من هناك
07-31-2007, 06:41 PM
في صباح كل جمعة كنت أرى كثيرا من الطلاب يخرجون أرسالا بثوب أبيض ومصحف وسواك ، ويسيرون في اتجاه واحد ، وكأن اليوم يوم دراسة لا يوم أجازة ، وما سألت ُ أحدا إلى أين ؟ إلا قال لمسجد التوحيد أو إلى ( فوزي السعيد ) .
كنت أستخف بالأمر وأعطف على من أراه ، وأقول في نفسي لو أراحوا أنفسهم من هذا العناء ؟
كان الخيال يرسم لي صورة أهل اللحى والثوب الأبيض وكأنهم يجلسون في الظل الظليل ويشربون الماء المعين ، ويبحثون عن النساء والبنين ،و يتفقهون في النفاس والحيض . أو غَلِقون .. متشنجون .. يكفرون ويبدعون ، وفي غير هذا لا يفقهون . وأقول : والمسلمون يذبحون في البوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والصومال وفلسطين ؟! ألا هدى الله السلفية والسلفيين .
كان الحديث عن فوزي السعيد أو مسجد التوحيد عاليا وفي كل مكان ، وذات يوم أخذني الفضول ، وذهبت إلى مسجد التوحيد في ( غمرة )[1] لأرى هذا الذي يُشدُّ إليه كل جمعة الرحال ، وتدور بذكره المجالس .
كان هو الخطيب يومها . وكانت الخطبة عن ( المَكر ) ـ التحايل ـ ، جلستُ منشغلا بحال الرجل ( فوزي السعيد ) . مُغضبٌ ، ثائرٌ ، كأنه مَوْتور جاء يستغيث ، قد احمرَّ وجهه ، كأنما فقئ حب الرمان فيه ، واشتد صوته حتى أشفقت على حنجرته ، ويقف على أطراف أصابعه طول الخطبة ( يشب من على المنبر ) ، كأنه منذر حرب . جريئ يتكلم وكأنْ لا رقيب . ومؤدب لا يخطئ .
انشغلت بحاله عن مقاله .
وقلت في نفسي : ليس هذا بالجبان المستكين ، الذي يبحث عن الظل الظليل ، والماء المعين ، والنساء والبنين .
أخَذَت الخطبة ساعة ونصف الساعة ، ونزل هذا الأسد الجسور من على منبره يتحدث ربع ساعة أخرى يكمل فيها الموضوع ، ووقف كثير من جمهوره الغفير ـ قدَّرته يومها بما يزيد على عشرة آلاف ـ ، دققت النظر في عينيه أستأنسُ . . رجاء أن أسلم عليه ، وما تجرأت ، وحين انتهى من كلمته ، أذاع دروسا تلقى طوال الأسبوع في المسجد ، بقيت قريبا منه أرقب أنفاسه وحركات عينيه .
انصرف الناس من حوله ، وحمل حذائه ومشى ، يُحدث نفرا أو نفرين بأشياء في المسجد .. افعلوا كذا .. وكذا .. ثم انصرف يمشي وحيدا .
ـ كنت أسمع أنهم ـ أي السلفيون ـ يحيطون بشيوخهم ، ويكادون يقتتلون عليهم ، وهذا يمشي وحيدا .
ـ أبيض اللون .. يَحْمَرُ حين يخطب . . مُلَّون العينين .. لحيته قبضة أو تزيد قليلا ، وأحسب أن قصرها من تجعدٍ أمسك بطولها ، طوله 170سم أو يزيد قليلا ، كأن جدّه من بخارى ، يبدوا عليه الإنهاك الشديد ـ علمت بعدها أنه مريض بالسكري والضغط ـ . ويحمل أوراقا ، ونظارتين إحداهما للقراءة والثانية للنظر ، يغير بينهما كثيرا وهو يخطب ، ولا يرتدي أيا منهما وهو يسير .
ـ تعلقت بهذا الرجل ، ولم تكن دراسة الصيدلة تسمح لي بالحضور يوميا إلى دروس المسجد ( الفقه ، والعقيدة ، والتاريخ ، والحديث والتفسير .. ) . وكذا الحالة المادية ، فقلت لألزمن هذا البطل يوم الأحد ، وكان درسه في العقيدة ، تركت الأدب والتاريخ وأمسكت في العقيدة حبا في ( فوزي السعيد ) ، وبقيت تحت قدميه أربعة أعوام ، أتعلم من حزمة وعزمه وحرصه الشديد على الخير قبل علمه ، أحضر الدرس وأحضر الخطبة ، وأرقب تفاصيل ما يحدث في المسجد ، وما كنت أتكلم لأحد في المسجد بأي كلام . وإن وجدت فسحة من مال ووقت أتيت لدرس آخر بما يتيسر وقتها حبا في مجالس العلم .
ـ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد قصة غيَّرت في مجرى التاريخ الفكري ( الدعوي ) في مصر ، شاء من شاء وأبى من أبى . ولن يمحوها إرهاب الدولة لكل من انتسب لمسجد التوحيد أو ( فوزي السعيد ) . أو تسلط بعض المغرضين الحاقدين .
ـ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد قصة . وددنا لو أنها تكررت هنا أو هناك ،فالملاحظ في العمل الدعوي أنه فرديٌ ، الشيخ وحده في المسجد ، والمشاريع فردية ، وأغلبها مكررة ، يقيم أحدهم موقعا ـ إلكترونيا ـ فيقلده الباقون . ويخطب أحدهم في موضوع ويردد الباقون ، أما مسجد التوحيد فعدد من الشيوخ ، ومِنْ عِلية القوم ، وعدد من المساجد يديرها مسجد التوحيد في غمرة ـ أو فوزي السعيد من غمرة ـ .
واسمع :
خطباء الجمعة في المسجد الشيخ فوزي السعيد ، والشيخ نشأت أحمد ـ وقل عنه مثل ما يقال عن الشيخ فوزي وإن شئت فزد ـ والشيخ محمد حسان ـ وهو غني عن التعريف ـ والشيخ جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ الإسلامي ـ وكان يتخلف كثيرا ـ ، ويحضر بعض الأخيار من فترة لأخرى . وفي المسجد يحاضر ، الشيخ الدكتور / محمد عبد المقصود ، والشيخ الدكتور سيد العربي ، والشيخ الدكتور / جمال عبد الهادي ، والشيخ / أبو الأشبال ، وجاء في الأخير الفاضل الماجد الشيخ / محمد عبد الحميد حبسه ( أبو معاذ ) ـ حفظه الله من كل سوء ـ .
ـ ولم يكن المسجد ، فقط للعلم وللتعلم ، بل كان لـ ( الحض على إطعام المساكين ) . والحضُّ على إطعام المساكين مشروع لإطعام المساكين ، إذ يكفل المسجد ما يزيد على خمسة آلاف فرد ـ هذا قبل أن أنقطع عن المسجد ويقينا زاد العدد بعد ذلك ـ ، والمسجد يطبع بعض الكتب بسعر التكلفة ، والمسجد يقيم محاضرات في الإعجاز العلمي ويستخدم وسائل متطورة في عرضها . والمسجد يقام أمامه كل جمعة وكل يوم بعد الدرس سوقٌ للكتب والأشرطة الإسلامية بل والملابس التي تعارف الناس على أنها ملابس شرعية للمرأة . والمسجد يسير في طرحه للقضايا هو والمساجد التي تتبعه في خطط مدروسة لا تخطئها عين . ويكاد يذهب بعقلك حسن التدبير والإفادة من كل ممكن في أيديهم . وحسن العشرة بينهم .
ـ ما عرفنا الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ والشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ، والشيخ بكر أبو زيد ، والشيخ سفر الحوالي ، والشيخ ناصر العمر ، وسلمان العودة ، والشيخ عائض القرني ، وعبد الوهاب الطريري ، إلا من الشيخ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد .
ـ كل هذا والقيم على المسجد ـ الشيخ فوزي السعيد ـ مهندس يعمل طول يومه ، وربُّ أسرة ، ومريض يكاد يقتله السكري وضغط الدم المرتفع ، فأي همة هذه ؟ وأي نفس هذه التي بين جنبي هذا الشيخ ؟
ـ تحدث الشيخ / سيِّد العربي ذات يوم ـ في دروس الإرجاء ، فقال : أحسب أن الشيخ فوزي لو وجد شيئا في الطريق ينتفع به الناس هنا في المسجد لحمله على ظهره وأتى به إليهم من شدة حرصه على الخير .
قلتُ : لحمل الثقيل على الظهر أيسر مما كان يفعل الشيخ ، قد كان يُعرِّضُ ظهره لسياط الجلادين وفِعال المجرمين كي يصل الحق للناس .
ـ جلستُ أمام كثيرين ، ولم أجد أحدا همه الأول الدعوة وليس رصيده الدعوي كالشيخ فوزي السعيد . يقول احضروا للشيخ فلان فهو والله خير مني ، ويوم الجمعة يأتيكم الشيخ فلان فلا تفوتوا الخطبة ، وإني ذاهب إلى مسجد السادس من أكتوبر فلا تأتوا خلفي فلن تستفيدوا كثيرا فالخطبة هناك تُعنى بالمبتدئين .
ـ قضية الشيخ فوزي السعيد الأولى هي الأسماء والصفات ... أسماء الله وصفاته ، وأعمال القلوب ، وأمراض الأمة ، والسنن الربانية ، وله في ذلك طرح علمي لم أجده لغيره ، واتصلت به من فترة أطمئن على حاله ، فإذا به يقول فتح الله علي بأشياء في الأسماء والصفات لم أسمع أحدا تكلم بها من قبل ، ولم أكن أعلمها من قبل .
فقلتُ ـ في نفسي ـ : ربك مطلع على القلوب يعطي الخير لأوليائه . فهنيئا أبا أيمن .
ألا مثلُ أبي أيمن وإلا فلا .
ألا مثل مسجد التوحيد وإلا فلا !
موقف من مواقف !
ذات يوم ركبت ( ميكروباص ) من ميدان رمسيس متجها للشمال ـ حيث بلدي التي أعيش فيها ـ وجلس بجواري عجوز ، فرحٌُ مسرورٌ ، يلتفت يمنة ويسرة من فرحه ، وأحسست أنه يريد الحديث مع أحد من شدة فرحه ، فكففت مصحفي وتكلمت إليه فإذا به قادم من محافظة البحيرة ( في شمال مصر .. يمر من بين ثلاثين مليون تقريبا ) كي يسمع الشيخ فوزي في القاهرة ، وإذا بالميكروباس ستة أفراد على الأقل هذا حالهم .
يحبونك أبا أيمن ، ويقطعون مئات الكيلومترات كي يسمعونك ، ويهشون ويبشون فرحا بحديثك .
أبا أيمن !
اشتد حسّادك ، والله لا يصلح عمل المفسدين .
سكتوا عنك ، وكأنهم لا يعرفوك ، وكأن القاهرة كلها ـ بل مصر كلها ـ لم تكن تذكرك فرحا أو حقدا وحسدا .
جلس إليها الخبيث يوسوس لها وتسلط عليها الجبان ، فشدوا وثاقها وأحكموا أُسارها .
ولم تنساك ...
تحدث عنك بالسرّ خالية ...
ولن تنساك .
فغدا يفكُ أسارها ، وتجلس بين أبنائها تحدثهم بأيامك وتحكي لصبيانها أفعالك ، فنم قرير العين يا بطل .
حفظك الله أبا أيمن . . وأجزل الله مثوبتك . . وأحسن الله خاتمتي وخاتمتك .
--------------------------------
[1] حي من أحياء القاهرة
مثلُ هذا وإلا فلا !
كنت أستخف بالأمر وأعطف على من أراه ، وأقول في نفسي لو أراحوا أنفسهم من هذا العناء ؟
كان الخيال يرسم لي صورة أهل اللحى والثوب الأبيض وكأنهم يجلسون في الظل الظليل ويشربون الماء المعين ، ويبحثون عن النساء والبنين ،و يتفقهون في النفاس والحيض . أو غَلِقون .. متشنجون .. يكفرون ويبدعون ، وفي غير هذا لا يفقهون . وأقول : والمسلمون يذبحون في البوسنة والهرسك والشيشان وأفغانستان والصومال وفلسطين ؟! ألا هدى الله السلفية والسلفيين .
كان الحديث عن فوزي السعيد أو مسجد التوحيد عاليا وفي كل مكان ، وذات يوم أخذني الفضول ، وذهبت إلى مسجد التوحيد في ( غمرة )[1] لأرى هذا الذي يُشدُّ إليه كل جمعة الرحال ، وتدور بذكره المجالس .
كان هو الخطيب يومها . وكانت الخطبة عن ( المَكر ) ـ التحايل ـ ، جلستُ منشغلا بحال الرجل ( فوزي السعيد ) . مُغضبٌ ، ثائرٌ ، كأنه مَوْتور جاء يستغيث ، قد احمرَّ وجهه ، كأنما فقئ حب الرمان فيه ، واشتد صوته حتى أشفقت على حنجرته ، ويقف على أطراف أصابعه طول الخطبة ( يشب من على المنبر ) ، كأنه منذر حرب . جريئ يتكلم وكأنْ لا رقيب . ومؤدب لا يخطئ .
انشغلت بحاله عن مقاله .
وقلت في نفسي : ليس هذا بالجبان المستكين ، الذي يبحث عن الظل الظليل ، والماء المعين ، والنساء والبنين .
أخَذَت الخطبة ساعة ونصف الساعة ، ونزل هذا الأسد الجسور من على منبره يتحدث ربع ساعة أخرى يكمل فيها الموضوع ، ووقف كثير من جمهوره الغفير ـ قدَّرته يومها بما يزيد على عشرة آلاف ـ ، دققت النظر في عينيه أستأنسُ . . رجاء أن أسلم عليه ، وما تجرأت ، وحين انتهى من كلمته ، أذاع دروسا تلقى طوال الأسبوع في المسجد ، بقيت قريبا منه أرقب أنفاسه وحركات عينيه .
انصرف الناس من حوله ، وحمل حذائه ومشى ، يُحدث نفرا أو نفرين بأشياء في المسجد .. افعلوا كذا .. وكذا .. ثم انصرف يمشي وحيدا .
ـ كنت أسمع أنهم ـ أي السلفيون ـ يحيطون بشيوخهم ، ويكادون يقتتلون عليهم ، وهذا يمشي وحيدا .
ـ أبيض اللون .. يَحْمَرُ حين يخطب . . مُلَّون العينين .. لحيته قبضة أو تزيد قليلا ، وأحسب أن قصرها من تجعدٍ أمسك بطولها ، طوله 170سم أو يزيد قليلا ، كأن جدّه من بخارى ، يبدوا عليه الإنهاك الشديد ـ علمت بعدها أنه مريض بالسكري والضغط ـ . ويحمل أوراقا ، ونظارتين إحداهما للقراءة والثانية للنظر ، يغير بينهما كثيرا وهو يخطب ، ولا يرتدي أيا منهما وهو يسير .
ـ تعلقت بهذا الرجل ، ولم تكن دراسة الصيدلة تسمح لي بالحضور يوميا إلى دروس المسجد ( الفقه ، والعقيدة ، والتاريخ ، والحديث والتفسير .. ) . وكذا الحالة المادية ، فقلت لألزمن هذا البطل يوم الأحد ، وكان درسه في العقيدة ، تركت الأدب والتاريخ وأمسكت في العقيدة حبا في ( فوزي السعيد ) ، وبقيت تحت قدميه أربعة أعوام ، أتعلم من حزمة وعزمه وحرصه الشديد على الخير قبل علمه ، أحضر الدرس وأحضر الخطبة ، وأرقب تفاصيل ما يحدث في المسجد ، وما كنت أتكلم لأحد في المسجد بأي كلام . وإن وجدت فسحة من مال ووقت أتيت لدرس آخر بما يتيسر وقتها حبا في مجالس العلم .
ـ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد قصة غيَّرت في مجرى التاريخ الفكري ( الدعوي ) في مصر ، شاء من شاء وأبى من أبى . ولن يمحوها إرهاب الدولة لكل من انتسب لمسجد التوحيد أو ( فوزي السعيد ) . أو تسلط بعض المغرضين الحاقدين .
ـ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد قصة . وددنا لو أنها تكررت هنا أو هناك ،فالملاحظ في العمل الدعوي أنه فرديٌ ، الشيخ وحده في المسجد ، والمشاريع فردية ، وأغلبها مكررة ، يقيم أحدهم موقعا ـ إلكترونيا ـ فيقلده الباقون . ويخطب أحدهم في موضوع ويردد الباقون ، أما مسجد التوحيد فعدد من الشيوخ ، ومِنْ عِلية القوم ، وعدد من المساجد يديرها مسجد التوحيد في غمرة ـ أو فوزي السعيد من غمرة ـ .
واسمع :
خطباء الجمعة في المسجد الشيخ فوزي السعيد ، والشيخ نشأت أحمد ـ وقل عنه مثل ما يقال عن الشيخ فوزي وإن شئت فزد ـ والشيخ محمد حسان ـ وهو غني عن التعريف ـ والشيخ جمال عبد الهادي أستاذ التاريخ الإسلامي ـ وكان يتخلف كثيرا ـ ، ويحضر بعض الأخيار من فترة لأخرى . وفي المسجد يحاضر ، الشيخ الدكتور / محمد عبد المقصود ، والشيخ الدكتور سيد العربي ، والشيخ الدكتور / جمال عبد الهادي ، والشيخ / أبو الأشبال ، وجاء في الأخير الفاضل الماجد الشيخ / محمد عبد الحميد حبسه ( أبو معاذ ) ـ حفظه الله من كل سوء ـ .
ـ ولم يكن المسجد ، فقط للعلم وللتعلم ، بل كان لـ ( الحض على إطعام المساكين ) . والحضُّ على إطعام المساكين مشروع لإطعام المساكين ، إذ يكفل المسجد ما يزيد على خمسة آلاف فرد ـ هذا قبل أن أنقطع عن المسجد ويقينا زاد العدد بعد ذلك ـ ، والمسجد يطبع بعض الكتب بسعر التكلفة ، والمسجد يقيم محاضرات في الإعجاز العلمي ويستخدم وسائل متطورة في عرضها . والمسجد يقام أمامه كل جمعة وكل يوم بعد الدرس سوقٌ للكتب والأشرطة الإسلامية بل والملابس التي تعارف الناس على أنها ملابس شرعية للمرأة . والمسجد يسير في طرحه للقضايا هو والمساجد التي تتبعه في خطط مدروسة لا تخطئها عين . ويكاد يذهب بعقلك حسن التدبير والإفادة من كل ممكن في أيديهم . وحسن العشرة بينهم .
ـ ما عرفنا الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ والشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ، والشيخ بكر أبو زيد ، والشيخ سفر الحوالي ، والشيخ ناصر العمر ، وسلمان العودة ، والشيخ عائض القرني ، وعبد الوهاب الطريري ، إلا من الشيخ فوزي السعيد أو مسجد التوحيد .
ـ كل هذا والقيم على المسجد ـ الشيخ فوزي السعيد ـ مهندس يعمل طول يومه ، وربُّ أسرة ، ومريض يكاد يقتله السكري وضغط الدم المرتفع ، فأي همة هذه ؟ وأي نفس هذه التي بين جنبي هذا الشيخ ؟
ـ تحدث الشيخ / سيِّد العربي ذات يوم ـ في دروس الإرجاء ، فقال : أحسب أن الشيخ فوزي لو وجد شيئا في الطريق ينتفع به الناس هنا في المسجد لحمله على ظهره وأتى به إليهم من شدة حرصه على الخير .
قلتُ : لحمل الثقيل على الظهر أيسر مما كان يفعل الشيخ ، قد كان يُعرِّضُ ظهره لسياط الجلادين وفِعال المجرمين كي يصل الحق للناس .
ـ جلستُ أمام كثيرين ، ولم أجد أحدا همه الأول الدعوة وليس رصيده الدعوي كالشيخ فوزي السعيد . يقول احضروا للشيخ فلان فهو والله خير مني ، ويوم الجمعة يأتيكم الشيخ فلان فلا تفوتوا الخطبة ، وإني ذاهب إلى مسجد السادس من أكتوبر فلا تأتوا خلفي فلن تستفيدوا كثيرا فالخطبة هناك تُعنى بالمبتدئين .
ـ قضية الشيخ فوزي السعيد الأولى هي الأسماء والصفات ... أسماء الله وصفاته ، وأعمال القلوب ، وأمراض الأمة ، والسنن الربانية ، وله في ذلك طرح علمي لم أجده لغيره ، واتصلت به من فترة أطمئن على حاله ، فإذا به يقول فتح الله علي بأشياء في الأسماء والصفات لم أسمع أحدا تكلم بها من قبل ، ولم أكن أعلمها من قبل .
فقلتُ ـ في نفسي ـ : ربك مطلع على القلوب يعطي الخير لأوليائه . فهنيئا أبا أيمن .
ألا مثلُ أبي أيمن وإلا فلا .
ألا مثل مسجد التوحيد وإلا فلا !
موقف من مواقف !
ذات يوم ركبت ( ميكروباص ) من ميدان رمسيس متجها للشمال ـ حيث بلدي التي أعيش فيها ـ وجلس بجواري عجوز ، فرحٌُ مسرورٌ ، يلتفت يمنة ويسرة من فرحه ، وأحسست أنه يريد الحديث مع أحد من شدة فرحه ، فكففت مصحفي وتكلمت إليه فإذا به قادم من محافظة البحيرة ( في شمال مصر .. يمر من بين ثلاثين مليون تقريبا ) كي يسمع الشيخ فوزي في القاهرة ، وإذا بالميكروباس ستة أفراد على الأقل هذا حالهم .
يحبونك أبا أيمن ، ويقطعون مئات الكيلومترات كي يسمعونك ، ويهشون ويبشون فرحا بحديثك .
أبا أيمن !
اشتد حسّادك ، والله لا يصلح عمل المفسدين .
سكتوا عنك ، وكأنهم لا يعرفوك ، وكأن القاهرة كلها ـ بل مصر كلها ـ لم تكن تذكرك فرحا أو حقدا وحسدا .
جلس إليها الخبيث يوسوس لها وتسلط عليها الجبان ، فشدوا وثاقها وأحكموا أُسارها .
ولم تنساك ...
تحدث عنك بالسرّ خالية ...
ولن تنساك .
فغدا يفكُ أسارها ، وتجلس بين أبنائها تحدثهم بأيامك وتحكي لصبيانها أفعالك ، فنم قرير العين يا بطل .
حفظك الله أبا أيمن . . وأجزل الله مثوبتك . . وأحسن الله خاتمتي وخاتمتك .
--------------------------------
[1] حي من أحياء القاهرة
مثلُ هذا وإلا فلا !