( إذا رأيتموه فصوموا, وإذا رأيتموه فأفطروا, فإن غم َّ عليكم فاقدروا له )) فاللفظ عام يشمل جميع المسلمين أينما كانوا, ولقوله صلى الله عليه وسلم – (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته...)) فرؤيته تتحقق من رؤية أي مسلم, وقد روى عن جماعة من الأنصار –(( قالوا: ُغمَّ علينا هلال شوال, فأصبحنا صياماً, فجاء ركب من آخر النهار, فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس, فأمر الناس أن يفطروا يومهم, وان يخرجوا لعيدهم الغد )) رواه الخمسة إلا الترمذي, فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفطروا في يوم حسبوه من رمضان, بسبب رؤية غيرهم هلال شوال, رغم أن الركب رأوا الهلال في غير المدينة المنورة, فقد رأوه في سفرهم قبل وصولهم المدينة.
وهناك شبهة احتج بها من يقولون بجواز اختلاف بدء الصوم وبدء الفطر, بسبب اختلاف المطالع باختلاف البلدان, وهي ما رواه الإمام مسلم عن كريب لابن عباس في آخر هذه الرواية: (( أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ , فقال ابن عباس: لا, هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وكان معاوية في الشام, وابن عباس في المدينة. والجواب على هذه الرواية هو أن هذا القول ليس حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو اجتهاد لابن عباس في قوله صلى الله عليه وسلم (( صوموا وافطروا لرؤيته ...)) فعدَّ رؤية المسلمين للهلاك في دمشق غير ملزمة للمسلمين في المدينة المنورة, لأهل المدينة لم يروا الهلال في اليوم الذي رآه أهل دمشق, وهذا اجتهاد لابن عباس, وهذا الإجهاد مخالف لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق المروي عن جماعة من الأنصار, وهو أخذ الرسول برؤية الركب القادمين من خارج المدينة المنورة, وأمره المسلمين بالإفطار, فيترك الإجهاد ويؤخذ بالحديث.
إن رؤية الهلال, ما هي إلا مشكلة واحدة بسيطة. من مشكلات مهمة لا حصر لها, تواجه المسلمين اليوم في حياتهم, بسبب غياب دولة الخلافة, التي ترعى شؤونهم بأحكام الإسلام, وتوحدهم في ظل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فعلى المسلمين, لحل مشكلاتهم حلا ً جذريا ً صحيحا ً, أن يسعوا بجد و إخلاص, مع العاملين المخلصين, لاستئناف الحياة الإسلامية, بإعادة دولة الخلافة, وتنصيب خليفة للمسلمين, يجمع كلمتهم, ويوحد صفوفهم, ويطبق شرع الله عليهم, فيحملون رسالة الإسلام إلى العالم, ويجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا, وبذلك, يعيشون حياة عز وكرامة في الدنيا, وينالون رضوان الله في الآخرة (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
من كتاب مفاهيم اسلاميه
بعد هدم دولة الخلافة, مزق العدو الكافر بلاد المسلمين إلى كيانات صغيرة ضعيفة وأوكل أمرها إلى حكام ينفذون أوامره, و يطبقون عليها أحكام الكفر, وذلك لمنعهم من الوحدة, ولتثبيت الحدود المصطنعة بينهم, فصار السوري أو الإيراني أجنبياً في مصر والمصري أو الأفغاني أجنبياً في تركيا....... وأصبح كثير من المسلمين يعتزون بقوميتهم أو وطنيتهم, ويقتتلون للحفاظ على الحدود المزيفة بينهم, حتى أن هذه الأوضاع السيئة طالت أحكام العبادات, كرؤية هلال رمضان أو شوال, فقد يصوم المسلمون في العراق ولا يصومون في إيران, أو يصومون في تونس ولا يصومون في الجزائر, ولقد صام أهل درعا في سوريا, ولم يصم أهل الرمثا في الأردن, وما بينتهما إلا تلك الحدود الوهمية, لان أعداء الإسلام من كفار وعملاء حريصون على التفريق بين المسلمين, وحريصون أن تكون مرجعيتهم في حياتهم, القوانين والقرارات الوضعية, وليست الأدلة والأحكام الشرعية.
إن صوم رمضان, وعيد الفطر, وعيد الأضحى, بالإضافة إلى كونها عبادة, تنظم علاقة المسلمين بربهم, فهي أيضاً مظهر من المظاهر الجماعية للأمة الإسلامية, حيث يصوم المسلمون معاً في يوم واحد, ويحتفلون بالعيد معاً في يوم واحد, امتثالاً لأحكام الله التي توحد بينهم, وليس امتثالاَ لقرارات الحكام السياسية, أو لبيانات علماء السلاطين النفاقية, التي تفرق ولا توحد, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول -(( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته, فان غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما )) (متفق عليه) وفي رواية لمسلم -((فإن غمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يوماً)) أي صوموا رمضان , وفي رواية أخري لمسلم -((الشهر تسع وعشرون فإذا رأيتم الهلال فصوموا , وإذا رأيتموه فافطروا ,فإن غمَّ عليكم فاقدروا له )), وروى البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال -((الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه, فان غمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)) .
هذه الأحاديث النبوية, صريحة الدلالة, على أن السبب الشرعي لصوم رمضان, هو رؤية هلال رمضان, وأن السبب الشرعي لعيد الفطر هو رؤية هلال شوال, لا فرق بين شامي ويمني ولا بين إيراني ومغربي, فالمسلمون أمة واحدة, وخطاب الشارع للمسلمين زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة, هو خطاب لجميع المسلمين اليوم وفي كل مكان, لان ألفاظ الأحاديث جاءت عامة, فكلمة (( رؤيته)) اسم جنس مضاف, تدل على العموم, وكذلك الضمير في كلمتي (( صوموا وأفطروا )) يدل على عموم المسلمين, فيكون خطاب الشارع عاماً يشمل جميع المسلمين أينما كانوا, وفعلهم متعلق بسبب عام وهو مطلق الرؤية من أي مسلم. فإن ثبتت رؤية هلال رمضان, أو هلال شوال, بالوجه الشرعي, التزم المسلمون جميعهم بهذه الرؤية في صومهم وفي عيدهم, لا فرق بين بلد وبلد, ولا بين مسلم ومسلم, لان من يرى الهلال منهم حجة على من لم يره, وليست شهادة مسلم في بلد أولى من شهادة مسلم في بلد آخر, ولا قيمة للتقسيمات والحدود التي أقامها الكفار في بلاد المسلمين.
والأمر بالصوم أو بالإفطار في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للوجوب, لأن الصوم لرؤية الهلال, اقترن بصوم رمضان الذي هو فرض بقوله تعالى – (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ...) وبقوله تعالى –( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ...), ولأمر بالفطر لرؤية هلال شوال, اقترن بالنهي عن صوم العيد الوارد في الأحاديث الصحيحة, فقد روى مسلم عن أبي هريرة – (( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى ويوم الفطر)), وروى البخاري عن عمر ابن الخطاب قال: (( هذان يومان, نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما, يوم فطركم من صيامكم, واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم )) وفي رواية: (( نهى صلى الله عليه وسلم عن صوم الفطر والنحر )) وهذا نهي يدل على التحريم, لأنه نهي عن القيام بفرض أو مندوب.
أما اختلاف المطالع, التي يتذرع بها بعض العلماء وغيرهم, فهي من باب تحقيق مناط الحكم, الذي بحثه الفقهاء السابقون للواقع الذي كان موجوداً زمنهم, حيث كان المسلمون لا يتمكنون من إبلاغ رؤية الهلال, إلى جميع سكان دولة الخلافة المترامية الأطراف, لأن وسائل الإعلام التي كانت متاحة يومئذ, كانت قاصرة عن ذلك.
وأما اليوم, فوسائل الإعلام الموجودة, قادرة على نقل خبر رؤية الهلال إلى أي مكان في ثواني معدودة, فيلزم المسلمين الصوم أو الإفطار لمجرد سماعهم خبر رؤية الهلال, ولو لم يروه هم في بلدهم, ما دام الذي رآه مسلم, سواء أكان في مراكش أو في مكة أو بخارى, وسواء رآه بالعين المجردة أو بواسطة آلة مكبرة أو مقربة, مادامت الرؤية بالعين قد تحققت, غير أن الاقتصار على الحسابات الفلكية فقط لمعرفة تولد الهلال دون رؤيته بالعين البشرية, لا يعد رؤية, ولا قيمة شرعية له, لان السبب الشرعي للصوم أو للإفطار, هو رؤية الهلال بالعين, لقوله صلى الله عليه وسلم – (( إذا رأيتموه فصوموا, وإذا رأيتموه فأفطروا, فإن غم َّ عليكم فاقدروا له )) فاللفظ عام يشمل جميع المسلمين أينما كانوا, ولقوله صلى الله عليه وسلم – (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته...)) فرؤيته تتحقق من رؤية أي مسلم, وقد روى عن جماعة من الأنصار –(( قالوا: ُغمَّ علينا هلال شوال, فأصبحنا صياماً, فجاء ركب من آخر النهار, فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس, فأمر الناس أن يفطروا يومهم, وان يخرجوا لعيدهم الغد )) رواه الخمسة إلا الترمذي, فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يفطروا في يوم حسبوه من رمضان, بسبب رؤية غيرهم هلال شوال, رغم أن الركب رأوا الهلال في غير المدينة المنورة, فقد رأوه في سفرهم قبل وصولهم المدينة.
وهناك شبهة احتج بها من يقولون بجواز اختلاف بدء الصوم وبدء الفطر, بسبب اختلاف المطالع باختلاف البلدان, وهي ما رواه الإمام مسلم عن كريب لابن عباس في آخر هذه الرواية: (( أولا نكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ , فقال ابن عباس: لا, هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وكان معاوية في الشام, وابن عباس في المدينة. والجواب على هذه الرواية هو أن هذا القول ليس حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو اجتهاد لابن عباس في قوله صلى الله عليه وسلم (( صوموا وافطروا لرؤيته ...)) فعدَّ رؤية المسلمين للهلاك في دمشق غير ملزمة للمسلمين في المدينة المنورة, لأهل المدينة لم يروا الهلال في اليوم الذي رآه أهل دمشق, وهذا اجتهاد لابن عباس, وهذا الإجهاد مخالف لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق المروي عن جماعة من الأنصار, وهو أخذ الرسول برؤية الركب القادمين من خارج المدينة المنورة, وأمره المسلمين بالإفطار, فيترك الإجهاد ويؤخذ بالحديث.
إن رؤية الهلال, ما هي إلا مشكلة واحدة بسيطة. من مشكلات مهمة لا حصر لها, تواجه المسلمين اليوم في حياتهم, بسبب غياب دولة الخلافة, التي ترعى شؤونهم بأحكام الإسلام, وتوحدهم في ظل راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فعلى المسلمين, لحل مشكلاتهم حلا ً جذريا ً صحيحا ً, أن يسعوا بجد و إخلاص, مع العاملين المخلصين, لاستئناف الحياة الإسلامية, بإعادة دولة الخلافة, وتنصيب خليفة للمسلمين, يجمع كلمتهم, ويوحد صفوفهم, ويطبق شرع الله عليهم, فيحملون رسالة الإسلام إلى العالم, ويجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا, وبذلك, يعيشون حياة عز وكرامة في الدنيا, وينالون رضوان الله في الآخرة (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
من كتاب مفاهيم اسلاميه