farahfarah
07-30-2007, 07:36 PM
ملكة قلبي..
تمشي بخطى ثابتة, تسرع الخطى, هي تعرف وجهتها تماما.. من أين أتى كل هؤلاء البشر؟ بالكاد تستطيع المشي ! لماذا كل هذه الزحمة؟...السوق يضج بالناس, أصوات أبواق السيارات المرتفعة, أصوات الباعة ينادون على بضاعتهم, الحر القاتل, هي تمشي بينهم غير أنها في عالم أخر تماما... كانت فقط ماضية نحو وجهتها...
............................
ضجّ منزلهم بالزحمة في ذلك اليوم , مظاهر الفرح تبدو على الجميع , الكل منهمك فقد بدأ الناس بالتوافد لحضور الزفاف , تدخل العروس بفستانها الأبيض , تبتسم في وجوه الحاضرين , تلتقط بعض الصور , ترحب بصديقاتها ثم تتوجه صوب "البرزة" ذلك الكرسي المخصص لها لتقبع عليه تبتسم في وجوه الناس لساعتين قادمتين على الأقل... ها قد وصل! قالت في نفسها عندما تعالت أصوات أبواق السيارات.. كانت أطول لحظات في حياتها تلك التي مرت بين نزوله من السيارة الفخمة المزينة حتى وصوله إليها... من هو ؟ لماذا يلبس هذا الزي الأنيق؟ لماذا كل هؤلاء الناس حولها؟ هل فعلا ستعيش معه تحت سقف واحد؟هل فعلا ستتزوجه؟ هل ... و قبل أن تستغرق في تساؤلاتها تذكرت وصية والدتها بمواصلة الابتسام محاشاة لكلام النساء الثرثارات , فتفرج عن أسنانها بابتسامة ناعمة و تقف لاستقباله..
لم تكن قد أنهت دراستها الثانوية بعد حين أعلن والدها أن الزوج المناسب قد حضر.. هي كانت تحب أن تؤجل خطبتها حتى تحوز الشهادة الثانوية على الأقل , و لكن "النصيب" أتى قبل ذلك , فلتضرب بالشهادة عرض الحائط.. هي كسائر الزيجات المدبرة سوى انه كان من العائلة, رأته, كلمته, لم تشعر بخفقان القلب عند رؤيته, لم تشعر بالومضة, لم تشعر بشرارة الحب... و لكنّ والدتها قالت إن الحب يأتي مع الزمن و والدها قال إن الشاب مناسب و خالتها قالت أنت في عمر الزواج و عمتها قالت ا ن أهله طيبون و الجارة قالت انه يملك بيتا و عملا ! و أدلى كل من حولها برأيهم إلا هي... أرادت أن تصمّ أذنيها وتصرخ فيهم: أنا أريد أن اشعر نحوه بشيء جميل على الأقل, لا أقول حبا و لكن مجرد قبول! الشباب المناسبون كثر! أحوز الشهادة و أتزوج! مالي و لأهله, هل سأتزوج أهله؟! الرزق على الله يا جماعة! .. تستجمع قواها و توشك أن تقول لهم ما خطر ببالها غير أنها تجد أن الجميع قد انصرف ليتركها وحيدة, تائهة, أسيرة أفكارها....
هي لم توافق بعد على الخطبة و لكن اليوم موعد زفافها هذا ما تعرفه فقط..
دخلت عش الزوجية, و توالى المهنئون, الأهل و الأصدقاء و الجيران... ثم خلى البيت إلا منها و منه ... كانت حاملا عرفت ذلك فورا! فهي مرهفة الشعور فكيف لا تشعر بروح تولد في أحشائها ؟ إنها فتاة و سأسميها ملك لأنها ملكت قلبي قبل أن تراها عيناي...
.......................
وصلت إلى غايتها, دخلت المحل ثم ما لبثت أن خرجت منه و ابتسامة يعتصرها الألم ترتسم على شفتيها. عادت تمشي مسرعة الخطى تائهة بين الجموع...
......................
هي لا تذكر متى بدأت خلافاتها مع زوجها و لكن تتذكر تماما سببها... كل ما في الأمر أنها لم تكن تعيش حياتها بل حياة الآخرين ! كان أهل زوجها يقررون ماذا تأكل و ماذا تلبس و متى تتنزه ! حتى بيتها كانوا يدخلونه في غيابها... لطالما افتقدت أشياء من منزلها , حتى ثيابها لم تجد بعضها! الزهرة أمام باب المنزل اختفت!... و لكنها صبرت و قالت محنة وتمضي و لا بد لزوجي أن يضع حدا لهذه المهزلة, سأكلمه غدا صباحا... انتهزت الفرصة المناسبة و فاتحته بالموضوع ... تعالت الأصوات, تشاجرا, ثم سمعت باب المنزل يطبق بقوة..
توالت الأحداث منذ ذلك اليوم, كل شيء تغير.. هي واثقة من انه اخبر أهله فهذه عادته, و هي واثقة أيضا بأنهم حشوا رأسه بأفكار سيئة عنها و اتهموها بأنها تحاول التفريق بين الإخوة, هي تتوقع تصرفاتهم فقد أضحت تعرفهم... لقد تغير.. لم يعد كما عهدته ... كانت المشاجرات تزيد كلما تقدمت ملك في السن , هي الآن تمشي و تنطق أولى كلماتها"ماما" كم تذيبها هذه الكلمة !.. لماذا لم يعد يحترمها؟ تتساءل كل ليلة , جفاها النوم و هي تبحث عن حل ... لم تعد تستطيع أن تحتمل شعورها بالذل و المهانة.. هي إنسانة حرة فلم يعاملها كجارية؟ يهينها في النهار و ينعتها بأبشع الألفاظ ثم يأتي في أخر الليل ليقول لها احبك!.. سألته في صباح ذلك اليوم : هل ما زلت تحبني؟ فأجابها : يا حمقاء و هل يحب رجل زوجته؟!...
لا بد انه تنافر في الطباع لم تكتشفه في الخطبة.. بلى لقد تذكرت , عندما كانت مخطوبة حدث أن بكت مرات و مرات من تصرف ارعن قام به معها و قررت أن تتركه و لكن... والدتها قالت: كل إنسان لا يخلو من العيوب..و خالتها قالت: لا بد أن تصبري عليه, سيتغير...و عمتها قالت: يا ابنتي, ماذا سيقول الناس ؟ ... لماذا يدلون بآرائهم قبل أن يسألهم احد ؟.. آه , يا ريتها ما خضعت لهم ..
لم تعد تحتمل, سوف تطلب الطلاق! تدخّل كبار العائلة و وجدوا أنها تتوهم و أن زوجها مظلوم!.. و لكنها هذه المرة لن تركن لرأي أحد..ستفعل ما تريده هي ! أخطأت عندما جعلت الآخرين يقررون لها حياتها .. لن تعيد الغلطة! و لا تريد أن تستمر بها...
تصرفاته تنم عن كره دفين.. أين كان يخبئ كل هذا الحقد؟ هل هذا هو حقا من تزوجته؟ شروطه قاسية.. قاسية جدا.. هي لا تعبأ بالمال ستتخلى عن كل شيء إلا ابنتها , مستحيل أن يحرمها منها , لم تبلغ منه القسوة ذلك الحد...
كرهته, حقدت عليه, لن تحتمل رؤية وجهه!.. لن يطلقها إلا إن تخلت عن ابنتها... يا له من مجرم ! يحرمني من ملك ؟ آه , آه يا لقسوته!
تذكر ذلك اليوم جيدا, تذكر كل لحظة فيه..يتفحص القاضي الأوراق و يستغرب من هذه الورقة: ورقة غرامة بمئة مليون ليرة لبنانية موثقة عند كاتب العدل لو طالبت بابنتها! ينظر إليها و يسألها: ألا يوجد مجال للإصلاح ؟ قالت أبدا ... مضت الأوراق, و مضت في طريقها...
..............................
زرتها في ذلك اليوم, كانت تلك النظرة الحزينة في عينيها لا تفارقها..
_كنت في السوق اليوم, كان مزدحما جدا..
_ نعم , فاليوم أول الشهر..
_ أتعلمين أني نسيت تماما , لقد فقدت الإحساس بالزمن.. اشتريت شيئاً..
و أشارت إلى عنقها, كانت تتدلى منه قلادة ذهبية, لم أتمالك سوى أن أذرف دمعتين.. كان اسم ابنتها منقوشاً بالذهب..
_أريد أن يبقى اسمها معي أينما ذهبت, لم يبق لي سوى اسمها و بعض الذكريات.. أتعلمين ؟
_...؟
_ كبار العائلة كانوا عندنا اليوم.. تصوري ! بعد كل الذل و المهانة التي عاملني بهما يقول انه يحبني!!! و انه يريد إرجاعي...
_إن كنت تريدين ابنتك, فابحثي الموضوع..
_أنا أحب ابنتي, لكني امقت الذل أكثر...
تمشي بخطى ثابتة, تسرع الخطى, هي تعرف وجهتها تماما.. من أين أتى كل هؤلاء البشر؟ بالكاد تستطيع المشي ! لماذا كل هذه الزحمة؟...السوق يضج بالناس, أصوات أبواق السيارات المرتفعة, أصوات الباعة ينادون على بضاعتهم, الحر القاتل, هي تمشي بينهم غير أنها في عالم أخر تماما... كانت فقط ماضية نحو وجهتها...
............................
ضجّ منزلهم بالزحمة في ذلك اليوم , مظاهر الفرح تبدو على الجميع , الكل منهمك فقد بدأ الناس بالتوافد لحضور الزفاف , تدخل العروس بفستانها الأبيض , تبتسم في وجوه الحاضرين , تلتقط بعض الصور , ترحب بصديقاتها ثم تتوجه صوب "البرزة" ذلك الكرسي المخصص لها لتقبع عليه تبتسم في وجوه الناس لساعتين قادمتين على الأقل... ها قد وصل! قالت في نفسها عندما تعالت أصوات أبواق السيارات.. كانت أطول لحظات في حياتها تلك التي مرت بين نزوله من السيارة الفخمة المزينة حتى وصوله إليها... من هو ؟ لماذا يلبس هذا الزي الأنيق؟ لماذا كل هؤلاء الناس حولها؟ هل فعلا ستعيش معه تحت سقف واحد؟هل فعلا ستتزوجه؟ هل ... و قبل أن تستغرق في تساؤلاتها تذكرت وصية والدتها بمواصلة الابتسام محاشاة لكلام النساء الثرثارات , فتفرج عن أسنانها بابتسامة ناعمة و تقف لاستقباله..
لم تكن قد أنهت دراستها الثانوية بعد حين أعلن والدها أن الزوج المناسب قد حضر.. هي كانت تحب أن تؤجل خطبتها حتى تحوز الشهادة الثانوية على الأقل , و لكن "النصيب" أتى قبل ذلك , فلتضرب بالشهادة عرض الحائط.. هي كسائر الزيجات المدبرة سوى انه كان من العائلة, رأته, كلمته, لم تشعر بخفقان القلب عند رؤيته, لم تشعر بالومضة, لم تشعر بشرارة الحب... و لكنّ والدتها قالت إن الحب يأتي مع الزمن و والدها قال إن الشاب مناسب و خالتها قالت أنت في عمر الزواج و عمتها قالت ا ن أهله طيبون و الجارة قالت انه يملك بيتا و عملا ! و أدلى كل من حولها برأيهم إلا هي... أرادت أن تصمّ أذنيها وتصرخ فيهم: أنا أريد أن اشعر نحوه بشيء جميل على الأقل, لا أقول حبا و لكن مجرد قبول! الشباب المناسبون كثر! أحوز الشهادة و أتزوج! مالي و لأهله, هل سأتزوج أهله؟! الرزق على الله يا جماعة! .. تستجمع قواها و توشك أن تقول لهم ما خطر ببالها غير أنها تجد أن الجميع قد انصرف ليتركها وحيدة, تائهة, أسيرة أفكارها....
هي لم توافق بعد على الخطبة و لكن اليوم موعد زفافها هذا ما تعرفه فقط..
دخلت عش الزوجية, و توالى المهنئون, الأهل و الأصدقاء و الجيران... ثم خلى البيت إلا منها و منه ... كانت حاملا عرفت ذلك فورا! فهي مرهفة الشعور فكيف لا تشعر بروح تولد في أحشائها ؟ إنها فتاة و سأسميها ملك لأنها ملكت قلبي قبل أن تراها عيناي...
.......................
وصلت إلى غايتها, دخلت المحل ثم ما لبثت أن خرجت منه و ابتسامة يعتصرها الألم ترتسم على شفتيها. عادت تمشي مسرعة الخطى تائهة بين الجموع...
......................
هي لا تذكر متى بدأت خلافاتها مع زوجها و لكن تتذكر تماما سببها... كل ما في الأمر أنها لم تكن تعيش حياتها بل حياة الآخرين ! كان أهل زوجها يقررون ماذا تأكل و ماذا تلبس و متى تتنزه ! حتى بيتها كانوا يدخلونه في غيابها... لطالما افتقدت أشياء من منزلها , حتى ثيابها لم تجد بعضها! الزهرة أمام باب المنزل اختفت!... و لكنها صبرت و قالت محنة وتمضي و لا بد لزوجي أن يضع حدا لهذه المهزلة, سأكلمه غدا صباحا... انتهزت الفرصة المناسبة و فاتحته بالموضوع ... تعالت الأصوات, تشاجرا, ثم سمعت باب المنزل يطبق بقوة..
توالت الأحداث منذ ذلك اليوم, كل شيء تغير.. هي واثقة من انه اخبر أهله فهذه عادته, و هي واثقة أيضا بأنهم حشوا رأسه بأفكار سيئة عنها و اتهموها بأنها تحاول التفريق بين الإخوة, هي تتوقع تصرفاتهم فقد أضحت تعرفهم... لقد تغير.. لم يعد كما عهدته ... كانت المشاجرات تزيد كلما تقدمت ملك في السن , هي الآن تمشي و تنطق أولى كلماتها"ماما" كم تذيبها هذه الكلمة !.. لماذا لم يعد يحترمها؟ تتساءل كل ليلة , جفاها النوم و هي تبحث عن حل ... لم تعد تستطيع أن تحتمل شعورها بالذل و المهانة.. هي إنسانة حرة فلم يعاملها كجارية؟ يهينها في النهار و ينعتها بأبشع الألفاظ ثم يأتي في أخر الليل ليقول لها احبك!.. سألته في صباح ذلك اليوم : هل ما زلت تحبني؟ فأجابها : يا حمقاء و هل يحب رجل زوجته؟!...
لا بد انه تنافر في الطباع لم تكتشفه في الخطبة.. بلى لقد تذكرت , عندما كانت مخطوبة حدث أن بكت مرات و مرات من تصرف ارعن قام به معها و قررت أن تتركه و لكن... والدتها قالت: كل إنسان لا يخلو من العيوب..و خالتها قالت: لا بد أن تصبري عليه, سيتغير...و عمتها قالت: يا ابنتي, ماذا سيقول الناس ؟ ... لماذا يدلون بآرائهم قبل أن يسألهم احد ؟.. آه , يا ريتها ما خضعت لهم ..
لم تعد تحتمل, سوف تطلب الطلاق! تدخّل كبار العائلة و وجدوا أنها تتوهم و أن زوجها مظلوم!.. و لكنها هذه المرة لن تركن لرأي أحد..ستفعل ما تريده هي ! أخطأت عندما جعلت الآخرين يقررون لها حياتها .. لن تعيد الغلطة! و لا تريد أن تستمر بها...
تصرفاته تنم عن كره دفين.. أين كان يخبئ كل هذا الحقد؟ هل هذا هو حقا من تزوجته؟ شروطه قاسية.. قاسية جدا.. هي لا تعبأ بالمال ستتخلى عن كل شيء إلا ابنتها , مستحيل أن يحرمها منها , لم تبلغ منه القسوة ذلك الحد...
كرهته, حقدت عليه, لن تحتمل رؤية وجهه!.. لن يطلقها إلا إن تخلت عن ابنتها... يا له من مجرم ! يحرمني من ملك ؟ آه , آه يا لقسوته!
تذكر ذلك اليوم جيدا, تذكر كل لحظة فيه..يتفحص القاضي الأوراق و يستغرب من هذه الورقة: ورقة غرامة بمئة مليون ليرة لبنانية موثقة عند كاتب العدل لو طالبت بابنتها! ينظر إليها و يسألها: ألا يوجد مجال للإصلاح ؟ قالت أبدا ... مضت الأوراق, و مضت في طريقها...
..............................
زرتها في ذلك اليوم, كانت تلك النظرة الحزينة في عينيها لا تفارقها..
_كنت في السوق اليوم, كان مزدحما جدا..
_ نعم , فاليوم أول الشهر..
_ أتعلمين أني نسيت تماما , لقد فقدت الإحساس بالزمن.. اشتريت شيئاً..
و أشارت إلى عنقها, كانت تتدلى منه قلادة ذهبية, لم أتمالك سوى أن أذرف دمعتين.. كان اسم ابنتها منقوشاً بالذهب..
_أريد أن يبقى اسمها معي أينما ذهبت, لم يبق لي سوى اسمها و بعض الذكريات.. أتعلمين ؟
_...؟
_ كبار العائلة كانوا عندنا اليوم.. تصوري ! بعد كل الذل و المهانة التي عاملني بهما يقول انه يحبني!!! و انه يريد إرجاعي...
_إن كنت تريدين ابنتك, فابحثي الموضوع..
_أنا أحب ابنتي, لكني امقت الذل أكثر...