شيركوه
08-21-2007, 09:56 PM
أحداثة تدور داخل الأتوبيس المكيف
الجنية الخامس فيلم يواجه ازدواجية المجتمع !
تـقـريـر : عـلا الشافـعـي
كان كل منهما يحمل حلمه الصغير بأن يضع اسمه علي أفيش فيلم سينمائي ـ لا يهم إذا كان طويلا أو قصيرا ـ الثقافة واحدة والأفكار دوما تتلاقي, والأحلام تسير في نفس الاتجاه.. وعلي المستوي الإنساني تجمعهما صداقة عميقة, من هنا التقي محمد حماد القاص وكاتب السيناريو الواحد, والمخرج أحمد خالد الذي كان مهموما أكثر بالفيديو آرت ومن خلال عملهما معا علي قصة قصيرة لمحمد حماد والنقود القليلة التي تمكنا من توفيرها أنجزا فيلمهما أو بالأحري حلمهما, والذي جاء يحمل عنوان الجنيه الخامس.
وهو الفيلم الذي أثار ضجة وجدلا واسع حين رفض كل من المركز الثقافي الفرنسي وساقية عبدالمنعم الصاوي عرضه ـ علي الرغم من أنهما يحتفيان بكل التجارب الشابة والمختلفة ـ وذلك بدعوي أن بطلة الفيلم محجبة, والتساؤل هل المحجبات شريحة ممنوع الاقتراب منها علي الرغم من أنهن حاليا يشكلن أكثر من%65 من النساء, إلا أن الضجة التي أثارها رفض عرض الفيلم حققت له فرصة عرض حقيقية ومناسبة في المركز الثقافي الروسي.. من خلال ملتقي الأفلام المستقلة الثالث والذي ينظم تحت إشراف شريف جادوهناء آرنست, ومن خلاله يتم الاحتفاء بكل التجارب الفنية المستقلة والمختلفة سواء في السينما الروائية القصيرة, أم الطويلة أم التسجيلية أم الفيديو آرت.
والسينما المستقلة هو مصطلح ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا.. و يعني كل الأفلام التي تنتج خارج النظام التجاري وقواعد سوق العرض المتعارف عليها.
تجربة الجنيه الخامس تستحق أن نتأملها ونقف بجانبها.. نظرا للظروف التي تم من خلالها إنتاج الفيلم والذي تصل مدته إلي14 دقيقة, وبلغت ميزانيته8 آلاف جنيه.. وإلي جانب تبرع العديد من العاملين في الفيلم بأجورهم, والمساعدات التي تلقاها صانعو الفيلم في المونتاج والصوت, يؤكد محمد حماد مؤلف الفيلم أن شركة سمات كانت قد عرضت عليه المشاركة في إنتاج الفيلم إلا أنهما رفضا حتي يقدما تجربتهما الأولي كما يرغبان.
الفيلم يدور بأكمله داخل أحد الأتوبيسات المكيفة حيث نري شابا وفتاة يختلسان دقائق لتبادل اللمسات والتقارب الجسدي بينهما طبقا للظروف التي تتاح لهما داخل الأتوبيس الذي نشرت عنه الكثير من التحقيقات الصحفية وبالتحيد عن التجاوزات التي تدور بداخله من جانب الفتيات والشباب.. الذين يجدون فيه الملجأ الوحيد والآمن بالنسبة لممارسة حقهم الإنساني.
ولم يعترض الكثيرون وقتها علي هذه التحقيقات باعتبارها واقعا حياتيا من المفترض أن نتعامل معه, والمفارقة أن الفيلم هو الآخر لم يقدم قضية تخدش الحياء.. بل تعامل مع هذا الواقع الذي نصر علي تجاهله, وكذلك يعرض ازدواجية أصبحنا جميعا نعيش في ظلها بل اتخذنا قرارا بالصمت نحوها.
وتكمن أهمية فيلم حماد وأحمد خالد في أنه يكشف هذا المستور.. بل ويتحداه ويضع أيدينا عليه ويجعلنا نفتح أعيننا علي الرغم منا.. ويحرك التساؤلات حول حال الشباب والواقع المرير الذي يعيشون فيه.
المشهد الافتتاحي للفيلم يبدأ مع شاب وفتاة محجبة يجلسان علي محطة الأتوبيس.. وصوت الشاب يروي لنا عن تجربته وعن نفسه وفتاته, واليوم الذي يلتقيان فيه ـ الجمعة من كل أسبوع ـ وتجربته المتكررة مع الأتوبيس المكيف, الذي اعتاده كمكان آمن للقاءات الحميمة.
يأتي الأتوبيس ليصعد الاثنان, وصوت القرآن في الخلفية, يقطعان تذكرتين بأربعة جنيهات والجنيه الخامس هو للسائق ثمن سكوته, النظرة التي يتبادلها مع السائق تفضح ذلك التواطؤ الذي اعتاده كل منهما.. واتخذناه نحن شعارا.
وبنفس حالة الارتباك واللهاث التي يعاني منها كل منهما تأتي الكاميرا في حركتها لاهثة تعبر عن الحالة النفسية لبطلنا, وبطلتنا التي تمثل طول الوقت البراءة وتتصنع عدم فهم الأشياء.
تفاصيل صغيرة حفل بها هذا الفيلم الجريء من النظرات المتبادلة بين الشاب والسائق, الشاب والفتاة, مرآة السائق التي تحمل دلالة درامية.. فهي تعري وتكشف الجميع لذلك يبتعد عنها الشاب, المسبحة التي تتدلي أمام السائق وتتمايل في إيقاع منضبط مع حركة الأتوبيس, الفيلم لا يحمل جملة حوار واحدة.. بل اكتفي صانعوه بالحكي والتعليق علي الحدث بلغة عربية معبرة جسدها صوت سامح سعيد الذي تمكن من التعبير عن الإنفعالات الدرامية للبطل وجاء معبرا تماما عن التفاصيل الدرامية المترابطة والمتنامية.
وفي مشهد متخيل يري بطلنا السائق في مكانه, والسائق نفسه يتخيل هذه الوضعية, الحجاب يسقط من علي رأس الفتاة, حبات العرق تتجمع علي جبين الشاب والسائق, علي الرغم من المسبحة وصوت القرآن فكل منهما غارق في حلمه.
الندوة التي أعقبت الفيلم كشفت الكثير من التناقضات التي يطرحها, خاصة عندما اندفعت إحدي المحجبات في الهجوم علي الفيلم فهو ضد الحجاب وضد الدين.
وعلق المخرج وكاتب السيناريو بأن الفيلم ليس ضد الدين ولا الحجاب أو المحجبات وكون البطلة محجبة فهي تعبر عن الشريحة الأكبر من الفتيات المصريات وهذا واقع.. أما صوت القرآن في الخلفية فمن منا لم يصعد وسيلة مواصلات صباحا ويوم الجمعة تحديدا ولا يستمع إلي صوت القرآن الكريم يتصاعد, وبغض النظر احتفي الحضور بالفيلم وكذلك الفنان محمود حميدة, الذي حرص علي الحضور لمتابعة التجارب الشابة الجديدة, والفيلم يحمل جرأة أصبحنا نفتقدها في إنتاجاتنا الروائية الطويلة
الجنية الخامس فيلم يواجه ازدواجية المجتمع !
تـقـريـر : عـلا الشافـعـي
كان كل منهما يحمل حلمه الصغير بأن يضع اسمه علي أفيش فيلم سينمائي ـ لا يهم إذا كان طويلا أو قصيرا ـ الثقافة واحدة والأفكار دوما تتلاقي, والأحلام تسير في نفس الاتجاه.. وعلي المستوي الإنساني تجمعهما صداقة عميقة, من هنا التقي محمد حماد القاص وكاتب السيناريو الواحد, والمخرج أحمد خالد الذي كان مهموما أكثر بالفيديو آرت ومن خلال عملهما معا علي قصة قصيرة لمحمد حماد والنقود القليلة التي تمكنا من توفيرها أنجزا فيلمهما أو بالأحري حلمهما, والذي جاء يحمل عنوان الجنيه الخامس.
وهو الفيلم الذي أثار ضجة وجدلا واسع حين رفض كل من المركز الثقافي الفرنسي وساقية عبدالمنعم الصاوي عرضه ـ علي الرغم من أنهما يحتفيان بكل التجارب الشابة والمختلفة ـ وذلك بدعوي أن بطلة الفيلم محجبة, والتساؤل هل المحجبات شريحة ممنوع الاقتراب منها علي الرغم من أنهن حاليا يشكلن أكثر من%65 من النساء, إلا أن الضجة التي أثارها رفض عرض الفيلم حققت له فرصة عرض حقيقية ومناسبة في المركز الثقافي الروسي.. من خلال ملتقي الأفلام المستقلة الثالث والذي ينظم تحت إشراف شريف جادوهناء آرنست, ومن خلاله يتم الاحتفاء بكل التجارب الفنية المستقلة والمختلفة سواء في السينما الروائية القصيرة, أم الطويلة أم التسجيلية أم الفيديو آرت.
والسينما المستقلة هو مصطلح ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا.. و يعني كل الأفلام التي تنتج خارج النظام التجاري وقواعد سوق العرض المتعارف عليها.
تجربة الجنيه الخامس تستحق أن نتأملها ونقف بجانبها.. نظرا للظروف التي تم من خلالها إنتاج الفيلم والذي تصل مدته إلي14 دقيقة, وبلغت ميزانيته8 آلاف جنيه.. وإلي جانب تبرع العديد من العاملين في الفيلم بأجورهم, والمساعدات التي تلقاها صانعو الفيلم في المونتاج والصوت, يؤكد محمد حماد مؤلف الفيلم أن شركة سمات كانت قد عرضت عليه المشاركة في إنتاج الفيلم إلا أنهما رفضا حتي يقدما تجربتهما الأولي كما يرغبان.
الفيلم يدور بأكمله داخل أحد الأتوبيسات المكيفة حيث نري شابا وفتاة يختلسان دقائق لتبادل اللمسات والتقارب الجسدي بينهما طبقا للظروف التي تتاح لهما داخل الأتوبيس الذي نشرت عنه الكثير من التحقيقات الصحفية وبالتحيد عن التجاوزات التي تدور بداخله من جانب الفتيات والشباب.. الذين يجدون فيه الملجأ الوحيد والآمن بالنسبة لممارسة حقهم الإنساني.
ولم يعترض الكثيرون وقتها علي هذه التحقيقات باعتبارها واقعا حياتيا من المفترض أن نتعامل معه, والمفارقة أن الفيلم هو الآخر لم يقدم قضية تخدش الحياء.. بل تعامل مع هذا الواقع الذي نصر علي تجاهله, وكذلك يعرض ازدواجية أصبحنا جميعا نعيش في ظلها بل اتخذنا قرارا بالصمت نحوها.
وتكمن أهمية فيلم حماد وأحمد خالد في أنه يكشف هذا المستور.. بل ويتحداه ويضع أيدينا عليه ويجعلنا نفتح أعيننا علي الرغم منا.. ويحرك التساؤلات حول حال الشباب والواقع المرير الذي يعيشون فيه.
المشهد الافتتاحي للفيلم يبدأ مع شاب وفتاة محجبة يجلسان علي محطة الأتوبيس.. وصوت الشاب يروي لنا عن تجربته وعن نفسه وفتاته, واليوم الذي يلتقيان فيه ـ الجمعة من كل أسبوع ـ وتجربته المتكررة مع الأتوبيس المكيف, الذي اعتاده كمكان آمن للقاءات الحميمة.
يأتي الأتوبيس ليصعد الاثنان, وصوت القرآن في الخلفية, يقطعان تذكرتين بأربعة جنيهات والجنيه الخامس هو للسائق ثمن سكوته, النظرة التي يتبادلها مع السائق تفضح ذلك التواطؤ الذي اعتاده كل منهما.. واتخذناه نحن شعارا.
وبنفس حالة الارتباك واللهاث التي يعاني منها كل منهما تأتي الكاميرا في حركتها لاهثة تعبر عن الحالة النفسية لبطلنا, وبطلتنا التي تمثل طول الوقت البراءة وتتصنع عدم فهم الأشياء.
تفاصيل صغيرة حفل بها هذا الفيلم الجريء من النظرات المتبادلة بين الشاب والسائق, الشاب والفتاة, مرآة السائق التي تحمل دلالة درامية.. فهي تعري وتكشف الجميع لذلك يبتعد عنها الشاب, المسبحة التي تتدلي أمام السائق وتتمايل في إيقاع منضبط مع حركة الأتوبيس, الفيلم لا يحمل جملة حوار واحدة.. بل اكتفي صانعوه بالحكي والتعليق علي الحدث بلغة عربية معبرة جسدها صوت سامح سعيد الذي تمكن من التعبير عن الإنفعالات الدرامية للبطل وجاء معبرا تماما عن التفاصيل الدرامية المترابطة والمتنامية.
وفي مشهد متخيل يري بطلنا السائق في مكانه, والسائق نفسه يتخيل هذه الوضعية, الحجاب يسقط من علي رأس الفتاة, حبات العرق تتجمع علي جبين الشاب والسائق, علي الرغم من المسبحة وصوت القرآن فكل منهما غارق في حلمه.
الندوة التي أعقبت الفيلم كشفت الكثير من التناقضات التي يطرحها, خاصة عندما اندفعت إحدي المحجبات في الهجوم علي الفيلم فهو ضد الحجاب وضد الدين.
وعلق المخرج وكاتب السيناريو بأن الفيلم ليس ضد الدين ولا الحجاب أو المحجبات وكون البطلة محجبة فهي تعبر عن الشريحة الأكبر من الفتيات المصريات وهذا واقع.. أما صوت القرآن في الخلفية فمن منا لم يصعد وسيلة مواصلات صباحا ويوم الجمعة تحديدا ولا يستمع إلي صوت القرآن الكريم يتصاعد, وبغض النظر احتفي الحضور بالفيلم وكذلك الفنان محمود حميدة, الذي حرص علي الحضور لمتابعة التجارب الشابة الجديدة, والفيلم يحمل جرأة أصبحنا نفتقدها في إنتاجاتنا الروائية الطويلة