حفيدة الصحابة
06-18-2007, 04:14 PM
¨°o.O فلتُحدثنا أيها التـاريخـ..عنـ أم الشهداءO.o°"
وغير بعيد عن ساحة الوغى انتصبتـ خيمةٌ منفردة سوداء الأديم .. بداخلها عجوز قد عبثتـ أخاديد الزمان بوجهها ..ونال الكبر منها شيئا.. لكن أحداث الدهر لم تبقـ منها إلا شجي نسيه الموت أوتناساه.... تمشي وبيديها هراوتها الغليظة منتصبة القائمة وعلى بدنها ثوبـ أسود ممزق يحكي فاجعة قديمة العهد..لكنها تبدو وكأنها ابنة ساعتها أويومها..
اتخذت مكاناً قصياً من أرض المعركة..أشارت بيدها لأربعة فتية فأسرعوا إليها تتلألأ أعينهم بالحماس وترتسم العزيمة على وجوههم.. اقتربتـ منهم فتحسّستـ بيديها محاسنهم وقبّلت وجوههم وهي تشمُّ ريحهم وتوصيهم كأنها تفارقهم لغير لقاء..!
انحنوا على يد تلكـ الأم الحانية يقبلونها وودعوها توديع مفارقــ لن يئوب أبداً وامتطوا جيادهم وهي لاتزال ترقبــ وقع الحوافر حتى تلاشى وقعها..
فعادت إلى خيمتها ولكن نفسها ضاقتــ بها فنهضت تلمس الأرض بعصاها تدُّبـ هنا وهناك ..لكن الأفكار المزعجة أخذتــ تزلزل طمأنينتها..
ترى هل سيعود أبناؤها في المساء .؟ أم تلقى بعضهم..! والآخر أكلته شفراتــ السيوفــ ..!خواطر كثيرة تدور في رأسها لكنها لاتريد التفكير في مثل هذا ..
بل تريد أن تعرفـــ كيف كان أبناؤها في ساحة الحربـــ ..!
هل استقبلوا الموتــ بنحورهم أم بظهورهم ..؟
ولكنــ ..لِمَ الشك ..؟! وهي التي ربَّتهم على الإقدام والنجدة والمروءة ..
قضتــ يوماً تغالبــ هذه الهواجس وما إن دنا الأصيل حتى هتفتــ أصواتــ البشرى فيـ القوم بهزيمة الفرسـ..فخرجتــ النِساء يستقبلنـ البعولة والإخوة والأبناء..
ومنـ مثل الخنساء تنشط لتَنَسُّم الأخبار وهي تتوكأ على عصاها..
وترتفع الأصواتــ عن يمينها وشمالها والظافرون عائدونـ بالأردية الحمراء..وسيوفهم مضرجة بالدمـــاء .. ويحي بعضهم بعضا..
ولكن..مابالـ أولاد هذه العجوز لم يطل أحد منهم.. ؟ ومن ذا ينبئها بمصيرهم بعد أن أبطأوا عليها..؟
ولكنها اعتقدتــ أن واحد منهم قد أدركته الشهادة وجعل إخوته يبحثونـ عنه بين القتلى لأنهم يؤثرون أن يدفنوه بأيديهم..
إنها مازالتـ تنتظر أن يمر بها أحد رجال القادسية ممن رأوا مصرع أولاد الخنساء..
وهاهو ذا أحدهم يمر بها فيراها شاخصة وقد رفعتــ رأسها تهمَُ بتكليمه..شاهدها الرجلـ وقد سقطتــ دمعتان محرقتانـ من مقلتيها..
لتعبرا عن تضحية هذه العجوز لواقعة القادسية ..إنها رمز للأمومة التيـ ضحتـ بأولادها في هذه الواقعة..آثر الرجل أن يخطو الخطوة ويلتفتـ خلفه.
حاول أن يخبرها أكثر من مرة وتردد أكثر من مرة..لكن شيئاً ما لايستطيع إدراكه يبعثـ الرَّوع في نفسه..أقل شيء يحمله على التردد هو أنه لايريد أن يكون ناعياً لأربعة إخوة في وقت واحد..إذن.. ماذا يفعل..؟
فليتقدم وليرحم قلبـ هذه العجوز الذي بدأ بالتفطر وليخبرها بالحقيقة لعل في ذلك عزاءً حسنـ الوقع عليها وليفعل الله بها مايشاء...
فتقدم نحوها..أحست المرأة بوقع خطاه من ورائها فالتفتت ونظرتــ إليه وكأنها تدرك أنه جاء ليزفــ إليها خبراً ساراً..
فناداها : "ياخالتاه ...لاأخالكـ تتألمينـ لو أخبرتك أن أبناؤك الأربعة يسرحونـ هذا المساء مع شبابــ الجنة"..
نطقــ بتلك الكلمات وأنفاسه تكاد تتقطع.. ولكن.. ماذا حدث لتلك العجوز..؟
لم يعصفـ ذلك الخبر بها..ولم يتغير وجهها..وهتفتــ بالرجل قائلةً:أقُتِلُوا جميعاً.؟
فقال الرجل:"كانوا يُشكلونــ جيشاً ..وكانـ العدو يتساقطـ أمامهم ..كانوا على موعد مع الشهادة ..كلما توانى أحدهم أخذ الآخر في شحنــ عزيمته ودفعه.."
سُرتــ تلك المرأة ولاحتــ تباشير الفرح على وجهها وأردفتــ قائلةً : "الحمدلله الذي شرفني بقتلهم وإني لأرجو الله أن يجمعني وإياهم في مستقر رحمته..ولكنــ.. أنبئنيـ ماذا صنع الله بكم ..؟"
قال : "جئنا بالنصر المبين"..
فرفعتــ يديها إلى السماء قائلةً :"الحمدلله ..الحمدلله" ثم انصرفتــ ناحية خيمتها وهي تحمد الله المرة تلو الأخرى.
لله ما أعظم هذه المرأة وما أصلبــ إيمانها وما أروع مايصنع الإســــلام بأمثالها أهذه هي الخنســــاء التي بكتــ صخراً حتى ابيضتــ عيناها ..؟
نعم.. نعم .. لقد ذهبتـــ وكأنها لم تفقد شيئاً ..!!
تُخّلِّدُ في ذكراة التاريخـ تضحيّة أمٍ بفلذاتـ كبّدِها فيـ سبيلـ "لاإله إلا الله"
...
أختكم|حفيدة الصحابة
وغير بعيد عن ساحة الوغى انتصبتـ خيمةٌ منفردة سوداء الأديم .. بداخلها عجوز قد عبثتـ أخاديد الزمان بوجهها ..ونال الكبر منها شيئا.. لكن أحداث الدهر لم تبقـ منها إلا شجي نسيه الموت أوتناساه.... تمشي وبيديها هراوتها الغليظة منتصبة القائمة وعلى بدنها ثوبـ أسود ممزق يحكي فاجعة قديمة العهد..لكنها تبدو وكأنها ابنة ساعتها أويومها..
اتخذت مكاناً قصياً من أرض المعركة..أشارت بيدها لأربعة فتية فأسرعوا إليها تتلألأ أعينهم بالحماس وترتسم العزيمة على وجوههم.. اقتربتـ منهم فتحسّستـ بيديها محاسنهم وقبّلت وجوههم وهي تشمُّ ريحهم وتوصيهم كأنها تفارقهم لغير لقاء..!
انحنوا على يد تلكـ الأم الحانية يقبلونها وودعوها توديع مفارقــ لن يئوب أبداً وامتطوا جيادهم وهي لاتزال ترقبــ وقع الحوافر حتى تلاشى وقعها..
فعادت إلى خيمتها ولكن نفسها ضاقتــ بها فنهضت تلمس الأرض بعصاها تدُّبـ هنا وهناك ..لكن الأفكار المزعجة أخذتــ تزلزل طمأنينتها..
ترى هل سيعود أبناؤها في المساء .؟ أم تلقى بعضهم..! والآخر أكلته شفراتــ السيوفــ ..!خواطر كثيرة تدور في رأسها لكنها لاتريد التفكير في مثل هذا ..
بل تريد أن تعرفـــ كيف كان أبناؤها في ساحة الحربـــ ..!
هل استقبلوا الموتــ بنحورهم أم بظهورهم ..؟
ولكنــ ..لِمَ الشك ..؟! وهي التي ربَّتهم على الإقدام والنجدة والمروءة ..
قضتــ يوماً تغالبــ هذه الهواجس وما إن دنا الأصيل حتى هتفتــ أصواتــ البشرى فيـ القوم بهزيمة الفرسـ..فخرجتــ النِساء يستقبلنـ البعولة والإخوة والأبناء..
ومنـ مثل الخنساء تنشط لتَنَسُّم الأخبار وهي تتوكأ على عصاها..
وترتفع الأصواتــ عن يمينها وشمالها والظافرون عائدونـ بالأردية الحمراء..وسيوفهم مضرجة بالدمـــاء .. ويحي بعضهم بعضا..
ولكن..مابالـ أولاد هذه العجوز لم يطل أحد منهم.. ؟ ومن ذا ينبئها بمصيرهم بعد أن أبطأوا عليها..؟
ولكنها اعتقدتــ أن واحد منهم قد أدركته الشهادة وجعل إخوته يبحثونـ عنه بين القتلى لأنهم يؤثرون أن يدفنوه بأيديهم..
إنها مازالتـ تنتظر أن يمر بها أحد رجال القادسية ممن رأوا مصرع أولاد الخنساء..
وهاهو ذا أحدهم يمر بها فيراها شاخصة وقد رفعتــ رأسها تهمَُ بتكليمه..شاهدها الرجلـ وقد سقطتــ دمعتان محرقتانـ من مقلتيها..
لتعبرا عن تضحية هذه العجوز لواقعة القادسية ..إنها رمز للأمومة التيـ ضحتـ بأولادها في هذه الواقعة..آثر الرجل أن يخطو الخطوة ويلتفتـ خلفه.
حاول أن يخبرها أكثر من مرة وتردد أكثر من مرة..لكن شيئاً ما لايستطيع إدراكه يبعثـ الرَّوع في نفسه..أقل شيء يحمله على التردد هو أنه لايريد أن يكون ناعياً لأربعة إخوة في وقت واحد..إذن.. ماذا يفعل..؟
فليتقدم وليرحم قلبـ هذه العجوز الذي بدأ بالتفطر وليخبرها بالحقيقة لعل في ذلك عزاءً حسنـ الوقع عليها وليفعل الله بها مايشاء...
فتقدم نحوها..أحست المرأة بوقع خطاه من ورائها فالتفتت ونظرتــ إليه وكأنها تدرك أنه جاء ليزفــ إليها خبراً ساراً..
فناداها : "ياخالتاه ...لاأخالكـ تتألمينـ لو أخبرتك أن أبناؤك الأربعة يسرحونـ هذا المساء مع شبابــ الجنة"..
نطقــ بتلك الكلمات وأنفاسه تكاد تتقطع.. ولكن.. ماذا حدث لتلك العجوز..؟
لم يعصفـ ذلك الخبر بها..ولم يتغير وجهها..وهتفتــ بالرجل قائلةً:أقُتِلُوا جميعاً.؟
فقال الرجل:"كانوا يُشكلونــ جيشاً ..وكانـ العدو يتساقطـ أمامهم ..كانوا على موعد مع الشهادة ..كلما توانى أحدهم أخذ الآخر في شحنــ عزيمته ودفعه.."
سُرتــ تلك المرأة ولاحتــ تباشير الفرح على وجهها وأردفتــ قائلةً : "الحمدلله الذي شرفني بقتلهم وإني لأرجو الله أن يجمعني وإياهم في مستقر رحمته..ولكنــ.. أنبئنيـ ماذا صنع الله بكم ..؟"
قال : "جئنا بالنصر المبين"..
فرفعتــ يديها إلى السماء قائلةً :"الحمدلله ..الحمدلله" ثم انصرفتــ ناحية خيمتها وهي تحمد الله المرة تلو الأخرى.
لله ما أعظم هذه المرأة وما أصلبــ إيمانها وما أروع مايصنع الإســــلام بأمثالها أهذه هي الخنســــاء التي بكتــ صخراً حتى ابيضتــ عيناها ..؟
نعم.. نعم .. لقد ذهبتـــ وكأنها لم تفقد شيئاً ..!!
تُخّلِّدُ في ذكراة التاريخـ تضحيّة أمٍ بفلذاتـ كبّدِها فيـ سبيلـ "لاإله إلا الله"
...
أختكم|حفيدة الصحابة