14_Azar
08-23-2007, 11:00 AM
عكاظ السعودية في أعنف حملة غير مسبوقة على النظام السوري: دمشق اعتادت على القتل الممنهج لزعماء لبنان منذ كمال جنبلاط وحتى الحريري
http://www.14march.org/Admin/images/news_images/capt.sge.luc41.170807201956.photo00 .phot.jpg
عكاظ - 2007 / 8 / 22
http://www.14march.org/images/arrow_red_small.gif في اشارة لافتة وذات دلالة الى توسع الخلاف السعودي - السوري الى حد غير مألوف في تاريخ العلاقات بين البلدين، شنت صحيفة "عكاظ" السعودية اعنف حملة على القيادة السورية، وعادت بالذاكرة الى مجموعة محطات سورية في لبنان بدءا من انطلاق شرارة الحرب في العام 1975 والتي قالت الصحيفة ان دمشق كانت تقف وراءها من خلال الفصائل الفلسطينية الموالية لها، مرورا باغتيال كمال جنبلاط والاغتيالات المشابهة، انتهاء بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في اول تلميح سعودي على هذا المستوى الى وجود علاقة لسوريا بهذا الاغتيال. واستغربت ان يدافع العماد ميشال عون عن دمشق "ويبرئها من الجرائم السياسية"، وهو الذي خاض "حرب التحرير" ضدها.
نشرت الصحيفة مقالا بعنوان "النظام السوري أدار التناقضات اللبنانية وفجّرها خدمة لمخطط السيطرة"، جاء فيه: "هل سوريا هي العقدة والحل معاً؟ ما هو الوضع الأفضل للبنان أن يكون مستقلاً عن سوريا ومهدداً في امنه ومعاشه ام يكون تابعاً لها فيحظى بالهدوء، ولو كان خادعاً؟
ليس هذا هو سؤال التاريخ بل هو رهان الحاضر بل الخيار الذي فرضه النظام البعثي على جميع اللبنانيين موالاة ومعارضة، منذ أن صدر القرار 1559 في العام 2004 والذي طالب الجيش السوري بالانسحاب الفوري من لبنان، فكانت الرسالة الاولى تمديد ولاية الرئيس إميل لحود ثم محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة لابعاد رفيق الحريري عن رئاسة الحكومة الجديدة، ثم كان اغتيال الحريري نفسه في 14 شباط 2005، عندما تأكد لدمشق ان الرجل ليس بوارد تكرار تجربة انتخابات 2000.
ملاحقات فرق الموت: ومنذ ذلك الوقت، وفرق الموت تلاحق خصوم النظام السوري في لبنان، فتقتلهم واحداً تلو الآخر، في تواقيت حاسمة ولأهداف واضحة، لكن القاسم المشترك بينها هو المنافع التكتيكية الصغيرة مثل اسكات قلم الصحافي الجريء سمير قصير أو إزاحة اليساري القديم جورج حاوي او محاولة إلغاء الوزير الياس المر من المعادلة او محاولة ترهيب الـ "إل بي سي" وهي مؤسسة تلفزيونية رائدة باستهداف وجه إعلامي فيها مي شدياق، ثم قتل النائب جبران تويني المدير العام لـ "النهار" الجريدة الأولى في لبنان، ثم اغتيال الوزير بيار الجميل بعملية خاصة لاسقاط الحكومة التي يرئسها فؤاد السنيورة وأخيراً قتل النائب وليد عيدو لاثبات أن المحكمة الدولية لا تحمي لبنان.
أُجبرت سوريا على سحب جيشها من لبنان في أواخر نيسان 2005 بعد التظاهرة التي لم يشهد لبنان لها مثيلاً في 14 آذار من العام نفسه، ولكن ديدنها منذ ذلك الوقت كان اثبات نفوذها القوي في هذا البلد، للبنانيين كما لسواهم بمعنى ان لا خلاص من سوريا إلا بها وعبرها وليس بعيداً عنها او من دونها، ان الصدمة الهائلة جراء اغتيال الحريري لم يستوعبها النظام السوري الذي اعتاد قتل زعماء لبنان بشكل منهجي منذ ثلاثين عاماً بدءاً بالزعيم الدرزي كمال جنبلاط، من دون أن يكون للفعل نفسه أي ارتدادات على دمشق، بل هزات داخلية بين الطوائف، تصب بمجملها في تعزيز الدور السوري، الخصم والحَكََم في آن. ولأن الهدف هو السيطرة على لبنان فلم يكن للهوية الطائفية دور أساسي في الاغتيال فتناوب الموت على زعماء من كل الطوائف، فبعد جنبلاط، قتل بشير الجميل العام 1982 بعد انتخابه رئيساً وسقط مفتي الجمهورية حسن خالد العام 1989، وقبله كان دور العلامة الشيخ صبحي الصالح، ثم اغتيل الرئيس رينيه معوض بعيد إنجاز الطائف. وبعد انقطاع طويل، بسبب احكام السيطرة على الحكم اللبناني منذ العام 1990، اغتيل الوزير السابق ايلي حبيقة العام 2002 عندما هدد بكشف أوراق مذبحة صبرا وشاتيلا في العام 1982، حتى احداث الحرب الأهلية، ومقدماتها وممهداتها والفاعلين الأساسيين فيها والمسؤولين عن المجازر فيها، باتت وضع مساءلة من النقطة الصفر، ومع كل يوم يتوضح لأعداء الأمس حلفاء اليوم، والذين يجمعهم الآن اسم 14 آذار، ان عملاء النظام السوري كانوا يتوزعون في كل المعسكرات المتقابلة، وأن هؤلاء كانوا مسؤولين عن كل تجاوز او انتهاك أو خرق لوقف النار بهدف ابقاء النار متقدة، إلى حين ينضج لبنان فيسقط في يد دمشق، أو يعود الفرع إلى الأصل.
شرارة الحرب الاهلية: يروي سياسيون مخضرمون عايشوا تلك المرحلة أن ما فجّر الحرب الأهلية العام 1975 حين أطلقت النار على مركز لحزب الكتائب في عين الرمانة، هو تجاوزات فصائل فلسطينية موالية لسوريا فهي التي كانت تنصب الحواجز والسيطرات خارج حدود المخيمات الفلسطينية القائمة شرق بيروت وهي التي تعتدي على المواطنين اللبنانيين ما دفع المسيحيين خصوصا، إلى حمل السلاح وانشاء الميليشيات وبسبب الانقسام الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، على صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنية، انحاز المسلمون إلى منظمة التحرير الفلسطينية واعتبروا الفلسطينيين جيش المسلمين وفي خضم ما سمي بحرب السنتين بين العامين 1975 و1976 وقعت مذابح في المخيمات الفلسطينية في المناطق المسيحية قامت الفصائل الموالية لدمشق بمذابح مضادة في مناطق مسيحية معزولة. ولما اشتد الخطر أرسلت سوريا وحدات "جيش التحرير الفلسطيني" إلى لبنان تحت لافتة حماية "الثورة الفلسطينية"، ولما مالت الكفة إلى المعسكر اليساري تدخلت سوريا لمصلحة المسيحيين تحت عنوان حمايتهم من المذبحة. والمفارقة أن بعض أعتى المتورطين المسيحيين في مذابح المسلمين باتوا اليوم من أشد حلفاء دمشق وضد القوى المسيحية السياسية التي خاضت الحرب ضد المسلمين، وبعض هؤلاء معروف بعمالته السابقة لإسرائيل، بل إن العماد ميشال عون الذي خاض "حرب التحرير" العام 1988 ضد سوريا وكان رئيس الحكومة الانتقالية، بات اليوم يدافع عن دمشق ويبرئها من الجرائم السياسية، والحال نفسها تنسحب على إسلاميين خطفوا وسجنوا في أقبية الاستخبارات السورية قبل عقود وعادوا اليوم ليكونوا أبواقاً لمصالحها، مثل فتحي يكن الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية، وهاشم منقارة قائد جناح في "حركة التوحيد الإسلامي"، التي قاتلت الجيش السوري والاحزاب الموالية لدمشق في طرابلس مطلع الثمانينات من القرن الفائت.
نظام التصفيات والمذابح: لقد برع الرئيس حافظ الأسد في قتال خصومه وفي استيعابهم في آن، وتجنيدهم في مرحلة لاحقة، فجيشه قاتل أنصار "حركة التوحيد" في طرابلس موقعاً بهم مذبحة كبرى، فعاد بعض السجناء السابقين إلى العمل السياسي، موالين لسوريا. وهو الذي أوعز لحركة "أمل" الشيعية بتصفية حركة "المرابطون" السنية في بيروت بحجة تحالفها مع ياسر عرفات وعادت الاجهزة السورية اخيرا ترعى قيام بقايا "المرابطون" في وجه النائب سعد الحريري. حتى "حزب الله" الحليف الأوثق والأقوى كان في الثمانينات عدواً لدوداً لدمشق، وقد حثت حليفها نبيه بري آنذاك على تصفية هذا الحزب وكان ما يزال طري العود حتى لا تنافسه إيران على الإمساك بالورقة اللبنانية رغم التحالف بينهما، وسقط المئات من أبناء الطائفة الشيعية في حرب مميتة استمرت لسنوات قبل أن تنتهي ليصبح "حزب الله" في موقع ما كان بريئاً قبل ذلك.
والتناقض بين الخطاب والممارسة لدى النظام البعثي في سوريا، وصل إلى الذروة، منتصف الثمانينيات، فهذا النظام الذي يتاجر بالعروبة وقضية فلسطين رعى مذبحة الفلسطينيين في مخيمات لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تارة تحت ستار "فتح الانتفاضة"، حتى يقتل الفتحاويون الفتحاويين كرمى لعين حكام دمشق وتارة بحجة مكافحة "العرفاتية" التي تولتها حركة "أمل" في أماكن نفوذها، في بيروت والجنوب، فكانت الحصيلة أضعاف ما فعلته إسرائيل في اجتياح بيروت العام 1982، ثم كانت حرب الحلفاء في بيروت العام 1987 ذريعة لعودة الوحدات العسكرية السورية إلى العاصمة بدعوة من القوى البيروتية لتخليص المدينة من الدمار الذي أحدثه الحلفاء آنذاك.
الطائف: وحين بدأت اجتماعات الطائف للخروج من الحرب المدمرة، قبلت سوريا على مضض ببند الانسحاب إلى البقاع خلال سنتين لكنها عقدت العزم على نقضه في أول مناسبة وكان اجتياح العراق للكويت فقرر الأسد الأب المشاركة الرمزية في الحرب، مقابل إطلاق يده في لبنان وكان له ما أراد، فاجتاح الجيش السوري قصر بعبدا، مخرجاً منه ميشال عون ثم وضعت دمشق يدها على كل مقدرات لبنان لتعيد بناء مؤسساته كما تشتهي، ولتطبق اتفاق الطائف حسب قراءتها الخاصة.
http://www.14march.org/Admin/images/news_images/capt.sge.luc41.170807201956.photo00 .phot.jpg
عكاظ - 2007 / 8 / 22
http://www.14march.org/images/arrow_red_small.gif في اشارة لافتة وذات دلالة الى توسع الخلاف السعودي - السوري الى حد غير مألوف في تاريخ العلاقات بين البلدين، شنت صحيفة "عكاظ" السعودية اعنف حملة على القيادة السورية، وعادت بالذاكرة الى مجموعة محطات سورية في لبنان بدءا من انطلاق شرارة الحرب في العام 1975 والتي قالت الصحيفة ان دمشق كانت تقف وراءها من خلال الفصائل الفلسطينية الموالية لها، مرورا باغتيال كمال جنبلاط والاغتيالات المشابهة، انتهاء بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في اول تلميح سعودي على هذا المستوى الى وجود علاقة لسوريا بهذا الاغتيال. واستغربت ان يدافع العماد ميشال عون عن دمشق "ويبرئها من الجرائم السياسية"، وهو الذي خاض "حرب التحرير" ضدها.
نشرت الصحيفة مقالا بعنوان "النظام السوري أدار التناقضات اللبنانية وفجّرها خدمة لمخطط السيطرة"، جاء فيه: "هل سوريا هي العقدة والحل معاً؟ ما هو الوضع الأفضل للبنان أن يكون مستقلاً عن سوريا ومهدداً في امنه ومعاشه ام يكون تابعاً لها فيحظى بالهدوء، ولو كان خادعاً؟
ليس هذا هو سؤال التاريخ بل هو رهان الحاضر بل الخيار الذي فرضه النظام البعثي على جميع اللبنانيين موالاة ومعارضة، منذ أن صدر القرار 1559 في العام 2004 والذي طالب الجيش السوري بالانسحاب الفوري من لبنان، فكانت الرسالة الاولى تمديد ولاية الرئيس إميل لحود ثم محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة لابعاد رفيق الحريري عن رئاسة الحكومة الجديدة، ثم كان اغتيال الحريري نفسه في 14 شباط 2005، عندما تأكد لدمشق ان الرجل ليس بوارد تكرار تجربة انتخابات 2000.
ملاحقات فرق الموت: ومنذ ذلك الوقت، وفرق الموت تلاحق خصوم النظام السوري في لبنان، فتقتلهم واحداً تلو الآخر، في تواقيت حاسمة ولأهداف واضحة، لكن القاسم المشترك بينها هو المنافع التكتيكية الصغيرة مثل اسكات قلم الصحافي الجريء سمير قصير أو إزاحة اليساري القديم جورج حاوي او محاولة إلغاء الوزير الياس المر من المعادلة او محاولة ترهيب الـ "إل بي سي" وهي مؤسسة تلفزيونية رائدة باستهداف وجه إعلامي فيها مي شدياق، ثم قتل النائب جبران تويني المدير العام لـ "النهار" الجريدة الأولى في لبنان، ثم اغتيال الوزير بيار الجميل بعملية خاصة لاسقاط الحكومة التي يرئسها فؤاد السنيورة وأخيراً قتل النائب وليد عيدو لاثبات أن المحكمة الدولية لا تحمي لبنان.
أُجبرت سوريا على سحب جيشها من لبنان في أواخر نيسان 2005 بعد التظاهرة التي لم يشهد لبنان لها مثيلاً في 14 آذار من العام نفسه، ولكن ديدنها منذ ذلك الوقت كان اثبات نفوذها القوي في هذا البلد، للبنانيين كما لسواهم بمعنى ان لا خلاص من سوريا إلا بها وعبرها وليس بعيداً عنها او من دونها، ان الصدمة الهائلة جراء اغتيال الحريري لم يستوعبها النظام السوري الذي اعتاد قتل زعماء لبنان بشكل منهجي منذ ثلاثين عاماً بدءاً بالزعيم الدرزي كمال جنبلاط، من دون أن يكون للفعل نفسه أي ارتدادات على دمشق، بل هزات داخلية بين الطوائف، تصب بمجملها في تعزيز الدور السوري، الخصم والحَكََم في آن. ولأن الهدف هو السيطرة على لبنان فلم يكن للهوية الطائفية دور أساسي في الاغتيال فتناوب الموت على زعماء من كل الطوائف، فبعد جنبلاط، قتل بشير الجميل العام 1982 بعد انتخابه رئيساً وسقط مفتي الجمهورية حسن خالد العام 1989، وقبله كان دور العلامة الشيخ صبحي الصالح، ثم اغتيل الرئيس رينيه معوض بعيد إنجاز الطائف. وبعد انقطاع طويل، بسبب احكام السيطرة على الحكم اللبناني منذ العام 1990، اغتيل الوزير السابق ايلي حبيقة العام 2002 عندما هدد بكشف أوراق مذبحة صبرا وشاتيلا في العام 1982، حتى احداث الحرب الأهلية، ومقدماتها وممهداتها والفاعلين الأساسيين فيها والمسؤولين عن المجازر فيها، باتت وضع مساءلة من النقطة الصفر، ومع كل يوم يتوضح لأعداء الأمس حلفاء اليوم، والذين يجمعهم الآن اسم 14 آذار، ان عملاء النظام السوري كانوا يتوزعون في كل المعسكرات المتقابلة، وأن هؤلاء كانوا مسؤولين عن كل تجاوز او انتهاك أو خرق لوقف النار بهدف ابقاء النار متقدة، إلى حين ينضج لبنان فيسقط في يد دمشق، أو يعود الفرع إلى الأصل.
شرارة الحرب الاهلية: يروي سياسيون مخضرمون عايشوا تلك المرحلة أن ما فجّر الحرب الأهلية العام 1975 حين أطلقت النار على مركز لحزب الكتائب في عين الرمانة، هو تجاوزات فصائل فلسطينية موالية لسوريا فهي التي كانت تنصب الحواجز والسيطرات خارج حدود المخيمات الفلسطينية القائمة شرق بيروت وهي التي تعتدي على المواطنين اللبنانيين ما دفع المسيحيين خصوصا، إلى حمل السلاح وانشاء الميليشيات وبسبب الانقسام الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، على صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنية، انحاز المسلمون إلى منظمة التحرير الفلسطينية واعتبروا الفلسطينيين جيش المسلمين وفي خضم ما سمي بحرب السنتين بين العامين 1975 و1976 وقعت مذابح في المخيمات الفلسطينية في المناطق المسيحية قامت الفصائل الموالية لدمشق بمذابح مضادة في مناطق مسيحية معزولة. ولما اشتد الخطر أرسلت سوريا وحدات "جيش التحرير الفلسطيني" إلى لبنان تحت لافتة حماية "الثورة الفلسطينية"، ولما مالت الكفة إلى المعسكر اليساري تدخلت سوريا لمصلحة المسيحيين تحت عنوان حمايتهم من المذبحة. والمفارقة أن بعض أعتى المتورطين المسيحيين في مذابح المسلمين باتوا اليوم من أشد حلفاء دمشق وضد القوى المسيحية السياسية التي خاضت الحرب ضد المسلمين، وبعض هؤلاء معروف بعمالته السابقة لإسرائيل، بل إن العماد ميشال عون الذي خاض "حرب التحرير" العام 1988 ضد سوريا وكان رئيس الحكومة الانتقالية، بات اليوم يدافع عن دمشق ويبرئها من الجرائم السياسية، والحال نفسها تنسحب على إسلاميين خطفوا وسجنوا في أقبية الاستخبارات السورية قبل عقود وعادوا اليوم ليكونوا أبواقاً لمصالحها، مثل فتحي يكن الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية، وهاشم منقارة قائد جناح في "حركة التوحيد الإسلامي"، التي قاتلت الجيش السوري والاحزاب الموالية لدمشق في طرابلس مطلع الثمانينات من القرن الفائت.
نظام التصفيات والمذابح: لقد برع الرئيس حافظ الأسد في قتال خصومه وفي استيعابهم في آن، وتجنيدهم في مرحلة لاحقة، فجيشه قاتل أنصار "حركة التوحيد" في طرابلس موقعاً بهم مذبحة كبرى، فعاد بعض السجناء السابقين إلى العمل السياسي، موالين لسوريا. وهو الذي أوعز لحركة "أمل" الشيعية بتصفية حركة "المرابطون" السنية في بيروت بحجة تحالفها مع ياسر عرفات وعادت الاجهزة السورية اخيرا ترعى قيام بقايا "المرابطون" في وجه النائب سعد الحريري. حتى "حزب الله" الحليف الأوثق والأقوى كان في الثمانينات عدواً لدوداً لدمشق، وقد حثت حليفها نبيه بري آنذاك على تصفية هذا الحزب وكان ما يزال طري العود حتى لا تنافسه إيران على الإمساك بالورقة اللبنانية رغم التحالف بينهما، وسقط المئات من أبناء الطائفة الشيعية في حرب مميتة استمرت لسنوات قبل أن تنتهي ليصبح "حزب الله" في موقع ما كان بريئاً قبل ذلك.
والتناقض بين الخطاب والممارسة لدى النظام البعثي في سوريا، وصل إلى الذروة، منتصف الثمانينيات، فهذا النظام الذي يتاجر بالعروبة وقضية فلسطين رعى مذبحة الفلسطينيين في مخيمات لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تارة تحت ستار "فتح الانتفاضة"، حتى يقتل الفتحاويون الفتحاويين كرمى لعين حكام دمشق وتارة بحجة مكافحة "العرفاتية" التي تولتها حركة "أمل" في أماكن نفوذها، في بيروت والجنوب، فكانت الحصيلة أضعاف ما فعلته إسرائيل في اجتياح بيروت العام 1982، ثم كانت حرب الحلفاء في بيروت العام 1987 ذريعة لعودة الوحدات العسكرية السورية إلى العاصمة بدعوة من القوى البيروتية لتخليص المدينة من الدمار الذي أحدثه الحلفاء آنذاك.
الطائف: وحين بدأت اجتماعات الطائف للخروج من الحرب المدمرة، قبلت سوريا على مضض ببند الانسحاب إلى البقاع خلال سنتين لكنها عقدت العزم على نقضه في أول مناسبة وكان اجتياح العراق للكويت فقرر الأسد الأب المشاركة الرمزية في الحرب، مقابل إطلاق يده في لبنان وكان له ما أراد، فاجتاح الجيش السوري قصر بعبدا، مخرجاً منه ميشال عون ثم وضعت دمشق يدها على كل مقدرات لبنان لتعيد بناء مؤسساته كما تشتهي، ولتطبق اتفاق الطائف حسب قراءتها الخاصة.