أبو جهاد الشامي
09-09-2007, 04:17 PM
الشيخ كمال خطيب
1- سلام فياض وفيض السلام :
رئيس الحكومة الفلسطينية المعينة في رام الله سلام فياض ، والذي اشغل في الماضي منصب وزير المالية في حكومة الوحدة الوطنية وفي غيرها من الحكومات الفلسطينية التي شكلتها حركة فتح قبل قرار حماس خوض الانتخابات التشريعية الاخيرة يوم 25-1-2006 .
سلام فياض هذا - والذي طالما تم الحديث عنه بأنه اختيار امريكي بادعاء خبرته الواسعة في المال والاقتصاد - ذهب بعيدا عندما اصدر فرماناته قبل اسبوعين بحل وسحب ترخيص 103 جمعية ومؤسسة خيرية تعمل في الضفة وغزة كدفعة اولى على ان يتم استكمال سحب تراخيص عدد آخر من المؤسسات والجمعيات في مرحلة لاحقة .
هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تعمل على خدمة المواطن الفلسطيني في كافة نواحي الحياة الاجتماعية والصحية والتعليمية والتي يمتد عطاء الكثير منها الى فترة الاحتلال وقبل قيام السلطة الفلسطينية .
إن زعم السيد سلام فياض بأن هذه الجمعيات قد خالفت القوانين وانها لا تلتزم باهدافها وأنها لا تقدم التقارير اللازمة وغير ذلك من الادعاءات انما يهدف الى محاولة التغطية على هذه الخطوة غير المسبوقة في التضييق على الشعب الفلسطيني، زيادة على ما يضيقه الاحتلال ، خاصة وان هذه الخطوة لم تأت الا في هذه الفترة التي يريد السيد سلام فياض تحدي الحكومة الشرعية التي يرأسها السيد اسماعيل هنية، والالتزام بشرط الحكومة الاسرائيلية بقطع أي علاقة مع حماس لضمان الاشتراك في مفاوضات من الجانبين.
الكل يعلم ان كل هذه الجمعيات والتي يبدو أنّها سلمت للسيد فياض من ارشيف ودواليب الاحتلال هي من الجمعيات ذات التوجه الاسلامي والتي ولا شك ان دورها الاجتماعي وعطاءها في خدمة الناس والوقوف الى جانبهم قد عزز ثقة الناس بحركة حماس في الوقت الذي يرى المواطن الفلسطيني كيف تسرق وتبدد الاموال، بل وكيف يتم صرف الاموال العامة من قبل الوزارات والمؤسسات التي تتبع للسلطة الفلسطينية حيث المحسوبيات والسرقات وشراء الذمم.
ان قيام السيد سلام فياض بحل هذا العدد الكبير من الجمعيات ما هي الا محاولة بائسة لمواجهة 70% من الشعب الفلسطيني الذي يعلم ان هذه الممارسات انما هي جزء من استحقاق الدعم الامريكي والإسرائيلي لحكومته المعينة .
إنّ قيام سلام فياض بحل هذه الجمعيات وفي الوقت الذي تتلقى حكومته المعينة مبلغ ثمانين مليون دولار لاقامة خمس كتائب عسكرية في الضفة الغربية ليس لمواجهة الاحتلال، وانما لمواجهة حركة حماس وذلك وفق توصيات خطة دايتون انما تحمل كل معاني الويل الذي ينتظر الشعب الفلسطيني من قبل هذه السياسات .
ان ماكنة الاعلام الاسرائيلية والامريكية ومعها بعض المقدرات الاعلامية التي تملكها حكومة فياض وسلطة ابو مازن والتي تروج لمؤتمر السلام القادم في تشرين القريب كأنها تبشر بفترة الازدهار التي سيعيشها الشعب الفلسطيني في فترة السلام الموهوم والمزعوم الذي سينتج عن ذلك المؤتمر . يبدو ان سلام فياض ما يزال يقرأ الواقع الفلسطيني بعيون امريكية واسرائيلية ما تزال تحلم باعادة عقارب الساعة الفلسطينية الى الوراء ونسي ان الشعب الفلسطيني له قراءة اخرى تختلف تماما ، فالأولى للسيد سلام فياض ان يفيض سلاما حقيقيا على ابناء شعبه لا ان يفيض حربا شعواء ولا ان يكتنز حقدا وكراهية على من تكرههم امريكا وإسرائيل وتحقد عليهم من أبناء شعبه، لأنّه لا يعقل أن يسعى السيد سلام فياض لسلام وصلح مع الإسرائيليين، بينما يعلن الحرب على ابناء شعبه ومؤسساتهم الخيرية .
2- امريكا وطبول الحرب :
منذ شهرين تقريبا كتبت في احتمالات نشوب حرب في المنطقة وذهبت للميل بأن احتمالات الحرب تفوق كثيرا احتمال عدمها ، وذلك عبر ما رصدته من اشارات وتحركات واستعدادات عسكرية وميدانية تشمل كافة المرافق الصحية والتعليمية والتعبوية التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية والجهات الاخرى المختصة ، ولقد توقعت ان يكون سيناريو الحرب متمثلا بمبادرة امريكا لضرب ايران وتلقائيا فإن رحى الحرب ستشمل سوريا وحزب الله وحركة حماس كرد فعل مباشر لوقوف اسرائيل بجانب أمريكا ، او ان يكون السيناريو الآخر : ضربة مشتركة امريكية لايران، وإسرائيلية لسوريا وحزب الله وحماس .
وأيا كان سيناريو هذه الحرب فان ملامح وارهاصات نشوبها بل وان التحركات الميدانية ما تزال تتوالى وتتواتر بكثافة مما يوحي بأن الحرب باتت وشيكة فعلا .
فالزيارات والاجتماعات اليومية التي تقوم بها قيادة الجبهة الداخلية للسلطات المحلية ومتابعتها لتنفيذ قراراتها من اقامة لجان الطوارئ وتحضير كافة المستلزمات ، وقيام المستشفيات باعداد غرف الطوارئ والعمليات في ملاجئ المستشفيات وتوزيع المهمات والوظائف بشكل دقيق واصدار اوامر الاستدعاء للاطباء وغير ذلك مما يوحي بأن مرحلة الاعداد قد انتهت واستكملت ، لا بل ان حديث مدراء المستشفيات للعاملين فيها خلال اجتماعات الاستعدادات هذه والتي تقام بشكل متوالي من ان الحرب القادمة لن تكون حربا عادية وانها لن تكون حرب الشمال فقط بل انها ستكون حرب ( تل ابيب) كما قال احدهم، يقصد ان تل ابيب ستكون تحت طائلة قصف معادي ، هذا عدا عن استكمال حملة جمع الكمامات القديمة تمهيدا لاستبدالها مع العلم انها في الوسط اليهودي قد استبدلت بكمامات حديثة منذ مدة .
وانني هنا أود الاشارة الى قناعتي بأن الحرب وشيكة عبر فهمي العكسي لحقيقة سلوكين: الأول إسرائيلي الآخر امريكي .
أما السلوك الاسرائيلي فبالإعلان عن عدم رغبة اسرائيل في الحرب وانها سحبت جزءا من قواتها من هضبة الجولان وان الاجواء المشحونة التي سادت العلاقات السورية الاسرائيلية قد تبددت كما صرح المسؤولون الاسرائيليون ، فانني افهم ان وجهة إسرائيل هي على العكس تماما وما هذه الادعاءات الا محاولات تطمين وخداع ، إذ الاستعدادات على الارض كلها تشير الى عكس هذه التصريحات .
واما السلوك الامريكي المتمثل بالاعلان عن عقد مؤتمر في واشنطن في تشرين اول القريب لحل القضية الفلسطينية ودعوة اطراف عربية كالسعودية للمشاركة فيه فهو من وجهة نظري الطلقة ما قبل الاخيرة لقرع طبول الحرب لأن العودة الى الوراء سبعة عشر عاما تجعلنا نعيش نفس الاجواء ونفس الممارسات فبعد احتلال العراق للكويت يوم 2-8-1990 وبداية الاستعدادات الامريكية لحرب الخليج الاولى ضد العراق فان تحرك امريكا السياسي الذي كان يقوده يومها وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر خلال ولاية جورج بوش الاب ، هذا التحرك تمثل بدعوة واعلان بيكر وبوش عن عقد مؤتمر سلام يهدف لحل القضية الفلسطينية وذلك بعد انتهاء ازمة الخليج الاولى واخراج العراق من الكويت ، وكان الهدف من ذلك كسب الانظمة العربية للوقوف الى جانب امريكا في حربها التي كانت تعد لها ضد العراق .
وفعلا فقد شاركت جيوش عربية مصرية وسورية وسعودية الى جانب القوات الامريكية ضد القوات العراقية وكان ما كان في شهر كانون الثاني عام 1991 وكان الثمن وعدا باطلاق مسيرة السلام عبر مؤتمر سيعقد في 31-10 -1991 الذي عرف فيما بعد باسم مؤتمر مدريد. واليوم وها هي أمريكا في زمن جورج بوش الابن ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس وعبر الاستعداد لعدوان أمريكي جديد، ولكن هذه المرة ضد إيران، ومن أجل كسب موقف الأنظمة العربية، فقد تزامن الإعلان عن مؤتمر تشرين 2007 القادم للسلام في الشرق الأوسط مع الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية ووزير الدفاع الأمريكي غيتس الى عدد من الدول العربية الشهر الماضي، وذلك لحشد الدعم العربي ثانية للحرب ضد إيران، مثلما كان الحشد قبل الحرب على العراق في العام 1991.
ما أشبه الليلة بالبارحة، جورج بوش الأب، وها هو جورج بوش الابن، الحرب الأولى كانت على العراق، والحرب القادمة ستكون على إيران، والأنظمة العربية في كلا المشهدين تقاد وتلزم بالوقوف الى جانب أمريكا، عبر التخويف من عدو كان في المرة الأولى صدام حسين، وهو في المرة الثانية أحمدي نجاد، والجزرة التي قدّمت للعرب يومها واليوم الوعد بالضغط على إسرائيل عبر مؤتمرين كليهما يعقد في تشرين لحل القضية الفلسطينية، ورغم مرور 16 سنة على عقد المؤتمر الأول وعدم تنفيذ الوعد، مع الإشارة الى أنّ أمريكا تحركت لتحرير الكويت من احتلال العراق خلال عدة أسابيع، بينما هي تتحرك لتحرير فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي رغم مرور ستين سنة، وعليه فإنّني، ومع التصريحات الحادّة والتي تعتبر الأكثر وضوحاً من الرئيس بوش، والتي قالها الأسبوع الماضي في حفل تكريم المحاربين القدامى في الجيش الأمريكي من ضرورة العمل ضد المشروع النووي الإيراني قبل فوات الأوان، أقول إنني رحت أسمع طبول الحرب الأمريكية تصمّ الآذان، والتي ستترجم الى عدوان أمريكي إسرائيلي سافر ضد العرب والمسلمين خلال الأشهر القريبة جداً القادمة.
3- التصوّر المستقبلي والرائحة المنتنة:
لقد تحدثنا وتحدث غيرنا كثيراً عن مشروع التصوّر المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل، والذي وقفت وراءه اللجنة القطرية عبر مجموعة من الباحثين، قامت على صياغته وعبر لجنة توجيه تقف وراءه، هذا المشروع تكلم فيه كثيرون بين مؤيّد ومعارض.
وكانت آراء بعض المعارضين لهذا التصوّر أنّه كان خارجاً عن إرادة مركبات لجنة المتابعة التي هي الجسم الأعلى الذي يملك حقّ إصدار تصوّر يخصّ مستقبل الجماهير العربية، لأنّها تمثّل كافة مركبات وأطياف الوسط العربي، وإضافة إلى بعض المضامين المرفوضة في التصوّر، فقد تحدّثنا أنّ هناك شكوكاً تحوم حول أصل الفكرة ومن يقف وراءها ويموّلها، وهل هذا التصوّر هو فعلاً في مصلحة الجمهور العربي أم لا.
وقال مؤيّدو المشروع يومها الكثير، وتهجّموا وشكّكوا في كل من يعارض مشروعهم، واسودّت صفحات الصحف بمقالات كثيرة تحمل الانتقاص والهجوم على كل من يخالف أولئك الأكاديميين الرأي ومن يقف وراءهم.
والآن بسبب خلافات داخلية قد تكون مالية أو إدارية حول مناصب ووظائف، فها هم من يقفون خلف هذا المشروع - بل من كتبوه - يشككون فيه الى حد استعمال مصطلحات لم نقلها نحن مثل: "لماذا تتم الأمور في الدهاليز"، "إنّ مديرة التصوّر المستقبلي للفلسطينيين في إسرائيل هي موظفة صندوق أجنبي وليست موظّفة جسم عربي مثل اللجنة القطرية أو لجنة المتابعة" ... "هناك رائحة منتنة"... "خسارة أنّ التصوّر تغير ليصبح حقيقة مخزية".
إنّني أضع بين يدي أبناء شعبنا نصّ رسالة عمّمت على بعض المشاركين والمشاركات في إعداد التصوّر المستقبلي من أحد المشاركين دون أن أذكر اسمه وقد وجهها بشكل مباشر الى الدكتور رياض اغبارية - المحاضر في جامعة بئر السبع ورئيس مؤسسة القنديل والمصنّف رقم 2 بعد شوقي خطيب في قائمة المشاركين في مجموعة الإعداد للمشروع، هذه الرسالة التي أرسلت بالبريد الألكتروني يوم الخميس 16/8/2007 وهذا نصّها: (صباح الخير دكتور، صار كثير، أين الشفافية فيما يحدث؟ ولماذا مجموعة صغيرة داخل لجنة التوجيه تتحكّم بالأمور؟ ولماذا بعض الشخصيات داخل لجنة التوجيه غير محتلنة؟ وهل حقاً في أحد الأيام المشمسة فجأة قررت غيداء العودة لإدارة المشروع لأنّها فهمت السيرورة على حدّ تعبيرها، ما هذا الاستخفاف؟ ألم تترك المشروع من أجل وظيفة في وزارة الداخلية؟ وكيف يقرر من استقال من عمل معيّن الرجوع إليه بقرار من ذاته؟ هل التصوّر المستقبلي هو مُلك خاصّ يمكن التصرّف به بدون الرجوع للجنة التوجيه أو إلى المجموعة؟ لماذا لا يتم نشر مناقصة في شفافية واضحة؟ لماذا تتم الأمور في الدهاليز يا دكتور رياض، غيداء كانت تفاوض يو أن دي بي ( اختصار لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي United Nation Development Programe)، خلال فترة عملي في المشروع، بينما كنت منهمكاً في بناء لقاءات في القرى والمدن العربية من أجل إدارة المشروع من قبل صندوق يو أن دي بي، وإخراجه من اللجنة القطرية بعلم ودعم أعضاء لجنة التوجيه وعلى رأسهم شوقي، والآن هي موظّفة يو أن دي بي، بمعنى أنّ مديرة التصوّر المستقبلي للفلسطينيين في إسرائيل هي موظّفة صندوق أجنبي وليست موظفة جسم عربي مثل اللجنة القطرية أو لجنة المتابعة، بكلمة أخرى: اللجنة القطرية أو لجنة التوجيه ليست المشغّل، و"البوس" الجديد هو يو أن دي بي.
هذه نقاط بسيطة للتفكير، وهناك أمور أخرى سأطرحها أمام المجموعة في الوقت المناسب، أقلّ ما يمكن توقّعه أن يكون مشروع التصوّر المستقبلي يحمل قيم النقاء والنزاهة والشفافية والوضوح، أما أن يكون على شكل مسلسل ( אופרת סבון) فهذا استهبال للمجموعة وصباح الخير وللحديث بقية... التوقيع.
وفي موضع آخر يعقب هذا المشارك في إعداد التصوّر قائلاً:"هذا ليس مفاجئاً بالمرّة، ومع ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة وجود رائحة منتنة، خسارة أنّ مشروع التصوّر المستقبلي انقلب ليصبح مخزياً، مقرفاً".
إنّ هذا الهمس وبصوت عالٍ عبر البريد الألكتروني لأعضاء اللجنة التي صاغت مشروع التصوّر المستقبلي، والذي يكشف حقيقة ما يجري وراء الكواليس، وعمّن يقف وراء هذا المشروع والدوافع، وعن صراع المصالح ومراكز القوى هناك إنّما يؤكد أنّ هذا المشروع قد ولد ولادة قيصرية لا بل لا أتردد أن أقول أنّه مشروع مجهول النسب، بالعامية "ابن حرام" فلماذا يصبح أو يريد البعض أن يصبح هذا المشروع أصيلاً ووطنياً و"ابن ناس"، ولماذا تتطاول ألسنة وأقلام بعض واضعي هذا التصور على من يشكك في أصل ودوافع ونسب هذا المشروع.
أقل ما يقال بعد هذه الفضائح أنّه عيب ثمّ عيب الوقوف خلف شعارات برّاقة لتحقيق أهداف شخصية، وإنّني إذ أحيّي كاتب هذه الرسالة وإن كنت أتمنّى عليه أن يخرج بها إلى العلن، لأنّ المصلحة والأمانة تتطلب ذلك، فمستقبل أهلنا في الداخل أغلى بكثير من أن يرسم ملامحه مستوظفون في صناديق دعم أجنبية ذات أجندات أقل ما يقال فيها أنّها مشبوهة.
رحم الله قارئاً دعا لنفسه ولي بالمغفرة.
{... والله غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}.
* الكاتب هو نائب رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطي
1- سلام فياض وفيض السلام :
رئيس الحكومة الفلسطينية المعينة في رام الله سلام فياض ، والذي اشغل في الماضي منصب وزير المالية في حكومة الوحدة الوطنية وفي غيرها من الحكومات الفلسطينية التي شكلتها حركة فتح قبل قرار حماس خوض الانتخابات التشريعية الاخيرة يوم 25-1-2006 .
سلام فياض هذا - والذي طالما تم الحديث عنه بأنه اختيار امريكي بادعاء خبرته الواسعة في المال والاقتصاد - ذهب بعيدا عندما اصدر فرماناته قبل اسبوعين بحل وسحب ترخيص 103 جمعية ومؤسسة خيرية تعمل في الضفة وغزة كدفعة اولى على ان يتم استكمال سحب تراخيص عدد آخر من المؤسسات والجمعيات في مرحلة لاحقة .
هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تعمل على خدمة المواطن الفلسطيني في كافة نواحي الحياة الاجتماعية والصحية والتعليمية والتي يمتد عطاء الكثير منها الى فترة الاحتلال وقبل قيام السلطة الفلسطينية .
إن زعم السيد سلام فياض بأن هذه الجمعيات قد خالفت القوانين وانها لا تلتزم باهدافها وأنها لا تقدم التقارير اللازمة وغير ذلك من الادعاءات انما يهدف الى محاولة التغطية على هذه الخطوة غير المسبوقة في التضييق على الشعب الفلسطيني، زيادة على ما يضيقه الاحتلال ، خاصة وان هذه الخطوة لم تأت الا في هذه الفترة التي يريد السيد سلام فياض تحدي الحكومة الشرعية التي يرأسها السيد اسماعيل هنية، والالتزام بشرط الحكومة الاسرائيلية بقطع أي علاقة مع حماس لضمان الاشتراك في مفاوضات من الجانبين.
الكل يعلم ان كل هذه الجمعيات والتي يبدو أنّها سلمت للسيد فياض من ارشيف ودواليب الاحتلال هي من الجمعيات ذات التوجه الاسلامي والتي ولا شك ان دورها الاجتماعي وعطاءها في خدمة الناس والوقوف الى جانبهم قد عزز ثقة الناس بحركة حماس في الوقت الذي يرى المواطن الفلسطيني كيف تسرق وتبدد الاموال، بل وكيف يتم صرف الاموال العامة من قبل الوزارات والمؤسسات التي تتبع للسلطة الفلسطينية حيث المحسوبيات والسرقات وشراء الذمم.
ان قيام السيد سلام فياض بحل هذا العدد الكبير من الجمعيات ما هي الا محاولة بائسة لمواجهة 70% من الشعب الفلسطيني الذي يعلم ان هذه الممارسات انما هي جزء من استحقاق الدعم الامريكي والإسرائيلي لحكومته المعينة .
إنّ قيام سلام فياض بحل هذه الجمعيات وفي الوقت الذي تتلقى حكومته المعينة مبلغ ثمانين مليون دولار لاقامة خمس كتائب عسكرية في الضفة الغربية ليس لمواجهة الاحتلال، وانما لمواجهة حركة حماس وذلك وفق توصيات خطة دايتون انما تحمل كل معاني الويل الذي ينتظر الشعب الفلسطيني من قبل هذه السياسات .
ان ماكنة الاعلام الاسرائيلية والامريكية ومعها بعض المقدرات الاعلامية التي تملكها حكومة فياض وسلطة ابو مازن والتي تروج لمؤتمر السلام القادم في تشرين القريب كأنها تبشر بفترة الازدهار التي سيعيشها الشعب الفلسطيني في فترة السلام الموهوم والمزعوم الذي سينتج عن ذلك المؤتمر . يبدو ان سلام فياض ما يزال يقرأ الواقع الفلسطيني بعيون امريكية واسرائيلية ما تزال تحلم باعادة عقارب الساعة الفلسطينية الى الوراء ونسي ان الشعب الفلسطيني له قراءة اخرى تختلف تماما ، فالأولى للسيد سلام فياض ان يفيض سلاما حقيقيا على ابناء شعبه لا ان يفيض حربا شعواء ولا ان يكتنز حقدا وكراهية على من تكرههم امريكا وإسرائيل وتحقد عليهم من أبناء شعبه، لأنّه لا يعقل أن يسعى السيد سلام فياض لسلام وصلح مع الإسرائيليين، بينما يعلن الحرب على ابناء شعبه ومؤسساتهم الخيرية .
2- امريكا وطبول الحرب :
منذ شهرين تقريبا كتبت في احتمالات نشوب حرب في المنطقة وذهبت للميل بأن احتمالات الحرب تفوق كثيرا احتمال عدمها ، وذلك عبر ما رصدته من اشارات وتحركات واستعدادات عسكرية وميدانية تشمل كافة المرافق الصحية والتعليمية والتعبوية التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية والجهات الاخرى المختصة ، ولقد توقعت ان يكون سيناريو الحرب متمثلا بمبادرة امريكا لضرب ايران وتلقائيا فإن رحى الحرب ستشمل سوريا وحزب الله وحركة حماس كرد فعل مباشر لوقوف اسرائيل بجانب أمريكا ، او ان يكون السيناريو الآخر : ضربة مشتركة امريكية لايران، وإسرائيلية لسوريا وحزب الله وحماس .
وأيا كان سيناريو هذه الحرب فان ملامح وارهاصات نشوبها بل وان التحركات الميدانية ما تزال تتوالى وتتواتر بكثافة مما يوحي بأن الحرب باتت وشيكة فعلا .
فالزيارات والاجتماعات اليومية التي تقوم بها قيادة الجبهة الداخلية للسلطات المحلية ومتابعتها لتنفيذ قراراتها من اقامة لجان الطوارئ وتحضير كافة المستلزمات ، وقيام المستشفيات باعداد غرف الطوارئ والعمليات في ملاجئ المستشفيات وتوزيع المهمات والوظائف بشكل دقيق واصدار اوامر الاستدعاء للاطباء وغير ذلك مما يوحي بأن مرحلة الاعداد قد انتهت واستكملت ، لا بل ان حديث مدراء المستشفيات للعاملين فيها خلال اجتماعات الاستعدادات هذه والتي تقام بشكل متوالي من ان الحرب القادمة لن تكون حربا عادية وانها لن تكون حرب الشمال فقط بل انها ستكون حرب ( تل ابيب) كما قال احدهم، يقصد ان تل ابيب ستكون تحت طائلة قصف معادي ، هذا عدا عن استكمال حملة جمع الكمامات القديمة تمهيدا لاستبدالها مع العلم انها في الوسط اليهودي قد استبدلت بكمامات حديثة منذ مدة .
وانني هنا أود الاشارة الى قناعتي بأن الحرب وشيكة عبر فهمي العكسي لحقيقة سلوكين: الأول إسرائيلي الآخر امريكي .
أما السلوك الاسرائيلي فبالإعلان عن عدم رغبة اسرائيل في الحرب وانها سحبت جزءا من قواتها من هضبة الجولان وان الاجواء المشحونة التي سادت العلاقات السورية الاسرائيلية قد تبددت كما صرح المسؤولون الاسرائيليون ، فانني افهم ان وجهة إسرائيل هي على العكس تماما وما هذه الادعاءات الا محاولات تطمين وخداع ، إذ الاستعدادات على الارض كلها تشير الى عكس هذه التصريحات .
واما السلوك الامريكي المتمثل بالاعلان عن عقد مؤتمر في واشنطن في تشرين اول القريب لحل القضية الفلسطينية ودعوة اطراف عربية كالسعودية للمشاركة فيه فهو من وجهة نظري الطلقة ما قبل الاخيرة لقرع طبول الحرب لأن العودة الى الوراء سبعة عشر عاما تجعلنا نعيش نفس الاجواء ونفس الممارسات فبعد احتلال العراق للكويت يوم 2-8-1990 وبداية الاستعدادات الامريكية لحرب الخليج الاولى ضد العراق فان تحرك امريكا السياسي الذي كان يقوده يومها وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر خلال ولاية جورج بوش الاب ، هذا التحرك تمثل بدعوة واعلان بيكر وبوش عن عقد مؤتمر سلام يهدف لحل القضية الفلسطينية وذلك بعد انتهاء ازمة الخليج الاولى واخراج العراق من الكويت ، وكان الهدف من ذلك كسب الانظمة العربية للوقوف الى جانب امريكا في حربها التي كانت تعد لها ضد العراق .
وفعلا فقد شاركت جيوش عربية مصرية وسورية وسعودية الى جانب القوات الامريكية ضد القوات العراقية وكان ما كان في شهر كانون الثاني عام 1991 وكان الثمن وعدا باطلاق مسيرة السلام عبر مؤتمر سيعقد في 31-10 -1991 الذي عرف فيما بعد باسم مؤتمر مدريد. واليوم وها هي أمريكا في زمن جورج بوش الابن ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس وعبر الاستعداد لعدوان أمريكي جديد، ولكن هذه المرة ضد إيران، ومن أجل كسب موقف الأنظمة العربية، فقد تزامن الإعلان عن مؤتمر تشرين 2007 القادم للسلام في الشرق الأوسط مع الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية ووزير الدفاع الأمريكي غيتس الى عدد من الدول العربية الشهر الماضي، وذلك لحشد الدعم العربي ثانية للحرب ضد إيران، مثلما كان الحشد قبل الحرب على العراق في العام 1991.
ما أشبه الليلة بالبارحة، جورج بوش الأب، وها هو جورج بوش الابن، الحرب الأولى كانت على العراق، والحرب القادمة ستكون على إيران، والأنظمة العربية في كلا المشهدين تقاد وتلزم بالوقوف الى جانب أمريكا، عبر التخويف من عدو كان في المرة الأولى صدام حسين، وهو في المرة الثانية أحمدي نجاد، والجزرة التي قدّمت للعرب يومها واليوم الوعد بالضغط على إسرائيل عبر مؤتمرين كليهما يعقد في تشرين لحل القضية الفلسطينية، ورغم مرور 16 سنة على عقد المؤتمر الأول وعدم تنفيذ الوعد، مع الإشارة الى أنّ أمريكا تحركت لتحرير الكويت من احتلال العراق خلال عدة أسابيع، بينما هي تتحرك لتحرير فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي رغم مرور ستين سنة، وعليه فإنّني، ومع التصريحات الحادّة والتي تعتبر الأكثر وضوحاً من الرئيس بوش، والتي قالها الأسبوع الماضي في حفل تكريم المحاربين القدامى في الجيش الأمريكي من ضرورة العمل ضد المشروع النووي الإيراني قبل فوات الأوان، أقول إنني رحت أسمع طبول الحرب الأمريكية تصمّ الآذان، والتي ستترجم الى عدوان أمريكي إسرائيلي سافر ضد العرب والمسلمين خلال الأشهر القريبة جداً القادمة.
3- التصوّر المستقبلي والرائحة المنتنة:
لقد تحدثنا وتحدث غيرنا كثيراً عن مشروع التصوّر المستقبلي للعرب الفلسطينيين في إسرائيل، والذي وقفت وراءه اللجنة القطرية عبر مجموعة من الباحثين، قامت على صياغته وعبر لجنة توجيه تقف وراءه، هذا المشروع تكلم فيه كثيرون بين مؤيّد ومعارض.
وكانت آراء بعض المعارضين لهذا التصوّر أنّه كان خارجاً عن إرادة مركبات لجنة المتابعة التي هي الجسم الأعلى الذي يملك حقّ إصدار تصوّر يخصّ مستقبل الجماهير العربية، لأنّها تمثّل كافة مركبات وأطياف الوسط العربي، وإضافة إلى بعض المضامين المرفوضة في التصوّر، فقد تحدّثنا أنّ هناك شكوكاً تحوم حول أصل الفكرة ومن يقف وراءها ويموّلها، وهل هذا التصوّر هو فعلاً في مصلحة الجمهور العربي أم لا.
وقال مؤيّدو المشروع يومها الكثير، وتهجّموا وشكّكوا في كل من يعارض مشروعهم، واسودّت صفحات الصحف بمقالات كثيرة تحمل الانتقاص والهجوم على كل من يخالف أولئك الأكاديميين الرأي ومن يقف وراءهم.
والآن بسبب خلافات داخلية قد تكون مالية أو إدارية حول مناصب ووظائف، فها هم من يقفون خلف هذا المشروع - بل من كتبوه - يشككون فيه الى حد استعمال مصطلحات لم نقلها نحن مثل: "لماذا تتم الأمور في الدهاليز"، "إنّ مديرة التصوّر المستقبلي للفلسطينيين في إسرائيل هي موظفة صندوق أجنبي وليست موظّفة جسم عربي مثل اللجنة القطرية أو لجنة المتابعة" ... "هناك رائحة منتنة"... "خسارة أنّ التصوّر تغير ليصبح حقيقة مخزية".
إنّني أضع بين يدي أبناء شعبنا نصّ رسالة عمّمت على بعض المشاركين والمشاركات في إعداد التصوّر المستقبلي من أحد المشاركين دون أن أذكر اسمه وقد وجهها بشكل مباشر الى الدكتور رياض اغبارية - المحاضر في جامعة بئر السبع ورئيس مؤسسة القنديل والمصنّف رقم 2 بعد شوقي خطيب في قائمة المشاركين في مجموعة الإعداد للمشروع، هذه الرسالة التي أرسلت بالبريد الألكتروني يوم الخميس 16/8/2007 وهذا نصّها: (صباح الخير دكتور، صار كثير، أين الشفافية فيما يحدث؟ ولماذا مجموعة صغيرة داخل لجنة التوجيه تتحكّم بالأمور؟ ولماذا بعض الشخصيات داخل لجنة التوجيه غير محتلنة؟ وهل حقاً في أحد الأيام المشمسة فجأة قررت غيداء العودة لإدارة المشروع لأنّها فهمت السيرورة على حدّ تعبيرها، ما هذا الاستخفاف؟ ألم تترك المشروع من أجل وظيفة في وزارة الداخلية؟ وكيف يقرر من استقال من عمل معيّن الرجوع إليه بقرار من ذاته؟ هل التصوّر المستقبلي هو مُلك خاصّ يمكن التصرّف به بدون الرجوع للجنة التوجيه أو إلى المجموعة؟ لماذا لا يتم نشر مناقصة في شفافية واضحة؟ لماذا تتم الأمور في الدهاليز يا دكتور رياض، غيداء كانت تفاوض يو أن دي بي ( اختصار لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي United Nation Development Programe)، خلال فترة عملي في المشروع، بينما كنت منهمكاً في بناء لقاءات في القرى والمدن العربية من أجل إدارة المشروع من قبل صندوق يو أن دي بي، وإخراجه من اللجنة القطرية بعلم ودعم أعضاء لجنة التوجيه وعلى رأسهم شوقي، والآن هي موظّفة يو أن دي بي، بمعنى أنّ مديرة التصوّر المستقبلي للفلسطينيين في إسرائيل هي موظّفة صندوق أجنبي وليست موظفة جسم عربي مثل اللجنة القطرية أو لجنة المتابعة، بكلمة أخرى: اللجنة القطرية أو لجنة التوجيه ليست المشغّل، و"البوس" الجديد هو يو أن دي بي.
هذه نقاط بسيطة للتفكير، وهناك أمور أخرى سأطرحها أمام المجموعة في الوقت المناسب، أقلّ ما يمكن توقّعه أن يكون مشروع التصوّر المستقبلي يحمل قيم النقاء والنزاهة والشفافية والوضوح، أما أن يكون على شكل مسلسل ( אופרת סבון) فهذا استهبال للمجموعة وصباح الخير وللحديث بقية... التوقيع.
وفي موضع آخر يعقب هذا المشارك في إعداد التصوّر قائلاً:"هذا ليس مفاجئاً بالمرّة، ومع ذلك لا يمكن تجاهل حقيقة وجود رائحة منتنة، خسارة أنّ مشروع التصوّر المستقبلي انقلب ليصبح مخزياً، مقرفاً".
إنّ هذا الهمس وبصوت عالٍ عبر البريد الألكتروني لأعضاء اللجنة التي صاغت مشروع التصوّر المستقبلي، والذي يكشف حقيقة ما يجري وراء الكواليس، وعمّن يقف وراء هذا المشروع والدوافع، وعن صراع المصالح ومراكز القوى هناك إنّما يؤكد أنّ هذا المشروع قد ولد ولادة قيصرية لا بل لا أتردد أن أقول أنّه مشروع مجهول النسب، بالعامية "ابن حرام" فلماذا يصبح أو يريد البعض أن يصبح هذا المشروع أصيلاً ووطنياً و"ابن ناس"، ولماذا تتطاول ألسنة وأقلام بعض واضعي هذا التصور على من يشكك في أصل ودوافع ونسب هذا المشروع.
أقل ما يقال بعد هذه الفضائح أنّه عيب ثمّ عيب الوقوف خلف شعارات برّاقة لتحقيق أهداف شخصية، وإنّني إذ أحيّي كاتب هذه الرسالة وإن كنت أتمنّى عليه أن يخرج بها إلى العلن، لأنّ المصلحة والأمانة تتطلب ذلك، فمستقبل أهلنا في الداخل أغلى بكثير من أن يرسم ملامحه مستوظفون في صناديق دعم أجنبية ذات أجندات أقل ما يقال فيها أنّها مشبوهة.
رحم الله قارئاً دعا لنفسه ولي بالمغفرة.
{... والله غالب على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}.
* الكاتب هو نائب رئيس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطي