من هناك
06-21-2007, 04:12 AM
هل استوعب النظام السوري درس السيد عرار؟
بلال داود
ماهر عرار مواطن سوري بالولادة، وبالوراثة أبا عن جد، هاجر في ريعان الشباب، من بلد ازدهرت فيه تكنولوجيا القمع، فاستقر به المقام في كندا، وحصل على جنسيتها، وتزوج من فتاة تونسية مهاجرة كحاله.
في عام 2002، وأثناء عودته إلى كندا عن طريق نيويورك، برفقة عائلته بعد قضاء إجازة صيفية، اعتقلته المخابرات الأمريكية في مطار جون كندي، وألصقت به تهمة الإرهاب زورا وبهتانا، ولما كانت المخابرات الأمريكية لا تمتلك التكنولوجيا الكافية لجعله يعترف بما لم يفعله، فقد أرسلته إلى أحد وكلائها الذين يمتلكونها، وهكذا كان قدره العودة إلى بلده الأصلي مكبلا بالسلاسل، فجلس في ضيافة المخابرات السورية عاما وبضعة أسابيع، اعترف خلالها بما لم يفعله، وأقر بما نسب إليه وإن لم يعلمه.
غير أن متابعة الحكومة الكندية لقضيته، منذ لحظة اعتقاله، و إصرارها على إعادته، تزامن مع الضغوط الأمريكية على سوريا، إثر غزو العراق، فقامت سوريا بإطلاق سراحه و تسليمه إلى السفير الكندي في دمشق، نكاية بأمريكا، معلنة أنها قد حققت مع السيد عرار، وتأكدت أن التهم الني وجهتها إليه المخابرات الأمريكية ملفقة وباطلة.
فور وصول السيد عرار إلى كندا عقد مؤتمرا صحفيا، تحدث فيه عن أصناف العذاب الذي عاناه في أقبية المخابرات السورية، و بدلا من توجيه الشكر إلى الحكومة الكندية على مساعيها الحميدة، لإطلاق سراحه و إعادته إلى كندا، فاجأ الجميع بعزمه على مقاضاة الحكومة الكندية، التي لم تكن قضيته لتظهر إلى العلن لولا متابعتها الحثيثة، و لم يكن ليرى النور قبل أن يتعفن لولا مطالبتها المستمرة باسترداده، وتضمنت دعواه أن الحكومة الكندية قد سربت معلومات خاطئة عنه إلى المخابرات الأمريكية، أدت إلى اعتقاله وتعرضه للتعذيب الجسدي والمعنوي، كما أدى لتعرضه هو وعائلته إلى المعاناة النفسية والمعنوية والمالية، بالإضافة إلى مطالبته بتبرئته من تهمة الإرهاب.
منذ أيام، وبعد ثلاث سنوات من المتابعة القضائية، استقال رئيس المخابرات الكندية (الدرك)، بسبب قضية السيد عرار، وأعلن القضاء الكندي تبرئة السيد عرار من أي علاقة أو صلة أو تهمة تتعلق بالإرهاب، ووقف رئيس وزراء كندا السيد ستيفن هاربر أمام وسائل الإعلام العالمي، ليقدم اعتذارا رسميا باسم الحكومة الكندية، إلى السيد عرار و أفراد عائلته عما لحقهم من ضرر ناتج عن أخطاء قد تكون ارتكبتها الحكومة الكندية أو بعض أجهزتها، وقدمت له الحكومة الكندية عشرة ملايين ونصف المليون دولار كندي، ( 9.3 مليون دولار أمريكي)، لتساعده في البدء بحياته من جديد بشكل كريم، بالإضافة إلى تحمل أتعاب المحاماة وقدرها حوالي مليوني دولار كندي.
على الفور نطق عرار بجملة بسيطة من أربع كلمات، قال: أنا فخور بكوني كندي.
السيد ماهر عرار فخور بانتمائه إلى وطن إن أخطأ بحقه اعتذر إليه، فخور بانتمائه إلى وطن،يطالب بإعادته من أي معتقل كان، ولو كان بلده الأصلي، فخور بوطن يستطيع اللجوء فيه إلى قضاء مستقل عن الحكومة، ليقاضي الحكومة، فخور بانتمائه إلى وطن حريص على كرامة أفراده، علما أن الحكومة الكندية الحالية برئاسة السيد هاربر كانت في المعارضة يوم ألقي القبض على السيد عرار، ولكنها لم تتملص من أخطاء الحكومة السابقة، و لم تتذرع بكونها في المعارضة ذلك الحين، ووجدت الشجاعة الكافية لتعتذر أمام الملأ.
هل استوعب النظام السوري كلمات السيد عرار، التي نقشها وساما على صدر الحكومة الكندية؟ وهل استوعب فرحته الغامرة التي عبر عنها بمشاعر الفخر لكونه كندي؟
هل استوعب النظام السوري، أن كرامة المواطن هي مصدر افتخاره بوطنه ؟ الكرامة التي يحققها القانون والقضاء النزيه المستقل ؟، هل استوعب أن الحكومة الشجاعة هي التي لا تخجل من الاعتذار عند الخطأ، وتعويض مواطنيها عن الأضرار التي قد تصيبهم من أخطائها؟
أتمنى من أعماق فلبي، أن يكون النظام السوري قد استوعب الدرس، وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي تحيق فيها التهديدات بالوطن الحبيب من كل حدب وصوب، وأن يعمل فورا، على وضع خطة شاملة، تعيد للمواطن السوري كرامته المهدرة، و حريته المسلوبة، ليتمكن من رفع رأسه فخورا بوطنه، فيبادر (النظام) إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو انتمائهم السياسي أو الطائفي، وإن كانت له اتهامات أو شكاوى ضدهم، فالقضاء النزيه المستقل هو الحكم الفصل، وأن يرفع قانون الطوارئ، هذا السيف المسلط من قبل أجهزة القمع البربرية فوق رقاب الناس وألسنتهم، منذ قرابة نصف قرن، وأن يلغي قانون العار رقم 49 الذي يقضي بإعدام كل من وجهت له شبهة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان مسيحيا أو ماركسياً.. وللشجون بقية.
بلال داود
ماهر عرار مواطن سوري بالولادة، وبالوراثة أبا عن جد، هاجر في ريعان الشباب، من بلد ازدهرت فيه تكنولوجيا القمع، فاستقر به المقام في كندا، وحصل على جنسيتها، وتزوج من فتاة تونسية مهاجرة كحاله.
في عام 2002، وأثناء عودته إلى كندا عن طريق نيويورك، برفقة عائلته بعد قضاء إجازة صيفية، اعتقلته المخابرات الأمريكية في مطار جون كندي، وألصقت به تهمة الإرهاب زورا وبهتانا، ولما كانت المخابرات الأمريكية لا تمتلك التكنولوجيا الكافية لجعله يعترف بما لم يفعله، فقد أرسلته إلى أحد وكلائها الذين يمتلكونها، وهكذا كان قدره العودة إلى بلده الأصلي مكبلا بالسلاسل، فجلس في ضيافة المخابرات السورية عاما وبضعة أسابيع، اعترف خلالها بما لم يفعله، وأقر بما نسب إليه وإن لم يعلمه.
غير أن متابعة الحكومة الكندية لقضيته، منذ لحظة اعتقاله، و إصرارها على إعادته، تزامن مع الضغوط الأمريكية على سوريا، إثر غزو العراق، فقامت سوريا بإطلاق سراحه و تسليمه إلى السفير الكندي في دمشق، نكاية بأمريكا، معلنة أنها قد حققت مع السيد عرار، وتأكدت أن التهم الني وجهتها إليه المخابرات الأمريكية ملفقة وباطلة.
فور وصول السيد عرار إلى كندا عقد مؤتمرا صحفيا، تحدث فيه عن أصناف العذاب الذي عاناه في أقبية المخابرات السورية، و بدلا من توجيه الشكر إلى الحكومة الكندية على مساعيها الحميدة، لإطلاق سراحه و إعادته إلى كندا، فاجأ الجميع بعزمه على مقاضاة الحكومة الكندية، التي لم تكن قضيته لتظهر إلى العلن لولا متابعتها الحثيثة، و لم يكن ليرى النور قبل أن يتعفن لولا مطالبتها المستمرة باسترداده، وتضمنت دعواه أن الحكومة الكندية قد سربت معلومات خاطئة عنه إلى المخابرات الأمريكية، أدت إلى اعتقاله وتعرضه للتعذيب الجسدي والمعنوي، كما أدى لتعرضه هو وعائلته إلى المعاناة النفسية والمعنوية والمالية، بالإضافة إلى مطالبته بتبرئته من تهمة الإرهاب.
منذ أيام، وبعد ثلاث سنوات من المتابعة القضائية، استقال رئيس المخابرات الكندية (الدرك)، بسبب قضية السيد عرار، وأعلن القضاء الكندي تبرئة السيد عرار من أي علاقة أو صلة أو تهمة تتعلق بالإرهاب، ووقف رئيس وزراء كندا السيد ستيفن هاربر أمام وسائل الإعلام العالمي، ليقدم اعتذارا رسميا باسم الحكومة الكندية، إلى السيد عرار و أفراد عائلته عما لحقهم من ضرر ناتج عن أخطاء قد تكون ارتكبتها الحكومة الكندية أو بعض أجهزتها، وقدمت له الحكومة الكندية عشرة ملايين ونصف المليون دولار كندي، ( 9.3 مليون دولار أمريكي)، لتساعده في البدء بحياته من جديد بشكل كريم، بالإضافة إلى تحمل أتعاب المحاماة وقدرها حوالي مليوني دولار كندي.
على الفور نطق عرار بجملة بسيطة من أربع كلمات، قال: أنا فخور بكوني كندي.
السيد ماهر عرار فخور بانتمائه إلى وطن إن أخطأ بحقه اعتذر إليه، فخور بانتمائه إلى وطن،يطالب بإعادته من أي معتقل كان، ولو كان بلده الأصلي، فخور بوطن يستطيع اللجوء فيه إلى قضاء مستقل عن الحكومة، ليقاضي الحكومة، فخور بانتمائه إلى وطن حريص على كرامة أفراده، علما أن الحكومة الكندية الحالية برئاسة السيد هاربر كانت في المعارضة يوم ألقي القبض على السيد عرار، ولكنها لم تتملص من أخطاء الحكومة السابقة، و لم تتذرع بكونها في المعارضة ذلك الحين، ووجدت الشجاعة الكافية لتعتذر أمام الملأ.
هل استوعب النظام السوري كلمات السيد عرار، التي نقشها وساما على صدر الحكومة الكندية؟ وهل استوعب فرحته الغامرة التي عبر عنها بمشاعر الفخر لكونه كندي؟
هل استوعب النظام السوري، أن كرامة المواطن هي مصدر افتخاره بوطنه ؟ الكرامة التي يحققها القانون والقضاء النزيه المستقل ؟، هل استوعب أن الحكومة الشجاعة هي التي لا تخجل من الاعتذار عند الخطأ، وتعويض مواطنيها عن الأضرار التي قد تصيبهم من أخطائها؟
أتمنى من أعماق فلبي، أن يكون النظام السوري قد استوعب الدرس، وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة التي تحيق فيها التهديدات بالوطن الحبيب من كل حدب وصوب، وأن يعمل فورا، على وضع خطة شاملة، تعيد للمواطن السوري كرامته المهدرة، و حريته المسلوبة، ليتمكن من رفع رأسه فخورا بوطنه، فيبادر (النظام) إلى إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم أو انتمائهم السياسي أو الطائفي، وإن كانت له اتهامات أو شكاوى ضدهم، فالقضاء النزيه المستقل هو الحكم الفصل، وأن يرفع قانون الطوارئ، هذا السيف المسلط من قبل أجهزة القمع البربرية فوق رقاب الناس وألسنتهم، منذ قرابة نصف قرن، وأن يلغي قانون العار رقم 49 الذي يقضي بإعدام كل من وجهت له شبهة الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، حتى لو كان مسيحيا أو ماركسياً.. وللشجون بقية.